القمر الاول
10-05-2010, 10:50 AM
http://www.shihannews.net/JordanImage/big7291.jpeg
شيحان نيوز - كشفت زوجة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، السيدة جيهان السادات، عن أنها لم تكن تعرف بموعد حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 التي شنتها مصر لتحرير أرض سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، إلا حين طلب منها زوجها أن تجهز حقيبته الخاصة التي اعتاد أن يصطحبها معه حين يعتزم المبيت خارج المنزل.
وأضافت في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة أن أول كلمة قالها لها السادات بعد عبور الجيش المصري لقناة السويس وصولا لسيناء: «أولادي حققوا النصر»، موضحة أنها حين قالت للرئيس السادات إن الجنود مستاؤون مما حدث من اختراق الجيش الإسرائيلي لصفوف الجيش المصري فيما يعرف بالثغرة، هز الرئيس رأسه بما معناه أن هناك ما يبرر هذه الخطوة، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنها لم تكن في البداية متأكدة من قدرة الجيش المصري على تحقيق الانتصار في تلك الظروف.
وقالت: إن السادات هدد بنسف الإسرائيليين الذين اخترقوا الجبهة المصرية في «الثغرة»، من خلال محادثة هاتفية كانت تدور بينه وبين وزير الخارجية الأميركي في ذلك الوقت، هنري كيسنغر، مشيرة في ذكرياتها عن حرب أكتوبر إلى أنها كانت تلاحظ أثناء الإعداد للحرب ضباطا يدخلون ويخرجون في قصر الطاهرة (إحدى دور الضيافة الرئاسية شرق القاهرة)، قائلة إن السادات كان يرتدي زيه الرسمي ويقول: «أنا سأحارب».
وأضافت أن زوجها قال لها في أول لقاء لهما بعد الحرب، والفرحة ترتسم على وجهه: أولادي يا جيهان حققوا النصر. وتحدثت زوجة الرئيس الراحل عن طبيعة الحياة الأسرية مع زوجها، قائلة إنه منذ أول يوم زواج كان هناك اتفاق بينهما على أن كلا منهما له خصوصيته، وفيما يلي نص الحوار..
* هل كنت تعرفين بموعد حرب السادس من أكتوبر من الرئيس السادات؟
- كنت أشاهد كل يوم ضباطا يدخلون ويخرجون في قصر الطاهرة (إحدى دور الضيافة الرئاسية شرق القاهرة). كان السادات يرتدي زيه الرسمي و«رايح جاي» مع القادة، وكان يقول: «أنا سأحارب». أنا كزوجة محبة لزوجها كنت قريبة منه جدا.. كنت معه لحظة بلحظة، ومطلعة على كل ما يحدث. كان إحساسي أن هناك حربا، لكن متى؟ لا أعرف.. مثلي مثل الشعب المصري كله، الذي كان يعرف أن السادات سيحارب.
* ومتى بالتحديد عرفت أنه سيحارب؟
- عرفت أن الحرب قد أوشكت عندما قال لي السادات: «يا جيهان حضري الشنطة (حقيبة السفر). أنا هبات برة (خارج المنزل)». فهمت وقتها أن الحرب اقتربت.. وأدركت أنني لو سألته أي سؤال فلن يرد علي؛ لأنه كان هناك اتفاق بيننا منذ أول يوم زواج على أن كلا منا له خصوصيته، وألا يتدخل أي منا في شؤون الآخر ومسؤولياته؛ لذلك لم يسمح لي يوما بالتدخل في عمله أو السؤال عن تفاصيله.
* وماذا حدث بعد ذلك؟
- جهزت له (الشنطة) كما طلب. بعدها نزلنا إلى حديقة القصر، وسألته عما إذا كان يجب أن أحصل على إجازة للأولاد من مدارسهم، فرفض قائلا إنهم مثلهم مثل الآخرين، عليهم أن يستمروا في الدراسة. وبدوري، كزوجة، أخذت أشجعه.. أقول له: «ربنا معك.. ربنا يعرف أنك تريد أن تأخذ حق بلدك، وأنك لا بد أن تدافع عن مصر وتعيد لها حقوقها». وقلت له: «حتى لو، لا قدر الله، انهزمت، فإن العالم كله سيشهد أنك حاولت، وأنك وقفت مرة واحدة ضد العدو الإسرائيلي».
