yasmeen
08-10-2010, 12:27 AM
ينظر إلى الاستخبارات الباكستانية (آي إس آي) بشكل عام بدرجة كبيرة من الريبة.
http://www.majalla.com/incoming/article97811.ece/REPRESENTATIONS/large_620x350/102978215.jpg
تاريخ النشر: الأحد 08 أغسطس 2010
لا سيما في الولايات المتحدة، حيث تكون في كثير من الأحيان موضع اتهام بوجود صلات لها مع المسلحين في باكستان، وتوجسها الخاطئ تجاه الهند. يتولى رئيس الاستخبارات الباكستاني الحالي، الذي تسلم منصبه منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2008، مهمة تجديد صورة الاستخبارات الباكستانية في محاولة لإعادة مكانة الجهاز الاستخباراتي كشريك مسؤول في عملية التحول الديمقراطي الهشة في باكستان.
عندما لا يطلب رئيس الوزراء رئيسا متقاعدا وموقرا، بل رئيس الاستخبارات من أجل تهدئة العلاقات المتوترة بين الرئيس وقائد الجيش، يمكنك أن تخمن من هو الأكثر تأثيرا هنا. في باكستان، يظهر الجنرال أحمد شوجا باشا مدير جهاز الاستخبارات الداخلية الباكستانية في الأخبار على نحو أكبر من أي من الوزراء في باكستان.
ولا يجب أن يكون نفوذ باشا مفاجئا، حيث أحيانا ما يوصف جهاز الاستخبارات الداخلية، وهو أعلى وكالة استخباراتية في البلاد، على أنه «دولة داخل دولة»، يعمل مستقلا وفي بعض الأحيان في مواجهة مباشرة مع القوى الدستورية. وتعكس بيانات رؤساء الاستخبارات الباكستانية العشرة السابقين دور هذا الجهاز السائد، الذي يعمل بتعاون وثيق مع القوات المسلحة. وجميع هؤلاء العشرة من كبار مسؤولي الجيش؛ تولى ثلاثة منهم مناصب عليا في الجيش (كقادة)، ورشح أحدهم رئيسا للجنة الأركان المشتركة، واشترك آخر بصورة مباشرة في التخطيط للانقلاب الذي أتي بالجنرال برويز مشرف إلى الحكم. ويوجد أيضا بعد مسلح أكثر سوادا. ففي عام 2008، مارست الولايات المتحدة ضغوطا من أجل وضع اثنين من رؤساء الاستخبارات الباكستانية السابقين على قائمة الأمم المتحدة لمراقبة الإرهابيين الدولية. وأصبح ثلاثة آخرون من رؤساء الاستخبارات الباكستانية السابقين أعضاء في جماعة التبليغ، وهي مؤسسة دولية أحيانا ما تقدم ملاذا آمنا للإرهابيين.
وكما هو الحال مع أسلافه، أمضى الجنرال باشا فترة عمل في الجيش لم تشبها شائبة. وبعد الانضمام إلى الجيش عام 1974، خدم الجنرال باشا تقريبا في جميع المناطق الأمنية الساخنة في باكستان، من كويته في بلوشستان وسيالكوت وحتى كشمير الهندية، إلى المناطق القبلية في وزيرستان ووادي سوات على الحدود الأفغانية المتفجرة. وكانت الطريقة التي عُين بها في منصب مدير الاستخبارات الباكستانية في أكتوبر 2008، نموذجية أيضا، بعد إشارة من الجنرال كياني، قائد الجيش ذي النفوذ، الذي يُعرّفه البعض على أنه معلمه.
لكن في الوقت ذاته، يبتعد ملف الجنرال البالغ من العمر 58 عاما بصورة كبيرة عن ملفات أسلافه. فهو ابن جيل من المسؤولين الباكستانيين الذين لم يخوضوا حربا قط مع الهند. كما أنه يتمتع بخبرة دولية واسعة، حيث تلقى تدريبه في ألمانيا في الثمانينات (وهو يتحدث الألمانية بطلاقة)، ثم تولى قيادة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في سيراليون عامي 2001 - 2002. وأخيرا، أًصبح الرجل الذي يوصف بأنه «قصير ونحيل وشعره مصفف بعناية» أول مدير للاستخبارات الباكستانية يسمح على الأقل بتكييف مصالح الوكالة مع المصالح الأميركية إلى حد ما. وبذلك، حقق ملف باشا المميز، منذ وصوله لقيادة الاستخبارات في أكتوبر عام 2008، أثرا على أربع جبهات مختلفة.
أولا: تحت قيادته بدأت الاستخبارات الباكستانية في مهمة غير مسبوقة بإعادة تصحيح صورتها الدولية. ومن جانب، أدى هذا إلى حملة «الاستخبارات العامة»، فيما يتماشى مع مفهوم الدبلوماسية العامة السائد. ولم يتم من قبل مطلقا دعوة هذا العدد الكبير من الصحافيين والوفود الغربية لزيارة مقر الاستخبارات الباكستانية في إسلام آباد، حيث أصبحوا هدفا لحملة علاقات عامة مكثفة «لتناول الشاي ومشاهدة عروض على برنامج باور بوينت».
ومن جانب آخر، على أرض الواقع، تحاول الوكالة أيضا إعطاء انطباع بأنها تبتعد عن العش المتطرف للمنظمات الإسلامية المتطرفة التي كانت ترعاها في الماضي. ويتضمن ذلك طالبان، التي أيدت نظامها في أفغانستان بنشاط قبل عام 2001، وأيضا جماعات مسلحة مثل عسكر طيبة، التي تزاول نشاطها من كشمير الباكستانية لاستهداف الهند، وعلى مدار العقد الماضي أصبح لها ظهور دولي وعلاقات وثيقة بـ«القاعدة». وكل هذا بالطبع ليس بالمهمة السهلة. ويصف مسؤولون سابقون في الاستخبارات الباكستانية ذلك التكتل المتطرف بـ«الوحش الخارج عن السيطرة».
ثانيا: ألقى الجنرال باشا أيضا بثقله في عملية تطبيع العلاقات مع الهند. وفي حين كانت مومباي ما زالت تتعافى من آثار الحصار الإرهابي الدموي الذي حدث في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، وبعد أقل من شهرين على توليه منصبه، قدم الجنرال اقتراحا غير مسبوق، بعرضه السفر عبر الحدود والتعاون مع نظرائه الهنود في التحقيق في أصول مرتكبي الحادث ومخططاتهم اللوجستية. ومؤخرا، أثار ضجة شعبية لكونه أول مسؤول عسكري باكستاني أو رئيس استخباراتي في الخدمة يحضر مناسبة عامة في السفارة الهندية في إسلام آباد، أو لدعوته ملحق الدفاع الهندي في باكستان لحضور مؤتمر.
وتتماشى تلك الإيماءات الرمزية أيضا مع جهود باشا لاستعادة مكانة وكالته كشريك مسؤول في عملية التحول الديمقراطي الهشة في باكستان. ووفقا للدستور، تعد وكالة الاستخبارات مسؤولة أمام رئيس الوزراء، ولكن أحيانا ما كانت طبيعة الوكالة وكونها حصرية تقريبا على الكوادر العسكرية تغيران من هذا الوضع واقعيا لتصبح جناح العمليات والسياسة في القوات المسلحة الباكستانية. ومن أجل استعادة ثقة الشركاء المدنيين، يدلي باشا بشهادات منتظمة أمام لجان البرلمان ومجلس الشيوخ، مطلعا النواب المنتخبين على تفاصيل الخطط الأمنية في البلاد.
ويبدو أن مهمة الجنرال باشا النهائية هي استعادة نفوذ الوكالة الضائع في أفغانستان المجاورة. وفي مواجهة الوجود الهندي المتزايد في هندوكوش، وعلاقات إسلام آباد العدائية عامة مع جارتها في الشمال الغربي، يتخذ باشا موقفا براغماتيا بتوجيه الجهود نحو تطبيع العلاقات مع كابل ونظرائه الأفغان في مديرية الأمن الوطني. ويبدو أن مدير الاستخبارات الباكستانية مهتم بالتوسط في اتفاق بين كرزاي و«طالبان المعتدلة»، مرتكزا في ذلك على تفهمه لأهمية الفصل بين أعضاء طالبان «الطيبين» و«الأشرار»، بالإضافة إلى التمييز بين جماعتي طالبان الأفغانية والباكستانية.
لقد خصص الجنرال الحاصل على 3 نجوم موارد كبيرة من أجل إعادة وضع جدول أعمال الاستخبارات الباكستانية على جميع تلك الجبهات الأربع. ولكن تظل هناك شكوك حول مدى قدرته على كبح جماح بعض الفصائل الأكثر تطرفا داخل وكالته، التي تعارض مثل ذلك التغيير. ويقلل بعض المنتقدين أيضا من قيمة الدور الشخصي الذي يؤديه باشا، مشيرين إلى أن تأثير قيادته سيكون ضئيلا دون الضغط الأميركي المستمر أو تأييد الجنرال كياني. ولكن في النهاية، يبدو أن الرجل الذي وصفه صحافي في مجلة «درشبيغل» بـ«الضابط اللامع الواثق ذي العينين البراقتين والعقل التحليلي» هو الشخص المناسب لقيادة عهد الاستخبارات الباكستانية الجديد في الاستخبارات العامة.
