القمر الاول
02-24-2011, 07:08 AM
(1-2)
صدام بعد بدء الهجوم الأميركي: والله لألعن أبوهم... والله لأقاتلهم من بيت لبيت
النص الحرفي لمحضر اجتماع صدام بمعاونيه الموثوقين صباح 24 فبراير 1991 وصف غورباتشوف بـ الوغد قائلاً: لقد خدعنا وكنت أعرف أنه سيخوننا
تحصّلت «الجريدة» على أشرطة تسجيل لاجتماع رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين مع القيادات العسكرية صباح يوم 24 فبراير 1991، الذي شهد بداية الهجوم البري لقوات التحالف لتحرير الكويت، لمناقشة موقف الاتحاد السوفياتي وحث رئيسها ميخائيل غورباتشوف لصدام على الانسحاب من الكويت خلال 21 يوماً لحل الأزمة سلمياً، ونتيجة لهذا الإلحاح وافق صدام حسين على سحب القوات. وناقش الرئيس المخلوع أيضاً التقارير العسكرية الآتية من ميدان المعركة مع قوات التحالف ومسرحها الأراضي الكويتية المحتلة من قبل الجيش العراقي، وطول الحدود العراقية مع المملكة العربية السعودية.
الكشف عن مشاورات صدام حسين التي كانت تجري خلف أبواب مغلقة مع مساعديه في اليوم الأول من حرب تحرير الكويت، موثقة في أرشيف عراقي خاص يحتوي على تسجيلات تمتد لـ2300 ساعة، وعلى ملايين الصفحات من الوثائق التي حصلت القوات الأميركية عليها بعد حرب 2003. أظهرت التسجيلات مدى الخيبة الكبيرة لصدام حسين وفريقه من التحول اللين والمفاجئ للموقف السوفياتي وعدم وفاء الأميركيين لجهود السوفيات. وتحدث صدام لمساعديه الموثوقين شاجباً تصرفات غورباتشوف واصفاً إياه بأنه «وغد» يفتقر إلى الإرادة أو القدرة لكف يد جورج بوش (الأب) عن العراق، وقال صدام: «لقد خدعنا، وكنت أعرف أنه سيخوننا»! بيد أن جهود غورباتشوف الدبلوماسية قوضت في 22 فبراير 1991 عندما اشتعلت آبار النفط الكويتية التي أمر صدام حسين بإضرام النار فيها! لأنه رأى أن ذلك يعد إجراءً دفاعياً لأي عمليات إنزال عسكرية خلف خطوط الجيش العراقي الدفاعية. ووصفت هذه الخطوة من قبل الرئيس بوش في محادثة له مع نظيره السوفياتي بأنها سياسة الأرض المحروقة وسبب لعدم تأخير العمل العسكري.
«الجريدة» أفرغت محتويات الأشرطة بعد جهد مضنٍ نظراً لرداءة التسجيل، وبمناسبة ذكرى مرور 20 عاماً على تحرير الكويت من براثن الاحتلال «الصدامي»، سننشر لقرائنا الأعزاء على مدى حلقتين النقاشات التي جرت في الاجتماع حرفياً كما نطقت باللهجة العراقية. وهذا هو الحوار:
صدام حسين: هذا شكثر يحب الغدر واقتناص الفرص... هاي غير عقلية.
سعدون حمادي: سيدي المؤذي مو هذا كله، لكنه عملياً الاتحاد السوفياتي سوى بينا ضرر يعور الراس،
ضرر كبير... ضرر كبير.
صدام حسين: بينما كنا نوجه الحالة ويا الاميركان للتفاوض، يعني بالله يريد يقوم بدور... خدعنا... خدعنا.
سعدون حمادي: غورباتشوف بالاجتماع يقول: «رجاءً ترى ما تتصوروا احنا جايين عدكم نخدعكم لوو ننصب لكم فخ...»، بكل حال كيف ما كانت النوايا... لكن تبقى عملياً نفس الشي.
صدام حسين: هاي وصلتنا لنفس المشكلة، كنا احنا معبيين شعبنا وجيشنا باتجاه، وهسا عبيناه باتجاه لووخ على موود هذا التحول... بكل حال ان شالله خير.
ومن ثم يقوم أحد الحاضرين «غير معروف» بمحاولة لإظهار الموقف الشعبي بشكل إيجابي أكثر:
أحد الحضور: سيدي، بس خطوتنا ما كانت غلط حتى بخصوص المواطن.
صدام حسين: آني اعتقد هسا مواطنا يتفهم أكثر ويتصلب برأيه.
يردد الحاضرون تأكيداً لكلام صدام عبارة: «بللي سيدي يتفهم أكثر... يتفهم أكثر».
صدام حسين: كل اللي رادوه الناس اللي وسط بينا وبين العدو.
طه محيي الدين: سيدي، توافق.
صدام حسين: بل وأكثر من هايا.
طه محيي الدين: الموقف الشعبي سيدي هوايا أقوى... هوايا أقوى.
بعد ذلك يأمر صدام حسين بقراءة التقارير العسكرية من قبل حامد حمادي، وعندما همَّ حامد بالقراءة قاطعه صدام قائلاً:
صدام حسين: والله لألعن أبوهم... والله لأقاتلهم من بيت لي بيت.
الحضور: ان شالله سيدي... ان شالله سيدي.
... ويواصل حامد حمادي قراءة التقارير، وفي لحظة معينة... بدا من صوت حامد أنه ارتبك وتلعثم عند سؤال صدام حسين له عن بعض المواقع على الخريطة ولما لم يتم تحديثها... وغضبه من ذلك، وتكررت إشارة صدام الى مواقع قواته بالكويت التي كان يسميها «محافظة الكويت».
وعندما تكلم طه محيي الدين عن تخوفه من عملية انزال برمائية أميركية، تكلم صدام حسين عن خطة قام بإعدادها لحراق آبار النفط الكويتية لعرقلة قوات التحالف.
طه محيي الدين: إنزال برمائي ماكو؟
طه ياسين رمضان: آني من رأيي أن تُبقى قواتنا لفترة أطول ... احتمال يصير انزال ثاني.
