قمبيز
01-31-2011, 10:14 AM
2011-01-30
بقلم / د. مضاوي الرشيد - القدس العربي
مطاوعة يهرولون بسراويلهم القصيرة ولحاهم الطويلة يطوفون على سطح السيل العارم يعزلون ويصنفون فرق الاغاثة حسب جنسهم نساء وذكورا
رغم ان هناك من يشكك في وجود مجموعة تدعي الليبرالية السعودية كالكاتب عبد الله الغذامي الذي اطلق عليها اسم 'الليبرالية الموشومة' وبالمقابل هناك من يكتب المجلدات ليثبت وجودها التاريخي واستمراريتها في السعودية كشاكر النابلسي حيث يزعم ان لها فجراً سابقاً للزمان والمكان إلا اننا نعتقد بوجود مجموعة حقيقية يمكن ان نعرفها على أنها حفنة من الاصوات تتذبذب مع ذبذبات صاحب القرار فتأمر بأمره وتنهي عنه بالنيابة.
ان كان اسلاميا كانت كذلك وان كان حداثيا تحولت الى ذلك وهي اليوم تمر بالمرحلة الثانية اي انها تعتقد انها وولي أمرها تدين بدين جاك روسو وفولتير وتحارب بسيف الحاكم فتسكب حبراً ومن ثم يجف ويتبخر فتمر اقلامها على الورق مرار الكرام دون ان تترك اثراً في حاضرها ومستقبلها. فدورها لا يتضمن سوى عدد قليل من الادوار التي تتقمصها وتلعبها حسب قواعد اللعبة السياسية المنخرطة بها، فعند كل حادثة تطل برأسها لتدلي بدلوها همها الأول والاخير صرف الانتباه عن اسباب حقيقية وراء الحوادث وتسليط الضوء على تفاهات تصرف الرأي العام عن الخوض بها.
خذ مثلا حادثة الحريق الذي نشب في مدرسة للبنات في جدة حيث لقيت أكثر من 15 فتاة حتفها فأطلت الليبرالية السعودية برأيها لتجعل الحدث الكارثة وكأنه صنيعة هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي اعاقت اعمال الاغاثة واعترضت على خروج البنات سافرات من المبنى المحترق فتحول الجدل في الصحف من جدل يجب ان يتعاطى مع معضلة التربية ومدارسها المهترئة
وامكانياتها الفاشلة وبنيتها التحتية المهترئة الى جدل حول المطاوعة وتخلفهم وتطرفهم حتى عند الضرورة والتي لها احكامها. واعتبرت الليبرالية نفسها من اسقط الهيئة في حريق البنات مما أدى الى اخراج تربية النساء من تحت عباءة المطاوعة والحاقها بوزارة التربية والتعليم. واعتبرت الليبرالية انها حققت النصر المبين والفتح العظيم فضحكت على نفسها وعلى الآخرين بخطاب سطحي يصور وكأنه يشق طريقا طويلا في مجال الحرية والعيش الكريم وتحقيق أبسط مبادئ حقوق الانسان المتعارف عليها.
ولا تعترف هذه الليبرالية ان صاحب القرار وتحت ضغط دولي اكبر منه ومن شأنه قد خضع لمعطيات تلك الحقبة التاريخية فاضطر لأن يقوم ببعض الاجراءات المسماة زورا باصلاحات وقفزات نوعية نحو الرقي والتقدم والحد من سيطرة الكهنوت الديني على مرافق الحياة.
وجاءت كارثة مدرسة البنات لترتبط بتطرف الكهنوت والذي حان الوقت لازاحة قبضته بعض الشيء ـ انتبه أيها القارئ على كلمة بعض الشيء لأنه مفيد في اشياء اخرى ولا يمكن الاستغناء عنه كليا ـ وعندما سلطت الاقلام الليبرالية الضوء على تدخل فرق التطرف في عمليات فرق الاغاثة واعاقت خروج الفتيات من المبنى استطاعت هذه الاقلام أن تجرف الرأي العام عن تحقيق عقلاني يحدد الاسباب وراء الكارثة ويسمي المسؤولين عن الحريق قبل عمليات الاغاثة ولكن مرت الحادثة وقتلت فتيات جدة وانتصرت الليبرالية في حرب صاحب القرار لأنه هو المرجع الأول والاخير.
