المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تتحدثوا عن المؤامرة.... فلقتونا!



لطيفة
11-25-2010, 08:43 AM
من غير المجدي الحديث عن مؤامرة عندما يقول قادة كثر في الغرب صراحة ودون تحفظ: من حسن الحظ أن المسلمين منقسمون فهل تتخيلوا لو كانوا موحدين ما الذي سيحصل في هذا العالم.

ميدل ايست أونلاين

بقلم: فيصل جلول

ربما حان الوقت لكي نرمي نحن العرب مصطلح "المؤامرة" في سلة المهملات بعد أن أفرطنا في استخدامه طيلة النصف الثاني من القرن العشرين. ضاعت فلسطين وسقطنا في أحضان الاستعمار الأوروبي فتحدثنا عن مؤامرة سايكس ـ بيكو. هزمنا في حرب العام 1948 فتحدثنا عن مؤامرة السلاح الفاسد. تعرضنا للعدوان الثلاثي في العام1956 فتحدثنا عن مؤامرة أجنبية قبيحة، هزمنا في العام 1967 فاشرنا إلى المؤامرة الأميركية الصهيونية.وقعت انتفاضات واحتجاجات أو محاولات انقلابية فاشلة فقلنا أنها المؤامرة... وهكذا دواليك حتى صارت المؤامرة لفرط اللجوء إليها في الملمات تفسر ما ينبغي وما لا ينبغي تفسيره.

من نافلة القول إن سقوط فلسطين واعتماد مخطط سايكس بيكو لم يكن مؤامرة أجنبية فقد شارك الشريف حسين زعيم العرب في حينه بالحرب على الأتراك لصالح الأوروبيين فكان من الطبيعي إن يعمد المنتصرون إلى تثبيت عناصر انتصارهم على الأرض وبالتالي تشطير البلدان العربية وزرع الصهاينة في وسطها وبالتالي ما كان يحق لنا أن نتحدث عن مؤامرة فالذين يحق لهم ذلك هم الشركاء والحلفاء في الحرب وليس الأدوات التنفيذية كحالتنا... نحن نخضع لنتائج الحرب عندما لا نصنعها وبالتالي لا يحق لنا أن نتحدث عن خيانة أو مؤامرة أو خدعة فكل هذه المصطلحات تعني إننا كنا مغفلين نصدق ما يقال لنا بغض النظر عن حسابات القائل وعن نظرتنا نحن للصراع وموقعنا فيه.

وفي حرب العام 1948 كان من الطبيعي أن يبيعنا المعنيون أسلحة فاسدة ولماذا لا يفعلون عندما نبدو لهم جديرين بالخداع. وفي العام 1956 رتب المعتدون سيناريو مخادع إي مؤامرة لم نفضحه ولم نكتشفه نحن وإنما الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي معا. ولماذا نفاجأ بهذا السيناريو؟ الم يقل نبينا الكريم أن الحرب خدعة وقال ذلك من بعد كل علماء الحرب وبالتالي صار لزاما على كل ضابط درس في كلية عسكرية أن يحسب أن في كل حرب خدعة وبالتالي عليه أن يكون جاهزا لمواجهة كل السيناريوهات المخادعة.

أما في حرب العام 1967 فقد كانت واشنطن تقول علنا إنها تريد وتسعى لهزيمة جمال عبدالناصر وكان كل الغربيين يريدون الثأر من الزعيم المصري الذي الحق بهم إهانة تاريخية في العام 1956 ما يعني إن نية الدولة الأعظم وحلفائها في العام 67 كانت معروفة ورهانهم على القضاء على النظام المصري كان معروفا للقاصي والداني وبالتالي لا جدوى من الحديث عن مؤامرة أميركية أو التذرع السخيف بالعدو الذي جاء من الغرب في حين انتظرناه من الشرق.

أما النظم الثورية الانقلابية التي تعرضت بدورها لمحاولات انقلابية فاشلة فقد كان عليها أن تحسب أن ما أخذته بالقوة المسلحة يمكن لآخرين أن يأخذوه بالطريقة نفسها وبالتالي لا احد أفضل من احد في هذا المجال غير الأخلاقي وغير الأدبي.

بالعودة إلى فرضية أعلى ألصفحة حول وجوب رمي مفهوم المؤامرة في سلة المهملات أقول أن المصطلح ما عاد قادرا على تبرير هزائم جديدة في صفوفنا ناهيك عن تفسيرها فالغربيين عملوا ويعملون صراحة على فصل جنوب السودان عن شماله وهم يعملون في رابعة النهار على استخدام المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري لتنظيم حرب أهلية حول المقاومة اللبنانية وبالتالي تحطيمها بواسطة الانقسام الداخلي بعد أن أخفقت إسرائيل بتحطيمها بواسطة الحرب أو الضغوط النفسية ولا يتآمر الغربيون على المقاومة اللبنانية ولا يخفون خططهم فالسيد جيفري فيلتمان جاء مؤخرا إلى بيروت لشد عصب الفريق اللبناني الذي يرغب بتحطيم المقاومة ويتحدث عن رغبته ليلا نهارا بصيغة نزع سلاح المقاومين وتسليم الدفاع عن لبنان إلى الجيش اللبناني المسلح بمعدات عمرها خمسة عقود.

ومن غير المنطقي أن نتحدث عن مؤامرة على إيران عندما يقول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي علنا في مؤتمر الأطلسي الأخير أن "إيران هي عدو الحلف" الذي يبحث عن اعداء بعد انهيار الحرب الباردة وان "شق الوحدة الداخلية الإيرانية " هو الهدف بحسب الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.

ويشق على النفس حديث المؤامرة في أفغانستان عندما يرسل المحتل الجنرال باتريوس لشراء القسم الأكبر من البيئة الباشتونية المقاومة وحملها على التفاوض مع كرزاي تماما كما فعل مع البيئة المقاومة في العراق وشراء ولاء القسم الأكبر منها وحملها على الاشتراك في العملية السياسية. ومن غير المجدي الحديث عن مؤامرة عندما يقول قادة كثر في الغرب صراحة ودون تحفظ: من حسن الحظ أن المسلمين منقسمون فهل تتخيلوا لو كانوا موحدين ما الذي سيحصل في هذا العالم.

وفي الختام لا بد من رجاء خاص لقادتنا ولمراكز الأبحاث ولوسائل الإعلام: من فضلكم اطرحوا ذريعة المؤامرة في سلة المهملات. فما وقع وما يقع لنا ليس ناجما عن مؤامرة وإنما عن خطط صريحة وواضحة يراد منها أن نبقى حيث نحن في موقع هامشي لا يسر صديقا ولا يرهب عدوا.

فيصل جلول