لمياء
01-09-2011, 11:58 PM
http://www.aawsat.com/2011/01/08/images/food1.602819.jpg
بائعات الخبز يكتسحن الأسواق
أبها: فاتن الشهري
تزدان المائدة في جنوب السعودية بخبز الميفا أو التنور كما يسميه البعض، إلى جانب العسل الطبيعي الذي يشهد كل منهما ارتفاعا في الأسعار خلال مواسم معينة من السنة، وذلك لما لهما من خصوصية شكلها التراث وجذب ذائقة بعض النساء من الجاليات العربية لينشدن عن سر صناعته وطريقة خبزه, لينتقل خبز الميفا إلى مرحلة البيع والشراء معلنا عن وجه تجاري آخر يعزز قيم التراث في جنوب السعودية.
وعلى ذلك يقول الدكتور مبارك المطلقة مدير الشؤون الزراعية وعضو في الهيئة السياحية: «أصبحت مهنة بيع خبز التنور وصناعته لا تقتصر على السيدات في عسير، بل امتدت لتطال شبابنا؛ فنجد مجموعة من الفتية صغار السن يقفون على قارعة الطريق ليبيعوا ما تصنعه أيدي أمهاتهم والبعض تعلم الصنعة وأصبح يتقنها ليعود بمردود مالي يكفيه وأسرته.
وأضاف: «إن أهالي تلك المناطق، وفي أغلب المناسبات التي يقيمونها, يستعدون لعرض الجديد من محاصيلهم الزراعية ومنتجاتهم المنزلية من مأكولات شعبية، التي يعود سبب الإقبال الشديد عليها إلى ثقة المصطاف أو المشتري بطريقة الإعداد لها، باعتبار أن من قام على صنعها سيدات عسيريات يتقن الصنعة وتحديدا الأكلات الشعبية».
فالمنطقة، بحسب قوله، تحرص دوما على وجود مثل هذه الظاهرة الصحية والسياحية كعامل جذب قوي يقبل عليه السائح والمصطاف، بالإضافة إلى إبراز المنطقة ضمن إطار يجسد موقعها الجغرافي وطبيعتها التراثية، التي تجلت من خلال ما يباع من أكلات شعبية مختلفة, وأبان المطلقة أن هذه النشاطات الاقتصادية والسياحية تصنف ضمن قمة اهتمامات الجهة الزراعية والسياحية، وذلك من خلال تطويرها والإكثار منها، والسبب يعود إلى أن عددا كبيرا من الشباب والسيدات كبيرات السن يستفدن منها ماديا وعمليا، مما يسهم في استثمارهم لأراضيهم وإمكانياتهم استثمارا صحيحا يؤمن لهم وللمنطقة مصادر غذائية سليمة وعملا مجزيا ماديا.
التقت «الشرق الأوسط» ببائعات الخبز اللاتي اكتسحن الأسواق الرمضانية وبصور متعددة؛ فترى بجانب كل منهن مطارح يضعن بداخلها الفطير بعد الانتهاء من إعداده ليتهافت عليه المشترون قبل نفاد الكمية، حيث أكدت سعدة سالم (تعمل في بيع خبز الميفا) أن اختلاف المنتجات الحالية من الخبز، والتطور الحاصل في صناعته لم يثنِ السيدة في منطقة عسير عن التمسك بصناعة خبز التنور، الذي يحدد، وبحسب قولها، مدى براعة المرأة العسيرية في إتقان هذا النوع من الخبز المفضل بين أبناء المنطقة الجنوبية بشكل عام، وأضافت: «يلقى خبز التنور إقبالا شديدا من قبل المشتري ليرتفع سعر الرغيف الواحد من 3 إلى 4 ريالات. كما أن هذا النوع من الخبز يقدم في الولائم العائلية والمناسبات الاجتماعية ليحتل الأفضلية على السفرة العسيرية بجانب مختلف أصناف الأكل المتوفرة».