واليوم نحن بصدد فصل جديد من فصول الليبرالية وضحكها على الذقون. لقد بدأت تيتانيك جدة حيث تحولت المدينة الى باخرة تغرق في مياه السيول كل عام ومن جديد فتصبح الشوارع بؤرا تمتزج بها المياه والبشر والسيارات وكل ما على الارض ولكن لا بأس فالدفاع المدني مستعد واجهزة الدولة تقف بالمرصاد للسيل الجارف بعد أن قوت البنية التحتية وسهلت تصريف المياه تحت الارض وربما أن اجهزة الدولة قد وضعت اشارات مرور كبيرة جنبا الى جنب مع الصور الاستعراضية التي تزين شوارع المدينة وتذكر الرعية بولاة امرهم السابقين والحاليين والقادمين لتوجيه السيل الهادر الى مراكز تجمعه في بؤرة مهيئة للمهمة مستعدة لاستقبال كل ما هو آت مهما كبر حجمه وسرعته.
ولكن هيهات لمثل هذه الاستعدادات المسبقة ان تنجح حيث انه فجأة وبدون سابق انذار تخرج جحافل المطاوعة المتطرفين تعترض السيل والمنقذين منه وتقف في وجههم رافعة راية الاسلام وشعاراته لا اختلاط ـ لا اختلاط لا اختلاط والمقصود هنا ليس اختلاط مياه قذرة باجساد البشر بل اختلاط البشر بالبشر المرأة والرجل في مستنقع جدة السنوي فتتسابق الاقلام الليبرالية لوصف هذا المشهد الكوميدي منهم من ينقب عن موضوع اختلاط جثث القتلى وآخر يقتفي اخبار اختلاط الاحياء وكيفية الاعتراض عليه من قبل المتهم المعروف ـ المطاوعة وهيئتهم ـ فيكثر اللغط على
صفحات الجرائد ومواقع الحوار الالكترونية صارفا النظر عن تيتانك جدة المتكررة وموسمها السنوي الذي اصبح كمواسم احتفالات الجنادرية متكررا مقززا وكارثيا للفكر والثقافة والحياة البشرية بأبعادها المادية والمعنوية، ففي فكر الليبرالية السعودية نجد ملامح التراجيديا السعودية الحديثة والتي تصلح لعمل مسرحي رغم سواده ومأساته ابطال هذه التراجيديا مطاوعة يهرولون بسراويلهم القصيرة ولحاهم الطويلة يطوفون على سطح السيل العارم
يعزلون ويصنفون فرق الاغاثة حسب جنسهم نساء وذكورا. اما المنكوب فيعزلون انثاه عن ذكره والمتفرج يطبل لهذه التراجيديا المتكررة من على صفحات جريدته او موقعه. اما المتفرج الاول والاخير والمحصن من تداعيات كارثة السيول هذه ينتظر اول هليكوبتر عامودية تحط على سطح مدرسة او كلية لتنقله الى مكان آمن قبل ان يجرف في بحيرة تختلط فيها الاجناس والالوان ولا يموت فيها الا من ليس له طائرة او عامود يتسلقه تماما كما تتسلق الليبرالية السعودية ظهر ولاة امرها. ورغم سوداوية المسرحية السعودية الا انها تضحك الكثيرين بسطحيتها وطريقة تغييبها للعقل والادراك والفهم الحقيقي لاسباب الكوارث المتكررة في بلد ينعم بمعطيات لو توفرت تحت قيادة غير الحالية لكتب لهذا البلد ان يتحول الى قوة عالمية تنهض بالمنطقة كلها.
لقد اثبتت الليبرالية السعودية وعدوتها اللدودة المعروفة بالهيئة انهما وجهان لعملة واحدة كلاهما يقدمان خدمات جليلة ليس للمجتمع بل للسلطة. كلاهما يبحثان عن موقع في الساحة رغم انهما لا يمثلان تطلعات الاكثرية الساحقة في المجتمع ـ كلاهما يتلقيان رواتب من السلطة ويرتبطان باجهزتها البوليسية او الاعلامية مباشرة ـ كلاهما خذلا المجتمع وقتلا فيه روح المبادرة وحرية الفكر وضللا عقله بخرافات وبدع ابتدعتها السلطة ووزعتها على الفئتين. كلاهما تحتاجهما السلطة فالليبرالية تخدم السلطة بتضليلها للرأي العام وصرف انتباهه عن امور مصيرية وتركيزه على مواضيع تشحن عواطفه وتشل عقله.
