الناصع الحسب
12-14-2010, 04:43 PM
تدفق مئات الالاف من العراق وخارجه على كربلاء
أسامة مهدي من لندن
GMT 11:00:00 2010 الثلائاء 14 ديسمبر
http://www.myelaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2010/12/week2/asho.jpg
عراقيون يمارسون شعيرة التطبير في كربلاء
قال المرجع الشيعي الشيخ محمد اليعقوبي رداً على سؤال وجهه له من اطلقوا على انفسهم (جمع من المؤمنين) حول بعض الشعائر التي تشمل أفعالاً واقوالاً يمكن اعتبارها حراماً وتشويها للإسلام وخاصة التطبير اي ضرب الرؤوس بالسيوف او ماسمونها "القامات" الحادة انه "لا يجوز في الشريعة القيام بكل عمل غير عقلائي أو فيه ضرر على النفس أو يوجب إهانةً للدين ولمدرسة أهل البيت". وأضاف "ان الامام الحسين (بن علي بن ابي طالب) قد خرج طلباً للإصلاح في أمة جده صلى الله عليه وآله وسلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمن أراد مواساته بصدق فليعمل على تحقيق أهدافه المباركة".
وأشار الشيخ اليعقوبي وهو الاب الروحي لحزب الفضيلة الاسلامية احد مكونات التحالف الوطني العراقي ان ائمة الشيعة قد وضعوا طرقاً "لإحياء الشعائر الحسينية وتجديد ذكرى عاشوراء بإقامة مجالس العزاء ونظم الشعر الواعي في رثائهم واللطم على الصدور وليس منها التطبير وأمثاله كضرب الظهور بالآلات الحادة والمشي على النار ونحوها فإنها تسربت إلينا من أمم أخرى".
وقال "أما بالنسبة للتطبير وضرب الظهور بالآلات الحادة والمشي على الجمر ونحوها فقد وجّهنا أتباعنا ومن يأخذ برأينا إلى تركه والعمل على تجسيد المبادئ والقيم التي تحرَكَ الإمام الحسين لإقامتها وأن يكون تعبيرهم عن إحياء النهضة الحسينية حضارياً لأن العالم أصبح كالقرية الواحدة وقد أُمرنا بأن نخاطب الناس على قدر عقولهم وهذا الأمر فيه إطلاق شامل للأقوال والأفعال أي أن لا تكون أفعالنا فوق تحمّلِهم خصوصاً تطبير النساء والأطفال وشامل لكل الناس أي للمسلمين وغيرهم". ودعا "المؤمنين" الى عدم اصدار "قول أو فعل إلا بعد مراجعة ولاة أمورهم ومراجعهم من أهل البصيرة في أمور الدين والدنيا فهم الذين يقدّرون الفعل المناسب في الظرف المناسب" كما قال.
التطبير أصله ومعناه
وتأتي هذه الفتوى الجديدة في وقت يتجدد فيه الجدل حول بعض الممارسات التي يقوم بها بعض المشاركين في المراسيم الجارية الان في العراق وبلدان اخرى لاحياء مناسبة عاشوراء ذكرى مقتل الامام الحسين ورهط من اهل بيته في واقعة الطف بمدينة الكوفة بالعراق (110 كم جنوب بغداد) عام 61 للهجرة.
والتَّطْبير هو احد شعائر عاشوراء المعروفة والمقصود به هو ضرب أعلى الرأس بالسيوف أو القامات وغيرها من الآلات الحادة ضرباً خفيفاً حتى يخرج الدم على أثر ذلك. ولا يزال التطبير رائجاً في عدد من البلاد الإسلامية كالعراق و إيران ولبنان والباكستان والهند وآذربايجان وبعض دول الخليج في اليوم العاشر من شهر محرم الذي يصادف الجمعة المقبل.
و يكون التطبير في الغالب بصورة جَماعية وعلى شكل مواكب ومسيرات تجوب الشوراع و الأماكن العامة ويقصد المطبِّرون المشاركون في التطبير من عملهم هذا المواساة والتعبير عن مبلغ حزنهم ولوعتهم على الحسين وأهل بيته وأنصاره الذين قضوا في الواقعة.
ويعود تاريخ هذه الشعيرة الى الدولة الصفوية الشيعية المتعصبة التي بدأت بالظهور والتبلور في فترة حكم الشاه إسماعيل الصفوي في إيران (1487- 1524م) مؤسس الدولة الصفوية في إيران وحاكمها بين عامي 1501-1524.
