سيد مرحوم
10-09-2004, 09:54 PM
في استقبال شهر الإسلام وشهر الطهور:لنطهر قلوبنا من العداوة والبغضاء
--------------------------------------------------------------------------------
http://resallah44.jeeran.com/17.jpg
هذه الجمعة هي آخر جمعة من شهر شعبان، لأننا سنبدأ شهر رمضان ـ بحسب الثبوث الشرعي وفق رأينا الفقهي ـ في يوم الجمعة القادم الذي هو أول أيام شهر رمضان.
شهر الإسلام والطَّهور:
ونحن في هذه الجمعة الشعبانية، نلتقي بما روي عن رسول الله(ص) في الخطبة التي أراد أن يعظ الناس من خلالها ويبيّن لهم كيف يستقبلون شهر رمضان، وكيف يعدّون أنفسهم إعداداً إسلامياً روحياً اجتماعياً، بحيث يدخل الإنسان شهر رمضان وهو يعيش الإسلام كله في عقله وروحه وحركته، لأنَّ هذا الشهر الكريم ـ كما عبّر عنه الإمام علي بن الحسين زين العابدين(ع) في دعائه إذا دخل شهر رمضان _ هو «شهر الإسلام وشهر الطهور»، فأنت في هذا الشهر تغتسل وتتطهّر من كل عناصر الخطيئة في ذاتك، ومن كل قذارة الأخلاق الرديئة في شخصيتك، وفي كل علاقتك ومعاملاتك مع الناس، لتكون إنسان الإسلام الطاهر.
كيف تحدَّث رسول الله(ص)؟ بحسب الرواية، هناك عدة مقاطع للخطبة؛ المقطع الأول يصوّر فيه عظمة هذا الشهر في ما يريد الله أن يفيضه على عباده من البركة في أرزاقهم وأعمارهم، ومن الرحمة في كلِّ أوضاعهم، ومن المغفرة لكل ذنوبهم، ثم يريد الله تعالى أن ينصب للناس مائدة على مدى وجودهم عندما يكونون مؤمنين به، ليتغذَّوا أفضل الغذاء، وليشربوا أفضل الشراب، فهم في ضيافته وأية ضيافة أعظم من ضيافة الله؟! فهو سبحانه الذي خلق النعم الروحية والمادية، وليّ كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل نعمة، هو وليّ النعمة ولا وليّ غيره لها، لأن كل نعمة نحصل عليها من الناس فإنها مستمدَّة من نعمه وعطائه للنَّاس الآخرين.
شهر البركة والخير:
يقول(ص): «أيها الناس، قد أقبل إليكم شهر رمضان بالبركة ـ التي يبارك الله لكم فيها أعمالكم وأعماركم وأرزاقكم وأوضاعكم، في ما اختزنه هذا الشهر من البركة ـ والرحمة ـ ونحن نعيش رحمة الله من خلال وجودنا، فوجودنا هو رحمة من الله، وكل ما أعطانا إيّاه الله هو رحمة منه. ـ والمغفرة ـ فالله تعالى يغفر في هذا الشهر ما لا يغفره في السنة كلها. ـ شهره هو عند الله أفضل الشهور ـ ففي كلِّ الشهور بركة ينزلها الله على عباده، ولكن البركة في شهر رمضان تتضاعف حتى تغلب كل الشهور ـ وأيامه أفضل الأيّام ـ لأنَّها الأيام التي يعيش فيها الإنسان في رحابة الله؛ في عبادته، وفي صومه وصلاته وورعه عن الحرام ـ ولياليه أفضل الليالي ـ لأنها ليالي المناجاة، حيث يناجي الإنسان ربَّه بالمحبة والعبودية ويسأله كلَّ حاجاته، ليشعر الإنسان في هدأة الليل بالسكينة النازلة عليه من الله ـ وساعاته أفضل الساعات ـ فكل ساعة من ساعات شهر رمضان تعدل شهوراً وأياماً، لأنها تمتلئ برحمة الله وبركته ولطفه وعفوه ـ هو شهرٌ دُعيتم فيه إلى ضيافة الله ـ الله تعالى يبعث لكل واحد منكم بطاقة دعوة، ليست كبقية البطاقات، هي بطاقة قرآنية: {شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان}، {يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلَّكم تتّقون}. هذه هي بطاقة الدعوة: تعالوا إليّ يا ضيوفي، وهي ليست من قبيل الأكل والشرب ولكنها ضيافة الرحمة والبركة والمغفرة.
ـ وجُعلتم فيه من أهل كرامته ـ فالله تعالى يسبغ عليكم بالكرامة، وأيّ كرامة أعظم من كرامة الله لك؟ فإذا أكرمك الناس كلهم ولكن الله يحقّرك، فما قيمة ذلك كله؟ أما إذا أكرمك الله وحقّرك كلُّ الناس، فأنت من أهل الكرامة، لأن القضيَّة هي أن الله خالق الكون كله يقول لك تعال إليّ، فأنت في موضع الكرامة عندي، وكرامة الله رضوانه والقرب منه، {يوم لا ينفع مال ولا بنون* إلاّ من أتى الله بقلب سليم}.
التسبيح والعبادة:
ـ أنفاسكم فيه تسبيح ـ تتنفّس لأن التنفَّس هو سرّ حياتك، ولكن الله يحسب لك كل نفس يصعد أو يهبط تسبيحاً، حتى لو لم ينطق بذلك لسانك، لأنك عندما تعيش الإيمان والقرب من الله فإن روحك تسبّح، ولذلك تتحرك كل أعضائك في الداخل والخارج بالتسبيح لله، لأن التسبيح ينطلق من إحساس الإنسان بربّه وخضوعه له بالربوبية، فبعض الناس يسبّحون بلسانهم ولكنَّهم لا يعيشون معناه في أنفسهم ـ ونومكم فيه عبادة ـ تنام ليستريح جسمك، لتستطيع من خلال ذلك أن تستعدَّ للعبادة والقيام بمسؤولياتك في ما حمّلك الله من المسؤوليات في نفسك وأهلك ـ وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب ـ فإذا كان الجوّ كذلك، فما هي الطلبات التي نطلبها من ربنا ـ فاسألوا ربَّكم بنيّات صادقة ـ فلا تكن نيّات سوء وحقد وخبث ـ وقلوب طاهرة ـ طهّروا قلوبكم من العداوة والبغضاء حتى لا تصيبه الذبحة الإيمانية ـ أن يوفقكم لصيامه ـ إذا لم تكن لكم أعذار في ترك الصيام ـ وتلاوة كتابه ـ لأن القرآن هو النور، وعلينا أن نتلو كتابه سبحانه في كلِّ وقت وفي شهر رمضان بالذات، لأنه دستور العقيدة والشريعة والمنهج والعلاقات والمعاملات، ودستور الحرب والسلم، فعلينا أن نقرأه قراءة تدبّر ـ فإنّ الشقيَّ من حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم»، لأن ما يفوته في موسم شهر رمضان، لا يعوضه في خارج هذا الموسم، وشهر رمضان موسم البركة والرحمة.
شهر التواصل والعطاء:
وكذلك فإن هناك الكثير من النَّاس يجوعون ويعطشون، ولا يعتبرون شهر رمضان شهر التُّخمة، فماذا علينا أن نتذكّر؟ يقول(ص): «فاذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه ـ تذكّر في بهذا الجوع جوع يوم القيامة، حتى إذا أخلصت لله فلا تجوع ولا تعطش في ذلك اليوم. ـ وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم ـ لأن الصدقة تدفع البلاء وتطيل العمر وتداوي المرضى، والله تعالى فرض علينا في أموالنا حقاً معلوماً للسائل والمحروم، وهي غير الخمس والزكاة الذي فرضه الله.
ـ واحفظوا ألسنتكم، ووقّروا كباركم، وارحموا صغاركم ـ لأنه يريد أن تقوم العلاقة بين الجيل القديم والجيل الجديد على أساس الاحترام والوقار، فعلى الجيل الجديد أن يوقّر الجيل القديم الذي سبقه بالإيمان وملك التجربة الأوسع، وعلى الجيل القديم أن يرحم الجيل الجديد، فيتعامل معه برحمة، وبذلك يتبادل الجيلان التجربة المشتركة.
