سيد مرحوم
10-03-2004, 09:00 AM
الانتخابات العراقية المقبلة والهواجس الكثيرة
أرض السواد - طاهر الخزاعي
الحديث عن الانتخابات المزمع عقدها في نهاية العام الجاري أي بعد أقل من ثلاثة شهور حديث عن مسألة جوهرية فيها من التعقيدات ما لا يخفى على الجميع ..
مناهضو الاحتلال - الذين لا يبصرون بغير هذه النظارة - يرفضونها جملة وتفصيلا باعتبار أنها تجري تحت ظل المحتل ..
ومريدو الاحتلال - الذين لا يبصرون بغير هذه النظارة كذلك - يرفضونها على أعتبار أنها قد تؤدي الى جريان الرياح بما لا تشتهي سفنهم ! ..
الطائفيون ووفقا لنظارتهم لا يريدونها أيضا خوفا من سيطرة الاغلبية .. بعض أطراف علمانية لا تريدها توجسا من النزعة الدينية الظاهرة على الشارع العراقي ..
آخرون يريدونها للاستفادة من النزعة المذكورة .. اغلب الدول العربية والاقليمية لا تريد هذه الانتخابات القادمة لاسباب عديدة منها الخوف من العدوى ! ..
ايران تريدها على أمل تفعيل بعض الفتاوى من بعض المكاتب , وهكذا دواليك .
وأغلب هذه الارادات ونقائضها مشروعة .. وتلك هواجس تخيم على الجميع ولكن الأحرى أن نعطي الاهتمام الأوسع لهاجس الشعب العراقي الذي يمثل الاغلبية الصامتة اليوم فيما يجري في العراق .. ماهو هذا الهاجس وماذا يريد الشعب ؟ أن تحصل الانتخابات أم لا ؟ .
يبدو للمتابع لهذا الشعب المُبتلى أنه يريد الاستقرار والشعور بالأمن وتوفير الخدمات الضرورية الملحة ..
هذا هو هاجس الشعب العراقي في المرحلة الحالية وهو مع الانتخابات بقدر ما تكون نتيجة الانتخابات تلبية لهذه المطالب الملحة .. وليس معها إن لم يتغير الوضع .
وبعيدا عن إرادات الاحتلال أو الحكومة أو القوى السياسية المختلفة , لننظر الى الأمر من زاوية ارادة الشعب وفقا لمطالبه الملحة .. عندها سيكون الأمن أول المطالب وأهمها والمطالب الخدمية تترتب على استتباب الأمن , فهل يتأتى الأمن والاستقرار اذا بقي الوضع السياسي على ماهو عليه ؟! .. الجواب ببساطة : يزداد الوضع سوءً .. بدليل أن سنة ونصف من المراحل المؤقتة اللاشرعية لم تزدد من تحقيق الأمن والخدمات للشعب الا بُعداً , وهذه حقيقة ما عاد بإمكان أحد انكارها اللهم الا من أراد أن يُصيِّر الليل نهاراً والنهار ليلاً ! . ولعله من المهم التركيز على أن الحكومة الحالية والتي سبقتها ليس لها رصيد شرعي بأي معنى من المعاني لافتقادها احراز ثقة الشعب من خلال الانتخابات .. بالتالي فنحن أمام وضع غير شرعي .. نعم هو مؤقت - كما يُشاع - , ونعم هو حالة اضطرارية انسجاما والأمر الواقع - كما يُدَّعى - وربما نعم ثالثة أنه ليس بالأمكان أفضل مما كان ! .. ولكن مهما قيل ويُقال تبقى حقيقة اللاشرعية على مدى السنة والنصف الماضية والى حين الانتخابات , تبقى حقيقة صفراء ناصعة لا تسر الناظرين على خلاف بقرة موسى عليه السلام ! .
ثم حقيقة صارخة أخرى وهي أن العراق بلد محتل وليس منقوص السيادة وحسب بل ليس للسيادة الحقيقية في العراق أثرٌ يّذكر على خلاف كل ما قيل قبل الثلاثين من حزيران الماضي , بل وحتى السلطة فلا توجد سلطة عراقية مطلقة إنما هناك حيز لا يُسمن ولا يُغني من جوع , لا يوفر أمناً ولا يقدم خدمات .. فكل المؤسسات الأمنية لم تكتمل بعد ولا يُراد لها أن تكتمل في هذا الوقت ! وكل المؤسسات الخدمية تفتقر الى عمودها الفقري - المال - وهذا لا زال بيد المحتل حيث التحكم بما تقدمه الدول المانحة والتحكم بواردات النفط , وهو كل ما لدى العراق حاليا في المجال الاقتصادي المالي , فكيف اذاً تتوفر هذه الخدمات التي يصبو اليها الشعب .
من هنا بقاء الوضع على ماهو عليه لا يقدم شيئا بل يؤخر وسيزداد الوضع سوءً ويجب اجراء الانتخابات المقبلة لتحقيق الغايات - أو جزء الغايات - التالية : -
1 - إنها تُمثل الخطوة الحقيقية الأولى في مضمار السيادة الطويل وتأجيل هذه الخطوة يعني فيما يعنيه إطالة أمد الاحتلال , ويعني أيضا البقاء على الوضع اللاشرعي .. كما تعني بروز هاجس الدكتاتورية من جديد ! .
2 - إجراء الانتخابات بحد ذاته يعني محاصرة التحالف الارهاب البعثي - الوافدي الذي يُعد ركنا أساسيا من اركان العبث بامن العراقيين .. بل ويُسقط بأيدي من اتخذوا عدم شرعية الحكومة قميص عثمان ! .
3 - اجراء الانتخابات يعني أن الطريق الى صياغة الدستور الدائم والتصويت عليه سيصبح قريب المنال , اذ المعلوم أن الدستور الدائم يعتمد على الانتخابات كليا ولا يمكن تحقيق هذا الهدف الا من خلال اجراء الانتخابات .
4 - اجراؤها في وقتها يعطي مصداقية للمواعيد التي تم الحديث عنها والعكس بالعكس .
5 - اشارة ملموسة الى أن خيار الانتخابات لا حياد عنه .
6 - إصلاح أمر الكابينة الوزارية الحالية حيث أثبتت في الكثير من مفاصلها فشلاً ذريعا . والبت في قرارات عديدة متوقفة وغير نافذة المفعول في الوضع الحالي .
يمكن القول أن إجراء الانتخابات في وقتها علاجاً ناجعا لاغلب المشاكل الحاصلة أو بتعبير أدق وضع اللبنة الأولى في البناء السليم .. إنها الخطوة الأولى ولكنها تحتاج الى عمل كبير ويُفترض بحكومة التصريف الحالية أن تكون أعدت لهذه الانتخابات مستلزماتها وأهم مستلزماتها هو الاحصاء السكاني الذي وعدت وزارة التخطيط باجرائه في هذا الشهر ! ..
ويجب أن لا تقف مسألة الاحصاء عقبة كؤود أمام اجراء هذه الانتخابات فالبدائل موجودة ومن هذه البدائل الاعتماد على البطاقات التموينية في الداخل والوثائق الرسمية المصدقة من السفارات في الخارج .. ولا ضير أن يتخلف من يتخلف عن الانتخابات لبعض هذه الاسباب .
قد تؤثر الظروف التي يمر بها العراق في نسبة المشاركة من الناخبين أو حتى نسبة النزاهة في بعض المناطق أو في أسوء الأحوال تأجيلها في بعض مناطق متوترة محدودة .. وعلى كل حال انتخابات ناقصة أفضل من عدمها .. وخطوة عرجاء يمكن تعديلها في قوادم الأيام أفضل من مشي القهقرى ! . ومنسوب الى العقلاء قولهم : ( ما لا يُدرك كله لا يُترك جُله ) .
