المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاكمة الخواجة تفجر جدلا إصلاحيا في البحرين



سيد مرحوم
10-19-2004, 03:30 AM
محاكمة الخواجة تفجر جدلا إصلاحيا في البحرين

http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2004/10/thumbnails/T_b92620cf-5bb4-4e5b-a00f-ac6c074609c9.gif


نصر المجالي GMT 22:00:00 2004 الإثنين 18 أكتوبر


تستأنف محكمة الجزاء الصغرى في المنامة يوم الأربعاء المقبل محاكمة الناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة المعتقل منذ أسبوعين بتهمة الإخلال بالأمن واختراق القانون، كونه نظم ندوة لمركز حقوق الإنسان من دون موافقة السلطات الرسمية البحرينية، الامر الذي أدى إلى اعتقاله والغلق الموقت لنادي العروبة الذي استضاف الندوة التي كان من المفترض أن تستمر لساعتين فقط في الأسبوع الأخير من الشهر الفائت. وفي المقابل، فإن ستة متهمين سيمثلون أمام محكمة بحرينية بتهمة التآمر للقيام بتفجير منشآت وتنفيذ أعمال إرهابية، وكانت السلطات أفرجت عن اثنين من المعتقلين وتحفظت على الأربعة الباقين. وكان الخواجة مثل أمام المحكمة أمس (الأحد)، فيما كان متظاهرون مؤيدون للناشط الحقوقي يسدون المنافذ المؤدية إلى بوابات المحكمة، وعقدت المحكمة وسط جدال سياسي مثير على الساحة البحرينية التي دشنت قبل ما يزيد عن عام إصلاحات سياسية واسعة جاءت ببرلمان منتخب ومجلس للشورى، وأعادت أقطاب المعارضة المنفية إلى أرض الوطن حيث شارك منهم في الحكومة وفاز جزء آخر في الانتخابات البرلمانية التي قاطعتها أربع جمعيات سياسية معارضة حتى يتم تعديل الدستور الجديد، أو العودة إلى الدستور الذي تم تعليقه العام 1976 الذي شهد أحداثا طائفية دامية قادت إلى تعطيل برلمان تلك المرحلة، وانتقال رجالات المعارضة للعمل من الخارج. وفي حديث لصحيفة (الوسط) البحرينية القريبة من المعارضة، اعتبر رئيس جمعية المحامين البحرينية عباس هلال التهمة الموجهة إلى نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان المنحل عبد الهادي الخواجة تهمة شخصية طبقا للقانون الجنائي المقارن، وقال: "إن هذا يدفع إلى السؤال عن أسباب اتخاذ القرار بالعقاب الجماعي للمؤسسات، وإذا كانت التهمة جنائية فما الداعي إلى قرار التوقيف 45 يوما".وطالب هلال بإطلاق سراح الخواجة بضمان محل إقامته طبقا لمقاصد قانون السلطة القضائية وباعتبار أن النيابة العامة - على حد قوله - تمثل المجتمع وتعمل على حمايته وصيانة الحقوق والحريات والضمانات العامة والخاصة، داعيا إلى تحقيق المزيد من الحريات.

وكان الناشط الحقوقي الخواجة نفى التهم التي وجهتها إليه محكمة الجنايات الصغرى الثالثة برئاسة القاضي (مصري الجنسية) سيد محمد الكفراوي، والتي تلخصت في تحريضه على نظام الحكم، وبث دعايات كاذبة واتهامه للحكومة ورئيسها بالفساد وهدر المال العام والاستيلاء عليه. لكن المحكمة قررت مد فترة حبس الخواجة الذي نفى قيامه بالتهم الموجهة إليه وهي تحريضه على نظام الحكم، وبث دعايات كاذبة واتهامه للحكومة ورئيسها بالفساد وهدر المال العام إلى يوم الأربعاء 20 من الشهر الجاري، لتمكين وكيل الخواجة المحامي محمد أحمد مرافعته عن موكله.