وهي فترة ظهرت مع تفاقم الانحطاط الفكري والثقافي في العراق والعالم الإسلامي بعد سقوط الدولة العباسية على يد هولاكو في العام 1258 إضافة إلى انتهاء عهد الإسلام في الأندلس. وقد ابتدعت هذه الدولة طقوسا خرافية دينية وسياسية وعلى مدى القرون المنصرمة منذ بروز المدرسة الصفوية حتى الآن وهي تستخدم اليوم بشكل خاص في إيران والعراق على نطاق واسع وفي الحملات الانتخابية والتحشيد السياسي.
ويؤكد المؤرخون ان التطبير بدعة صفوية فارسية استخدمت من اجل المبالغة في أظهار "حب أبناء الإمام علي بن أبي طالب" وذلك للتغطية على المبالغة في النزعة القومية الصفوية التي منحت الفرس هيمنة مطلقة على الأقليات والطوائف في إيران تحت ستار أيديولوجي ديني. وتثير قضية "التطبير" في ذكرى مقتل الإمام الحسين الكثير من الجدل بين الأوساط الشيعية بينما تبعث على الاشمئزاز لدى المسلمين الآخرين الذي يرون فيها بدعة باطلة.
آراء الفقهاء في التطبير
تختلف آراء العلماء ومراجع الشيعة في مسألة التطبير فمنهم من يحرمها ومنهم من يجيزها ويقول انه عمل راجح ما لم يؤد الى الاضرار بالنفس ضرراً بليغاً كقطع عضوٍ أو نقصه وما لم يؤد إلى استخفاف الناس بالدين والمذهب.
أما اليوم فيرى عدد من المراجع و العلماء بأن الظروف قد تغييرت في العالم أو على الأقل في كثير من بلاد العالم و لم يعد الرأي العام يتقبل هذه الشعيرة كما كان يتقبلها في الماضي حتى ان بعضهم يرى أنها قد تستغل من قبل أعداء الدين الاسلامي أو أعداء المذهب الشيعي كسلاح دعائي ضد الإسلام والمسلمين ولذلك ينصح هؤلاء المراجع بترك التطبير وإستخدام البدائل الأخرى لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين وعدم السماح لأعداء الدين بإستغلال هذه الشعيرة ضدَّ الدين والمذهب.
ويرى المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني بحرمة التطبيراذا كان يؤدي الى السخريه والهتك بالمذهب.. لكنه اجاز لطم الخدود والصدور وشق الجيوب. اما آية الله السيد محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة الاسلامية الذي يقوده حاليا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي فيقول " إن ما تراه من ضرب الأجسام وإسالة الدماء هو من فعل عوام الناس وجهالهم ولا يفعل ذلك أي واحد من العلماء بل هم دائبون على منعه وتحريمه".
وفي احدى تصريحاته قال المرجع الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله "إن التطبير يسيء إلى الإسلام باعتبارها تجعل من ذكرى عاشوراء مناسبةً لتعذيب النفس وجلد الذات" مضيفا "أنه أفتى قبل سنوات بحرمة التطبير لسببين: الأوّل لحرمة الإضرار بالنفس وثانيا: لأن ذلك يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين الشيعة بالخصوص".
ودعا معظم خطباء المنبر الشيعة وبعض علمائها في عاشوراء إلى تحمّل مسؤولياتهم إزاء مشكلة الممارسات المسيئة وتوجيه الناس إلى تكليفهم الشرعي وليس تشجيع العواطف التي يمكن أن تنحرف إلى الخرافات والتطبير من خلال ضرب الجسد بالسلاسل والسيوف ولبس كفن أبيض.
اما المرشد الاعلى الايراني علي خامنئي فأنه يرى ان التطبير ليس من الدين وهو بدعة تسللت إلى الإسلام ويقول "أنه عمل خاطئ أن يشج البعض رؤوسهم بالسيوف وما هو الحاصل من إراقة دمائهم بهذه الصورة؟ وكيف يمكن اعتبار هذا العمل من مراسم العزاء؟ أجل من مراسم العزاء اللطم على الرؤوس والصدورولكن ليس من العزاء أن يشج الإنسان رأسه بالسيف ويريق دمه حتى ولو كانت المصيبة قد حلت بأعز أعزائه إنها بدعة وليست من الدين ولا شك في أن الله لا يرضى على ذلك".
