فاطمي
12-04-2010, 12:36 AM
مهندس عراقي: لا رشوة عندي ولا واسطة في الحكومة، ورفضت الانضمام لاي حزب، وهذا هو السبب في كوني بائعاً في الشارع والشرطة تطاردني.
ميدل ايست أونلاين
http://www.middle-east-online.com/meopictures/biga/_101086_basra.jpg
الجامعة ليست مسؤولة عن توفير الوظائف
البصرة – من علي أبو عراق
تعالت صيحة في السوق المحلي في عصر أحد الايام في مدينة البصرة جنوب العراق، لتعلن قدوم الشرطة. وخلال لحظات، جمع الباعة في الشارع بضاعتهم وتفرقوا. إلا ان احدهم، وهو جاسم طالب، لم يكن محظوظاً جداً.
وبينما كان يستمع الى كلمات قاسية من ضباط الشرطة المحلية، كان طالب هو الآخر لديه عبارات قوية.
وقال طالب "ما الذي تريدني ان افعل؟ لا توجد هناك أعمال، بل لا توجد حتى حكومة لتوفر لنا الاعمال. كيف لي ان اعيش اذا لم اقوم بالبيع في الشوارع؟".
قد يكون هذا المشهد عادياً في أي مدينة عراقية في وقت ترتفع فيه معدلات البطالة في البلاد. لكن البصرة مركز غنى العراق لوجود حقول النفط، حيث يقال بان العائدات المالية الجديدة تتدفق بوفرة، ويمكن رؤية التطور المتسارع في كل مكان، وان الشركات العالمية الكبرى تصل بكل امكانياتها.
ولا يمثل البائع جاسم طالب قضية عادية ايضاً، وقصته شائعة وسط شريحة متنامية من العاطلين عن العمل في المدينة.
وسرد طالب قصته بقوله "عمري 28 سنة، تخرجت من كلية الهندسة في جامعة البصرة عام 2005، لقد حاولت جاهداً الحصول على عمل، لكنني فشلت".
وأكد "لم اكن املك 5 آلاف دولار اميركي كرشوة، ولا اي واسطة في الحكومة، ورفضت الانضمام الى اي حزب سياسي. هذا هو السبب في كوني بائعا في الشارع، والشرطة تطاردني دوما لأنني ابيع بضاعتي في أماكن ممنوعة".
ويردد الذين تخرجوا مؤخراً من معهدين عاليين للتعليم في محافظة البصرة نفس الشكوى "من المستحيل العثور على اعمال تتطلب المهارة، والكثير من الوظائف تتطلب وجود علاقات ودفع رشى، او وجود علاقة مع حزب سياسي ما".
ومما زاد الطين بلة، وصول شركات نفطية جلبت معها لحد الآن عدداً كبيراً من طواقمها الفنية.
وتخرجت سعاد عبد النبي- 26 عاما- عام 2007 بعد نيلها الشهادة في علوم الحاسوب، من كلية شط العرب، من احدى الجامعات الاهلية في المحافظة. وتقول بان شهادتها أثبتت عدم قيمتها بسبب تراكم الديون على عائلتها.
واضافت "لقد جعلت عائلتي تتحمل نفقاتي الجامعية، هذه هي السنة الثالثة بعد تخرجي، ولم اقدر حتى الآن على الحصول على عمل".
وعبرت عن شعورها بالذنب لانها حملت عائلتها ذلك دون ان ترد لهم اي شيء بالمقابل. "لاتوجد شواغر في الوظائف ما عدا للاشخاص الذين يحظون بالنفوذ والسلطة".
وقال الدكتور عقيل عبد الحسين، مدير قسم المعلومات في جامعة البصرة، "ان معدل الطلبة الذين يقبلون في الجامعة كل عام هو 4000، وقد تخرج 4500 طالب عام 2010".
وأكد بقوله "بانه ليس من مسؤولية الجامعة توفير وظائف للخريجين".
واضاف "نحن مسؤولون عن اعدادهم من خلال تقديم التعليم لهم، بالاضافة الى برامج التدريب وورش العمل".
واوضح عبد الحسين "بالرغم من ان لا أحد من الخريجين الذين تمت مقابلتهم من قبل معهد صحافة الحرب والسلام، قال بانه دخل أحد ورش العمل هذه".
وذكر هاشم لعيبي، مدير الاعلام في مجلس محافظة البصرة، بان نسبة البطالة في عموم المحافظة قد بلغت 25 بالمئة عام 2010، لكنه وافق على انه من الممكن ان تكون أكبر بالنسبة الى شريحة الخريجين.
ويقدر الدكتور نبيل جعفر، الاستاذ في كلية الادارة والاقتصاد في جامعة البصرة، بان النسبة الكلية للعاطلين عن العمل هي اقرب الى 30 بالمئة.
واضاف بان هذا الرقم قد يصل الى 50 بالمئة بين القطاعات الفقيرة من المجتمع، وبضمنهم الخريجين.
