المراسل
10-08-2004, 11:58 AM
طلال سلمان
السفير
يفترض الوليد بن طلال آل سعود، الذي يحمل هوية لبنانية شرفية باسم الوليد رياض الصلح، أنه قد <<قبض>> على لبنان كله، وأنه قد بات من حقه أن يتصرف فيه وكأنه بعض ممتلكات شركته القابضة: <<المملكة>>...
إنه يطل علينا، بين الحين والآخر، ليلقي من موقع ولي الأمر الدروس على الشعب اللبناني بحكمه وحكومته ومجلسه النيابي وقواه السياسية، موالية ومعارضة، ولا سيما معارضة، ومؤسساته الإعلامية تلك التي دخل فيها مساهماً أو التي لم يرغب فيها أو لم ترغب في دخول جنته <<القابضة>>...
وفي كل طلة من طلاته الاستثمارية يتكرّم هذا الوليد بتوزيع الشهادات في الوطنية وفي كفاءة القيادة وحتى في شرف المقاومة على من يراهم جديرين بثقته وبتقديره الذي لا يخطئ، بدليل تعاظم حجم استثماراته إلى ما يتجاوز المعقول.
وليس الاعتراض على أن أمير الاستثمار يتجاوز حدوده، كضيف، ولو أن خؤولته لبنانية، ويتدخل في ما لا يجوز له أدباً ولياقة ملكية أن يتدخل فيه، فيحاول أن يضع على ألسنة الناس آراءً لا يقبلونها لا في الأساس ولا في التفاصيل حول حكامهم ومؤسساتهم، فكيف بأن يتصدى لتعليمهم ما لم يتصل بعلمهم من مبادئ الديموقراطية ومن الأصول الدستورية ومن الأعراف البرلمانية؟!
وواضح أن الأمير المتباهي بنجاحاته الباهرة في مجالات الاستثمار المصرفي والسياحي والفندقي والإعلامي والفني حتى لا ننسى روتانا ، والمتصدق على دول هي بمثابة <<عزيز قوم ذل>>، نذكر منها تحديداً مصر ولبنان، ينسى قاعدة بسيطة مفادها أن الأوطان ليست للبيع، ولو عضّها الجوع، وأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة...
رحم الله جدَّيْ الوليد، الراحلين العظيمين عبد العزيز آل سعود ورياض الصلح: إنهما قدوتان في الحنكة والدهاء السياسي، وقد كانا كبيرين بما يكفي للتوسط بين دول وبين عائلات حاكمة، بقدر ما كانا <<بطلين>> أسهما في إعلاء شأن بلديهما بالحكمة واحترام الآخرين، والامتناع عن التدخل الفظ في الشؤون الداخلية لأقطار إخوانهم... فإذا كان لديهما ما يقدمانه، سواء في مجال النصيحة أو في مجال المساعدة المباشرة، أو في مجال المساعي الحميدة لرأب الصدع بين حاكمين صديقين، فإنهما كانا يقومان بذلك من دون طبل وزمر، والأهم من دون استفزاز الناس في كراماتهم الوطنية كما الشخصية.
إن هذه التصرفات الفجة للوليد بن طلال إنما تحسم من رصيد المملكة العربية السعودية عند اللبنانيين على اختلاف ميولهم واتجاهاتهم السياسية.
إن الوليد يجعل السعودية طرفاً في نزاع داخلي، بينما هي تحرص على حفظ علاقة متوازنة مع الأطراف اللبنانية جميعاً. ثم إن السعودية تتعرض لحرب شرسة تشنها عليها قوى عظمى، ولا ينقصها أن تخسر بعض إخوانها.. فقط بسبب رعونة بعض هواة الاستثمار السياسي!
كذلك فإن هذا التعصب المتطرف للرئيس إميل لحود لن ينفعه في زيادة رصيده لدى اللبنانيين، بل على الأرجح أنه سيحدث ردة فعل عكسية فيحرم رئيس الجمهورية من تأييد من تبقى من مسانديه.
ومن حق الوليد بن طلال آل سعود أن يكون صديقاً حميماً للرئيس لحود، أو لمن شاء من اللبنانيين، الذين يحفظون لجديه كل التقدير والاحترام، ولكن ليس من حقه أن يفرض عليهم رأيه في حكامهم بذريعة أنهم أصدقاؤه.
وبالتأكيد فإن خسائر الرئيس لحود قد تعاظمت أمس، وبعد هذا التأييد من خارج السياسة والواقع، لممارسات رئيس الجمهورية في الحكم، وأبرزها هيمنته على جلسات مجلس الوزراء جميعاً، وهي <<ميزة>> استحقت من الوليد مديحاً سيرتد على الممدوح.
لعل الوليد قد افترض أن إميل لحود هو ظل الله على الأرض؟!
... ولكن الوليد يتورّع أن يقول في الرياض كلاماً كالذي تفوّه به في بيروت.
لنفترض أنها قلة الخبرة، أو أنه النقص في الحكمة، أو أنه الخروج على الأصول بدافع <<الدالة الشخصية>>... بل لنقل إنه مناخ الحرية والديموقراطية وحق الاعتراض على الحاكم، لا سيما متى أخطأ، قد أغرى الأمير الوليد فحاول أن يعوّض عندنا ما لا يستطيع ممارسته في أي مكان آخر، لا في السعودية ولا في أي دولة تزيد فيها استثماراته عنها في لبنان عشرات المرات.
رحم الله جدي الوليد، وليته تعلم منهما ألف باء السياسة وأصول التعامل مع الناس، سواء في مملكة غنية كالسعودية، أو في جمهورية فقيرة كلبنان... فالكرامة هنا، كما هناك، لا تُشرى ولا تباع.