http://www.majalla.com/incoming/article97811.ece/REPRESENTATIONS/large_620x350/102978215.jpg
تاريخ النشر: الأحد 08 أغسطس 2010
لا سيما في الولايات المتحدة، حيث تكون في كثير من الأحيان موضع اتهام بوجود صلات لها مع المسلحين في باكستان، وتوجسها الخاطئ تجاه الهند. يتولى رئيس الاستخبارات الباكستاني الحالي، الذي تسلم منصبه منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2008، مهمة تجديد صورة الاستخبارات الباكستانية في محاولة لإعادة مكانة الجهاز الاستخباراتي كشريك مسؤول في عملية التحول الديمقراطي الهشة في باكستان.
عندما لا يطلب رئيس الوزراء رئيسا متقاعدا وموقرا، بل رئيس الاستخبارات من أجل تهدئة العلاقات المتوترة بين الرئيس وقائد الجيش، يمكنك أن تخمن من هو الأكثر تأثيرا هنا. في باكستان، يظهر الجنرال أحمد شوجا باشا مدير جهاز الاستخبارات الداخلية الباكستانية في الأخبار على نحو أكبر من أي من الوزراء في باكستان.
ولا يجب أن يكون نفوذ باشا مفاجئا، حيث أحيانا ما يوصف جهاز الاستخبارات الداخلية، وهو أعلى وكالة استخباراتية في البلاد، على أنه «دولة داخل دولة»، يعمل مستقلا وفي بعض الأحيان في مواجهة مباشرة مع القوى الدستورية. وتعكس بيانات رؤساء الاستخبارات الباكستانية العشرة السابقين دور هذا الجهاز السائد، الذي يعمل بتعاون وثيق مع القوات المسلحة. وجميع هؤلاء العشرة من كبار مسؤولي الجيش؛ تولى ثلاثة منهم مناصب عليا في الجيش (كقادة)، ورشح أحدهم رئيسا للجنة الأركان المشتركة، واشترك آخر بصورة مباشرة في التخطيط للانقلاب الذي أتي بالجنرال برويز مشرف إلى الحكم. ويوجد أيضا بعد مسلح أكثر سوادا. ففي عام 2008، مارست الولايات المتحدة ضغوطا من أجل وضع اثنين من رؤساء الاستخبارات الباكستانية السابقين على قائمة الأمم المتحدة لمراقبة الإرهابيين الدولية. وأصبح ثلاثة آخرون من رؤساء الاستخبارات الباكستانية السابقين أعضاء في جماعة التبليغ، وهي مؤسسة دولية أحيانا ما تقدم ملاذا آمنا للإرهابيين.
وكما هو الحال مع أسلافه، أمضى الجنرال باشا فترة عمل في الجيش لم تشبها شائبة. وبعد الانضمام إلى الجيش عام 1974، خدم الجنرال باشا تقريبا في جميع المناطق الأمنية الساخنة في باكستان، من كويته في بلوشستان وسيالكوت وحتى كشمير الهندية، إلى المناطق القبلية في وزيرستان ووادي سوات على الحدود الأفغانية المتفجرة. وكانت الطريقة التي عُين بها في منصب مدير الاستخبارات الباكستانية في أكتوبر 2008، نموذجية أيضا، بعد إشارة من الجنرال كياني، قائد الجيش ذي النفوذ، الذي يُعرّفه البعض على أنه معلمه.
لكن في الوقت ذاته، يبتعد ملف الجنرال البالغ من العمر 58 عاما بصورة كبيرة عن ملفات أسلافه. فهو ابن جيل من المسؤولين الباكستانيين الذين لم يخوضوا حربا قط مع الهند. كما أنه يتمتع بخبرة دولية واسعة، حيث تلقى تدريبه في ألمانيا في الثمانينات (وهو يتحدث الألمانية بطلاقة)، ثم تولى قيادة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في سيراليون عامي 2001 - 2002. وأخيرا، أًصبح الرجل الذي يوصف بأنه «قصير ونحيل وشعره مصفف بعناية» أول مدير للاستخبارات الباكستانية يسمح على الأقل بتكييف مصالح الوكالة مع المصالح الأميركية إلى حد ما. وبذلك، حقق ملف باشا المميز، منذ وصوله لقيادة الاستخبارات في أكتوبر عام 2008، أثرا على أربع جبهات مختلفة.
