المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انتبه... العدوّ في الداخل



غفوري
01-24-2011, 04:37 PM
قد تدفعك كلمة التهاب إلى التفكير على الأرجح بركبة متورمة بسبب الركض وببثرة منتفخة في وجهك. وهذه بالتأكيد مشاكل عادية تُعالج بالقليل من الثلج أو الأدوية البسيطة. ولكن ثمة نوع آخر من الالتهاب له مفهوم مغاير تماماً: الالتهاب المزمن، اضطراب بطيء صامت لا يتوقف. لا تشعر به ولا يمكنك إجراء الفحوص لاكتشافه. إلا أنه نجح أخيراً في استقطاب اهتمام الخبراء والأطباء، خصوصاً بعدما كشف عدد متزايد من البحوث أن للالتهاب المزمن دخلاً في الأمراض التي تضرب الجسم بعنف.

يوضح الطبيب فرانك ليبمان الاختصاصي في الطب التكاملي ومدير مركز Eleven Eleven Wellness في مدينة نيويورك: «يُعتبر الالتهاب المزمن السبب الكامن وراء أمراض كثيرة». لا يزال العلماء يعملون على اكتشاف طريقة عمل الالتهاب. ولكن إليك ما نعلمه حتى اليوم: تبدأ هذه العملية مع نظام المناعة، أول خط دفاع ضد أنواع الأذى كافة. فعندما تصاب بجرح أو تمرض، يُرسل نقي العظم فريق تدخل سريع حقيقي مؤلفاً من كريات دم بيضاء إلى أصل الالتهاب ويحفّز عمليات الشفاء. لكن نظام المناعة يتلقى أحياناً إشارة استغاثة خاطئة ويبعث بفريق النجدة. فتحتشد هذه الكريات البيضاء كما لو أنها تواجه حقاً مشكلة خطيرة. وبما أن ما من التهاب، ينتهي بها المطاف إلى التنقل بلا هدف لفترة طويلة جداً. تكمن المشكلة في أن جسمك يعجز عن التكيّف مع هذا الخلل في النشاط المناعي. وقد تبدأ هذه الكريات البيضاء في النهاية بالتأثير سلباً على أعضائك الداخلية. كذلك، قد تعمد من دون أي مبرر إلى مهاجمة خلايا أخرى يستخدمها الجسم عادة لدرء المرض، ما يمهّد الطريق أمام أمراض مثل السرطان. لكن المفرح أنك تستطيع تفادي الالتهاب المزمن وسحقه. اقرأ النصائح التالية للتخلّص من هذا الخطر الصامت.

مسبّبات الالتهاب الرئيسة

- الوزن الزائد

عندما يزداد وزنك، من المنطقي أن تنتفخ الخلايا الدهنية في جسمك. ونتيجة هذا الضغط الزائد، قد تقع هذه الخلايا في الحيرة وترسل إشارات استغاثة إلى جهاز المناعة، حسبما يذكر الطبيب جيرالد أولفسكي، اختصاصي في طب الغدد الصماء في جامعة كاليفورنيا بسان دييغو. فيستجيب بعض كريات الدم البيضاء لنداء الاستغاثة هذا. فيهرع إلى الخلايا التي طلبت النجدة ويتسبّب بالتهابها. وبمرور الوقت، يجعل هذا الالتهاب الخلايا السليمة مقاومة للإنسولين (الهرمون الذي ينظم السكر في الدم)، ما يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري. فضلاً عن ذلك، قد تبدأ هذه الكريات البيضاء غير الضرورية بدخول مجرى الدم، مسبّبة في النهاية بتضخّم الكبد.

- الإكثار من الأطعمة التي تحتوي على كمية كبيرة من السكر والنشويات والدهون

تذكر الدكتورة فيكتوريا درايك، باحثة في معهد لينوس بولينغ في جامعة ولاية أوريغون، أننا نزيد خطر الإصابة بالالتهاب (ونتبع نمطاً غذائياً سيئاً) حين نأكل الكثير من الدهون المشبعة والمهدرجة. لا يزال العلماء يعملون على تحديد السبب. لكنهم متأكدون من أن المأكولات التي تلقي بفائض من السكر في مجرى دمك قد تتسبب أيضاً بالالتهاب. مثلاً، كشفت دراسة أسترالية أخيرة أن مؤشرات الالتهاب ترتفع كثيراً بعد ثلاث ساعات من تناول طعام يرفع من معدل السكر في الدم (مثل رقاقات الذرة والكعك والبطاطا المخبوزة).

- التعرّض لنسب مرتفعة من القلق والتوتّر

قد تؤدي المواقف الحرجة غير المتوقعة (مثلاً، عندما يُطلب منك إلقاء خطاب فجأة خلال اجتماع عمل) إلى نوبات من التوتر. وقد رُبطت هذه أخيراً بمستويات الالتهاب المرتفعة. يوضح الدكتور جورج سلافيتش، باحث في علم المناعة العصبي النفسي في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس: «يزداد النشاط الذي يؤدي عادة إلى الالتهاب عندما يتعرض الإنسان للضغوط والتوتر». ويعود ذلك إلى أن أجزاء من الدماغ تُعنى باستشعار الألم تنشط تحت وطأة الضغط الاجتماعي. كذلك، أظهرت دراسات أخرى أجريت حديثاً أن بعض المصابين بتوتر أو قلق او كآبة طويلة الأمد يعاني الالتهاب بشكل منتظم.

