زهير
02-27-2011, 12:05 PM
رئيس سابق لجهاز أمن الدولة يؤكد أن في الشرطة قسما يسمونه 'سلاح الأعمال القذرة' يستعينون به في أوقات معينة.
ميدل ايست أونلاين
قلم: مصطفى نصر
http://www.middle-east-online.com/meopictures/biga/_105729_egypt3.jpg
سلاح الأعمال القذرة
في ظهر يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1924 تم اغتيال السردار الإنجليزي "السير لي ستاك" (سردار الجيش المصري وحاكم عام السودان) عند التقاء شارع القصر العيني وإسماعيل أباظه، وقد خطط لهذه العملية حسن نشأت وكيل الديوان الملكي والمقرب من الملك أحمد فؤاد في ذلك الوقت، بالاشتراك مع المندوب السامي البريطاني (اللورد اللنبي). فالسير لي ستاك كان مقررًا أن يعود إلى بلده يوم الأحد 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1924، فقابله حسن نشأت وقال له:
- كيف ستسافر يا باشا يوم الأحد والحرس الملكي يريد أن يقيم احتفالاً لك وقد تحدد للحفلة يوم 19 نوفمبر. ما رأيك أن جلالة الملك سوف يكون سعيدًا جدًا إذا أجلت سفرك...؟
ووافق السير لي ستاك على تأجيل سفره إلى يوم الخميس 20 نوفمبر.
كانت هناك أسباب لاغتيال السير لي ستاك تخص الملك أحمد فؤاد وصديقه حسن نشأت، وهي: اتهام الوفد وإدانة أعضائه وإقصاء سعد زغلول عن الوزارة والتخلص من الشخصيات الوفدية البارزة بتقديمها إلى المحاكمة. وأيضا لأن السير لي ستاك، كان صديقاً شخصياً لسعد زغلول ويتعاطف مع الأماني الوطنية للمصريين، بحكم كونه إيرلنديا يعاني شعبه من اضطهاد الإنجليز له.
كما أن السير لي ستاك قد بدأ عمله بمحاولة حل مشاكل الضباط المصريين، مما أثار غضب اللورد اللنبي (المندوب السامي البريطاني)، مما دفعه إلى الموافقه على اغتياله. وهناك أشياء كثيرة تؤكد تورط حسن نشأت واللورد اللنبي في هذا الاغتيال لكن هذا ليس موضوعنا الآن.
وبعد نجاح حركة حزب البعث في 8 فبراير/شباط 1963، التي أطاحت بنظام رئيس الوزراء العميد عبد الكريم قاسم؛ جاء زعماء حزب البعث العراقي في ذلك الوقت (علي صالح السعدي وحازم جواد، وطالب شبيب) من العراق إلى القاهرة لبحث إقامة وحدة ثلاثية بين مصر وسوريا والعراق، وفي لقاء بينهم وبين المغتربين العراقيين في القاهرة، قال علي صالح السعدي:
- إن هذه الوحدة أول مسمار في نعش عبد الناصر.
ولا أدري كيف لم يدرك السعدي، أن المخابرات المصرية ستسجل أحاديثهم، وأن هناك أجهزة تصنت في المبني الذي يتحدثون فيه.
http://www.middle-east-online.com/meopictures/inphotos/_12987044105.jpg
وبناء على ذلك اتفقت المخابرات المصرية مع الفنان فريد الأطرش على دعوة هؤلاء الثوار الذين قتلوا عبد الكريم قاسم وسيطروا على الحكم، في حفل عشاء في بيته، وكان اختيار المخابرات لفريد الأطرش لسببين، الأول أنه صديق للملوك والرؤساء العرب، والثاني لأنه يقيم حفلات كثيرة في بيته من وقت لآخر.
وجاءوا براقصة مشهورة في ذلك الوقت، رقصت وقامت بالاهتمام الخاص بعلي صالح السعدي حتى شرب الكثير من أكواب الخمر فسكر وأمسك بذراعي الراقصة العاريتين، وهو يقول:
- هذه هي الوحدة.
وكانت الكاميرات تسجل دون أن يلحظ العراقيون ذلك، وبذلك قضوا على مستقبل علي صالح السعدي السياسي.
