جمال
09-28-2004, 03:55 PM
رئيس شركة «سيسكو سيستمز» يقدم وصفة النجاح لشركات التقنية العربية في أول زيارة له للمنطقة
جون تشامبرز: إذا لم تغير الحكومات من الأسلوب الذي تقوم فيه بتنفيذ أعمالها فسيخيب ظنها في التقنية ونقل تجربتنا في الأردن لدول عربية أخرى سيكون أكثر سهولة
عمان: وليد الأصفر
http://www.asharqalawsat.com/2004/09/28/images/internet.257549.jpg
انفردت «الشرق الأوسط» بلقاء جون تشامبرز، رئيس شركة «سيسكو سيستمز» ومديرها التنفيذي الأعلى، أثناء زيارته الأولى لمنطقة الشرق الأوسط، التي اختار فيها دولة عربية هي الأردن لتكون محط رحاله في هذه الزيارة الفريدة. وعدا عن أن «سيسكو سيستمز» هي واحدة من أهم شركات تقنية المعلومات في العالم وأكثرها احتراما، فإن تشامبرز نفسه هو كذلك واحد من أهم الشخصيات في هذا القطاع.
فعدا عن تواضعه ودماثة أخلاقه، فإنه من القلة الذين يتميزون برؤية استراتيجية بعيدة المدى، وبقدرته على تحريك المبادرات والمشاريع، ولهذا فقد لاقى الكثير من التقدير والتكريم، سواء على مستوى العالم أو في الولايات المتحدة الأميركية نفسها، وبخاصة وأنه استطاع تطوير شركته بحيث زادت نسبة عائداتها السنوية من 1.2 مليار دولار لتصبح 22 مليار دولار خلال عشر سنوات فقط منذ أن تولى قيادتها عام 1995 . وعلى الرغم من الحفاوة البالغة التي استقبل فيها تشامبرز من قبل الحكومة الأردنية والملك عبد الله الثاني نفسه، التي تليق فعلا بكبار المسؤولين السياسيين، إلا أنه فاجأني في بداية لقائي معه في جناحه في الفندق الذي أقام به بلفتة طريفة.
إذ طرق باب الغرفة أحد الأشخاص، فقام أحد موظفي الشركة الذين كانوا معنا أثناء اللقاء ليفتح الباب فوجد أن عاملا قد جاء بقمصان تشامبرز بعد غسيلها وكيها، وعندما أراد هذا الموظف تعليق القمصان في الخزانة، رآه تشامبرز، فانتفض من فوره واقفا وأخذها منه ليقوم هو بنفسه بتعليقها، وعاد ليقول لي «لا أحب أن يقوم أي من العاملين معي بشيء عني أستطيع أن أفعله بنفسي، لقد اعتدت على هذا منذ أن كنت صغيرا وأريد أن أظل كذلك».
* تحتفل «سيسكو سيستمز» هذا العام بعشرين عاما من النمو والإبداع التقني، ما الذي ساعدكم على تحقيق كل هذا النجاح؟
ـ هناك عدة أسباب لهذا النجاح، من بينها اثنان أساسيان، أولهما، أننا شركة نتحرك حسب رغبة زبائننا مائة بالمائة، فهم الذين يخبروننا ماذا نفعل وكيف كان أداؤنا وما الذي يجب أن نفعله في الخطوة التالية.
وثانيهما، هو أننا كنا في المكان والزمان المناسبين، وبالذات مع ظهور الإنترنت الذي يعد محرك التقنية الحديثة والإنتاجية التي كانت وراء التغيرات التي تمت في الأنظمة التعليمية والاتصالات. ونحن محظوظون لكوننا الرواد في ذلك.
