عباس الابيض
04-27-2011, 06:42 AM
27/04/2011
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures%5C2011%5C04%5C18%5Cf74ecb33-ebc3-427a-8050-8a186913e544_main.jpg
المرحوم هاشم بهبهاني
كتب معصومة المبارك : الدار
ان من اصعب الامور ان تكتب عن شخص تحبه وتوده وعايشته سنوات، فإن كتبت عنه في حياته تخالط كتابتك اتهامات المجاملة وتصبغ بصبغة المصلحة حتى وان كنت بعيدا عن ذلك بعد الارض عن السماء، وان كتبت عنه بعد انتقاله لرحمة الله تعالى اختلطت كتابتك بمشاعر الحسرة على الفراق فتخرج كلماتك يعتصرها الالم.
لذا فيختار كثيرون عدم الكتابة عن اشخاص يعزونهم، ولكنني كسرت هذه القاعدة فكتبت عن احبة غادرونا الى دار البقاء تغلبت فيها على مشاعر الحزن مثلما كتبت عن المرحومة بإذن الله سلوى صباح الاحمد، تلك الانسانة الرائعة التي عرفتها، واليوم اكتب عن انسان عرفته وعشت معه على مدى اكثر من 30 عاما، فقدته وفقدته الكويت، انه الدكتور هاشم سيد حميد بهبهاني.. انسان بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. عرفت فيه الكثير من الصفات التي قل وجودها، فقد كان صادقا مع نفسه ومع الآخرين بعيدا عن المجاملات الفجة، صريحا وان كانت صراحته في بعض الاحيان تغضب البعض، كانت كلماته تخرج من اعماق قلبه الذي ملأه حب الكويت ولوعة على ما اصابها من
جراحات بفعل ابنائها، كان عروبيا حتى النخاع وانخرط منذ مطلع شبابه في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وعن كل قضية من قضايا العرب، كان واضحا في تشخيص الحالة العربية المؤسفة، حيث اختصرها في انها نتيجة مباشرة «للصراع العربي العربي»، كان باحثا جادا لا يكتفي بالمراجع والمصادر المعلوماتية المتاحة في مكتبة الجامعة، بل كان ينفق الكثير الكثير على شراء الكتب حتى اصبحت لديه مكتبة ينافس بها المكتبات المتخصصة في العلاقات الدولية في ارقى الجامعات.
اسمح لي يا أخي المرحوم د. هاشم أن أخاطب روحك الطاهرة بأنني أفخر بالعلاقة الرائعة والصادقة التي جمعتنا على مدى ثلاثة عقود، عرفتك فيها اكاديمياً حقيقياً حرصت على ان تلتحق بأعرق وأفضل الجامعات (أكسفورد) وحرصت على ان تنهل من منابع العلم فطبقت قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «اطلبوا العلم ولو في الصين»، نعم فقد اخترت تخصصا دقيقاً، (السياسة الخارجية الصينية) وتعلمت اللغة الصينية حتى تتمكن من قراءة مراجعهم ووثائقهم.
كنت تحب للآخرين ما تحبه لنفسك فحرصت على ان يلتحق طلبة من بلدك بتلك الجامعات المرموقة، وسهلت لهم الانضمام لــ «أكسفورد» بتوصية داعمة لهم منك، ولم يكن ذلك سهلاً أو يسيراً، لكنك عملته حبّا في وطنك. أرثي فيك روحك الوطنية المتدفقة حبا وتفانياً وعشقاً لكل ما هو كويتي.. ارثي فيك كرمك وسخاءك اللامحدود، ليس بالمال فحسب، بل بالاخلاق، ارثي فيك النبل وروحك المرحة حتى وأنت في خضم آلامك، فالابتسامة ترتسم في عينيك بعد أن أعيا المرض شفتيك، ارثي فيك صبرك الطويل وتحملك للمرض اللعين الذي كان يأكل جسمك وقدرتك على الحركة، لكن لم يتمكن من صلابة ايمانك وقوة ارادتك فكنت تتحايل على ما اصاب جسدك من عجز تدريجي بأن تستخدم وبكل اصرار الاعضاء التي لم ينل منها المرض، فما زالت صورتك ماثلة امام عيني وأنت مسجى على الفراش بلا قدرة على الحراك، عدا يدك اليسرى ولسانك يصعب تحريكه، فترفع يدك لي فور دخولي وتهز قبضتها بعناء شديد وتتمتم بكلمات افهمها بقلبي بأنها عبارات ترحيب ومحبة لي ولزوجي واسرتي.
نعم أرثي فيك وفاءك لأصدقائك واصرارك على ان يجتمعوا حولك في أول سبت من كل شهر فتحلّق حول فراشك تراقب الجميع بنظرات المحبة بعد ان عجز اللسان عن التعبير وعجزت اليد عن الحركة.
أخي هاشم سيد حميد بهبهاني ارثي فيك كل شيء جميل علما وادبا وصبرا وكرما ونبلا، فقدناك إنسانا رائعا. دعاؤنا لك بالرحمة وأن يشملك الله تعالى بالعفو والمغفرة وان يجازيك خير الجزاء على صبرك الجميل بما قسمه لك من مرض عضال تقبلته بنفس راضية بالقضاء والقدر، رحمة الله عليك أخا وصديقا، وألهم اهلك ومحبيك الصبر والسلوان.