اما عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي فيرى إن الشعائر الحسينية هي أحد وسائل الدعاية الشيعية التي يلخصها في زيارة المراقد المقدسة والمواكب الحسينية ومجالس التعزية. وهو يقول في كتابه "دراسة في طبيعة المجتمع العراقي" ان خضوع الناس إلى فكرة التطبير والاقتناع بها ومن ثم ممارستها يرجع إلى مفهوم "التنويم الاجتماعي" موضحا "إن التنويم الاجتماعي له أثر بالغ في شل التفكير فالذي يقع تحت وطأته لا يستطيع أن يفكر إلا في حدود ما يملي عليه الإيحاء التنويمي العام وأنت لا تستطيع أن تجادله أو تباحثه مهما يكن دليلك إليه صارخاً". لكن احد علماء الدين الشيعة المعاصرين المعروفين هو الشيخ عبدالحميد المهاجر رد على ذلك بالقول "ان العلماء الذين افتوا بحرمة التطبير لا يعرفون الاسلام".
مئات الالاف يتدفقون على مدينة كربلاء
ومع تدفق مئات الالاف من المسلمين الشيعة من العراق وخارجه على مدينة كربلاء لاحياء مراسيم العاشر من عاشوراء الذي يصادف الجمعة المقبل فقد باشرت القوات العراقية خطة امنية تشمل جميع محافظات الفرات الاوسط وهي كربلاء والاخرى المحيطة بها وهي النجف والديوانية والحلة وواسط من خلال القيام بعمليات استباقية لشل حركة المسلحين الذين يستهدفون المحتفلين تم خلالها تفكيك 12 خلية ارهابية كانت نائمة ثم بدأت العودة والتوافد لضرب الزائرين وهي تضم 60 مسلحا.
وقد اعلنت الحكومة العراقية ان يوم الخميس المقبل سيكون عطلة رسمية في انحاء البلاد لمناسبة عاشوراء فيما تم تعطيل المدارس بجميع مراحلها في كربلاء لمدة ثلاثة ايام بدءا من اليوم الثلاثاء. وقال قائد عمليات الفرات الاوسط الفريق عثمان الغانمي خلال مؤتمر صحافي في كربلاء ان القوة الجوية ستكون فاعلة ومؤثرة في عمليات المراقبة مؤكدا وجود مستشاريين جويين في مركز العمليات كاشفا عن تفعيل مركز اخر في ناحية الابراهيمية القريبة من اجل السيطرة على حركة الطيران من الجو الى الارض.
وأوضح ان الخطة الامنية بدأت بثلاث مراحل: الاولى الخطة الخاصة بمحافظة كربلاء التي تهدف لتامين الحدود الادارية لها والثانية مسرحها عمليات الفرات الاوسط الذي يشمل ( النجف، الديوانية، الحلة، واسط) من خلال تعزيزات عسكرية من وزارة الداخلية واربعة افواج من وزارة الدفاع وثلاثة اخرى أضافية لاجهزة كشف المتفجرات ومفارز الكلاب البوليسية.
وأكد ان كربلاء الان تحت حماية عراقية مئة بالمئة دون اي مشاركة من القوات الاميركية كما كان الحال في الاعوام الماضية. وأوضح انه وفق هذه الخطة الامنية فقد تم نشر 28 الف عنصر من الجيش والشرطة لحماية كربلاء من خلال اربعة أطواق في المدينة وحولها أضافة الى نشر 600 من العنصر النسوي في نقاط التفتيش لتولي تفتيش النساء.
ويخضع جميع الزوار المتوجهين الى كربلاء الى عملية تفتيش دقيقة من قبل قوات الامن تستخدم عند بعضها اجهزة للتأكد من عدم حمل اسلحة او مواد متفجرة ويستعان بالكلاب البوليسية لفحص السيارات. كما تم فرض نقاط التفتيش حول المدينة أضافة الى تولي قوات اخرى إجراءات مشددة حول المدينة القديمة قرب مرقد الامام الحسين ثالث الائمة المعصومين لدى الشيعة فيما تتولى كامرات مراقبة موزعة في المدينة ومروحيات تحلق فوقها مراقبة حركة الزوار وتنقلهم في الشوارع.