* وماذا كان رد فعل الرئيس؟
- رفع رأسه ونظر إلى السماء وقال: بإذن الله أنا منتصر. لقد كانت لديه ثقة كبيرة في الله. هذه الثقة تعود إلى التدريبات الجيدة والاجتماعات اليومية التي كان يعقدها مع قيادات الجيش، هذا بالإضافة إلى التنظيم السليم، واتباع عنصري المفاجأة والتمويه مع إسرائيل، كما أن الرئيس السادات كان يتعامل مع قيادات الجيش كأنهم أسرة واحدة، وكان دائما يقول: «الجنود أولادي»، علاوة على ثقته بالجنود؛ حيث كان يقول: «الجنود الذين حاربوا في 1967 (التي أسفرت عن احتلال إسرائيل لسيناء وأراض عربية أخرى) هم أنفسهم الذين سيحققون النصر في 1973».
* هل تتذكرين أول لقاء لك مع الرئيس السادات بعد الحرب؟ وماذا قال لك فيه؟
- فور علمي بالحرب خرجت إلى المستشفيات لزيارة الجرحى وأداء دوري في إسعاف المصابين؛ حيث كانت لي خلفية كبيرة في التمريض منذ عام 1967. بعدها رجعت إلى قصر الطاهرة ووجدته هناك. كان هذا هو أول لقاء بيننا، وكانت السعادة والفرحة ترتسمان على وجهه.. كان فخورا بالجنود. وأول كلمة قالها: «أولادي يا جيهان حققوا النصر».
* هل تتذكرين تفاصيل ملامح وجه الرئيس السادات ليلة حرب أكتوبر؟
- ما كنت أشاهده ليلا ونهارا هو أنه لم يكن مهموما، لكنه كان مشغولا بشيء ما لدرجة كبيرة، وكان حريصا على ألا يخرج سر موعد الحرب حتى لأقرب الناس إليه.
* وهل لاحظت أي تغير في انفعالات الرئيس بعد الحرب لم يكن فيها قبلها؟
- السادات كان طبعه هادئا في عز الأزمات. لم يكن يجعلك تنهار أو تنفعل وقت الأزمة، ويمنحك دائما إحساسا بأن كل شيء (تمام)، سواء قبل الحرب أو بعدها.
* حدثينا عن شعورك وقتما سمعت أن الحرب بدأت بين مصر وإسرائيل.
- كنت خائفة وأصبت بـ«خضة» (فزع)؛ لأنني عشت حرب 1967، وكنت بين الضباط والجنود في المستشفيات، وبصراحة لم أكن أرى أن النصر سيكون مضمونا بنسبة 100%، لكن السادات كان مطمئنا.
* حدثينا عن ذكرياتك مع الجنود المصابين في الحرب أثناء زياراتك لهم في المستشفيات.
- الجنود في المستشفيات كانوا ينادونني بـ«ماما جيهان». وذات يوم دخلت على أحد الجنود وقال لي: يدي هذه هي التي رفعت علم مصر على أرض سيناء. وقتها انحنيت وقبلت يده. ولم يصدق من كانوا معي أن زوجة الرئيس تقبل يد أحد الجنود، حتى وسائل الإعلام وقتها، لم تتحدث عن القصة خوفا من الحرج. وكان ردي عليهم: «هذا شرف لي أن أقبل يد هذا الجندي؛ لأنه بطل قومي، وأنا أفتخر به؛ لأنه رفع العلم».
* وماذا عن تفاصيل ثغرة الدفرسوار التي حدثت في معركة السادس من أكتوبر (التي اخترق فيها الجيش الإسرائيلي أحد صفوف الجيش المصري بسيناء)؟
- كنت يوميا أخرج من قصر الطاهرة (بالقاهرة) إلى المستشفيات لزيارة الجرحى. وينزل الرئيس إلى غرفة العمليات في بدروم (قبو) القصر. وفي ذات يوم وبالتحديد بعد 16 يوما من حرب أكتوبر، كنت في زيارة لجناح الضباط بمستشفى القبة (بالعاصمة)، ووجدت حالة من الحزن الشديد قد ارتسمت على وجوه الضباط والجنود. وكانوا يقولون إنها ستضيع من مصر ويقصدون (موقعة الثغرة). لم يكن لدي رد وقتها لأقوله للجنود، غير أنني قلت: انتظروا. أكيد الرئيس لديه أشياء عن الثغرة، لا يعرفها أحد غيره. وعندما رجعت مساء إلى القصر، وأثناء العشاء، كنت أحكي للرئيس ماذا يقول الضباط والجنود عن الحرب، والقصص البطولية التي قاموا بها، وكنت أقول له: رأيت رجالا خلقوا للبطولة والفداء للوطن وترابه، وإن كل جندي يحكي حكايته وكأنه يحكي عن فرحه الخاص. قلت للرئيس: الجنود يشعرون بالضيق مما حدث في الثغرة.. هنا هز رأسه وقال: «بكرة هيعرفوا الحقيقة».
