سيد مرحوم
10-06-2004, 11:18 AM
الانتخابات في حوار مجلة النبأ البغدادية مع نزار حيدر
أرض السواد -
لتأجيل الانتخابات تفسير واحد ، هو إنتصار الارهاب
لا كرامة لمواطن من دون حرية ، ولا حرية من دون إرادة ، ولا إرادة من دون صندوق الاقتراع
لقد أثبتت الفترة الزمنية التي أعقبت سقوط نظام الطاغية الذليل ولحد الآن ، أن الهدف الأول والأخير للارهاب هوعرقلة تقدم العملية السياسية برمتها ، أما شعارات المقاومة والجهاد وما أشبه ، فليست سوى ورقة التوت التي يحتمي بها الارهابيون ومن يقف وراءهم من أجهزة مخابرات دولية وإقليمية
إن التحجج بتدهور الوضع الأمني في بعض مناطق العراق ، لحرمان الأغلبية الساحقة من العراقيين من التمتع بحق الانتخاب ، يتنافى وأبسط قيم العدالة والانصاف ، فضلا عن أنه يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي بات يتحدث بها الجميع
العراق ليس لبنان ، إذا شاعت فيه الفوضى وانزلق إلى الحرب الأهلية ، فسيدمر المنطقة ، لأنه ، وبصراحة ، قطب الرحى في المنطقة ، وهو مفتوح على كل جيرانه ، بحدود ، لو استغلها الارهابيون فسيدمرهم ، ويحيل نهارهم إلى ليل دامس الظلمة ، ولا أظن أن جيران العراق نسوا تجربتهم مع نظام الطاغية الذليل ، وكيف أنه كان سبب عدم إستقرار المنطقة لعقود طويلة ، وأنه أرق ليلهم وسلب النوم من عيونهم ، بسبب سياساته الرعناء والمتهورة ، سواء في داخل حدوده ، أو خارجها
إن على المناطق غير المستقرة أمنيا ، خاصة مناطق ما بات يعرف بالمثلث السني ، أن تحرر نفسها من أسر مجموعات العنف والارهاب ، لتلتحق بالمسيرة الديمقراطية الجديدة التي يشهدها العراق ، لا أن ندفع العراق الجديد ليلتحق بركب العنف والارهاب ، أو نضطره ليكون أسيرا لارادة قوى الظلام ، بتأجيل الانتخابات
لست مع تأجيل الانتخابات ، لأن الالتزام بالجدول الزمني لتقدم العملية السياسية برمتها ، ينزع سلاح الارهابيين ، كما أنه دليل إحترام إرادة العراقيين ، وإحترام الأحزاب لنفسها وكلمتها ، ما يعني الجدية في الالتزام بما إتفق الجميع على تحمل مسؤولياته ، وأقصد بناء عراق جديد ، سماته ، الحرية والمساواة والمشاركة والكرامة ، واحترام إرادة المواطن العراقي التي لا يمكن أن نلمسها ونتصورها إلا عند عتبة صندوق الاقتراع ، إذ لا كرامة لمواطن من دون حرية ، ولا حرية من دون إرادة ، ولا إرادة من دون صندوق الاقتراع
لست مع نظام الانتخاب بالقائمة المغلقة
لأنها تكرس المحاصصة وطريقة التوافق ، التي هي في جوهرها ، ضد الديمقراطية ، لأنها تستند إلى أسس الاعتبارات الحزبية والولائات العشائرية والشخصية ، وإلى الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية ، وهي لا تمت إلى
قاعدة ــ الرجل المناسب ، في المكان المناسب ــ التي تعتمد قيم النزاهة والكفاءة والخبرة ، بأية صلة
هناك فلول النظام البائد ، الذين تحالفوا مع مجموعات من الطائفيين والقوميين المتعصبين والمتطرفين ، من الذين يريدون أن يعيدوا عقارب الساعة الى الوراء ، لأنهم لا يتحملوا رؤية عراق جديد ، للشيعي فيه دور ومكانة ومنزلة في الحياة السياسية ، كما للسني ، وللكردي دور كما للعربي إلى جانب التركماني والآشوري وبقية شرائح ومكونات المجتمع العراقي
يلزم التمييز بين العراقي الذي يقاوم الاحتلال ، بغض النظر عن صحة الطريقة والمنهج والاسلوب ، وبين الآخر الذي يتذرع بالمقاومة ليمارس الارهاب والقتل والتدمير ، كما ينبغي التمييز بين من يمارس الارهاب مع سبق الاصرار والتعمد ، وبين من تعرض لعملية غسل دماغ منظمة ، فخدع أو ضلل ، من أجل أن يمنح مثل هؤلاء فرص متكررة لاعادة النظر في وسائلهم ، ليلتحقوا بالعملية السياسية ، إلى جانب كل العراقيين
لا يكفي أن تشارك في الانتخابات ، لتعود بعدها إلى بيتك ، لتغط في نوم عميق ، تاركا حبل الأمور على غاربها ، بل يجب أن يظل المواطن حذرا دائما ، يراقب الامور وتصرفات المسؤولين عن كثب ، ينام بعين واحدة ، لتظل العين الثانية تراقب المسؤول المنتخب ، منذ لحظة فوزه بالانتخابات ، ولغاية آخر لحظة من فترته الدستورية ، ليعرف أن رقيبا يتابع كل حركاته وسكناته ، وأن مواطنا مسؤولا يقف على رأسه ، يحاسبه إذا أخطا ، ويراقبه ليل نهار إذا حاول أن يجرم خفية ، فكم من مرشح حسن السلوك والتفكير وطيب القلب ، إنقلب الى وحش كاسر ومصاص للدماء ، بعد إنتخابه لتولي منصب أو مسؤولية ؟
ضمن ملف شامل ، أجرت مجلة النبأ الدراساتية التي تصدر في العاصمة العراقية بغداد ، وبالاشتراك مع شبكة النبأ المعلوماتية الالكترونية ، حوارا مفصلا مع نـــزار حيدر ، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن ، بشأن الانتخابات المزمع إجراؤها مطلع العام القادم في العراق ، وسبل ضمان نزاهتها ، والطريقة الأفضل التي يراها مناسبة لوضع بلد كالعراق ، الخارج للتو من تحت ركام النظام الديكتاتوري الشمولي البائد ، والذي لا زال يرزح تحت نير الاحتلال والعنف والارهاب .