ـ وصلوا أرحامكم ـ شهر رمضان هو شهر التواصل، وهو ما أوصى به الإمام عليّ(ع) عند شهادته، يقول(ع): «وعليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابر والتقاطع»، فصلة الرحم تطيل الأعمار وتعمّر الديار، بينما قطيعة الرحم تقصّر العمر وتجعل الديار بلاقع وخراباً ـ وغضّوا عما لا يحلُّ النظر إليه أبصاركم ـ الله تعالى حرّم على الإنسان أن يمدّ بصره إلى بعض الأشياء: {قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم... وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهن}.
ـ وعمّا لا يحلُّ الاستماع إليه أسماعكم ـ مما حرّمه الله من غناء اللّغو والميوعة والمجون ـ وتحنّنوا على أيتام الناس يُتحنَّن على أيتامكم ـ ومن الذي سيخلد في الدنيا؟ فإذا تحمّلت مسؤولية الأيتام في حياتك، فإنَّ الله يقدّر لأيتامك من يتحنَّن عليهم ـ وتوبوا إلى الله من ذنوبكم ـ هو شهر التوبة ـ وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم، فإنها أفضل الساعات، ينظر الله عزّ وجلّ فيها بالرحمة إلى عباده ـ ولا سيّما إذا كانت الصلاة جماعة، لأنّه إذا زادت الجماعة على العشرة، لا يحصي ثوابها إلا الله. ـ يجيبهم إذا ناجوه، ويلبّيهم إذا نادوه، ويستجيب لهم إذا دعوه... فإن الله أقسم بعزته أن لا يعذّب المصلّين والساجدين يوم يقوم الناس لربّ العالمين».
هذا بعض ما جاء في هذه الخطبة الكريمة التي تلخّص مسؤولية الإنسان بين يدي الله، عندما يقف ليستقبل شهر رمضان، حتى يدخل هذا الشهر ويرحّب الله به في ضيافته وكرامته.
--------------------------------------------------------------------------------
http://resallah44.jeeran.com/17.jpg
هذه الجمعة هي آخر جمعة من شهر شعبان، لأننا سنبدأ شهر رمضان ـ بحسب الثبوث الشرعي وفق رأينا الفقهي ـ في يوم الجمعة القادم الذي هو أول أيام شهر رمضان.
شهر الإسلام والطَّهور:
ونحن في هذه الجمعة الشعبانية، نلتقي بما روي عن رسول الله(ص) في الخطبة التي أراد أن يعظ الناس من خلالها ويبيّن لهم كيف يستقبلون شهر رمضان، وكيف يعدّون أنفسهم إعداداً إسلامياً روحياً اجتماعياً، بحيث يدخل الإنسان شهر رمضان وهو يعيش الإسلام كله في عقله وروحه وحركته، لأنَّ هذا الشهر الكريم ـ كما عبّر عنه الإمام علي بن الحسين زين العابدين(ع) في دعائه إذا دخل شهر رمضان _ هو «شهر الإسلام وشهر الطهور»، فأنت في هذا الشهر تغتسل وتتطهّر من كل عناصر الخطيئة في ذاتك، ومن كل قذارة الأخلاق الرديئة في شخصيتك، وفي كل علاقتك ومعاملاتك مع الناس، لتكون إنسان الإسلام الطاهر.
كيف تحدَّث رسول الله(ص)؟ بحسب الرواية، هناك عدة مقاطع للخطبة؛ المقطع الأول يصوّر فيه عظمة هذا الشهر في ما يريد الله أن يفيضه على عباده من البركة في أرزاقهم وأعمارهم، ومن الرحمة في كلِّ أوضاعهم، ومن المغفرة لكل ذنوبهم، ثم يريد الله تعالى أن ينصب للناس مائدة على مدى وجودهم عندما يكونون مؤمنين به، ليتغذَّوا أفضل الغذاء، وليشربوا أفضل الشراب، فهم في ضيافته وأية ضيافة أعظم من ضيافة الله؟! فهو سبحانه الذي خلق النعم الروحية والمادية، وليّ كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل نعمة، هو وليّ النعمة ولا وليّ غيره لها، لأن كل نعمة نحصل عليها من الناس فإنها مستمدَّة من نعمه وعطائه للنَّاس الآخرين.
شهر البركة والخير:
يقول(ص): «أيها الناس، قد أقبل إليكم شهر رمضان بالبركة ـ التي يبارك الله لكم فيها أعمالكم وأعماركم وأرزاقكم وأوضاعكم، في ما اختزنه هذا الشهر من البركة ـ والرحمة ـ ونحن نعيش رحمة الله من خلال وجودنا، فوجودنا هو رحمة من الله، وكل ما أعطانا إيّاه الله هو رحمة منه. ـ والمغفرة ـ فالله تعالى يغفر في هذا الشهر ما لا يغفره في السنة كلها. ـ شهره هو عند الله أفضل الشهور ـ ففي كلِّ الشهور بركة ينزلها الله على عباده، ولكن البركة في شهر رمضان تتضاعف حتى تغلب كل الشهور ـ وأيامه أفضل الأيّام ـ لأنَّها الأيام التي يعيش فيها الإنسان في رحابة الله؛ في عبادته، وفي صومه وصلاته وورعه عن الحرام ـ ولياليه أفضل الليالي ـ لأنها ليالي المناجاة، حيث يناجي الإنسان ربَّه بالمحبة والعبودية ويسأله كلَّ حاجاته، ليشعر الإنسان في هدأة الليل بالسكينة النازلة عليه من الله ـ وساعاته أفضل الساعات ـ فكل ساعة من ساعات شهر رمضان تعدل شهوراً وأياماً، لأنها تمتلئ برحمة الله وبركته ولطفه وعفوه ـ هو شهرٌ دُعيتم فيه إلى ضيافة الله ـ الله تعالى يبعث لكل واحد منكم بطاقة دعوة، ليست كبقية البطاقات، هي بطاقة قرآنية: {شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان}، {يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلَّكم تتّقون}. هذه هي بطاقة الدعوة: تعالوا إليّ يا ضيوفي، وهي ليست من قبيل الأكل والشرب ولكنها ضيافة الرحمة والبركة والمغفرة.
ـ وجُعلتم فيه من أهل كرامته ـ فالله تعالى يسبغ عليكم بالكرامة، وأيّ كرامة أعظم من كرامة الله لك؟ فإذا أكرمك الناس كلهم ولكن الله يحقّرك، فما قيمة ذلك كله؟ أما إذا أكرمك الله وحقّرك كلُّ الناس، فأنت من أهل الكرامة، لأن القضيَّة هي أن الله خالق الكون كله يقول لك تعال إليّ، فأنت في موضع الكرامة عندي، وكرامة الله رضوانه والقرب منه، {يوم لا ينفع مال ولا بنون* إلاّ من أتى الله بقلب سليم}.
التسبيح والعبادة:
ـ أنفاسكم فيه تسبيح ـ تتنفّس لأن التنفَّس هو سرّ حياتك، ولكن الله يحسب لك كل نفس يصعد أو يهبط تسبيحاً، حتى لو لم ينطق بذلك لسانك، لأنك عندما تعيش الإيمان والقرب من الله فإن روحك تسبّح، ولذلك تتحرك كل أعضائك في الداخل والخارج بالتسبيح لله، لأن التسبيح ينطلق من إحساس الإنسان بربّه وخضوعه له بالربوبية، فبعض الناس يسبّحون بلسانهم ولكنَّهم لا يعيشون معناه في أنفسهم ـ ونومكم فيه عبادة ـ تنام ليستريح جسمك، لتستطيع من خلال ذلك أن تستعدَّ للعبادة والقيام بمسؤولياتك في ما حمّلك الله من المسؤوليات في نفسك وأهلك ـ وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب ـ فإذا كان الجوّ كذلك، فما هي الطلبات التي نطلبها من ربنا ـ فاسألوا ربَّكم بنيّات صادقة ـ فلا تكن نيّات سوء وحقد وخبث ـ وقلوب طاهرة ـ طهّروا قلوبكم من العداوة والبغضاء حتى لا تصيبه الذبحة الإيمانية ـ أن يوفقكم لصيامه ـ إذا لم تكن لكم أعذار في ترك الصيام ـ وتلاوة كتابه ـ لأن القرآن هو النور، وعلينا أن نتلو كتابه سبحانه في كلِّ وقت وفي شهر رمضان بالذات، لأنه دستور العقيدة والشريعة والمنهج والعلاقات والمعاملات، ودستور الحرب والسلم، فعلينا أن نقرأه قراءة تدبّر ـ فإنّ الشقيَّ من حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم»، لأن ما يفوته في موسم شهر رمضان، لا يعوضه في خارج هذا الموسم، وشهر رمضان موسم البركة والرحمة.