وفي تحقيق قضية انحراف المخابرات المصرية بعد هزيمة الجيش المصري في 5 يونيو/حزيران 1967، حكى مسئول كبير في الحزب الوطني (كان ضابطا صغيرا في المخابرات المصرية في ذلك الوقت، وكان مسئولا عن تجنيد الأفراد)، بأنهم – في المخابرات – علموا بأن الممثلة الفلانية تتعامل جنسياً مع الرجال الأوربيين أو الأميركيين مقابل 300 جنيه في الليلة، فقدموا إليها ضابطا يجيد الفرنسية، وكان – بالصدفة – يقوم بعملية مع فرنسيين، أدعى أمامهم بأنه فرنسي مثلهم، وسلمته المخابرات مبلغ 300 جنيه، قدمها إلى الممثلة الفلانية، وصوروه معها، لكي يجبروها على التعامل معهم، وكذلك فعلوا مع ممثلة ومطربة أخرى لا تتعامل إلى مع العرب مقابل 100 جنيه، فقدموا إليها ضابطا له أقارب في ليبيا، ويجيد التحدث باللهجة الليبية، ودفع لها المبلغ وصوروها معه، وأجبروها على التعامل معهم.
هذه نماذج من الأعمال القذرة التي تحدث في الحياة السياسية. وقد تحدث لواء سابق كان رئيسا لجهاز أمن الدولة، من أن هناك في الشرطة قسما يسمونه "سلاح الأعمال القذرة" يستعينون به في أوقات معينة.
وعندما تقدم ممدوح سالم لانتخابات مجلس الشعب في عام 1976 عن دائرة كرموز بالإسكندرية، وتقدم أبوالعز الحريري في هذه الدائرة عن العمال، تمت عملية قذرة موجهة من الشرطة، بأن قام صاحب قهوة في منطقة كوم الشقافة بضرب الحريري بمطواه. رغم أن صاحب القهوة ليس بينه وبين الحريري أية مشاكل، إنما هو استجاب لأوامر ضابط القسم هناك.
http://www.middle-east-online.com/meopictures/inphotos/_129870449415.jpg
وأنني على معرفة بعدد من الذين يتعاملون مع مرشحي الحزب الوطني في عملية الانتخابات في دائرتنا، ويتابع سكان الحي ما يحدث من هؤلاء في ابتسام، وتعليقات ظريفة، فهذه المجموعة تثرى من المرشحين الذين يلجأون إليهم في عملية الدعاية، وتجميع الأصوات. ويطالبونهم بالمزيد، فإذا لم ينجح هؤلاء في الانتخابات كرهوهم ولعنوهم وحكوا كثيرا عن طرق الابتزاز التي اتبعوها معهم. لكنهم لا يستطيعون الاستغناء عنهم.
وفي مساء الثلاثاء 1 فبراير/شباط 2011، أعلن محمد حسني مبارك عن إجراءات الانتقال السلمي للسلطة وأنه لن يترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وتأثر الكثيرون بطريقته في الحديث، وكاد أن يحقق المخطط المرسوم غايته، فبكت بعض النساء في البيوت من أجله، لكن سلاح العمليات القذرة في الشرطة والحزب الوطني أفسد كل شيء، ففور انتهائه من الخطاب، سمعتُ جلبة في الشارع وهتافات، فأسرعتُ إلي شرفة بيتي، فإذ بسيارات نصف نقل محملة بالشباب الذين يهتفون وينادون ببقاء حسني مبارك، والظاهر أن هناك اتفاقا على مستوى مصر كلها، فعند سماع كلمة كذا في الخطاب يستعد هؤلاء في الهجوم (كما حدث في مسألة تأميم قناة السويس عام 1956، فما أن يسمعوا كلمة "دليسيبس"، حتى يسرعوا للاستيلاء على مكاتب شركة قناة السويس). وبذلك خرج هؤلاء في وقت واحد إلى الشوارع.
وشاهدنا عبر التليفزيون مجموعة من هؤلاء يهاجمون المتظاهرين سلمياً في محطة مصر بالإسكندرية، ونقلت قناة الجزيرة هجوما مماثلا من أنصار حسني مبارك ضد المتظاهرين سلميا في مدينة بورسعيد وغيرها من مدن مصر.
ولم يُهاجم هؤلاء المتظاهرون في جامع القائد إبراهيم بالإسكندرية في ذلك اليوم لأن عددهم كان كبيرا جدا، ولن يتغلبوا عليهم، وكذلك فعلوا مع المتظاهرين في ميدان التحرير بالقاهرة ، فقد كان العدد كبيرا جدا ايضا، وكانوا يعلمون أن العدد في الغد (الأربعاء) سيكون أقل، فهاجموهم بضراوة. وجاءوا بالحمير والبغال والخيول والجمال.