وتشاركها الرأي أم حسين قائلة: إتقان خبز التنور يحتاج إلى خبرة وعمل مضنٍ؛ فهي أكلة توارثناها عن أمهاتنا وجداتنا حيث كان مصدرا من مصادر القوت قديما. وعن طريقة عمل خبز التنور تقول أم حسين ينخل الدقيق الأسمر والأبيض ويضاف إليه الملح والخميرة، ثم يصب عليه الماء ويعجن حتى تتكون لدينا عجينة قاسية نوعا ما، ثم تترك لتتخمر 3 ساعات تقريبا، وبعد أن تخمر العجينة يؤخذ منها قطعة بحجم كرة صغيرة وتفرد أطرافها باليد حتى تأخذ الشكل المستطيل، ومن ثم تلصق في أطراف التنور أو الميفا أو الموسم باختلاف المسميات عند أبناء المنطقة الجنوبية، الذي يصنع عادة من الفخار ويسخن بالحطب، ثم تغطى فوهة الفرن ويترك الخبز حتى ينضج، وبعد نزعه ونضجه يقدم مع السمن والعسل، والبعض يفضله مع اللبن.
وفي شأن متصل، تذكر السيدة فاطمة جابر (بائعة في سوق الثلاثاء) أن أغلب السيدات يحرصن على عرض منتجاتهن داخل سوق الثلاثاء لما يشهده هذا السوق من إقبال ملفت لمثل تلك الأكلات الشعبية, وحول اختلاف المسميات تقول السيدة فاطمة هناك مسميات مختلفة تطلق على الخبز، ومنها خبز البر وبر الخمير والدوح وغيرها من المسميات.
كما أكدت أن المأكولات الشعبية العسيرية تلقى رواجا بين الجنسيات الوافدة، فهناك سيدات من الجنسية المصرية والسورية يحرصن على شراء هذا النوع من الخبز ليضاف إلى المائدة العربية.
وفي السياق ذاته، أكد بعض الشباب صغار السن أن بيع خبز التنور لم يعد حكرا على النساء؛ فهم يفترشون قارعة الطرق وهم محملون بخبز التنور وبعض المأكولات التي يفضلها أبناء المنطقة، كاللحوح والحلبة وبعض أنواع السمبوسة مختلفة الحشو.
يقول سعد عسيري (12 سنة) بائع: «تحضر والدتي أصنافا مختلفة من المأكولات التي يفضلها أبناء منطقة عسير، كخبز التنور، بعدد 25 قرصا، واللحوح، وأنواع أخرى من السمبوسة، وبعد أن تجهز نخرج لبيعها على المارة من السياح وأبناء المنطقة، فهي (وبحسب قوله) تلقى إقبالا كبيرا من قبل المشترين، حتى إننا نعود لمنازلنا مبكرا، والسبب في ذلك هو نفاد الكمية».
وبالعودة إلى الدكتور مبارك المطلقة، شدد من خلال حديثة على أهمية تشجيع الشباب وترغيبهم في مثل هذه المهن التي تعود عليهم بمردود مالي وتثري مداركهم حول كنوز أرضهم الطبيعية وما تقدمه أيديهم, وبذلك (وبحسب قوله) نكون قلصنا نسبة البطالة، وإن كان ذلك لفترة موسمية, وأضاف أنه بذلك يتم تحقيق أحد أهم أهداف التوعية المهنية لدى شبابنا من خلال تعريفهم بما تنعم به منطقتهم، وضرورة استثمار طاقاتهم المهدرة بشكل يخدم إمكانياتهم. خاصة أن مثل هذه الوظائف والأعمال لا تحتاج إلى رأسمال كبير أو إلى مهارات متميزة أو تدريبات متقدمة.
وحول بعض الدراسات والتقارير الحديثة، التي تصب في تطوير واستثمار مثل هذه النشاطات الفردية، يؤكد الدكتور مبارك أن هناك بحوثا ودراسات تسهم في إنشاء وتطوير أماكن البيع الحالية بشكل حضاري يواكب الرسالة الحقيقية للسياحة والمفهوم الاقتصادي الذاتي لمنطقة عسير، ويسهل على الفئة المستهدفة عرض بضائعهم ومنتجاتهم وفق المنظر الحضاري للمنطقة من حيث شكلها الخارجي وأماكن وجودها.
وأضاف أن هناك جهودا قائمة تهدف إلى تقليص حجم التعقيدات الإدارية من حيث استخراج التصاريح, حتى لا تشكل عقبة في وجه الشاب الراغب في العمل أو المستثمر، فالشاب يعتبر ثروة كبيرة داخل أي دول في العالم، لذا لا بد من الأخذ بيده وتعزيز طموحه من خلال تذليل الصعوبات وتوفير التسهيلات له.