السفير
يفترض الوليد بن طلال آل سعود، الذي يحمل هوية لبنانية شرفية باسم الوليد رياض الصلح، أنه قد <<قبض>> على لبنان كله، وأنه قد بات من حقه أن يتصرف فيه وكأنه بعض ممتلكات شركته القابضة: <<المملكة>>...
إنه يطل علينا، بين الحين والآخر، ليلقي من موقع ولي الأمر الدروس على الشعب اللبناني بحكمه وحكومته ومجلسه النيابي وقواه السياسية، موالية ومعارضة، ولا سيما معارضة، ومؤسساته الإعلامية تلك التي دخل فيها مساهماً أو التي لم يرغب فيها أو لم ترغب في دخول جنته <<القابضة>>...
وفي كل طلة من طلاته الاستثمارية يتكرّم هذا الوليد بتوزيع الشهادات في الوطنية وفي كفاءة القيادة وحتى في شرف المقاومة على من يراهم جديرين بثقته وبتقديره الذي لا يخطئ، بدليل تعاظم حجم استثماراته إلى ما يتجاوز المعقول.
وليس الاعتراض على أن أمير الاستثمار يتجاوز حدوده، كضيف، ولو أن خؤولته لبنانية، ويتدخل في ما لا يجوز له أدباً ولياقة ملكية أن يتدخل فيه، فيحاول أن يضع على ألسنة الناس آراءً لا يقبلونها لا في الأساس ولا في التفاصيل حول حكامهم ومؤسساتهم، فكيف بأن يتصدى لتعليمهم ما لم يتصل بعلمهم من مبادئ الديموقراطية ومن الأصول الدستورية ومن الأعراف البرلمانية؟!
وواضح أن الأمير المتباهي بنجاحاته الباهرة في مجالات الاستثمار المصرفي والسياحي والفندقي والإعلامي والفني حتى لا ننسى روتانا ، والمتصدق على دول هي بمثابة <<عزيز قوم ذل>>، نذكر منها تحديداً مصر ولبنان، ينسى قاعدة بسيطة مفادها أن الأوطان ليست للبيع، ولو عضّها الجوع، وأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة...
رحم الله جدَّيْ الوليد، الراحلين العظيمين عبد العزيز آل سعود ورياض الصلح: إنهما قدوتان في الحنكة والدهاء السياسي، وقد كانا كبيرين بما يكفي للتوسط بين دول وبين عائلات حاكمة، بقدر ما كانا <<بطلين>> أسهما في إعلاء شأن بلديهما بالحكمة واحترام الآخرين، والامتناع عن التدخل الفظ في الشؤون الداخلية لأقطار إخوانهم... فإذا كان لديهما ما يقدمانه، سواء في مجال النصيحة أو في مجال المساعدة المباشرة، أو في مجال المساعي الحميدة لرأب الصدع بين حاكمين صديقين، فإنهما كانا يقومان بذلك من دون طبل وزمر، والأهم من دون استفزاز الناس في كراماتهم الوطنية كما الشخصية.
إن هذه التصرفات الفجة للوليد بن طلال إنما تحسم من رصيد المملكة العربية السعودية عند اللبنانيين على اختلاف ميولهم واتجاهاتهم السياسية.
إن الوليد يجعل السعودية طرفاً في نزاع داخلي، بينما هي تحرص على حفظ علاقة متوازنة مع الأطراف اللبنانية جميعاً. ثم إن السعودية تتعرض لحرب شرسة تشنها عليها قوى عظمى، ولا ينقصها أن تخسر بعض إخوانها.. فقط بسبب رعونة بعض هواة الاستثمار السياسي!
كذلك فإن هذا التعصب المتطرف للرئيس إميل لحود لن ينفعه في زيادة رصيده لدى اللبنانيين، بل على الأرجح أنه سيحدث ردة فعل عكسية فيحرم رئيس الجمهورية من تأييد من تبقى من مسانديه.
ومن حق الوليد بن طلال آل سعود أن يكون صديقاً حميماً للرئيس لحود، أو لمن شاء من اللبنانيين، الذين يحفظون لجديه كل التقدير والاحترام، ولكن ليس من حقه أن يفرض عليهم رأيه في حكامهم بذريعة أنهم أصدقاؤه.
وبالتأكيد فإن خسائر الرئيس لحود قد تعاظمت أمس، وبعد هذا التأييد من خارج السياسة والواقع، لممارسات رئيس الجمهورية في الحكم، وأبرزها هيمنته على جلسات مجلس الوزراء جميعاً، وهي <<ميزة>> استحقت من الوليد مديحاً سيرتد على الممدوح.
لعل الوليد قد افترض أن إميل لحود هو ظل الله على الأرض؟!
... ولكن الوليد يتورّع أن يقول في الرياض كلاماً كالذي تفوّه به في بيروت.
لنفترض أنها قلة الخبرة، أو أنه النقص في الحكمة، أو أنه الخروج على الأصول بدافع <<الدالة الشخصية>>... بل لنقل إنه مناخ الحرية والديموقراطية وحق الاعتراض على الحاكم، لا سيما متى أخطأ، قد أغرى الأمير الوليد فحاول أن يعوّض عندنا ما لا يستطيع ممارسته في أي مكان آخر، لا في السعودية ولا في أي دولة تزيد فيها استثماراته عنها في لبنان عشرات المرات.
رحم الله جدي الوليد، وليته تعلم منهما ألف باء السياسة وأصول التعامل مع الناس، سواء في مملكة غنية كالسعودية، أو في جمهورية فقيرة كلبنان... فالكرامة هنا، كما هناك، لا تُشرى ولا تباع.