وقد تحدث أحد الشباب في لقاء تليفزيوني من أنه قابل مسجل خطر في منطقة إمبابة، وحكى له بأن ضابط مباحث القسم قد طلبه مع مجموعة من المسجلين الخطر، وأعطى كل منهم عشرة جنيهات، ووعدهم برفع المراقبة عنهم إذا هاجموا المتظاهرين ضد النظام.
وسمعتُ تفسيراً لحرق أقسام الشرطة على مستوى مصر كلها في وقت واحد، بأن الأوامر قد صدرت لسلاح الأعمال القذرة بجمع البلطيجية والمسجلين الخطر لمهاجمة المتظاهرين، وبينما هم موجودون معهم، جاءت الأوامر للضباط بترك أقسام الشرطة، فوجد البلطجية أنفسهم أمام أقسام الشرطة التي كثيرا ما حبسوا فيها ونالوا التعذيب فيها، وهم وحدهم أمامها، دون ضباط أو أفراد شرطة، فحطموها وأحرقوها.
عندما صدرت الأوامر من قادة الحزب الوطني المهددين بضياع مناصبهم يوم الثلاثاء 1 فبراير/شباط 2011، أسرع رجال الحزب في كل محافظات مصر؛ خاصة رجال الأعمال وأعضاء مجلسي الشعب والشورى، ولجأوا إلى حلفائهم الذين يعاونونهم في العملية الانتخابية، وقد كان سهلا عليهم تجميع كل هذه العناصر في وقت قصير؛ خاصة أنهم عملوا معهم من فترة وجيزة جداً هي فترة انتخابات مجلس الشعب الأخيرة.
إنني الآن لا أخاف إلا من هؤلاء المأجورين، إنهم أخطر من أسيادهم الذين سرقوا الشعب لثلاثين عاماً، فهم على استعداد للتعاون لمن يدفع أكثر، ومعظم رجال الحزب الوطني أغنياء ورجال أعمال وقادرون على الدفع، لقد خرجوا الجمعة (18 فبراير/شباط 2011) ليتظاهروا لصالح حسني مبارك من أمام مسجد مصطفى محمود، وقالوا كلاما فارغا، إنه أبونا ورمزنا، ولا أدري كيف يكون كذلك، وقد أمر بضرب المتظاهرين العزَّل بالرصاص الحي، وكيف يكون أبا ورمزا وقد سرق من عمرنا ثلاثين عاماً؟!
ميدل ايست أونلاين
قلم: مصطفى نصر
http://www.middle-east-online.com/meopictures/biga/_105729_egypt3.jpg
سلاح الأعمال القذرة
في ظهر يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1924 تم اغتيال السردار الإنجليزي "السير لي ستاك" (سردار الجيش المصري وحاكم عام السودان) عند التقاء شارع القصر العيني وإسماعيل أباظه، وقد خطط لهذه العملية حسن نشأت وكيل الديوان الملكي والمقرب من الملك أحمد فؤاد في ذلك الوقت، بالاشتراك مع المندوب السامي البريطاني (اللورد اللنبي). فالسير لي ستاك كان مقررًا أن يعود إلى بلده يوم الأحد 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1924، فقابله حسن نشأت وقال له:
- كيف ستسافر يا باشا يوم الأحد والحرس الملكي يريد أن يقيم احتفالاً لك وقد تحدد للحفلة يوم 19 نوفمبر. ما رأيك أن جلالة الملك سوف يكون سعيدًا جدًا إذا أجلت سفرك...؟
ووافق السير لي ستاك على تأجيل سفره إلى يوم الخميس 20 نوفمبر.
كانت هناك أسباب لاغتيال السير لي ستاك تخص الملك أحمد فؤاد وصديقه حسن نشأت، وهي: اتهام الوفد وإدانة أعضائه وإقصاء سعد زغلول عن الوزارة والتخلص من الشخصيات الوفدية البارزة بتقديمها إلى المحاكمة. وأيضا لأن السير لي ستاك، كان صديقاً شخصياً لسعد زغلول ويتعاطف مع الأماني الوطنية للمصريين، بحكم كونه إيرلنديا يعاني شعبه من اضطهاد الإنجليز له.
كما أن السير لي ستاك قد بدأ عمله بمحاولة حل مشاكل الضباط المصريين، مما أثار غضب اللورد اللنبي (المندوب السامي البريطاني)، مما دفعه إلى الموافقه على اغتياله. وهناك أشياء كثيرة تؤكد تورط حسن نشأت واللورد اللنبي في هذا الاغتيال لكن هذا ليس موضوعنا الآن.
