مجاهدون
10-29-2004, 07:49 AM
أميركا وإيران: من زرع الريح.. ومن جنى العاصفة؟
أمير طاهري
عند توجههم الثلاثاء المقبل إلى صناديق الاقتراع سيكون مناسبا للأميركيين أن يتذكروا حادثتين غيرتا حياتهم إلى الأبد.
الأولى هي المداهمة التي جرت للسفارة الأميركية في طهران، واحتجاز الأميركيين العاملين فيها كرهائن يوم 4 نوفمبر 1979، والثانية هي هجمات 11 سبتمبر 2001 ضد نيويورك وواشنطن.
فقد أظهر احتلال السفارة الأميركية، أن الأميركيين ما عادوا آمنين خارج بلدهم، وأنه وحتى الحصانة الدبلوماسية لن تقدر على توفير الحماية لهم. أما هجمات 11 سبتمبر فإنها أظهرت عدم توفر الأمن للأميركيين حتى داخل بلدهم، وأنه ليس هناك أي وقاية عسكرية قادرة على حمايتهم من أعداء لا يعرفون أي حدود.
ويمكن اعتبار هجوم 4 نوفمبر 1979 على السفارة الأميركية في طهران المشهد الافتتاحي لدراما طويلة، بلغت قمتها يوم 11 سبتمبر 2001.
وهذا هو السبب: جاء الهجوم على السفارة الأميركية في طهران عام 1979 في وقت كانت إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر تحاول دعم نظام الخميني الجديد في طهران. إذ كان كارتر قد قرر دعم الخميني ضمن سياق ما سمي باستراتيجية «الحزام الأخضر»، التي صاغها مستشار الأمن القومي آنذاك زبيغنيو بريجينسكي. وقد برزت تلك الاستراتيجية على أساس افتراض يقول إن الولايات المتحدة وحلفاءها غير قادرين على احتواء الاتحاد السوفياتي، الذي مدد نفوذه آنذاك إلى أفريقيا ومنطقة المحيط الهندي، من خلال الأنظمة اليسارية في أميركا اللاتينية. ولمواجهة ذلك كان من الضروري تأسيس مجموعة من الحلفاء الإسلاميين، لأسباب سياسية ودينية، إذ أنها ستفضل الولايات المتحدة على الامبراطورية السوفياتية «الملحدة».
أما المرحلة الثانية من استراتيجية بريجينسكي الكبرى، فهي لتحريض الشعوب المسلمة في الاتحاد السوفياتي، للانتفاض ضد موسكو، وبذلك يتم عرقلة تنفيذها مخططاتها على الصعيد العالمي.
استلهمت استراتيجية بريجنيسكي جزئيا أفكار الفرنسية المتخصصة بالاتحاد السوفياتي هيلين كارير دنكوس، التي سمته في كتابها «الإمبراطورية المجزأة»، وفيها توقعت تفكك الاتحاد السوفياتي نتيجة ثورات الأقليات المسلمة في داخله.
وحينما بدأت الثورة الإسلامية في إيران، اعتبرت إدارة كارتر ذلك تأكيدا على الفرضية القائلة بأن الإسلاميين قادرون بما لديهم من دعم جماهيري، على توفير البديل للأنظمة الاستبدادية القائمة وللحركات اليسارية المناصرة للاتحاد السوفياتي.
وعلى ضوء هذا خرجت إدارة كارتر عن الطريق المتبع سابقا، لتدعم النظام الجديد في طهران. وتم رفع حظر عن بيع الأسلحة والمواد على إيران، كان قد تم فرضه على إيران عام 1978، كذلك تم التخلي عن «البحث» الذي وقعه الرئيس الأسبق دوايت ايزنهاور عام 1954، وفيه يثبت التزامه بالدفاع عن إيران ضد التهديدات السوفياتية وغيرها.
كذلك وللإشعار بدعم الملالي، قام الرئيس كارتر برفض منح تأشيرة دخول للشاه المنفي، كي يذهب إلى نيويورك لغرض المعالجة.
الى ذلك، وبعد تشكل نظام الملالي بأسابيع قليلة، سافر بريجينسكي إلى موسكو للالتقاء بمهدي بازركان رئيس وزراء الخميني الأول. وفي اللقاء دعا بريجنيسكي النظام الإيراني للدخول في شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة. كان قلق بازركان هو من مسعى اليسار الإيراني لتسلم الحكم، أمام تردد نظام الملالي، وكان في الوقت نفسه «شديد الفرح» بالعرض الأميركي.