صدام حسين: بخصوص الانزال البرمائي، اذا الوِّلد نفذوا الخطة اللي انطيتهم قبل خمس أيام... وهيه أن يدمرون جميع القواعد البحرية، وكل شي يصلح للانزال وعليه تسهيلات... كله يدمرونا، ويحرقون كِّل هاي الآبار على موود تسوي غيمة فوق القطاعات... وهايا تشكللهم حاجز طبيعي، لأني قلتِّلهُم عن احتمال هيتشي هجوم.
حامد حمادي: بخصوص الآبار سيدي، اعتقد انهم حرقوا لهسا 190 بير.
علي حسن المجيد: الطائرات هسه ما تقدر تشوف؟... أعتقد انهم فشلوا لأنه لهسا ما اعلنوا عن شي، همه لو عِّدْهُم شي جان طلعوا بيانات.
الحضور يبدون تأييدهم لاعتقاد فشل قوات التحالف.
طه محيي الدين: هم يريدون نصر سريع ويسوون مؤتمر صحفي.
علي حسن المجيد: هالملاعين لو عدهم شي زين جان طلعوه.
صدام حسين: بس همه طول ما الهجوم البري بدا... هذا زين... الفشل ما ممكن يهربوا منه.
الحضور: ان شالله بحيل الله.
وعند مناقشة موقف القوات العراقية في جزيرة فيلكا وصعوبة الانسحاب منها، ولا مفر من الاشتباك مع قوات التحالف:
صدام حسين: الصدمة الأولى... هاي هيا الصدمة الأولى.
حامد حمادي: ربعنا قادرين يحتوون الصدمة الأولى... الحرب الإيرانية كلها صدمة.
صدام حسين: صدمة ملعونة... يعني من بين موقفين سياسيين... لا الأول ثابتين عليه ولا الثاني مبلورين بيه نتيجة.
ويتضح التعتيم الإعلامي العراقي حول تحركات القيادات من خلال سؤال صدام عن موعد وصول وزير الخارجية طارق عزيز من موسكو:
صدام حسين: الرفيق طارق شوقت (اي وقت) وصل؟
طه ياسين رمضان: سيدي ما وصل.
صدام حسين: بالجريدة يقولون وصل! شلون ما وصل؟
طه محيي الدين: ممكن لأسباب أمنية أعلنوا وصوله حتى ما يحاولوا...
صدام حسين: هوا غادر بالليل؟
حامد حمادي: هوا غادر الاتحاد السوفياتي العصر وجاي عن طريق الاردن.
وبعد طلب جولة ثانية من «الجاي»، يطلب صدام حسين من حامد حمادي قراءة رسائل غورباتشوف والردود العراقية عليها، ويتضح حرص صدام حسين على التدقيق على مواعيد وصول ردوده الى الرئيس السوفياتي، وذلك لحرصه على عدم الظهور بموقف الراضخ للعرض السوفياتي بعد هجوم الحلفاء، حفظاً لموقفه في المستقبل.
نص أول رسالة من صدام حسين إلى غورباتشوف:
«السيد غورباتشوف رئيس اتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية...
لقد وثقنا بكم ووضعنا شرف العراق وكرامة قواته المسلحة في هذه الثقة، وعلى أساسها وافقنا على المشروع السلمي الذي اقترحتموه بالرغم من الصعوبات النفسية والعملية التي يواجهها المقاتل العراقي أمام مثل هذه الموافقة التي لم يتبين فيها حتى الآن موقف الطرف الآخر على نحو واضح، وسنبقى ملتزمين بما التزمنا به.
سيادة الرئيس إننا نعرف بأن الأميركان وخاصة رئيسهم عديمي الشرف ولا نثق بهم ولذلك فإننا تعاملنا مع مشروعكم ووافقنا عليه على اساس ثقتي بكم وبالاتحاد السوفياتي الصديق فحسب.
لقد تعقدت الأمور الآن، فالأميركان صاروا يطلقون التصريح تلو التصريح ويطلقون والإنذارات المهينة جزافاً كأنهم يبيتون للعراق خدعة ما، وأنهم في تصريحاتهم وإنذاراتهم كأنهم لا يقيمون وزناً واحتراماً لموقف الاتحاد السوفياتي.
ولا نسمع منكم رد فعل واضح ومحدد ضد تصريحاتهم وانذاراتهم الخائبة حتى صار قسم كبير من شعبنا وجيشنا في حيرة وتساؤل «أي الأمور أكثر جدية، أهي المبادرة السوفياتية أم الإنذارات الأميركية؟» وفي كل الأحوال ينبغي ان نكون على بينه لكي لا يقود تداخل المواقف الى ما يستسهل غدر الأميركان في قواتنا المسلحة وشعبنا.
وبإجابتكم على رسالتنا هذه نكون ممتنين لكم، مع التمنيات الطيبة لكم ولرفاقكم والتقدير العالي للشعب السوفياتي الصديق.
«صدام حسين»
صدام حسين: آني وصللي (وصلني) الجواب الساعة خمس وربع (صباحا) ما جنت (كنت) ادري بالهجوم.
ومن ثم يواصل حامد حمادي قراءة الرد السوفياتي على خطاب صدام حسين:
«الرئيس المحترم صدام حسين...
أشكركم على رسالتكم الشخصية التي تبدون فيها قلقاً بخصوص الوضع الذي يتزايد تعقيداً بالرغم من الإجراءات المشتركة التي اتخذناها نحن معكم للدفع النشيط الى الأمام في مشروع الحل السلمي للخلاف.
أريد أن أشير أن قراركم بالموافقة على الطريقة السلمية للحل جاء خطوة استثنائية هامة غيرت الأوضاع جذرياً بعد استلامنا اليوم لتأكيدكم أن المشروع الذي وضع في موسكو بالتعاون مع وزير الخارجية طارق عزيز يلقى تأييداً كاملاً من قبل القيادة العراقية، اتخذنا سلسلة من الخطوات العاجلة لتنفيذ بنود هذا المشروع. ولقد أجرينا خلال 24 ساعة الأخيرة حديثين مطولين مع الرئيس الأميركي جورج بوش وكذلك أحاديث مع قادة بريطانيا وألمانيا وفرنسا واليابان والصين ومصر وإيران.
في الحقيقه إبتداءً بأنني أنا شخصياً طيلة هذا اليوم وبلا انقطاع أجريت هذه المحادثات، وقد دعونا الى ان يستخدم المجتمع الدولي هذه القصة ويحول بذلك دون الدخول في مرحلة دموية حادة، من أجل البحث العاجل للمشروع المذكور للحل السلمي. طالبنا بعقد الجلسة الاستثنائية لمجلس الأمن للأمم المتحدة حيث ستبحث على السواء مع المسائل الاخرى مثل قضايا الإشراف والمراقبة على وقف اطلاق النار وسحب القوات.
