abd_samad12
08-16-2010, 05:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قناة صفا الفضائية وكلمتها (السواء)!!!
بعد أن تنازل بامتياز (غريب) فقهاء المسلمين عموما عن دورهم في تربية الأمة وقبعوا في أقبيتهم وراحوا يعملون تماما مثل خفافيش الظلام ، عملوا على إطلاق العنان لصبيتهم ـ ووصف الصبية هنا ليس معني به جانب العمر بقدر ما معني به النفسية التي تعمل على وفق مواصفات (التصابي) ـ حتى يجعلوا من النقاش في العقيدة نقاشاً إعلاميا الغاية منه جمع أرصدة مادية كبيرة على الصعيدين ؛ المالي والبشري ، فعلى صعيد المال هو استفزاز مشاعر الناس وفتح السبيل أمامها للتعبير عن رأيها ، ويأخذ هذا التعبير كيفما كان طريقه إلى هامش الشاشة في شريط يبدأ ولا ينتهي ، وهذا الشريط بالطبع هو تحت سيطرة القناة وسياستها واتجاهها ، فما لبى السياسة تلك ظهر ، وما لم يلبِّ لا يأخذ طريقه للعرض وتكون بذلك القناة أداة قمع وسرقة بامتياز ، فهي عندما فتحت هذا الهامش فتحته لحرية التعبير عن الرأي بغض النظر عن كون ذلك الرأي موافقاً لرأي القناة أو لا ، ولكنها في ميدان العمل يتبين كذب مدعاها برفع شعار حرية الرأي ، عندما تحرف هذا الشعار عن مجراه لتفسره بما يماشي مرادها فتقول ـ بفعلها ـ أعني بحرية الرأي هو أن يكتب الموالون لسياستها كل ما يحبون وإن كان سباً وشتما وقذفا بالباطل ، وترويجا للأكاذيب ، وكل هذا الذي يحدث على هامش الشاشة ـ على الرغم من مخالفته حتى للحقوق المدنية فضلا على قضية الشرع ـ لا يقع تحت طائلة المحاسبة بدعوى (حرية الرأي) مع أن حتى في تعريف الحضارة المادية للحرية أن حدودها تنتهي عندما تبدأ حرية الآخر ، وحرية الآخر تبدأ بكرامته فأي تجاوز على الكرامة هو تجاوز على الحرية سواء كانت شخصية أو جمعية ، ولذا فالحرية التي تريدها قناة (صفا) لمشاهديها هي الحرية الخارجة على كل حدود الأدب واللياقة والإنسانية فضلا على الحدود الدينية التي تدعي العمل بها ، ومن ثم فمن يكتب تطبيلا وتزميرا للقناة وسياستها فهو من يرى تعبيره يجري أمام عينيه على الشاشة ، ومن يكتب انتقاداً أو بياناً لخطورة هذا الدور الذي تلعبه القناة يأخذ دوره إلى سلة المهملات بعد أن تبتلع الرسالة وسعرها ، فتكون القناة بذلك قد حققت مبتغاها أولا : بزيادة رصيدها المالي باستنزاف المخالفين والمؤالفين ، وثانياً : بقمع رأي مخالفيها!! والحجج كثيرة من أسهلها أن الرسالة لم تصل حيث أن صاحبها يودعها الأثير ، فسهل أن يدعي الطرف المستلم أنه لم يستلم شيئا وإن كذبا لأنه ضامن أن لا ينكشف كذبه فلا الأثير يشهد عليه ولا الشركة التي أرسل من خلالها الرسالة ستشهد عليه وبذلك ضاع ماله ورأيه!!!
