yasmeen
01-05-2011, 07:46 AM
كتب غسان سليمان العتيبي : القبس
التقيت بعدد غير قليل من الكويتيين المتقاعدين في مصر ولبنان، وعلمت أنهم يقيمون إقامة دائمة في هذين البلدين الهادئين، فاندهشت حقيقة، ورحت اطرح الاسئلة كي أعلم السر الخفي وراء تركهم ديارهم ومكوثهم في اوطان غير اوطانهم! فأخبرني الاول أنه يتقاضى معاشا تقاعديا ألف دينار.. يتكلم وفي صوته نبرة حزينة، وفي عينه عبرة ثمينة.. ويقول إن الألف دينار هذه لا تكفي للوفاء بأقل القليل بعد الغلاء الفاحش، فلو انك تحيا حياة متوسطة يكفيك الألف ايجارا لسكن، ولك ان تدبر امورك في المأكل والملبس واجور الخدم ومصروفات الاولاد. ويكمل: في المقابل أنت تستطيع أن تعيش بالألف دينار نفسها ملكا في مكان مثل مصر أو لبنان.. فبإمكانك أن تستأجر فيللا بمائة وخمسين دينارا، وسائقا بخمسة وعشرين دينارا، وان يكون لديك الخدم ومن يسعى على راحتك في كل موضع قدم.
اما الثاني فهو يملك من الاموال الكثير، ولكن نظرا لارتفاع الاسعار، وما تتطلبه اقامة المشاريع في الكويت من اموال، قرر ان يستثمر في بلد آخر، فتكلفة الاستثمار اقل، على حد قوله، والعائد اكبر.
وحقيقة هذه كارثة، ويجب على حكومتنا الذكية ان تتنبه، وان تأخذ حذرها قبل ان يرحل عنها رجالها، ففي الماضي كان من يتقاضى الف دينار يعتبر رجلا ثريا، فكيف وصلت بنا الحال الى ان من يتقاضى الف دينار يعد من الفقراء الكادحين؟ وكيف يفقد الوطن جاذبيته حتى يستثمر مواطنه في ارض غير ارضه؟
يحتاج الامر الى اعادة هيكلة وتنظيم، وان ينظر سكان القصور واصحاب اليخوت المنتشرة في البحور الى ذوي الدخل المحدود، والى الفقراء من ابناء الشعب، فعار على دولة كالكويت تملك كل تلك الثروات، وفيها فقراء، واناس اصابهم الاعياء.. حتى عجزوا عن الحياة في اوطانهم، فتركوها ورحلوا، اما الى لبنان بلد السحر والجمال، لبنان «تلك الفتاة الخجلى»، ومن اسميته في مقالي بالفتاة العذراء، صاحبة الحياء.. او يرحلون الى بلد الكنانة، ليشاهدوا التراث والثقافة والحضارة.. من نيل عظيم، واهرام شامخة منذ سنين.. لا عجب في ان نذهب ونرى، لكن العجب في ان نقطن هذه الاوطان.. ونترك كويتنا مفخرة الزمان وبلد الامان.
غسان سليمان العتيبي
gotaibi@yahoo.com
التقيت بعدد غير قليل من الكويتيين المتقاعدين في مصر ولبنان، وعلمت أنهم يقيمون إقامة دائمة في هذين البلدين الهادئين، فاندهشت حقيقة، ورحت اطرح الاسئلة كي أعلم السر الخفي وراء تركهم ديارهم ومكوثهم في اوطان غير اوطانهم! فأخبرني الاول أنه يتقاضى معاشا تقاعديا ألف دينار.. يتكلم وفي صوته نبرة حزينة، وفي عينه عبرة ثمينة.. ويقول إن الألف دينار هذه لا تكفي للوفاء بأقل القليل بعد الغلاء الفاحش، فلو انك تحيا حياة متوسطة يكفيك الألف ايجارا لسكن، ولك ان تدبر امورك في المأكل والملبس واجور الخدم ومصروفات الاولاد. ويكمل: في المقابل أنت تستطيع أن تعيش بالألف دينار نفسها ملكا في مكان مثل مصر أو لبنان.. فبإمكانك أن تستأجر فيللا بمائة وخمسين دينارا، وسائقا بخمسة وعشرين دينارا، وان يكون لديك الخدم ومن يسعى على راحتك في كل موضع قدم.
اما الثاني فهو يملك من الاموال الكثير، ولكن نظرا لارتفاع الاسعار، وما تتطلبه اقامة المشاريع في الكويت من اموال، قرر ان يستثمر في بلد آخر، فتكلفة الاستثمار اقل، على حد قوله، والعائد اكبر.
وحقيقة هذه كارثة، ويجب على حكومتنا الذكية ان تتنبه، وان تأخذ حذرها قبل ان يرحل عنها رجالها، ففي الماضي كان من يتقاضى الف دينار يعتبر رجلا ثريا، فكيف وصلت بنا الحال الى ان من يتقاضى الف دينار يعد من الفقراء الكادحين؟ وكيف يفقد الوطن جاذبيته حتى يستثمر مواطنه في ارض غير ارضه؟
يحتاج الامر الى اعادة هيكلة وتنظيم، وان ينظر سكان القصور واصحاب اليخوت المنتشرة في البحور الى ذوي الدخل المحدود، والى الفقراء من ابناء الشعب، فعار على دولة كالكويت تملك كل تلك الثروات، وفيها فقراء، واناس اصابهم الاعياء.. حتى عجزوا عن الحياة في اوطانهم، فتركوها ورحلوا، اما الى لبنان بلد السحر والجمال، لبنان «تلك الفتاة الخجلى»، ومن اسميته في مقالي بالفتاة العذراء، صاحبة الحياء.. او يرحلون الى بلد الكنانة، ليشاهدوا التراث والثقافة والحضارة.. من نيل عظيم، واهرام شامخة منذ سنين.. لا عجب في ان نذهب ونرى، لكن العجب في ان نقطن هذه الاوطان.. ونترك كويتنا مفخرة الزمان وبلد الامان.
غسان سليمان العتيبي
gotaibi@yahoo.com