فالمهم أن تكون لديك رؤية وهدف ومهمة تريد تحقيقها، تتميز بأنها فريدة وتكون قادرة على دفعك نحو العمل. ونحن نعتقد في «سيسكو سيستمز» بأننا لدينا الفرصة لتغيير الطريقة التي يعمل بها العالم ويعيش وينمو، ولتحقيق ذلك يجب عليك أن تنشئ فرصا مناسبة لتحقيق هذا الهدف، بحيث تكون قادرا على إرضاء زبائنك وحملة أسهم شركتك وموظفيك وشركائك، مع تحديد خطة زمنية لتحقيقها. ويمكنني أن أضيف أمورا أخرى، من بينها أننا نعي تماما التحديات التي تواجهنا جميعا في أعمالنا بشكل مختلف عن الشركات الأخرى، كما أننا نعمل على الاقتراب من حاجات السوق بشكل منتظم، وذلك على ضوء رؤيتنا وهدفنا واستراتيجيتنا ضمن مجموعتنا.
وهناك أمر مهم آخر وهو العمل على جذب الناس لتحقيق هذه الأهداف أو العناصر، فنحن شركة تشجع الإبداع، نعمل كعائلة كبيرة واحدة ونشارك نجاحنا مع موظفينا بشكل متميز.
* أظن أن هذا يشكل نموذجا للشركات العربية التي تريد أن تحقق النجاح؟
ـ طبعا، لأن هذا ما حصل معنا نحن، فعندما بدأنا كشركة صغيرة نظرنا أولا إلى ما سيحقق لنا النجاح. وأود أن أضيف أمرا هاما آخر للشركات العربية التي تريد أن تحقق النجاح، وهي نصيحتي لهم بأن يكون لهم دور في دعم المجتمع، إذ أنه وللأسف فإن هناك العديد من الشركات التي تنسى أن تعطي المجتمع جزءا من أفضاله عليها.
* في أحد تصريحاتك السابقة حول أي من الشركات هي تلك التي تستطيع الصمود أمام التحديات الاقتصادية الحديثة، قلت «من المهم في هذه الأيام العودة إلى الأساسيات كالتركيز على الأمور التي تستطيع فيها أي شركة أن تؤثر»، وحددت أمورا بالغة الأهمية من بينها زيادة الإنتاجية والربحية والإبداع التقني. ألا ترى أن نفس هذه الوصفة تصلح للدول النامية التي ترغب بالتطور؟
ـ هذا أمر أكيد، ولهذا فبعد محاضرتي التي ألقيتها في منتدى الأردن لتقنية المعلومات والاتصالات، أخبرني الكثيرون من رؤساء الشركات والمسؤولين الحكوميين أنهم قد وجدوها مفيدة، وهو مؤشر على أنهم متعطشون للمعلومات التي قد تفيدهم في تطوير مؤسساتهم. ونحن في «سيسكو سيستمز» نسعى دائما للتشارك في الخبرة والمعلومات والاستماع والتعلم من الآخرين حتى من الشركات الزميلة أو الحكومات وتقييم هذه التجارب. ولا شك أن هذا يصلح كنموذج تتعلم منه الشركات الصغيرة. نحن نعمل حسب قاعدة «أحب لغيرك ما تحب لنفسك»، أو «عامل الناس كما تحب أن يعاملوك»، وهو ما نطبقه حتى مع منافسينا.
* أعلنت «سيسكو سيستمز» أنها قد شحنت ملايين من الهواتف التي تعمل بتقنية بروتوكول الإنترنت، وكان الملاحظ أن أكبر كمية من الأجهزة التي نشرت في مناطق الشرق الأوسط وأوروبا وافريقيا كانت في بلدين عربيين هما الإمارات ومصر. فما تعليقك على ذلك؟
ـ قمنا في الواقع بشحن ثلاثة ملايين هاتف تعمل بتقنية بروتوكول الإنترنت IP telephone، فقد شحنا في الربع الأخير فقط أكثر من 474 ألف هاتف، مما يثبت أن الاهتمام بهذه الهواتف يتسارع.
وقد لاحظنا الفرصة الموجودة في العالم العربي، حيث بدأنا نرى إقليما كاملا يهتم بالانتقال السريع إلى الجيل الثاني من المنتجات من دون أن ينظر إلى الماضي ليرى ماذا فعل الآخرون. وعندما ننظر إلى التطورات التي تحصل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وما حصل معنا في الماضي، فإننا نجد أننا كنا محظوظين لنكون في المكان والزمان الصحيحين مرة أخرى.
ولكن ما قد يهم قراؤك معرفته هو ان مجرد الاهتمام بالحصول على تقنية الهواتف التي تدعم بروتوكول الإنترنت لن يكون كافيا وحده لأخذ أي دولة نحو التقدم.
فإذا هي لم تغير من الأسلوب الذي تقوم فيه بتنفيذ أعمالها، سواء في القطاع الخاص أو الحكومي، فسيخيب ظنها في هذه التقنية، إذ عليها أن تقوم بالتغيير على مستوى الطريقة التي تعالج فيها الأمور، وعلى مستوى هيكلية المؤسسات قبل أن يكون التغيير على مستوى التقنية.
* أقامت «سيسكو سيستمز» مع الأردن شراكة لإقامة مجوعة من المشاريع في مجالات مختلفة مثل مبادرة الأردن للتعليم وإقامة مركز «سيسكو» للدعم التقني، ولكن لماذا الأردن؟ وهل شعرتم في أي وقت من الأوقات أن هناك خطر عدم تحقيق أهدافكم بسبب التعامل مع دولة من العالم الثالث؟
ـ لماذا الأردن؟ الطريقة التي ندخل فيها في قطاع أو في موقع جغرافي ما، هي أن نحدد أولا الطاقة الكامنة فيه وفي قيادته، لأننا إذا عملنا معهم بنجاح فإن الآخرين سيتبعوننا. وقد لاحظنا كيف أن ملك الأردن قد حدد استراتيجية واضحة المعالم لبلده قابلة للتطبيق، فعقدنا مع حكومته شراكات في مجالات عديدة تتراوح ما بين الاستثمار في أكاديميات الشبكات، والتصنيع.
أضف إلى ذلك أنهم رفعوا من مستوى النظام التعليمي لديهم، كما شكلوا شراكات ناجحة بين القطاعين العام والخاص، وهي أمور ناسبتنا كثيرا. وقد شاهدنا نفس ما رأيناه في الأردن في حكومات أخرى حول العالم تميزت بالقدرة الكبيرة على فهم الرؤية الصحيحة والحرص على اختيارات القيادات التي تتمتع بالمواهب المناسبة، وإنشاء بيئة مناسبة للاتصالات، وموازنة ما ترغب في تحقيقه خلال خطة زمنية محددة سواء لربع عام أو ماذا تريد أن تحققه خلال العشر سنوات المقبلة، ثم العشرين سنة.
ثم النظر إلى جميع أجزاء العملية لمعالجاتها جميعا معا بشكل متواز وفي الوقت نفسه، بدلا من التعامل مع جزء واحد ثم التساؤل بعد ذلك عما هي الخطوة التالية. وقد نظرنا في البداية نظرة شاملة على الاحتمالات الممكنة وبدأنا العمل على عناصر فردية، ولكنك لو نظرت إلى ما تدخلنا به فستجد لنا وجودا في جميع هذه المجالات، سواء في مراحل التدريس الأولى، أو في الجامعات، أو في بناء البنية التحتية.
هذا عدا عن الريادة في فكرة الحكومة الإلكترونية، وفي وضع الإجراءات القانونية اللازمة، وإنشاء البنية التحتية المفتوحة للاتصالات، والتنسيق مع الأطراف المختلفة التي نشترك معها في الأهداف. لقد كان الأردن ملتزما بشكل فريد بالهدف والرؤية والأهداف ذات المدى الطويل، وهو ما جعلنا نختار أن نعمل معه ونحن مطمئنون.
