المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان رقم اثنين! .....عبد اللطيف الدعيج



موالى
10-31-2004, 05:44 PM
عبد اللطيف الدعيج

* خطاب 23 أكتوبر.. تأكيد للمركزية واستمرار لفردية القرار
* المطلوب اعتراف صريح من قبل الأسرة الـحاكمة
بالمسؤولية عن السنوات العجاف التي مر بها البلد.. والمطلوب أكثر اعتذار محدد وواضح عن أخطاء الأمس

* البعض رهن الكويت برمتها لدى قوى التخلف وجيّرها بما فيها لخدمة أغراض وميول تتنافى و التراث الكويتي

* في جدة تعهدوا بتطبيق
دستور 1962 وفي الكويت أعادوا العمل بالمجلس الوطني

حتى الآن لا أعلم مبررات تفاؤل الزميل احمد الديين بما اطلق عليه «خطاب 23 اكتوبر»، خصوصا ان الزميل الذي يتحمس للخطاب في فقرة يضع بعد ذلك كثيرا من التحفظات في الفقرات التي تليها. بل هو قدم جزءا اساسيا من النقد الذي نحمله نحن للخطاب او بالاحرى للقاء الشيخ صباح بالقيادات والفعاليات الادارية والاقتصادية والاجتماعية. وذلك حين انتقد إغفال الخطاب لـ«النقد الصريح للأخطاء والانتقاد الواضح للأوضاع السلبية القائمة».

أعتقد ان الزميل ومعه ايضا افتتاحية «القبس» التي وصفت الخطاب بانه «خطاب المرحلة» ـ مع اختفاء الانتقادات والملاحظات التي تميز بها الزميل الديين ـ قد بالغا في التفاؤل وحملا الخطاب كثيرا مما لا يحتمل. ليس من المفروض ان يعنيني هذا الموقف.. لكن مقارنة الزميل احمد الديين الخطاب الحالي ببيان 24 يوليو مقارنة اعتقد انها مجحفة بحق بيان 24 يوليو وخطرة ايضا على المطالبات والمناشدات الوطنية بضرورة «تعديل» الاوضاع الحالية، وهذا ما يتطلب وقفة عند هذه المقارنة.

ليس هناك على الاطلاق مقارنة بين بيان 24 يوليو وخطاب الشيخ صباح في 23 اكتوبر.. ليس هناك تشابه بينهما لا شكلا ولا مضمونا. بيان 24 يوليو كان «بيانا» بحق وحقيق، فقد صدر بشكل مفاجئ وتمت قراءته في الاذاعة والتلفزيون وبعد «مارشات» واغان وطنية مهدت للمضامين الجديدة التي احتواها البيان. لذلك فإن إطلاق احمد الديين تسمية «بيان» عليه في ذلك الوقت كانت في محلها، وقد اخذت انا الامر الى ابعد من ذلك، ووصفته في ما بعد بالانقلاب الابيض، او البيان رقم واحد. بيان 24 يوليو كان انقلابا حقيقيا على الاوضاع المتردية التي اعقبت انتخابات 1967، او بالاصح تزويرها، والتزاما معلنا بخطوات اساسية ووعدا بتغييرات سياسية واجتماعية محددة. خطاب الشيخ صباح في 23 اكتوبر امنيات وترقيع لما هو قائم، وامتداد متواصل لسياسة معلنة ومزمنة.. الجديد فيه اعلانه عن التحول المأمول في الجانب الاقتصادي، وهو اعلان بشر به الكثيرون منذ الاعلان عن الرحلة الحكومية لدول شرق آسيا، وفي الواقع قبل ذلك بكثير. اي ان الخطاب عمليا لم يحمل شيئا جديدا على الاطلاق.

ريما الجديد فيه.. هو محاولة التملص من المسؤولية الحكومية عن تردي الجهاز الوظيفي وتحميل الموظفين والقياديين الحكوميين وحدهم مسؤولية ذلك! وربما هذا كان القصد من اللقاء، ومن حشد من تمت تسميتهم بالقياديين الذين حضروا ليستمعوا ويتلقوا النصائح، او بالاحرى التهم، وينصرفوا بعدها من دون ابداء ملاحظة او تعليق. كما لاحظ ذلك الزميل محمد مساعد!