* من وجهة نظرك.. ما قصة الثغرة؟
- تتلخص قصة الثغرة في أن أميركا أرادت تحسين وضع إسرائيل في مفاوضات إنهاء الحرب، فأمدتها بمعلومات عن أماكن الضعف في الجيش المصري بواسطة القمر الاصطناعي. وكانت عند الإسرائيليين معلومات كاملة عن كل ما يحدث في مصر، في الوقت الذي كانت فيه مصر لا تملك أي شيء عن إسرائيل، وبموجب المعلومات الأميركية تمكن الجيش الإسرائيلي من تطويق الجيش الثالث الميداني المصري من خلال ما عرف بثغرة الدفرسوار. كانت الثغرة بين الجيشين الثاني والثالث الميداني على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس. أدى هذا التطويق إلى تدمير دبابات مصرية بكامل أطقمها، ناهيك عن الخسائر البشرية وخسائر المعدات، وهو ما تم اعتباره ضربة موجعة للمدرعات المصرية. وفي إحدى الليالي سمعت السادات يقول لوزير خارجية أميركا حينذاك، هنري كيسنجر: أنا ممكن أنسفها. ورد عليه كيسنجر: هدئ من روعك، ولا تتسرع، سوف نحلها بالمفاوضات.
* وهل حدث هجوم من الداخل على السادات بعد الثغرة؟
- بالفعل حدث هجوم كبير عليه، وظهرت (نكت) كثيرة على السادات كان أشهرها «أن السادات راح للترزي، يحط له جيب، بدل الجيب اللي عنده، أي الثغرة». ولكن «عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم»، فلقد جاءت الثغرة في صف مصر.
* تتحدثين دوما عن علاقة حب رومانسية جمعتك بالرئيس.. حدثينا عنها؟
- كانت حياتنا تسير في إطار من الاحترام والتفاهم والمودة، وكان يحبني بشدة، ولا يسمح لأحد مهما كان بالتطاول علي ولو بكلمة، وكانت رحلتي مع الرئيس جميلة مليئة بالحب والاحترام والتقدير، فكانت حياة رائعة بكل معنى الكلمة. ولا أنكر أنه كانت تحدث بيننا خلافات كتلك التي تحدث في كل بيت، لكنها أبدا لم تخرج عن إطارها المعتاد. فالسادات كان إنسانا وزوجا وأبا مثاليا في عز مجده، وكان لديه إحساس وشعور كبير تجاه بيته وأسرته على الرغم من مسؤولياته الكبيرة، وكان موعد عشائه كل يوم الساعة السابعة مساء وكان موعدا مقدسا مع أولاده، يجلس معهم ويتسامر ويعرف مشكلاتهم.
* وما طقوسك صباح يوم السادس من أكتوبر كل عام؟
- أحرص عادة على التواجد في مصر خلال هذه الفترة من كل عام لإحياء ذكرى زوجي الراحل، وأزور أنا وعدد كبير من المواطنين قبر الرئيس السادات، الذي أعيش حتى الآن على ذكراه. فقد كان يتمتع بخفة ظل لا مثيل لها. وعلى الرغم من مرور 29 عاما على رحيل أنور السادات فإنه دائما في قلبي وعقلي وفكري وأشعر أنه معي. فالسادات كان رجلا واحدا في كل ما قام به من أعمال، وكان هدفه الأول خدمة مصر، وكان عشقه الأول لها، ليس بالكلام ولكن بالفعل، انغمس في العمل السياسي، وقاسى كثيرا، ولم يكن أبدا يحسب المقابل أو المردود من أفعاله.
2010-10-04
شيحان نيوز - كشفت زوجة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، السيدة جيهان السادات، عن أنها لم تكن تعرف بموعد حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 التي شنتها مصر لتحرير أرض سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، إلا حين طلب منها زوجها أن تجهز حقيبته الخاصة التي اعتاد أن يصطحبها معه حين يعتزم المبيت خارج المنزل.
وأضافت في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة أن أول كلمة قالها لها السادات بعد عبور الجيش المصري لقناة السويس وصولا لسيناء: «أولادي حققوا النصر»، موضحة أنها حين قالت للرئيس السادات إن الجنود مستاؤون مما حدث من اختراق الجيش الإسرائيلي لصفوف الجيش المصري فيما يعرف بالثغرة، هز الرئيس رأسه بما معناه أن هناك ما يبرر هذه الخطوة، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنها لم تكن في البداية متأكدة من قدرة الجيش المصري على تحقيق الانتصار في تلك الظروف.
وقالت: إن السادات هدد بنسف الإسرائيليين الذين اخترقوا الجبهة المصرية في «الثغرة»، من خلال محادثة هاتفية كانت تدور بينه وبين وزير الخارجية الأميركي في ذلك الوقت، هنري كيسنغر، مشيرة في ذكرياتها عن حرب أكتوبر إلى أنها كانت تلاحظ أثناء الإعداد للحرب ضباطا يدخلون ويخرجون في قصر الطاهرة (إحدى دور الضيافة الرئاسية شرق القاهرة)، قائلة إن السادات كان يرتدي زيه الرسمي ويقول: «أنا سأحارب».
وأضافت أن زوجها قال لها في أول لقاء لهما بعد الحرب، والفرحة ترتسم على وجهه: أولادي يا جيهان حققوا النصر. وتحدثت زوجة الرئيس الراحل عن طبيعة الحياة الأسرية مع زوجها، قائلة إنه منذ أول يوم زواج كان هناك اتفاق بينهما على أن كلا منهما له خصوصيته، وفيما يلي نص الحوار..
* هل كنت تعرفين بموعد حرب السادس من أكتوبر من الرئيس السادات؟
- كنت أشاهد كل يوم ضباطا يدخلون ويخرجون في قصر الطاهرة (إحدى دور الضيافة الرئاسية شرق القاهرة). كان السادات يرتدي زيه الرسمي و«رايح جاي» مع القادة، وكان يقول: «أنا سأحارب». أنا كزوجة محبة لزوجها كنت قريبة منه جدا.. كنت معه لحظة بلحظة، ومطلعة على كل ما يحدث. كان إحساسي أن هناك حربا، لكن متى؟ لا أعرف.. مثلي مثل الشعب المصري كله، الذي كان يعرف أن السادات سيحارب.
* ومتى بالتحديد عرفت أنه سيحارب؟
- عرفت أن الحرب قد أوشكت عندما قال لي السادات: «يا جيهان حضري الشنطة (حقيبة السفر). أنا هبات برة (خارج المنزل)». فهمت وقتها أن الحرب اقتربت.. وأدركت أنني لو سألته أي سؤال فلن يرد علي؛ لأنه كان هناك اتفاق بيننا منذ أول يوم زواج على أن كلا منا له خصوصيته، وألا يتدخل أي منا في شؤون الآخر ومسؤولياته؛ لذلك لم يسمح لي يوما بالتدخل في عمله أو السؤال عن تفاصيله.
* وماذا حدث بعد ذلك؟
- جهزت له (الشنطة) كما طلب. بعدها نزلنا إلى حديقة القصر، وسألته عما إذا كان يجب أن أحصل على إجازة للأولاد من مدارسهم، فرفض قائلا إنهم مثلهم مثل الآخرين، عليهم أن يستمروا في الدراسة. وبدوري، كزوجة، أخذت أشجعه.. أقول له: «ربنا معك.. ربنا يعرف أنك تريد أن تأخذ حق بلدك، وأنك لا بد أن تدافع عن مصر وتعيد لها حقوقها». وقلت له: «حتى لو، لا قدر الله، انهزمت، فإن العالم كله سيشهد أنك حاولت، وأنك وقفت مرة واحدة ضد العدو الإسرائيلي».
* وماذا كان رد فعل الرئيس؟
- رفع رأسه ونظر إلى السماء وقال: بإذن الله أنا منتصر. لقد كانت لديه ثقة كبيرة في الله. هذه الثقة تعود إلى التدريبات الجيدة والاجتماعات اليومية التي كان يعقدها مع قيادات الجيش، هذا بالإضافة إلى التنظيم السليم، واتباع عنصري المفاجأة والتمويه مع إسرائيل، كما أن الرئيس السادات كان يتعامل مع قيادات الجيش كأنهم أسرة واحدة، وكان دائما يقول: «الجنود أولادي»، علاوة على ثقته بالجنود؛ حيث كان يقول: «الجنود الذين حاربوا في 1967 (التي أسفرت عن احتلال إسرائيل لسيناء وأراض عربية أخرى) هم أنفسهم الذين سيحققون النصر في 1973».
* هل تتذكرين أول لقاء لك مع الرئيس السادات بعد الحرب؟ وماذا قال لك فيه؟
- فور علمي بالحرب خرجت إلى المستشفيات لزيارة الجرحى وأداء دوري في إسعاف المصابين؛ حيث كانت لي خلفية كبيرة في التمريض منذ عام 1967. بعدها رجعت إلى قصر الطاهرة ووجدته هناك. كان هذا هو أول لقاء بيننا، وكانت السعادة والفرحة ترتسمان على وجهه.. كان فخورا بالجنود. وأول كلمة قالها: «أولادي يا جيهان حققوا النصر».
* هل تتذكرين تفاصيل ملامح وجه الرئيس السادات ليلة حرب أكتوبر؟
- ما كنت أشاهده ليلا ونهارا هو أنه لم يكن مهموما، لكنه كان مشغولا بشيء ما لدرجة كبيرة، وكان حريصا على ألا يخرج سر موعد الحرب حتى لأقرب الناس إليه.
* وهل لاحظت أي تغير في انفعالات الرئيس بعد الحرب لم يكن فيها قبلها؟
- السادات كان طبعه هادئا في عز الأزمات. لم يكن يجعلك تنهار أو تنفعل وقت الأزمة، ويمنحك دائما إحساسا بأن كل شيء (تمام)، سواء قبل الحرب أو بعدها.
* حدثينا عن شعورك وقتما سمعت أن الحرب بدأت بين مصر وإسرائيل.
- كنت خائفة وأصبت بـ«خضة» (فزع)؛ لأنني عشت حرب 1967، وكنت بين الضباط والجنود في المستشفيات، وبصراحة لم أكن أرى أن النصر سيكون مضمونا بنسبة 100%، لكن السادات كان مطمئنا.
* حدثينا عن ذكرياتك مع الجنود المصابين في الحرب أثناء زياراتك لهم في المستشفيات.
- الجنود في المستشفيات كانوا ينادونني بـ«ماما جيهان». وذات يوم دخلت على أحد الجنود وقال لي: يدي هذه هي التي رفعت علم مصر على أرض سيناء. وقتها انحنيت وقبلت يده. ولم يصدق من كانوا معي أن زوجة الرئيس تقبل يد أحد الجنود، حتى وسائل الإعلام وقتها، لم تتحدث عن القصة خوفا من الحرج. وكان ردي عليهم: «هذا شرف لي أن أقبل يد هذا الجندي؛ لأنه بطل قومي، وأنا أفتخر به؛ لأنه رفع العلم».
* وماذا عن تفاصيل ثغرة الدفرسوار التي حدثت في معركة السادس من أكتوبر (التي اخترق فيها الجيش الإسرائيلي أحد صفوف الجيش المصري بسيناء)؟
- كنت يوميا أخرج من قصر الطاهرة (بالقاهرة) إلى المستشفيات لزيارة الجرحى. وينزل الرئيس إلى غرفة العمليات في بدروم (قبو) القصر. وفي ذات يوم وبالتحديد بعد 16 يوما من حرب أكتوبر، كنت في زيارة لجناح الضباط بمستشفى القبة (بالعاصمة)، ووجدت حالة من الحزن الشديد قد ارتسمت على وجوه الضباط والجنود. وكانوا يقولون إنها ستضيع من مصر ويقصدون (موقعة الثغرة). لم يكن لدي رد وقتها لأقوله للجنود، غير أنني قلت: انتظروا. أكيد الرئيس لديه أشياء عن الثغرة، لا يعرفها أحد غيره. وعندما رجعت مساء إلى القصر، وأثناء العشاء، كنت أحكي للرئيس ماذا يقول الضباط والجنود عن الحرب، والقصص البطولية التي قاموا بها، وكنت أقول له: رأيت رجالا خلقوا للبطولة والفداء للوطن وترابه، وإن كل جندي يحكي حكايته وكأنه يحكي عن فرحه الخاص. قلت للرئيس: الجنود يشعرون بالضيق مما حدث في الثغرة.. هنا هز رأسه وقال: «بكرة هيعرفوا الحقيقة».
* من وجهة نظرك.. ما قصة الثغرة؟
- تتلخص قصة الثغرة في أن أميركا أرادت تحسين وضع إسرائيل في مفاوضات إنهاء الحرب، فأمدتها بمعلومات عن أماكن الضعف في الجيش المصري بواسطة القمر الاصطناعي. وكانت عند الإسرائيليين معلومات كاملة عن كل ما يحدث في مصر، في الوقت الذي كانت فيه مصر لا تملك أي شيء عن إسرائيل، وبموجب المعلومات الأميركية تمكن الجيش الإسرائيلي من تطويق الجيش الثالث الميداني المصري من خلال ما عرف بثغرة الدفرسوار. كانت الثغرة بين الجيشين الثاني والثالث الميداني على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس. أدى هذا التطويق إلى تدمير دبابات مصرية بكامل أطقمها، ناهيك عن الخسائر البشرية وخسائر المعدات، وهو ما تم اعتباره ضربة موجعة للمدرعات المصرية. وفي إحدى الليالي سمعت السادات يقول لوزير خارجية أميركا حينذاك، هنري كيسنجر: أنا ممكن أنسفها. ورد عليه كيسنجر: هدئ من روعك، ولا تتسرع، سوف نحلها بالمفاوضات.
* وهل حدث هجوم من الداخل على السادات بعد الثغرة؟
- بالفعل حدث هجوم كبير عليه، وظهرت (نكت) كثيرة على السادات كان أشهرها «أن السادات راح للترزي، يحط له جيب، بدل الجيب اللي عنده، أي الثغرة». ولكن «عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم»، فلقد جاءت الثغرة في صف مصر.
* تتحدثين دوما عن علاقة حب رومانسية جمعتك بالرئيس.. حدثينا عنها؟
- كانت حياتنا تسير في إطار من الاحترام والتفاهم والمودة، وكان يحبني بشدة، ولا يسمح لأحد مهما كان بالتطاول علي ولو بكلمة، وكانت رحلتي مع الرئيس جميلة مليئة بالحب والاحترام والتقدير، فكانت حياة رائعة بكل معنى الكلمة. ولا أنكر أنه كانت تحدث بيننا خلافات كتلك التي تحدث في كل بيت، لكنها أبدا لم تخرج عن إطارها المعتاد. فالسادات كان إنسانا وزوجا وأبا مثاليا في عز مجده، وكان لديه إحساس وشعور كبير تجاه بيته وأسرته على الرغم من مسؤولياته الكبيرة، وكان موعد عشائه كل يوم الساعة السابعة مساء وكان موعدا مقدسا مع أولاده، يجلس معهم ويتسامر ويعرف مشكلاتهم.
* وما طقوسك صباح يوم السادس من أكتوبر كل عام؟
- أحرص عادة على التواجد في مصر خلال هذه الفترة من كل عام لإحياء ذكرى زوجي الراحل، وأزور أنا وعدد كبير من المواطنين قبر الرئيس السادات، الذي أعيش حتى الآن على ذكراه. فقد كان يتمتع بخفة ظل لا مثيل لها. وعلى الرغم من مرور 29 عاما على رحيل أنور السادات فإنه دائما في قلبي وعقلي وفكري وأشعر أنه معي. فالسادات كان رجلا واحدا في كل ما قام به من أعمال، وكان هدفه الأول خدمة مصر، وكان عشقه الأول لها، ليس بالكلام ولكن بالفعل، انغمس في العمل السياسي، وقاسى كثيرا، ولم يكن أبدا يحسب المقابل أو المردود من أفعاله.
2010-10-04