وفضلا عن مئات الأشخاص الذين تجمعوا خارج المحكمة، فإن قاعتها غصت بعشرات من المواطنين البحرينيين، ومن ضمنهم شخصيات سياسية مثل رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان ونائبه حسن مشيمع، إضافة الى بعض أعضاء إدارة الجمعية، ولوحظ غياب معظم الحقوقيين من غير أعضاء مركز حقوق الإنسان "المنحل" عدا عضوي الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان المحاميين عيسى الغايب ومحمد المطوع، ورفع المتجمعون صور الخواجة وهتفوا بهتافات مؤيدة له.

وكان تعذر على قوات الأمن إدخال عبد الهادي الخواجة إلى قاعة المحكمة وذلك بسبب اقتراب بعض المتجمعين من السيارة التي أحضرت الخواجة، وظل الحال على هذه الطريقة لأكثر من ساعتين من الزمن، ودخل بعدها القاضي وأمين سر المحكمة إبراهيم حسن، إضافة إلى رئيس النيابة المستشار مختار ابراهيم، ووكيل النيابة معاذ العايدي وطلب من الأشخاص الواقفين داخل المحكمة الخروج وألا يسمح لأي شخص واقف بالمكوث داخل المحكمة عدا المحامين، وقال القاضي إن نظام المحكمة يقضي بعدم الوقوف أثناء انعقاد الجلسة، إلا ان العملية تمت ببطء شديد إذ كان معظم الحضور يرغبون في البقاء داخل قاعة المحكمة للاستماع إلى وقائع الجلسة، واضطر القاضي في ضوء ذلك إلى رفع الجلسة مرة أخرى، انتظارا لتنظيم قاعة المحكمة وإحضار الخواجة، واستمرت محاولات رجال الأمن لإدخال الخواجة إلى قاعة المحكمة دون اقتراب بعض المتجمعين منه وقتا طويلا، حتى تدخل المحامي محمد أحمد وخاطب الحضور قائلا: "إن من يتضرر من تأخير انعقاد الجلسة هو الخواجة الذي سيظل موقوفا ما لم تنعقد الجلسة"، وبعد ذلك تم إدخال الخواجة إلى قاعة المحكمة برفقة عدد كبير من رجال الأمن وساعدهم على إدخاله المحامون.

وفي تفاصيل انعقاد الجلسة كما روتها الصحف البحرينية، فإن القاضي الكفراوي تلا التهم الموجهة إلى الخواجة قائلا: "أنت متهم بأنك حرضت علانية على كراهية النظام فهل هذا صحيح؟"، فأجاب الخواجة بأنه "غير مذنب".

وعاد القاضي ليتلو التهمة الثانية مباشرة قائلا: "أنت متهم بأنك بثثت عمدا دعايات وأخبارا كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، ووصفت الحكومة ورئيسها بالفساد وإهدار المال العام والاستيلاء عليه فماذا تقول؟"، فأجاب الخواجة مجددا بأنه "غير مذنب".

وسأل القاضي الكفراوي، وكيل الخواجة المحامي محمد أحمد ومساعديه كلا من المحامي محمد المطوع، والمحامية فاطمة الحواج، إن كانت لديه طلبات، فطلب أحمد على الفور الإفراج عن الخواجة إذ "ان التهمة إليه هي جنحة، وإن التحقيق قد انتهى فيها"، فطالب ممثل النيابة العامة المستشار مختار إبراهيم من القاضي تأجيل الجلسة مع استمرار حبس الخواجة، فقال محمد أحمد للقاضي: "إننا نرى أن الحبس الاحتياطي واستمراره هو عبارة عن إيقاع عقاب قبل صدور الحكم"، فرد القاضي الكفراوي بأن حكمه سيكون بعد رفع الجلسة.

وإلى ذلك تم إخراج الخواجة بعد رفع الجلسة لإعادته إلى مكان توقيفه مجددا، فحدثت بقرب السيارات التي تقله مشادات بين بعض المحتشدين من المواطنين وبين رجال الأمن، إلا أن مساعي للتهدئة نجحت في عدم تطور المشادة إلى مواجهات.