أدناه نص الحوار ؛
السؤال الأول؛ـ
ماذا يعني تأجيل الانتخابات برأيكم ؟ وهل أنتهم مع التأجيل أم لا ؟ ولماذا ؟.
الجواب؛ـ
إن أي تأجيل للانتخابات المزمع إجراؤها في العراق ، بداية العام القادم ، له تفسير واحد لا غير ، وهو إنتصار الارهاب الاعمى الذي لا زال يحصد الأبرياء من العراقيين ، محاولا زرع الخوف والرعب في نفوس الناس ، حتى لا يفكروا بالوقوف أمام صندوق الاقتراع للادلاء بأصواتهم ، للمشاركة في بناء العراق الجديد .
لقد أثبتت الفترة الزمنية التي أعقبت سقوط نظام الطاغية الذليل ولحد الآن ، أن الهدف الأول والأخير للارهاب هوعرقلة تقدم العملية السياسية برمتها ، أما شعارات المقاومة والجهاد وما
أشبه ، فليست سوى ورقة التوت التي يحتمي بها الارهابيون ومن يقف وراءهم من أجهزة مخابرات دولية وإقليمية ، إلى جانب الفتوى الدينية المزيفة المدعومة بالمال الحرام ، ولذلك فإن تأجيل الانتخابات ، يعني أن الارهاب قد حقق هدفه الوحيد والاستراتيجي .
إن هنالك حربا يومية بين العراقيين الذين يصرون على مواصلة التقدم بالعملية السياسية ، لينهوا عهد الاحتلال البغيض، ويعيدوا بناء بلدهم الذي دمرته سياسات النظام الشمولي البائد وحروبه العبثية ، وبين قوى الظلام والعنف والارهاب التي تريد عرقلة كل ذلك ، وهي حرب وجود ، فإما أن ينتصر العراقيون أو ينتصر الارهاب ، والانتخابات هي المحك ، فإذا أجريت في موعدها الزمني المحدد ، يكون العراقيون قد انتصروا في هذه الحرب ، أما إذا أجلت ، فسينتصر الارهابيون ويحققون هدفهم ، وعندها ، فعلى العراق السلام .
كذلك ، فإن إستغلال التدهور الأمني في بعض مناطق العراق ، للتلاعب بالجدول الزمني الذي تم الاتفاق عليه بين العراقيين ، والذي وقعته الأحزاب السياسية التي تصف نفسها بالاساسية ، والذي تم تدوينه كذلك ، في القرار الدولي الأخير الذي كان قد صدر في حزيران الماضي عن مجلس الأمن الدولي ، إن ذلك يعني بشكل واضح وصريح أمرين خطيرين ؛
الأول ، هو فشل الحكومة الانتقالية ، التي تشكلت في الأساس لتسيير الأمور في الفترة الانتقالية ، والعمل على ترتيب كل الاجراءات اللازمة لانجاح الانتخابات العامة القادمة ، ولقد قبل العراقيون بهذه الحكومة على مضض ، على أمل أن لا تنشغل بغير الاعداد للانتخابات العامة .
الثاني ، إنه ــ التأجيل ــ سيكشف عن عدم جدية هذه الأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي العراقي بعد سقوط النظام البائد ، وبالتعاون والتنسيق مع المحتل ، في الالتزام بتعهداتها التي قطعتها على نفسها ، أمام العراقيين والعالم ، إما لأنها تخشى النتائج والتي لا يستبعد أنها ستكون مفاجئة للكثيرين ، إذ قد تقصيهم أو بعضهم عن المشهد السياسي ، أو بسبب إنصياعها للضغوط التي تمارس ضدهم من قبل عدد من الجهات الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تخشى ، هي الاخرى نتائج مثل هذه الانتخابات ، إذ من غير المستبعد أن لا تفرز أصدقاء كثيرون لها ، الأمر الذي لا ترغب برؤيته واشنطن ، وهي بعد في أول المشوار العراقي ، أو الاقليمية ، وعلى رأسها الاردن ، الذي يمثل حاليا النظام السياسي العربي السني ، الذي يخشى أن تفرز الانتخابات دورا متناميا للأغلبية ، وأقصد بها شيعة العراق ، وهذا ما يفسر ، ربما ، الهجمة المصرية ــ الأردنية الرسمية المشتركة ضد الانتخابات القادمة في العراق .
إن التحجج بتدهور الوضع الأمني في بعض مناطق العراق ، لحرمان الأغلبية الساحقة من العراقيين ، من التمتع بحق الانتخاب ، يتنافى وأبسط قيم العدالة والانصاف ، فضلا عن أنه يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي بات يتحدث بها الجميع .
ثم ، وهذا هو الأهم ، إن على المناطق غير المستقرة أمنيا ، خاصة مناطق ما بات يعرف بالمثلث السني ، أن تحرر نفسها من أسر مجموعات العنف والارهاب ، لتلتحق بالمسيرة الديمقراطية الجديدة التي يشهدها العراق ، لا أن ندفع العراق الجديد ليلتحق بركب العنف والارهاب ، أو نضطره ليكون أسيرا لارادة قوى الظلام ، بتأجيل الانتخابات .
