بهلول
03-25-2011, 10:27 AM
قصة منذر فهمي المهدد بالإبعاد من القدس دفعت 4000 شخصية عالمية بينها كارتر للتدخل لدى نتنياهو
منذر فهمي
http://www.aawsat.com/2011/03/25/images/news1.614192.jpg
تل أبيب: نظير مجلي
لا يزال منذر فهمي يذكر كلمات الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، حين زاره في حانوت بيع الكتب المميز الذي يؤجره داخل فندق «أميركان كولوني» في القدس.
فقد سأله: هل أنت سعيد بهذه المهنة؟
فأجاب: سعيد جدا بها وتعيس في كل شيء آخر.
فصمت كارتر وغادر. ولكنه حضر في المساء لكي يفهم أكثر حقيقة شعور فهمي. فصدم بقصته.
وقال له: «سأعمل كل ما في وسعي لمساعدتك».
كان ذلك قبل بضع سنوات، واليوم جاء وقت المساعدة: كارتر ومثله نحو 4000 شخصية سياسية وثقافية في العالم وقعوا على عريضة موجهة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يطالبونه بإلغاء القرار المجحف بطرد فهمي وعائلته إلى الولايات المتحدة ويطالبون بمنحه بطاقة إقامة دائمة في القدس.
ولكن، إذا كان هناك حظ لدى منذر فهمي، بوجود هذا الحشد الضخم من المتدخلين لإنقاذ فهمي، فإن هناك ما يزيد على 110 آلاف فلسطيني في القدس مهددون هم أيضا بالطرد، ولكن أحدا لم يتحرك لنجدتهم اليوم.
منذر فهمي مواطن فلسطيني ولد في القدس قبل نحو 60 سنة. في مطلع شبابه، وهو في جيل 21 عاما، سافر إلى الولايات المتحدة لتلقي العلم وإيجاد عمل. وتولاه الله بالتوفيق في ذلك، وحصل على إقامة ثم على جنسية أميركية. وحرص على زيارة القدس باستمرار، مرة كل سنة أو سنتين. واستمر على هذا المنوال طيلة 20 سنة، إلى أن قرر العودة إلى القدس والاستقرار فيها بشكل دائم، وذلك في سنة 1993 مع هبوب رياح أوسلو والأمل التي رافقها بقرب حلول السلام.
استأجر حانوتا داخل فندق «أميركان كولوني»، أفخم فنادق القدس العربية، الذي ينزل فيه عادة كبار المسؤولين الذين يزورون القدس العربية المحتلة. ومن خلال حسه التجاري المهني، اختار تحويله إلى حانوت لبيع الكتب السياسية المهمة وخصوصا تلك التي تعالج القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها. وتحولت مكتبته إلى مرجع لهؤلاء السياسيين.
ولم تصل إلى الفندق شخصية أجنبية، إلا وتتعرف على فهمي وحانوته والكتب القيمة التي يبيعها. وقد حظي باحترام هؤلاء الناس وأقام الحوارات السياسية معهم وأصبح الكثيرون منهم أصدقاء له.
إلا أن فهمي بدا قلقا وحزينا طيلة 17 عاما. فقد أشعرته سلطة الاحتلال الإسرائيلي بالخطر الدائم على وجوده في المدينة، التي تعتبر مسقط رأسه. كان ينام وفي مخيلته كتاب الإبعاد عن الوطن، مثله مثل عشرات الآلاف من سكان القدس الفلسطينيين المهددين بالطرد منها في كل لحظة.
فكما هو معروف، تقسم إسرائيل سكان القدس الشرقية إلى مجموعات: شرعية وغير شرعية. وعندما احتلت المدينة سنة 1967، ضمتها إلى تخوم إسرائيل. ولكنها أبقت المواطنين بلا هوية ثابتة. ففي حينه تبين أن هناك 66 ألف مواطن فلسطيني مقدسي ظلوا داخل حدود المدينة.
ولكنها لم تمنحهم الحق للمواطنة بموجب القانون الإسرائيلي، بل منحتهم «حق الإقامة»، والفرق بين الحالتين، أن الأول يعني حقا أبديا لا يملك أحد إلغاءه (إلا ضمن ظروف معينة تتعلق بأمن الدولة، ومن قبل السلطات الشرعية وليس سلطات الاحتلال)، والثاني يعني أن وزير الداخلية الإسرائيلي يملك الصلاحيات في كل وقت لإعطاء تعليمات يمكن بموجبها حرمان الشخص من الإقامة في المدينة، ويطبق موظفو الداخلية هذه التعليمات بصورة آلية دون الرجوع إلى أي مرجع آخر.