بائعات الخبز يكتسحن الأسواق
أبها: فاتن الشهري
تزدان المائدة في جنوب السعودية بخبز الميفا أو التنور كما يسميه البعض، إلى جانب العسل الطبيعي الذي يشهد كل منهما ارتفاعا في الأسعار خلال مواسم معينة من السنة، وذلك لما لهما من خصوصية شكلها التراث وجذب ذائقة بعض النساء من الجاليات العربية لينشدن عن سر صناعته وطريقة خبزه, لينتقل خبز الميفا إلى مرحلة البيع والشراء معلنا عن وجه تجاري آخر يعزز قيم التراث في جنوب السعودية.
وعلى ذلك يقول الدكتور مبارك المطلقة مدير الشؤون الزراعية وعضو في الهيئة السياحية: «أصبحت مهنة بيع خبز التنور وصناعته لا تقتصر على السيدات في عسير، بل امتدت لتطال شبابنا؛ فنجد مجموعة من الفتية صغار السن يقفون على قارعة الطريق ليبيعوا ما تصنعه أيدي أمهاتهم والبعض تعلم الصنعة وأصبح يتقنها ليعود بمردود مالي يكفيه وأسرته.
وأضاف: «إن أهالي تلك المناطق، وفي أغلب المناسبات التي يقيمونها, يستعدون لعرض الجديد من محاصيلهم الزراعية ومنتجاتهم المنزلية من مأكولات شعبية، التي يعود سبب الإقبال الشديد عليها إلى ثقة المصطاف أو المشتري بطريقة الإعداد لها، باعتبار أن من قام على صنعها سيدات عسيريات يتقن الصنعة وتحديدا الأكلات الشعبية».
فالمنطقة، بحسب قوله، تحرص دوما على وجود مثل هذه الظاهرة الصحية والسياحية كعامل جذب قوي يقبل عليه السائح والمصطاف، بالإضافة إلى إبراز المنطقة ضمن إطار يجسد موقعها الجغرافي وطبيعتها التراثية، التي تجلت من خلال ما يباع من أكلات شعبية مختلفة, وأبان المطلقة أن هذه النشاطات الاقتصادية والسياحية تصنف ضمن قمة اهتمامات الجهة الزراعية والسياحية، وذلك من خلال تطويرها والإكثار منها، والسبب يعود إلى أن عددا كبيرا من الشباب والسيدات كبيرات السن يستفدن منها ماديا وعمليا، مما يسهم في استثمارهم لأراضيهم وإمكانياتهم استثمارا صحيحا يؤمن لهم وللمنطقة مصادر غذائية سليمة وعملا مجزيا ماديا.
التقت «الشرق الأوسط» ببائعات الخبز اللاتي اكتسحن الأسواق الرمضانية وبصور متعددة؛ فترى بجانب كل منهن مطارح يضعن بداخلها الفطير بعد الانتهاء من إعداده ليتهافت عليه المشترون قبل نفاد الكمية، حيث أكدت سعدة سالم (تعمل في بيع خبز الميفا) أن اختلاف المنتجات الحالية من الخبز، والتطور الحاصل في صناعته لم يثنِ السيدة في منطقة عسير عن التمسك بصناعة خبز التنور، الذي يحدد، وبحسب قولها، مدى براعة المرأة العسيرية في إتقان هذا النوع من الخبز المفضل بين أبناء المنطقة الجنوبية بشكل عام، وأضافت: «يلقى خبز التنور إقبالا شديدا من قبل المشتري ليرتفع سعر الرغيف الواحد من 3 إلى 4 ريالات. كما أن هذا النوع من الخبز يقدم في الولائم العائلية والمناسبات الاجتماعية ليحتل الأفضلية على السفرة العسيرية بجانب مختلف أصناف الأكل المتوفرة».