لكل ذلك ، فأنا لست مع تأجيل الانتخابات ، لأن الالتزام بالجدول الزمني لتقدم العملية السياسية برمتها ، ينزع سلاح الارهابيين ، كما أنه دليل إحترام إرادة العراقيين ، وإحترام الأحزام لنفسها وكلمتها ، ما يعني الجدية في الالتزام بما إتفق الجميع على تحمل مسؤولياته ، وأقصد بناء عراق جديد ، سماته ، الحرية والمساواة والمشاركة والكرامة ، واحترام إرادة المواطن العراقي التي لا يمكن أن نلمسها ونتصورها إلا عند عتبة صندوق الاقتراع ، إذ لا كرامة لمواطن من دون حرية ، ولا حرية من دون إرادة ، ولا إرادة من دون صندوق الاقتراع .
السؤال الثاني؛ـ
طريقة الانتخابات بالقائمة المغلقة ، هل هي الأمثل ؟ أم أن هناك طريقة أخرى تلائم الواقع العراقي ؟ وما هي تلك الطريقة ؟.
الجواب؛ـ
لست مع نظام الانتخاب بالقائمة المغلقة ، لعدة أسباب ؛
أولا ـ أنها تكرس سلطة مجموعة الأحزاب التي استحوذت على السلطة لأسباب كثيرة ، ليس منها بكل تأكيد سعة القاعدة الشعبية التي تتمتع بها ، ما يعني أن العراقيين الذين إنفكوا للتو من سلطة الحزب القائد سيئة الصيت ، سيقعوا من جديد في دوامة سلطة مجموعة الأحزاب القائدة ، وهذا خطأ فضيع ، يجب أن لا يرتكبه العراقيون ، إذا كانت في نيتهم تشييد نظام سياسي ديمقراطي حقيقي .
ثانيا ـ إنها تكرس المحاصصة وطريقة التوافق ، التي هي في جوهرها ، ضد الديمقراطية ، لأنها تستند إلى أسس الاعتبارات الحزبية والولائات العشائرية والشخصية ، وإلى الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية ، وهي لا تمت إلى قاعدة ــ الرجل المناسب ، في المكان المناسب ــ التي تعتمد
قيم النزاهة والكفاءة والخبرة ، بأية صلة .
ثالثا ـ إنها تحدد خيارات الناخب ، الذي يسعى حاليا للمشاركة في صياغة عراق جديد بكل
معنى الكلمة ، إذ كلما فتحت أمام الناخب خيارات كثيرة ، كلما تمكن بشكل أفضل من المشاركة بفاعلية وإيجابية وثقة بالذات وحماسة معنوية عالية ، والعكس هو الصحيح ، فكلما تم تحديد الخيارات ، سيشعر بأن قوة ما تسعى لمصادرة رأيه ، وتحاول دفعه بالطريق والاتجاه المرسوم له سلفا ، ما يقلل من حماسه وإندفاعه وإيجابيته .
إنها ، إذن ، ديكتاتورية بثوب جديد .
رابعا ـ إنها ستستنسخ لنا تجارب مجلس الحكم وحكومته المنحلان ، والحكومة الانتقالية الحالية وبرلمانها ، اللذين سينحلان نهاية الشهر الأول من العام القادم ، ما يعني كل ذلك ، تكريس قناعات نمت عند العراقيين ، تقول ، بأن الجوهر لم يتغير بعد سقوط النظام الشمولي البائد ، وإنما الذي تغير، هو القشور والصور والأسماء .
شخصيا ، أميل الى نظام القوائم المفتوحة والمتعددة ، وعدم الاقتصار على القوائم الحزبية ، لتتعدد خيارات الناخب ، ولنكسر إحتكار النخبة ، مهما كانت ، للمشهد السياسي ، وبالتالي لنضمن بناء التعددية السياسية بشكل حقيقي وواقعي وصادق ، وإذا كان البعض يحتج بتجارب أميركا وعدد من الدول الأوربية للتدليل على صحة طريقة إنتخابية أو نظرية ما ، فإن ذلك خلاف العقل والمنطق ، إذ كيف يمكن المقارنة بين أنظمة ديمقراطية عريقة ، وبين تجربة وليدة ، لا زالت تسعى من أجل أن ترى النور من بين ركام زلازل سياسية وأمنية كثيرة إستمرت لعقود طويلة من الزمن ؟ وهي تحاول تلمس الطريق الصحيح والسليم ، ومن حولها وحوش متربصة ، تنتظر أن يكبو الفرس لتنهش بلحمه وتشرب من دمه ؟.
فضلا عن ذلك ، فإن الأحزاب الحالية لم تقدم نفسها للناخب من خلال مشروعها وبرنامجها السياسي ، وإنما من خلال توظيف تاريخها وأحيانا قوائم ضحاياها ، وهذا لا يكفي ، بكل تأكيد ، لتقييم أي حزب من الأحزاب ، ناهيك عن أنها لم تحقق حتى الآن أي إنجاز ملموس للناخب ، فكيف يجوز أن نحصر خيارات الناخبين بقوائم حزبية ضيقة ؟ ومن قال أن المستقلين وغيرالحزبيين ، أقل كفاءة وقدرة وتضحية من الحزبي ؟ ، وإذا أضفنا الى كل ذلك ، المعلومة التي تقول بأن نسبة ثلاثة بالمئة فقط من العراقيين يثقون بالأحزاب السياسية الموجودة حاليا ، والمشاركة في السلطة ، طبقا لآخر إستبيان أكاديمي علمي ، عندها سنعرف كم هو حجم الظلم الذي سنلحقه بالناخب العراقي إذا ما تم تحديد خياراته بالقوائم الحزبية المغلقة فقط .
السؤال الثالث؛ـ
لماذا تستهدف العملية الانتخابية برأيكم ؟ وهل أن المسلحين قادرون على إفشال المشروع الديمقراطي في العراق ؟.
