غفوري
01-08-2011, 11:52 AM
مطران الكلدان: نستقبل من 10 إلى 15 عائلة أسبوعيا
بيروت: بولا أسطيح
س. ر، 31 عاما، عراقي مسيحي، دخل لبنان منذ أشهر بطريقة غير شرعية عبر الأراضي السورية، يعمل في إحدى المطابع في بيروت 14 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع ليتقاضى 400 دولار أميركي نهاية الشهر، يدفع 250 دولارا منها إيجار القبو الذي يسكن به ويحاول أن يقسم ما تبقى له على مصاريف المأكل والملبس. أمنيته الكبرى لعام 2011 الهجرة إلى أوروبا أو أميركا.
أمنية تشاركه فيها الأكثرية الساحقة من العراقيين المسيحيين اللاجئين في لبنان، الذين يقدر عددهم بـ1400 عائلة متمركزة في مناطق سد البوشرية، الزعيترية، الدكوانة، جونية وساحل علما.
وبما أن معظم مسيحيي العراق من الطائفة الكلدانية، فقد وجدت الكنيسة الكلدانية في لبنان نفسها أمام أمر واقع يرتب عليها مسؤوليات جمة لجهة مساعدة العائلات الوافدة من العراق، التي يرتفع عددها أسبوعيا. ويقول المطران ميشال قصارجي، رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان، لـ«الشرق الأوسط»: «يصل أسبوعيا إلى لبنان ما بين 10 و15 عائلة مسيحية عراقية هربا من العنف هناك، وكل توقعاتنا تؤكد أن هذا العدد في ارتفاع خلال الأيام المقبلة، لأن قسما كبيرا من العائلات العراقية حزمت حقائبها ولكنها لم تقرر بعد وجهتها».
وقد هجرت معظم العائلات الموجودة في لبنان من مناطق الموصل وأربيل ومناطق سهل نينوى مثل: بغديدا، كرمليش، برطلة، تلسقف والقوش.
وتعتبر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كل العراقيين الذين فروا من جنوب العراق ووسطه طلبا للجوء في لبنان، أو في أي مكان آخر في منطقة الشرق الأوسط، لاجئين. إلا أن لبنان ليس طرفا في اتفاقية عام 1951 للاجئين، ولا يعتبر اعتراف المفوضية باللاجئين العراقيين نافذا، تبعا للقانون اللبناني. وتعامل السلطات اللبنانية كل العراقيين الذين يدخلون أو يقيمون في لبنان بشكل غير قانوني كمهاجرين غير شرعيين، بغض النظر عن نيتهم السعي لطلب اللجوء. ولهذا يتعرض اللاجئون العراقيون للاعتقال والغرامات والاحتجاز من قبل السلطات اللبنانية.
وكان المطران قصارجي، بالتعاون مع الرابطة السريانية قد تقدم بمذكرة لوزير الداخلية زياد بارود، تضمنت مجموعة من المطالب لتأمين عيش كريم للاجئين، وأبرزها عدم تسمية هؤلاء «لاجئين»، بل مواطنين عراقيين في لبنان، وأن تصدر الوزارة بطاقة خاصة للعراقيين تجدد كل سنة والإعفاء من الرسوم المتعلقة بالإقامة، وعدم توقيف الداخلين خلسة، ومن ثم إصدار تعاميم إلى الوزارات المختصة (التربية والصحة خاصة) بمعاملة خاصة لهؤلاء وقبولهم في المدارس وفي المستشفيات الرسمية. وأن يكون الهدف الأول هو إعادتهم إلى بلادهم حين تسمح الظروف والتنسيق في هذا الاتجاه مع السلطات العراقية.
ويمكن القول إن أعداد المسيحيين النازحين ارتفع بشكل لافت بعد الهجوم الذي استهدف كنيسة «سيدة النجاة» في بغداد في 31 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، الذي أسفر عن سقوط 70 قتيلا، بينهم 53 من المسيحيين. وقد أعقب هذا التفجير الكثير من الهجمات التي استهدفت المسيحيين في كل من بغداد والموصل، أكبر مدن محافظة «نينوى».