وتشاركها الرأي أم حسين قائلة: إتقان خبز التنور يحتاج إلى خبرة وعمل مضنٍ؛ فهي أكلة توارثناها عن أمهاتنا وجداتنا حيث كان مصدرا من مصادر القوت قديما. وعن طريقة عمل خبز التنور تقول أم حسين ينخل الدقيق الأسمر والأبيض ويضاف إليه الملح والخميرة، ثم يصب عليه الماء ويعجن حتى تتكون لدينا عجينة قاسية نوعا ما، ثم تترك لتتخمر 3 ساعات تقريبا، وبعد أن تخمر العجينة يؤخذ منها قطعة بحجم كرة صغيرة وتفرد أطرافها باليد حتى تأخذ الشكل المستطيل، ومن ثم تلصق في أطراف التنور أو الميفا أو الموسم باختلاف المسميات عند أبناء المنطقة الجنوبية، الذي يصنع عادة من الفخار ويسخن بالحطب، ثم تغطى فوهة الفرن ويترك الخبز حتى ينضج، وبعد نزعه ونضجه يقدم مع السمن والعسل، والبعض يفضله مع اللبن.
وفي شأن متصل، تذكر السيدة فاطمة جابر (بائعة في سوق الثلاثاء) أن أغلب السيدات يحرصن على عرض منتجاتهن داخل سوق الثلاثاء لما يشهده هذا السوق من إقبال ملفت لمثل تلك الأكلات الشعبية, وحول اختلاف المسميات تقول السيدة فاطمة هناك مسميات مختلفة تطلق على الخبز، ومنها خبز البر وبر الخمير والدوح وغيرها من المسميات.
كما أكدت أن المأكولات الشعبية العسيرية تلقى رواجا بين الجنسيات الوافدة، فهناك سيدات من الجنسية المصرية والسورية يحرصن على شراء هذا النوع من الخبز ليضاف إلى المائدة العربية.
وفي السياق ذاته، أكد بعض الشباب صغار السن أن بيع خبز التنور لم يعد حكرا على النساء؛ فهم يفترشون قارعة الطرق وهم محملون بخبز التنور وبعض المأكولات التي يفضلها أبناء المنطقة، كاللحوح والحلبة وبعض أنواع السمبوسة مختلفة الحشو.
يقول سعد عسيري (12 سنة) بائع: «تحضر والدتي أصنافا مختلفة من المأكولات التي يفضلها أبناء منطقة عسير، كخبز التنور، بعدد 25 قرصا، واللحوح، وأنواع أخرى من السمبوسة، وبعد أن تجهز نخرج لبيعها على المارة من السياح وأبناء المنطقة، فهي (وبحسب قوله) تلقى إقبالا كبيرا من قبل المشترين، حتى إننا نعود لمنازلنا مبكرا، والسبب في ذلك هو نفاد الكمية».
وبالعودة إلى الدكتور مبارك المطلقة، شدد من خلال حديثة على أهمية تشجيع الشباب وترغيبهم في مثل هذه المهن التي تعود عليهم بمردود مالي وتثري مداركهم حول كنوز أرضهم الطبيعية وما تقدمه أيديهم, وبذلك (وبحسب قوله) نكون قلصنا نسبة البطالة، وإن كان ذلك لفترة موسمية, وأضاف أنه بذلك يتم تحقيق أحد أهم أهداف التوعية المهنية لدى شبابنا من خلال تعريفهم بما تنعم به منطقتهم، وضرورة استثمار طاقاتهم المهدرة بشكل يخدم إمكانياتهم. خاصة أن مثل هذه الوظائف والأعمال لا تحتاج إلى رأسمال كبير أو إلى مهارات متميزة أو تدريبات متقدمة.
وحول بعض الدراسات والتقارير الحديثة، التي تصب في تطوير واستثمار مثل هذه النشاطات الفردية، يؤكد الدكتور مبارك أن هناك بحوثا ودراسات تسهم في إنشاء وتطوير أماكن البيع الحالية بشكل حضاري يواكب الرسالة الحقيقية للسياحة والمفهوم الاقتصادي الذاتي لمنطقة عسير، ويسهل على الفئة المستهدفة عرض بضائعهم ومنتجاتهم وفق المنظر الحضاري للمنطقة من حيث شكلها الخارجي وأماكن وجودها.
وأضاف أن هناك جهودا قائمة تهدف إلى تقليص حجم التعقيدات الإدارية من حيث استخراج التصاريح, حتى لا تشكل عقبة في وجه الشاب الراغب في العمل أو المستثمر، فالشاب يعتبر ثروة كبيرة داخل أي دول في العالم، لذا لا بد من الأخذ بيده وتعزيز طموحه من خلال تذليل الصعوبات وتوفير التسهيلات له.