بيان 24 يوليو او خطاب سمو امير البلاد ـ ولي العهد آنذاك ـ اعلن بوضوح ومسؤولية «استمعت الى العديد منكم، فوجدت اصالة في الجوهر وتوافقا في الرأي، وايقنت ان ثمة شعورا عاما بأن الوقت قد حان، لنعيد النظر في الطريق التي نسير عليها، ورغبة صادقة في ان نضع لانفسنا سياسة داخلية محددة مستمدة من تجاربنا وظروفنا»، ان البيان هنا هو نتيجة تواصل مع الناس، وبسبب حرص على الاستجابة للرغبات العامة، وهو اعلان صريح عن بدء مسيرة سياسية جديدة. لم يكتف البيان او صاحب السمو الامير بالاعلان عن السياسة الجديدة، بل انه اشار بدقة الى السنوات او السياسات والاحداث التي يرغب سموه في تجاوزها «لقد تساءلت منذ حوالي اربعة اعوام، واتساءل مجددا، اين مجتمعنا اليوم من مجتمعنا بالامس القريب..!»

هذه اشارة واضحة الى السنوات والاحداث المطلوب تجاوزها، هي سنوات 1967 ـ 1970 وهي سنوات واحداث وجد سمو الامير القدرة على مواجهتها وانتقادها رغم انها حدثت اثناء ادارته للبلاد. خطاب الشيخ صباح كان توجيهيا وكان «وصائيا» فالمواطنون شركاء في المسؤولية ليس بالرأي والقرار ولكن «من خلال التفاني في العطاء والاخلاص في العمل واحترام القانون والمحافظة على الاملاك العامة وحماية البيئة..»، اي انهم رعايا الحكومة وليسوا هم الامة التي توصي وتقترح وتطالب، وهم وليس الحكومة المفسدون، وهم وليس الادارة السياسية من يخلق الاوضاع المتأزمة، و هم وليس الحكومة ايضا من يتغاضى عن التسيب والاهمال، وكل ما هو مطلوب منهم هو خدمة الحكومة باخلاص وتفانٍ وطاعة عمياء..!!

في واقع الامر فإن هذه التهمة ليست شيئاً جديداً ايضا، فقد اطلقها المستشار الاعلامي للشيخ صباح الزميل سامي النصف الذي كتب في 21/9 في «الانباء» تحت عنوان «استحقاقات الاصلاح» ان سبب تفوق دول الخليج على الكويت يعود الى ان المسؤول الاداري هناك «لا يشعر بأنه ادى دوره وخدم وطنه الا اذا انهى معاملات المواطنين»، اما في الكويت فسبب الازمة والتخلف وربما التقهقر ايضا يعود، في رأي مستشار الشيخ صباح الاحمد، الى «خلق الاباطرة والقياصرة والفراعنة الصغار ممالك لهم تعشش في قلب المؤسسات والادارات عبر تعقيد المعاملات وكثرة التوقيعات».

هكذا يرى مستشار الشيخ صباح ـ وفي الواقع ربما الشيخ صباح نفسه ـ اسباب التسيب والانتشار الاخير للرشوة والفساد.. وهكذا ايضا يحدد الاصلاح القادم، اصلاحا اداريا وليس سياسيا، وانه يكفي ان يجتمع بالقياديين ويوجههم فيتحقق الاصلاح وتكتمل استحقاقاته! لم يقل لنا المستشار من عين او بالاحرى «فرعن» هؤلاء الاباطرة والفراعنة! بل اصلا من عيّن من عيّنهم..!! من عيّن طلال العيار؟ واختيارنا لطلال العيار مقصود، ومن عيّن الميع بالامس؟ ومن عيّن رشيد الحمد الذي يحاول أن يكون رقم واحد في خدمة التيار الرجعي هذا اليوم؟! (آخر قرارات وزير التربية فرض تجويد القرآن على المدارس الخاصة)؟!

حتى الفعاليات الاقتصادية الشريك الاساسي حسب ما فهمنا في الانطلاقة الاصلاحية القادمة، والتي تنحصر في الواقع في تنويع مصادر الدخل او استعادة الوضع التجاري للكويت، فإنها ليست شريكا للحكومة وليست مُخططا أو منفذا اساسيا للسياسات والمشاريع التي ستضع «حر مالها» فيها كما دعاها الشيخ صباح، بل تقتصر مشاركتها في خطاب 23 اكتوبر، وكما لاحظ بجدارة الزميل شملان العيسى، تقتصر على «مساندتكم لخططنا الاقتصادية والتعاون معنا بتقديم الرأي والمشورة والخبرة».