وهذا العام هو الاول منذ حرب العراق عام 2003 الذي لايشهد مشاركة قوات اميركية في تنفيذ الخطة الامنية في ذكرى عاشوراء حيث ستكتفي هذه القوات بتقدم المشورة والمساعدة الى مثيلتها العراقية.
وخلال اليومين الماضيين استهدف مسلحون المواكب الشيعية التي تؤدي شعائر عاشوار فقد قام انتحاري يرتدي حزام ناسف بتفجير نفسه وسط احد المواكب في مدينة بعقوبة شمال شرق بغداد ما ادى الى مقتل ثلاثة واصابة مثلهم بجروح كما ادى انفجار عبوة ناسفة استهدف حافلة تقل زوارا ايرانيين متوجهين الى كربلاء الى اصابة سبعة منهم بجروح.
واستهدفت مراسم عاشوراء التي يفترض ان تبلغ ذروتها الجمعة خلال السنوات الماضية بهجمات متكررة خصوصا في اذار (مارس) عام 2004 عندما قتل اكثر من 170 شخصا في انفجارات في بغداد وكربلاء. كما تم استهداف الزوار بهجمات مماثلة على طول الطرق المؤدية الى كربلاء من المحافظات الاخرى وخاصة من العاصمة بغداد.
وامام تزايد التحوطات الامنية يتوقع ان يصل عدد زوار كربلاء هذا الاسبوع الى مليوني بينهم مائة الف من الاجانب. وأوضح احمد عبد الحسين المسؤول بدائرة سياحة في كربلاء ان جميع فنادق المدينة البالغ عددها 320 فندقا محجوزة بالكامل وقام كثير من الاهالي بفتح بيوتهم لاستقبال الوافدين.
ويتوجه الزوار الى كربلاء حاليا حيث مرقدي الامام الحسين واخوه العباس لاستعادة ذكرى "واقعة الطف" عندما قتل جيش الخليفة الاموي يزيد ابن معاوية الامام الحسين بن علي بن ابي طالب مع معظم افراد عائلته عام 61 هجرية (680 ميلادية) حيث تعد زيارة كربلاء خلال عاشوراء من ابرز المناسبات الدينية لدى الشيعة بحيث يصلها كثيرون سيرا على الاقدام من مختلف انحاء العراق.
أسامة مهدي من لندن
GMT 11:00:00 2010 الثلائاء 14 ديسمبر
http://www.myelaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2010/12/week2/asho.jpg
عراقيون يمارسون شعيرة التطبير في كربلاء
قال المرجع الشيعي الشيخ محمد اليعقوبي رداً على سؤال وجهه له من اطلقوا على انفسهم (جمع من المؤمنين) حول بعض الشعائر التي تشمل أفعالاً واقوالاً يمكن اعتبارها حراماً وتشويها للإسلام وخاصة التطبير اي ضرب الرؤوس بالسيوف او ماسمونها "القامات" الحادة انه "لا يجوز في الشريعة القيام بكل عمل غير عقلائي أو فيه ضرر على النفس أو يوجب إهانةً للدين ولمدرسة أهل البيت". وأضاف "ان الامام الحسين (بن علي بن ابي طالب) قد خرج طلباً للإصلاح في أمة جده صلى الله عليه وآله وسلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمن أراد مواساته بصدق فليعمل على تحقيق أهدافه المباركة".
وأشار الشيخ اليعقوبي وهو الاب الروحي لحزب الفضيلة الاسلامية احد مكونات التحالف الوطني العراقي ان ائمة الشيعة قد وضعوا طرقاً "لإحياء الشعائر الحسينية وتجديد ذكرى عاشوراء بإقامة مجالس العزاء ونظم الشعر الواعي في رثائهم واللطم على الصدور وليس منها التطبير وأمثاله كضرب الظهور بالآلات الحادة والمشي على النار ونحوها فإنها تسربت إلينا من أمم أخرى".