في الوقت الحاضر تجري في نيويورك مشاورات مكثفة لأعضاء مجلس الأمن، يجب ان اقول انه في أكثر الحالات كانت ردود فعل المتحدثين على هذه المعلومات إيجابية، وقد أبديت تقديرات عالية للجهود المبذولة من أجل التوصل الى طريقة سلمية لحل القضية، في نفس الوقت لا يزال الرئيس بوش وحتى الآن يلح على تنفيذ المطلب الذي طرحه الطرف الأميركي ولا يبدي استعداداً للصيغة التي طرحناها، ويتذرع بزعمه بأن العراق يقوم في الوقت الحاضر بالإرهاب البيئي ويفجر منشآت البترول في الكويت وحرق الآبار النفطية. من هذه الناحية لعب تصريح بغداد على لسان طارق عزيز في المؤتمر الصحفي دوراً مفيداً استثنائياً حيث ان العراق يرفض هذه الاتهامات ومستعد للموافقة على استيضاح الوضع الفعلي في المكان عن طريق استطلاع اللجنة المحايدة للأمم المتحدة، وأصبح الآن تأتي اشارات بأن الولايات المتحدة تستطيع إهمال الخط المقترح بالحل السلمي وأن تبدأ العمليات البرية ضد القوات العراقية في الكويت.
نحن نتخذ الإجراءات الأكثر حزماً لتفادي مثل هذا التحول في الأحداث، ولحد الآن من الصعب ان نقول هل ستكون هذه الإجراءات ناجحة، في هذه الظروف انا أعتقد ضرورياً ومفيداً انكم من جديد علناً وبوضوح تصرحون بسحب قواتكم من الكويت الى المواقع التي كانت تتواجد فيها في الأول من اغسطس 1990 دون تأجيل وبلا شروط.
إني أعتقد انه بهذا الصدد من الممكن توجيه رسالة الى الرئيس بوش مباشرة.
من الواضح تماماً انه في هذه اللحظة الحامية نحتاج الموقف الواضح والعملي من دون مجادلات، ربما يستحق التفكير ودون التراجع عن موقف العراق المبدئي في ان يدعم هذا الموقف بتظاهرة شعبية في أن العراق قد بدأ بالفعل في هذه المسيرة. انطلاقاً من كل الوسائل ستناقش في مجلس الأمن، بحيث ان كثيراً من الدول تشكك في 21 يوما لسحب القوات التي اتفقنا عليها نحن، ترى هذه الدول في ذلك محاولة لتأجيل الوقت تعمداً، ربما يجب تصريحكم لموعد آخر لنقل 9 أو 10 أيام، إن ذلك من دون شك سيعطي مفعولاً في جوهر الموضوع دون أن يشكل للعراق أي صعوبات خاصة.
أنا ارد فوراً على رسالتكم، إذ أفهم كل تعقيد ومسؤولية لهذه اللحظة، نحن نستمر دون كلل في اتخاذ الجهود الرامية للحيلولة دون توسع الخلاف، لأنه من البداية كانت تقودنا العناية لحماية الأرواح وكرامة الشعب العراقي العربي وغيره من شعوب منطقة الخليج.
مع أطيب التمنيات
ميخائيل غورباتشوف
صدام حسين: ولا جاوب على السؤال... كلها حجي (كلام).
حامد حمادي: سيدي الرئيس قام بإرسال جواب على هاذي (هذه) الرسالة... آني سلمتها للسفير السوفياتي... سلمتها بـ 7 صباحاً.
صدام حسين: آني انتهيت من كتابة الرسالة ست ونص، ما كان واصل عدي خبر الهجوم، هاي ينرادلها تروح للسفير السوفياتي وتثبت عنده الوقت... تقوله... يبرق لموسكو انه من تسجيلاتكم ان وقت دزيت الرسالة الجوابية ماكان عدي خبر بالهجوم، لأن هذي تنبني عليها أمور كثيرة في المستقبل حتى ما يقولون هاذي التأكيدات جتنا بعد الهجوم... للمستقبل... ان شالله الامور تمشي وتطلع النتايج جيدة.
يواصل حامد حمادي قراءة الرد العراقي على موسكو:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الرئيس غورباتشوف المحترم...
تسلمت رسالتكم الجوابية على رسالتنا بين الساعة الخامسة والسادسة صباحاً من يوم 24-2 في توقيت بغداد.
وقد أراحني ما ورد فيها كثيراً وأسجل لكم تقديري الخاص لجهودكم التي بذلتموها، لأن أي مساعده تقدم لنا لتجعل عملية النقل والانسحاب أسرع فإننا سنستخدمها لتقليص الزمن.
إننا يا سياده الرئيس غورباتشوف ننفذ التزاماتنا عندما نلتزم، وإن القلق الذي يبديه بوش وحلفاؤه ليس سببه عدم الاطمئنان، الا أننا سننفذ التزاماتنا وإنما يكشف نيتهم المليئة بالسوء وعدم الدقة في تنفيذ الالتزامات والمخادعة. إن أيدي بوش قد تلطخت بالجريمة من دماء الأبرياء من الناس وما كان يهمنا موقفه لكن مازال يهمنا مواقف الناس الذين التبست عليهم الأمور بين نوايا ودوافع بوش وحلفائه وبين الشرعية الدولية، والآن أصبح كل شيء واضحا.
في الختام نتمنى لمسعاكم النجاح لأن مسعاكم هو الذي يحفظ السلام والإنسانية وليس مسعى بوش وحلفائه وعملائه. مع تقديرنا وتمنياتنا الطيبة لكم وللرفقاء... والله أكبر.
صدام حسين، الساعة 6:30 صباحاً توقيت بغداد
صدام حسين: وإحنا بحرب لازم الوثائق المهمة اللي مثل هاي، لازم لها نسختين في مكانين، لو انضرب هالمكان او احترق، لازم تخلي نسخة بمكان لووخ.
صدام يأمر حامد حمادي بقراءة الخطاب الموجه للشعب:
«بسم الله الرحمن الرحيم وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون صدق الله العظيم.