ويحدد المكتب الإعلامي في مفوضية الأمم المتحدة في بيروت عدد العراقيين الطالبين للجوء والمسجلين في المفوضية بـ8000 شخص، منهم 3400 مسيحي، كاشفا لـ«الشرق الأوسط» أنه «وبعد التفجيرات الأخيرة التي استهدفت المسيحيين في العراق اتجه القسم الأكبر منهم نحو الأردن وسورية، إذ إن عدد المسيحيين العراقيين الذين طلبوا اللجوء إلى لبنان في عام 2009 بلغ 69 في المائة بينما نسبتهم في عام 2010 لم تتجاوز الـ63 في المائة».
وتؤكد المفوضية أنها مستمرة في توفير الحماية وتقديم المساعدات القانونية والإنسانية والاجتماعية للاجئين العراقيين، لافتة إلى أن «أكبر مشكلة تواجهها اليوم هي عدم توقيع لبنان على اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين، وبالتالي اعتبار أن غالبيتهم موجودون على الأراضي اللبنانية بتجاوز للقانون».
ويتوقع المطران قصارجي أن يهاجر معظم المسحيين الموجودين بلبنان في القريب العاجل، لافتا إلى أن أميركا تتصدر لائحة الدول المستضيفة للعراقيين، وبالتحديد ولاية كاليفورنيا تليها أستراليا وكندا.
وبينما تؤكد الإحصاءات أن مسيحيي العراق يفضلون الإقامة في لبنان إذا خيروا بينه وبين باقي الدول العربية، فتكشف سمر أبو عسلي، المساعدة الاجتماعية التابعة للهيئة الطبية الدولية، التي تعايش مسيحيي العراق الموجودين في لبنان يوميا، عن حجم المأساة التي تلاحقهم وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «من عنف العراق إلى عذاب لبنان، مأساة متواصلة يعيشها العراقيون الذين يعيشون في ظروف اجتماعية وإنسانية مذرية. علما بأن قسما كبيرا منهم يعاني من أمراض نفسية ومن داء الصرع». وتجزم أبو عسلي قائلة: «كوني على ثقة بأنه ليس هناك أي مسيحي ترك العراق يرغب في العودة إليه. فما عانوه هناك لم تعانه مجموعة إنسانية من قبل. فمع كل الرفض الذي يلاقونه في لبنان، خاصة من السلطات والأمن العام فإنهم يفضلون العيش هنا على الموت هناك».
وتستغرب أبو عسلي التضييق الذي يمارسه الأمن العام على اللاجئين المسيحيين وتضيف: «يتم استغلال اللاجئين العراقيين بطريقة لا إنسانية، فإن تمكن هؤلاء من الحصول على عمل، يتم تشغيلهم يوميا أكثر من 15 ساعة ولا يعطون يوم إجازة. رواتبهم أدنى وبكثير من الحد الأدنى، وفوق كل ذلك يتعرضون للسرقة فيدخل عليهم السارقون وهم يرتدون لباس قوى الأمن لسلبهم ما بحوزتهم».
ويعمل المسيحيون العراقيون في المجمعات التجارية الكبيرة في التنظيف والتحميل أو كنواطير للمباني أو في جمع النفايات أو في المطابع. ويقول ف. ن، 45 عاما، عراقي مسيحي يحرس أحد المباني في منطقة البوشرية: «لن أعود إلى العراق حتى ولو استتب الأمن، إذ إنني بت أكره بلادي بعد أن رأيت إخوتي في الوطن يضعون السيف على رقبة ابني الصغير الذي لم يتجاوز الثامنة من عمره ويهددون بقتله إذا لم أغادر. أتوق للهجرة إلى أوروبا إلى دولة تحترم الإنسان وحيث أعيش بسلام مع أسرتي وهذا كل ما أطلبه في هذه الحياة».