لكن حادث مداهمة السفارة الأميركية وقع بعد أيام قليلة من لقاء بازركان ـ بريجنيسكي في المغرب، وحسب كل الشهادات، فقد فاجأت تلك المبادرة الخميني نفسه فيما أصبح من الواضح وقتها أن الجماعات اليسارية المعارضة لأي تقارب مع الولايات المتحدة كانت وراء الغارة على السفارة.
اعتبر الخميني تلك الحادثة خطة يسارية هدفها زعزعة سلطته. وكان قلقا أيضا من إمكانية قيام الولايات المتحدة بإجراء عسكري وسياسي ضد نظامه الهش. وأمام ذلك قرر آية الله الخميني أن يلعب دورا مزدوجا لعدة أيام، بانتظار أن يقيس ردود فعل الولايات المتحدة.
وحسب ما قاله ابنه المتوفى أحمد، الذي طلب من والده الخميني التنسيق مع مهاجمي السفارة، فإن الأخير عبر عن خوفه من «الرعد والبرق» الممكن قدومه من الولايات المتحدة، لكن بدلا من ذلك جاءت سلسلة من التصريحات اللطيفة من أميركا وهي تلتمس إطلاق سراح الرهائن لأسباب إنسانية.
وصف أندرو يونغ مبعوث كارتر للأمم المتحدة الخميني بأنه «قديس القرن العشرين»، وتوسل لآية الله أن يظهر «شهامة ورحمة». بل أن كارتر ذهب أبعد من ذلك حينما بعث برسالة إليه بخطه يلتمس فيها الحل من «رجل يؤمن بالله». ولا بد أن نثر كارتر الجميل، قد أمتع الخميني الذي فضل أسلوبا معتدلا في عباراته، من نوع «سنقطع أيدي الأميركيين». ومع مرور الأيام واستمرار عرض الدبلوماسيين الأميركيين عبر كاميرات التلفزيون، وهم معصوبو الأعين، ومهددون بالإعدام، أصبح واضحا أكثر فأكثر أنه ليس هناك أي «رعد وبرق» سيأتي من واشنطن.
تغيرت نظرة الخميني الى الولايات المتحدة بنهاية الاسبوع الاول لهذه الدراما، التي استمرت 444 يوما وانتهت في اليوم الذي دخل فيه رونالد ريغان البيت الابيض.
أما الأمر الذي أثار دهشة الخميني، فهو ان كارتر ومساعديه، وعلى وجه الخصوص وزير خارجيته سايروس فانس، بدوا معتذرين عن الاخطاء غير المحددة التي ارتكبتها الولايات المتحدة، وطلب المغفرة من الجانب الايراني، بدلا عن إدانة الاستيلاء على السفارة الاميركية، واحتجاز الرهائن كعمل بربري. وبمجرد ان توصل الخميني الى ان الولايات المتحدة لن تتخذ أي خطوة محددة ضد نظامه، بسط سيطرته على موضوع الرهائن، واستخدم هذه القضية كوسيلة للتأكيد على توجهه «المناوئ للامبريالية»، في الوقت الذي كان يطوق فيه اليسار ايضا.
وقد شجع إظهار الضعف المثير للدهشة من جانب واشنطن الملالي ومحتجزي الرهائن، على طرح مطالب جديدة كل يوم. وبعد وقت قصير تحولت عملية احتجاز الرهائن من مجرد اشارة رمزية ثورية، الى ورقة للضغط للمطالبة بتسليم شاه ايران لتقديمه الى محاكمة. وعندما بدا ما يدل على ان واشنطن ربما ترضخ لهذا الطلب، قدم الخمينيون مطالب اخرى، اذ طلبوا من واشنطن الاعتذار للمسلمين في كل مكان في العالم، كما طلبوا منها تغيير سياستها الخارجية لإرضاء آية الله الخميني.
وقد ازدادت الاوضاع سوءا عندما انتهت مهمة عسكرية من جانب كارتر، لإنقاذ الرهائن، بكارثة في الصحراء الايرانية، فيما فر أفراد فرقة القوات الخاصة، تحت جنح الظلام، تاركين وراءهم الجثث المتفحمة لثمانية من رفاقهم.