هذا ما يجري على هامش الشاشة أما في متنها فالمصيبة أعظم ذاك أن برنامجها (المثير) الذي تقدمه وهو (كلمة سواء) لا يعمل على هذا النهج أبداً بل يعمل على النهج المقابل لمعنى الكلمة ، فمعنى (كلمة سواء) الحق هو أن يكون هناك ميزان ثابت يعرفه الناس أو يتعرفون عليه ـ هذه كمرحلة أولى ـ والمرحلة الثانية ؛ يقومون بعرض ما لديهم من بضاعة فكرية وعقائدية على هذا الميزان ، فما خف في الميزان وإن كثر حاملوه فهو لا قيمة له ، وما ثقل في الميزان وإن قل حاملوه فهو صاحب القيمة والحري بالنظر له والبحث فيه ، ولكن هذه القناة قلبت الميزان رأساً على عقب!! عندما جعلت أن الوزن هو كثرة الحاملين لا قيمة المحمول ، حيث أن كلمتها السواء هي تلك الكلمة التي يحملها الأكثرية وإن كانت هذه الكلمة سفيهة خالية من الحكمة تماما ، بل وحتى لو كانت كلمة فساد وضلال وإضلال ، فالمعول عليه ليس قيمة الكلمة وحقيقتها بل المعول عليها عدد من يحملها ويلهج بها ، ولذا تكون (كلمة السواء) في قناة (صفا) الفضائية هي تلك الكلمة التي وصف حال حاملها القرآن الكريم بقول الله جل وعلا{خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ}(الدخان/47) ، لماذا؟؟ لأن ميزان الحق الإلهي هو تماما غير ميزان قناة (صفا) فالميزان الإلهي لا يقيم للكثرة وزنا ، أي لا يقيم للحاملين وزنا إلا بقيمة ما يحملون ، فلو كانوا كثرة وحملهم لا وزن له تكون نتيجة هذه الكثرة الكاثرة إلى حيث قال تعالى{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(الأعراف/179) وانظروا إلى مواصفات هذه الكثرة فسترونها تنطبق تماما على كثرة قناة (صفا) فهم هكذا تماما ـ واللهِ ـ كما أن من يعلوا شأنه في ميزان الله سبحانه هو الحق وإن قل حاملوه ، فقال عز من قائل في حق إبراهيم(ع) وهو يحمل الحق لوحده قبال الكثرة الكاثرة التي تواجهه بالباطل {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(النحل/120) فها نبي الله إبراهيم(ع) أمة بمفرده لأنه حمل ما له قيمة في الميزان ، ومعارضوه وإن كانوا أمة عدداً ولكنهم لا قيمة لهم ، لماذا؟؟ لأن ميزان الله سبحانه هو الحق قال تعالى{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف/8) ، وقال تعالى{لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ * أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ}(المؤمنون/100-105) ، فهذا ميزان الله سبحانه ، وهذا ميزان قناة (صفا) فأي الميزانين سيختار الناس ، وهم ممتحنون بالاختيار؟؟!!
أما ما يتعلق بالطريقة التي يدار بها برنامج المناظرات في هذه القناة الذي عنوانه (كلمة سواء) والذي ـ كما يبدو ـ فتحت القناة لأجله ولأجل التشهير بطائفة هي بحسابات الكثرة والقلة لا تقل عن الطائفة التي تتبنى رأيها القناة ، بدأ مشواره بـ(سياسة الكرسي الفارغ) المجير باسم الطائفة التي بنيت القناة على مهاجمتها والنيل منها بكل ما هو متاح من السبل ، حتى وصل الحال إلى أن سياسة الكرسي الفارغ كادت أن تؤتي أكلها في علو ضجيج المطبلين والمزمرين للقناة ولمن أسسها ، فكما تعلمون ويعلمون هم هذه السياسة (سياسة قرع الطبول) ليست من ابتداع العرعور الذي هو لسان القناة الناطق بل سبقه إليها شيخه وأستاذه في المكر والشيطنة (عمرو بن العاص) فبسياسة (قرع الطبول) استخف خفيفي العقيدة في جيش علي(ص) وهم للأسف كثرة ليزحزحهم عن موقعهم الاستراتيجي قرب الماء في موقعة صفين ، ونجح في تلك السياسة ، لأن في جيش علي(ص) من قلوبهم مستخفة للباطل ، ولذلك العرعور وفي هذا الزمان بالضبط أعاد فعل شيخه وأستاذه (ابن العاص) وكان اختياره للوقت دقيقا تماما لأن الطائفة التي عزم على مواجهتها هي اليوم كما وصفها أمير المؤمنين(ص) بخطبته التي يقول فيها : [أما بعد فإن الله تبارك وتعالى لم يقصم جباري دهر إلا من بعد تمهيل ورخاء ولم يجبر كسر عظم من الأمم إلا بعد أزل وبلاء ، أيها الناس في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر وما كل ذي قلب بلبيب ولا كل ذي سمع بسميع ولا كل ذي ناظر عين ببصير ، عباد الله ! أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه ، ثم انظروا إلى عرصات من قد أقاده الله بعلمه ، كانوا على سنة من آل فرعون أهل جنات وعيون وزرع ومقام كريم ، ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور والأمر والنهي ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان والله مخلدون ولله عاقبة الأمور . فيا عجبا وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ، لا يقتصون أثر نبي ولا يقتدون بعمل وصي ولا يؤمنون بغيب ولا يعفون عن عيب ، المعروف فيهم ما عرفوا والمنكر عندهم ما أنكروا وكل امرئ منهم إمام نفسه ، آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات فلا يزالون بجور ولن يزدادوا إلا خطأ ، لا ينالون تقربا ولن يزدادوا إلا بعدا من الله عز وجل ، انس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض كل ذلك وحشة مما ورث النبي الأمي ( صلى الله عليه وآله ) ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والأرض أهل حسرات وكهوف شبهات وأهل عشوات وضلالة وريبة ، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله ، غير المتهم عند من لا يعرفه ، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها ووا أسفا من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم كيف يستذل بعدي بعضها بعضا وكيف يقتل بعضها بعضا ، المتشتة غدا عن الأصل النازلة بالفرع ، المؤملة الفتح من غير جهته ، كل حزب منهم آخذ [ منه ] بغصن ، أينما مال الغصن مال معه ، مع أن الله - وله الحمد - سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني أمية كما يجمع قزع الخريف يؤلف الله بينهم ، ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب ، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنتين سيل العرم حيث بعث عليه فارة فلم يثبت عليه أكمة ولم يرد سننه رض طود يذعذعهم الله في بطون أودية ثم يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ويمكن بهم قوما في ديار قوم تشريدا لبني أمية ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا ، يضعضع الله بهم ركنا وينقض بهم طي الجنادل من إرم ويملا منهم بطنان الزيتون فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليكونن ذلك وكأني أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم وأيم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكين في البلاد كما تذوب الإلية على النار من مات منهم مات ضالا وإلى الله عز وجل يفضي منهم من درج ويتوب الله عز وجل على من تاب ولعل الله يجمع شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء وليس لأحد على الله عز ذكره الخيرة بل لله الخيرة والأمر جميعا . أيها الناس إن المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير ولو لم تتخاذلوا عن مر الحق ولم تهنوا عن توهين الباطل لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم ولم يقو من قوي عليكم وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى [ بن عمران ] ( عليه السلام ) ولعمري ليضاعفن عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدة سلطان بني أمية لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة وأحييتم الباطل وخلفتم الحق وراء ظهوركم وقطعتم الأدنى من أهل بدر ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء وقرب الوعد وانقضت المدة وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ولاح لكم القمر المنير ، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول ( صلى الله عليه وآله ) فتداويتم من العمى والصم والبكم وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " .]( الكافي للشيخ الكليني:ج8 - ص63 - 66) ، هذه هي الأمة التي يهاجمها العرعور كما وصفها أمير المؤمنين(ص) بالكلمة السواء التي لا تداهن ولا تهادن ولو كانوا يطلبون الحق لقرؤوها وبينوها وتبينوها ، ولكن كلمة (السواء) لقناة صفا هي كلمة معاوية بن أبي سفيان ؛ كلمة فساد وإفساد ، وعلى طول هذا الوقت لم يدر بخاطر هذه القناة أن تنكسر سياسة (الكرسي الفارغ) وقرع الطبول ، حتى جاء اليوم الذي انكسرت فيه هذه السياسة ، وجلس على الكرسي من حمل لهم من الحق ما لا طاقة لكلمتهم (السواء) أن تطيقه ، فاستحالت كلمتهم السواء إلى هجوماً صريحاً على كل ما هو إلهي ، ولعمري ما فعله مقدم برنامج (كلمة سواء) بالأمس لهو شاهد حي على ذلك حيث بدأ حلقته قبل حضور الطرف المقابل ليترك المجال واسعا لوارث عمرو بن العاص في أن يخرج ما امتلأت به نفسه من بغض وكره لكل ما هو من الله سبحانه ، وختمها بأكاذيب واقعهم لا يصدقها عندما قال أن الشيعة يعملون على هدم الكعبة المشرفة ويريدون نقلها إلى كربلاء ، ومن مثل هذه الخرافات والخزعبلات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، بل والواقع يجري خلافها فها هم الشيعة في كل مكان يحجون البيت الحرام ويلبون عنده ، ولم ينقطعوا عنه ولم يمنعهم عنه إلا ما تضعه السلطات الجائرة هناك عليهم من موانع ، أما أن ما قالوه عن زيارة الحسين(ص) بأنها تعدل كذا حجة ، فهذا أمر لا يفقهه القوم مثلما لم يفقه فرعون قيمة موسى(ع) فاحتج على موسى(ع) عند قومه بما حكاه الله سبحانه عنه حين قال الله عز وجل{ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ * فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} (الزخرف/51-54) ، فكلمة فرعون لموسى(ع) هي نفسها اليوم كلمة (السواء) التي تروج لها قناة صفا ، وميزانهم واحد ، وهذا ما بدا واضحا منذ الليلة الأولى من ليالي شهر رمضان المبارك لعام 1431هـ ق ، فبعد أن كسر الله سبحانه كرسيهم الفارغ بأن أجلس عليه رجلا وفقه الله سبحانه لمعرفة الحق ، وبعد أن بدأ الطرح يتغير وجاءت كلمة الحق ، انقلبت كلمة (سواء) في قناة صفا إلى كلمة تهريج وإثارة ضجيج وحقد وإحن وضغائن وطعن بالباطل وتشهير ، وما حدث في الليلة الثالثة من المناظرة شاهد على ذلك ، بعد أن أقر العرعور بلسانه معبراً عن لسان كل من أجلسه على هذا المنبر أن [أهل السنة يقولون بأنه لا يوجد دليل واحد على الاستخلاف الإلهي بعد رسول الله(ص) لا في القرآن ولا في السنة .] وتلك لعمري هي قاصمة الظهر لكل من يؤمن بهذا الاعتقاد الفاسد ، لماذا؟؟ لسبب بسيط هو أن الذين يؤمنون بهذا الاعتقاد لا حجة لهم اليوم على من يسمونهم الحكام الظلمة ، ولا حجة لهم على مؤسسات الحكم في العالم ، ولذا فهم متوافقون معهم بالطرح ، ولذا فكل سنة رسول الله(ص) التي تتحدث عن الملاحم والفتن وامتلاء الأرض جوراً وظلماً ، والحديث عن عقيدة المهدي(ص) المنقذ للبشرية كل هذا التراث الضخم صادره العرعور ومن خلفه قناة صفا والقائمين عليها هكذا بجرة قلم!!! ولذا فالعرعور وقناة صفا والذين خلفه يكذبون سنة رسول الله(ص) الواردة في المهدي(ص) كلها ، وبذلك تستبين كلمتهم (السواء) فهي كلمة تروج لشراء رضا المخلوق بسخط الخالق!!!
ولذلك كان مزعجا لهذه القناة ولعرعورها أن يفتح ملف الحوار بنظام الحاكمية كأصل في الدين ، لأن هذا الحوار كشف عن عقيدة العرعور التي اجتهد في التملص من التصريح بها طويلا حتى جاءت اللحظة التي جعلته في الليلة الثالثة يستحيل إلى بهلوانا ومهرجا يمارس الإرهاب الفكري تماما كما مارسه أسلافه من قبل ، فبعد أن اعترف في الليلة الثانية (أنه لا يوجد نص على تنصيب الله سبحانه لأحد بعد رسول الله(ص) لا في القرآن ولا في السنة) وهذا الاعتراف لأول مرة يصدر وبهذا الوضوح والقطعية وهو اعتراف خطير طالما تملص من التصريح به كبار علمائهم ، ولكن جاء اليوم العرعور ـ وهو ليس في جملة علمائهم ـ ولكنه ناطق باسم علمائهم الحاليين ليضطره الحوار وتركيز مناظره على قضية الحاكمية وكونها أصل في الدين وهي عقيدة إلى هذا التصريح الخطير فجاء في الليلة الثالثة هائجا ليثير كل هذه الزوبعة من الإرهاب المنظم عندما جر الحوار ـ بخبث ـ إلى الحكومات القائمة اليوم وبالغ في ذكر أسماء بعينها ليضع مناظره أمام خيارين أحلاهما مر ـ كما يقال ـ ليثنيه عن عزمه في المضي بموضوع (حاكمية الله) وكون الحاكم الشرعي لابد أن يكون منصبا من الله سبحانه ومنصوصاً عليه ، وهذا الموضوع هو الذي سيفضح بعون الله كل هذا الانحراف الذي يروج له أولئك الذين باعوا دين الله بدنيا الطواغيت لا لشيء سوى هذا النزوع الأعمى لدنيا طالت أو قصرت فهي لابد ململة أطرافها وصائرة إلى زوال
قناة صفا الفضائية وكلمتها (السواء)!!!