أيها الشعب العراقي العظيم ورجال قواتنا المسلحه الباسلين، أيها الناس المؤمنون الشرفاء حيثما كنتم.
في الوقت الذي تقرر فيه انعقاد مجلس الأمن الدولي لينظر بالمبادرة السلمية السوفيتية التي أيدناها... غدر الغادرون، غدر بوش الخاسئ ومن التقى معه على فعل الجريمة والعار، غدر أولئك الجبناء الذين أتقنوا فعل الغدر والخيانة والخسة بعد ان غادروا كل طريق للفضيلة والخير والإنسانية.
لقد غدروا فشنوا هجومهم البري واسع النطاق على قواتنا المجاهدة صباح هذا اليوم، فبان قصدهم لكل من لم يعرف قصدهم حتى الآن، غدروا كما هو عهدهم وصفاتهم حتى بالذين وقعوا معهم القرارات سيئة الصيت التي اتخذت من مجلس الامن قبل العدوان العسكري متوهمين انهم بتلك القرارات انما يحمون الشرعية الدولية.
غدروا بالجميع لكن الله فوق الجميع وهو الواحد الأحد الحي القيوم الصمد القادر على كل شيء قدير، وسيرد غدرهم الى نحورهم ويخزيهم لتندحر صفوفهم وجمعهم الخائب.
منذ البداية عمل الأشرار على هذا الطريق، طريق العدوانية والشر لإيذاء شعب العراق وإطفاء شمعة الضوء فيه، خاب فعلهم وخاب ما يعملون، ولكنهم سيعرفون بعد حين ان بينهم وبين ما يعملون إرادة الله المانعة لفعل الشر اتجاه شعب الجهاد والإيمان، وسيعرفون بعد حين ان شعب العراق العظيم وقواته المسلحة المجاهدة الباسلة ليس مثلما يظنون أو يتصورون.
قاتلوهم أيها العراقيون بكل المعاني التي تحملونها وبكل معاني الإيمان التي آمنتم بها كشعب يؤمن بالله ويعتز بكرامته وحقه بالاختيار والقرار، قاتلوهم أيها النشامى الصناديد يا رجال أم المعارك والقادسية، قاتلوهم بإيمانكم بالله وقاتلوهم دفاعاً عن كل حرمة شريفة وعن كل طفل بريء وعن معاني الرجولة وقيم وشرف العسكرية التي تحملون، قاتلوهم اذ باندحارهم ستكونون بالمدخل النهائي لفتح الفتوح، وسوف تنتهي الحرب بكل ما يحمل الموقف من كرامة وعزة لشعبكم وجيشكم وأمتكم، وبعكسه لا سمح الله لن تكون إلا الهاوية التي يطمع الأعداء لدفعكم إليها ليطبق على العراق والأمة العربية والإسلاميه ظلام ليل طويل.
قاتلوهم أيها الرجال إنهم لا يحملون القيم التي تدعوهم ليكونوا أكثر رجولة وشجاعة واقتدار منكم، وبالتحام الرجال سوف تغيب أسلحة التفوق ولا يبقى ليقرر النتيجة النهائية بعد ذلك إلا إيمان المؤمنين وشجاعة أصحاب الموقف الوطني الشريف والجهاد المؤمن، قاتلوهم ولتكن منكم اتجاههم القومة التي دعا الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يكونوا عليها وهم يقاتلون الكفار.
إن أبناءكم وأمهاتكم وآباءكم وكل أهلكم وكل أهل العراق وأهل العرب يرقبون أداءكم اليوم لتقرروا ما يرضي الله ويعز الوطن والشعب والأمة، قاتلوهم كما يجب أن يقاتلهم الرجال المؤمنون... إنهم جمع الكفر والنفاق والخيانة وانتم جمع الإيمان والموقف الثابت والإخلاص والأمانة، قاتلوهم وسيكون النصر لكم مع العزة والكرامة والمجد.
الله اكبر والله اكبر والله أكبر وليخسأ الخاسئون، يا محلى النصر بعون الله».
ويتضح ضيق صدر صدام حسين للاستماع للكلام المطول من طه محيي الدين، فيقاطع كلامه وينصرف الى الخرائط والتقارير العسكرية في وسط حديث طه محيي الدين التالي:
طه محيي الدين: سيادة الرئيس في الحقيقة هذي المرحلة الأخيرة من المؤامرة اللي ينفذوها، كان عدهم قلق قبل لكن هسا عدهم اطمئنان... آني شخصياً احجي عن نفسي... شعوري بالاطمئنان أكثر من قبل.
الاتحاد السوفياتي موقفه جاي متأخر، يعني لو كان بادي في هذا المسعى قبل فتره كان أحسن، وان شالله يكون متحمس لمسعاه على موود يسير لي الشوط الأخير في هذي المساعي.
لكن الشي المهم هو صمود شعبنا وصمود قواتنا المسلحة وباسلتهم... هاي هيه القضية في كلشي... وأهم من كل قرار وكل نفوذ سوفياتي او غير سوفياتي.
آني واثق من انه شعبنا هسا من بعد ما العراق أبدى نيته للسلم... موقفه أقوى، هسا احنا مقابل موتين، بالنسبة لكل فرد من افراد شعبنا العراقي بالرغم من معاناتهم لكن هسا صار شي مشروع وشي واجب... انه نقاتل للنهاية، وهذا رأيي بالنسبة لهالموقف.
الموقف الشعبي الآن أقوى من قبل شهر او اسبوعين لانه المؤامرة بدأت تتنفذ وماقصدهم بس تحرير الكويت وإنما احتلال العراق واسقاط النظام والقضاء علينا نهائياً... من البارحة غاراتهم صارت على مدن سكنية... البارحة احنا في مدينة الهادي... حتى بيتنا وبيوت جيرانا انضربت، وفيما يتعلق... يقاطعه صدام حسين وينتقل الى الخرائط وقراءة تقارير أخرى.
وبعد مقاطعة دامت عشر دقائق تقريبا يأذن صدام حسين لطه محيي الدين بالكلام مرة أخرى... وتكلم عن صياغة البيانات العراقية وانتقد طول مقدمتها واقترح ان تكون مختصرة وواضحة لتؤخذ بجدية أكبر.