كان احمد الخميني في مذكراته اقرب الى مزاج والده، فقد توقع ان يفعل الاميركيون «شيئا جادا»، مثل التهديد بوقف صادرات النفط الايراني، او حتى إطلاق بضعة صواريخ على المنطقة التي يسكنها، ولم يحدث بالطبع شيء من ذلك، بل ان ادارة كارتر انزلقت الى خلافات داخلية حادة، فيما تقدم سايروس فانس باستقالته احتجاجا على محاولة انقاذ الرهائن.
ابتكر الخميني في ذلك الوقت عباراته وشعاراته المعادية للولايات المتحدة، وأمر بكتابة شعار «الموت لأميركا» في كل الابنية الرئيسية والمركبات، فيما رسم العلم الاميركي على كل مداخل المطارات ومحطات السكك الحديدية، والمصانع والمدارس والمستشفيات والفنادق والاسواق، لكي يطأه المؤمنون بأقدامهم كل يوم، فأصبح الشعار الذي كان يردد أن اميركا ليس بوسعها فعل أي شيء، اساس كل الاستراتيجيات التي توصلت اليها الجماعات الاسلامية المتطرفة، بما في ذلك المجموعات المعارضة للخميني، لأسباب عقائدية وسياسية.
هذا الشعار جرى تجريبه واثبت صحته على مدى ربع قرن تقريبا. فخلال الفترة ما بين 4 نوفمبر 1979 و11 سبتمبر 2001 جرى احتجاز 671 رهينة اميركي لمختلف الفترات الزمنية في عدد من الدول المسلمة. كما قتل حوالي ألف اميركي، بما في ذلك 241 جنديا في مشاة البحرية الاميركية تم تفجير مقرهم وهم نائمون عام 1983 في بيروت.
ظلت الولايات المتحدة على مدى 22، وتحت قيادة رؤساء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، تتصرف بنفس الطريقة التي كان يتوقعها الخميني. تلقت الولايات ضربات متلاحقة، بما في ذلك تفجير مركز التجارة العالمي في فبراير عام 1993 دون ان تقوم بأي عمل انتقامي حاسم. هذا الموقف الاميركي دعا، وشجع بالطبع، على شن المزيد من الهجمات. مأساة 11 سبتمبر كانت بمثابة ختام حتمي لهجوم 4 نوفمبر 1979 على السفارة الاميركية في طهران.
http://www.asharqalawsat.com/view/leader/2004,10,29,262838.html
أمير طاهري
عند توجههم الثلاثاء المقبل إلى صناديق الاقتراع سيكون مناسبا للأميركيين أن يتذكروا حادثتين غيرتا حياتهم إلى الأبد.
الأولى هي المداهمة التي جرت للسفارة الأميركية في طهران، واحتجاز الأميركيين العاملين فيها كرهائن يوم 4 نوفمبر 1979، والثانية هي هجمات 11 سبتمبر 2001 ضد نيويورك وواشنطن.
فقد أظهر احتلال السفارة الأميركية، أن الأميركيين ما عادوا آمنين خارج بلدهم، وأنه وحتى الحصانة الدبلوماسية لن تقدر على توفير الحماية لهم. أما هجمات 11 سبتمبر فإنها أظهرت عدم توفر الأمن للأميركيين حتى داخل بلدهم، وأنه ليس هناك أي وقاية عسكرية قادرة على حمايتهم من أعداء لا يعرفون أي حدود.
ويمكن اعتبار هجوم 4 نوفمبر 1979 على السفارة الأميركية في طهران المشهد الافتتاحي لدراما طويلة، بلغت قمتها يوم 11 سبتمبر 2001.
وهذا هو السبب: جاء الهجوم على السفارة الأميركية في طهران عام 1979 في وقت كانت إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر تحاول دعم نظام الخميني الجديد في طهران. إذ كان كارتر قد قرر دعم الخميني ضمن سياق ما سمي باستراتيجية «الحزام الأخضر»، التي صاغها مستشار الأمن القومي آنذاك زبيغنيو بريجينسكي. وقد برزت تلك الاستراتيجية على أساس افتراض يقول إن الولايات المتحدة وحلفاءها غير قادرين على احتواء الاتحاد السوفياتي، الذي مدد نفوذه آنذاك إلى أفريقيا ومنطقة المحيط الهندي، من خلال الأنظمة اليسارية في أميركا اللاتينية. ولمواجهة ذلك كان من الضروري تأسيس مجموعة من الحلفاء الإسلاميين، لأسباب سياسية ودينية، إذ أنها ستفضل الولايات المتحدة على الامبراطورية السوفياتية «الملحدة».