بيروت: بولا أسطيح
س. ر، 31 عاما، عراقي مسيحي، دخل لبنان منذ أشهر بطريقة غير شرعية عبر الأراضي السورية، يعمل في إحدى المطابع في بيروت 14 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع ليتقاضى 400 دولار أميركي نهاية الشهر، يدفع 250 دولارا منها إيجار القبو الذي يسكن به ويحاول أن يقسم ما تبقى له على مصاريف المأكل والملبس. أمنيته الكبرى لعام 2011 الهجرة إلى أوروبا أو أميركا.
أمنية تشاركه فيها الأكثرية الساحقة من العراقيين المسيحيين اللاجئين في لبنان، الذين يقدر عددهم بـ1400 عائلة متمركزة في مناطق سد البوشرية، الزعيترية، الدكوانة، جونية وساحل علما.
وبما أن معظم مسيحيي العراق من الطائفة الكلدانية، فقد وجدت الكنيسة الكلدانية في لبنان نفسها أمام أمر واقع يرتب عليها مسؤوليات جمة لجهة مساعدة العائلات الوافدة من العراق، التي يرتفع عددها أسبوعيا. ويقول المطران ميشال قصارجي، رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان، لـ«الشرق الأوسط»: «يصل أسبوعيا إلى لبنان ما بين 10 و15 عائلة مسيحية عراقية هربا من العنف هناك، وكل توقعاتنا تؤكد أن هذا العدد في ارتفاع خلال الأيام المقبلة، لأن قسما كبيرا من العائلات العراقية حزمت حقائبها ولكنها لم تقرر بعد وجهتها».
وقد هجرت معظم العائلات الموجودة في لبنان من مناطق الموصل وأربيل ومناطق سهل نينوى مثل: بغديدا، كرمليش، برطلة، تلسقف والقوش.
وتعتبر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كل العراقيين الذين فروا من جنوب العراق ووسطه طلبا للجوء في لبنان، أو في أي مكان آخر في منطقة الشرق الأوسط، لاجئين. إلا أن لبنان ليس طرفا في اتفاقية عام 1951 للاجئين، ولا يعتبر اعتراف المفوضية باللاجئين العراقيين نافذا، تبعا للقانون اللبناني. وتعامل السلطات اللبنانية كل العراقيين الذين يدخلون أو يقيمون في لبنان بشكل غير قانوني كمهاجرين غير شرعيين، بغض النظر عن نيتهم السعي لطلب اللجوء. ولهذا يتعرض اللاجئون العراقيون للاعتقال والغرامات والاحتجاز من قبل السلطات اللبنانية.
وكان المطران قصارجي، بالتعاون مع الرابطة السريانية قد تقدم بمذكرة لوزير الداخلية زياد بارود، تضمنت مجموعة من المطالب لتأمين عيش كريم للاجئين، وأبرزها عدم تسمية هؤلاء «لاجئين»، بل مواطنين عراقيين في لبنان، وأن تصدر الوزارة بطاقة خاصة للعراقيين تجدد كل سنة والإعفاء من الرسوم المتعلقة بالإقامة، وعدم توقيف الداخلين خلسة، ومن ثم إصدار تعاميم إلى الوزارات المختصة (التربية والصحة خاصة) بمعاملة خاصة لهؤلاء وقبولهم في المدارس وفي المستشفيات الرسمية. وأن يكون الهدف الأول هو إعادتهم إلى بلادهم حين تسمح الظروف والتنسيق في هذا الاتجاه مع السلطات العراقية.
ويمكن القول إن أعداد المسيحيين النازحين ارتفع بشكل لافت بعد الهجوم الذي استهدف كنيسة «سيدة النجاة» في بغداد في 31 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، الذي أسفر عن سقوط 70 قتيلا، بينهم 53 من المسيحيين. وقد أعقب هذا التفجير الكثير من الهجمات التي استهدفت المسيحيين في كل من بغداد والموصل، أكبر مدن محافظة «نينوى».