يقاطعه صدام مرة أخرى ويقول:
صدام حسين: خل يذيعوها كلها كما هي، آني اللي كتبتها بنفسي وعلى راحتي.
http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=197398
صدام بعد بدء الهجوم الأميركي: والله لألعن أبوهم... والله لأقاتلهم من بيت لبيت
النص الحرفي لمحضر اجتماع صدام بمعاونيه الموثوقين صباح 24 فبراير 1991 وصف غورباتشوف بـ الوغد قائلاً: لقد خدعنا وكنت أعرف أنه سيخوننا
تحصّلت «الجريدة» على أشرطة تسجيل لاجتماع رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين مع القيادات العسكرية صباح يوم 24 فبراير 1991، الذي شهد بداية الهجوم البري لقوات التحالف لتحرير الكويت، لمناقشة موقف الاتحاد السوفياتي وحث رئيسها ميخائيل غورباتشوف لصدام على الانسحاب من الكويت خلال 21 يوماً لحل الأزمة سلمياً، ونتيجة لهذا الإلحاح وافق صدام حسين على سحب القوات. وناقش الرئيس المخلوع أيضاً التقارير العسكرية الآتية من ميدان المعركة مع قوات التحالف ومسرحها الأراضي الكويتية المحتلة من قبل الجيش العراقي، وطول الحدود العراقية مع المملكة العربية السعودية.
الكشف عن مشاورات صدام حسين التي كانت تجري خلف أبواب مغلقة مع مساعديه في اليوم الأول من حرب تحرير الكويت، موثقة في أرشيف عراقي خاص يحتوي على تسجيلات تمتد لـ2300 ساعة، وعلى ملايين الصفحات من الوثائق التي حصلت القوات الأميركية عليها بعد حرب 2003. أظهرت التسجيلات مدى الخيبة الكبيرة لصدام حسين وفريقه من التحول اللين والمفاجئ للموقف السوفياتي وعدم وفاء الأميركيين لجهود السوفيات. وتحدث صدام لمساعديه الموثوقين شاجباً تصرفات غورباتشوف واصفاً إياه بأنه «وغد» يفتقر إلى الإرادة أو القدرة لكف يد جورج بوش (الأب) عن العراق، وقال صدام: «لقد خدعنا، وكنت أعرف أنه سيخوننا»! بيد أن جهود غورباتشوف الدبلوماسية قوضت في 22 فبراير 1991 عندما اشتعلت آبار النفط الكويتية التي أمر صدام حسين بإضرام النار فيها! لأنه رأى أن ذلك يعد إجراءً دفاعياً لأي عمليات إنزال عسكرية خلف خطوط الجيش العراقي الدفاعية. ووصفت هذه الخطوة من قبل الرئيس بوش في محادثة له مع نظيره السوفياتي بأنها سياسة الأرض المحروقة وسبب لعدم تأخير العمل العسكري.
«الجريدة» أفرغت محتويات الأشرطة بعد جهد مضنٍ نظراً لرداءة التسجيل، وبمناسبة ذكرى مرور 20 عاماً على تحرير الكويت من براثن الاحتلال «الصدامي»، سننشر لقرائنا الأعزاء على مدى حلقتين النقاشات التي جرت في الاجتماع حرفياً كما نطقت باللهجة العراقية. وهذا هو الحوار:
صدام حسين: هذا شكثر يحب الغدر واقتناص الفرص... هاي غير عقلية.
سعدون حمادي: سيدي المؤذي مو هذا كله، لكنه عملياً الاتحاد السوفياتي سوى بينا ضرر يعور الراس،
ضرر كبير... ضرر كبير.
صدام حسين: بينما كنا نوجه الحالة ويا الاميركان للتفاوض، يعني بالله يريد يقوم بدور... خدعنا... خدعنا.
سعدون حمادي: غورباتشوف بالاجتماع يقول: «رجاءً ترى ما تتصوروا احنا جايين عدكم نخدعكم لوو ننصب لكم فخ...»، بكل حال كيف ما كانت النوايا... لكن تبقى عملياً نفس الشي.
صدام حسين: هاي وصلتنا لنفس المشكلة، كنا احنا معبيين شعبنا وجيشنا باتجاه، وهسا عبيناه باتجاه لووخ على موود هذا التحول... بكل حال ان شالله خير.
ومن ثم يقوم أحد الحاضرين «غير معروف» بمحاولة لإظهار الموقف الشعبي بشكل إيجابي أكثر:
أحد الحضور: سيدي، بس خطوتنا ما كانت غلط حتى بخصوص المواطن.
صدام حسين: آني اعتقد هسا مواطنا يتفهم أكثر ويتصلب برأيه.
يردد الحاضرون تأكيداً لكلام صدام عبارة: «بللي سيدي يتفهم أكثر... يتفهم أكثر».
صدام حسين: كل اللي رادوه الناس اللي وسط بينا وبين العدو.
طه محيي الدين: سيدي، توافق.
صدام حسين: بل وأكثر من هايا.
طه محيي الدين: الموقف الشعبي سيدي هوايا أقوى... هوايا أقوى.
بعد ذلك يأمر صدام حسين بقراءة التقارير العسكرية من قبل حامد حمادي، وعندما همَّ حامد بالقراءة قاطعه صدام قائلاً:
صدام حسين: والله لألعن أبوهم... والله لأقاتلهم من بيت لي بيت.
الحضور: ان شالله سيدي... ان شالله سيدي.
... ويواصل حامد حمادي قراءة التقارير، وفي لحظة معينة... بدا من صوت حامد أنه ارتبك وتلعثم عند سؤال صدام حسين له عن بعض المواقع على الخريطة ولما لم يتم تحديثها... وغضبه من ذلك، وتكررت إشارة صدام الى مواقع قواته بالكويت التي كان يسميها «محافظة الكويت».
وعندما تكلم طه محيي الدين عن تخوفه من عملية انزال برمائية أميركية، تكلم صدام حسين عن خطة قام بإعدادها لحراق آبار النفط الكويتية لعرقلة قوات التحالف.
طه محيي الدين: إنزال برمائي ماكو؟
طه ياسين رمضان: آني من رأيي أن تُبقى قواتنا لفترة أطول ... احتمال يصير انزال ثاني.
صدام حسين: بخصوص الانزال البرمائي، اذا الوِّلد نفذوا الخطة اللي انطيتهم قبل خمس أيام... وهيه أن يدمرون جميع القواعد البحرية، وكل شي يصلح للانزال وعليه تسهيلات... كله يدمرونا، ويحرقون كِّل هاي الآبار على موود تسوي غيمة فوق القطاعات... وهايا تشكللهم حاجز طبيعي، لأني قلتِّلهُم عن احتمال هيتشي هجوم.