كان النص القانوني المعتمد في هذه الحالة ما ورد في «قانون الدخول لإسرائيل» لعام 1952، الذي طبق على سكان القدس واعتبروا بموجبه مقيمين موجودين بتصريح هوية تتيح لهم السكن والعمل، وذلك على غرار أي أجنبي مقيم في القدس ويحمل هذه الهوية. وفي عام 1974 صدرت أنظمة تحكم مسألة الدخول إلى إسرائيل، وكانت المادة الحادية عشرة من هذه الأنظمة تنص على أنه يكون الشخص خارج إسرائيل إذا وجد خارج حدود دولة إسرائيل مدة 7 سنوات أو أكثر، أو حصل على الإقامة الدائمة والجنسية في دولة أخرى.
وفسرت الأجهزة الاسرائيلية هذه المادة بأن أي مقدسي يقيم خارج القدس في الضفة الغربية أو خارجها ينطبق عليه هذا التعريف، أي إمكان سحب هويته المقدسية.
وفي أوائل عام 1996، قامت سلطات الاحتلال بتبليغ المئات من السكان المقدسيين بأن تصريح الإقامة الدائمة قد انتهى ولهذا فعليهم ترك القدس وتسليم هوياتهم، ووجهت هذه الإجراءات على وجه الخصوص للمقدسيين المقيمين خارج حدود بلدية القدس. وطبقت بأثر رجعي، مما عرض الآلاف منهم لخطر سحب الإقامة الدائمة وشطب أسمائهم من سجلات السكان، بحجة أنهم نقلوا مركز حياتهم إلى خارج المدينة أو البلاد.
ولوحظ أن حملة مصادرة هويات الإقامة قد تصاعدت في عهد حكومة اليمين برئاسة نتنياهو. وحسب إحصائية فلسطينية بلغ عدد المقدسيين الذين صودرت هوية إقامتهم في المدينة خلال السنوات 1996 - 1999 ما مجموعه 2955 حالة مبلغا عنا، وذلك من أصل نحو 6179 حالة مصادرة للهويات المقدسية منذ عام 1967. وزاد العدد ليصل إلى أكثر من 10 آلاف اليوم.
أحد هؤلاء هو منذر فهمي. وقد تمكن من الاتصال بجميع معارفه من الشخصيات المذكورة، وبينهم كارتر والكاتب الإنجليزي إيان ماكيوان وعضو الكونغرس الأميركي، ميرفين أكوليير، وصاحب دار النشر الأميركية، بيتر مائير، والبريطانية أندرو فرانكلين، وأصحاب عدد من دور النشر الإسرائيلية وغيرهم. وقدم هؤلاء عريضة موجهة إلى نتنياهو يطالبونه فيها بإلغاء أمر الطرد بحق فهمي ووقف إجراءات ترحيل المقدسيين عن بلدتهم ووطنهم.
منذر فهمي
http://www.aawsat.com/2011/03/25/images/news1.614192.jpg
تل أبيب: نظير مجلي
لا يزال منذر فهمي يذكر كلمات الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، حين زاره في حانوت بيع الكتب المميز الذي يؤجره داخل فندق «أميركان كولوني» في القدس.
فقد سأله: هل أنت سعيد بهذه المهنة؟
فأجاب: سعيد جدا بها وتعيس في كل شيء آخر.
فصمت كارتر وغادر. ولكنه حضر في المساء لكي يفهم أكثر حقيقة شعور فهمي. فصدم بقصته.
وقال له: «سأعمل كل ما في وسعي لمساعدتك».
كان ذلك قبل بضع سنوات، واليوم جاء وقت المساعدة: كارتر ومثله نحو 4000 شخصية سياسية وثقافية في العالم وقعوا على عريضة موجهة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يطالبونه بإلغاء القرار المجحف بطرد فهمي وعائلته إلى الولايات المتحدة ويطالبون بمنحه بطاقة إقامة دائمة في القدس.
ولكن، إذا كان هناك حظ لدى منذر فهمي، بوجود هذا الحشد الضخم من المتدخلين لإنقاذ فهمي، فإن هناك ما يزيد على 110 آلاف فلسطيني في القدس مهددون هم أيضا بالطرد، ولكن أحدا لم يتحرك لنجدتهم اليوم.
منذر فهمي مواطن فلسطيني ولد في القدس قبل نحو 60 سنة. في مطلع شبابه، وهو في جيل 21 عاما، سافر إلى الولايات المتحدة لتلقي العلم وإيجاد عمل. وتولاه الله بالتوفيق في ذلك، وحصل على إقامة ثم على جنسية أميركية. وحرص على زيارة القدس باستمرار، مرة كل سنة أو سنتين. واستمر على هذا المنوال طيلة 20 سنة، إلى أن قرر العودة إلى القدس والاستقرار فيها بشكل دائم، وذلك في سنة 1993 مع هبوب رياح أوسلو والأمل التي رافقها بقرب حلول السلام.
استأجر حانوتا داخل فندق «أميركان كولوني»، أفخم فنادق القدس العربية، الذي ينزل فيه عادة كبار المسؤولين الذين يزورون القدس العربية المحتلة. ومن خلال حسه التجاري المهني، اختار تحويله إلى حانوت لبيع الكتب السياسية المهمة وخصوصا تلك التي تعالج القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها. وتحولت مكتبته إلى مرجع لهؤلاء السياسيين.