اما المطاوعة فهم من يسبغون على هذه السلطة رداء التقوى والورع ويحتاجون لعرض العضلات الآنية حتى يثبتوا في مخيلة الناظر والعابر والزائر ان سلطتنا متميزة عن غيرها في العالم بتطبيقها لاحكام الشريعة ومظاهر الاسلام فغزواتهم المتكررة والمقننة حاليا على المطاعم والمقاهي ما هي إلا رحلات جهادية تقتلع الكفر من جذوره وتطهر المكان من تداعياته حتى لا تنحدر الى غياهب الفجور والفساد فتخلد ارواحنا واجسادنا في نار جهنم فهم المخلص من وسوسة الشيطان وشبق الجسد ونتن المخيلة البشرية. ولكنهم بالفعل هم من يخدر العقول لتصبح العوبة في يد من يدير جهنم ارضية على ارض الواقع تنفي الانسان وتحرق احلامه حتى اصبح متفرجا ينتظر الفرج يأتيه من حيث لا يدري وبين الحين والآخر نراه يتفرج على ملعب كرة القدم والمعركة الدائرة بين الليبرالي والمطوع والتي يتحكم بقوانينها الحكم المعروف من موقعه في قصره العالي الذي لا تطاله السيول الجارفة او الاقلام الليبرالية او هرولة المطاوعة. ان شاء كسر اقلام الاول وحجمها او اوقف هرولة الثاني. فالكل يخدم المشيئة العليا مطأطئ رأسه.
الاول يبحث عن مكاسب في هذه الدنيا والثاني يجمع رصيده في الآخرة او هكذا يحاول اقناعنا بين الاول والثاني ضاعت الحقيقة والحقوق واستلبت العقول وصودرت المبادرة وانقسم المجتمع بعد عملية مبرمجة من مبدأ فرق تسد. أملنا الوحيد في الوعي الجديد الذي بدأ يظهره شبابنا الجدد هذا الوعي تجاوز ثنائية الليبرالي والمطوع في ملعب كرة القدم. ولم تعد تضحكه مباريات فارغة من روح الفكاهة بل هي دوما تراجيديا يرقصون فيها على جثث ضحايا زمن الكوارث.
' كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية
بقلم / د. مضاوي الرشيد - القدس العربي
مطاوعة يهرولون بسراويلهم القصيرة ولحاهم الطويلة يطوفون على سطح السيل العارم يعزلون ويصنفون فرق الاغاثة حسب جنسهم نساء وذكورا
رغم ان هناك من يشكك في وجود مجموعة تدعي الليبرالية السعودية كالكاتب عبد الله الغذامي الذي اطلق عليها اسم 'الليبرالية الموشومة' وبالمقابل هناك من يكتب المجلدات ليثبت وجودها التاريخي واستمراريتها في السعودية كشاكر النابلسي حيث يزعم ان لها فجراً سابقاً للزمان والمكان إلا اننا نعتقد بوجود مجموعة حقيقية يمكن ان نعرفها على أنها حفنة من الاصوات تتذبذب مع ذبذبات صاحب القرار فتأمر بأمره وتنهي عنه بالنيابة.
ان كان اسلاميا كانت كذلك وان كان حداثيا تحولت الى ذلك وهي اليوم تمر بالمرحلة الثانية اي انها تعتقد انها وولي أمرها تدين بدين جاك روسو وفولتير وتحارب بسيف الحاكم فتسكب حبراً ومن ثم يجف ويتبخر فتمر اقلامها على الورق مرار الكرام دون ان تترك اثراً في حاضرها ومستقبلها. فدورها لا يتضمن سوى عدد قليل من الادوار التي تتقمصها وتلعبها حسب قواعد اللعبة السياسية المنخرطة بها، فعند كل حادثة تطل برأسها لتدلي بدلوها همها الأول والاخير صرف الانتباه عن اسباب حقيقية وراء الحوادث وتسليط الضوء على تفاهات تصرف الرأي العام عن الخوض بها.