الشيخ صباح سيقود وحده.. وسينقل الكويت الى القرن العشرين مع سامي النصف ورشيد الحمد ومع اصحاب الضوابط من متخلفي مجلس الامة فقط.. لم يأت كما أتى سمو الامير ليسمع، ولم يدع كما دعا سمو الامير من ابعدوا عن القرار السياسي ليعودوا ويسهموا في عملية البناء. «ان هناك العديد من المواطنين الذين ساهموا في بناء الكويت بسواعدهم واموالهم قد آثروا البقاء بعيدا عن المجالس التشريعية، لسبب او لآخر، بينما الصالح العام يتطلب وجودهم في هذه المجالس» (صاحب السمو الامير ـ بيان 24 يوليو). الشيخ صباح او حكومته كما بدا من خلال نشاط الشيخ احمد الفهد والشيخ محمد المبارك عندما حصلت لهم فرصة تطوير اداء مجلس الامة واعادة القوى الفاعلة والحية اليه انضموا الى قوى الردة واوقفوا التعديل الخمسي وحتى العشري للدوائر الانتخابية بهدف صريح وواضح وهو حرمان «المواطنين الذين ساهموا في بناء الكويت» من احتلال مواقعهم الطبيعية في الخدمة العامة!

خطاب 23 اكتوبر استمرار لسياسة المركزية، وتاكيد لفردية القرار وليس من شيء جديد فيه سوى القاء اللوم وتبعية الازمات الحالية على الموظفين العامين. اما امنيات الاصلاح الاقتصادي فهي امر نحن على ثقة بأنه سيأتي «اوتوماتيكيا» بسبب الوفرة النقدية لدى الحكم نتيجة ارتفاع اسعار النفط، فهذه الوفرة عليها اعين الكثيرين، نواب مجلس الامة، الناخبين، اصحاب رؤوس الاموال والمفسدين من اصحاب النفوذ ايضا. وفي هذا المجال اعتقد من السهل ملاحظة ان الحكم كان يستميل او يشتري الناس عند توافر الثروة اما بزيادة الرواتب او القروض او المنح. والناس يدفعون بدورهم ما تحصلوا أو استحوذوا عليه لمن يقدم الخدمات او يوفر السلع الاستهلاكية، هذه المرة يبدو ان الحكم فضلها مباشرة وهي تسليم الزيادة رأساً لـ «الفعاليات» الاقتصادية عبر تطوير او تجديد الخدمات. لكن هذا التطوير والتجديد او الاصلاح الاقتصادي اذا «كبّرناها»لن يتعدى في رأينا غير توسعة الميناء او اعادة صبغ المطار او انشاء ناطحة سحاب هنا او برج هناك.

ليس هذا وضعا للحكومة على المشرحة، وليس انتقادا بالذات للشيخ صباح. فأنا شخصيا على يقين من نوايا الشيخ صباح ومن تطلعاته المشروعة لإعادة الاعمار الحقيقي للكويت.. ولكن.. من قال ان الاعمال بالنيات في هذا العالم... وعند خلق الله الذين لا يطلعون على ما في الصدور! الاعمال بنتائجها، والنتائج بمقدماتها، وحتى الآن لا نرى غير تبشير بالاصلاح، ولا نتلمس الا معوقات له، لا نسمع الا وعوداً بالافضل ولا نعايش الا مزيدا من التردي، فبعد اطلاق دعاوى الاصلاح استشرى الفساد بنسبة 15%! وفقا للمؤشرات العالمية المحايدة. لدينا، حسب تعابير الشيخ صباح، خطايا لا يطهرها البحر وهموم تنوء بحملها البعارين. لدينا «تراث» من التقهقر وتقاليد يبدو انها راسخة من التسيب والفساد. الحكومة، كما يبدو، تنوي البناء فوق هذا التراث وان تزرع وسط هذا التسيب والفساد، وهذا من اول المستحيلات. الشيخ صباح صادق النية وعاقد العزم.. «على عيني وراسي»، ولكن هل كل من حوله ومن يملك الكثير من الاوراق والخيوط هو كذلك؟!

لقد مرت علينا ثلاثون سنة تنمرت فيها الثعالب، ونمت فيها الطحالب، وانتشرت في الكويت الخرائب، و«اصلاح» هذا لن يكون بتلميع المطار او زهلقةü الميناء، ولكن بإعادة الاحترام لنظام البلد الذي انتُهِك، وفرض هيبة القانون التي استُصغِرت، واستعادة سلطة الدولة التي اغتُصِبت. لقد مرت سنوات طويلة تفرّدت فيها الاسرة الحاكمة بالسلطة وتحملت فيها وحيدة «مسؤولية» القرار، وغني عن الاشارة ان هذا التفرد كانت له تبعاته ومستحقاته، وأولها عزل القوى الحية والاستخفاف بالشرعية، وآخرها تعزيز قوى التخلف وتحكيمها في رقاب العباد ومفاتيح البلاد. لهذا، فإن الاصلاح الحقيقي والمطلوب يجب ان يكون اصلاحا سياسيا بالدرجة الاولى والاخيرة ايضا. ولعله غنيّ عن القول هنا ان ضعف المجتمع وهشاشة الاقتصاد اللذين نشكو منهما الآن، هما نتيجة منطقية ومباشرة لضعف القدرة السياسية، وتعارض القادر منها مع نظام البلد وقواعد الحكم فيه.

