المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عاشوراء بين الحزن والفرح .....علي يوسف المتروك



غفوري
12-16-2010, 02:05 AM
كتب , علي يوسف المتروك


2010/12/15


http://alwatan.kuwait.tt/resources/media/images/91_w.png


لأولئك الذين يدعون للفرح والمسرة يوم عاشوراء لنجاة موسى وقومه من الغرق، ويتخذون من هذه المناسبة فرصة لاستفزاز المسلمين من محبي آل البيت عليهم السلام، واذا كان النبي صلوات الله عليه وآله قد احتفل بنجاة موسى عليه السلام، فهناك مناسبات لا تقل أهمية عن هذه المناسبة لم نسمع أنه احتفل بها، كنجاة ابراهيم من نار النمرود، ونجاة يونس من بطن الحوت، ونوح من الغرق، وغير ذلك من حوادث جرت على الانبياء السابقين، أقول: ليس هناك مجال للمقارنة بين مناسبة حصلت قبل آلاف السنين لأمة خلت مشكوك في صحة توقيتها، لعدم وجود أشهر عربية زمن موسى عليه السلام خاصة باليهود، أو لدى الفراعنة في زمانه، وبين مأساة حدثت بعد خمسين سنة من وفاة المصطفى صلوات الله عليه وآله، فسجلت صفحة سوداء بل حمراء قانية في تاريخ الاسلام، وهي استشهاد حفيده وريحانته بل روحه التي بين جنبيه، فقد روت ام سلمة في حديث صحيح رواه الترمذي عن ابي سعيد الاشج عن سلمة قالت: دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقلت: ما يبكيك؟

فقالت: رأيت رسول الله (ص) وعلى رأسه ولحيته تراب فقلت: مالك يارسول الله؟ قال: شهدت قتل الحسين آنفا) وروى الامام أحمد مع حذف الاسناد عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله (ص) في المنام نصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم فقلت: بأبي وامي يا رسول الله ما هذا؟ قال: هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل التقطه منذ اليوم.قال عمارابن ابي عمار وهو أحد رواة الحديث: فأحصينا ذلك اليوم فوجدناه قد قتل في ذلك اليوم (تفرد به الامام أحمد واسناده قوي).

يروي الامام البخاري (في باب معانقة الصبي ص 364 والترمذي ج 13 ص195 في باب مناقب الحسن والحسين وابن ماجه في المقدمة باب 11 ج144 ومسند أحمد ج172/4 والحاكم في المستدرك ج177/3 وغيرها من المصادر ان النبي(ص) قال: حسين مني وأنا من الحسين أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط) وليس من المبالغة ان قلنا ان ما جرى على الحسين من أذى واعتداء كأنه جرى على رسول الله (ص) لقوله:

(حسين مني وأنا من الحسين) ولابد ان نتوقف مع بقية كلامه صلوات الله عليه عندما قال: (حسين سبط من الأسباط) وحتى نتعرف على معنى هذا القول والمنزلة التي منحها الباري جل شأنه للأسباط نقرأ قوله تعالى:{قولوا آمنا بالله وما أنزل الينا وما أنزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيس وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن لهم مسلمون} (البقرة 136) وهذا ما أكده الحسين يوم عاشوراء وقد عزم القوم على قتله قال عليه السلام: أيها الناس اعلموا أنه ليس بين مشرق الأرض ومغربها سبط غيري، فكان يشير الى حديث رسول الله (ص) ان الحسين سبط من الأسباط.

لم يقتصر الحزن على رسول الله (ص)، وعلى كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، ويتأسى بما جرى على أهل بيته الكرام، وذريته التي أمر الله بمودتها وموالاتها بقوله:«قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى» بل تعدى ذلك الحزن فشمل الطبيعة، فامطرت السماء دما في ذلك اليوم وأصبح الناس وكل شيء لهم مليء دما، وبقى اثره في الثياب مدة حتى تقطعت، وان هذه الحمرة التي ترى في المساء ظهرت بعد قتله عليه السلام ولم تر قبله.

وقال ابن سيرين في (تفسير روح البيان): والحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين وحكمته على ما قال ابن الجوزي: ان غضبنا يؤثر حمرة الوجه، والحق منزه عن الجسمية، فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين بحمرة الأفق، اظهارا لعظيم الجناية، ولم يرفع حجر في الدنيا يوم قتله الا وجد تحته دم عبيط، وقد ورد هذا المعنى بألفاظ مختلفة في المصادر التالية: مقتل الحسين 2/89، ذخائر العقبى 150/145/144، تاريخ دمشق كما في مناقبه 4/339 والصواعق المحرقة 116/192، الخصائص الكبرى 126، تاريخ الاسلام 2/349، تذكرة الخواص 284، ومصادر أخرى لم أذكرها اختصارا للمقال.

يقول الشيخ عرفان بن سليم العشا حسونة الدمشقي في كتابه (الحسين حفيدا وشهيدا) ان مبغضي أهل البيت من اهل الشام كانوا يطبخون الحبوب ويغتسلون، ويتطيبون، ويلبسون أفخر ثيابهم، ويتخذون ذلك اليوم عيدا يظهرون فيه الفرح والسرور، وقد سئل شيخ الاسلام ابن تيمية عما يفعله الناس يوم عاشوراء من الكحل، والاغتسال، والحناء فقال: ما ملخصه كما ورد في مجموع الفتاوى 299/25 فأجاب (الحمد لله رب العالمين:

لم يرد شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين ولا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئا لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين، لا صحيحا ولا ضعيفا، لا في في كتب الصحيح، ولا في السنن، ولا المسانيد، ولا يعرف شيء من هذه الاحاديث على عهد القرون الفاضلة، ورووا في حديث مكذوب عن النبي (ص) أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر السنة (انتهى كلام ابن تيمية).

يا جماعة أيها المسلمون، اذا كان هذا كلام رسول الله صلى الله عليه وآله في سبطه وريحانته الحسين، وما روته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وابن عباس، وما رواه البخاري وغيره من كبار أصحاب المسانيد، وكتب الحديث، وما افتى به شيخ الاسلام ابن تيمية من حرمة الفرح يوم عاشوراء، فماذا ترك من ينادي بالفرح في هذا اليوم المليء بالحزن والأسى لأعداء الاسلام؟

أما الصوم في هذا اليوم فان كان هذا الصوم قربة الى الله وليس على سبيل الشماتة فلا شك ان من قام به يثاب على عمله، فلكل امرء ما نوى، والله اعلم بما تحمل السرائر.

في يوم عاشوراء سلام عليك يا أبا الشهداء، أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار، وعلى الاوراح التي حلت بفنائك، واناخت برحلك مني ومن أمة جدك المصطفى صلى الله عليه وآله في يوم استشهادك العظيم، سلام المحتسبين الصابرين والمؤمنين بقضاء الله وقدره، سلام عليكم أهل بيت النبوة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي ورحمة الله وبركاته.وحشرنا الله تحت رايتكم يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم.

علي يوسف المتروك