أما المرحلة الثانية من استراتيجية بريجينسكي الكبرى، فهي لتحريض الشعوب المسلمة في الاتحاد السوفياتي، للانتفاض ضد موسكو، وبذلك يتم عرقلة تنفيذها مخططاتها على الصعيد العالمي.
استلهمت استراتيجية بريجنيسكي جزئيا أفكار الفرنسية المتخصصة بالاتحاد السوفياتي هيلين كارير دنكوس، التي سمته في كتابها «الإمبراطورية المجزأة»، وفيها توقعت تفكك الاتحاد السوفياتي نتيجة ثورات الأقليات المسلمة في داخله.
وحينما بدأت الثورة الإسلامية في إيران، اعتبرت إدارة كارتر ذلك تأكيدا على الفرضية القائلة بأن الإسلاميين قادرون بما لديهم من دعم جماهيري، على توفير البديل للأنظمة الاستبدادية القائمة وللحركات اليسارية المناصرة للاتحاد السوفياتي.
وعلى ضوء هذا خرجت إدارة كارتر عن الطريق المتبع سابقا، لتدعم النظام الجديد في طهران. وتم رفع حظر عن بيع الأسلحة والمواد على إيران، كان قد تم فرضه على إيران عام 1978، كذلك تم التخلي عن «البحث» الذي وقعه الرئيس الأسبق دوايت ايزنهاور عام 1954، وفيه يثبت التزامه بالدفاع عن إيران ضد التهديدات السوفياتية وغيرها.
كذلك وللإشعار بدعم الملالي، قام الرئيس كارتر برفض منح تأشيرة دخول للشاه المنفي، كي يذهب إلى نيويورك لغرض المعالجة.
الى ذلك، وبعد تشكل نظام الملالي بأسابيع قليلة، سافر بريجينسكي إلى موسكو للالتقاء بمهدي بازركان رئيس وزراء الخميني الأول. وفي اللقاء دعا بريجنيسكي النظام الإيراني للدخول في شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة. كان قلق بازركان هو من مسعى اليسار الإيراني لتسلم الحكم، أمام تردد نظام الملالي، وكان في الوقت نفسه «شديد الفرح» بالعرض الأميركي.
لكن حادث مداهمة السفارة الأميركية وقع بعد أيام قليلة من لقاء بازركان ـ بريجنيسكي في المغرب، وحسب كل الشهادات، فقد فاجأت تلك المبادرة الخميني نفسه فيما أصبح من الواضح وقتها أن الجماعات اليسارية المعارضة لأي تقارب مع الولايات المتحدة كانت وراء الغارة على السفارة.
اعتبر الخميني تلك الحادثة خطة يسارية هدفها زعزعة سلطته. وكان قلقا أيضا من إمكانية قيام الولايات المتحدة بإجراء عسكري وسياسي ضد نظامه الهش. وأمام ذلك قرر آية الله الخميني أن يلعب دورا مزدوجا لعدة أيام، بانتظار أن يقيس ردود فعل الولايات المتحدة.
وحسب ما قاله ابنه المتوفى أحمد، الذي طلب من والده الخميني التنسيق مع مهاجمي السفارة، فإن الأخير عبر عن خوفه من «الرعد والبرق» الممكن قدومه من الولايات المتحدة، لكن بدلا من ذلك جاءت سلسلة من التصريحات اللطيفة من أميركا وهي تلتمس إطلاق سراح الرهائن لأسباب إنسانية.
وصف أندرو يونغ مبعوث كارتر للأمم المتحدة الخميني بأنه «قديس القرن العشرين»، وتوسل لآية الله أن يظهر «شهامة ورحمة». بل أن كارتر ذهب أبعد من ذلك حينما بعث برسالة إليه بخطه يلتمس فيها الحل من «رجل يؤمن بالله». ولا بد أن نثر كارتر الجميل، قد أمتع الخميني الذي فضل أسلوبا معتدلا في عباراته، من نوع «سنقطع أيدي الأميركيين». ومع مرور الأيام واستمرار عرض الدبلوماسيين الأميركيين عبر كاميرات التلفزيون، وهم معصوبو الأعين، ومهددون بالإعدام، أصبح واضحا أكثر فأكثر أنه ليس هناك أي «رعد وبرق» سيأتي من واشنطن.