وقال "أما بالنسبة للتطبير وضرب الظهور بالآلات الحادة والمشي على الجمر ونحوها فقد وجّهنا أتباعنا ومن يأخذ برأينا إلى تركه والعمل على تجسيد المبادئ والقيم التي تحرَكَ الإمام الحسين لإقامتها وأن يكون تعبيرهم عن إحياء النهضة الحسينية حضارياً لأن العالم أصبح كالقرية الواحدة وقد أُمرنا بأن نخاطب الناس على قدر عقولهم وهذا الأمر فيه إطلاق شامل للأقوال والأفعال أي أن لا تكون أفعالنا فوق تحمّلِهم خصوصاً تطبير النساء والأطفال وشامل لكل الناس أي للمسلمين وغيرهم". ودعا "المؤمنين" الى عدم اصدار "قول أو فعل إلا بعد مراجعة ولاة أمورهم ومراجعهم من أهل البصيرة في أمور الدين والدنيا فهم الذين يقدّرون الفعل المناسب في الظرف المناسب" كما قال.
التطبير أصله ومعناه
وتأتي هذه الفتوى الجديدة في وقت يتجدد فيه الجدل حول بعض الممارسات التي يقوم بها بعض المشاركين في المراسيم الجارية الان في العراق وبلدان اخرى لاحياء مناسبة عاشوراء ذكرى مقتل الامام الحسين ورهط من اهل بيته في واقعة الطف بمدينة الكوفة بالعراق (110 كم جنوب بغداد) عام 61 للهجرة.
والتَّطْبير هو احد شعائر عاشوراء المعروفة والمقصود به هو ضرب أعلى الرأس بالسيوف أو القامات وغيرها من الآلات الحادة ضرباً خفيفاً حتى يخرج الدم على أثر ذلك. ولا يزال التطبير رائجاً في عدد من البلاد الإسلامية كالعراق و إيران ولبنان والباكستان والهند وآذربايجان وبعض دول الخليج في اليوم العاشر من شهر محرم الذي يصادف الجمعة المقبل.
و يكون التطبير في الغالب بصورة جَماعية وعلى شكل مواكب ومسيرات تجوب الشوراع و الأماكن العامة ويقصد المطبِّرون المشاركون في التطبير من عملهم هذا المواساة والتعبير عن مبلغ حزنهم ولوعتهم على الحسين وأهل بيته وأنصاره الذين قضوا في الواقعة.
ويعود تاريخ هذه الشعيرة الى الدولة الصفوية الشيعية المتعصبة التي بدأت بالظهور والتبلور في فترة حكم الشاه إسماعيل الصفوي في إيران (1487- 1524م) مؤسس الدولة الصفوية في إيران وحاكمها بين عامي 1501-1524.
وهي فترة ظهرت مع تفاقم الانحطاط الفكري والثقافي في العراق والعالم الإسلامي بعد سقوط الدولة العباسية على يد هولاكو في العام 1258 إضافة إلى انتهاء عهد الإسلام في الأندلس. وقد ابتدعت هذه الدولة طقوسا خرافية دينية وسياسية وعلى مدى القرون المنصرمة منذ بروز المدرسة الصفوية حتى الآن وهي تستخدم اليوم بشكل خاص في إيران والعراق على نطاق واسع وفي الحملات الانتخابية والتحشيد السياسي.
ويؤكد المؤرخون ان التطبير بدعة صفوية فارسية استخدمت من اجل المبالغة في أظهار "حب أبناء الإمام علي بن أبي طالب" وذلك للتغطية على المبالغة في النزعة القومية الصفوية التي منحت الفرس هيمنة مطلقة على الأقليات والطوائف في إيران تحت ستار أيديولوجي ديني. وتثير قضية "التطبير" في ذكرى مقتل الإمام الحسين الكثير من الجدل بين الأوساط الشيعية بينما تبعث على الاشمئزاز لدى المسلمين الآخرين الذي يرون فيها بدعة باطلة.
آراء الفقهاء في التطبير
تختلف آراء العلماء ومراجع الشيعة في مسألة التطبير فمنهم من يحرمها ومنهم من يجيزها ويقول انه عمل راجح ما لم يؤد الى الاضرار بالنفس ضرراً بليغاً كقطع عضوٍ أو نقصه وما لم يؤد إلى استخفاف الناس بالدين والمذهب.
أما اليوم فيرى عدد من المراجع و العلماء بأن الظروف قد تغييرت في العالم أو على الأقل في كثير من بلاد العالم و لم يعد الرأي العام يتقبل هذه الشعيرة كما كان يتقبلها في الماضي حتى ان بعضهم يرى أنها قد تستغل من قبل أعداء الدين الاسلامي أو أعداء المذهب الشيعي كسلاح دعائي ضد الإسلام والمسلمين ولذلك ينصح هؤلاء المراجع بترك التطبير وإستخدام البدائل الأخرى لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين وعدم السماح لأعداء الدين بإستغلال هذه الشعيرة ضدَّ الدين والمذهب.
ويرى المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني بحرمة التطبيراذا كان يؤدي الى السخريه والهتك بالمذهب.. لكنه اجاز لطم الخدود والصدور وشق الجيوب. اما آية الله السيد محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة الاسلامية الذي يقوده حاليا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي فيقول " إن ما تراه من ضرب الأجسام وإسالة الدماء هو من فعل عوام الناس وجهالهم ولا يفعل ذلك أي واحد من العلماء بل هم دائبون على منعه وتحريمه".
وفي احدى تصريحاته قال المرجع الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله "إن التطبير يسيء إلى الإسلام باعتبارها تجعل من ذكرى عاشوراء مناسبةً لتعذيب النفس وجلد الذات" مضيفا "أنه أفتى قبل سنوات بحرمة التطبير لسببين: الأوّل لحرمة الإضرار بالنفس وثانيا: لأن ذلك يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين الشيعة بالخصوص".
ودعا معظم خطباء المنبر الشيعة وبعض علمائها في عاشوراء إلى تحمّل مسؤولياتهم إزاء مشكلة الممارسات المسيئة وتوجيه الناس إلى تكليفهم الشرعي وليس تشجيع العواطف التي يمكن أن تنحرف إلى الخرافات والتطبير من خلال ضرب الجسد بالسلاسل والسيوف ولبس كفن أبيض.
اما المرشد الاعلى الايراني علي خامنئي فأنه يرى ان التطبير ليس من الدين وهو بدعة تسللت إلى الإسلام ويقول "أنه عمل خاطئ أن يشج البعض رؤوسهم بالسيوف وما هو الحاصل من إراقة دمائهم بهذه الصورة؟ وكيف يمكن اعتبار هذا العمل من مراسم العزاء؟ أجل من مراسم العزاء اللطم على الرؤوس والصدورولكن ليس من العزاء أن يشج الإنسان رأسه بالسيف ويريق دمه حتى ولو كانت المصيبة قد حلت بأعز أعزائه إنها بدعة وليست من الدين ولا شك في أن الله لا يرضى على ذلك".
اما عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي فيرى إن الشعائر الحسينية هي أحد وسائل الدعاية الشيعية التي يلخصها في زيارة المراقد المقدسة والمواكب الحسينية ومجالس التعزية. وهو يقول في كتابه "دراسة في طبيعة المجتمع العراقي" ان خضوع الناس إلى فكرة التطبير والاقتناع بها ومن ثم ممارستها يرجع إلى مفهوم "التنويم الاجتماعي" موضحا "إن التنويم الاجتماعي له أثر بالغ في شل التفكير فالذي يقع تحت وطأته لا يستطيع أن يفكر إلا في حدود ما يملي عليه الإيحاء التنويمي العام وأنت لا تستطيع أن تجادله أو تباحثه مهما يكن دليلك إليه صارخاً". لكن احد علماء الدين الشيعة المعاصرين المعروفين هو الشيخ عبدالحميد المهاجر رد على ذلك بالقول "ان العلماء الذين افتوا بحرمة التطبير لا يعرفون الاسلام".
مئات الالاف يتدفقون على مدينة كربلاء
ومع تدفق مئات الالاف من المسلمين الشيعة من العراق وخارجه على مدينة كربلاء لاحياء مراسيم العاشر من عاشوراء الذي يصادف الجمعة المقبل فقد باشرت القوات العراقية خطة امنية تشمل جميع محافظات الفرات الاوسط وهي كربلاء والاخرى المحيطة بها وهي النجف والديوانية والحلة وواسط من خلال القيام بعمليات استباقية لشل حركة المسلحين الذين يستهدفون المحتفلين تم خلالها تفكيك 12 خلية ارهابية كانت نائمة ثم بدأت العودة والتوافد لضرب الزائرين وهي تضم 60 مسلحا.
وقد اعلنت الحكومة العراقية ان يوم الخميس المقبل سيكون عطلة رسمية في انحاء البلاد لمناسبة عاشوراء فيما تم تعطيل المدارس بجميع مراحلها في كربلاء لمدة ثلاثة ايام بدءا من اليوم الثلاثاء. وقال قائد عمليات الفرات الاوسط الفريق عثمان الغانمي خلال مؤتمر صحافي في كربلاء ان القوة الجوية ستكون فاعلة ومؤثرة في عمليات المراقبة مؤكدا وجود مستشاريين جويين في مركز العمليات كاشفا عن تفعيل مركز اخر في ناحية الابراهيمية القريبة من اجل السيطرة على حركة الطيران من الجو الى الارض.
وأوضح ان الخطة الامنية بدأت بثلاث مراحل: الاولى الخطة الخاصة بمحافظة كربلاء التي تهدف لتامين الحدود الادارية لها والثانية مسرحها عمليات الفرات الاوسط الذي يشمل ( النجف، الديوانية، الحلة، واسط) من خلال تعزيزات عسكرية من وزارة الداخلية واربعة افواج من وزارة الدفاع وثلاثة اخرى أضافية لاجهزة كشف المتفجرات ومفارز الكلاب البوليسية.
وأكد ان كربلاء الان تحت حماية عراقية مئة بالمئة دون اي مشاركة من القوات الاميركية كما كان الحال في الاعوام الماضية. وأوضح انه وفق هذه الخطة الامنية فقد تم نشر 28 الف عنصر من الجيش والشرطة لحماية كربلاء من خلال اربعة أطواق في المدينة وحولها أضافة الى نشر 600 من العنصر النسوي في نقاط التفتيش لتولي تفتيش النساء.
ويخضع جميع الزوار المتوجهين الى كربلاء الى عملية تفتيش دقيقة من قبل قوات الامن تستخدم عند بعضها اجهزة للتأكد من عدم حمل اسلحة او مواد متفجرة ويستعان بالكلاب البوليسية لفحص السيارات. كما تم فرض نقاط التفتيش حول المدينة أضافة الى تولي قوات اخرى إجراءات مشددة حول المدينة القديمة قرب مرقد الامام الحسين ثالث الائمة المعصومين لدى الشيعة فيما تتولى كامرات مراقبة موزعة في المدينة ومروحيات تحلق فوقها مراقبة حركة الزوار وتنقلهم في الشوارع.
وهذا العام هو الاول منذ حرب العراق عام 2003 الذي لايشهد مشاركة قوات اميركية في تنفيذ الخطة الامنية في ذكرى عاشوراء حيث ستكتفي هذه القوات بتقدم المشورة والمساعدة الى مثيلتها العراقية.
وخلال اليومين الماضيين استهدف مسلحون المواكب الشيعية التي تؤدي شعائر عاشوار فقد قام انتحاري يرتدي حزام ناسف بتفجير نفسه وسط احد المواكب في مدينة بعقوبة شمال شرق بغداد ما ادى الى مقتل ثلاثة واصابة مثلهم بجروح كما ادى انفجار عبوة ناسفة استهدف حافلة تقل زوارا ايرانيين متوجهين الى كربلاء الى اصابة سبعة منهم بجروح.
واستهدفت مراسم عاشوراء التي يفترض ان تبلغ ذروتها الجمعة خلال السنوات الماضية بهجمات متكررة خصوصا في اذار (مارس) عام 2004 عندما قتل اكثر من 170 شخصا في انفجارات في بغداد وكربلاء. كما تم استهداف الزوار بهجمات مماثلة على طول الطرق المؤدية الى كربلاء من المحافظات الاخرى وخاصة من العاصمة بغداد.
وامام تزايد التحوطات الامنية يتوقع ان يصل عدد زوار كربلاء هذا الاسبوع الى مليوني بينهم مائة الف من الاجانب. وأوضح احمد عبد الحسين المسؤول بدائرة سياحة في كربلاء ان جميع فنادق المدينة البالغ عددها 320 فندقا محجوزة بالكامل وقام كثير من الاهالي بفتح بيوتهم لاستقبال الوافدين.
ويتوجه الزوار الى كربلاء حاليا حيث مرقدي الامام الحسين واخوه العباس لاستعادة ذكرى "واقعة الطف" عندما قتل جيش الخليفة الاموي يزيد ابن معاوية الامام الحسين بن علي بن ابي طالب مع معظم افراد عائلته عام 61 هجرية (680 ميلادية) حيث تعد زيارة كربلاء خلال عاشوراء من ابرز المناسبات الدينية لدى الشيعة بحيث يصلها كثيرون سيرا على الاقدام من مختلف انحاء العراق.