* ما هي رسالتك التي ترغب في توجيهها إلى الحكومات العربية حتى تكون قادرة على اللحاق بالدول المتقدمة تقنيا، وتشجيع شعوبها على الإبداع؟
ـ رسالتي لها هي أنه إن كانت هناك دولة أو منطقة جغرافية قد قادت الثورة في قطاع من القطاعات، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنها ستقود كذلك الثورة التقنية المقبلة. وإذا كانت هناك دولة ترغب في أن تشارك في هذه الثورة فإن عليها أن تقوم بمجموعة من الأمور. أولا، عليها أن تضع نظاما تعليميا صحيحا، وأن تتيحه لجميع فئات الشعب.
الأمر الثاني، هو بناء بنية تحتية مناسبة تساعدها على تحقيق أهدافها في المجالات المختلفة، تماما كما كانت تهتم في البنية التحتية للطرق السريعة والمطارات والموانئ. والثالث، هو خلق بيئة للإبداع في جميع القطاعات.
والرابع، أن تعمل الحكومة على تطبيق ذلك كله. ونحن ملتزمون بالمنطقة ككل وليس بدولة بعينها، لكننا نعمل دائما مع من لديه الاستعداد لأخذ المبادرة والمخاطرة، وهو ما نفعله دائما وبنفس الأسلوب في أي مكان نعمل فيه في العالم. وبالنسبة للعالم العربي فإن نقل تجربتنا في الأردن لدول أخرى سيكون أكثر سهولة بسبب وجود عوامل مشتركة، ولكن على القادة ان يتخذوا قراراتهم في هذا المجال أولا. ونحن ننظر إلى العالم العربي كفرصة جيدة جدا للقيام بالأعمال، كما ننظر إلى حقيقة مهمة، وهي أن 60 في المائة تقريبا من عدد سكانه هم من أعمار أقل من 18 عاما، وهو الأمر الذي يؤثر على المجال الاقتصادي بشكل كبير.
* على الرغم من أنكم تقولون انكم شركة تفكر على مستوى العالم والمنطقة، لم نر حتى الآن أي تعريب لمناهج أكاديمية الشبكة التابع لـ «سيسكو»، هل لديكم خطط في هذا المجال؟
ـ طبعا، بلا شك، ولو لاحظت فنحن لا نخطط لتعريب مناهج الأكاديمية فحسب، بل حتى مناهج مبادرة التعليم الأردنية، حيث بدأ تعريب منهج الرياضيات فيها بالتعاون مع شركاء محليين كشركة «روبيكون» الأردنية، إذا فنحن مهتمون كثيرا في التعريب وملتزمون به.
* على المستوى الشخصي، كيف تستخدم التقنية أنت وأسرتك؟
ـ أولا تحركنا لوصل منزلنا بالإنترنت السريعة عندما توفر لنا ذلك، وأصبحنا نستخدمها ليس لأداء الأعمال والتعليم فحسب بل وللتسلية كذلك. ولدي في منزلي الأول والثاني هواتف بتقنية «بروتوكول الإنترنت» IP telephone منذ مدة، بالإضافة إلى آلات تصوير تتمتع بنفس القدرات، مما يسمح لي بالاتصال بالموظفين عن بعد، كما لدي القدرة على إدارة مكتبي من المنزل، أو من الطائرة، أو أي مكان في العالم.
وكما هو الحال مع معظم الآباء، فإن أطفالي يستطيعون التعامل مع الإنترنت بشكل أفضل مني بكثير. وهو أمر طبيعي إذ يشعرون بالراحة الكاملة عند التعامل معها. ومهما حاولت أن ارفع من مستواي أجدهم يسبقونني في ذلك. وجميعنا نستخدم الإنترنت بشكل مستمر، فزوجتي تتصل مع صديقاتها من خلال الإنترنت، كما أنها تتسوق من خلالها. فقد ساعدتني على إقامة توازن في حياتي بين العمل والالتزامات الأسرية.