د. معصومة صالح المبارك
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures%5C2011%5C04%5C18%5Cf74ecb33-ebc3-427a-8050-8a186913e544_main.jpg
المرحوم هاشم بهبهاني
كتب معصومة المبارك : الدار
ان من اصعب الامور ان تكتب عن شخص تحبه وتوده وعايشته سنوات، فإن كتبت عنه في حياته تخالط كتابتك اتهامات المجاملة وتصبغ بصبغة المصلحة حتى وان كنت بعيدا عن ذلك بعد الارض عن السماء، وان كتبت عنه بعد انتقاله لرحمة الله تعالى اختلطت كتابتك بمشاعر الحسرة على الفراق فتخرج كلماتك يعتصرها الالم.
لذا فيختار كثيرون عدم الكتابة عن اشخاص يعزونهم، ولكنني كسرت هذه القاعدة فكتبت عن احبة غادرونا الى دار البقاء تغلبت فيها على مشاعر الحزن مثلما كتبت عن المرحومة بإذن الله سلوى صباح الاحمد، تلك الانسانة الرائعة التي عرفتها، واليوم اكتب عن انسان عرفته وعشت معه على مدى اكثر من 30 عاما، فقدته وفقدته الكويت، انه الدكتور هاشم سيد حميد بهبهاني.. انسان بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. عرفت فيه الكثير من الصفات التي قل وجودها، فقد كان صادقا مع نفسه ومع الآخرين بعيدا عن المجاملات الفجة، صريحا وان كانت صراحته في بعض الاحيان تغضب البعض، كانت كلماته تخرج من اعماق قلبه الذي ملأه حب الكويت ولوعة على ما اصابها من
جراحات بفعل ابنائها، كان عروبيا حتى النخاع وانخرط منذ مطلع شبابه في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وعن كل قضية من قضايا العرب، كان واضحا في تشخيص الحالة العربية المؤسفة، حيث اختصرها في انها نتيجة مباشرة «للصراع العربي العربي»، كان باحثا جادا لا يكتفي بالمراجع والمصادر المعلوماتية المتاحة في مكتبة الجامعة، بل كان ينفق الكثير الكثير على شراء الكتب حتى اصبحت لديه مكتبة ينافس بها المكتبات المتخصصة في العلاقات الدولية في ارقى الجامعات.
اسمح لي يا أخي المرحوم د. هاشم أن أخاطب روحك الطاهرة بأنني أفخر بالعلاقة الرائعة والصادقة التي جمعتنا على مدى ثلاثة عقود، عرفتك فيها اكاديمياً حقيقياً حرصت على ان تلتحق بأعرق وأفضل الجامعات (أكسفورد) وحرصت على ان تنهل من منابع العلم فطبقت قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «اطلبوا العلم ولو في الصين»، نعم فقد اخترت تخصصا دقيقاً، (السياسة الخارجية الصينية) وتعلمت اللغة الصينية حتى تتمكن من قراءة مراجعهم ووثائقهم.
كنت تحب للآخرين ما تحبه لنفسك فحرصت على ان يلتحق طلبة من بلدك بتلك الجامعات المرموقة، وسهلت لهم الانضمام لــ «أكسفورد» بتوصية داعمة لهم منك، ولم يكن ذلك سهلاً أو يسيراً، لكنك عملته حبّا في وطنك. أرثي فيك روحك الوطنية المتدفقة حبا وتفانياً وعشقاً لكل ما هو كويتي.. ارثي فيك كرمك وسخاءك اللامحدود، ليس بالمال فحسب، بل بالاخلاق، ارثي فيك النبل وروحك المرحة حتى وأنت في خضم آلامك، فالابتسامة ترتسم في عينيك بعد أن أعيا المرض شفتيك، ارثي فيك صبرك الطويل وتحملك للمرض اللعين الذي كان يأكل جسمك وقدرتك على الحركة، لكن لم يتمكن من صلابة ايمانك وقوة ارادتك فكنت تتحايل على ما اصاب جسدك من عجز تدريجي بأن تستخدم وبكل اصرار الاعضاء التي لم ينل منها المرض، فما زالت صورتك ماثلة امام عيني وأنت مسجى على الفراش بلا قدرة على الحراك، عدا يدك اليسرى ولسانك يصعب تحريكه، فترفع يدك لي فور دخولي وتهز قبضتها بعناء شديد وتتمتم بكلمات افهمها بقلبي بأنها عبارات ترحيب ومحبة لي ولزوجي واسرتي.
نعم أرثي فيك وفاءك لأصدقائك واصرارك على ان يجتمعوا حولك في أول سبت من كل شهر فتحلّق حول فراشك تراقب الجميع بنظرات المحبة بعد ان عجز اللسان عن التعبير وعجزت اليد عن الحركة.
أخي هاشم سيد حميد بهبهاني ارثي فيك كل شيء جميل علما وادبا وصبرا وكرما ونبلا، فقدناك إنسانا رائعا. دعاؤنا لك بالرحمة وأن يشملك الله تعالى بالعفو والمغفرة وان يجازيك خير الجزاء على صبرك الجميل بما قسمه لك من مرض عضال تقبلته بنفس راضية بالقضاء والقدر، رحمة الله عليك أخا وصديقا، وألهم اهلك ومحبيك الصبر والسلوان.
د. معصومة صالح المبارك