فيثاغورس
02-16-2011, 11:25 AM
بقلم / د. مضاوي الرشيد
الاثنين, 14 فبراير 2011
http://www.yabdoo.com/users/623/gallery/1887_p62725.jpg
مع زوال نظام حسني مبارك وسقوط ديكتاتورية قريبة جدا من النظام السعودي يبدو هذا الاخير وكأنه نظام يتيم يتحول يوما بعد يوم الى حالة شاذة في المنطقة، خاصة وانه منذ اليوم الاول لاندلاع الثورة الشبابية في تونس اولا ومصر ثانيا انحاز الى جوار انظمة بائدة ولم يكن هذا من المستغرب اذ انه يعتمد في استمراريته واستمرارية نمطه القمعي على مقارنة نفسه بدول الجوار
العربي، وطالما سمعنا النظام السعودي يدافع عن نفسه ويقول انه ليس كأنظمة القمع القريبة اذ انه ارفع منها بدرجات وافضل منها حكمة ولكنه بالواقع لا يختلف عنها الا في التفاصيل التي فرضتها طبيعة حكمه الخاصة وتخفيه تحت عباءة دينية واموال نفطية.
لقد اثبت النظام انه تحول الى عنصر هدام في المنطقة العربية منذ اكثر من نصف قرن. وقد شكل هذا النظام السعودي خطرا حقيقيا على طموحات هذه الشعوب في المحيط العربي والاسلامي، خذ مثلا استعداده لدعم النظام المصري الساقط بأموال النفط السعودية اذا قطعت الولايات المتحدة معوناتها ودعمها لمبارك.
لقد تعود هذا النظام ان يشتري المواقف وان كان استطاع في الماضي ان يشتري ضمائر الزعماء العرب وخاصة ذوي الدخل المحدود تماما كما يشتري مواقف شعبه ويمتص غضبه بدفع الاموال والتي حتى هذه اللحظة لم تقض على التمرد والتململ من تبذيره للمال العام، فهل يا ترى يستطيع النظام السعودي ان يشتري ضمير اكثر من ثمانين مليون مصري وهل يعتقد ان بإمكانه ان ينثر الحبوب لدجاج من الطوائف والقبائل والمثقفين تماما كما وصفه شاعر نجد في طريقة تعامله مع من اسماهم بشيوخ القبائل؟
سيفقد النظام السعودي اكبر مساعد ومعاون جمعتهم المصالح رغم علاقة اتسمت منذ يومها الاول بمنطق المنافسة والتشنج حتى كانت مثالا واضحا وصريحا لعلاقة حب وكراهية في منظومة ديالكتيكية معروفة. بعد رحيل مبارك وارثه الذي اثقل مصر واستنزف طاقاتها سيبدو النظام السعودي مكشوفا عاريا كحالة شاذة ترتجف تحت وطأة الكهولة والعجز.
وكعادة النظام المهزوز سيتحضر النظام السعودي منظومات البقاء كالعادة وهي اولا التلويح بخطر الارهاب ليثير الذعر في قلوب المواطنين والعالم الخارجي وسيظهر اللواء المعروف بقوائمه الطويلة وصور الخلايا النائمة والمستفيقة في اللحظة المعروفة، وسيستعرض المفخخات واقراص الكومبيوتر ليبين مدى مركزيته في مواجهة الخطر القائم.
وقد يستعين بمؤسسات الاعلام الحكومية المخصصة لانتاج افلام الارهاب بصورها الخيالية واناشيدها المعروفة ومن ثم سيخترق الاعلام الافتراضي ويبث رسالات الوداع التي تسبق عادة عمليات التفجير، وسيعرف الجميع ان هذا ما هو الا حلقة جديدة في مسلسل تلفزيوني طويل يضاهي انتاجه وشعبيته مسلسلات (طاش ما طاش).