- تنشّق هواء فاسد

هل تكره الهواء الملوّث؟ شأنك في ذلك شأن جهاز المناعة في جسمك. أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Environmental Health Perspectives أن احتمال الإصابة بداء السكري يزداد بين النساء اللواتي يعشن في مناطق هواؤها ملوّث، ربما لأن التلوّث يزيد الالتهاب الذي يساهم بدوره في أن تصبح الخلايا مقاومة للإنسولين. لكن الأسوأ من الإقامة قرب طريق مكتظ دوماً بالسيارات هو تنشّق دخان السيجارة. فدخان التبغ يؤذي الرئتين إلى حد أن جهاز المناعة يهرع لإصلاح الضرر الناجم. لكنه يغالي أحياناً في رد فعله. وبدل أن تشفي الكريات البيضاء المريض تهاجمه، متسببة في النهاية بمرض في الرئتين.

أبرز العناصر المقاومة له

- تناول أحماض أوميغا 3 الدهنيّة

تفيد هذه الأحماض قلبك وجهازك العصبي. وقد كشفت دراسات حديثة أن أحماض الأوميغا 3 (الأحماض الدهنية الجيدة المتوافرة في بعض الأسماك، مثل السلمون) بإمكانها كبح لجام كريات الدم البيضاء العنيدة التي تؤدي إلى الإصابة بالالتهاب، وفق أولفسكي. فينصح هذا الطبيب بتناول وجبتين من السمك على الأقل أسبوعياً.

- تناول الفاكهة والخضر

النباتات الحل الأمثل لمكافحة الالتهاب، لأنها تحتوي على كميات كبيرة من العناصر المضادة للالتهاب، مثل المغنيزيوم ومضادات الأكسدة، فضلاً عن الكاروتينويد (الخضاب البرتقالي والأصفر المتوافر في الجزر والقرع والبطاطا الحلوة) والليكوبين (المادة الكيماوية التي تمنح الطماطم والبطيخ لونهما الأحمر). كذلك، يساهم العنب في الحد من الالتهاب نظراً إلى ما يحتويه من مادة الريسفيراترول الشهيرة، وفق دراسة نُشرت أخيراً في مجلة Journal of Clinical Endocrinology and Metabolism. لم يتوصل العلماء بعد إلى معرفة الأسباب التي تجعل النباتات غنية بهذه المواد المفيدة. لكن الأبحاث الأولية تُظهر أن اتباع نمط غذاء شبيه بما يتناوله سكان حوض البحر المتوسط (يضم الكثير من الخضار والفواكه وزيت الزيتون) يساهم في الحد من الإصابة بالالتهاب.

- ممارسة التمارين الرياضية

هل تحتاج إلى سبب إضافي لممارسة الرياضة؟ تظهر الدراسات الباكرة أن للرياضة تأثيراً كبيراً في الحد من الالتهاب، ما يقلل بدوره خطر الإصابة بالسرطان. يذكر الدكتور جفري وودز، بروفسور اختصاصي في علم الحركة الجسدية في جامعة إيلينوي بمنطقة أوربانا- شامباين: «من الضروري التمرن مدة 45 إلى 50 دقيقة يومياً طوال معظم أيام الأسبوع». كذلك، يشير وودز إلى أن على الجميع ممارسة الرياضة، بغض النظر عن وزنهم. فإن كان جسمك نحيلاً ورشيقاً، فهذا لا يعني أنك لست مصاباً بالالتهاب. ولكن إن كنت تحاول خسارة بعض الوزن، فإليك حافزاً إضافياً: تقلّص الرياضة الخلايا الدهنية، ما يقلل من خطر الإصابة بالالتهاب من خلال تهدئة جهاز المناعة.

- تحسين المزاج

حسّن مزاجك. يستطيع مَن يعاني القلق أو التوتر أو الكآبة الحد من احتمال إصابته بالالتهاب بمعالجته حالته النفسية. كشفت دراسة أخيرة نُشرت في مجلة Psychosomatic Medicine أن احتمال الإصابة بالالتهاب شهد تراجعاً كبيراً في حالة النساء المكتئبات اللواتي تلقينا العلاج ربما لأنهن قللن من توترهن، حسبما تفيد الدكتورة بربارا أندرسون، طبيبة نفسية من جامعة ولاية أوهايو. ويؤكد سلافيتش أن الحد من مختلف أنواع التوتر يساهم في القضاء على الالتهاب المزمن. لذلك، عوض التفكير في الأسوأ («سأخفق في الامتحان» أو «لن أنجح في الوصول في الموعد المحدد»)، ينصح هذا الدكتور بالحفاظ على توازن جهاز المناعة بالتنفّس عميقاً وتجاهل الأفكار السلبية.