بعد أن تنازل بامتياز (غريب) فقهاء المسلمين عموما عن دورهم في تربية الأمة وقبعوا في أقبيتهم وراحوا يعملون تماما مثل خفافيش الظلام ، عملوا على إطلاق العنان لصبيتهم ـ ووصف الصبية هنا ليس معني به جانب العمر بقدر ما معني به النفسية التي تعمل على وفق مواصفات (التصابي) ـ حتى يجعلوا من النقاش في العقيدة نقاشاً إعلاميا الغاية منه جمع أرصدة مادية كبيرة على الصعيدين ؛ المالي والبشري ، فعلى صعيد المال هو استفزاز مشاعر الناس وفتح السبيل أمامها للتعبير عن رأيها ، ويأخذ هذا التعبير كيفما كان طريقه إلى هامش الشاشة في شريط يبدأ ولا ينتهي ، وهذا الشريط بالطبع هو تحت سيطرة القناة وسياستها واتجاهها ، فما لبى السياسة تلك ظهر ، وما لم يلبِّ لا يأخذ طريقه للعرض وتكون بذلك القناة أداة قمع وسرقة بامتياز ، فهي عندما فتحت هذا الهامش فتحته لحرية التعبير عن الرأي بغض النظر عن كون ذلك الرأي موافقاً لرأي القناة أو لا ، ولكنها في ميدان العمل يتبين كذب مدعاها برفع شعار حرية الرأي ، عندما تحرف هذا الشعار عن مجراه لتفسره بما يماشي مرادها فتقول ـ بفعلها ـ أعني بحرية الرأي هو أن يكتب الموالون لسياستها كل ما يحبون وإن كان سباً وشتما وقذفا بالباطل ، وترويجا للأكاذيب ، وكل هذا الذي يحدث على هامش الشاشة ـ على الرغم من مخالفته حتى للحقوق المدنية فضلا على قضية الشرع ـ لا يقع تحت طائلة المحاسبة بدعوى (حرية الرأي) مع أن حتى في تعريف الحضارة المادية للحرية أن حدودها تنتهي عندما تبدأ حرية الآخر ، وحرية الآخر تبدأ بكرامته فأي تجاوز على الكرامة هو تجاوز على الحرية سواء كانت شخصية أو جمعية ، ولذا فالحرية التي تريدها قناة (صفا) لمشاهديها هي الحرية الخارجة على كل حدود الأدب واللياقة والإنسانية فضلا على الحدود الدينية التي تدعي العمل بها ، ومن ثم فمن يكتب تطبيلا وتزميرا للقناة وسياستها فهو من يرى تعبيره يجري أمام عينيه على الشاشة ، ومن يكتب انتقاداً أو بياناً لخطورة هذا الدور الذي تلعبه القناة يأخذ دوره إلى سلة المهملات بعد أن تبتلع الرسالة وسعرها ، فتكون القناة بذلك قد حققت مبتغاها أولا : بزيادة رصيدها المالي باستنزاف المخالفين والمؤالفين ، وثانياً : بقمع رأي مخالفيها!! والحجج كثيرة من أسهلها أن الرسالة لم تصل حيث أن صاحبها يودعها الأثير ، فسهل أن يدعي الطرف المستلم أنه لم يستلم شيئا وإن كذبا لأنه ضامن أن لا ينكشف كذبه فلا الأثير يشهد عليه ولا الشركة التي أرسل من خلالها الرسالة ستشهد عليه وبذلك ضاع ماله ورأيه!!!