واوضح "لقد كنا حريصين على دعم الخريجين عن طريق تأمين التعيينات لهم في الشركات الاجنبية التي تريد الاستثمار في العراق. ونرغب في بدء عملية تؤهل منح اجازة الاستثمار في البصرة لهذه الشركات شرط تعيينها عددا من الخريجين الجدد".
واشار بان المجلس صادق على مشاريع ذات ميزانيات صغيرة تم تمويلها من قبل المملكة المتحدة لتوفير قروض لاعمال تجارية صغيرة للخريجين.
ويعتقد الخبراء بان البصرة تملك ما بين 40-60 بالمئة من احتياطي نفط العراق، وهي ثروة غير مستخرجة والتي يمكن ان تؤدي الى اعادة انعاش الاقتصاد العاجز.
ومنذ منحها العقود الى الشركات الاجنبية في آب الماضي، وصلت شركات نفطية عملاقة مثل أكسون موبايل وبريتش بترولويم وشركة البترول الوطنية الصينية، جنباً الى جنب مع مئات من شركات أصغر الى البصرة.
ووصفت صحيفة الغارديان مدينة البصرة بـ "المتخمة بالاموال الجديدة".
وقال الدكتور محمد صالح، ممثل وزارة التعليم في وزارة النفط، بان الحكومة المركزية تنوي تحويل الاستثمارات الواردة الى وظائف وأعمال.
واضاف "تشجع وزارة النفط، الشركات النفطية على دعم المهندسين المتدربين والخريجين مالياً بهدف خفض معدل البطالة، وفي الوقت نفسه امداد الصناعة النفطية بالكوادر المحترفة".
وأوضح بان وزارة النفط قد وضعت خططاً لكلية النفط في البصرة تهدف الى تطوير مهارات العمال بهدف العمل مع شركات النفط العملاقة القادمة الى المحافظة. واضاف بان الكلية هذه قد تصبح حقيقة بحلول عام 2012.
وحتى ذلك الوقت، يقول الخريجون الذين يدخلون الى القوة العاملة في البصرة، بان فرصتهم ضئيلة في الحصول على عمل ما.
وقال أمين علي، الطالب في المرحلة الاولى في جامعة البصرة "ان الشعور السائد بين الشباب هو اليأس".
وأضاف "هذا امر يبعث على الاحباط ويجعلني أشعر بانني سأكون مجرد خريج آخر بدون عمل او مستقبل مثل الكثير من أصدقائي".
وأكد "لا يمكنك الحصول على عمل ما لم تتوسل او تدفع، يبدو ان المجتمع قد تحول الى لعبة حيث لا علاقة لمعايير التأهيل بالتعليم او الخبرة".
علي ابوعراق ، صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام.
ميدل ايست أونلاين
http://www.middle-east-online.com/meopictures/biga/_101086_basra.jpg
الجامعة ليست مسؤولة عن توفير الوظائف
البصرة – من علي أبو عراق
تعالت صيحة في السوق المحلي في عصر أحد الايام في مدينة البصرة جنوب العراق، لتعلن قدوم الشرطة. وخلال لحظات، جمع الباعة في الشارع بضاعتهم وتفرقوا. إلا ان احدهم، وهو جاسم طالب، لم يكن محظوظاً جداً.
وبينما كان يستمع الى كلمات قاسية من ضباط الشرطة المحلية، كان طالب هو الآخر لديه عبارات قوية.
وقال طالب "ما الذي تريدني ان افعل؟ لا توجد هناك أعمال، بل لا توجد حتى حكومة لتوفر لنا الاعمال. كيف لي ان اعيش اذا لم اقوم بالبيع في الشوارع؟".
قد يكون هذا المشهد عادياً في أي مدينة عراقية في وقت ترتفع فيه معدلات البطالة في البلاد. لكن البصرة مركز غنى العراق لوجود حقول النفط، حيث يقال بان العائدات المالية الجديدة تتدفق بوفرة، ويمكن رؤية التطور المتسارع في كل مكان، وان الشركات العالمية الكبرى تصل بكل امكانياتها.
ولا يمثل البائع جاسم طالب قضية عادية ايضاً، وقصته شائعة وسط شريحة متنامية من العاطلين عن العمل في المدينة.
وسرد طالب قصته بقوله "عمري 28 سنة، تخرجت من كلية الهندسة في جامعة البصرة عام 2005، لقد حاولت جاهداً الحصول على عمل، لكنني فشلت".
وأكد "لم اكن املك 5 آلاف دولار اميركي كرشوة، ولا اي واسطة في الحكومة، ورفضت الانضمام الى اي حزب سياسي. هذا هو السبب في كوني بائعا في الشارع، والشرطة تطاردني دوما لأنني ابيع بضاعتي في أماكن ممنوعة".
ويردد الذين تخرجوا مؤخراً من معهدين عاليين للتعليم في محافظة البصرة نفس الشكوى "من المستحيل العثور على اعمال تتطلب المهارة، والكثير من الوظائف تتطلب وجود علاقات ودفع رشى، او وجود علاقة مع حزب سياسي ما".
