جمال
09-20-2010, 06:24 AM
الحمامة والغربان
http://www.alqabas-kw.com/Temp/Authors/0aa3b33e-6eee-47fe-97be-ec5426c61186_author.jpg
كتب عبداللطيف الدعيج :
في الأمثال ان الغراب حاول تقليد مشية الحمامة فضيّع مشيته، في الكويت كل شيء غلط وقبلها كل شيء معكوس. لذا فان الحمامة هنا هي التي تقلد مشية الغراب. ومن غيرها... حكومتنا او بالاحرى سلطتنا بكبرها، صار لها اكثر من ثلاثين سنة وهي تحابي الغربان وتجتهد لكسب رضاهم وتعمل على تحقيق تسيدهم من خلال محاصرة الاخرين والتضييق على بقية خلق الله.
سلطتنا ترتدي العباءة الاسلامية وتحاول ان تُغلب هوية الشواذ على هوية البلد وتؤسلم دولة مدنية بنظام ديموقراطي عبر تحويلها الى دولة دينية تحكمها دعاوى السلف وفتاوى التلف.
هناك دول اسلامية ودول دينية، اقربها لنا مثالا المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية. لكن في المغرب يمثل جلالة الملك المرجعية الدينية الاولى والاخيرة، والحال كذلك، وان لم يكن بالوضوح ذاته، في المملكة العربية السعودية. لكن في كلتا الحالتين يبقى الدين ورموزه رهن الدولة وتحت «امرة» ولي الامر. حكومتنا جاهلة دينيا مثل ما هي جاهلة دستوريا، لذلك لا هي دينية ولا هي مدنية ديموقراطية كما يوحي النظام.
ان الناس على دين ملوكهم، هذا هو الثابت في التاريخ العربي الاسلامي. والامر اسلاميا، وبالذات عند الاتجاهات السلفية المتحجرة وهي المهيمنة هنا، لدى ولي الامر. ولا يجوز دينيا او بالاحرى سلفيا الخروج عن طاعة ولي الامر. مشكلتنا هنا ان ولي الامر او الحكومة لا تأمر «دينيا». وأحد من اقطابها او اقطاب الاسرة لا يملك الخطاب الديني.. وحدّهم فيه هو مقدمة الخطاب التي تتضمن البسملة والصلاة على النبي وآله وصحبه... وبعدها سلامتك.
لا نتمنى ان تحسمها الحكومة وتتولى امر الدين والتدين، لكن من الصعب علينا تقبل لبوسها الديني في وقت تترك فيه الخطاب الديني للغربان. فاما ان تحسمها وتوجه الناس دينيا بدلا من تركهم فريسة للتطرف والتزمت الديني او ان تختصرها وهي قصيرة وتبدي الرأي المدني في القضية المثارة حاليا. فياسر الحبيب يرتكب افعالا في بلد غريب بعيد، له قوانينه ونظمه.
ان ساء ما يفعله البعض فعليهم مقاضاته هناك. اما هنا فلا الحكومة ولا قوانين البلد تملك حق محاكمته او ادانته كما يتمنى المتطرفون الدينيون.
«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنْزلَ إلَيْكَ منْ رَبّكَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصمُكَ منَ النَّاس. إنَّ اللَّهَ لا يَهْدي الْقَوْمَ الْكَافرينَ» (المائدة 67).
اما اذا شاءت الحكومة ان تختصرها اكثر واكثر، فالقضية ليست أُمّنا وليست عرضنا كما يكذب ويروج دعاة التطرف. فمنذ بزوغ الاسلام والخلافات الدينية مشتعلة، بين اليهود والمسلمين وبين النصارى والمسلمين وبين الفرق الاسلامية المتعددة.
بل انه قبل شهور تعرض الدانمركيون للرسول بالتشهير ولم نر ذرة لردة فعل اليوم. القضية هنا ان ياسر الحبيب شيعي وان متخلفي السلف والتلف يجدون في ترهاته وسيلة لاثارة النعرات الطائفية واملا في تصفية الشيعة والمذهب الجعفري ذاته.
وقد وضعها السيد او حسب ما يوصف الداعية الشيخ ناظم المسباح، وضعها واضحة جلية بقوله «ان أمام المرجعيات الشيعية الآن فرصة تاريخية للتبرؤ من كافة الكتب والمصادر التي يستقي منها ياسر الحبيب»، اي المطلوب او المفروض على الشيعة وفقا لاوامر السيد الداعية وطلباته ومن على شاكلته هو التخلي عن عقيدتهم ومذهبهم اكراما له ولجماعته او فرقته.
ولا يعنينا هنا الدفاع عن الشيعة، اللهم الا كونهم مواطنين كويتيين، ولكن نحن هنا معنيون بالدفاع عن المبدأ الديموقراطي الاصيل الذي يضمن حق الاختلاف ويؤكد التعددية وبالتالي حرية الرأي والتعبير.
لهذا فان كان هناك احد من المفروض ان يتخلى عن كتبه ومصادره فهم السلف والتلف الذين سيطروا في الاونة الاخيرة، خلقتهم عصور الانحطاط الاسلامي ودفعت بهم الى الصفوف الامامية اموال «البترودولار» ويبقى الشيعة وبقية الفرق الاسلامية اعرق واقدم من كل المذاهب السلفية التي تهيمن علينا اليوم.
عبداللطيف الدعيج
http://www.alqabas-kw.com/Temp/Authors/0aa3b33e-6eee-47fe-97be-ec5426c61186_author.jpg
كتب عبداللطيف الدعيج :
في الأمثال ان الغراب حاول تقليد مشية الحمامة فضيّع مشيته، في الكويت كل شيء غلط وقبلها كل شيء معكوس. لذا فان الحمامة هنا هي التي تقلد مشية الغراب. ومن غيرها... حكومتنا او بالاحرى سلطتنا بكبرها، صار لها اكثر من ثلاثين سنة وهي تحابي الغربان وتجتهد لكسب رضاهم وتعمل على تحقيق تسيدهم من خلال محاصرة الاخرين والتضييق على بقية خلق الله.
سلطتنا ترتدي العباءة الاسلامية وتحاول ان تُغلب هوية الشواذ على هوية البلد وتؤسلم دولة مدنية بنظام ديموقراطي عبر تحويلها الى دولة دينية تحكمها دعاوى السلف وفتاوى التلف.
هناك دول اسلامية ودول دينية، اقربها لنا مثالا المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية. لكن في المغرب يمثل جلالة الملك المرجعية الدينية الاولى والاخيرة، والحال كذلك، وان لم يكن بالوضوح ذاته، في المملكة العربية السعودية. لكن في كلتا الحالتين يبقى الدين ورموزه رهن الدولة وتحت «امرة» ولي الامر. حكومتنا جاهلة دينيا مثل ما هي جاهلة دستوريا، لذلك لا هي دينية ولا هي مدنية ديموقراطية كما يوحي النظام.
ان الناس على دين ملوكهم، هذا هو الثابت في التاريخ العربي الاسلامي. والامر اسلاميا، وبالذات عند الاتجاهات السلفية المتحجرة وهي المهيمنة هنا، لدى ولي الامر. ولا يجوز دينيا او بالاحرى سلفيا الخروج عن طاعة ولي الامر. مشكلتنا هنا ان ولي الامر او الحكومة لا تأمر «دينيا». وأحد من اقطابها او اقطاب الاسرة لا يملك الخطاب الديني.. وحدّهم فيه هو مقدمة الخطاب التي تتضمن البسملة والصلاة على النبي وآله وصحبه... وبعدها سلامتك.
لا نتمنى ان تحسمها الحكومة وتتولى امر الدين والتدين، لكن من الصعب علينا تقبل لبوسها الديني في وقت تترك فيه الخطاب الديني للغربان. فاما ان تحسمها وتوجه الناس دينيا بدلا من تركهم فريسة للتطرف والتزمت الديني او ان تختصرها وهي قصيرة وتبدي الرأي المدني في القضية المثارة حاليا. فياسر الحبيب يرتكب افعالا في بلد غريب بعيد، له قوانينه ونظمه.
ان ساء ما يفعله البعض فعليهم مقاضاته هناك. اما هنا فلا الحكومة ولا قوانين البلد تملك حق محاكمته او ادانته كما يتمنى المتطرفون الدينيون.
«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنْزلَ إلَيْكَ منْ رَبّكَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصمُكَ منَ النَّاس. إنَّ اللَّهَ لا يَهْدي الْقَوْمَ الْكَافرينَ» (المائدة 67).
اما اذا شاءت الحكومة ان تختصرها اكثر واكثر، فالقضية ليست أُمّنا وليست عرضنا كما يكذب ويروج دعاة التطرف. فمنذ بزوغ الاسلام والخلافات الدينية مشتعلة، بين اليهود والمسلمين وبين النصارى والمسلمين وبين الفرق الاسلامية المتعددة.
بل انه قبل شهور تعرض الدانمركيون للرسول بالتشهير ولم نر ذرة لردة فعل اليوم. القضية هنا ان ياسر الحبيب شيعي وان متخلفي السلف والتلف يجدون في ترهاته وسيلة لاثارة النعرات الطائفية واملا في تصفية الشيعة والمذهب الجعفري ذاته.
وقد وضعها السيد او حسب ما يوصف الداعية الشيخ ناظم المسباح، وضعها واضحة جلية بقوله «ان أمام المرجعيات الشيعية الآن فرصة تاريخية للتبرؤ من كافة الكتب والمصادر التي يستقي منها ياسر الحبيب»، اي المطلوب او المفروض على الشيعة وفقا لاوامر السيد الداعية وطلباته ومن على شاكلته هو التخلي عن عقيدتهم ومذهبهم اكراما له ولجماعته او فرقته.
ولا يعنينا هنا الدفاع عن الشيعة، اللهم الا كونهم مواطنين كويتيين، ولكن نحن هنا معنيون بالدفاع عن المبدأ الديموقراطي الاصيل الذي يضمن حق الاختلاف ويؤكد التعددية وبالتالي حرية الرأي والتعبير.
لهذا فان كان هناك احد من المفروض ان يتخلى عن كتبه ومصادره فهم السلف والتلف الذين سيطروا في الاونة الاخيرة، خلقتهم عصور الانحطاط الاسلامي ودفعت بهم الى الصفوف الامامية اموال «البترودولار» ويبقى الشيعة وبقية الفرق الاسلامية اعرق واقدم من كل المذاهب السلفية التي تهيمن علينا اليوم.
عبداللطيف الدعيج