ويحدد المكتب الإعلامي في مفوضية الأمم المتحدة في بيروت عدد العراقيين الطالبين للجوء والمسجلين في المفوضية بـ8000 شخص، منهم 3400 مسيحي، كاشفا لـ«الشرق الأوسط» أنه «وبعد التفجيرات الأخيرة التي استهدفت المسيحيين في العراق اتجه القسم الأكبر منهم نحو الأردن وسورية، إذ إن عدد المسيحيين العراقيين الذين طلبوا اللجوء إلى لبنان في عام 2009 بلغ 69 في المائة بينما نسبتهم في عام 2010 لم تتجاوز الـ63 في المائة».
وتؤكد المفوضية أنها مستمرة في توفير الحماية وتقديم المساعدات القانونية والإنسانية والاجتماعية للاجئين العراقيين، لافتة إلى أن «أكبر مشكلة تواجهها اليوم هي عدم توقيع لبنان على اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين، وبالتالي اعتبار أن غالبيتهم موجودون على الأراضي اللبنانية بتجاوز للقانون».
ويتوقع المطران قصارجي أن يهاجر معظم المسحيين الموجودين بلبنان في القريب العاجل، لافتا إلى أن أميركا تتصدر لائحة الدول المستضيفة للعراقيين، وبالتحديد ولاية كاليفورنيا تليها أستراليا وكندا.
وبينما تؤكد الإحصاءات أن مسيحيي العراق يفضلون الإقامة في لبنان إذا خيروا بينه وبين باقي الدول العربية، فتكشف سمر أبو عسلي، المساعدة الاجتماعية التابعة للهيئة الطبية الدولية، التي تعايش مسيحيي العراق الموجودين في لبنان يوميا، عن حجم المأساة التي تلاحقهم وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «من عنف العراق إلى عذاب لبنان، مأساة متواصلة يعيشها العراقيون الذين يعيشون في ظروف اجتماعية وإنسانية مذرية. علما بأن قسما كبيرا منهم يعاني من أمراض نفسية ومن داء الصرع». وتجزم أبو عسلي قائلة: «كوني على ثقة بأنه ليس هناك أي مسيحي ترك العراق يرغب في العودة إليه. فما عانوه هناك لم تعانه مجموعة إنسانية من قبل. فمع كل الرفض الذي يلاقونه في لبنان، خاصة من السلطات والأمن العام فإنهم يفضلون العيش هنا على الموت هناك».
وتستغرب أبو عسلي التضييق الذي يمارسه الأمن العام على اللاجئين المسيحيين وتضيف: «يتم استغلال اللاجئين العراقيين بطريقة لا إنسانية، فإن تمكن هؤلاء من الحصول على عمل، يتم تشغيلهم يوميا أكثر من 15 ساعة ولا يعطون يوم إجازة. رواتبهم أدنى وبكثير من الحد الأدنى، وفوق كل ذلك يتعرضون للسرقة فيدخل عليهم السارقون وهم يرتدون لباس قوى الأمن لسلبهم ما بحوزتهم».
ويعمل المسيحيون العراقيون في المجمعات التجارية الكبيرة في التنظيف والتحميل أو كنواطير للمباني أو في جمع النفايات أو في المطابع. ويقول ف. ن، 45 عاما، عراقي مسيحي يحرس أحد المباني في منطقة البوشرية: «لن أعود إلى العراق حتى ولو استتب الأمن، إذ إنني بت أكره بلادي بعد أن رأيت إخوتي في الوطن يضعون السيف على رقبة ابني الصغير الذي لم يتجاوز الثامنة من عمره ويهددون بقتله إذا لم أغادر. أتوق للهجرة إلى أوروبا إلى دولة تحترم الإنسان وحيث أعيش بسلام مع أسرتي وهذا كل ما أطلبه في هذه الحياة».