اما الاستراتيجية الثانية في منظومة البقاء فستكون كالعادة الخطر الخارجي وايران تأتي على رأس القائمة رغم انه قد يلجأ الى اخطار صغيرة كالحوثية على حدوده الجنوبية ويدق ناقوس الخطر من خلايا نائمة يكتشفها على ضفاف الخليج فيحرك خطه الساخن مع اوباما محذرا من الافاعي ورؤوسها عله يجد اذنا صاغية.
يعيش النظام السعودي بالفعل اسوأ ايامه رغم ان مصائب قوم عند قوم هي دوما فوائد مما يجعل خزينته تفيض بالدولارات الناتجة عن ارتفاع اسعار النفط نتيجة لتداعيات الأزمة المصرية، ولكنه يرزح تحت ثقل مخاوف حقيقية على استمرارية النظام نفسه منها التوحد في موقف معاد لطموحات اكبر دولة عربية وشعبها المنتفض ناهيك عن تحوله القديم الى ملاذ للدكتاتوريات المخلوعة.
ومنها فقدانه لحليف مركزي يختبئ النظام السعودي خلف قدراته على تمييع المواقف العربية الموحدة وسقوط الركن الأهم في ما سمي محور الاعتدال الشرير، ومنها تقلص النفوذ السعودي بل تآكله في مناطق حساسة منها لبنان وفلسطين والعراق والآن مصر بعد وقوفه الى جانب الطاغية العنيد.
لم يبق للنظام السعودي الا احلاف واهية مع دويلات عربية صغيرة تكون في دورها من اهم مفاصل المرحلة المقبلة حيث هي المخولة للانفجار القادم. بعد مصر سيضع النظام السعودي ثقله المالي خلف اليمن والشاويش ورغم ان هذا الثقل لن يكون مفصلياً في مواجهة ارادة الشعب اليمني الا انه سيحاول قدر المستطاع ان يؤجل بؤرة ثورية في جنوبه الى اجل غير مسمى، متجاوزاً بذلك النظرة الواقعية والقراءة الواضحة لحالة عربية ثورية شاملة تجرف معها انظمة بالية.
وربما يكون السيناريو الأكثر رعباً للنظام السعودي هو حراك داخلي شعبي يستفيد من التجارب العربية الحالية املاً في التخلص من قيود الماضي واستعباد النظام وتبذيره للثروة وفساده واحتكاره للسلطة.
ومن الممكن ان يستبق النظام هذا الحراك بانقلاب على السلطة يقوده احد الأمراء ليدشن مرحلة اسطورية جديدة تزور الحقائق وتتجاوز المطالب المشروعة لأكثرية الشعب المغلوبة على امرها. في هذه الخطوة الاستباقية نلاحظ تغيير الخطاب السعودي الذي كان يصور الشباب على انه حالة مرعبة من الفوضى والاتكالية وانعدام الاخلاقية والمشاكل النفسية، الى خطاب ينفخ بالشباب وانجازاته لدرجة انه اليوم يستجدي المدون الشاب ويتزلف له خوفاً من نقرات على حاسبه الآلي تثير الرعب في أروقة السلطة تماماً كما حدث عندما استدعي احد المدونين المعروفين للنقاش من قبل امير منطقة على خلفية سيول جدة.
هذا هو رعب الكهول يعبر عن ذاته عندما يصطدم بنضارة الشباب الذي اثبت في مصر انه ليس بالمتخاذل اللامبالي.
ولقد اعتادت المؤسسات السعودية التي تدعي انها تسهر على الرعاية الشبابية وصغار السن على تصوير هؤلاء وكأنهم شريحة منبوذة تخترق المراكز التجارية وتعبث في الارض فساداً تتحرش وتغتصب النساء وكانهم وحوش مفترسة تستبعد من الاماكن العامة خوفاً على شرف الوطن وفساده.
لقد اثبت هؤلاء الشباب انهم ثروة تحرك السكون وحتى هذه اللحظة وان لم يخرجوا مطالبين بحقوقهم ونصيبهم من ثروة الوطن مشاركين في ادارته الا انه في الثورة القادمة سيمر النظام السعودي بمخاض عسير لن تستطيع الآلة الاعلامية المرتبطة بالنظام ان تواريه عن الانظار.
ففي خلال اقل من اسبوع جرت بعض الحوادث ذات الدلالة الكبيرة رغم صغرها وتجاهل الاعلام العربي والعالمي لها بسبب انشغاله بالثورة المصرية، وهذه كلها تدل على حالة تململ مستشرية اولها خروج اكثر من خمسين امرأة يطالبن بالافراج السريع عن رجالهن المعتقلين في سجون النظام، وبعد اعتقال المتظاهرات اضطر النظام لأن يفرج عنهن بسرعة ودون ضجة ليتجنب تسليط الضوء على قضية المسجونين دون محاكمة حتى هذه اللحظة، هذا بالاضافة الى الاعلان عن تأسيس حزب سياسي اسلامي يعتبر الحزب الاول في السعودية، وان دلّ ذلك على شيء فهو يدلّ على خوف الناشطين السياسيين من فراغ يمهد لحالة فوضى عارمة تهدد السعودية بحرب طويلة داخلية تختلف بنتائجها وتداعياتها عن حالة التغيير في تونس ومصر.
وربما يكون حزب الامة الاسلامي خطوة اولية تفتح الباب على مصراعية لناشطين من كل اطياف المجتمع السياسية والفكرية لتأسيس تكتلات تتجاوز الحواجز التي صنعها النظام بينما يصر النظام على تضييقه والحجر عليه في بؤر لا تمكنه من الاتصال والتواصل مع شرائح اخرى.
تحتاج السعودية اكثر من أي وقت مضى الى جبهة وطنية موحدة تضم تحت لوائها فعاليات تتجاوز خلافاتها ومعاركها السابقة ضد بعضها البعض خاصة وان البلاد اليوم قد تدشنت سمعتها التي ربطها النظام بالدفاع عن ديكتاتوريات العالم واحتضانها وتمويلها.
وان كان الحزب الاسلامي الجديد يحمل هم الأمة الاسلامية كما يدل عليه اسمه الا انه يجب عليه احتضان اطياف الأمة المحلية اولا وهي المتميزة والمختلفة عكس ما يصوره النظام قبل ان يتحمس لقضايا الامم الاخرى والبعيدة عنا، فبقوة الامة التي حجر عليها داخل اطار الحكم التعسفي في الداخل السعودي تستطيع هذه الامة مدّ يد العون للامم الاخرى.
ان شأننا الداخلي اكبر بكثير من ان يمنعه بالتعاطي مع شؤون العالم الآخر. وفقط عندما نحل مشكلتنا مع النظام الذي سرقنا ودهور شبابنا وبذر ثروتنا وسمم علاقتنا مع دول الجوار نستطيع ان ننهض لنأخذ حقنا اولا ومن ثم نلتفت إلى جوارنا العربي والمسلم.
ليتعامل هذا الحزب الجديد مع همومنا وتعدديتنا الثقافية والفكرية واختلافاتنا المحلية واتجاهاتنا السياسية اولا فلعله يصبح مظلة جديدة ونافذة امل في حاضرنا المعتم ومستقبلنا المبهم. لقد اتخذ هؤلاء القائمون على مشروع الحزب الجريء خطوة جريئة عند لحظة يبدو فيها النظام السعودي كنظام يتيم معزول يدير دفة الحكم من منتجعات سياحية او مستشفيات عالمية. انها فرصة جديدة لبناء كيان سياسي يجمع بين القديم والحديث ينفتح على القرن الجديد دون ان يعجل بالقطيعة مع الهوية والتراث وهذا هو الامتحان العسير الذي ستمر به السعودية في المرحلة المقبلة.
' كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية
الاثنين, 14 فبراير 2011
http://www.yabdoo.com/users/623/gallery/1887_p62725.jpg
مع زوال نظام حسني مبارك وسقوط ديكتاتورية قريبة جدا من النظام السعودي يبدو هذا الاخير وكأنه نظام يتيم يتحول يوما بعد يوم الى حالة شاذة في المنطقة، خاصة وانه منذ اليوم الاول لاندلاع الثورة الشبابية في تونس اولا ومصر ثانيا انحاز الى جوار انظمة بائدة ولم يكن هذا من المستغرب اذ انه يعتمد في استمراريته واستمرارية نمطه القمعي على مقارنة نفسه بدول الجوار
العربي، وطالما سمعنا النظام السعودي يدافع عن نفسه ويقول انه ليس كأنظمة القمع القريبة اذ انه ارفع منها بدرجات وافضل منها حكمة ولكنه بالواقع لا يختلف عنها الا في التفاصيل التي فرضتها طبيعة حكمه الخاصة وتخفيه تحت عباءة دينية واموال نفطية.
لقد اثبت النظام انه تحول الى عنصر هدام في المنطقة العربية منذ اكثر من نصف قرن. وقد شكل هذا النظام السعودي خطرا حقيقيا على طموحات هذه الشعوب في المحيط العربي والاسلامي، خذ مثلا استعداده لدعم النظام المصري الساقط بأموال النفط السعودية اذا قطعت الولايات المتحدة معوناتها ودعمها لمبارك.
لقد تعود هذا النظام ان يشتري المواقف وان كان استطاع في الماضي ان يشتري ضمائر الزعماء العرب وخاصة ذوي الدخل المحدود تماما كما يشتري مواقف شعبه ويمتص غضبه بدفع الاموال والتي حتى هذه اللحظة لم تقض على التمرد والتململ من تبذيره للمال العام، فهل يا ترى يستطيع النظام السعودي ان يشتري ضمير اكثر من ثمانين مليون مصري وهل يعتقد ان بإمكانه ان ينثر الحبوب لدجاج من الطوائف والقبائل والمثقفين تماما كما وصفه شاعر نجد في طريقة تعامله مع من اسماهم بشيوخ القبائل؟
سيفقد النظام السعودي اكبر مساعد ومعاون جمعتهم المصالح رغم علاقة اتسمت منذ يومها الاول بمنطق المنافسة والتشنج حتى كانت مثالا واضحا وصريحا لعلاقة حب وكراهية في منظومة ديالكتيكية معروفة. بعد رحيل مبارك وارثه الذي اثقل مصر واستنزف طاقاتها سيبدو النظام السعودي مكشوفا عاريا كحالة شاذة ترتجف تحت وطأة الكهولة والعجز.
وكعادة النظام المهزوز سيتحضر النظام السعودي منظومات البقاء كالعادة وهي اولا التلويح بخطر الارهاب ليثير الذعر في قلوب المواطنين والعالم الخارجي وسيظهر اللواء المعروف بقوائمه الطويلة وصور الخلايا النائمة والمستفيقة في اللحظة المعروفة، وسيستعرض المفخخات واقراص الكومبيوتر ليبين مدى مركزيته في مواجهة الخطر القائم.
وقد يستعين بمؤسسات الاعلام الحكومية المخصصة لانتاج افلام الارهاب بصورها الخيالية واناشيدها المعروفة ومن ثم سيخترق الاعلام الافتراضي ويبث رسالات الوداع التي تسبق عادة عمليات التفجير، وسيعرف الجميع ان هذا ما هو الا حلقة جديدة في مسلسل تلفزيوني طويل يضاهي انتاجه وشعبيته مسلسلات (طاش ما طاش).