الجواب؛ـ
في الحقيقة ، هنالك عدة أطراف لا تريد للعملية السياسية الجديدة في العراق ، أن تتقدم بخطوات ثابتة ، للوصول بها إلى نهاية المطاف ، لأنهم لا يريدون رؤية عراق جديد ، قائم على أسس المساواة والتعددية والمشاركة السياسية ، من خلال صندوق الاقتراع .
فهناك الارهابيون الذين تسللوا من وراء الحدود ، من الذين يتمنون أن يبقى العراق ساحة مفتوحة للعنف والارهاب ، من أجل تصفية حساباتهم مع الشيعة الذين أهدر هؤلاء دمهم بفتاوى طائفية متخلفة .
إنهم يريدون أن يبقى العراق كذلك ، ليظلوا خارجين على القانون كعصابات للقتل والتدمير والخطف والذبح ، وما يؤسف له حقا ، أن هؤلاء وجدوا ملاذا آمنا ودعما ماديا ولوجستيكيا من عدد من دول الجوار.
وهناك فلول النظام البائد ، والذين تحالفوا مع مجموعات من الطائفيين والقوميين المتعصبين والمتطرفين ، من الذين يريدون أن يعيدوا عقارب الساعة الى الوراء ، لأنهم لا يتحملوا رؤية عراق جديد ، للشيعي فيه دور ومكانة ومنزلة في الحياة السياسية ، كما للسني ، وللكردي دور كما للعربي ، إلى جانب التركماني والآشوري وبقية شرائح ومكونات المجتمع العراقي .
إنهم يريدون أن يعودوا بالعراق الى سابق عهده ، لتحتكر فيه السلطة ، مناطق محدودة وعشائر قليلة وحزب واحد وطائفة واحدة .
إنها الأقلية ، سواء الطائفية أو القومية العنصرية ، التي تتصور أن بإمكانها أن تعود بالعراق إلى الوراء ، ولذلك فهي سوف لن تضع السلاح جانبا ، إلا إذا يئست من تحقيق هذا الهدف الرجعي الظلامي ، ولا أعتقد أن بإمكان أحد إقناعها بفشل مشروعها ليصل بها إلى نقطة اليأس ، إلا العراقيين بإصرارهم على الالتزام بالجدول الزمني المحدد لتقدم العملية السياسية ، ومن بين ذلك ، بل وعلى رأسها ، الانتخابات العامة المزمع إجراؤها مطلع العام القادم .
إن المسلحين لوحدهم ، لا يستطيعوا أن يحققوا شيئا ، فهم لوحدهم لا شئ ، إنما قوتهم بقوة القوى الدولية والأقليمية التي تقف وراءهم وتتبنى نهجهم التخريبي .
ولافشال خططهم ، يلزم ؛
أولا ـ الالتزام بالجدول الزمني المثبت للعملية السياسية برمتها ، وعدم التراجع أمام الارهاب ، فعدم مشاركة حفنة من المسلحين في الانتخابات العامة ، لا يقسم العراق ، كما يدعي البعض ، كما أنه لا يحاصر طائفة أو يعزلها سياسيا ، إذ مهما تحسنت الظروف الأمنية في العراق ، إلا أنه ستظل هناك مجموعات مسلحة تنشط في الظلام ،لأنها لا تؤمن بصندوق الاقتراع ، وهي تكفر بكل جديد .
ثانيا ـ توكيد تصميم العراقيين في الانتصار بحربهم مع قوى الظلام والتطرف والعنف والارهاب ، فإرادة العراقيين ، أولا وقبل كل شئ آخر ، فبالارادة تصنع الشعوب مستقبلها الزاهر ، وبالارادة تفعل المستحيل وتتغلب على كل المشاكل ، وبها تتجاوز العقبات ، وإن الالتزام بموعد الانتخابات ، دليل قوة الارادة العراقية المرجوة والمطلوبة .
ثالثا ـ يلزم التمييز بين العراقي الذي يقاوم الاحتلال ، بغض النظر عن صحة الطريقة والمنهج والاسلوب ، وبين الآخر الذي يتذرع بالمقاومة ليمارس الارهاب والقتل والتدمير ، كما ينبغي التمييز بين من يمارس الارهاب مع سبق الاصرار والتعمد ، وبين من تعرض لعملية غسل دماغ منظمة ، فخدع أو ضلل ، من أجل أن يمنح مثل هؤلاء فرص متكررة لاعادة النظر في وسائلهم ، من أجل أن يلتحقوا بالعملية السياسية ، إلى جانب كل العراقيين .
يجب أن يشعر هؤلاء ، وكل العراقيين ، أن العملية السياسية الجديدة لا تستهدف أحدا ، كما أنها لا تنوي إستثناء أحد ، ما عدا القلة القليلة التي تلطخت أياديهم بدماء العراقيين .
رابعا ـ طمأنة دول الجوار ، والمحيط العربي على وجه التحديد ، والسعي لاقناعهم ، بأن عراقا حرا ديمقراطيا تعدديا ، لا يهدد مصالحهم ، بل على العكس ، فإن عراقا متفجرا غير مستقر تحكمه الأقلية بالحديد والنار ، يهددهم في عقر دورهم ، إن عاجلا أم آجلا ، فالعراق ليس لبنان ، إذا شاعت فيه الفوضى وانزلق إلى الحرب الأهلية ، فسيدمرهم ، لأنه ، وبصراحة ، قطب الرحى في المنطقة ، وهو مفتوح على كل جيرانه ، بحدود ، لو استغلها الارهابيون ، فسيدمرهم ، ويحيل نهارهم إلى ليل دامس الظلمة ، ولا أظن أن جيران العراق نسوا تجربتهم مع نظام الطاغية الذليل ، وكيف أنه كان سبب عدم إستقرار المنطقة لعقود طويلة ، وأنه أرق ليلهم وسلب النوم من عيونهم ، بسبب سياساته الرعناء والمتهورة ، سواء في داخل حدوده ، أو خارجها .