حامد حمادي: بخصوص الآبار سيدي، اعتقد انهم حرقوا لهسا 190 بير.
علي حسن المجيد: الطائرات هسه ما تقدر تشوف؟... أعتقد انهم فشلوا لأنه لهسا ما اعلنوا عن شي، همه لو عِّدْهُم شي جان طلعوا بيانات.
الحضور يبدون تأييدهم لاعتقاد فشل قوات التحالف.
طه محيي الدين: هم يريدون نصر سريع ويسوون مؤتمر صحفي.
علي حسن المجيد: هالملاعين لو عدهم شي زين جان طلعوه.
صدام حسين: بس همه طول ما الهجوم البري بدا... هذا زين... الفشل ما ممكن يهربوا منه.
الحضور: ان شالله بحيل الله.
وعند مناقشة موقف القوات العراقية في جزيرة فيلكا وصعوبة الانسحاب منها، ولا مفر من الاشتباك مع قوات التحالف:
صدام حسين: الصدمة الأولى... هاي هيا الصدمة الأولى.
حامد حمادي: ربعنا قادرين يحتوون الصدمة الأولى... الحرب الإيرانية كلها صدمة.
صدام حسين: صدمة ملعونة... يعني من بين موقفين سياسيين... لا الأول ثابتين عليه ولا الثاني مبلورين بيه نتيجة.
ويتضح التعتيم الإعلامي العراقي حول تحركات القيادات من خلال سؤال صدام عن موعد وصول وزير الخارجية طارق عزيز من موسكو:
صدام حسين: الرفيق طارق شوقت (اي وقت) وصل؟
طه ياسين رمضان: سيدي ما وصل.
صدام حسين: بالجريدة يقولون وصل! شلون ما وصل؟
طه محيي الدين: ممكن لأسباب أمنية أعلنوا وصوله حتى ما يحاولوا...
صدام حسين: هوا غادر بالليل؟
حامد حمادي: هوا غادر الاتحاد السوفياتي العصر وجاي عن طريق الاردن.
وبعد طلب جولة ثانية من «الجاي»، يطلب صدام حسين من حامد حمادي قراءة رسائل غورباتشوف والردود العراقية عليها، ويتضح حرص صدام حسين على التدقيق على مواعيد وصول ردوده الى الرئيس السوفياتي، وذلك لحرصه على عدم الظهور بموقف الراضخ للعرض السوفياتي بعد هجوم الحلفاء، حفظاً لموقفه في المستقبل.
نص أول رسالة من صدام حسين إلى غورباتشوف:
«السيد غورباتشوف رئيس اتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية...
لقد وثقنا بكم ووضعنا شرف العراق وكرامة قواته المسلحة في هذه الثقة، وعلى أساسها وافقنا على المشروع السلمي الذي اقترحتموه بالرغم من الصعوبات النفسية والعملية التي يواجهها المقاتل العراقي أمام مثل هذه الموافقة التي لم يتبين فيها حتى الآن موقف الطرف الآخر على نحو واضح، وسنبقى ملتزمين بما التزمنا به.
سيادة الرئيس إننا نعرف بأن الأميركان وخاصة رئيسهم عديمي الشرف ولا نثق بهم ولذلك فإننا تعاملنا مع مشروعكم ووافقنا عليه على اساس ثقتي بكم وبالاتحاد السوفياتي الصديق فحسب.
لقد تعقدت الأمور الآن، فالأميركان صاروا يطلقون التصريح تلو التصريح ويطلقون والإنذارات المهينة جزافاً كأنهم يبيتون للعراق خدعة ما، وأنهم في تصريحاتهم وإنذاراتهم كأنهم لا يقيمون وزناً واحتراماً لموقف الاتحاد السوفياتي.
ولا نسمع منكم رد فعل واضح ومحدد ضد تصريحاتهم وانذاراتهم الخائبة حتى صار قسم كبير من شعبنا وجيشنا في حيرة وتساؤل «أي الأمور أكثر جدية، أهي المبادرة السوفياتية أم الإنذارات الأميركية؟» وفي كل الأحوال ينبغي ان نكون على بينه لكي لا يقود تداخل المواقف الى ما يستسهل غدر الأميركان في قواتنا المسلحة وشعبنا.
وبإجابتكم على رسالتنا هذه نكون ممتنين لكم، مع التمنيات الطيبة لكم ولرفاقكم والتقدير العالي للشعب السوفياتي الصديق.
«صدام حسين»
صدام حسين: آني وصللي (وصلني) الجواب الساعة خمس وربع (صباحا) ما جنت (كنت) ادري بالهجوم.
ومن ثم يواصل حامد حمادي قراءة الرد السوفياتي على خطاب صدام حسين:
«الرئيس المحترم صدام حسين...
أشكركم على رسالتكم الشخصية التي تبدون فيها قلقاً بخصوص الوضع الذي يتزايد تعقيداً بالرغم من الإجراءات المشتركة التي اتخذناها نحن معكم للدفع النشيط الى الأمام في مشروع الحل السلمي للخلاف.
أريد أن أشير أن قراركم بالموافقة على الطريقة السلمية للحل جاء خطوة استثنائية هامة غيرت الأوضاع جذرياً بعد استلامنا اليوم لتأكيدكم أن المشروع الذي وضع في موسكو بالتعاون مع وزير الخارجية طارق عزيز يلقى تأييداً كاملاً من قبل القيادة العراقية، اتخذنا سلسلة من الخطوات العاجلة لتنفيذ بنود هذا المشروع. ولقد أجرينا خلال 24 ساعة الأخيرة حديثين مطولين مع الرئيس الأميركي جورج بوش وكذلك أحاديث مع قادة بريطانيا وألمانيا وفرنسا واليابان والصين ومصر وإيران.
في الحقيقه إبتداءً بأنني أنا شخصياً طيلة هذا اليوم وبلا انقطاع أجريت هذه المحادثات، وقد دعونا الى ان يستخدم المجتمع الدولي هذه القصة ويحول بذلك دون الدخول في مرحلة دموية حادة، من أجل البحث العاجل للمشروع المذكور للحل السلمي. طالبنا بعقد الجلسة الاستثنائية لمجلس الأمن للأمم المتحدة حيث ستبحث على السواء مع المسائل الاخرى مثل قضايا الإشراف والمراقبة على وقف اطلاق النار وسحب القوات.