هذا ما يجري على هامش الشاشة أما في متنها فالمصيبة أعظم ذاك أن برنامجها (المثير) الذي تقدمه وهو (كلمة سواء) لا يعمل على هذا النهج أبداً بل يعمل على النهج المقابل لمعنى الكلمة ، فمعنى (كلمة سواء) الحق هو أن يكون هناك ميزان ثابت يعرفه الناس أو يتعرفون عليه ـ هذه كمرحلة أولى ـ والمرحلة الثانية ؛ يقومون بعرض ما لديهم من بضاعة فكرية وعقائدية على هذا الميزان ، فما خف في الميزان وإن كثر حاملوه فهو لا قيمة له ، وما ثقل في الميزان وإن قل حاملوه فهو صاحب القيمة والحري بالنظر له والبحث فيه ، ولكن هذه القناة قلبت الميزان رأساً على عقب!! عندما جعلت أن الوزن هو كثرة الحاملين لا قيمة المحمول ، حيث أن كلمتها السواء هي تلك الكلمة التي يحملها الأكثرية وإن كانت هذه الكلمة سفيهة خالية من الحكمة تماما ، بل وحتى لو كانت كلمة فساد وضلال وإضلال ، فالمعول عليه ليس قيمة الكلمة وحقيقتها بل المعول عليها عدد من يحملها ويلهج بها ، ولذا تكون (كلمة السواء) في قناة (صفا) الفضائية هي تلك الكلمة التي وصف حال حاملها القرآن الكريم بقول الله جل وعلا{خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ}(الدخان/47) ، لماذا؟؟ لأن ميزان الحق الإلهي هو تماما غير ميزان قناة (صفا) فالميزان الإلهي لا يقيم للكثرة وزنا ، أي لا يقيم للحاملين وزنا إلا بقيمة ما يحملون ، فلو كانوا كثرة وحملهم لا وزن له تكون نتيجة هذه الكثرة الكاثرة إلى حيث قال تعالى{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(الأعراف/179) وانظروا إلى مواصفات هذه الكثرة فسترونها تنطبق تماما على كثرة قناة (صفا) فهم هكذا تماما ـ واللهِ ـ كما أن من يعلوا شأنه في ميزان الله سبحانه هو الحق وإن قل حاملوه ، فقال عز من قائل في حق إبراهيم(ع) وهو يحمل الحق لوحده قبال الكثرة الكاثرة التي تواجهه بالباطل {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(النحل/120) فها نبي الله إبراهيم(ع) أمة بمفرده لأنه حمل ما له قيمة في الميزان ، ومعارضوه وإن كانوا أمة عدداً ولكنهم لا قيمة لهم ، لماذا؟؟ لأن ميزان الله سبحانه هو الحق قال تعالى{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف/8) ، وقال تعالى{لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ * أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ}(المؤمنون/100-105) ، فهذا ميزان الله سبحانه ، وهذا ميزان قناة (صفا) فأي الميزانين سيختار الناس ، وهم ممتحنون بالاختيار؟؟!!
أما ما يتعلق بالطريقة التي يدار بها برنامج المناظرات في هذه القناة الذي عنوانه (كلمة سواء) والذي ـ كما يبدو ـ فتحت القناة لأجله ولأجل التشهير بطائفة هي بحسابات الكثرة والقلة لا تقل عن الطائفة التي تتبنى رأيها القناة ، بدأ مشواره بـ(سياسة الكرسي الفارغ) المجير باسم الطائفة التي بنيت القناة على مهاجمتها والنيل منها بكل ما هو متاح من السبل ، حتى وصل الحال إلى أن سياسة الكرسي الفارغ كادت أن تؤتي أكلها في علو ضجيج المطبلين والمزمرين للقناة ولمن أسسها ، فكما تعلمون ويعلمون هم هذه السياسة (سياسة قرع الطبول) ليست من ابتداع العرعور الذي هو لسان القناة الناطق بل سبقه إليها شيخه وأستاذه في المكر والشيطنة (عمرو بن العاص) فبسياسة (قرع الطبول) استخف خفيفي العقيدة في جيش علي(ص) وهم للأسف كثرة ليزحزحهم عن موقعهم الاستراتيجي قرب الماء في موقعة صفين ، ونجح في تلك السياسة ، لأن في جيش علي(ص) من قلوبهم مستخفة للباطل ، ولذلك العرعور وفي هذا الزمان بالضبط أعاد فعل شيخه وأستاذه (ابن العاص) وكان اختياره للوقت دقيقا تماما لأن الطائفة التي عزم على مواجهتها هي اليوم كما وصفها أمير المؤمنين(ص) بخطبته التي يقول فيها : [أما بعد فإن الله تبارك وتعالى لم يقصم جباري دهر إلا من بعد تمهيل ورخاء ولم يجبر كسر عظم من الأمم إلا بعد أزل وبلاء ، أيها الناس في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر وما كل ذي قلب بلبيب ولا كل ذي سمع بسميع ولا كل ذي ناظر عين ببصير ، عباد الله ! أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه ، ثم انظروا إلى عرصات من قد