أرض السواد -
لتأجيل الانتخابات تفسير واحد ، هو إنتصار الارهاب
لا كرامة لمواطن من دون حرية ، ولا حرية من دون إرادة ، ولا إرادة من دون صندوق الاقتراع
لقد أثبتت الفترة الزمنية التي أعقبت سقوط نظام الطاغية الذليل ولحد الآن ، أن الهدف الأول والأخير للارهاب هوعرقلة تقدم العملية السياسية برمتها ، أما شعارات المقاومة والجهاد وما أشبه ، فليست سوى ورقة التوت التي يحتمي بها الارهابيون ومن يقف وراءهم من أجهزة مخابرات دولية وإقليمية
إن التحجج بتدهور الوضع الأمني في بعض مناطق العراق ، لحرمان الأغلبية الساحقة من العراقيين من التمتع بحق الانتخاب ، يتنافى وأبسط قيم العدالة والانصاف ، فضلا عن أنه يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي بات يتحدث بها الجميع
العراق ليس لبنان ، إذا شاعت فيه الفوضى وانزلق إلى الحرب الأهلية ، فسيدمر المنطقة ، لأنه ، وبصراحة ، قطب الرحى في المنطقة ، وهو مفتوح على كل جيرانه ، بحدود ، لو استغلها الارهابيون فسيدمرهم ، ويحيل نهارهم إلى ليل دامس الظلمة ، ولا أظن أن جيران العراق نسوا تجربتهم مع نظام الطاغية الذليل ، وكيف أنه كان سبب عدم إستقرار المنطقة لعقود طويلة ، وأنه أرق ليلهم وسلب النوم من عيونهم ، بسبب سياساته الرعناء والمتهورة ، سواء في داخل حدوده ، أو خارجها
إن على المناطق غير المستقرة أمنيا ، خاصة مناطق ما بات يعرف بالمثلث السني ، أن تحرر نفسها من أسر مجموعات العنف والارهاب ، لتلتحق بالمسيرة الديمقراطية الجديدة التي يشهدها العراق ، لا أن ندفع العراق الجديد ليلتحق بركب العنف والارهاب ، أو نضطره ليكون أسيرا لارادة قوى الظلام ، بتأجيل الانتخابات
لست مع تأجيل الانتخابات ، لأن الالتزام بالجدول الزمني لتقدم العملية السياسية برمتها ، ينزع سلاح الارهابيين ، كما أنه دليل إحترام إرادة العراقيين ، وإحترام الأحزاب لنفسها وكلمتها ، ما يعني الجدية في الالتزام بما إتفق الجميع على تحمل مسؤولياته ، وأقصد بناء عراق جديد ، سماته ، الحرية والمساواة والمشاركة والكرامة ، واحترام إرادة المواطن العراقي التي لا يمكن أن نلمسها ونتصورها إلا عند عتبة صندوق الاقتراع ، إذ لا كرامة لمواطن من دون حرية ، ولا حرية من دون إرادة ، ولا إرادة من دون صندوق الاقتراع
لست مع نظام الانتخاب بالقائمة المغلقة
لأنها تكرس المحاصصة وطريقة التوافق ، التي هي في جوهرها ، ضد الديمقراطية ، لأنها تستند إلى أسس الاعتبارات الحزبية والولائات العشائرية والشخصية ، وإلى الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية ، وهي لا تمت إلى
قاعدة ــ الرجل المناسب ، في المكان المناسب ــ التي تعتمد قيم النزاهة والكفاءة والخبرة ، بأية صلة
هناك فلول النظام البائد ، الذين تحالفوا مع مجموعات من الطائفيين والقوميين المتعصبين والمتطرفين ، من الذين يريدون أن يعيدوا عقارب الساعة الى الوراء ، لأنهم لا يتحملوا رؤية عراق جديد ، للشيعي فيه دور ومكانة ومنزلة في الحياة السياسية ، كما للسني ، وللكردي دور كما للعربي إلى جانب التركماني والآشوري وبقية شرائح ومكونات المجتمع العراقي
يلزم التمييز بين العراقي الذي يقاوم الاحتلال ، بغض النظر عن صحة الطريقة والمنهج والاسلوب ، وبين الآخر الذي يتذرع بالمقاومة ليمارس الارهاب والقتل والتدمير ، كما ينبغي التمييز بين من يمارس الارهاب مع سبق الاصرار والتعمد ، وبين من تعرض لعملية غسل دماغ منظمة ، فخدع أو ضلل ، من أجل أن يمنح مثل هؤلاء فرص متكررة لاعادة النظر في وسائلهم ، ليلتحقوا بالعملية السياسية ، إلى جانب كل العراقيين
لا يكفي أن تشارك في الانتخابات ، لتعود بعدها إلى بيتك ، لتغط في نوم عميق ، تاركا حبل الأمور على غاربها ، بل يجب أن يظل المواطن حذرا دائما ، يراقب الامور وتصرفات المسؤولين عن كثب ، ينام بعين واحدة ، لتظل العين الثانية تراقب المسؤول المنتخب ، منذ لحظة فوزه بالانتخابات ، ولغاية آخر لحظة من فترته الدستورية ، ليعرف أن رقيبا يتابع كل حركاته وسكناته ، وأن مواطنا مسؤولا يقف على رأسه ، يحاسبه إذا أخطا ، ويراقبه ليل نهار إذا حاول أن يجرم خفية ، فكم من مرشح حسن السلوك والتفكير وطيب القلب ، إنقلب الى وحش كاسر ومصاص للدماء ، بعد إنتخابه لتولي منصب أو مسؤولية ؟
ضمن ملف شامل ، أجرت مجلة النبأ الدراساتية التي تصدر في العاصمة العراقية بغداد ، وبالاشتراك مع شبكة النبأ المعلوماتية الالكترونية ، حوارا مفصلا مع نـــزار حيدر ، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن ، بشأن الانتخابات المزمع إجراؤها مطلع العام القادم في العراق ، وسبل ضمان نزاهتها ، والطريقة الأفضل التي يراها مناسبة لوضع بلد كالعراق ، الخارج للتو من تحت ركام النظام الديكتاتوري الشمولي البائد ، والذي لا زال يرزح تحت نير الاحتلال والعنف والارهاب .
