المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عراقيون؟..إلى جهنم إذن!



جمال
10-27-2004, 04:01 PM
عدنان حسين


من اجل هذا نعارض ان يُقحم الدين في السياسة.
ومن اجل هذا نناهض ان يمارس رجال الدين السياسة باسم الدين وبصفتهم رجال دين.
ومن اجل هذا نقف ضد ان يتحول الدين الى مطية سياسية، ان للسياسيين او لرجال الدين المتسيّسين.

فالدين المُسيّس يمزق المجتمع شرّ تمزيق ويقطّع أوصال الدولة اربا اربا بالحروب الاهلية.
لو ان الشيعة والسنة العراقيين، وهم الاغلبية الساحقة في بلادهم، تخلوا عن الحكمة والعقل والمنطق وساروا في ركاب خطيبي الجمعة الماضية في كربلاء وبغداد وانقادوا انقياد العميان الى دعوتيهما، فما الذي تكون عليه حال العراق؟

في كربلاء افتى إمام الجمعة في مرقد الامام الحسين بن علي، احمد الصافي، وهو ايضا ممثل للمرجع الشيعي الاكبر آية الله علي السيستاني، بوجوب المشاركة في اول انتخابات في عراق ما بعد صدام والتي من المقرر ان تجري في مطلع العام المقبل، معتبرا ان للمشاركة «حرمة شرعية لأن المخالف يدخل جهنم».

وفي بغداد اطلق امام وخطيب جامع ابن تيمية مهدي الصميدعي فتوى مناقضة تماما (مع ان رجال الدين الشيعة والسنة يهوّنون كثيرا من اختلافاتهم المذهبية ـ قل السياسية في الواقع ـ ويقولون انها لا تشمل الاصول وانما تنحصر في الفروع...) الصميدعي أفتى بأن من يشارك في الانتخابات قبل انسحاب المحتل «عاص».... مثل ابليس بالطبع!

الشيخ الصافي والشيخ الصميدعي، وكلاهما رجل دين اسلامي، يكفّران العراقيين باجمعهم ويخرجانهم من الدين ويهددانهم بسوء المآل وبئس المصير. فالصافي يلقي بالممتنعين عن المشاركة في الانتخابات في نار جهنم مباشرة. والصميدعي يوقف المشاركين فيها في صف الشيطان باعتبارهم عصاة، وما من عراقي سينجو من هذه العاقبة لأنهم بالتأكيد سيتوزعون بين مشارك في الانتخابات وممتنع عنها،كما هي حال غيرهم في سائر البلدان .

ولان الشيخين لا يفقهان شيئا في السياسة فقد فاتهما ان الامتناع عن المشاركة في الانتخابات ـ في البلدان الديمقراطية ـ لا ينحصر في المعارضين والمناهضين، وان المشاركة، في المقابل، لا تقتصرعلى الموالين والمؤيدين.

ولان الشيخين ليسا من اهل السياسة ـ ولا ينبغي ان يكونا كذلك ما داما يجعلان من الدين مطية سياسية ـ فان تهديداتهما تمثل تجاوزا صارخا وتعديا سافرا على الحقوق المدنية والسياسية للعراقيين الذين يتعين ان يقرروا بأنفسهم، بكامل الحرية وبملء الارادة ومن دون أي ضغط او اكراه او تخويف او ارهاب، ما اذا كانوا سيشاركون في الانتخابات أم يقاطعونها.
نعم، من اجل هذا وغيره لا نريد للدين أن يُزجّ به في السياسة بأي شكل من الاشكال، فالسياسة ليست شغل رجال الدين كما هو الدين ليس وظيفة السياسيين.

العراق الان في ازمة، والشعب العراقي في محنة، ومن أولى واجبات العراقيين في ظرف عصيب كهذا ان يفعلوا ما يفيد في انفراج الازمة والتخفيف من المحنة، او في الاقل ان يجمعوا ما بين الناس على المحبة والتكاتف والتآزر بالكلمة الطيبة واللسان العذب، كما يفعل رجال الدين الحقيقيون المنصرفون الى عباداتهم والى قول كلمة الخير.