المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اتبرع علشان تقابل ليلي علوي في الجنة



عباس الابيض
09-13-2010, 12:18 PM
http://www.elfagr.org/Portal_News/Big/235543201095768.jpg

"الوسيط هو الرسالة"...عبارة شهيرة للكاتب مارشال ماكلوهان، وعنوان كتابه الذي يكشف فيه عن دور وسائل الإعلام في حياتنا الحديثة.

حسب رأي ماكلوهان، فإن مضمون المواد التي يبثها التليفزيون ليس هو المهم. الأهم هو أن الناس باتت أسيرة لذلك الجهاز الذي غير نمط حياتهم إلي الأبد.

يقارن ماكلوهان بين التليفزيون والمصباح الكهربائي. المصباح لا يحمل أي مضمون، لكن انتشاره غير حياة البشر تماما.

نفس الأمر بالنسبة للتليفزيون: سواء كان المعروض أخبارا أو برامج حوارية أو مسلسلات أو اعلانات، وسواء كان مضمون هذه المواد جادا أم تافها، تثقيفيا أو ماسحا للعقول، فإن النتيجة واحدة، وهي أنك ستجلس بالساعات تحدق في بلاهة وسلبية كاشفا رأسك أمام كم هائل من الصور والأصوات التي تسعي للتأثير علي عقلك ومشاعرك ومحفظتك!

لكن مضمون الرسالة مهم أيضا، وبرنامج يكشف عن كواليس الحياة السياسية لن يكون مثل برنامج عن الحياة الجنسية لإيناس الدغيدي وآثار الحكيم، كما أن مسلسلا عن تأثير الظروف الاقتصادية علي الأسرة المصرية ليس مثل مسلسل عن حياة فتحي وفوزية ونوع السيراميك الذي يستخدمانه في بيتهما.

تأثير التليفزيون في العالم مثل المصباح، صحيح، ولكن أضف إليه المضمون المتخلف للتليفزيونات العربية وسوف تتأكد أن التليفزيون مثل "اللمبة" المحروقة!.



نتقابل في الجنة!

دعك من المهانة التي يتعرض لها الفقراء والمرضي في اعلانات جمع التبرعات للمستشفيات والملاجئ، وتأمل معي كلمات ليلي علوي وهي تدعو المشاهدين إلي التبرع حتي نلتقي معا في الجنة...طبعا هي تقصد أن أهل الخير سيكون لهم ثواب وسيدخلون الجنة بفضل تبرعاتهم للفقراء، أي أن الأغنياء لن يكتفوا بالدنيا ومتعها ولكن يبدو أنهم سيشترون الجنة أيضا بفلوسهم...أما الفقراء الذين ليس لديهم شيء يتبرعون به فغالبا سيقفون علي الأبواب يتفرجون علي ليلي علوي وبقية المتبرعين وهم يلعبون في الجنة!

علي أية حال أحد أصدقائي قرر التبرع للمستشفي عندما عرف أنه سيلتقي مع ليلي علوي ويصبح جارها إلي الأبد...لعل وعسي! كله كوم واعلانات الخلايجة كوم تاني...لا شيء يحرق دمي مثل حملة الإعلانات التي تهدف إلي اقناع الشباب بطاعة الكبار...لكنها من ناحية أخري تؤكد أن مشكلة المشاكل في المجتمعات الخليجية هي كيفية اخضاع الأجيال الجديدة لتخلف الكبار...عموما هم ناجحون في ذلك حتي الآن.

أما وسيلة الإقناع فهي إبقاء بطون وأجساد وعقول الشباب في حالة تخمة دائمة...انظر إلي اعلان المياه الغازية الذي يقوم فيه شاب خليجي في المطبخ بالاتصال تليفونيا بأسرته في غرفة المعيشة ليسمعهم صوت "فسفسة" المشروب!


Copy! Paste!

الاقتباس والسرقة هي شعار الإعلام العربي العام والخاص...من البرامج إلي الإعلانات والمسلسلات. فضيحة اعلانات قناة "القاهرة والناس" العام الماضي تنطبق علي الجميع هذا العام. "القاهرة والناس" تذيع برنامج "بدون رقابة" علي أنه جديد مع أن حلقاته مذاعة علي قناة "ام بي سي" منذ أكثر من عام. وأسامة الشيخ يواصل بلطجة تليفزيون الدولة علي القنوات الخاصة فيقوم بالشوشرة علي بث "القاهرة والناس" بعد أن نجحت الخطة مع "الجزيرة الرياضية" أيام كأس العالم.

"العار" لم يكتف بانتحال سيناريو الفيلم...المخرج والمؤلف انتحل أباه، واحنا مالنا...ولكن لماذا ينتحل كل الممثلين أداء ممثلي الفيلم. مصطفي شعبان يقلد نور الشريف مثل تقليد أحمد زكي لمحمود المليجي في مسرحية "هاللو شلبي"...وحتي درة تقلد صراخ نورا مع أنها لا تعرف كيف تصرخ!

حتي الكبير قوي أحمد مكي الذي رحبنا بموهبته الكبيرة لم يكتف بضرب فيلم "كركر" لمحمد سعد، ولكنه ضرب نفسه بإذاعة نفس المسلسل مرتين متعاقبتين.

وكله كوم والسرقة في مجال التلحين والموسيقي التصويرية كوم تاني. الأغاني الدينية التي كتبها نبيل خلف ولحنها أحمد سعد نسخ مكررة من بعضها.

أما أشطر حرامي فهو "المؤلف" الموسيقي رعد خلف الذي أصبح موضة في المسلسلات والأفلام مع أن كل أعماله "مضروبة"...وهو لم يكتف في مسلسل "ملكة في المنفي" بضرب قطعة موسيقية من فيلم "أرض الخوف"...كان راجح داود قد ضربها من فيلم "حدث ذات مرة في أمريكا"...ولكن رعد خلف ضرب أيضا الموسيقي التي استخدمها هو نفسه في مسلسل " ليلي مراد" العام الماضي.. بغض النظر عن المخالفات القانونية والأخلاقية لهذه السرقات الفنية...نعود إلي عبارتنا "الوسيط هو الرسالة" ونقول إن هذه الحالة العامة من التكرار والاجترار والإعادة للمسلسلات والاعلانات والبرامج تخلق حالة من التبلد وفقدان الإحساس بوجود أي شيء جديد أو مثير في العالم...وشعور عام بأننا لن نستطيع أن نخرج أبدا من اللحن الأبدي الذي نغنيه كالمساطيل.. وكل سنة وانتم طيبون!



بقلم

عصام زكريا