وبعد نجاح حركة حزب البعث في 8 فبراير/شباط 1963، التي أطاحت بنظام رئيس الوزراء العميد عبد الكريم قاسم؛ جاء زعماء حزب البعث العراقي في ذلك الوقت (علي صالح السعدي وحازم جواد، وطالب شبيب) من العراق إلى القاهرة لبحث إقامة وحدة ثلاثية بين مصر وسوريا والعراق، وفي لقاء بينهم وبين المغتربين العراقيين في القاهرة، قال علي صالح السعدي:
- إن هذه الوحدة أول مسمار في نعش عبد الناصر.
ولا أدري كيف لم يدرك السعدي، أن المخابرات المصرية ستسجل أحاديثهم، وأن هناك أجهزة تصنت في المبني الذي يتحدثون فيه.
http://www.middle-east-online.com/meopictures/inphotos/_12987044105.jpg
وبناء على ذلك اتفقت المخابرات المصرية مع الفنان فريد الأطرش على دعوة هؤلاء الثوار الذين قتلوا عبد الكريم قاسم وسيطروا على الحكم، في حفل عشاء في بيته، وكان اختيار المخابرات لفريد الأطرش لسببين، الأول أنه صديق للملوك والرؤساء العرب، والثاني لأنه يقيم حفلات كثيرة في بيته من وقت لآخر.
وجاءوا براقصة مشهورة في ذلك الوقت، رقصت وقامت بالاهتمام الخاص بعلي صالح السعدي حتى شرب الكثير من أكواب الخمر فسكر وأمسك بذراعي الراقصة العاريتين، وهو يقول:
- هذه هي الوحدة.
وكانت الكاميرات تسجل دون أن يلحظ العراقيون ذلك، وبذلك قضوا على مستقبل علي صالح السعدي السياسي.
وفي تحقيق قضية انحراف المخابرات المصرية بعد هزيمة الجيش المصري في 5 يونيو/حزيران 1967، حكى مسئول كبير في الحزب الوطني (كان ضابطا صغيرا في المخابرات المصرية في ذلك الوقت، وكان مسئولا عن تجنيد الأفراد)، بأنهم – في المخابرات – علموا بأن الممثلة الفلانية تتعامل جنسياً مع الرجال الأوربيين أو الأميركيين مقابل 300 جنيه في الليلة، فقدموا إليها ضابطا يجيد الفرنسية، وكان – بالصدفة – يقوم بعملية مع فرنسيين، أدعى أمامهم بأنه فرنسي مثلهم، وسلمته المخابرات مبلغ 300 جنيه، قدمها إلى الممثلة الفلانية، وصوروه معها، لكي يجبروها على التعامل معهم، وكذلك فعلوا مع ممثلة ومطربة أخرى لا تتعامل إلى مع العرب مقابل 100 جنيه، فقدموا إليها ضابطا له أقارب في ليبيا، ويجيد التحدث باللهجة الليبية، ودفع لها المبلغ وصوروها معه، وأجبروها على التعامل معهم.
هذه نماذج من الأعمال القذرة التي تحدث في الحياة السياسية. وقد تحدث لواء سابق كان رئيسا لجهاز أمن الدولة، من أن هناك في الشرطة قسما يسمونه "سلاح الأعمال القذرة" يستعينون به في أوقات معينة.
وعندما تقدم ممدوح سالم لانتخابات مجلس الشعب في عام 1976 عن دائرة كرموز بالإسكندرية، وتقدم أبوالعز الحريري في هذه الدائرة عن العمال، تمت عملية قذرة موجهة من الشرطة، بأن قام صاحب قهوة في منطقة كوم الشقافة بضرب الحريري بمطواه. رغم أن صاحب القهوة ليس بينه وبين الحريري أية مشاكل، إنما هو استجاب لأوامر ضابط القسم هناك.
http://www.middle-east-online.com/meopictures/inphotos/_129870449415.jpg
وأنني على معرفة بعدد من الذين يتعاملون مع مرشحي الحزب الوطني في عملية الانتخابات في دائرتنا، ويتابع سكان الحي ما يحدث من هؤلاء في ابتسام، وتعليقات ظريفة، فهذه المجموعة تثرى من المرشحين الذين يلجأون إليهم في عملية الدعاية، وتجميع الأصوات. ويطالبونهم بالمزيد، فإذا لم ينجح هؤلاء في الانتخابات كرهوهم ولعنوهم وحكوا كثيرا عن طرق الابتزاز التي اتبعوها معهم. لكنهم لا يستطيعون الاستغناء عنهم.