شهر التواصل والعطاء:
وكذلك فإن هناك الكثير من النَّاس يجوعون ويعطشون، ولا يعتبرون شهر رمضان شهر التُّخمة، فماذا علينا أن نتذكّر؟ يقول(ص): «فاذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه ـ تذكّر في بهذا الجوع جوع يوم القيامة، حتى إذا أخلصت لله فلا تجوع ولا تعطش في ذلك اليوم. ـ وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم ـ لأن الصدقة تدفع البلاء وتطيل العمر وتداوي المرضى، والله تعالى فرض علينا في أموالنا حقاً معلوماً للسائل والمحروم، وهي غير الخمس والزكاة الذي فرضه الله.
ـ واحفظوا ألسنتكم، ووقّروا كباركم، وارحموا صغاركم ـ لأنه يريد أن تقوم العلاقة بين الجيل القديم والجيل الجديد على أساس الاحترام والوقار، فعلى الجيل الجديد أن يوقّر الجيل القديم الذي سبقه بالإيمان وملك التجربة الأوسع، وعلى الجيل القديم أن يرحم الجيل الجديد، فيتعامل معه برحمة، وبذلك يتبادل الجيلان التجربة المشتركة.
ـ وصلوا أرحامكم ـ شهر رمضان هو شهر التواصل، وهو ما أوصى به الإمام عليّ(ع) عند شهادته، يقول(ع): «وعليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابر والتقاطع»، فصلة الرحم تطيل الأعمار وتعمّر الديار، بينما قطيعة الرحم تقصّر العمر وتجعل الديار بلاقع وخراباً ـ وغضّوا عما لا يحلُّ النظر إليه أبصاركم ـ الله تعالى حرّم على الإنسان أن يمدّ بصره إلى بعض الأشياء: {قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم... وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهن}.
ـ وعمّا لا يحلُّ الاستماع إليه أسماعكم ـ مما حرّمه الله من غناء اللّغو والميوعة والمجون ـ وتحنّنوا على أيتام الناس يُتحنَّن على أيتامكم ـ ومن الذي سيخلد في الدنيا؟ فإذا تحمّلت مسؤولية الأيتام في حياتك، فإنَّ الله يقدّر لأيتامك من يتحنَّن عليهم ـ وتوبوا إلى الله من ذنوبكم ـ هو شهر التوبة ـ وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم، فإنها أفضل الساعات، ينظر الله عزّ وجلّ فيها بالرحمة إلى عباده ـ ولا سيّما إذا كانت الصلاة جماعة، لأنّه إذا زادت الجماعة على العشرة، لا يحصي ثوابها إلا الله. ـ يجيبهم إذا ناجوه، ويلبّيهم إذا نادوه، ويستجيب لهم إذا دعوه... فإن الله أقسم بعزته أن لا يعذّب المصلّين والساجدين يوم يقوم الناس لربّ العالمين».
هذا بعض ما جاء في هذه الخطبة الكريمة التي تلخّص مسؤولية الإنسان بين يدي الله، عندما يقف ليستقبل شهر رمضان، حتى يدخل هذا الشهر ويرحّب الله به في ضيافته وكرامته.