أولا: تحت قيادته بدأت الاستخبارات الباكستانية في مهمة غير مسبوقة بإعادة تصحيح صورتها الدولية. ومن جانب، أدى هذا إلى حملة «الاستخبارات العامة»، فيما يتماشى مع مفهوم الدبلوماسية العامة السائد. ولم يتم من قبل مطلقا دعوة هذا العدد الكبير من الصحافيين والوفود الغربية لزيارة مقر الاستخبارات الباكستانية في إسلام آباد، حيث أصبحوا هدفا لحملة علاقات عامة مكثفة «لتناول الشاي ومشاهدة عروض على برنامج باور بوينت».
ومن جانب آخر، على أرض الواقع، تحاول الوكالة أيضا إعطاء انطباع بأنها تبتعد عن العش المتطرف للمنظمات الإسلامية المتطرفة التي كانت ترعاها في الماضي. ويتضمن ذلك طالبان، التي أيدت نظامها في أفغانستان بنشاط قبل عام 2001، وأيضا جماعات مسلحة مثل عسكر طيبة، التي تزاول نشاطها من كشمير الباكستانية لاستهداف الهند، وعلى مدار العقد الماضي أصبح لها ظهور دولي وعلاقات وثيقة بـ«القاعدة». وكل هذا بالطبع ليس بالمهمة السهلة. ويصف مسؤولون سابقون في الاستخبارات الباكستانية ذلك التكتل المتطرف بـ«الوحش الخارج عن السيطرة».
ثانيا: ألقى الجنرال باشا أيضا بثقله في عملية تطبيع العلاقات مع الهند. وفي حين كانت مومباي ما زالت تتعافى من آثار الحصار الإرهابي الدموي الذي حدث في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، وبعد أقل من شهرين على توليه منصبه، قدم الجنرال اقتراحا غير مسبوق، بعرضه السفر عبر الحدود والتعاون مع نظرائه الهنود في التحقيق في أصول مرتكبي الحادث ومخططاتهم اللوجستية. ومؤخرا، أثار ضجة شعبية لكونه أول مسؤول عسكري باكستاني أو رئيس استخباراتي في الخدمة يحضر مناسبة عامة في السفارة الهندية في إسلام آباد، أو لدعوته ملحق الدفاع الهندي في باكستان لحضور مؤتمر.
وتتماشى تلك الإيماءات الرمزية أيضا مع جهود باشا لاستعادة مكانة وكالته كشريك مسؤول في عملية التحول الديمقراطي الهشة في باكستان. ووفقا للدستور، تعد وكالة الاستخبارات مسؤولة أمام رئيس الوزراء، ولكن أحيانا ما كانت طبيعة الوكالة وكونها حصرية تقريبا على الكوادر العسكرية تغيران من هذا الوضع واقعيا لتصبح جناح العمليات والسياسة في القوات المسلحة الباكستانية. ومن أجل استعادة ثقة الشركاء المدنيين، يدلي باشا بشهادات منتظمة أمام لجان البرلمان ومجلس الشيوخ، مطلعا النواب المنتخبين على تفاصيل الخطط الأمنية في البلاد.
ويبدو أن مهمة الجنرال باشا النهائية هي استعادة نفوذ الوكالة الضائع في أفغانستان المجاورة. وفي مواجهة الوجود الهندي المتزايد في هندوكوش، وعلاقات إسلام آباد العدائية عامة مع جارتها في الشمال الغربي، يتخذ باشا موقفا براغماتيا بتوجيه الجهود نحو تطبيع العلاقات مع كابل ونظرائه الأفغان في مديرية الأمن الوطني. ويبدو أن مدير الاستخبارات الباكستانية مهتم بالتوسط في اتفاق بين كرزاي و«طالبان المعتدلة»، مرتكزا في ذلك على تفهمه لأهمية الفصل بين أعضاء طالبان «الطيبين» و«الأشرار»، بالإضافة إلى التمييز بين جماعتي طالبان الأفغانية والباكستانية.
لقد خصص الجنرال الحاصل على 3 نجوم موارد كبيرة من أجل إعادة وضع جدول أعمال الاستخبارات الباكستانية على جميع تلك الجبهات الأربع. ولكن تظل هناك شكوك حول مدى قدرته على كبح جماح بعض الفصائل الأكثر تطرفا داخل وكالته، التي تعارض مثل ذلك التغيير. ويقلل بعض المنتقدين أيضا من قيمة الدور الشخصي الذي يؤديه باشا، مشيرين إلى أن تأثير قيادته سيكون ضئيلا دون الضغط الأميركي المستمر أو تأييد الجنرال كياني. ولكن في النهاية، يبدو أن الرجل الذي وصفه صحافي في مجلة «درشبيغل» بـ«الضابط اللامع الواثق ذي العينين البراقتين والعقل التحليلي» هو الشخص المناسب لقيادة عهد الاستخبارات الباكستانية الجديد في الاستخبارات العامة.