أدناه نص الحوار ؛
السؤال الأول؛ـ
ماذا يعني تأجيل الانتخابات برأيكم ؟ وهل أنتهم مع التأجيل أم لا ؟ ولماذا ؟.
الجواب؛ـ
إن أي تأجيل للانتخابات المزمع إجراؤها في العراق ، بداية العام القادم ، له تفسير واحد لا غير ، وهو إنتصار الارهاب الاعمى الذي لا زال يحصد الأبرياء من العراقيين ، محاولا زرع الخوف والرعب في نفوس الناس ، حتى لا يفكروا بالوقوف أمام صندوق الاقتراع للادلاء بأصواتهم ، للمشاركة في بناء العراق الجديد .
لقد أثبتت الفترة الزمنية التي أعقبت سقوط نظام الطاغية الذليل ولحد الآن ، أن الهدف الأول والأخير للارهاب هوعرقلة تقدم العملية السياسية برمتها ، أما شعارات المقاومة والجهاد وما
أشبه ، فليست سوى ورقة التوت التي يحتمي بها الارهابيون ومن يقف وراءهم من أجهزة مخابرات دولية وإقليمية ، إلى جانب الفتوى الدينية المزيفة المدعومة بالمال الحرام ، ولذلك فإن تأجيل الانتخابات ، يعني أن الارهاب قد حقق هدفه الوحيد والاستراتيجي .
إن هنالك حربا يومية بين العراقيين الذين يصرون على مواصلة التقدم بالعملية السياسية ، لينهوا عهد الاحتلال البغيض، ويعيدوا بناء بلدهم الذي دمرته سياسات النظام الشمولي البائد وحروبه العبثية ، وبين قوى الظلام والعنف والارهاب التي تريد عرقلة كل ذلك ، وهي حرب وجود ، فإما أن ينتصر العراقيون أو ينتصر الارهاب ، والانتخابات هي المحك ، فإذا أجريت في موعدها الزمني المحدد ، يكون العراقيون قد انتصروا في هذه الحرب ، أما إذا أجلت ، فسينتصر الارهابيون ويحققون هدفهم ، وعندها ، فعلى العراق السلام .
كذلك ، فإن إستغلال التدهور الأمني في بعض مناطق العراق ، للتلاعب بالجدول الزمني الذي تم الاتفاق عليه بين العراقيين ، والذي وقعته الأحزاب السياسية التي تصف نفسها بالاساسية ، والذي تم تدوينه كذلك ، في القرار الدولي الأخير الذي كان قد صدر في حزيران الماضي عن مجلس الأمن الدولي ، إن ذلك يعني بشكل واضح وصريح أمرين خطيرين ؛
الأول ، هو فشل الحكومة الانتقالية ، التي تشكلت في الأساس لتسيير الأمور في الفترة الانتقالية ، والعمل على ترتيب كل الاجراءات اللازمة لانجاح الانتخابات العامة القادمة ، ولقد قبل العراقيون بهذه الحكومة على مضض ، على أمل أن لا تنشغل بغير الاعداد للانتخابات العامة .
الثاني ، إنه ــ التأجيل ــ سيكشف عن عدم جدية هذه الأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي العراقي بعد سقوط النظام البائد ، وبالتعاون والتنسيق مع المحتل ، في الالتزام بتعهداتها التي قطعتها على نفسها ، أمام العراقيين والعالم ، إما لأنها تخشى النتائج والتي لا يستبعد أنها ستكون مفاجئة للكثيرين ، إذ قد تقصيهم أو بعضهم عن المشهد السياسي ، أو بسبب إنصياعها للضغوط التي تمارس ضدهم من قبل عدد من الجهات الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تخشى ، هي الاخرى نتائج مثل هذه الانتخابات ، إذ من غير المستبعد أن لا تفرز أصدقاء كثيرون لها ، الأمر الذي لا ترغب برؤيته واشنطن ، وهي بعد في أول المشوار العراقي ، أو الاقليمية ، وعلى رأسها الاردن ، الذي يمثل حاليا النظام السياسي العربي السني ، الذي يخشى أن تفرز الانتخابات دورا متناميا للأغلبية ، وأقصد بها شيعة العراق ، وهذا ما يفسر ، ربما ، الهجمة المصرية ــ الأردنية الرسمية المشتركة ضد الانتخابات القادمة في العراق .
إن التحجج بتدهور الوضع الأمني في بعض مناطق العراق ، لحرمان الأغلبية الساحقة من العراقيين ، من التمتع بحق الانتخاب ، يتنافى وأبسط قيم العدالة والانصاف ، فضلا عن أنه يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي بات يتحدث بها الجميع .
ثم ، وهذا هو الأهم ، إن على المناطق غير المستقرة أمنيا ، خاصة مناطق ما بات يعرف بالمثلث السني ، أن تحرر نفسها من أسر مجموعات العنف والارهاب ، لتلتحق بالمسيرة الديمقراطية الجديدة التي يشهدها العراق ، لا أن ندفع العراق الجديد ليلتحق بركب العنف والارهاب ، أو نضطره ليكون أسيرا لارادة قوى الظلام ، بتأجيل الانتخابات .
لكل ذلك ، فأنا لست مع تأجيل الانتخابات ، لأن الالتزام بالجدول الزمني لتقدم العملية السياسية برمتها ، ينزع سلاح الارهابيين ، كما أنه دليل إحترام إرادة العراقيين ، وإحترام الأحزام لنفسها وكلمتها ، ما يعني الجدية في الالتزام بما إتفق الجميع على تحمل مسؤولياته ، وأقصد بناء عراق جديد ، سماته ، الحرية والمساواة والمشاركة والكرامة ، واحترام إرادة المواطن العراقي التي لا يمكن أن نلمسها ونتصورها إلا عند عتبة صندوق الاقتراع ، إذ لا كرامة لمواطن من دون حرية ، ولا حرية من دون إرادة ، ولا إرادة من دون صندوق الاقتراع .
السؤال الثاني؛ـ
طريقة الانتخابات بالقائمة المغلقة ، هل هي الأمثل ؟ أم أن هناك طريقة أخرى تلائم الواقع العراقي ؟ وما هي تلك الطريقة ؟.
الجواب؛ـ
لست مع نظام الانتخاب بالقائمة المغلقة ، لعدة أسباب ؛
أولا ـ أنها تكرس سلطة مجموعة الأحزاب التي استحوذت على السلطة لأسباب كثيرة ، ليس منها بكل تأكيد سعة القاعدة الشعبية التي تتمتع بها ، ما يعني أن العراقيين الذين إنفكوا للتو من سلطة الحزب القائد سيئة الصيت ، سيقعوا من جديد في دوامة سلطة مجموعة الأحزاب القائدة ، وهذا خطأ فضيع ، يجب أن لا يرتكبه العراقيون ، إذا كانت في نيتهم تشييد نظام سياسي ديمقراطي حقيقي .
ثانيا ـ إنها تكرس المحاصصة وطريقة التوافق ، التي هي في جوهرها ، ضد الديمقراطية ، لأنها تستند إلى أسس الاعتبارات الحزبية والولائات العشائرية والشخصية ، وإلى الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية ، وهي لا تمت إلى قاعدة ــ الرجل المناسب ، في المكان المناسب ــ التي تعتمد
قيم النزاهة والكفاءة والخبرة ، بأية صلة .
ثالثا ـ إنها تحدد خيارات الناخب ، الذي يسعى حاليا للمشاركة في صياغة عراق جديد بكل
معنى الكلمة ، إذ كلما فتحت أمام الناخب خيارات كثيرة ، كلما تمكن بشكل أفضل من المشاركة بفاعلية وإيجابية وثقة بالذات وحماسة معنوية عالية ، والعكس هو الصحيح ، فكلما تم تحديد الخيارات ، سيشعر بأن قوة ما تسعى لمصادرة رأيه ، وتحاول دفعه بالطريق والاتجاه المرسوم له سلفا ، ما يقلل من حماسه وإندفاعه وإيجابيته .
إنها ، إذن ، ديكتاتورية بثوب جديد .
رابعا ـ إنها ستستنسخ لنا تجارب مجلس الحكم وحكومته المنحلان ، والحكومة الانتقالية الحالية وبرلمانها ، اللذين سينحلان نهاية الشهر الأول من العام القادم ، ما يعني كل ذلك ، تكريس قناعات نمت عند العراقيين ، تقول ، بأن الجوهر لم يتغير بعد سقوط النظام الشمولي البائد ، وإنما الذي تغير، هو القشور والصور والأسماء .
شخصيا ، أميل الى نظام القوائم المفتوحة والمتعددة ، وعدم الاقتصار على القوائم الحزبية ، لتتعدد خيارات الناخب ، ولنكسر إحتكار النخبة ، مهما كانت ، للمشهد السياسي ، وبالتالي لنضمن بناء التعددية السياسية بشكل حقيقي وواقعي وصادق ، وإذا كان البعض يحتج بتجارب أميركا وعدد من الدول الأوربية للتدليل على صحة طريقة إنتخابية أو نظرية ما ، فإن ذلك خلاف العقل والمنطق ، إذ كيف يمكن المقارنة بين أنظمة ديمقراطية عريقة ، وبين تجربة وليدة ، لا زالت تسعى من أجل أن ترى النور من بين ركام زلازل سياسية وأمنية كثيرة إستمرت لعقود طويلة من الزمن ؟ وهي تحاول تلمس الطريق الصحيح والسليم ، ومن حولها وحوش متربصة ، تنتظر أن يكبو الفرس لتنهش بلحمه وتشرب من دمه ؟.
فضلا عن ذلك ، فإن الأحزاب الحالية لم تقدم نفسها للناخب من خلال مشروعها وبرنامجها السياسي ، وإنما من خلال توظيف تاريخها وأحيانا قوائم ضحاياها ، وهذا لا يكفي ، بكل تأكيد ، لتقييم أي حزب من الأحزاب ، ناهيك عن أنها لم تحقق حتى الآن أي إنجاز ملموس للناخب ، فكيف يجوز أن نحصر خيارات الناخبين بقوائم حزبية ضيقة ؟ ومن قال أن المستقلين وغيرالحزبيين ، أقل كفاءة وقدرة وتضحية من الحزبي ؟ ، وإذا أضفنا الى كل ذلك ، المعلومة التي تقول بأن نسبة ثلاثة بالمئة فقط من العراقيين يثقون بالأحزاب السياسية الموجودة حاليا ، والمشاركة في السلطة ، طبقا لآخر إستبيان أكاديمي علمي ، عندها سنعرف كم هو حجم الظلم الذي سنلحقه بالناخب العراقي إذا ما تم تحديد خياراته بالقوائم الحزبية المغلقة فقط .
السؤال الثالث؛ـ
لماذا تستهدف العملية الانتخابية برأيكم ؟ وهل أن المسلحين قادرون على إفشال المشروع الديمقراطي في العراق ؟.
الجواب؛ـ
في الحقيقة ، هنالك عدة أطراف لا تريد للعملية السياسية الجديدة في العراق ، أن تتقدم بخطوات ثابتة ، للوصول بها إلى نهاية المطاف ، لأنهم لا يريدون رؤية عراق جديد ، قائم على أسس المساواة والتعددية والمشاركة السياسية ، من خلال صندوق الاقتراع .
فهناك الارهابيون الذين تسللوا من وراء الحدود ، من الذين يتمنون أن يبقى العراق ساحة مفتوحة للعنف والارهاب ، من أجل تصفية حساباتهم مع الشيعة الذين أهدر هؤلاء دمهم بفتاوى طائفية متخلفة .
إنهم يريدون أن يبقى العراق كذلك ، ليظلوا خارجين على القانون كعصابات للقتل والتدمير والخطف والذبح ، وما يؤسف له حقا ، أن هؤلاء وجدوا ملاذا آمنا ودعما ماديا ولوجستيكيا من عدد من دول الجوار.
وهناك فلول النظام البائد ، والذين تحالفوا مع مجموعات من الطائفيين والقوميين المتعصبين والمتطرفين ، من الذين يريدون أن يعيدوا عقارب الساعة الى الوراء ، لأنهم لا يتحملوا رؤية عراق جديد ، للشيعي فيه دور ومكانة ومنزلة في الحياة السياسية ، كما للسني ، وللكردي دور كما للعربي ، إلى جانب التركماني والآشوري وبقية شرائح ومكونات المجتمع العراقي .
إنهم يريدون أن يعودوا بالعراق الى سابق عهده ، لتحتكر فيه السلطة ، مناطق محدودة وعشائر قليلة وحزب واحد وطائفة واحدة .
إنها الأقلية ، سواء الطائفية أو القومية العنصرية ، التي تتصور أن بإمكانها أن تعود بالعراق إلى الوراء ، ولذلك فهي سوف لن تضع السلاح جانبا ، إلا إذا يئست من تحقيق هذا الهدف الرجعي الظلامي ، ولا أعتقد أن بإمكان أحد إقناعها بفشل مشروعها ليصل بها إلى نقطة اليأس ، إلا العراقيين بإصرارهم على الالتزام بالجدول الزمني المحدد لتقدم العملية السياسية ، ومن بين ذلك ، بل وعلى رأسها ، الانتخابات العامة المزمع إجراؤها مطلع العام القادم .
إن المسلحين لوحدهم ، لا يستطيعوا أن يحققوا شيئا ، فهم لوحدهم لا شئ ، إنما قوتهم بقوة القوى الدولية والأقليمية التي تقف وراءهم وتتبنى نهجهم التخريبي .
ولافشال خططهم ، يلزم ؛
أولا ـ الالتزام بالجدول الزمني المثبت للعملية السياسية برمتها ، وعدم التراجع أمام الارهاب ، فعدم مشاركة حفنة من المسلحين في الانتخابات العامة ، لا يقسم العراق ، كما يدعي البعض ، كما أنه لا يحاصر طائفة أو يعزلها سياسيا ، إذ مهما تحسنت الظروف الأمنية في العراق ، إلا أنه ستظل هناك مجموعات مسلحة تنشط في الظلام ،لأنها لا تؤمن بصندوق الاقتراع ، وهي تكفر بكل جديد .
ثانيا ـ توكيد تصميم العراقيين في الانتصار بحربهم مع قوى الظلام والتطرف والعنف والارهاب ، فإرادة العراقيين ، أولا وقبل كل شئ آخر ، فبالارادة تصنع الشعوب مستقبلها الزاهر ، وبالارادة تفعل المستحيل وتتغلب على كل المشاكل ، وبها تتجاوز العقبات ، وإن الالتزام بموعد الانتخابات ، دليل قوة الارادة العراقية المرجوة والمطلوبة .
ثالثا ـ يلزم التمييز بين العراقي الذي يقاوم الاحتلال ، بغض النظر عن صحة الطريقة والمنهج والاسلوب ، وبين الآخر الذي يتذرع بالمقاومة ليمارس الارهاب والقتل والتدمير ، كما ينبغي التمييز بين من يمارس الارهاب مع سبق الاصرار والتعمد ، وبين من تعرض لعملية غسل دماغ منظمة ، فخدع أو ضلل ، من أجل أن يمنح مثل هؤلاء فرص متكررة لاعادة النظر في وسائلهم ، من أجل أن يلتحقوا بالعملية السياسية ، إلى جانب كل العراقيين .
يجب أن يشعر هؤلاء ، وكل العراقيين ، أن العملية السياسية الجديدة لا تستهدف أحدا ، كما أنها لا تنوي إستثناء أحد ، ما عدا القلة القليلة التي تلطخت أياديهم بدماء العراقيين .
رابعا ـ طمأنة دول الجوار ، والمحيط العربي على وجه التحديد ، والسعي لاقناعهم ، بأن عراقا حرا ديمقراطيا تعدديا ، لا يهدد مصالحهم ، بل على العكس ، فإن عراقا متفجرا غير مستقر تحكمه الأقلية بالحديد والنار ، يهددهم في عقر دورهم ، إن عاجلا أم آجلا ، فالعراق ليس لبنان ، إذا شاعت فيه الفوضى وانزلق إلى الحرب الأهلية ، فسيدمرهم ، لأنه ، وبصراحة ، قطب الرحى في المنطقة ، وهو مفتوح على كل جيرانه ، بحدود ، لو استغلها الارهابيون ، فسيدمرهم ، ويحيل نهارهم إلى ليل دامس الظلمة ، ولا أظن أن جيران العراق نسوا تجربتهم مع نظام الطاغية الذليل ، وكيف أنه كان سبب عدم إستقرار المنطقة لعقود طويلة ، وأنه أرق ليلهم وسلب النوم من عيونهم ، بسبب سياساته الرعناء والمتهورة ، سواء في داخل حدوده ، أو خارجها .