ثلاثة أشهر كافية لتحقيق هذه الخطوة المهمة شريطة أن تكون الحكومة جادة في السعي وراء تحقيق مصالح الشعب وزج الشعب في العملية السياسية وخيارات الشعوب مهما كانت أفضل بكل تأكيد من خيارات خارجة عن اراداتها .
kza_tahir@yahoo.com
أرض السواد - طاهر الخزاعي
الحديث عن الانتخابات المزمع عقدها في نهاية العام الجاري أي بعد أقل من ثلاثة شهور حديث عن مسألة جوهرية فيها من التعقيدات ما لا يخفى على الجميع ..
مناهضو الاحتلال - الذين لا يبصرون بغير هذه النظارة - يرفضونها جملة وتفصيلا باعتبار أنها تجري تحت ظل المحتل ..
ومريدو الاحتلال - الذين لا يبصرون بغير هذه النظارة كذلك - يرفضونها على أعتبار أنها قد تؤدي الى جريان الرياح بما لا تشتهي سفنهم ! ..
الطائفيون ووفقا لنظارتهم لا يريدونها أيضا خوفا من سيطرة الاغلبية .. بعض أطراف علمانية لا تريدها توجسا من النزعة الدينية الظاهرة على الشارع العراقي ..
آخرون يريدونها للاستفادة من النزعة المذكورة .. اغلب الدول العربية والاقليمية لا تريد هذه الانتخابات القادمة لاسباب عديدة منها الخوف من العدوى ! ..
ايران تريدها على أمل تفعيل بعض الفتاوى من بعض المكاتب , وهكذا دواليك .
وأغلب هذه الارادات ونقائضها مشروعة .. وتلك هواجس تخيم على الجميع ولكن الأحرى أن نعطي الاهتمام الأوسع لهاجس الشعب العراقي الذي يمثل الاغلبية الصامتة اليوم فيما يجري في العراق .. ماهو هذا الهاجس وماذا يريد الشعب ؟ أن تحصل الانتخابات أم لا ؟ .
يبدو للمتابع لهذا الشعب المُبتلى أنه يريد الاستقرار والشعور بالأمن وتوفير الخدمات الضرورية الملحة ..
هذا هو هاجس الشعب العراقي في المرحلة الحالية وهو مع الانتخابات بقدر ما تكون نتيجة الانتخابات تلبية لهذه المطالب الملحة .. وليس معها إن لم يتغير الوضع .
وبعيدا عن إرادات الاحتلال أو الحكومة أو القوى السياسية المختلفة , لننظر الى الأمر من زاوية ارادة الشعب وفقا لمطالبه الملحة .. عندها سيكون الأمن أول المطالب وأهمها والمطالب الخدمية تترتب على استتباب الأمن , فهل يتأتى الأمن والاستقرار اذا بقي الوضع السياسي على ماهو عليه ؟! .. الجواب ببساطة : يزداد الوضع سوءً .. بدليل أن سنة ونصف من المراحل المؤقتة اللاشرعية لم تزدد من تحقيق الأمن والخدمات للشعب الا بُعداً , وهذه حقيقة ما عاد بإمكان أحد انكارها اللهم الا من أراد أن يُصيِّر الليل نهاراً والنهار ليلاً ! . ولعله من المهم التركيز على أن الحكومة الحالية والتي سبقتها ليس لها رصيد شرعي بأي معنى من المعاني لافتقادها احراز ثقة الشعب من خلال الانتخابات .. بالتالي فنحن أمام وضع غير شرعي .. نعم هو مؤقت - كما يُشاع - , ونعم هو حالة اضطرارية انسجاما والأمر الواقع - كما يُدَّعى - وربما نعم ثالثة أنه ليس بالأمكان أفضل مما كان ! .. ولكن مهما قيل ويُقال تبقى حقيقة اللاشرعية على مدى السنة والنصف الماضية والى حين الانتخابات , تبقى حقيقة صفراء ناصعة لا تسر الناظرين على خلاف بقرة موسى عليه السلام ! .
ثم حقيقة صارخة أخرى وهي أن العراق بلد محتل وليس منقوص السيادة وحسب بل ليس للسيادة الحقيقية في العراق أثرٌ يّذكر على خلاف كل ما قيل قبل الثلاثين من حزيران الماضي , بل وحتى السلطة فلا توجد سلطة عراقية مطلقة إنما هناك حيز لا يُسمن ولا يُغني من جوع , لا يوفر أمناً ولا يقدم خدمات .. فكل المؤسسات الأمنية لم تكتمل بعد ولا يُراد لها أن تكتمل في هذا الوقت ! وكل المؤسسات الخدمية تفتقر الى عمودها الفقري - المال - وهذا لا زال بيد المحتل حيث التحكم بما تقدمه الدول المانحة والتحكم بواردات النفط , وهو كل ما لدى العراق حاليا في المجال الاقتصادي المالي , فكيف اذاً تتوفر هذه الخدمات التي يصبو اليها الشعب .
من هنا بقاء الوضع على ماهو عليه لا يقدم شيئا بل يؤخر وسيزداد الوضع سوءً ويجب اجراء الانتخابات المقبلة لتحقيق الغايات - أو جزء الغايات - التالية : -
1 - إنها تُمثل الخطوة الحقيقية الأولى في مضمار السيادة الطويل وتأجيل هذه الخطوة يعني فيما يعنيه إطالة أمد الاحتلال , ويعني أيضا البقاء على الوضع اللاشرعي .. كما تعني بروز هاجس الدكتاتورية من جديد ! .
2 - إجراء الانتخابات بحد ذاته يعني محاصرة التحالف الارهاب البعثي - الوافدي الذي يُعد ركنا أساسيا من اركان العبث بامن العراقيين .. بل ويُسقط بأيدي من اتخذوا عدم شرعية الحكومة قميص عثمان ! .
3 - اجراء الانتخابات يعني أن الطريق الى صياغة الدستور الدائم والتصويت عليه سيصبح قريب المنال , اذ المعلوم أن الدستور الدائم يعتمد على الانتخابات كليا ولا يمكن تحقيق هذا الهدف الا من خلال اجراء الانتخابات .
4 - اجراؤها في وقتها يعطي مصداقية للمواعيد التي تم الحديث عنها والعكس بالعكس .
5 - اشارة ملموسة الى أن خيار الانتخابات لا حياد عنه .
6 - إصلاح أمر الكابينة الوزارية الحالية حيث أثبتت في الكثير من مفاصلها فشلاً ذريعا . والبت في قرارات عديدة متوقفة وغير نافذة المفعول في الوضع الحالي .
يمكن القول أن إجراء الانتخابات في وقتها علاجاً ناجعا لاغلب المشاكل الحاصلة أو بتعبير أدق وضع اللبنة الأولى في البناء السليم .. إنها الخطوة الأولى ولكنها تحتاج الى عمل كبير ويُفترض بحكومة التصريف الحالية أن تكون أعدت لهذه الانتخابات مستلزماتها وأهم مستلزماتها هو الاحصاء السكاني الذي وعدت وزارة التخطيط باجرائه في هذا الشهر ! ..
ويجب أن لا تقف مسألة الاحصاء عقبة كؤود أمام اجراء هذه الانتخابات فالبدائل موجودة ومن هذه البدائل الاعتماد على البطاقات التموينية في الداخل والوثائق الرسمية المصدقة من السفارات في الخارج .. ولا ضير أن يتخلف من يتخلف عن الانتخابات لبعض هذه الاسباب .
قد تؤثر الظروف التي يمر بها العراق في نسبة المشاركة من الناخبين أو حتى نسبة النزاهة في بعض المناطق أو في أسوء الأحوال تأجيلها في بعض مناطق متوترة محدودة .. وعلى كل حال انتخابات ناقصة أفضل من عدمها .. وخطوة عرجاء يمكن تعديلها في قوادم الأيام أفضل من مشي القهقرى ! . ومنسوب الى العقلاء قولهم : ( ما لا يُدرك كله لا يُترك جُله ) .
ثلاثة أشهر كافية لتحقيق هذه الخطوة المهمة شريطة أن تكون الحكومة جادة في السعي وراء تحقيق مصالح الشعب وزج الشعب في العملية السياسية وخيارات الشعوب مهما كانت أفضل بكل تأكيد من خيارات خارجة عن اراداتها .
kza_tahir@yahoo.com