خذ مثلا حادثة الحريق الذي نشب في مدرسة للبنات في جدة حيث لقيت أكثر من 15 فتاة حتفها فأطلت الليبرالية السعودية برأيها لتجعل الحدث الكارثة وكأنه صنيعة هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي اعاقت اعمال الاغاثة واعترضت على خروج البنات سافرات من المبنى المحترق فتحول الجدل في الصحف من جدل يجب ان يتعاطى مع معضلة التربية ومدارسها المهترئة
وامكانياتها الفاشلة وبنيتها التحتية المهترئة الى جدل حول المطاوعة وتخلفهم وتطرفهم حتى عند الضرورة والتي لها احكامها. واعتبرت الليبرالية نفسها من اسقط الهيئة في حريق البنات مما أدى الى اخراج تربية النساء من تحت عباءة المطاوعة والحاقها بوزارة التربية والتعليم. واعتبرت الليبرالية انها حققت النصر المبين والفتح العظيم فضحكت على نفسها وعلى الآخرين بخطاب سطحي يصور وكأنه يشق طريقا طويلا في مجال الحرية والعيش الكريم وتحقيق أبسط مبادئ حقوق الانسان المتعارف عليها.
ولا تعترف هذه الليبرالية ان صاحب القرار وتحت ضغط دولي اكبر منه ومن شأنه قد خضع لمعطيات تلك الحقبة التاريخية فاضطر لأن يقوم ببعض الاجراءات المسماة زورا باصلاحات وقفزات نوعية نحو الرقي والتقدم والحد من سيطرة الكهنوت الديني على مرافق الحياة.
وجاءت كارثة مدرسة البنات لترتبط بتطرف الكهنوت والذي حان الوقت لازاحة قبضته بعض الشيء ـ انتبه أيها القارئ على كلمة بعض الشيء لأنه مفيد في اشياء اخرى ولا يمكن الاستغناء عنه كليا ـ وعندما سلطت الاقلام الليبرالية الضوء على تدخل فرق التطرف في عمليات فرق الاغاثة واعاقت خروج الفتيات من المبنى استطاعت هذه الاقلام أن تجرف الرأي العام عن تحقيق عقلاني يحدد الاسباب وراء الكارثة ويسمي المسؤولين عن الحريق قبل عمليات الاغاثة ولكن مرت الحادثة وقتلت فتيات جدة وانتصرت الليبرالية في حرب صاحب القرار لأنه هو المرجع الأول والاخير.
واليوم نحن بصدد فصل جديد من فصول الليبرالية وضحكها على الذقون. لقد بدأت تيتانيك جدة حيث تحولت المدينة الى باخرة تغرق في مياه السيول كل عام ومن جديد فتصبح الشوارع بؤرا تمتزج بها المياه والبشر والسيارات وكل ما على الارض ولكن لا بأس فالدفاع المدني مستعد واجهزة الدولة تقف بالمرصاد للسيل الجارف بعد أن قوت البنية التحتية وسهلت تصريف المياه تحت الارض وربما أن اجهزة الدولة قد وضعت اشارات مرور كبيرة جنبا الى جنب مع الصور الاستعراضية التي تزين شوارع المدينة وتذكر الرعية بولاة امرهم السابقين والحاليين والقادمين لتوجيه السيل الهادر الى مراكز تجمعه في بؤرة مهيئة للمهمة مستعدة لاستقبال كل ما هو آت مهما كبر حجمه وسرعته.
ولكن هيهات لمثل هذه الاستعدادات المسبقة ان تنجح حيث انه فجأة وبدون سابق انذار تخرج جحافل المطاوعة المتطرفين تعترض السيل والمنقذين منه وتقف في وجههم رافعة راية الاسلام وشعاراته لا اختلاط ـ لا اختلاط لا اختلاط والمقصود هنا ليس اختلاط مياه قذرة باجساد البشر بل اختلاط البشر بالبشر المرأة والرجل في مستنقع جدة السنوي فتتسابق الاقلام الليبرالية لوصف هذا المشهد الكوميدي منهم من ينقب عن موضوع اختلاط جثث القتلى وآخر يقتفي اخبار اختلاط الاحياء وكيفية الاعتراض عليه من قبل المتهم المعروف ـ المطاوعة وهيئتهم ـ فيكثر اللغط على
صفحات الجرائد ومواقع الحوار الالكترونية صارفا النظر عن تيتانك جدة المتكررة وموسمها السنوي الذي اصبح كمواسم احتفالات الجنادرية متكررا مقززا وكارثيا للفكر والثقافة والحياة البشرية بأبعادها المادية والمعنوية، ففي فكر الليبرالية السعودية نجد ملامح التراجيديا السعودية الحديثة والتي تصلح لعمل مسرحي رغم سواده ومأساته ابطال هذه التراجيديا مطاوعة يهرولون بسراويلهم القصيرة ولحاهم الطويلة يطوفون على سطح السيل العارم
يعزلون ويصنفون فرق الاغاثة حسب جنسهم نساء وذكورا. اما المنكوب فيعزلون انثاه عن ذكره والمتفرج يطبل لهذه التراجيديا المتكررة من على صفحات جريدته او موقعه. اما المتفرج الاول والاخير والمحصن من تداعيات كارثة السيول هذه ينتظر اول هليكوبتر عامودية تحط على سطح مدرسة او كلية لتنقله الى مكان آمن قبل ان يجرف في بحيرة تختلط فيها الاجناس والالوان ولا يموت فيها الا من ليس له طائرة او عامود يتسلقه تماما كما تتسلق الليبرالية السعودية ظهر ولاة امرها. ورغم سوداوية المسرحية السعودية الا انها تضحك الكثيرين بسطحيتها وطريقة تغييبها للعقل والادراك والفهم الحقيقي لاسباب الكوارث المتكررة في بلد ينعم بمعطيات لو توفرت تحت قيادة غير الحالية لكتب لهذا البلد ان يتحول الى قوة عالمية تنهض بالمنطقة كلها.
لقد اثبتت الليبرالية السعودية وعدوتها اللدودة المعروفة بالهيئة انهما وجهان لعملة واحدة كلاهما يقدمان خدمات جليلة ليس للمجتمع بل للسلطة. كلاهما يبحثان عن موقع في الساحة رغم انهما لا يمثلان تطلعات الاكثرية الساحقة في المجتمع ـ كلاهما يتلقيان رواتب من السلطة ويرتبطان باجهزتها البوليسية او الاعلامية مباشرة ـ كلاهما خذلا المجتمع وقتلا فيه روح المبادرة وحرية الفكر وضللا عقله بخرافات وبدع ابتدعتها السلطة ووزعتها على الفئتين. كلاهما تحتاجهما السلطة فالليبرالية تخدم السلطة بتضليلها للرأي العام وصرف انتباهه عن امور مصيرية وتركيزه على مواضيع تشحن عواطفه وتشل عقله.
اما المطاوعة فهم من يسبغون على هذه السلطة رداء التقوى والورع ويحتاجون لعرض العضلات الآنية حتى يثبتوا في مخيلة الناظر والعابر والزائر ان سلطتنا متميزة عن غيرها في العالم بتطبيقها لاحكام الشريعة ومظاهر الاسلام فغزواتهم المتكررة والمقننة حاليا على المطاعم والمقاهي ما هي إلا رحلات جهادية تقتلع الكفر من جذوره وتطهر المكان من تداعياته حتى لا تنحدر الى غياهب الفجور والفساد فتخلد ارواحنا واجسادنا في نار جهنم فهم المخلص من وسوسة الشيطان وشبق الجسد ونتن المخيلة البشرية. ولكنهم بالفعل هم من يخدر العقول لتصبح العوبة في يد من يدير جهنم ارضية على ارض الواقع تنفي الانسان وتحرق احلامه حتى اصبح متفرجا ينتظر الفرج يأتيه من حيث لا يدري وبين الحين والآخر نراه يتفرج على ملعب كرة القدم والمعركة الدائرة بين الليبرالي والمطوع والتي يتحكم بقوانينها الحكم المعروف من موقعه في قصره العالي الذي لا تطاله السيول الجارفة او الاقلام الليبرالية او هرولة المطاوعة. ان شاء كسر اقلام الاول وحجمها او اوقف هرولة الثاني. فالكل يخدم المشيئة العليا مطأطئ رأسه.
الاول يبحث عن مكاسب في هذه الدنيا والثاني يجمع رصيده في الآخرة او هكذا يحاول اقناعنا بين الاول والثاني ضاعت الحقيقة والحقوق واستلبت العقول وصودرت المبادرة وانقسم المجتمع بعد عملية مبرمجة من مبدأ فرق تسد. أملنا الوحيد في الوعي الجديد الذي بدأ يظهره شبابنا الجدد هذا الوعي تجاوز ثنائية الليبرالي والمطوع في ملعب كرة القدم. ولم تعد تضحكه مباريات فارغة من روح الفكاهة بل هي دوما تراجيديا يرقصون فيها على جثث ضحايا زمن الكوارث.
' كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية