المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خروف مثقف كشف لي الحقيقة وأصابني في مقتل!



الفتى الذهبي
11-15-2010, 12:44 AM
الاثنين 15 نوفمبر 2010 - الأنباء



أحمد عفيفي


مجرد حوار تخيلي بالقطع، فلا أنا خروف استطيع ان أتفاهم بلغة الخراف، ولا الخروف بني ادم يستطيع ان يفهمني ولو بالإشارة. إذن.. فالعلاقة بيننا مقطوعة لانعدام لغة الحوار، لكن لنتخيل ان الخروف ينطق بغير «الماء..ماء.. ماء» الشهير بها ويستطيع ان يحاورني وأحاوره، فما شكل هذا الحوار، وماذا يمكن ان يحوي من أفكار. لهذه اللحظة وأنا أكتب، صدقوني لا أعرف الى أي مدى سيأخذني هذا الحوار، تركت نفسي ليأتي تلقائيا غير محدد مسبقا، ربما حفزني الخروف للدخول في مناطق محظورة، لكن عزاءه الوحيد - ان حدث ذلك - انه خروف، لن يحاسبه احد، لكن ما عذري أنا اذا جرني الخروف الى منطقة ملغمة غير عابئ بما يمكن ان يحدث لي أو ربما يكون ذلك قصدا منه، فأذبح معه ليلة العيد. دعنا من كل ذلك، ولنذهب الى ما ذهب اليه خيالي وأجري وأجر الخروف على الله.

ذهبت الى مكان فسيح في أطراف البلدة حيث الحظائر التي تحوي وتضم مئات الخراف، ورغم ان العيد على الأبواب الا ان الخراف كثر والمترددين على المكان قلة، انها الأزمة المالية التي ضربت كل ركن في أرضنا العربية بعد ان دمرت بلدانا عملاقة كثيرة.

لاحظت أول ما لاحظت ان الخراف تبدو الى حد كبير سعيدة لقلة الأرجل الغريبة عنها.. هم يعرفون فقط من يملكهم ويعدهم للبيع، لذلك تلحظ نفورا شديدا بين البائعين وخرافهم.. وشعورا عجيبا يسيطر عليهم بعدم الأمان ممن يحرص على شربهم وأكلهم وتسمينهم، لأنهم يدركون ان ذلك ليس لوجه الله، إنما ليزداد وزنهم ويباعوا بسعر أكبر يدخل بالطبع جيب البائع.وان كان هذا هو إحساس الخروف ناحية مالكه، فالنظرة أكثر قسوة وإيلاما للمشتري، فهم يعرفون مصيرهم إذا ما دفع هذا المشتري مبلغا ليأخذه الى حيث مصيره الأخير، وعموما.. لا البائع ولا المشتري يتعاطف الخروف مع أي منهما.. الاثنان «زفت».. الأول يبيع والثاني يذبح!

اقتربت من حظيرة بها أكثر من مائة خروف.. وعلي ان اختار خروفا واحدا لأجري معه حواري.. ليس لى أي مواصفات محددة لهذا الاختيار.. المهم ان المح فيه – اقصد الخروف – استعدادا للكلام والبوح.

وقعت عيني على أحد الخراف منزو بعيدا عن أقرانه.. لا يأكل ولا يشرب مثلهم، وكأنه يشعر بأنه أقربهم للبيع وللذبح، لذلك وجدته شاردا لم يشعر حتى باقترابي منه الى ان وضعت يدي على رأسه، فانتفض كأنني أيقظته من حلم كان غائبا فيه ومعه.. نظر الى نظرة ريبة وشك، وتلفت حولي فلم يجد مالكه البائع فأدرك انني لم آت لشرائه، لكنه لم يدع للفكرة ان تسعده ولو للحظة، فربما فقط أعاينه وأتفحصه قبل ان أدس يدي في جيبي واخرج ثمنه واسحبه معي الى حيث اذهب.

أدركت على الفور ما جال بفكر الخروف، فابتسمت له ابتسامة تدخل الطمأنينة الى قلبه وقلت له:

لا يذهب خيالك بعيدا، فلم آت لأشتريك ولا أملك ثمنك، فقد غلا سعرك بدرجة كبيرة مما جعل الكثيرون يحجمون عن الشراء... ثم وأنا ابتسم: ابسط ياعم.. حظك من السما.

ارتاح الخروف لبدايتي المطمئنة معه والتفت الى متسائلا:

وانت عايز إيه مني مادمت لن تشتريني و«مفلس».. لا تملك ثمني؟

قلت: أريد ان اجري معك حوارا.

بدهشة يسأل: معايا أنا.. خلاص البني ادمين خلصوا ومش لاقي غير الخروف عشان تكلمه؟

قلت له كي أحفزه على الكلام: ربما أنت عندي أفضل بكثير ممن أعرفهم