المهدى
10-08-2004, 08:32 AM
خالص جلبي
قصة العرب مع السلاح النووي تذكر ببني إسرائيل حينما عبروا البحر مع النبي موسى، فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال: إنكم قوم تجهلون. إن هؤلاء متبّرٌ ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون.
ولأن العرب في معظمهم يمجدون القوة ويتحكم في رقابهم الجبارون، فهم يتلمظون لامتلاك السلاح النووي، كما كان يحلم بذلك صدام المصدوم. وكما يفعل حاليا (الخاتمي) في إيران، مع أنه فيلسوف يعتمد العقل أكثر من العضل. وأعظم سلاح لحاكم هو شعبه الذي يقف خلفه.
وعبادة القوة مرض قديم في دنيا العرب وليس الوحيد. وهناك أمراض تضرب في مفاصل الثقافة الإسلامية مثل الروماتزم الخبيث. مثل دونية المرأة، واحتقار العلم، وتبرئة الذات، واتهام الآخرين، والإيمان بالخوارق، وتقديس السلف، وظن أن النص يغني عن الواقع، والاهتمام بفضائل الجهاد من غير معرفة بشروط الجهاد، ورفض الديمقراطية مع أنها أقرب إلى الرشد من كل ما عليه أكثر المسلمين، وظن أن الأحكام لا تتغير بتغير الأزمان، أي كأن العدل لا يمكن أن ينمو أكثر فأكثر.
وحول مقالتي (عن حاجة إيران للسلاح النووي؟) التي نشرت في جريدة («الشرق الأوسط» العدد 9439 تاريخ 1 أكتوبر 2004)، كتب لي أحدهم يقول: «نعم.. إيران تحتاج إلى السلاح النووي، فالدول العظمى لا تعير اهتماما لمن لا يملك ذلك السلاح، فها هي أميركا تصف محادثاتها مع كوريا الشمالية بالممتازة. أستاذي لم يعد شعار (جناحي العلم والسلم) يجدي؟».
ولم يكن رد الأخ الفاضل الوحيد، فمعظم من أرسل يرى أن موقف إيران في السعي لامتلاك السلاح النووي صحيح. وإذا أراد العرب أن يصبحوا مهيبي الجانب فعليهم امتلاك السلاح النووي. وهذا يعني أن حركة صدام في وقت مبكر لامتلاك السلاح النووي كانت عين العقل؟
ووجهة النظر هذه تعبر عن الثقافة السائدة. ونحن في المخبر نأخذ عينة دم بسيطة من المريض فنعرف إصابته بسرطان الدم. ومن فقرات بسيطة من الكلام يمكن تحليل الثقافة، وفي علم النفس يتم الوصول إلى الحقيقة من عالم (اللاشعور).
والأحلام كما يقول عالم النفس (هادفيلد) هي مكان انفجار أمواج اللاشعور إلى السطح من (عقد نفسية) مخبأة في قاع بحر النفس.
وما عبر عنه الأخ الفاضل هو الثقافة السائدة، ليس عند المسلمين فقط، بل يشاركهم فيها الكثير، وفي النادي النووي اليوم شركاء متشاكسون كثر. وإلا ما معنى أن تمتلك إسرائيل 100 رأس نووي؟ وفي ترسانة أميركا أكثر من خمسة آلاف رأس نووي، وعند روسيا مثلها. وتملك الصين ودول متعددة مئات الرؤوس الجاهزة للحمل على رؤوس صواريخ عابرة للقارات أو في بطون غواصات نووية تذرع عرض المحيطات جاهزة لهدم العالم في نصف ساعة.
وحجة من يرى امتلاك السلاح النووي هي حجة كوريا الشمالية أنها أصبحت منيعة تُهَدِد ولا تُهدد. وبامتلاك السلاح النووي تقفز دولة تافهة إلى قوة عظمى. وذهب (فيكتور فيرنر) في كتابه (الخوف الكبير) أن السلاح النووي خدم في الردع فأدى إلى سلام هش. فكان مفيدا مع أنه وحش كالصريم. فهذه هي الحجة الثانية.
والحجة الثالثة هي سلاح (شمشون)، فإسرائيل بامتلاكها السلاح النووي لن يجازف العرب قط في رميها في البحر، فهي سوف تهدم قبة السموات على العواصم العربية في ساعة الصفر، وربما ألمانيا انتقاما للهولوكوست. فكان السلاح النووي بهذا سلاح بقاء لوجود إسرائيل.
وهكذا، فحجة امتلاك السلاح النووي هي ثلاثية: المنعة ودخول نادي الجبارين، وهي تقود إلى السلام ولو كان رجراجاً زئبقياً، كما حدث بين الهند وباكستان. ولو امتلكت الحبشة وإريتريا سلاحا نوويا لربما لم تجازفا بخوض حروب مدمرة. والسلاح النووي ثالثا هو سلاح بقاء لبعض الدول.
ولكن بمراجعة الحجج الثلاث نرى إن كل حجة أضعف من الثانية. كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا. فالسلاح النووي فضلاً عن الكلفة الخرافية لإنشائه فيه محظوران: التلوث والحماقة. والحرب لم تكن دوما تحت السيطرة أو الإرادة والعقل. بل كانت تنفجر أحيانا من عملية (اغتيال) فردية، كما في حادثة الأرشيدوق في سراييفو، أو شهوات امرأة وضعف زوج، كما في قصة الملكة (يوجينا) و(نابليون الثالث) في حرب 1870. وفي أزمة (كوبا) عام 1962، عاش العالم عشرة أيام كان يمكن أن تندلع فيها حرب نووية. وحاليا، ليس هناك من ضمانة لانفجار من هذا النوع بين الهند وباكستان، أو كوريا الشمالية ودول الجوار. وإذا كانت حرب عام 1870 كلفت 140 ألف قتيل; فحرب نووية الآن سوف تقتل 120 مليون إنسان في الساعات الأولى.
وحسب دراسة (توينبي) لانهيارات الحضارات في التاريخ، أنها لم تعان من نقص في التقنية أو تطوير الأساليب الحربية، وأن المقتل جاء من حماقة الروح العدوانية والحرب. ودولة (آشور) بقيت تطور آلتها الحربية بحرص ودقة، وتبطش بدول الشرق الأوسط، ثم ماتت (مختنقة في الدرع). وإسرائيل لا تزيد عن جيب أميركي، وقوة إسرائيل من ضعف العرب، وفي اللحظة التي يقوى فيها جهاز المناعة العربي سيكون مصير إسرائيل مصير الحملة الصليبية السابعة.
وألمانيا واليابان صعدتا إلى القمة بدون سلاح، في الوقت الذي انهار الاتحاد السوفياتي ومعه كل السلاح. والردع النووي ليس سلاماً. والحرب ليست عقلانية كما أكدت دروس التاريخ. وحسب الجنرال (فيكتور فيرنر) فإن الحرب:
« تنشأ عندما تتلاقى شيئا فشيئا مجموعة من الوقائع والمشاعر، وتنتهي إلى خلق حالة تبدو فيها أنها غير محتملة لأحد الخصمين، في هذا الوقت بالذات، وليس في غيره، تظهر الحرب آنذاك على أنها الحل الوحيد المقبول».
وحسب (فيرنر هايزنبرغ) في كتابه (الكل والجزء) في حواره مع (انريكو فيرمي)، الذي اخترع أول مفاعل نووي عام 1942 عن (هتلر)، كان يعلم أنه سيخسر الحرب فيما لو دخلها; لأن الحرب تعتمد التقنية، ولكنه يختم حواره بقوله: ولكن متى كانت الحرب عقلانية؟
وهناك من يرى أن الحرب كانت شيئا أساسيا من وجود البشر، وسوف تستمر بشكل وآخر، فالسلام مستحيل. والحرب طبعت في جبلة البشر. وهي أم التاريخ وأبوها كما قال الفيلسوف اليوناني(هرقليطس).
وهناك من يراهن أن الحرب مستحيلة، لأن حربا نووية تعني موت مئات الملايين من البشر في ساعات، وتفجير قنبلة حرارية من عيار 10 ميجاطن على بعد 10 كم من الساحل سوف يدفع موجات تضرب الشواطئ بارتفاع 200 متر. وجرب العلماء الأثر الشعاعي على فئران سمينة فجاءت أجنة مشوهة أغرت أمهاتها بالتهامها باستثناء فأرين بدون عيون. أما السلاح البيولوجي، فهو أقوى بمليون مرة مما استعمل في الحرب العالمية الثانية، وهو أقوى من النووي بمائة مرة، و15 طنا من السلاح البيولوجي كافية لمسح «كل مظهر من مظاهر الحياة على كوكبنا».
وبذلك أصبحت الحرب مستحيلة، وألغت القوة القوة. والأسلحة النووية ليست للاستخدام. والحرب اليوم لن تطال جانبي القتال، بل أمما لا علاقة لها بالحرب. وعندما انفجر مفاعل (تشرنوبل) في روسيا، حملت الرياح آثاره المدمرة حتى قلب أوربا. ونحن نقف اليوم أمام تغير نوعي في الطاقة النارية مما يذكر بأساطير اليونان، وهذا التطور« ظاهرة جديدة لم يعرفها العالم من قبل، فإذا كان هناك إنسان طوله متران ونصف المتر، ووزنه 200 كغ، فإنه يبقى إنساناً بالرغم من أنه غير عادي، ولكن هل يمكن أن نعتبره كائناً بشرياً إذا بلغ طوله مائتي متر ووزنه عدة أطنان؟».
ولأن ظاهرة الحرب معقدة مثل تعقيد الحياة، فيجب تكريس جامعات وأبحاث لدراستها كما «يدرس رد فعل أي مركب كيماوي بصورة موضوعية». واليوم يوجد في العالم أكثر من مائة مؤسسة تدرس ظاهرة الحرب مثل دراسة الفيروسات الخطيرة في المخابر. وجوابي لمن يرغب أن تتسلح إيران بالسلاح النووي، أننا يجب أن لا نتسلح. ولولا خمسة ملايين قطعة سلاح في العراق اليوم لما سقط الناس مثل الذباب.
kjalabi@hotmail.com
قصة العرب مع السلاح النووي تذكر ببني إسرائيل حينما عبروا البحر مع النبي موسى، فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال: إنكم قوم تجهلون. إن هؤلاء متبّرٌ ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون.
ولأن العرب في معظمهم يمجدون القوة ويتحكم في رقابهم الجبارون، فهم يتلمظون لامتلاك السلاح النووي، كما كان يحلم بذلك صدام المصدوم. وكما يفعل حاليا (الخاتمي) في إيران، مع أنه فيلسوف يعتمد العقل أكثر من العضل. وأعظم سلاح لحاكم هو شعبه الذي يقف خلفه.
وعبادة القوة مرض قديم في دنيا العرب وليس الوحيد. وهناك أمراض تضرب في مفاصل الثقافة الإسلامية مثل الروماتزم الخبيث. مثل دونية المرأة، واحتقار العلم، وتبرئة الذات، واتهام الآخرين، والإيمان بالخوارق، وتقديس السلف، وظن أن النص يغني عن الواقع، والاهتمام بفضائل الجهاد من غير معرفة بشروط الجهاد، ورفض الديمقراطية مع أنها أقرب إلى الرشد من كل ما عليه أكثر المسلمين، وظن أن الأحكام لا تتغير بتغير الأزمان، أي كأن العدل لا يمكن أن ينمو أكثر فأكثر.
وحول مقالتي (عن حاجة إيران للسلاح النووي؟) التي نشرت في جريدة («الشرق الأوسط» العدد 9439 تاريخ 1 أكتوبر 2004)، كتب لي أحدهم يقول: «نعم.. إيران تحتاج إلى السلاح النووي، فالدول العظمى لا تعير اهتماما لمن لا يملك ذلك السلاح، فها هي أميركا تصف محادثاتها مع كوريا الشمالية بالممتازة. أستاذي لم يعد شعار (جناحي العلم والسلم) يجدي؟».
ولم يكن رد الأخ الفاضل الوحيد، فمعظم من أرسل يرى أن موقف إيران في السعي لامتلاك السلاح النووي صحيح. وإذا أراد العرب أن يصبحوا مهيبي الجانب فعليهم امتلاك السلاح النووي. وهذا يعني أن حركة صدام في وقت مبكر لامتلاك السلاح النووي كانت عين العقل؟
ووجهة النظر هذه تعبر عن الثقافة السائدة. ونحن في المخبر نأخذ عينة دم بسيطة من المريض فنعرف إصابته بسرطان الدم. ومن فقرات بسيطة من الكلام يمكن تحليل الثقافة، وفي علم النفس يتم الوصول إلى الحقيقة من عالم (اللاشعور).
والأحلام كما يقول عالم النفس (هادفيلد) هي مكان انفجار أمواج اللاشعور إلى السطح من (عقد نفسية) مخبأة في قاع بحر النفس.
وما عبر عنه الأخ الفاضل هو الثقافة السائدة، ليس عند المسلمين فقط، بل يشاركهم فيها الكثير، وفي النادي النووي اليوم شركاء متشاكسون كثر. وإلا ما معنى أن تمتلك إسرائيل 100 رأس نووي؟ وفي ترسانة أميركا أكثر من خمسة آلاف رأس نووي، وعند روسيا مثلها. وتملك الصين ودول متعددة مئات الرؤوس الجاهزة للحمل على رؤوس صواريخ عابرة للقارات أو في بطون غواصات نووية تذرع عرض المحيطات جاهزة لهدم العالم في نصف ساعة.
وحجة من يرى امتلاك السلاح النووي هي حجة كوريا الشمالية أنها أصبحت منيعة تُهَدِد ولا تُهدد. وبامتلاك السلاح النووي تقفز دولة تافهة إلى قوة عظمى. وذهب (فيكتور فيرنر) في كتابه (الخوف الكبير) أن السلاح النووي خدم في الردع فأدى إلى سلام هش. فكان مفيدا مع أنه وحش كالصريم. فهذه هي الحجة الثانية.
والحجة الثالثة هي سلاح (شمشون)، فإسرائيل بامتلاكها السلاح النووي لن يجازف العرب قط في رميها في البحر، فهي سوف تهدم قبة السموات على العواصم العربية في ساعة الصفر، وربما ألمانيا انتقاما للهولوكوست. فكان السلاح النووي بهذا سلاح بقاء لوجود إسرائيل.
وهكذا، فحجة امتلاك السلاح النووي هي ثلاثية: المنعة ودخول نادي الجبارين، وهي تقود إلى السلام ولو كان رجراجاً زئبقياً، كما حدث بين الهند وباكستان. ولو امتلكت الحبشة وإريتريا سلاحا نوويا لربما لم تجازفا بخوض حروب مدمرة. والسلاح النووي ثالثا هو سلاح بقاء لبعض الدول.
ولكن بمراجعة الحجج الثلاث نرى إن كل حجة أضعف من الثانية. كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا. فالسلاح النووي فضلاً عن الكلفة الخرافية لإنشائه فيه محظوران: التلوث والحماقة. والحرب لم تكن دوما تحت السيطرة أو الإرادة والعقل. بل كانت تنفجر أحيانا من عملية (اغتيال) فردية، كما في حادثة الأرشيدوق في سراييفو، أو شهوات امرأة وضعف زوج، كما في قصة الملكة (يوجينا) و(نابليون الثالث) في حرب 1870. وفي أزمة (كوبا) عام 1962، عاش العالم عشرة أيام كان يمكن أن تندلع فيها حرب نووية. وحاليا، ليس هناك من ضمانة لانفجار من هذا النوع بين الهند وباكستان، أو كوريا الشمالية ودول الجوار. وإذا كانت حرب عام 1870 كلفت 140 ألف قتيل; فحرب نووية الآن سوف تقتل 120 مليون إنسان في الساعات الأولى.
وحسب دراسة (توينبي) لانهيارات الحضارات في التاريخ، أنها لم تعان من نقص في التقنية أو تطوير الأساليب الحربية، وأن المقتل جاء من حماقة الروح العدوانية والحرب. ودولة (آشور) بقيت تطور آلتها الحربية بحرص ودقة، وتبطش بدول الشرق الأوسط، ثم ماتت (مختنقة في الدرع). وإسرائيل لا تزيد عن جيب أميركي، وقوة إسرائيل من ضعف العرب، وفي اللحظة التي يقوى فيها جهاز المناعة العربي سيكون مصير إسرائيل مصير الحملة الصليبية السابعة.
وألمانيا واليابان صعدتا إلى القمة بدون سلاح، في الوقت الذي انهار الاتحاد السوفياتي ومعه كل السلاح. والردع النووي ليس سلاماً. والحرب ليست عقلانية كما أكدت دروس التاريخ. وحسب الجنرال (فيكتور فيرنر) فإن الحرب:
« تنشأ عندما تتلاقى شيئا فشيئا مجموعة من الوقائع والمشاعر، وتنتهي إلى خلق حالة تبدو فيها أنها غير محتملة لأحد الخصمين، في هذا الوقت بالذات، وليس في غيره، تظهر الحرب آنذاك على أنها الحل الوحيد المقبول».
وحسب (فيرنر هايزنبرغ) في كتابه (الكل والجزء) في حواره مع (انريكو فيرمي)، الذي اخترع أول مفاعل نووي عام 1942 عن (هتلر)، كان يعلم أنه سيخسر الحرب فيما لو دخلها; لأن الحرب تعتمد التقنية، ولكنه يختم حواره بقوله: ولكن متى كانت الحرب عقلانية؟
وهناك من يرى أن الحرب كانت شيئا أساسيا من وجود البشر، وسوف تستمر بشكل وآخر، فالسلام مستحيل. والحرب طبعت في جبلة البشر. وهي أم التاريخ وأبوها كما قال الفيلسوف اليوناني(هرقليطس).
وهناك من يراهن أن الحرب مستحيلة، لأن حربا نووية تعني موت مئات الملايين من البشر في ساعات، وتفجير قنبلة حرارية من عيار 10 ميجاطن على بعد 10 كم من الساحل سوف يدفع موجات تضرب الشواطئ بارتفاع 200 متر. وجرب العلماء الأثر الشعاعي على فئران سمينة فجاءت أجنة مشوهة أغرت أمهاتها بالتهامها باستثناء فأرين بدون عيون. أما السلاح البيولوجي، فهو أقوى بمليون مرة مما استعمل في الحرب العالمية الثانية، وهو أقوى من النووي بمائة مرة، و15 طنا من السلاح البيولوجي كافية لمسح «كل مظهر من مظاهر الحياة على كوكبنا».
وبذلك أصبحت الحرب مستحيلة، وألغت القوة القوة. والأسلحة النووية ليست للاستخدام. والحرب اليوم لن تطال جانبي القتال، بل أمما لا علاقة لها بالحرب. وعندما انفجر مفاعل (تشرنوبل) في روسيا، حملت الرياح آثاره المدمرة حتى قلب أوربا. ونحن نقف اليوم أمام تغير نوعي في الطاقة النارية مما يذكر بأساطير اليونان، وهذا التطور« ظاهرة جديدة لم يعرفها العالم من قبل، فإذا كان هناك إنسان طوله متران ونصف المتر، ووزنه 200 كغ، فإنه يبقى إنساناً بالرغم من أنه غير عادي، ولكن هل يمكن أن نعتبره كائناً بشرياً إذا بلغ طوله مائتي متر ووزنه عدة أطنان؟».
ولأن ظاهرة الحرب معقدة مثل تعقيد الحياة، فيجب تكريس جامعات وأبحاث لدراستها كما «يدرس رد فعل أي مركب كيماوي بصورة موضوعية». واليوم يوجد في العالم أكثر من مائة مؤسسة تدرس ظاهرة الحرب مثل دراسة الفيروسات الخطيرة في المخابر. وجوابي لمن يرغب أن تتسلح إيران بالسلاح النووي، أننا يجب أن لا نتسلح. ولولا خمسة ملايين قطعة سلاح في العراق اليوم لما سقط الناس مثل الذباب.
kjalabi@hotmail.com