وبعد الجلسة ألقت السيدة خديجة الموسوي كلمة باسم زوجها المعتقل أمام حشد من المؤيدين له كان كتبها في مكان اعتقاله، وفيها أشار إلى قيام الدولة باستغلال وسائل الإعلام للتشهير به، وإلى عدم ثقته في حياد النيابة العامة ووصفها بأنها "غير مستقلة"، كما انتقد قانون العقوبات المعمول به، مشيرا إلى عدة مواد فيه هي "مواد مطاطة تستخدم لمعاقبة معارض الدولة".

وفي الآتي نص كلمة الخواجة التي ألقتها زوجته باسمه:

"لقد وجهت لي النيابة العامة تهمتين: الأولى التحريض على كراهية النظام بنعته بالفساد! والثانية: إذاعة أخبار كاذبة ودعايات " بنعت الحكومة ورئيسها بالفساد واهدار أموال الدولة والاستيلاء عليها".

وأعود هنا وأقول إن الفساد قد ظهر في هدر الأموال العامة وفي الاستئثار بالأراضي, وفي الامتيازات والتمييز في الوظائف, وإفساد حركة المال والتجارة, وإغراق البلاد بالعمالة الأجنبية, وفشل مشاريع التنمية وتوطين الوظائف. (وقد رأيناه في الملفات مثل التقاعد والتأمينات ولذلك فالنتيجة هي تزايد البطالة, وازدياد الفقر, حتى أصبح نصف شعب البحرين يعاني من الأوضاع المعيشية المتدهورة. وتكمن الخطورة في أن الأوضاع ستزداد سوءاً في السنوات المقبلة, مما ينذر بانفجار الأوضاع إن لم يتم وضع حلول عاجلة, وكذلك وضع استراتيجيات لمعالجة الأوضاع بشكل جذري.

ونحن تقييمنا للأمور بأن استمرار الحكومة نفسها والأشخاص نفسهم لن يؤدي إلى أي إصلاح حقيقي, فليس من المعقول أن المسؤولين عن ما آلت إليه الأمور طوال العقود الماضية هم من سيطبقون الإصلاحات وسيحاربون الفساد.

أما عن قضية التوقيف التي تعرضت لها وتقديمي إلى المحاكمة اليوم فهو ليس سوى إعلان عن الخطوط الحمراء التي وضعتها الحكومة.

وما حدث هو دليل على أن الحكومة ما زالت تهيمن على السلطة القضائية والإعلام, وتُرهب مؤسسات المجتمع المدني ورموز المجتمع. مما يجعل حرية التعبير وشروط العدالة غير متوفرة لأي شخص يحدث نفسه بتخطي الخطوط الحمراء التي وضعتها الحكومة.

وقد رأينا في هذه القضية وقضايا أخرى كيف أن النيابة العامة قد أصبحت ذراع الحكومة في ملاحقة خصومها, وحبسهم احتياطياً لفترات طويلة, وذلك بالاستفادة من قانون الإجراءات القضائية الذي أصدرته الحكومة عام 2002م, والذي يعطي النيابة صلاحيات واسعة ومزدوجة.

وعلى الرغم مما يقال عن أن النيابة هي جزء من القضاء إلا أن الإجراءات والشواهد العملية تدار جميعها على أن النيابة تابعة لوزارة العدل وللسلطة التنفيذية.

ويكمن الخلل الأساسي في مثل هذه المحاكمات في استنادها الى مواد أمن الدولة من قانون العقوبات, وهو الخطر الذي كان وما يزال يقيد الحريات العامة. وتحتوي هذه المواد على صيغ فضفاضة مطاطة وعقوبات مشددة, طالما انتقدتها هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان.

بناء على كل ذلك فليس هناك فرق كبير أن أظل في السجن أو أن يتم إطلاق سراحي. ولا أمل في العدالة والإنصاف, ما دامت الحكومة هي الخصم والحكم, وهي قد انتهت من التشهير بي وإدانتي عبر وسائل الإعلام. وتقوم الآن باسم تطبيق القانون بتفعيل واستخدام مواد أمن الدولة من قانون العقوبات, والتي ستبقى سلاحها الذي تلاحق به كل من تراوده نفسه بتجاوز الخطوط الحمراء". (انتهت الكلمة).