في الوقت الحاضر تجري في نيويورك مشاورات مكثفة لأعضاء مجلس الأمن، يجب ان اقول انه في أكثر الحالات كانت ردود فعل المتحدثين على هذه المعلومات إيجابية، وقد أبديت تقديرات عالية للجهود المبذولة من أجل التوصل الى طريقة سلمية لحل القضية، في نفس الوقت لا يزال الرئيس بوش وحتى الآن يلح على تنفيذ المطلب الذي طرحه الطرف الأميركي ولا يبدي استعداداً للصيغة التي طرحناها، ويتذرع بزعمه بأن العراق يقوم في الوقت الحاضر بالإرهاب البيئي ويفجر منشآت البترول في الكويت وحرق الآبار النفطية. من هذه الناحية لعب تصريح بغداد على لسان طارق عزيز في المؤتمر الصحفي دوراً مفيداً استثنائياً حيث ان العراق يرفض هذه الاتهامات ومستعد للموافقة على استيضاح الوضع الفعلي في المكان عن طريق استطلاع اللجنة المحايدة للأمم المتحدة، وأصبح الآن تأتي اشارات بأن الولايات المتحدة تستطيع إهمال الخط المقترح بالحل السلمي وأن تبدأ العمليات البرية ضد القوات العراقية في الكويت.
نحن نتخذ الإجراءات الأكثر حزماً لتفادي مثل هذا التحول في الأحداث، ولحد الآن من الصعب ان نقول هل ستكون هذه الإجراءات ناجحة، في هذه الظروف انا أعتقد ضرورياً ومفيداً انكم من جديد علناً وبوضوح تصرحون بسحب قواتكم من الكويت الى المواقع التي كانت تتواجد فيها في الأول من اغسطس 1990 دون تأجيل وبلا شروط.
إني أعتقد انه بهذا الصدد من الممكن توجيه رسالة الى الرئيس بوش مباشرة.
من الواضح تماماً انه في هذه اللحظة الحامية نحتاج الموقف الواضح والعملي من دون مجادلات، ربما يستحق التفكير ودون التراجع عن موقف العراق المبدئي في ان يدعم هذا الموقف بتظاهرة شعبية في أن العراق قد بدأ بالفعل في هذه المسيرة. انطلاقاً من كل الوسائل ستناقش في مجلس الأمن، بحيث ان كثيراً من الدول تشكك في 21 يوما لسحب القوات التي اتفقنا عليها نحن، ترى هذه الدول في ذلك محاولة لتأجيل الوقت تعمداً، ربما يجب تصريحكم لموعد آخر لنقل 9 أو 10 أيام، إن ذلك من دون شك سيعطي مفعولاً في جوهر الموضوع دون أن يشكل للعراق أي صعوبات خاصة.
أنا ارد فوراً على رسالتكم، إذ أفهم كل تعقيد ومسؤولية لهذه اللحظة، نحن نستمر دون كلل في اتخاذ الجهود الرامية للحيلولة دون توسع الخلاف، لأنه من البداية كانت تقودنا العناية لحماية الأرواح وكرامة الشعب العراقي العربي وغيره من شعوب منطقة الخليج.
مع أطيب التمنيات
ميخائيل غورباتشوف
صدام حسين: ولا جاوب على السؤال... كلها حجي (كلام).
حامد حمادي: سيدي الرئيس قام بإرسال جواب على هاذي (هذه) الرسالة... آني سلمتها للسفير السوفياتي... سلمتها بـ 7 صباحاً.
صدام حسين: آني انتهيت من كتابة الرسالة ست ونص، ما كان واصل عدي خبر الهجوم، هاي ينرادلها تروح للسفير السوفياتي وتثبت عنده الوقت... تقوله... يبرق لموسكو انه من تسجيلاتكم ان وقت دزيت الرسالة الجوابية ماكان عدي خبر بالهجوم، لأن هذي تنبني عليها أمور كثيرة في المستقبل حتى ما يقولون هاذي التأكيدات جتنا بعد الهجوم... للمستقبل... ان شالله الامور تمشي وتطلع النتايج جيدة.
يواصل حامد حمادي قراءة الرد العراقي على موسكو:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الرئيس غورباتشوف المحترم...
تسلمت رسالتكم الجوابية على رسالتنا بين الساعة الخامسة والسادسة صباحاً من يوم 24-2 في توقيت بغداد.
وقد أراحني ما ورد فيها كثيراً وأسجل لكم تقديري الخاص لجهودكم التي بذلتموها، لأن أي مساعده تقدم لنا لتجعل عملية النقل والانسحاب أسرع فإننا سنستخدمها لتقليص الزمن.
إننا يا سياده الرئيس غورباتشوف ننفذ التزاماتنا عندما نلتزم، وإن القلق الذي يبديه بوش وحلفاؤه ليس سببه عدم الاطمئنان، الا أننا سننفذ التزاماتنا وإنما يكشف نيتهم المليئة بالسوء وعدم الدقة في تنفيذ الالتزامات والمخادعة. إن أيدي بوش قد تلطخت بالجريمة من دماء الأبرياء من الناس وما كان يهمنا موقفه لكن مازال يهمنا مواقف الناس الذين التبست عليهم الأمور بين نوايا ودوافع بوش وحلفائه وبين الشرعية الدولية، والآن أصبح كل شيء واضحا.
في الختام نتمنى لمسعاكم النجاح لأن مسعاكم هو الذي يحفظ السلام والإنسانية وليس مسعى بوش وحلفائه وعملائه. مع تقديرنا وتمنياتنا الطيبة لكم وللرفقاء... والله أكبر.
صدام حسين، الساعة 6:30 صباحاً توقيت بغداد
صدام حسين: وإحنا بحرب لازم الوثائق المهمة اللي مثل هاي، لازم لها نسختين في مكانين، لو انضرب هالمكان او احترق، لازم تخلي نسخة بمكان لووخ.
صدام يأمر حامد حمادي بقراءة الخطاب الموجه للشعب:
«بسم الله الرحمن الرحيم وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون صدق الله العظيم.