اما الاستراتيجية الثانية في منظومة البقاء فستكون كالعادة الخطر الخارجي وايران تأتي على رأس القائمة رغم انه قد يلجأ الى اخطار صغيرة كالحوثية على حدوده الجنوبية ويدق ناقوس الخطر من خلايا نائمة يكتشفها على ضفاف الخليج فيحرك خطه الساخن مع اوباما محذرا من الافاعي ورؤوسها عله يجد اذنا صاغية.
يعيش النظام السعودي بالفعل اسوأ ايامه رغم ان مصائب قوم عند قوم هي دوما فوائد مما يجعل خزينته تفيض بالدولارات الناتجة عن ارتفاع اسعار النفط نتيجة لتداعيات الأزمة المصرية، ولكنه يرزح تحت ثقل مخاوف حقيقية على استمرارية النظام نفسه منها التوحد في موقف معاد لطموحات اكبر دولة عربية وشعبها المنتفض ناهيك عن تحوله القديم الى ملاذ للدكتاتوريات المخلوعة.
ومنها فقدانه لحليف مركزي يختبئ النظام السعودي خلف قدراته على تمييع المواقف العربية الموحدة وسقوط الركن الأهم في ما سمي محور الاعتدال الشرير، ومنها تقلص النفوذ السعودي بل تآكله في مناطق حساسة منها لبنان وفلسطين والعراق والآن مصر بعد وقوفه الى جانب الطاغية العنيد.
لم يبق للنظام السعودي الا احلاف واهية مع دويلات عربية صغيرة تكون في دورها من اهم مفاصل المرحلة المقبلة حيث هي المخولة للانفجار القادم. بعد مصر سيضع النظام السعودي ثقله المالي خلف اليمن والشاويش ورغم ان هذا الثقل لن يكون مفصلياً في مواجهة ارادة الشعب اليمني الا انه سيحاول قدر المستطاع ان يؤجل بؤرة ثورية في جنوبه الى اجل غير مسمى، متجاوزاً بذلك النظرة الواقعية والقراءة الواضحة لحالة عربية ثورية شاملة تجرف معها انظمة بالية.
وربما يكون السيناريو الأكثر رعباً للنظام السعودي هو حراك داخلي شعبي يستفيد من التجارب العربية الحالية املاً في التخلص من قيود الماضي واستعباد النظام وتبذيره للثروة وفساده واحتكاره للسلطة.
ومن الممكن ان يستبق النظام هذا الحراك بانقلاب على السلطة يقوده احد الأمراء ليدشن مرحلة اسطورية جديدة تزور الحقائق وتتجاوز المطالب المشروعة لأكثرية الشعب المغلوبة على امرها. في هذه الخطوة الاستباقية نلاحظ تغيير الخطاب السعودي الذي كان يصور الشباب على انه حالة مرعبة من الفوضى والاتكالية وانعدام الاخلاقية والمشاكل النفسية، الى خطاب ينفخ بالشباب وانجازاته لدرجة انه اليوم يستجدي المدون الشاب ويتزلف له خوفاً من نقرات على حاسبه الآلي تثير الرعب في أروقة السلطة تماماً كما حدث عندما استدعي احد المدونين المعروفين للنقاش من قبل امير منطقة على خلفية سيول جدة.
هذا هو رعب الكهول يعبر عن ذاته عندما يصطدم بنضارة الشباب الذي اثبت في مصر انه ليس بالمتخاذل اللامبالي.
ولقد اعتادت المؤسسات السعودية التي تدعي انها تسهر على الرعاية الشبابية وصغار السن على تصوير هؤلاء وكأنهم شريحة منبوذة تخترق المراكز التجارية وتعبث في الارض فساداً تتحرش وتغتصب النساء وكانهم وحوش مفترسة تستبعد من الاماكن العامة خوفاً على شرف الوطن وفساده.