ان المطلوب اليوم هو اعتراف صريح من قبل الاسرة الحاكمة بالمسؤولية عن السنوات العجاف التي مر بها البلد، والمطلوب اكثر اعتذار محدد وواضح عن اخطاء الامس. لقد سمعنا ولانزال نسمع تعهدات والتزامات باحترام النظام الديموقراطي والدستور. ولكننا نعتقد، وعن خبرة وتجربة، ان هذا لن يغني أو يسمن من جوع. فقد تعهدت الاسرة في مؤتمر جدة باحترام دستور 1962 وإعادة تفعيله كاملا غير منقوص، ولكن كان اول قرار اتخذ بعد التحرير هو عودة ما يسمى بالمجلس الوطني في تناقض واضح علني وصريح مع التعهدات والالتزامات التي اقرت في مؤتمر جدة.

منذ سنوات والشيخ سعود الناصر يصرح بأن الدولة مختطفة، ورغم قسوة وخطورة هذا، فإن المؤسف ان الكويت برمتها مغتصبة. كويت الآباء، كويت الانفتاح وكويت التسامح وكويت احتضان كل جديد وفريد. لقد رهن البعض الكويت برمتها لدى قوى التخلف وجيّرها بما فيها لخدمة اغراض وميول اطراف وقوى دخيلة على التراث الكويتي الحقيقي المتمثل في الانفتاح والتسامح وعلى عداء ونظامها الديموقراطي المعاصر وتناقض ودستورها المكتوب، واليوم المطلوب فك الرهن واستعادة الكويت، الكويت المجتمع الذي خُرب، والكويت الدولة التي اختُطفت، والكويت الحكومة التي رُوضت، وهذا وللمرة الالف لن يتحقق بلوم الموظفين العامين، بل باعتذار علني ممن رهن وممن حول البلد الى لقمة سائغة لقوى التطرف الديني.

ليس بتوسعة المطار يبدأ الاصلاح، ولكن باعتراف صريح ممن خرب، وليس بتنظيم الميناء تبدأ المسيرة، ولكن بتوبة مخلصة ممن تعدى وانتهك نظام البلد ودستوره.

هذه هي النوايا الحقيقية للإصلاح وهذا ما يجعل الاصلاح ممكنا.. اما البناء على المستنقعات الحالية او الاستعانة بالطفيليات الدخيلة على نظام البلد من مثل المطالبين بتعديل المادة الثانية هذه الايام، فهو حرث في البحر ونقش في الرمل.. وفي احسن الاحوال رفع للعتب.


.................................................. ....

مساهمات شركة صخر

(ü) زهلق... كلمة كويتية تعني جعله ناعما املس، أو بالاحرى جذابا، وهي عربية فصحى وهي تعني «ذوق» التي يستخدمها اهل مصر والشام بالمعنى نفسه والفرق ان ذوّق ليست عربية أصلا. بهذه المناسبة فإن كثيراً من القراء عبر عن دهشته لسعة معلوماتي واستيعابي للغة العربية.!! خصوصا بعد مقال «تكعيم ولفق الخ..». في الواقع، ان قليلا من هذا صحيح، لأنه نتيجة تربية منذ الصغر على الاطلاع والاهتمام بالأدب والثقافة العربية. لكن السر الحقيقي يكمن في الواقع في «الانترنت» وفي مساهمات شركة صخر بالاساس. فشركة صخر لديها ـ مع الاعتذار لادارة الاعلان ـ موقع «عجيب» ajeeb.com وهو موقع عجيب بالفعل اذ يحتوي على العديد من المساهمات العامة في خدمة الثقافة والاطلاع التي تقدمها شركة صخر، بعضها مُسعر ولكن الاغلبية بالمجان. ومن الخدمات المجانية خدمة الترجمة حيث توفر صخر قاموسا عربياً ـ فرنسياً ـ انكليزياً. كما توفر المعاجم العربية السبعة وعلى رأسها «لسان العرب» بالمجان. وعلى هذه المعاجم اعتمدت في تتبع واستقصاء الكثير من المفردات الفصحى التي تزخر بها اللهجة الكويتية. بالاضافة الى هذا هناك شعر المتنبي الذي يمكن قراءته بشروحه الثلاثة بسهولة ويسر. لهذا وجدت من الضروري الاشارة الى «العبقري» او صاحب الفضل هنا وهو «سيرفر» شركة صخر، بالاضافة بالطبع الى مبرمجيها واصحابها الذين ساهموا ويساهمون في خدمة الثقافة والادب ولغة الضاد بشكل عام.