ومما زاد الطين بلة، وصول شركات نفطية جلبت معها لحد الآن عدداً كبيراً من طواقمها الفنية.
وتخرجت سعاد عبد النبي- 26 عاما- عام 2007 بعد نيلها الشهادة في علوم الحاسوب، من كلية شط العرب، من احدى الجامعات الاهلية في المحافظة. وتقول بان شهادتها أثبتت عدم قيمتها بسبب تراكم الديون على عائلتها.
واضافت "لقد جعلت عائلتي تتحمل نفقاتي الجامعية، هذه هي السنة الثالثة بعد تخرجي، ولم اقدر حتى الآن على الحصول على عمل".
وعبرت عن شعورها بالذنب لانها حملت عائلتها ذلك دون ان ترد لهم اي شيء بالمقابل. "لاتوجد شواغر في الوظائف ما عدا للاشخاص الذين يحظون بالنفوذ والسلطة".
وقال الدكتور عقيل عبد الحسين، مدير قسم المعلومات في جامعة البصرة، "ان معدل الطلبة الذين يقبلون في الجامعة كل عام هو 4000، وقد تخرج 4500 طالب عام 2010".
وأكد بقوله "بانه ليس من مسؤولية الجامعة توفير وظائف للخريجين".
واضاف "نحن مسؤولون عن اعدادهم من خلال تقديم التعليم لهم، بالاضافة الى برامج التدريب وورش العمل".
واوضح عبد الحسين "بالرغم من ان لا أحد من الخريجين الذين تمت مقابلتهم من قبل معهد صحافة الحرب والسلام، قال بانه دخل أحد ورش العمل هذه".
وذكر هاشم لعيبي، مدير الاعلام في مجلس محافظة البصرة، بان نسبة البطالة في عموم المحافظة قد بلغت 25 بالمئة عام 2010، لكنه وافق على انه من الممكن ان تكون أكبر بالنسبة الى شريحة الخريجين.
ويقدر الدكتور نبيل جعفر، الاستاذ في كلية الادارة والاقتصاد في جامعة البصرة، بان النسبة الكلية للعاطلين عن العمل هي اقرب الى 30 بالمئة.
واضاف بان هذا الرقم قد يصل الى 50 بالمئة بين القطاعات الفقيرة من المجتمع، وبضمنهم الخريجين.
واوضح "لقد كنا حريصين على دعم الخريجين عن طريق تأمين التعيينات لهم في الشركات الاجنبية التي تريد الاستثمار في العراق. ونرغب في بدء عملية تؤهل منح اجازة الاستثمار في البصرة لهذه الشركات شرط تعيينها عددا من الخريجين الجدد".
واشار بان المجلس صادق على مشاريع ذات ميزانيات صغيرة تم تمويلها من قبل المملكة المتحدة لتوفير قروض لاعمال تجارية صغيرة للخريجين.
ويعتقد الخبراء بان البصرة تملك ما بين 40-60 بالمئة من احتياطي نفط العراق، وهي ثروة غير مستخرجة والتي يمكن ان تؤدي الى اعادة انعاش الاقتصاد العاجز.
ومنذ منحها العقود الى الشركات الاجنبية في آب الماضي، وصلت شركات نفطية عملاقة مثل أكسون موبايل وبريتش بترولويم وشركة البترول الوطنية الصينية، جنباً الى جنب مع مئات من شركات أصغر الى البصرة.
ووصفت صحيفة الغارديان مدينة البصرة بـ "المتخمة بالاموال الجديدة".
وقال الدكتور محمد صالح، ممثل وزارة التعليم في وزارة النفط، بان الحكومة المركزية تنوي تحويل الاستثمارات الواردة الى وظائف وأعمال.
واضاف "تشجع وزارة النفط، الشركات النفطية على دعم المهندسين المتدربين والخريجين مالياً بهدف خفض معدل البطالة، وفي الوقت نفسه امداد الصناعة النفطية بالكوادر المحترفة".
وأوضح بان وزارة النفط قد وضعت خططاً لكلية النفط في البصرة تهدف الى تطوير مهارات العمال بهدف العمل مع شركات النفط العملاقة القادمة الى المحافظة. واضاف بان الكلية هذه قد تصبح حقيقة بحلول عام 2012.
وحتى ذلك الوقت، يقول الخريجون الذين يدخلون الى القوة العاملة في البصرة، بان فرصتهم ضئيلة في الحصول على عمل ما.
وقال أمين علي، الطالب في المرحلة الاولى في جامعة البصرة "ان الشعور السائد بين الشباب هو اليأس".
وأضاف "هذا امر يبعث على الاحباط ويجعلني أشعر بانني سأكون مجرد خريج آخر بدون عمل او مستقبل مثل الكثير من أصدقائي".
وأكد "لا يمكنك الحصول على عمل ما لم تتوسل او تدفع، يبدو ان المجتمع قد تحول الى لعبة حيث لا علاقة لمعايير التأهيل بالتعليم او الخبرة".
علي ابوعراق ، صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام.