المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حلال للأمريكيين..حرام للإيرانيين!!



فاتن
04-07-2011, 12:49 AM
http://alalam.ir/sites/default/files/alalam-2011-04-06%2017%3A51.jpg?1302096025


تنادت دول الخليج (الفارسي) ذات الأنظمة الشمولية والممالك والإمارات والمشيخات المتوارثة أباً عن جد لنصرة نظام البحرين الضعيف والمتهالك، فأرسلت له الجيوش وخبراء قمع الانتفاضات، أرسلت له درع الجزيرة (وما أدراك ما درع الجزيرة؟) وإلى هنا فالأمر واضح ولا يحتاج لذكاء كبير لمعرفة لماذا في البحرين يتدخلون لضرب الشعب البحريني الثائر والمحق في طلباته ويتظاهر سلمياً، وفي غيره من البلدان العربية كليبيا وسورية يقومون بالتحريض على أنظمتها بل ويشاركون في العدوان عليها سراً وعلانية رغم أن التحركات في هذه البلدان يشوبها ألف شائبة، ولا تسلم من التشكيك في مرجعياتها وأهدافها (نسبياً على الأقل).

في البحرين نظام شبيه بهذه النظم القروسطية وتحكم فيه عائلةواحدة الشعب البحریني . الذي جرى في البحرين كان أشد مرارة من كل ما جرى في البلدان الأخرى ذلك أن الناس هناك تقدموا بطلبات منطقية وتنم عن حس بالمسؤولية ومحاولة لتعديل ظلم تاريخي حان الوقت لإنهائه وإغلاق ملف الفتنة الطائفية التي ذرت قرنها هناك، وفي البحرين خرجت الأغلبية بقضها وقضيضها، رجالاً ونساءً وأطفالاً لتضفي شرعية غير مسبوقة على هذه التظاهرات والاحتجاجات فما الذي وقع؟ وكيف ردت الحكومة البحرانية على هؤلاء؟


لقد كان أمراً مروعاً حين غافلت قوات الأمن البحرينية النائمين في ميدان اللؤلؤة لتقتل منهم وتعتقل وتعيث فساداً بين الخيم المنصوبة تحطيماً وبعثرة وضرباً بالعصي والهراوات لأناس يستيقظون فزعين من نومهم وقد كان بينهم كثير من الأطفال والنساء.

دول الخليج (الفارسي) الحريصة على حماية الناس في ليبيا والمتآمرة على وحدة سورية وصمودها في وجه الأمريكيين والصهاينة سكتت عن جريمة البحرين ولم تنبس ببنت شفة، وليتها اكتفت بذلك بل قامت بتحريض النظام الملكي المهتريء في البحرين لضرب المنتفضين ورفض الحوار معهم، وأرسلت بعض مرتزقتها من العسكريين لقمع المطالبين بحقوقهم وحريتهم، متذرعة بأن الاتفاق الذي يضم هذه الدول والمسمى مجلس التعاون الخليجي يسمح بهذا التدخل العسكري رغم أن التدخل المقصود في الاتفاقية يعني الحماية من خطر خارجي وليس لقمع الشعب في هذه الدول، وبالمعنى الديني فإن رب العباد والرسول الكريم يأمران بالتعاون على البر والتقوى وليس الإثم والعدوان "تعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" وقد كان دخول قوات درع الجزيرة للبحرين من قبيل التعاون على الإثم والعدوان.

ربما كانت المسألة تفهم ويتجاوز المرء عنها مع مرور الأيام وانخفاض وتيرة الاحتجاجات في البحرين واضطرار البعض للتهدئة أملاً في التغيير وخوفاً على وحدة البلد وأمنها، لكن ما سمعناه حول التحذير من تدخل إيراني في المنطقة والتهديد بالرد والمواجهة شد انتباهنا لما يجري مرة أخرى وجعلنا مرغمين أن نجري المقارنة المنطقية بين التدخل الإيراني المزعوم وبين التدخل الأمريكي الواضح ليس في شؤون المنطقة فقط بل والعدوان عليها بكافة الأشكال والأساليب والطرق، ناهيك عن تآمرها مع العدو الصهيوني على وحدة الأمة العربية ووقوفها سداً منيعاً أمام استعادة حقوقنا العربية المغتصبة.

إن مقارنة بسيطة بين ما تفعله إيران وما تفعله أمريكا بمنطقتنا يشير لفجوة كبيرة جداً بين سلوك البلدين، ولسنا معنيين هنا بالدفاع عن أي منهما لكن الحقيقة يجب أن يعرفها المواطن العربي، هذه الحقيقة التي تقول أنه لا يوجد قواعد إيرانية عسكرية في أي بلد خليجي بينما تنتشر القواعد الأمريكية والقوات الغربية كالفطر في هذه البلدان.

إن منطق التدخل في شؤون الدول الأخرى أمر مرفوض ولا يمكن إجازة مثل هذا التدخل سواء جاء من إيران أو الولايات المتحدة الأمريكية لكن بمنطق المصلحة القومية والعروبة والمقاومة للمشروع الصهيوني هنا فإنه لو جاز لنا أن نتجاوز الرفض المبدأي لإجراء مقارنة ولو أكاديمية بين الطرفين فإن النتيجة ستكون في صالح إيران وليس أمريكا وبكل المقاييس.

الدول الخليجية التي تمول العدوان على ليبيا والتي يلعب قسم منها وحلفاؤه دوراً تخريبياً في سورية الشقيقة لا تجد غضاضة في الخنوع للأمريكيين على أمل أن تتجنب المناخ الثوري السائد في المنطقة والاستمرار في ذات النهج والمربع الذي ارتضته منذ نشأتها في معظم الفترات السابقة تابعة وذيلاً لا أكثر للأمريكيين، هذه الدول تتصدى اليوم لإيران بسبب تصريحات أدلى بها بعض الساسة هناك تضامناً مع شعب البحرين، وبوضوح أكبر تضامناً مع العرب الشيعة الذين يظلمون ويهانون بغير وجه حق في معظم هذه الدول.

وأخيراً فإذا كانت إيران لا تملك حق التدخل وهي لا تملكه قطعاً ولا تدعي أنها تملكه فإن أمريكا أوجب بالتنبيه والشجب على تدخلها. وإن جاءت التصريحات الإيرانية متعاطفة مع المظلومية الشيعية هناك عندهم فإن هذه التصريحات يمكن فهمها في سياق ما يجري اليوم في الوطن العربي، والتطرف المذهبي يقود لنقيضه، كما يقود لحالة يجب أن يتجنبها الجميع.

إيران دولة مسلمة وجارة للعرب، وهي في الصف المعادي للعدو الصهيوني وتدعم المقاومة في فلسطين ولبنان كما تساند سورية ولها حضور قوي في سياسات الشرق الأوسط والإقليم، ولهذا فإن مقتضيات المصلحة القومية تستدعي الحرص على إقامة أفضل العلاقات معها، وإن ظهرت تناقضات أو خلافات مع الجمهورية الإسلامية فإن الأجدى والأصوب أن تعالج هذه الخلافات بروح أخوية وبشفافية تزيل أي التباس دون تهديد أو وعيد.

زياد ابوشاويش