تغيرت نظرة الخميني الى الولايات المتحدة بنهاية الاسبوع الاول لهذه الدراما، التي استمرت 444 يوما وانتهت في اليوم الذي دخل فيه رونالد ريغان البيت الابيض.
أما الأمر الذي أثار دهشة الخميني، فهو ان كارتر ومساعديه، وعلى وجه الخصوص وزير خارجيته سايروس فانس، بدوا معتذرين عن الاخطاء غير المحددة التي ارتكبتها الولايات المتحدة، وطلب المغفرة من الجانب الايراني، بدلا عن إدانة الاستيلاء على السفارة الاميركية، واحتجاز الرهائن كعمل بربري. وبمجرد ان توصل الخميني الى ان الولايات المتحدة لن تتخذ أي خطوة محددة ضد نظامه، بسط سيطرته على موضوع الرهائن، واستخدم هذه القضية كوسيلة للتأكيد على توجهه «المناوئ للامبريالية»، في الوقت الذي كان يطوق فيه اليسار ايضا.
وقد شجع إظهار الضعف المثير للدهشة من جانب واشنطن الملالي ومحتجزي الرهائن، على طرح مطالب جديدة كل يوم. وبعد وقت قصير تحولت عملية احتجاز الرهائن من مجرد اشارة رمزية ثورية، الى ورقة للضغط للمطالبة بتسليم شاه ايران لتقديمه الى محاكمة. وعندما بدا ما يدل على ان واشنطن ربما ترضخ لهذا الطلب، قدم الخمينيون مطالب اخرى، اذ طلبوا من واشنطن الاعتذار للمسلمين في كل مكان في العالم، كما طلبوا منها تغيير سياستها الخارجية لإرضاء آية الله الخميني.
وقد ازدادت الاوضاع سوءا عندما انتهت مهمة عسكرية من جانب كارتر، لإنقاذ الرهائن، بكارثة في الصحراء الايرانية، فيما فر أفراد فرقة القوات الخاصة، تحت جنح الظلام، تاركين وراءهم الجثث المتفحمة لثمانية من رفاقهم.
كان احمد الخميني في مذكراته اقرب الى مزاج والده، فقد توقع ان يفعل الاميركيون «شيئا جادا»، مثل التهديد بوقف صادرات النفط الايراني، او حتى إطلاق بضعة صواريخ على المنطقة التي يسكنها، ولم يحدث بالطبع شيء من ذلك، بل ان ادارة كارتر انزلقت الى خلافات داخلية حادة، فيما تقدم سايروس فانس باستقالته احتجاجا على محاولة انقاذ الرهائن.
ابتكر الخميني في ذلك الوقت عباراته وشعاراته المعادية للولايات المتحدة، وأمر بكتابة شعار «الموت لأميركا» في كل الابنية الرئيسية والمركبات، فيما رسم العلم الاميركي على كل مداخل المطارات ومحطات السكك الحديدية، والمصانع والمدارس والمستشفيات والفنادق والاسواق، لكي يطأه المؤمنون بأقدامهم كل يوم، فأصبح الشعار الذي كان يردد أن اميركا ليس بوسعها فعل أي شيء، اساس كل الاستراتيجيات التي توصلت اليها الجماعات الاسلامية المتطرفة، بما في ذلك المجموعات المعارضة للخميني، لأسباب عقائدية وسياسية.
هذا الشعار جرى تجريبه واثبت صحته على مدى ربع قرن تقريبا. فخلال الفترة ما بين 4 نوفمبر 1979 و11 سبتمبر 2001 جرى احتجاز 671 رهينة اميركي لمختلف الفترات الزمنية في عدد من الدول المسلمة. كما قتل حوالي ألف اميركي، بما في ذلك 241 جنديا في مشاة البحرية الاميركية تم تفجير مقرهم وهم نائمون عام 1983 في بيروت.
ظلت الولايات المتحدة على مدى 22، وتحت قيادة رؤساء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، تتصرف بنفس الطريقة التي كان يتوقعها الخميني. تلقت الولايات ضربات متلاحقة، بما في ذلك تفجير مركز التجارة العالمي في فبراير عام 1993 دون ان تقوم بأي عمل انتقامي حاسم. هذا الموقف الاميركي دعا، وشجع بالطبع، على شن المزيد من الهجمات. مأساة 11 سبتمبر كانت بمثابة ختام حتمي لهجوم 4 نوفمبر 1979 على السفارة الاميركية في طهران.
http://www.asharqalawsat.com/view/leader/2004,10,29,262838.html