ولم تصل إلى الفندق شخصية أجنبية، إلا وتتعرف على فهمي وحانوته والكتب القيمة التي يبيعها. وقد حظي باحترام هؤلاء الناس وأقام الحوارات السياسية معهم وأصبح الكثيرون منهم أصدقاء له.
إلا أن فهمي بدا قلقا وحزينا طيلة 17 عاما. فقد أشعرته سلطة الاحتلال الإسرائيلي بالخطر الدائم على وجوده في المدينة، التي تعتبر مسقط رأسه. كان ينام وفي مخيلته كتاب الإبعاد عن الوطن، مثله مثل عشرات الآلاف من سكان القدس الفلسطينيين المهددين بالطرد منها في كل لحظة.
فكما هو معروف، تقسم إسرائيل سكان القدس الشرقية إلى مجموعات: شرعية وغير شرعية. وعندما احتلت المدينة سنة 1967، ضمتها إلى تخوم إسرائيل. ولكنها أبقت المواطنين بلا هوية ثابتة. ففي حينه تبين أن هناك 66 ألف مواطن فلسطيني مقدسي ظلوا داخل حدود المدينة.
ولكنها لم تمنحهم الحق للمواطنة بموجب القانون الإسرائيلي، بل منحتهم «حق الإقامة»، والفرق بين الحالتين، أن الأول يعني حقا أبديا لا يملك أحد إلغاءه (إلا ضمن ظروف معينة تتعلق بأمن الدولة، ومن قبل السلطات الشرعية وليس سلطات الاحتلال)، والثاني يعني أن وزير الداخلية الإسرائيلي يملك الصلاحيات في كل وقت لإعطاء تعليمات يمكن بموجبها حرمان الشخص من الإقامة في المدينة، ويطبق موظفو الداخلية هذه التعليمات بصورة آلية دون الرجوع إلى أي مرجع آخر.
كان النص القانوني المعتمد في هذه الحالة ما ورد في «قانون الدخول لإسرائيل» لعام 1952، الذي طبق على سكان القدس واعتبروا بموجبه مقيمين موجودين بتصريح هوية تتيح لهم السكن والعمل، وذلك على غرار أي أجنبي مقيم في القدس ويحمل هذه الهوية. وفي عام 1974 صدرت أنظمة تحكم مسألة الدخول إلى إسرائيل، وكانت المادة الحادية عشرة من هذه الأنظمة تنص على أنه يكون الشخص خارج إسرائيل إذا وجد خارج حدود دولة إسرائيل مدة 7 سنوات أو أكثر، أو حصل على الإقامة الدائمة والجنسية في دولة أخرى.
وفسرت الأجهزة الاسرائيلية هذه المادة بأن أي مقدسي يقيم خارج القدس في الضفة الغربية أو خارجها ينطبق عليه هذا التعريف، أي إمكان سحب هويته المقدسية.
وفي أوائل عام 1996، قامت سلطات الاحتلال بتبليغ المئات من السكان المقدسيين بأن تصريح الإقامة الدائمة قد انتهى ولهذا فعليهم ترك القدس وتسليم هوياتهم، ووجهت هذه الإجراءات على وجه الخصوص للمقدسيين المقيمين خارج حدود بلدية القدس. وطبقت بأثر رجعي، مما عرض الآلاف منهم لخطر سحب الإقامة الدائمة وشطب أسمائهم من سجلات السكان، بحجة أنهم نقلوا مركز حياتهم إلى خارج المدينة أو البلاد.
ولوحظ أن حملة مصادرة هويات الإقامة قد تصاعدت في عهد حكومة اليمين برئاسة نتنياهو. وحسب إحصائية فلسطينية بلغ عدد المقدسيين الذين صودرت هوية إقامتهم في المدينة خلال السنوات 1996 - 1999 ما مجموعه 2955 حالة مبلغا عنا، وذلك من أصل نحو 6179 حالة مصادرة للهويات المقدسية منذ عام 1967. وزاد العدد ليصل إلى أكثر من 10 آلاف اليوم.
أحد هؤلاء هو منذر فهمي. وقد تمكن من الاتصال بجميع معارفه من الشخصيات المذكورة، وبينهم كارتر والكاتب الإنجليزي إيان ماكيوان وعضو الكونغرس الأميركي، ميرفين أكوليير، وصاحب دار النشر الأميركية، بيتر مائير، والبريطانية أندرو فرانكلين، وأصحاب عدد من دور النشر الإسرائيلية وغيرهم. وقدم هؤلاء عريضة موجهة إلى نتنياهو يطالبونه فيها بإلغاء أمر الطرد بحق فهمي ووقف إجراءات ترحيل المقدسيين عن بلدتهم ووطنهم.