وفي مساء الثلاثاء 1 فبراير/شباط 2011، أعلن محمد حسني مبارك عن إجراءات الانتقال السلمي للسلطة وأنه لن يترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وتأثر الكثيرون بطريقته في الحديث، وكاد أن يحقق المخطط المرسوم غايته، فبكت بعض النساء في البيوت من أجله، لكن سلاح العمليات القذرة في الشرطة والحزب الوطني أفسد كل شيء، ففور انتهائه من الخطاب، سمعتُ جلبة في الشارع وهتافات، فأسرعتُ إلي شرفة بيتي، فإذ بسيارات نصف نقل محملة بالشباب الذين يهتفون وينادون ببقاء حسني مبارك، والظاهر أن هناك اتفاقا على مستوى مصر كلها، فعند سماع كلمة كذا في الخطاب يستعد هؤلاء في الهجوم (كما حدث في مسألة تأميم قناة السويس عام 1956، فما أن يسمعوا كلمة "دليسيبس"، حتى يسرعوا للاستيلاء على مكاتب شركة قناة السويس). وبذلك خرج هؤلاء في وقت واحد إلى الشوارع.
وشاهدنا عبر التليفزيون مجموعة من هؤلاء يهاجمون المتظاهرين سلمياً في محطة مصر بالإسكندرية، ونقلت قناة الجزيرة هجوما مماثلا من أنصار حسني مبارك ضد المتظاهرين سلميا في مدينة بورسعيد وغيرها من مدن مصر.
ولم يُهاجم هؤلاء المتظاهرون في جامع القائد إبراهيم بالإسكندرية في ذلك اليوم لأن عددهم كان كبيرا جدا، ولن يتغلبوا عليهم، وكذلك فعلوا مع المتظاهرين في ميدان التحرير بالقاهرة ، فقد كان العدد كبيرا جدا ايضا، وكانوا يعلمون أن العدد في الغد (الأربعاء) سيكون أقل، فهاجموهم بضراوة. وجاءوا بالحمير والبغال والخيول والجمال.
وقد تحدث أحد الشباب في لقاء تليفزيوني من أنه قابل مسجل خطر في منطقة إمبابة، وحكى له بأن ضابط مباحث القسم قد طلبه مع مجموعة من المسجلين الخطر، وأعطى كل منهم عشرة جنيهات، ووعدهم برفع المراقبة عنهم إذا هاجموا المتظاهرين ضد النظام.
وسمعتُ تفسيراً لحرق أقسام الشرطة على مستوى مصر كلها في وقت واحد، بأن الأوامر قد صدرت لسلاح الأعمال القذرة بجمع البلطيجية والمسجلين الخطر لمهاجمة المتظاهرين، وبينما هم موجودون معهم، جاءت الأوامر للضباط بترك أقسام الشرطة، فوجد البلطجية أنفسهم أمام أقسام الشرطة التي كثيرا ما حبسوا فيها ونالوا التعذيب فيها، وهم وحدهم أمامها، دون ضباط أو أفراد شرطة، فحطموها وأحرقوها.
عندما صدرت الأوامر من قادة الحزب الوطني المهددين بضياع مناصبهم يوم الثلاثاء 1 فبراير/شباط 2011، أسرع رجال الحزب في كل محافظات مصر؛ خاصة رجال الأعمال وأعضاء مجلسي الشعب والشورى، ولجأوا إلى حلفائهم الذين يعاونونهم في العملية الانتخابية، وقد كان سهلا عليهم تجميع كل هذه العناصر في وقت قصير؛ خاصة أنهم عملوا معهم من فترة وجيزة جداً هي فترة انتخابات مجلس الشعب الأخيرة.
إنني الآن لا أخاف إلا من هؤلاء المأجورين، إنهم أخطر من أسيادهم الذين سرقوا الشعب لثلاثين عاماً، فهم على استعداد للتعاون لمن يدفع أكثر، ومعظم رجال الحزب الوطني أغنياء ورجال أعمال وقادرون على الدفع، لقد خرجوا الجمعة (18 فبراير/شباط 2011) ليتظاهروا لصالح حسني مبارك من أمام مسجد مصطفى محمود، وقالوا كلاما فارغا، إنه أبونا ورمزنا، ولا أدري كيف يكون كذلك، وقد أمر بضرب المتظاهرين العزَّل بالرصاص الحي، وكيف يكون أبا ورمزا وقد سرق من عمرنا ثلاثين عاماً؟!