بو حسين
10-05-2004, 06:06 PM
شوارع مدينة الصدر قذرة لكنها مليئة بشعارات التحدي
الشرق الاوسط : : GMT 05.00 hours + 2004-10-05 - 00:07:45
شوارع مدينة الصدر قذرة لكنها مليئة بشعارات التحدي
بغداد: ادوارد وونغ *
في آخر ليلة من ليالي العريس كشخص اعزب كانت هناك حفلة في الجزء الأمامي للبيت حيث المشاركون كانوا يغنون ويرقصون.
وكان اثنان يغنيان بصوت خافت مادحين رجل الدين الشاب المناهض للأميركيين مقتدى الصدر، الذي ألقى بظلاله، رغم غيابه، على حفلة العرس: «نحبك حتى الموت يا مقتدى. نحبك بقدر عدد أوراق الشجر».
وقد خرج احد اصدقاء العريس ملوحا بيديه وهاتفا «أولئك التابعون لأميركا كلاب. ونحن نقسم باسم مقتدى بأننا لن ندع اصوات مدافعنا تتوقف!».
ويتجلى الولاء لرجل الدين الشيعي شديدا هنا في شمال شرق بغداد، وخصوصا في مدينة الصدر، الحي الذي يضم أكثر من مليوني نسمة، على الرغم من الغارات والضربات الجوية المتكررة التي تشنها القوات الأميركية. وقد صعدت هذه القوات حملتها لاستئصال جيش المهدي، وهو ميليشيا الصدر، في معقله هنا، حيث من المستحيل تقريبا التمييز بين المدنيين والمقاتلين.
وقد قضى مراسل ومصور ومترجم من «نيويورك تايمز» ما يقرب من 24 ساعة مؤخرا في شوارع المناطق التي تدور فيها المعارك، بل الى احدى حفلات المقاتلين، برفقة احد انصار الصدر الذي حمل اسم محمد، وهو اسم مستعار.
وبدأ اليوم برحلة بالسيارة الى بيت محمد البالغ من العمر 35 عاما، عبر الشوارع المليئة بالنفايات والجدران التي علقت عليها بوسترات تحمل صور الصدر، وشعارات يقول احدها «شارع فيتنام. سنحفر قبوركم في هذا المكان».
ويقع بيت محمد في زقاق ضيق بمنطقة الجوادر المليئة هي الأخرى بالنفايات والمياه الآسنة، والتي شاهدنا فيها صبيانا يحملون الآر بي جي. ومحمد هو ثاني ستة اشقاء أغلبهم منتسبون الى جيش المهدي. وقال محمد اثناء تناولنا وجبة كباب في بيته حيث علقت صورة الصدر على الجدار انه «اذا لم يحاول الأميركيون دخول مدينة الصدر بدباباتهم استطيع أن اضمن لك عدم اطلاق رصاصة واحدة. ان كل الناس هنا يشاركون في المقاومة».
وفي غضون ذلك قال شقيقه قاسم المسؤول العسكري في جيش المهدي، متفاخرا: «قاتلت ضد الأميركيين مرتين في النجف. كانت المعركة في أغسطس (اب) دموية تماما. كان هناك جيشان احدهما مزود بالتكنولوجيا المتطورة، ولم تكن هناك مقارنة.
ولكننا افلحنا في البقاء 26 يوما»، مضيفا «نحن مستعدون للقتال، ولن ندع الأميركيين يدخلون هذه المدينة». وذلك الشعور منتشر على نطاق واسع في مدينة الصدر.
وفي فترة ما بعد الظهر قاد محمد سيارته الى بيت قال انه تعرض الى ضربة جوية أميركية قبل ثلاثة ايام. واشار محمد الى بركة من الدم في زاوية من غرفة الاستقبال والى صورة العائلة المعلقة على الجدار. وكان الوالدان وأطفالهما الثلاثة قد قتلوا في الضربة.
وقال أحمد فيصل احد الجيران، ان «الجميع كانوا نائمين بعد منتصف الليل. وكانت الكهرباء مقطوعة، ثم جاءت الطائرة بعد الساعة الواحدة، وكانت الضوضاء شديدة، وقامت الطائرة بضرب الهدف».
وقال مسؤول عسكري كبير ان الضربات لم تكن تستهدف المدنيين ولكن ليست هناك ضمانات لتجنب اصابة المدنيين.
وكان ستة من الشباب في الزقاق قد أظهروا ضمادات ملفوفة على اذرعهم وأجزاء أخرى من اجسادهم قالوا انها بسبب القصف الجوي. واكدوا انهم ليسوا اعضاء في جيش المهدي.
ولكن عندما سئلوا عما اذا كانوا يأملون في أن يفلح الصدر في ابعاد الأميركيين أجابوا جميعا بالايجاب.
ومر محمد بسيارته أمام مستشفى الإمام علي وزار عددا من الأشخاص قال إنهم جرحوا في الهجمات الجوية بينهم ثلاث نساء. رجل الشرطة الموجود هنا طبع قبلة على خد محمد. كانت هناك شعارات تمجد السيد مقتدى الصدر، ومن ضمنها صورة تجمعه مع حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني. وفي مستشفى آخر كان رجل يصرخ ويقول إنه جرح في الهجمات الأميركية. وكان الدم يغطي وجهه وملابسه.
ذهب محمد من هناك إلى موقع الهجوم وهو شارع عريض قريب من القاعدة الأميركية. وقد تجمع الناس قريبا من شاحنة محروقة وسيارة عسكرية من طراز همفي. ولكن الجنود الأميركيين أطلقوا طلقات في الفضاء عندما هم الجمهور العراقي بالاقتراب. وقد اتصل محمد من هاتفه الجوال ليبلغ عن استشهاد ثلاثة رجال.
وفي المساء شحن محمد وأخوته أسلحتهم الكلاشنيكوف في السيارة وذهبوا إلى حفل عرس، فرقصوا وهنأوا العريس. وبعد عودتهم إلى المنزل زارهم نقيب في الجيش، وقال إن الغزو كان في البداية من أجل إزاحة صدام، ولكنه تحول في ما بعد إلى احتلال.
عند الساعة الواحدة صباحا قال قاسم إنه سيذهب للإشراف على الحراس. وقام واحد من صغار الأشقاء بمصاحبة الضيوف الأجانب للنوم على السطح. الجيران ايضا كانوا يفعلون ذلك، وكانوا ظاهرين في الليلة المقمرة. في الصباح سمع صوت طلقات رصاص سرعان ما توقف بعد أن قصفت طائرات إيه سي ـ 130، فخيم، بعد ذلك، صمت في الشوارع.
* خدمة «نيويورك تايمز»
الشرق الاوسط : : GMT 05.00 hours + 2004-10-05 - 00:07:45
شوارع مدينة الصدر قذرة لكنها مليئة بشعارات التحدي
بغداد: ادوارد وونغ *
في آخر ليلة من ليالي العريس كشخص اعزب كانت هناك حفلة في الجزء الأمامي للبيت حيث المشاركون كانوا يغنون ويرقصون.
وكان اثنان يغنيان بصوت خافت مادحين رجل الدين الشاب المناهض للأميركيين مقتدى الصدر، الذي ألقى بظلاله، رغم غيابه، على حفلة العرس: «نحبك حتى الموت يا مقتدى. نحبك بقدر عدد أوراق الشجر».
وقد خرج احد اصدقاء العريس ملوحا بيديه وهاتفا «أولئك التابعون لأميركا كلاب. ونحن نقسم باسم مقتدى بأننا لن ندع اصوات مدافعنا تتوقف!».
ويتجلى الولاء لرجل الدين الشيعي شديدا هنا في شمال شرق بغداد، وخصوصا في مدينة الصدر، الحي الذي يضم أكثر من مليوني نسمة، على الرغم من الغارات والضربات الجوية المتكررة التي تشنها القوات الأميركية. وقد صعدت هذه القوات حملتها لاستئصال جيش المهدي، وهو ميليشيا الصدر، في معقله هنا، حيث من المستحيل تقريبا التمييز بين المدنيين والمقاتلين.
وقد قضى مراسل ومصور ومترجم من «نيويورك تايمز» ما يقرب من 24 ساعة مؤخرا في شوارع المناطق التي تدور فيها المعارك، بل الى احدى حفلات المقاتلين، برفقة احد انصار الصدر الذي حمل اسم محمد، وهو اسم مستعار.
وبدأ اليوم برحلة بالسيارة الى بيت محمد البالغ من العمر 35 عاما، عبر الشوارع المليئة بالنفايات والجدران التي علقت عليها بوسترات تحمل صور الصدر، وشعارات يقول احدها «شارع فيتنام. سنحفر قبوركم في هذا المكان».
ويقع بيت محمد في زقاق ضيق بمنطقة الجوادر المليئة هي الأخرى بالنفايات والمياه الآسنة، والتي شاهدنا فيها صبيانا يحملون الآر بي جي. ومحمد هو ثاني ستة اشقاء أغلبهم منتسبون الى جيش المهدي. وقال محمد اثناء تناولنا وجبة كباب في بيته حيث علقت صورة الصدر على الجدار انه «اذا لم يحاول الأميركيون دخول مدينة الصدر بدباباتهم استطيع أن اضمن لك عدم اطلاق رصاصة واحدة. ان كل الناس هنا يشاركون في المقاومة».
وفي غضون ذلك قال شقيقه قاسم المسؤول العسكري في جيش المهدي، متفاخرا: «قاتلت ضد الأميركيين مرتين في النجف. كانت المعركة في أغسطس (اب) دموية تماما. كان هناك جيشان احدهما مزود بالتكنولوجيا المتطورة، ولم تكن هناك مقارنة.
ولكننا افلحنا في البقاء 26 يوما»، مضيفا «نحن مستعدون للقتال، ولن ندع الأميركيين يدخلون هذه المدينة». وذلك الشعور منتشر على نطاق واسع في مدينة الصدر.
وفي فترة ما بعد الظهر قاد محمد سيارته الى بيت قال انه تعرض الى ضربة جوية أميركية قبل ثلاثة ايام. واشار محمد الى بركة من الدم في زاوية من غرفة الاستقبال والى صورة العائلة المعلقة على الجدار. وكان الوالدان وأطفالهما الثلاثة قد قتلوا في الضربة.
وقال أحمد فيصل احد الجيران، ان «الجميع كانوا نائمين بعد منتصف الليل. وكانت الكهرباء مقطوعة، ثم جاءت الطائرة بعد الساعة الواحدة، وكانت الضوضاء شديدة، وقامت الطائرة بضرب الهدف».
وقال مسؤول عسكري كبير ان الضربات لم تكن تستهدف المدنيين ولكن ليست هناك ضمانات لتجنب اصابة المدنيين.
وكان ستة من الشباب في الزقاق قد أظهروا ضمادات ملفوفة على اذرعهم وأجزاء أخرى من اجسادهم قالوا انها بسبب القصف الجوي. واكدوا انهم ليسوا اعضاء في جيش المهدي.
ولكن عندما سئلوا عما اذا كانوا يأملون في أن يفلح الصدر في ابعاد الأميركيين أجابوا جميعا بالايجاب.
ومر محمد بسيارته أمام مستشفى الإمام علي وزار عددا من الأشخاص قال إنهم جرحوا في الهجمات الجوية بينهم ثلاث نساء. رجل الشرطة الموجود هنا طبع قبلة على خد محمد. كانت هناك شعارات تمجد السيد مقتدى الصدر، ومن ضمنها صورة تجمعه مع حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني. وفي مستشفى آخر كان رجل يصرخ ويقول إنه جرح في الهجمات الأميركية. وكان الدم يغطي وجهه وملابسه.
ذهب محمد من هناك إلى موقع الهجوم وهو شارع عريض قريب من القاعدة الأميركية. وقد تجمع الناس قريبا من شاحنة محروقة وسيارة عسكرية من طراز همفي. ولكن الجنود الأميركيين أطلقوا طلقات في الفضاء عندما هم الجمهور العراقي بالاقتراب. وقد اتصل محمد من هاتفه الجوال ليبلغ عن استشهاد ثلاثة رجال.
وفي المساء شحن محمد وأخوته أسلحتهم الكلاشنيكوف في السيارة وذهبوا إلى حفل عرس، فرقصوا وهنأوا العريس. وبعد عودتهم إلى المنزل زارهم نقيب في الجيش، وقال إن الغزو كان في البداية من أجل إزاحة صدام، ولكنه تحول في ما بعد إلى احتلال.
عند الساعة الواحدة صباحا قال قاسم إنه سيذهب للإشراف على الحراس. وقام واحد من صغار الأشقاء بمصاحبة الضيوف الأجانب للنوم على السطح. الجيران ايضا كانوا يفعلون ذلك، وكانوا ظاهرين في الليلة المقمرة. في الصباح سمع صوت طلقات رصاص سرعان ما توقف بعد أن قصفت طائرات إيه سي ـ 130، فخيم، بعد ذلك، صمت في الشوارع.
* خدمة «نيويورك تايمز»