أيها الشعب العراقي العظيم ورجال قواتنا المسلحه الباسلين، أيها الناس المؤمنون الشرفاء حيثما كنتم.
في الوقت الذي تقرر فيه انعقاد مجلس الأمن الدولي لينظر بالمبادرة السلمية السوفيتية التي أيدناها... غدر الغادرون، غدر بوش الخاسئ ومن التقى معه على فعل الجريمة والعار، غدر أولئك الجبناء الذين أتقنوا فعل الغدر والخيانة والخسة بعد ان غادروا كل طريق للفضيلة والخير والإنسانية.
لقد غدروا فشنوا هجومهم البري واسع النطاق على قواتنا المجاهدة صباح هذا اليوم، فبان قصدهم لكل من لم يعرف قصدهم حتى الآن، غدروا كما هو عهدهم وصفاتهم حتى بالذين وقعوا معهم القرارات سيئة الصيت التي اتخذت من مجلس الامن قبل العدوان العسكري متوهمين انهم بتلك القرارات انما يحمون الشرعية الدولية.
غدروا بالجميع لكن الله فوق الجميع وهو الواحد الأحد الحي القيوم الصمد القادر على كل شيء قدير، وسيرد غدرهم الى نحورهم ويخزيهم لتندحر صفوفهم وجمعهم الخائب.
منذ البداية عمل الأشرار على هذا الطريق، طريق العدوانية والشر لإيذاء شعب العراق وإطفاء شمعة الضوء فيه، خاب فعلهم وخاب ما يعملون، ولكنهم سيعرفون بعد حين ان بينهم وبين ما يعملون إرادة الله المانعة لفعل الشر اتجاه شعب الجهاد والإيمان، وسيعرفون بعد حين ان شعب العراق العظيم وقواته المسلحة المجاهدة الباسلة ليس مثلما يظنون أو يتصورون.
قاتلوهم أيها العراقيون بكل المعاني التي تحملونها وبكل معاني الإيمان التي آمنتم بها كشعب يؤمن بالله ويعتز بكرامته وحقه بالاختيار والقرار، قاتلوهم أيها النشامى الصناديد يا رجال أم المعارك والقادسية، قاتلوهم بإيمانكم بالله وقاتلوهم دفاعاً عن كل حرمة شريفة وعن كل طفل بريء وعن معاني الرجولة وقيم وشرف العسكرية التي تحملون، قاتلوهم اذ باندحارهم ستكونون بالمدخل النهائي لفتح الفتوح، وسوف تنتهي الحرب بكل ما يحمل الموقف من كرامة وعزة لشعبكم وجيشكم وأمتكم، وبعكسه لا سمح الله لن تكون إلا الهاوية التي يطمع الأعداء لدفعكم إليها ليطبق على العراق والأمة العربية والإسلاميه ظلام ليل طويل.
قاتلوهم أيها الرجال إنهم لا يحملون القيم التي تدعوهم ليكونوا أكثر رجولة وشجاعة واقتدار منكم، وبالتحام الرجال سوف تغيب أسلحة التفوق ولا يبقى ليقرر النتيجة النهائية بعد ذلك إلا إيمان المؤمنين وشجاعة أصحاب الموقف الوطني الشريف والجهاد المؤمن، قاتلوهم ولتكن منكم اتجاههم القومة التي دعا الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يكونوا عليها وهم يقاتلون الكفار.
إن أبناءكم وأمهاتكم وآباءكم وكل أهلكم وكل أهل العراق وأهل العرب يرقبون أداءكم اليوم لتقرروا ما يرضي الله ويعز الوطن والشعب والأمة، قاتلوهم كما يجب أن يقاتلهم الرجال المؤمنون... إنهم جمع الكفر والنفاق والخيانة وانتم جمع الإيمان والموقف الثابت والإخلاص والأمانة، قاتلوهم وسيكون النصر لكم مع العزة والكرامة والمجد.
الله اكبر والله اكبر والله أكبر وليخسأ الخاسئون، يا محلى النصر بعون الله».
ويتضح ضيق صدر صدام حسين للاستماع للكلام المطول من طه محيي الدين، فيقاطع كلامه وينصرف الى الخرائط والتقارير العسكرية في وسط حديث طه محيي الدين التالي:
طه محيي الدين: سيادة الرئيس في الحقيقة هذي المرحلة الأخيرة من المؤامرة اللي ينفذوها، كان عدهم قلق قبل لكن هسا عدهم اطمئنان... آني شخصياً احجي عن نفسي... شعوري بالاطمئنان أكثر من قبل.
الاتحاد السوفياتي موقفه جاي متأخر، يعني لو كان بادي في هذا المسعى قبل فتره كان أحسن، وان شالله يكون متحمس لمسعاه على موود يسير لي الشوط الأخير في هذي المساعي.
لكن الشي المهم هو صمود شعبنا وصمود قواتنا المسلحة وباسلتهم... هاي هيه القضية في كلشي... وأهم من كل قرار وكل نفوذ سوفياتي او غير سوفياتي.
آني واثق من انه شعبنا هسا من بعد ما العراق أبدى نيته للسلم... موقفه أقوى، هسا احنا مقابل موتين، بالنسبة لكل فرد من افراد شعبنا العراقي بالرغم من معاناتهم لكن هسا صار شي مشروع وشي واجب... انه نقاتل للنهاية، وهذا رأيي بالنسبة لهالموقف.
الموقف الشعبي الآن أقوى من قبل شهر او اسبوعين لانه المؤامرة بدأت تتنفذ وماقصدهم بس تحرير الكويت وإنما احتلال العراق واسقاط النظام والقضاء علينا نهائياً... من البارحة غاراتهم صارت على مدن سكنية... البارحة احنا في مدينة الهادي... حتى بيتنا وبيوت جيرانا انضربت، وفيما يتعلق... يقاطعه صدام حسين وينتقل الى الخرائط وقراءة تقارير أخرى.
وبعد مقاطعة دامت عشر دقائق تقريبا يأذن صدام حسين لطه محيي الدين بالكلام مرة أخرى... وتكلم عن صياغة البيانات العراقية وانتقد طول مقدمتها واقترح ان تكون مختصرة وواضحة لتؤخذ بجدية أكبر.
يقاطعه صدام مرة أخرى ويقول:
صدام حسين: خل يذيعوها كلها كما هي، آني اللي كتبتها بنفسي وعلى راحتي.
http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=197398