المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الانتخابات في حوار (مهم) مع مجلة النبأ البغدادية مع نزار حيدر



سيد مرحوم
10-06-2004, 11:18 AM
الانتخابات في حوار مجلة النبأ البغدادية مع نزار حيدر

أرض السواد -



لتأجيل الانتخابات تفسير واحد ، هو إنتصار الارهاب

لا كرامة لمواطن من دون حرية ، ولا حرية من دون إرادة ، ولا إرادة من دون صندوق الاقتراع
لقد أثبتت الفترة الزمنية التي أعقبت سقوط نظام الطاغية الذليل ولحد الآن ، أن الهدف الأول والأخير للارهاب هوعرقلة تقدم العملية السياسية برمتها ، أما شعارات المقاومة والجهاد وما أشبه ، فليست سوى ورقة التوت التي يحتمي بها الارهابيون ومن يقف وراءهم من أجهزة مخابرات دولية وإقليمية

إن التحجج بتدهور الوضع الأمني في بعض مناطق العراق ، لحرمان الأغلبية الساحقة من العراقيين من التمتع بحق الانتخاب ، يتنافى وأبسط قيم العدالة والانصاف ، فضلا عن أنه يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي بات يتحدث بها الجميع

العراق ليس لبنان ، إذا شاعت فيه الفوضى وانزلق إلى الحرب الأهلية ، فسيدمر المنطقة ، لأنه ، وبصراحة ، قطب الرحى في المنطقة ، وهو مفتوح على كل جيرانه ، بحدود ، لو استغلها الارهابيون فسيدمرهم ، ويحيل نهارهم إلى ليل دامس الظلمة ، ولا أظن أن جيران العراق نسوا تجربتهم مع نظام الطاغية الذليل ، وكيف أنه كان سبب عدم إستقرار المنطقة لعقود طويلة ، وأنه أرق ليلهم وسلب النوم من عيونهم ، بسبب سياساته الرعناء والمتهورة ، سواء في داخل حدوده ، أو خارجها

إن على المناطق غير المستقرة أمنيا ، خاصة مناطق ما بات يعرف بالمثلث السني ، أن تحرر نفسها من أسر مجموعات العنف والارهاب ، لتلتحق بالمسيرة الديمقراطية الجديدة التي يشهدها العراق ، لا أن ندفع العراق الجديد ليلتحق بركب العنف والارهاب ، أو نضطره ليكون أسيرا لارادة قوى الظلام ، بتأجيل الانتخابات

لست مع تأجيل الانتخابات ، لأن الالتزام بالجدول الزمني لتقدم العملية السياسية برمتها ، ينزع سلاح الارهابيين ، كما أنه دليل إحترام إرادة العراقيين ، وإحترام الأحزاب لنفسها وكلمتها ، ما يعني الجدية في الالتزام بما إتفق الجميع على تحمل مسؤولياته ، وأقصد بناء عراق جديد ، سماته ، الحرية والمساواة والمشاركة والكرامة ، واحترام إرادة المواطن العراقي التي لا يمكن أن نلمسها ونتصورها إلا عند عتبة صندوق الاقتراع ، إذ لا كرامة لمواطن من دون حرية ، ولا حرية من دون إرادة ، ولا إرادة من دون صندوق الاقتراع

لست مع نظام الانتخاب بالقائمة المغلقة

لأنها تكرس المحاصصة وطريقة التوافق ، التي هي في جوهرها ، ضد الديمقراطية ، لأنها تستند إلى أسس الاعتبارات الحزبية والولائات العشائرية والشخصية ، وإلى الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية ، وهي لا تمت إلى

قاعدة ــ الرجل المناسب ، في المكان المناسب ــ التي تعتمد قيم النزاهة والكفاءة والخبرة ، بأية صلة

هناك فلول النظام البائد ، الذين تحالفوا مع مجموعات من الطائفيين والقوميين المتعصبين والمتطرفين ، من الذين يريدون أن يعيدوا عقارب الساعة الى الوراء ، لأنهم لا يتحملوا رؤية عراق جديد ، للشيعي فيه دور ومكانة ومنزلة في الحياة السياسية ، كما للسني ، وللكردي دور كما للعربي إلى جانب التركماني والآشوري وبقية شرائح ومكونات المجتمع العراقي
يلزم التمييز بين العراقي الذي يقاوم الاحتلال ، بغض النظر عن صحة الطريقة والمنهج والاسلوب ، وبين الآخر الذي يتذرع بالمقاومة ليمارس الارهاب والقتل والتدمير ، كما ينبغي التمييز بين من يمارس الارهاب مع سبق الاصرار والتعمد ، وبين من تعرض لعملية غسل دماغ منظمة ، فخدع أو ضلل ، من أجل أن يمنح مثل هؤلاء فرص متكررة لاعادة النظر في وسائلهم ، ليلتحقوا بالعملية السياسية ، إلى جانب كل العراقيين

لا يكفي أن تشارك في الانتخابات ، لتعود بعدها إلى بيتك ، لتغط في نوم عميق ، تاركا حبل الأمور على غاربها ، بل يجب أن يظل المواطن حذرا دائما ، يراقب الامور وتصرفات المسؤولين عن كثب ، ينام بعين واحدة ، لتظل العين الثانية تراقب المسؤول المنتخب ، منذ لحظة فوزه بالانتخابات ، ولغاية آخر لحظة من فترته الدستورية ، ليعرف أن رقيبا يتابع كل حركاته وسكناته ، وأن مواطنا مسؤولا يقف على رأسه ، يحاسبه إذا أخطا ، ويراقبه ليل نهار إذا حاول أن يجرم خفية ، فكم من مرشح حسن السلوك والتفكير وطيب القلب ، إنقلب الى وحش كاسر ومصاص للدماء ، بعد إنتخابه لتولي منصب أو مسؤولية ؟

ضمن ملف شامل ، أجرت مجلة النبأ الدراساتية التي تصدر في العاصمة العراقية بغداد ، وبالاشتراك مع شبكة النبأ المعلوماتية الالكترونية ، حوارا مفصلا مع نـــزار حيدر ، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن ، بشأن الانتخابات المزمع إجراؤها مطلع العام القادم في العراق ، وسبل ضمان نزاهتها ، والطريقة الأفضل التي يراها مناسبة لوضع بلد كالعراق ، الخارج للتو من تحت ركام النظام الديكتاتوري الشمولي البائد ، والذي لا زال يرزح تحت نير الاحتلال والعنف والارهاب .

أدناه نص الحوار ؛

السؤال الأول؛ـ

ماذا يعني تأجيل الانتخابات برأيكم ؟ وهل أنتهم مع التأجيل أم لا ؟ ولماذا ؟.

الجواب؛ـ
إن أي تأجيل للانتخابات المزمع إجراؤها في العراق ، بداية العام القادم ، له تفسير واحد لا غير ، وهو إنتصار الارهاب الاعمى الذي لا زال يحصد الأبرياء من العراقيين ، محاولا زرع الخوف والرعب في نفوس الناس ، حتى لا يفكروا بالوقوف أمام صندوق الاقتراع للادلاء بأصواتهم ، للمشاركة في بناء العراق الجديد .

لقد أثبتت الفترة الزمنية التي أعقبت سقوط نظام الطاغية الذليل ولحد الآن ، أن الهدف الأول والأخير للارهاب هوعرقلة تقدم العملية السياسية برمتها ، أما شعارات المقاومة والجهاد وما
أشبه ، فليست سوى ورقة التوت التي يحتمي بها الارهابيون ومن يقف وراءهم من أجهزة مخابرات دولية وإقليمية ، إلى جانب الفتوى الدينية المزيفة المدعومة بالمال الحرام ، ولذلك فإن تأجيل الانتخابات ، يعني أن الارهاب قد حقق هدفه الوحيد والاستراتيجي .

إن هنالك حربا يومية بين العراقيين الذين يصرون على مواصلة التقدم بالعملية السياسية ، لينهوا عهد الاحتلال البغيض، ويعيدوا بناء بلدهم الذي دمرته سياسات النظام الشمولي البائد وحروبه العبثية ، وبين قوى الظلام والعنف والارهاب التي تريد عرقلة كل ذلك ، وهي حرب وجود ، فإما أن ينتصر العراقيون أو ينتصر الارهاب ، والانتخابات هي المحك ، فإذا أجريت في موعدها الزمني المحدد ، يكون العراقيون قد انتصروا في هذه الحرب ، أما إذا أجلت ، فسينتصر الارهابيون ويحققون هدفهم ، وعندها ، فعلى العراق السلام .

كذلك ، فإن إستغلال التدهور الأمني في بعض مناطق العراق ، للتلاعب بالجدول الزمني الذي تم الاتفاق عليه بين العراقيين ، والذي وقعته الأحزاب السياسية التي تصف نفسها بالاساسية ، والذي تم تدوينه كذلك ، في القرار الدولي الأخير الذي كان قد صدر في حزيران الماضي عن مجلس الأمن الدولي ، إن ذلك يعني بشكل واضح وصريح أمرين خطيرين ؛

الأول ، هو فشل الحكومة الانتقالية ، التي تشكلت في الأساس لتسيير الأمور في الفترة الانتقالية ، والعمل على ترتيب كل الاجراءات اللازمة لانجاح الانتخابات العامة القادمة ، ولقد قبل العراقيون بهذه الحكومة على مضض ، على أمل أن لا تنشغل بغير الاعداد للانتخابات العامة .

الثاني ، إنه ــ التأجيل ــ سيكشف عن عدم جدية هذه الأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي العراقي بعد سقوط النظام البائد ، وبالتعاون والتنسيق مع المحتل ، في الالتزام بتعهداتها التي قطعتها على نفسها ، أمام العراقيين والعالم ، إما لأنها تخشى النتائج والتي لا يستبعد أنها ستكون مفاجئة للكثيرين ، إذ قد تقصيهم أو بعضهم عن المشهد السياسي ، أو بسبب إنصياعها للضغوط التي تمارس ضدهم من قبل عدد من الجهات الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تخشى ، هي الاخرى نتائج مثل هذه الانتخابات ، إذ من غير المستبعد أن لا تفرز أصدقاء كثيرون لها ، الأمر الذي لا ترغب برؤيته واشنطن ، وهي بعد في أول المشوار العراقي ، أو الاقليمية ، وعلى رأسها الاردن ، الذي يمثل حاليا النظام السياسي العربي السني ، الذي يخشى أن تفرز الانتخابات دورا متناميا للأغلبية ، وأقصد بها شيعة العراق ، وهذا ما يفسر ، ربما ، الهجمة المصرية ــ الأردنية الرسمية المشتركة ضد الانتخابات القادمة في العراق .

إن التحجج بتدهور الوضع الأمني في بعض مناطق العراق ، لحرمان الأغلبية الساحقة من العراقيين ، من التمتع بحق الانتخاب ، يتنافى وأبسط قيم العدالة والانصاف ، فضلا عن أنه يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي بات يتحدث بها الجميع .

ثم ، وهذا هو الأهم ، إن على المناطق غير المستقرة أمنيا ، خاصة مناطق ما بات يعرف بالمثلث السني ، أن تحرر نفسها من أسر مجموعات العنف والارهاب ، لتلتحق بالمسيرة الديمقراطية الجديدة التي يشهدها العراق ، لا أن ندفع العراق الجديد ليلتحق بركب العنف والارهاب ، أو نضطره ليكون أسيرا لارادة قوى الظلام ، بتأجيل الانتخابات .

لكل ذلك ، فأنا لست مع تأجيل الانتخابات ، لأن الالتزام بالجدول الزمني لتقدم العملية السياسية برمتها ، ينزع سلاح الارهابيين ، كما أنه دليل إحترام إرادة العراقيين ، وإحترام الأحزام لنفسها وكلمتها ، ما يعني الجدية في الالتزام بما إتفق الجميع على تحمل مسؤولياته ، وأقصد بناء عراق جديد ، سماته ، الحرية والمساواة والمشاركة والكرامة ، واحترام إرادة المواطن العراقي التي لا يمكن أن نلمسها ونتصورها إلا عند عتبة صندوق الاقتراع ، إذ لا كرامة لمواطن من دون حرية ، ولا حرية من دون إرادة ، ولا إرادة من دون صندوق الاقتراع .

السؤال الثاني؛ـ

طريقة الانتخابات بالقائمة المغلقة ، هل هي الأمثل ؟ أم أن هناك طريقة أخرى تلائم الواقع العراقي ؟ وما هي تلك الطريقة ؟.

الجواب؛ـ

لست مع نظام الانتخاب بالقائمة المغلقة ، لعدة أسباب ؛

أولا ـ أنها تكرس سلطة مجموعة الأحزاب التي استحوذت على السلطة لأسباب كثيرة ، ليس منها بكل تأكيد سعة القاعدة الشعبية التي تتمتع بها ، ما يعني أن العراقيين الذين إنفكوا للتو من سلطة الحزب القائد سيئة الصيت ، سيقعوا من جديد في دوامة سلطة مجموعة الأحزاب القائدة ، وهذا خطأ فضيع ، يجب أن لا يرتكبه العراقيون ، إذا كانت في نيتهم تشييد نظام سياسي ديمقراطي حقيقي .

ثانيا ـ إنها تكرس المحاصصة وطريقة التوافق ، التي هي في جوهرها ، ضد الديمقراطية ، لأنها تستند إلى أسس الاعتبارات الحزبية والولائات العشائرية والشخصية ، وإلى الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية ، وهي لا تمت إلى قاعدة ــ الرجل المناسب ، في المكان المناسب ــ التي تعتمد

قيم النزاهة والكفاءة والخبرة ، بأية صلة .

ثالثا ـ إنها تحدد خيارات الناخب ، الذي يسعى حاليا للمشاركة في صياغة عراق جديد بكل
معنى الكلمة ، إذ كلما فتحت أمام الناخب خيارات كثيرة ، كلما تمكن بشكل أفضل من المشاركة بفاعلية وإيجابية وثقة بالذات وحماسة معنوية عالية ، والعكس هو الصحيح ، فكلما تم تحديد الخيارات ، سيشعر بأن قوة ما تسعى لمصادرة رأيه ، وتحاول دفعه بالطريق والاتجاه المرسوم له سلفا ، ما يقلل من حماسه وإندفاعه وإيجابيته .

إنها ، إذن ، ديكتاتورية بثوب جديد .

رابعا ـ إنها ستستنسخ لنا تجارب مجلس الحكم وحكومته المنحلان ، والحكومة الانتقالية الحالية وبرلمانها ، اللذين سينحلان نهاية الشهر الأول من العام القادم ، ما يعني كل ذلك ، تكريس قناعات نمت عند العراقيين ، تقول ، بأن الجوهر لم يتغير بعد سقوط النظام الشمولي البائد ، وإنما الذي تغير، هو القشور والصور والأسماء .

شخصيا ، أميل الى نظام القوائم المفتوحة والمتعددة ، وعدم الاقتصار على القوائم الحزبية ، لتتعدد خيارات الناخب ، ولنكسر إحتكار النخبة ، مهما كانت ، للمشهد السياسي ، وبالتالي لنضمن بناء التعددية السياسية بشكل حقيقي وواقعي وصادق ، وإذا كان البعض يحتج بتجارب أميركا وعدد من الدول الأوربية للتدليل على صحة طريقة إنتخابية أو نظرية ما ، فإن ذلك خلاف العقل والمنطق ، إذ كيف يمكن المقارنة بين أنظمة ديمقراطية عريقة ، وبين تجربة وليدة ، لا زالت تسعى من أجل أن ترى النور من بين ركام زلازل سياسية وأمنية كثيرة إستمرت لعقود طويلة من الزمن ؟ وهي تحاول تلمس الطريق الصحيح والسليم ، ومن حولها وحوش متربصة ، تنتظر أن يكبو الفرس لتنهش بلحمه وتشرب من دمه ؟.

فضلا عن ذلك ، فإن الأحزاب الحالية لم تقدم نفسها للناخب من خلال مشروعها وبرنامجها السياسي ، وإنما من خلال توظيف تاريخها وأحيانا قوائم ضحاياها ، وهذا لا يكفي ، بكل تأكيد ، لتقييم أي حزب من الأحزاب ، ناهيك عن أنها لم تحقق حتى الآن أي إنجاز ملموس للناخب ، فكيف يجوز أن نحصر خيارات الناخبين بقوائم حزبية ضيقة ؟ ومن قال أن المستقلين وغيرالحزبيين ، أقل كفاءة وقدرة وتضحية من الحزبي ؟ ، وإذا أضفنا الى كل ذلك ، المعلومة التي تقول بأن نسبة ثلاثة بالمئة فقط من العراقيين يثقون بالأحزاب السياسية الموجودة حاليا ، والمشاركة في السلطة ، طبقا لآخر إستبيان أكاديمي علمي ، عندها سنعرف كم هو حجم الظلم الذي سنلحقه بالناخب العراقي إذا ما تم تحديد خياراته بالقوائم الحزبية المغلقة فقط .

السؤال الثالث؛ـ

لماذا تستهدف العملية الانتخابية برأيكم ؟ وهل أن المسلحين قادرون على إفشال المشروع الديمقراطي في العراق ؟.

الجواب؛ـ
في الحقيقة ، هنالك عدة أطراف لا تريد للعملية السياسية الجديدة في العراق ، أن تتقدم بخطوات ثابتة ، للوصول بها إلى نهاية المطاف ، لأنهم لا يريدون رؤية عراق جديد ، قائم على أسس المساواة والتعددية والمشاركة السياسية ، من خلال صندوق الاقتراع .
فهناك الارهابيون الذين تسللوا من وراء الحدود ، من الذين يتمنون أن يبقى العراق ساحة مفتوحة للعنف والارهاب ، من أجل تصفية حساباتهم مع الشيعة الذين أهدر هؤلاء دمهم بفتاوى طائفية متخلفة .
إنهم يريدون أن يبقى العراق كذلك ، ليظلوا خارجين على القانون كعصابات للقتل والتدمير والخطف والذبح ، وما يؤسف له حقا ، أن هؤلاء وجدوا ملاذا آمنا ودعما ماديا ولوجستيكيا من عدد من دول الجوار.

وهناك فلول النظام البائد ، والذين تحالفوا مع مجموعات من الطائفيين والقوميين المتعصبين والمتطرفين ، من الذين يريدون أن يعيدوا عقارب الساعة الى الوراء ، لأنهم لا يتحملوا رؤية عراق جديد ، للشيعي فيه دور ومكانة ومنزلة في الحياة السياسية ، كما للسني ، وللكردي دور كما للعربي ، إلى جانب التركماني والآشوري وبقية شرائح ومكونات المجتمع العراقي .
إنهم يريدون أن يعودوا بالعراق الى سابق عهده ، لتحتكر فيه السلطة ، مناطق محدودة وعشائر قليلة وحزب واحد وطائفة واحدة .

إنها الأقلية ، سواء الطائفية أو القومية العنصرية ، التي تتصور أن بإمكانها أن تعود بالعراق إلى الوراء ، ولذلك فهي سوف لن تضع السلاح جانبا ، إلا إذا يئست من تحقيق هذا الهدف الرجعي الظلامي ، ولا أعتقد أن بإمكان أحد إقناعها بفشل مشروعها ليصل بها إلى نقطة اليأس ، إلا العراقيين بإصرارهم على الالتزام بالجدول الزمني المحدد لتقدم العملية السياسية ، ومن بين ذلك ، بل وعلى رأسها ، الانتخابات العامة المزمع إجراؤها مطلع العام القادم .
إن المسلحين لوحدهم ، لا يستطيعوا أن يحققوا شيئا ، فهم لوحدهم لا شئ ، إنما قوتهم بقوة القوى الدولية والأقليمية التي تقف وراءهم وتتبنى نهجهم التخريبي .

ولافشال خططهم ، يلزم ؛

أولا ـ الالتزام بالجدول الزمني المثبت للعملية السياسية برمتها ، وعدم التراجع أمام الارهاب ، فعدم مشاركة حفنة من المسلحين في الانتخابات العامة ، لا يقسم العراق ، كما يدعي البعض ، كما أنه لا يحاصر طائفة أو يعزلها سياسيا ، إذ مهما تحسنت الظروف الأمنية في العراق ، إلا أنه ستظل هناك مجموعات مسلحة تنشط في الظلام ،لأنها لا تؤمن بصندوق الاقتراع ، وهي تكفر بكل جديد .

ثانيا ـ توكيد تصميم العراقيين في الانتصار بحربهم مع قوى الظلام والتطرف والعنف والارهاب ، فإرادة العراقيين ، أولا وقبل كل شئ آخر ، فبالارادة تصنع الشعوب مستقبلها الزاهر ، وبالارادة تفعل المستحيل وتتغلب على كل المشاكل ، وبها تتجاوز العقبات ، وإن الالتزام بموعد الانتخابات ، دليل قوة الارادة العراقية المرجوة والمطلوبة .
ثالثا ـ يلزم التمييز بين العراقي الذي يقاوم الاحتلال ، بغض النظر عن صحة الطريقة والمنهج والاسلوب ، وبين الآخر الذي يتذرع بالمقاومة ليمارس الارهاب والقتل والتدمير ، كما ينبغي التمييز بين من يمارس الارهاب مع سبق الاصرار والتعمد ، وبين من تعرض لعملية غسل دماغ منظمة ، فخدع أو ضلل ، من أجل أن يمنح مثل هؤلاء فرص متكررة لاعادة النظر في وسائلهم ، من أجل أن يلتحقوا بالعملية السياسية ، إلى جانب كل العراقيين .

يجب أن يشعر هؤلاء ، وكل العراقيين ، أن العملية السياسية الجديدة لا تستهدف أحدا ، كما أنها لا تنوي إستثناء أحد ، ما عدا القلة القليلة التي تلطخت أياديهم بدماء العراقيين .

رابعا ـ طمأنة دول الجوار ، والمحيط العربي على وجه التحديد ، والسعي لاقناعهم ، بأن عراقا حرا ديمقراطيا تعدديا ، لا يهدد مصالحهم ، بل على العكس ، فإن عراقا متفجرا غير مستقر تحكمه الأقلية بالحديد والنار ، يهددهم في عقر دورهم ، إن عاجلا أم آجلا ، فالعراق ليس لبنان ، إذا شاعت فيه الفوضى وانزلق إلى الحرب الأهلية ، فسيدمرهم ، لأنه ، وبصراحة ، قطب الرحى في المنطقة ، وهو مفتوح على كل جيرانه ، بحدود ، لو استغلها الارهابيون ، فسيدمرهم ، ويحيل نهارهم إلى ليل دامس الظلمة ، ولا أظن أن جيران العراق نسوا تجربتهم مع نظام الطاغية الذليل ، وكيف أنه كان سبب عدم إستقرار المنطقة لعقود طويلة ، وأنه أرق ليلهم وسلب النوم من عيونهم ، بسبب سياساته الرعناء والمتهورة ، سواء في داخل حدوده ، أو خارجها .

سيد مرحوم
10-06-2004, 11:20 AM
السؤال الرابع؛ـ
كيف تقرؤون التفاعل الجماهيري ، ونسبة المشاركة في الانتخابات ؟.

الجواب؛ـ
أعتقد ، أن المشارمة الشعبية في الانتخابات العامة القادمة ، وبشكل عام في العملية السياسية
برمتها ، واجب وطني قبل أن تكون حقا من الحقوق الأساسية لكل مواطن ، الآن على وجه التحديد ، لأن ملامح العراق الجديد باتت تتشكل في هذه اللحظات التاريخية التي يمر بها ، ولهذا السبب ، يجب أن يشترك الجميع في رسمها وصياغتها .

وبرأيي ، فإن المشاركة المطلوبة يلزم أن تتجلى معالمها فيما يلي ؛

أ ــ في الحضور الفاعل والحقيقي أمام صندوق الاقتراع ، فالصوت مسؤولية قد يساهم في بناء العراق الجديد إذا رجح كفة تيار وطني مخلص حريص على العراق ، همه خدمة الناس ورفع شأن العراق عاليا ، وقد يساهم في تدمير البلد وتحطيم أهله ، إذا رجح كفة مجموعة من العصابات المشبوهة التي لا يهمها من العراق إلا نهب أمواله ، والبقاء في السلطة أطول مدة زمنية ممكنة ، وإن كان الثمن مقابر جماعية جديدة ، وحلبجة ثانية وأنفال أخرى .

ب ــ في مراقبة السلطة بشكل مستمر ، إذ لا يكفي أن تشارك في الانتخابات ، لتعود بعدها إلى بيتك ، لتغط في نوم عميق ، تاركا حبل الأمور على غاربها ، بل يجب أن يظل المواطن حذرا دائما ، يراقب الامور وتصرفات المسؤولين عن كثب ، ينام بعين واحدة ، لتظل العين الثانية تراقب المسؤول المنتخب ، منذ لحظة فوزه بالانتخابات ، ولغاية آخر لحظة من فترته الدستورية ، ليعرف أن رقيبا يتابع كل حركاته وسكناته ، وأن مواطنا مسؤولا يقف على رأسه ، يحاسبه إذا أخطا ، ويراقبه ليل نهار إذا حاول أن يجرم خفية ، فكم من مرشح حسن السلوك والتفكير وطيب القلب ، إنقلب الى وحش كاسر ومصاص للدماء ، بعد إنتخابه لتولي منصب أو مسؤولية ؟.

أما بالنسبة إلى نسبة المشاركة الشعبية ، فأعتقد أنها ستكون أوسع وأكثر جدية ، إذا ؛
ألف ؛ تعددت القوائم الانتخابية ، ليشعر المواطن بأنه أمام خيارات كثيرة ، ليس هناك من يحاول خداعه بقائمة محددة ، كما حدث ذلك في تجربة المؤتمر الوطني العراقي ، الذي إنبثق عنه المجلس الاستشاري ، أو ما بات يعرف بالبرلمان المؤقت ، فلقد شعر كل الحضور بأن القائمة التي جرى تمريرها عليهم ، ليست إلا أمر دبر بليل .

باء ؛ تحسن الوضع الأمني ، وعدم سعي الأحزاب المهيمنة الآن على المشهد السياسي ، لممارسة سياسات الترغيب والترهيب مع الناخب ، فكما يلزم تحسين الوضع الامني العام ليشعر الناخب بالأمان ، فيدلي بصوته بكامل الحرية وبارادة قوية ، كذلك ينبغي ضمان سلامة الناخب من إرهاب الأحزاب المهيمنة التي ستحاول التحكم باتجاهات نتائج الانتخابات ، بصورة أو بأخرى .

جيم ؛ كما أن تحسن الوضع المعيشي للمواطن العراقي ، سيزيد من فرص نجاح الانتخابات ، وتوسع من حجم المشاركة الشعبية ، حتى لا يظل المواطن أسير لقمة العيش ، له ولأولاده وعائلته ، ففي الحديث الشريف عن رسول الله ـ ص ـ ,, من لا معاش له ، لا معاد له ،، .

دال ؛ إذا أبدت مراكز القوى الحقيقية في المجتمع العراقي ، رأيا إيجابيا في العملية الانتخابية ، بعد أن تتشكل عندها قناعات حقيقية في نزاهتها وصحة مسارها ، وصدق نوايا المشرفين عليها ، وأقصد بمراكز القوى الحقيقية هنا ، المرجعيات والقيادات الدينية ، والزعامات السياسية الحقيقية والعريقة .

السؤال الخامس؛ـ
إذا لم تجر الانتخابات في موعدها المقرر ، كيف سينعكس ذلك على العملية السياسية في العراق ؟.

الجواب؛ـ

أعتقد ، أن أي تلاعب بالجدول الزمني المحدد والمتفق عليه لتقدم العملية السياسية ، سيهدد العراق ويضع مستقبله على كف عفريت .

إنه سيزيد من فرص نجاح مخططات الارهابيين ومجموعات العنف والتطرف والكراهية ، التي تتربص بالعراق الدوائر ، فهي سترقص فرحا إذا تم التلاعب بالمواعيد المقررة ، لأنها ستشعر وكأنها اقتربت أكثر من هدفها الحقيقي والوحيد ، والذي ينحصر بالعمل على عرقلة تقدم العملية السياسية ، ليقف الزمن عند خط العنف والارهاب .
إن أكبر هدية يمكن أن تقدمها الحكومة الانتقالية إلى الارهابيين ، إذا تلاعبت بالجدول الزمني للعملية السياسية ، خاصة موعد الانتخابات العامة المقبلة .

ولذلك ، فإن أي تأجيل سيدعم مشروع الارهابيين ، وسيساهم في توسيع نطاق العنف والارهاب ، وسيشجع على إنخراط المترددين في تيار الارهابيين ، إذ ليس كل الناس يزنون الأمور بميزان الحق والباطل ، أو الصح والخطأ ، بل أن هنالك الكثيرين الذين يلتحقون عادة بصف المنتصرين ، بغض النظر عن صحة أو خطأ وسائلهم أو أساليبهم ، ولذلك ، فإذا أردنا أن نسلب الفرصة من الارهابيين ، ولا نمنح المترددين ذريعة للالتحاق بهم ، يجب أن نتمسك بالجدول الزمني للعملية السياسية برمتها ، فتجري الانتخابات العامة في موعدها المقرر والمحدد سلفا .

إن التلاعب بالجدول الزمني ، سيزيد كذلك من سقوط مصداقية الولايات المتحدة ، كما سيزيد من كراهية العراقيين لها ، فبعد كل هذا الكم الهائل من الأخطاء والفضائح التي إرتكبتها أميركا في العراق ، منذ سقوط النظام الشمولي ولحد الآن ، لا أعتقد أنها بحاجة إلى المزيد منها لتدفع العراقيين إلى إتخاذ قرار الطلاق البائن معها ، وإلى الأبد .

إضافة إلى كل ذلك ، فإن التأجيل أو التلاعب بالجدول الزمني ، سيدق إسفينا فيما بين العراقيين والأحزاب السياسية المشاركة في المشهد السياسي العراقي الحالي ، فيما سيكون ، بالنسبة لبعضها ، آخر مسمار تدقه بنفسها في نعشها المتجه الى القبر ، فهل ، يا ترى ، سترتكب مثل هذا الخطأ ، الخطيئة ؟.

السؤال السادس والأخير؛ـ
ما هي شروط نجاح العملية الانتخابية في العراق ؟ ومدى شفافيتها ؟.

الجواب؛ـ
برأيي ، فإن أهم شروط نجاح العملية الانتخابية ، هو هوية الرقيب والمشرف .
أعرف سلفا ، أن الانتخابات العامة القادمة ، سوف لن تكون نزيهة بدرجة كبيرة جدا ، كما أن العراقيين لا يتوقعون منها أن تصنع لهم المعاجز ، ولكن ، لأن مسيرة الميل خطوة ، كما تقول الحكمة ، ولأننا نريد لهذه الخطوة أن تكون إلى الأمام وفي الاتجاه الصحيح ، لذلك يجب أن نعمل جميعا ما أمكننا ، لتأتي على أفضل ما يرام ، لأنها الأمل المعقود ، واللبنة الأولى التي سيشاد عليها بقية البناء الجديد .

شخصيا ، لا أثق كثيرا بالأمم المتحدة ، لأنها ليست سوى قطع غيار ، تستفيد منها الولايات المتحدة متى ما رغبت في ذلك ، وتتجاوزها عندما لا ترى أية ضرورة للجوء إليها .

كما لا أثق بالحكومة الانتقالية ، والأحزاب السياسية المشاركة فيها ، لأنها طرف في الموضوع ، وصاحبة مصلحة مباشرة في نتائج الانتخابات العامة .

ألذي أثق به كأفضل رقيب على الانتخابات العامة ، هو مؤسسات المجتمع المدني ، التي ليست طرفا في المنافسات الانتخابية ، كما أنها ليست لها أية مصلحة مباشرة بنتائجها ، إن مصلحتها من مصلحة العراق ، ولذلك لا يهمها من سيكون الفائز في أية إنتخابات عامة ، إنما الذي يهمها ، هو أن تكون الانتخابات ، حرة ونزيهة بدرجة عالية ، كما يهمها أن يدلي الناخب برأيه ، بكامل إرادته ، من دون خوف أو وجل أو ترغيب أو ترهيب .

طبعا ، ثقتي بهذه المؤسسات ، لا يعني أن نلغي دور من ذكرتهم آنفا ، إنما يعني أن نعول على هذه المؤسسات في التحقق من نزاهة الانتخابات ، أكثر مما نعول على غيرها ، وليكن الآخرون حاضرين كذلك .

إن مثل هذه المؤسسات المستقلة ، ستحرص على أن تكون الانتخابات ، نزيهة غير مزورة ، وحقيقية وليست مسرحية .

أما من أقصد بمؤسسات المجتمع المدني ، فهي المؤسسات الدينية ومنظمات حقوق الانسان ، طبعا المستقلة ، وليست تلك التي أسستها الأحزاب السياسية في المنفى ، والتي عادت إلى العراق لتواصل نشاطها السياسي تحت لافتات العمل الانساني والحقوقي ، إلى جانب جيش المحامين والحقوقيين ، بالاضافة إلى مشاركة عينات عشوائية من المواطنين ، في لجان المراقبة والاشراف على سير العملية الانتخابية ، وبرأيي ، فإن ظروف العراق الحالية تتطلب مثل هذا النوع من الرقابة ، التي ربما تكون الفريدة من نوعها في العالم ، لا أدري ، لأن العراق حالة خاصة ، يتربص به المتنافسون ، بعضهم بالبعض الآخر ، فمن أجل التقليل من نسبة الطعون المحتملة ، فإننا بحاجة إلى مثل هذا الاشراف الصارم والرقابة القاسية .

أخيرا ، أشكر مجلة النبأ الدراساتية ، وشبكة النبأ المعلوماتية الأليكترونية ، لاتاحتها لي هذه الفرصة الثمينة والكريمة .
1 October 2004