لقد اثبت هؤلاء الشباب انهم ثروة تحرك السكون وحتى هذه اللحظة وان لم يخرجوا مطالبين بحقوقهم ونصيبهم من ثروة الوطن مشاركين في ادارته الا انه في الثورة القادمة سيمر النظام السعودي بمخاض عسير لن تستطيع الآلة الاعلامية المرتبطة بالنظام ان تواريه عن الانظار.
ففي خلال اقل من اسبوع جرت بعض الحوادث ذات الدلالة الكبيرة رغم صغرها وتجاهل الاعلام العربي والعالمي لها بسبب انشغاله بالثورة المصرية، وهذه كلها تدل على حالة تململ مستشرية اولها خروج اكثر من خمسين امرأة يطالبن بالافراج السريع عن رجالهن المعتقلين في سجون النظام، وبعد اعتقال المتظاهرات اضطر النظام لأن يفرج عنهن بسرعة ودون ضجة ليتجنب تسليط الضوء على قضية المسجونين دون محاكمة حتى هذه اللحظة، هذا بالاضافة الى الاعلان عن تأسيس حزب سياسي اسلامي يعتبر الحزب الاول في السعودية، وان دلّ ذلك على شيء فهو يدلّ على خوف الناشطين السياسيين من فراغ يمهد لحالة فوضى عارمة تهدد السعودية بحرب طويلة داخلية تختلف بنتائجها وتداعياتها عن حالة التغيير في تونس ومصر.
وربما يكون حزب الامة الاسلامي خطوة اولية تفتح الباب على مصراعية لناشطين من كل اطياف المجتمع السياسية والفكرية لتأسيس تكتلات تتجاوز الحواجز التي صنعها النظام بينما يصر النظام على تضييقه والحجر عليه في بؤر لا تمكنه من الاتصال والتواصل مع شرائح اخرى.
تحتاج السعودية اكثر من أي وقت مضى الى جبهة وطنية موحدة تضم تحت لوائها فعاليات تتجاوز خلافاتها ومعاركها السابقة ضد بعضها البعض خاصة وان البلاد اليوم قد تدشنت سمعتها التي ربطها النظام بالدفاع عن ديكتاتوريات العالم واحتضانها وتمويلها.
وان كان الحزب الاسلامي الجديد يحمل هم الأمة الاسلامية كما يدل عليه اسمه الا انه يجب عليه احتضان اطياف الأمة المحلية اولا وهي المتميزة والمختلفة عكس ما يصوره النظام قبل ان يتحمس لقضايا الامم الاخرى والبعيدة عنا، فبقوة الامة التي حجر عليها داخل اطار الحكم التعسفي في الداخل السعودي تستطيع هذه الامة مدّ يد العون للامم الاخرى.
ان شأننا الداخلي اكبر بكثير من ان يمنعه بالتعاطي مع شؤون العالم الآخر. وفقط عندما نحل مشكلتنا مع النظام الذي سرقنا ودهور شبابنا وبذر ثروتنا وسمم علاقتنا مع دول الجوار نستطيع ان ننهض لنأخذ حقنا اولا ومن ثم نلتفت إلى جوارنا العربي والمسلم.
ليتعامل هذا الحزب الجديد مع همومنا وتعدديتنا الثقافية والفكرية واختلافاتنا المحلية واتجاهاتنا السياسية اولا فلعله يصبح مظلة جديدة ونافذة امل في حاضرنا المعتم ومستقبلنا المبهم. لقد اتخذ هؤلاء القائمون على مشروع الحزب الجريء خطوة جريئة عند لحظة يبدو فيها النظام السعودي كنظام يتيم معزول يدير دفة الحكم من منتجعات سياحية او مستشفيات عالمية. انها فرصة جديدة لبناء كيان سياسي يجمع بين القديم والحديث ينفتح على القرن الجديد دون ان يعجل بالقطيعة مع الهوية والتراث وهذا هو الامتحان العسير الذي ستمر به السعودية في المرحلة المقبلة.
' كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية