المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الـ«تايمز» والـ«صنداي تايمز» تجنيان ثمار إدخال رسوم الدخول لموقعيهما



سمير
11-04-2010, 10:39 AM
«نيوز إنترناشيونال» تقول إن التجربة كانت «مشجعة» ومطبوعاتها الأخرى ستلحق بهما في وقت لاحق

نجاح تجربة «التايمز» و «الصنداي تايمز» في تحقيق أرباح من مواقعهما الالكترونية (أ.ف.ب)


لندن: عبد اللطيف جابر


إلى أين تتجه السوق الإعلامية؟ صحف تغلق أبوابها، وأخرى تحجب قراءها عن الدخول إلى مواقعها من دون رسوم اشتراك، مثل الـ«تايمز» والـ«صنداي تايمز» البريطانيتين، وبعضها أصبحت توزع مجانا رغم تاريخها الطويل الذي يمتد لمئات السنين، ومؤسسات إعلامية أخرى تبدأ من جديد في نشر صحف أخرى لاعتقادها أن السوق ما زالت متعطشة لمطبوعات يومية رصينة. الأسباب كثيرة لكن يبقى أهمها وأكثرها وضوحا التكنولوجيا الحديثة وثورة الإنترنت.

اللورد كونراد بلاك، مالك صحيفة «ديلي تلغراف» سابقا، الذي أطلق سراحه بكفالة منتظرا نتيجة الاستئناف بعد أن أمضى عدة سنوات في سجن ولاية فلوريدا بتهمة الاختلاس المالي، يرى أن السوق الإعلامية في حالة تدهور، لهذا فمن الممكن أن يكون هناك «صيد» جيد و«صفقات مربحة» من خلال امتلاك الصحف التي يمكن شراء بعضها بجنيهات قليلة. وقال في تصريحات إعلامية هذا الأسبوع «أعتقد أن الصحف خسرت كثيرا من قيمتها، وأصبح هناك فرصة لاقتناص بعضها».

وأضاف الإمبراطور الإعلامي السابق في تصريحات للقناة الرابعة (راديو فور) التابع للـ«بي بي سي»: «الكثير من الناس ما زالوا يفضلون التعامل مع المطبوعات الورقية» أكثر من النسخ الإلكترونية.

آخر هذه التحولات في السوق الإعلامية هو ما أعلنته مؤسسة «نيوز إنترناشيونال» البريطانية، التي تشكل جزءا من «نيوز كوربوريشن» التي يمتلكها إمبراطور الإعلام روبرت ميردوخ. المؤسسة أعدت خطة في أبريل (نيسان) تبدأ من خلالها في يونيو (حزيران) الماضي في منع الدخول المجاني إلى مواقع صحيفتيها الـ«تايمز» والـ«صنداي تايمز» من دون دفع رسوم اشتراكات الدخول، وحددتها بدفع جنيه إسترليني (1.5 دولار) للدخول إلى موقع الصحيفة على الإنترنت لمدة يوم واحد، وجنيهين (3.2 دولار) مقابل الاشتراك الأسبوعي. كما يمكن الاشتراك في المطبوعة الورقية وكذلك نسخة الإنترنت وذلك من خلال اشتراك مزدوج.

وبعد أربعة شهور من هذه التجربة الفريدة من نوعها في عالم الإعلام والتي ما زالت في طور التجريب وما زال الكثير من التنفيذيين في الكثير من الصحف حول العالم ينتظرون نتائجها، فقد أعلنت أول من أمس مؤسسة «نيوز إنترناشيونال» أن نتائجها كانت إيجابية ومشجعة، مضيفة أن 105 آلاف شخص قد دفعوا الرسوم المطلوبة من أجل الدخول للموقع، منذ أن حجبت الصحيفة الدخول المجاني للقراء، وأن 100 ألف شخص آخر تقدموا للاشتراك في النسخة المطبوعة من الصحيفة والدخول في نفس الوقت على موقعها الإلكتروني على الإنترنت.

وقال جيمس هاردينغ، رئيس تحرير صحيفة الـ«تايمز»، في مقابلة مع هيئة البث البريطاني (بي بي سي)، إنه «متفائل جدا» من النتائج.

وكان المديرون التنفيذيون في الصحيفتين قد أعربوا، في تصريحات غير رسمية سابقة، عن توقعاتهم بخسارة الصحيفتين آلاف القراء الدائمين، وملايين القراء العرضيين، عندما تم الإعلان عن الخدمة الجديدة.

وكان قد أشار آنذاك مراسل هيئة الـ«بي بي سي» لشؤون الإعلام، توم دوغلاس، إلى أمل القائمين على خطط مؤسسة «نيوز إنترناشيونال» في أن يكون مبلغ جنيهين إسترلينيين صغيرا جدا بحيث يغوي الكثير من القراء باللجوء إلى الاشتراك. وقال دوغلاس «يمكننا توقع حملات تسويقية، لعقد مقارنة بين سعر كوب القهوة مع سعر الاشتراك الأسبوعي الصحيفة، حيث تبدو الأخيرة أكثر فائدة».

ومن الواضح من خلال النتائج الأولية أن الخطط التسويقية قد أعطت مفعولها، على الرغم من أن المؤسسة لم تصرح أول من أمس علنا بنتائج ريع مبيعاتها.
وحاليا فإن الكثير من المؤسسات في صناعة الإعلام أصبحت تراقب عن كثب تجربة صحيفة الـ«تايمز»، وتقدم محتوى عالي الجودة مجانا من أجل أن تستقطب أكبر عدد من القراء، ومقابل ذلك تنشر الإعلانات على المواقع الإلكترونية. هذا طبعا لا ينطبق على الـ«تايمز» و«وول ستريت جورنال» المملوكتين من قبل «نيوز كوربوريشن»، وكذلك الـ«فاينانشيال تايمز».

وقالت مؤسسة «نيوز إنترناشيونال» إن نصف عدد المشتركين (105 آلاف شخص) دفعوا (3.2 دولار) للخدمة الأسبوعية، ونصفهم للاشتراك الشهري (9.95 جنيه إسترليني)، ويمكنهم الوصول إلى موقع الصحيفة من خلال جهاز «آي باد» أو «أمازون كيندل». كما يمكن للشخص الدخول إلى موقع النسخة المطبوعة من الصحيفة مقابل جنيه إسترليني رسم الدخول اليومي، أو جنيه واحد مقابل التجربة لشهر واحد فقط.

«خلال الأشهر القليلة الماضية منذ أن أطلقنا الخدمة زاد التوزيع المدفوع ثمنه مقدما لصحيفة الـ(تايمز)»، قال جيمس ميردوخ الرئيس التنفيذي لـ«نيوز كوربوريشن» لمنطقة أوروبا وآسيا في تصريحات للـ«بي بي سي». وأضاف جيمس، وهو أحد أبناء روبرت ميردوخ «التجربة ما زالت في بدايتها، إلا أنها مشجعة، ونرى أن المشتركين الرقميين أكثر تفاعلا، لهذا فإننا نقدرهم كثيرا، وأكثر بكثير من المستخدمين المهتمين الذين كانوا يدخلون مجانا على النسخة المجانية».

وبعد الإعلان عن خطط رسوم الاشتراك الجديدة أطلقت كلتا الصحيفتين، الـ«تايمز» والـ«صنداي تايمز»، موقعين جديدين تماما في مايو (أيار)، تم فيهما فصل محتواهما الإلكتروني للمرة الأولى، واستبدالهما بالموقع الإلكتروني السابق «تايمز أون لاين».

ويتوقع أن تشكل الخطوة جبهة جديدة في الصراع على استقطاب قراء الصحف، الذي ستراقبه الصناعة عن كثب، كما يعتقد بعض المحللين.

وكان جيمس هاردينغ قال في تصريحات سابقة إن تطبيق استراتيجية الدفع مقابل القراءة التي تنوي الصحيفة تطبيقها بالغ الخطورة، لكنه أخف ضررا من الفشل في الاستفادة من الصحافة وطرحها من دون مقابل. وشبّه صناعة الأخبار في الوقت الراهن بصناعة الموسيقى قبل أربع سنوات عندما ظن البعض أن صناعة الموسيقى قد انتهت، لأن الأفراد يحصلون الموسيقى مجانا، لكن الآن يقوم الأفراد بالشراء من مواقع التحميل.

وقالت المديرة التنفيذية لمؤسسة «نيوز إنترناشيونال»، ريبيكا بروكس، في تصريحات سابقة، إن السياسة الجديدة خطوة محورية تجاه جعل العمل الإخباري أكثر فائدة من الناحية الاقتصادية. وأضافت بروكس أن «قرار فرض الرسوم جاء في لحظة فارقة بالنسبة للصحافة، ونحن فخورون بصحافتنا ولا نخجل من القول إننا نعتقد بأنها تستحق ذلك». وأشارت إلى أن المطبوعات الأخرى التي تمتلكها مؤسسة «نيوز إنترناشيونال»، مثل «ذا صن» و«نيوز أوف ذا وورلد»، ستمضي على نفس النسق في فرض رسوم على الاطلاع على المحتوى الإلكتروني الخاص بهما في وقت لاحق.
وقالت «هذه مجرد بداية. ستكون الـ(تايمز) والـ(صنداي تايمز) البداية بالنسبة للإصدارات الأربعة في المملكة المتحدة والتي تنتقل إلى النظام الجديد. وسنواصل تطوير منتجاتنا الرقمية وعملية الاستثمار والابتكار لعملائنا».

وتستخدم صناعة الإعلام معيارا عاما يتوقع أن يدفع نحو 5 في المائة من زوار المواقع الإخبارية مقابل الحصول على المعلومات الجيدة. وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن زوار الـ«تايمز» والـ«صنداي تايمز» من القراء المنتظمين يبلغون نحو 1.22 مليون زائر.

بيد أن كلير أندريه، من شركة «أندريه أناليسز» لأبحاث الإعلام، تشير إلى أن من يظن أن صحيفة الـ«تايمز» ستحصل على نسبة 5 في المائة، هو شخص حالم. لكن إذا حاولت فرض رسوم فإن النموذج الذي اختاروه هو النموذج الأفضل. وعلى عكس عدد من المحللين، لا تتوقع أندريه اتباع أي من الصحف البريطانية الأخرى هذا النموذج في القريب العاجل.

وكان قد أبدى آلان روزبريدجر، رئيس تحرير صحيفة الـ«غارديان»، هو الآخر شكوكا متزايدة تجاه الدفع مقابل الدخول إلى الموقع، وتعهد بالحفاظ على محتوى صحيفته مجانيا على الإنترنت. ووصف هذه الخطوة في يناير (كانون الثاني) بأنها نموذج «فكرة».
هذا التوجه جعل بعض الصحف تفكر بشكل جاد حول أفضل الطرق للتغلب على مرحلة عدم الوضوح في الرؤيا بالنسبة إلى أين ستتجه صناعة الإعلام في نهاية المطاف.

رجل الأعمال الملياردير الروسي والجاسوس السابق ألكسندر ليبيديف، الذي اشترى الصحيفة اللندنية «إيفنينغ ستاندرد»، ومن ثم حولها بعد تاريخ طويل يمتد لأكثر من 180 عاما إلى صحيفة توزع مجانا خارج محطات القطارات الأرضية، فكر، كما ذكرت عدة تقارير، في توزيع صحيفته البريطانية اليومية «الإندبندنت»، التي كان قد اشتراها بجنيه رمزي، هي الأخرى مجانا. ومع أن مستقبل الصحيفة ما زال غير واضح لحد الآن، فإن السؤال هو: هل سيبدأ مالكها الجديد في توزيعها مجانا مثلما فعل مع صحيفة «إيفنينغ ستاندرد» أم سيلجأ إلى ما قام به ميردوخ ببيع خدمة قراءتها على الإنترنت؟

وقال سايمون كيلنار، رئيس تحرير الصحيفة، في تصريحات إعلامية هذا الأسبوع، إن هذا الخيار قد نظر إليه بجدية، لكنه رفض لأن الصحيفة لا تحصل على نسبة الإعلانات العالية كما هو الحال بالنسبة للصحيفة المسائية «إيفنينغ ستاندرد»، وهذا سيجعل خسارتها أعلى مما هي عليه الآن، والتي قدرت بـ12 مليون جنيه إسترليني (18 مليون دولار) سنويا. أما الخيار الثاني فكان اقتطاع جزء من الميزانية التحريرية للصحيفة «لكن هذا سينزل من مستوى الجريدة، وهذا لن يجعلها صحيفة (الإندبندنت) كما نعرفها»، قال كيلنار.

وبعد شهور من الحوار قرر القائمون على الصحيفة اللجوء للخيار الثالث، أي توسيع دائرة القراء بإضافة صحيفة رصينة تكون تكلفة طرحها من خلال البنية العامة القائمة للتكلفة، وكانت النتيجة صحيفة اسمها (آي)، أي حرف الآي (i) باللغة الإنجليزية، وهو نفس اسم صحيفة مشابهة أطلقت هي الأخرى في البرتغال، لنفس الأسباب. ونزلت هذه إلى الأسواق هذا الأسبوع، وتباع بـ20 سنتا.