أقاده الله بعلمه ، كانوا على سنة من آل فرعون أهل جنات وعيون وزرع ومقام كريم ، ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور والأمر والنهي ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان والله مخلدون ولله عاقبة الأمور . فيا عجبا وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ، لا يقتصون أثر نبي ولا يقتدون بعمل وصي ولا يؤمنون بغيب ولا يعفون عن عيب ، المعروف فيهم ما عرفوا والمنكر عندهم ما أنكروا وكل امرئ منهم إمام نفسه ، آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات فلا يزالون بجور ولن يزدادوا إلا خطأ ، لا ينالون تقربا ولن يزدادوا إلا بعدا من الله عز وجل ، انس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض كل ذلك وحشة مما ورث النبي الأمي ( صلى الله عليه وآله ) ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والأرض أهل حسرات وكهوف شبهات وأهل عشوات وضلالة وريبة ، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله ، غير المتهم عند من لا يعرفه ، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها ووا أسفا من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم كيف يستذل بعدي بعضها بعضا وكيف يقتل بعضها بعضا ، المتشتة غدا عن الأصل النازلة بالفرع ، المؤملة الفتح من غير جهته ، كل حزب منهم آخذ [ منه ] بغصن ، أينما مال الغصن مال معه ، مع أن الله - وله الحمد - سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني أمية كما يجمع قزع الخريف يؤلف الله بينهم ، ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب ، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنتين سيل العرم حيث بعث عليه فارة فلم يثبت عليه أكمة ولم يرد سننه رض طود يذعذعهم الله في بطون أودية ثم يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ويمكن بهم قوما في ديار قوم تشريدا لبني أمية ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا ، يضعضع الله بهم ركنا وينقض بهم طي الجنادل من إرم ويملا منهم بطنان الزيتون فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليكونن ذلك وكأني أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم وأيم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكين في البلاد كما تذوب الإلية على النار من مات منهم مات ضالا وإلى الله عز وجل يفضي منهم من درج ويتوب الله عز وجل على من تاب ولعل الله يجمع شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء وليس لأحد على الله عز ذكره الخيرة بل لله الخيرة والأمر جميعا . أيها الناس إن المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير ولو لم تتخاذلوا عن مر الحق ولم تهنوا عن توهين الباطل لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم ولم يقو من قوي عليكم وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى [ بن عمران ] ( عليه السلام ) ولعمري ليضاعفن عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدة سلطان بني أمية لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة وأحييتم الباطل وخلفتم الحق وراء ظهوركم وقطعتم الأدنى من أهل بدر ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء وقرب الوعد وانقضت المدة وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ولاح لكم القمر المنير ، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول ( صلى الله عليه وآله ) فتداويتم من العمى والصم والبكم وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " .]( الكافي للشيخ الكليني:ج8 - ص63 - 66) ، هذه هي الأمة التي يهاجمها العرعور كما وصفها أمير المؤمنين(ص) بالكلمة السواء التي لا تداهن ولا تهادن ولو كانوا يطلبون الحق لقرؤوها وبينوها وتبينوها ، ولكن كلمة (السواء) لقناة صفا هي كلمة معاوية بن أبي سفيان ؛ كلمة فساد وإفساد ، وعلى طول هذا الوقت لم يدر بخاطر هذه القناة أن تنكسر سياسة (الكرسي الفارغ) وقرع الطبول ، حتى جاء اليوم الذي انكسرت فيه هذه السياسة ، وجلس على الكرسي من حمل لهم من الحق ما لا طاقة لكلمتهم (السواء) أن تطيقه ، فاستحالت كلمتهم السواء إلى هجوماً صريحاً على كل ما هو إلهي ، ولعمري ما فعله مقدم برنامج (كلمة سواء) بالأمس لهو شاهد حي على ذلك حيث بدأ حلقته قبل حضور الطرف المقابل ليترك المجال واسعا لوارث عمرو بن العاص في أن يخرج ما امتلأت به نفسه من بغض وكره لكل ما هو من الله سبحانه ، وختمها بأكاذيب واقعهم لا يصدقها عندما قال أن الشيعة يعملون على هدم الكعبة المشرفة ويريدون نقلها إلى كربلاء ، ومن مثل هذه الخرافات والخزعبلات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، بل والواقع يجري خلافها فها هم الشيعة في كل مكان يحجون البيت الحرام ويلبون عنده ، ولم ينقطعوا عنه ولم يمنعهم عنه إلا ما تضعه السلطات الجائرة هناك عليهم من موانع ، أما أن ما قالوه عن زيارة الحسين(ص) بأنها تعدل كذا حجة ، فهذا أمر لا يفقهه القوم مثلما لم يفقه فرعون قيمة موسى(ع) فاحتج على موسى(ع) عند قومه بما حكاه الله سبحانه عنه حين قال الله عز وجل{ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ * فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} (الزخرف/51-54) ، فكلمة فرعون لموسى(ع) هي نفسها اليوم كلمة (السواء) التي تروج لها قناة صفا ، وميزانهم واحد ، وهذا ما بدا واضحا منذ الليلة الأولى من ليالي شهر رمضان المبارك لعام 1431هـ ق ، فبعد أن كسر الله سبحانه كرسيهم الفارغ بأن أجلس عليه رجلا وفقه الله سبحانه لمعرفة الحق ، وبعد أن بدأ الطرح يتغير وجاءت كلمة الحق ، انقلبت كلمة (سواء) في قناة صفا إلى كلمة تهريج وإثارة ضجيج وحقد وإحن وضغائن وطعن بالباطل وتشهير ، وما حدث في الليلة الثالثة من المناظرة شاهد على ذلك ، بعد أن أقر العرعور بلسانه معبراً عن لسان كل من أجلسه على هذا المنبر أن [أهل السنة يقولون بأنه لا يوجد دليل واحد على الاستخلاف الإلهي بعد رسول الله(ص) لا في القرآن ولا في السنة .] وتلك لعمري هي قاصمة الظهر لكل من يؤمن بهذا الاعتقاد الفاسد ، لماذا؟؟ لسبب بسيط هو أن الذين يؤمنون بهذا الاعتقاد لا حجة لهم اليوم على من يسمونهم الحكام الظلمة ، ولا حجة لهم على مؤسسات الحكم في العالم ، ولذا فهم متوافقون معهم بالطرح ، ولذا فكل سنة رسول الله(ص) التي تتحدث عن الملاحم والفتن وامتلاء الأرض جوراً وظلماً ، والحديث عن عقيدة المهدي(ص) المنقذ للبشرية كل هذا التراث الضخم صادره العرعور ومن خلفه قناة صفا والقائمين عليها هكذا بجرة قلم!!! ولذا فالعرعور وقناة صفا والذين خلفه يكذبون سنة رسول الله(ص) الواردة في المهدي(ص) كلها ، وبذلك تستبين كلمتهم (السواء) فهي كلمة تروج لشراء رضا المخلوق بسخط الخالق!!!
ولذلك كان مزعجا لهذه القناة ولعرعورها أن يفتح ملف الحوار بنظام الحاكمية كأصل في الدين ، لأن هذا الحوار كشف عن عقيدة العرعور التي اجتهد في التملص من التصريح بها طويلا حتى جاءت اللحظة التي جعلته في الليلة الثالثة يستحيل إلى بهلوانا ومهرجا يمارس الإرهاب الفكري تماما كما مارسه أسلافه من قبل ، فبعد أن اعترف في الليلة الثانية (أنه لا يوجد نص على تنصيب الله سبحانه لأحد بعد رسول الله(ص) لا في القرآن ولا في السنة) وهذا الاعتراف لأول مرة يصدر وبهذا الوضوح والقطعية وهو اعتراف خطير طالما تملص من التصريح به كبار علمائهم ، ولكن جاء اليوم العرعور ـ وهو ليس في جملة علمائهم ـ ولكنه ناطق باسم علمائهم الحاليين ليضطره الحوار وتركيز مناظره على قضية الحاكمية وكونها أصل في الدين وهي عقيدة إلى هذا التصريح الخطير فجاء في الليلة الثالثة هائجا ليثير كل هذه الزوبعة من الإرهاب المنظم عندما جر الحوار ـ بخبث ـ إلى الحكومات القائمة اليوم وبالغ في ذكر أسماء بعينها ليضع مناظره أمام خيارين أحلاهما مر ـ كما يقال ـ ليثنيه عن عزمه في المضي بموضوع (حاكمية الله) وكون الحاكم الشرعي لابد أن يكون منصبا من الله سبحانه ومنصوصاً عليه ، وهذا الموضوع هو الذي سيفضح بعون الله كل هذا الانحراف الذي يروج له أولئك الذين باعوا دين الله بدنيا الطواغيت لا لشيء سوى هذا النزوع الأعمى لدنيا طالت أو قصرت فهي لابد ململة أطرافها وصائرة إلى زوال