* ما هي «سيسكو سيستمز»؟
ـ شركة رائدة عالميا متخصصة في حلول الشبكات الخاصة بالإنترنت وابتكار الشبكات الذكية وتقديم الخدمات الاستشارية.
ـ تأسست عام 1984 في جامعة ستانفورد الأميركية على أيدي مجموعة من المتخصصين في تقنية المعلومات.
ـ برز مهندسوها كرواد في مجال تقنيات شبكات الإنترنت المبنية على بروتوكول .IP ـ يزيد عدد موظفيها حاليا على 34 ألفا موزعين على مختلف دول العالم تمتلك في مركزين للإدارة في دبي وفي القاهرة يشرفان على أعمالها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالإضافة إلى مكاتب أصغر في بعض العواصم العربية وباكستان.
ـ تشارك في العديد من مجالات رعاية الأعمال الإنسانية والاجتماعية والتعليم.
ـ تشتهر بأكاديمية سيسكو للشبكات التي تزود الطلبة في 152 بلدا بالمعلومات والموارد التى يحتاجونها من أجل تصميم شبكات الكومبيوتر وإنشائها وصيانتها.
* من هو جون تشامبرز؟
ـ الرئيس والمدير التنفيذي الأعلى لشركة «سيسكو سيستمز» منذ عام 1995.
ـ انضم إلى الشركة عام 1991 كنائب لرئيس قسم المبيعات العالمية.
ـ أمضى قبل «سيسكو» سبع سنوات في مختبرات شركة «وانغ» وست في «آي بي أم».
ـ حاصل على إجازة في القانون وإدارة الأعمال من جامعة ويست فيرجينيا.
ـ حاز لاحقا شهادة الماجستير في إدارة الأعمال والأموال من جامعة إنديانا.
ـ حصل على عشرات الجوائز الرفيعة التي نالها لتأثيره الكبير فيه قطاع الاتصالات والشبكات.
جون تشامبرز: إذا لم تغير الحكومات من الأسلوب الذي تقوم فيه بتنفيذ أعمالها فسيخيب ظنها في التقنية ونقل تجربتنا في الأردن لدول عربية أخرى سيكون أكثر سهولة
عمان: وليد الأصفر
http://www.asharqalawsat.com/2004/09/28/images/internet.257549.jpg
انفردت «الشرق الأوسط» بلقاء جون تشامبرز، رئيس شركة «سيسكو سيستمز» ومديرها التنفيذي الأعلى، أثناء زيارته الأولى لمنطقة الشرق الأوسط، التي اختار فيها دولة عربية هي الأردن لتكون محط رحاله في هذه الزيارة الفريدة. وعدا عن أن «سيسكو سيستمز» هي واحدة من أهم شركات تقنية المعلومات في العالم وأكثرها احتراما، فإن تشامبرز نفسه هو كذلك واحد من أهم الشخصيات في هذا القطاع.
فعدا عن تواضعه ودماثة أخلاقه، فإنه من القلة الذين يتميزون برؤية استراتيجية بعيدة المدى، وبقدرته على تحريك المبادرات والمشاريع، ولهذا فقد لاقى الكثير من التقدير والتكريم، سواء على مستوى العالم أو في الولايات المتحدة الأميركية نفسها، وبخاصة وأنه استطاع تطوير شركته بحيث زادت نسبة عائداتها السنوية من 1.2 مليار دولار لتصبح 22 مليار دولار خلال عشر سنوات فقط منذ أن تولى قيادتها عام 1995 . وعلى الرغم من الحفاوة البالغة التي استقبل فيها تشامبرز من قبل الحكومة الأردنية والملك عبد الله الثاني نفسه، التي تليق فعلا بكبار المسؤولين السياسيين، إلا أنه فاجأني في بداية لقائي معه في جناحه في الفندق الذي أقام به بلفتة طريفة.
إذ طرق باب الغرفة أحد الأشخاص، فقام أحد موظفي الشركة الذين كانوا معنا أثناء اللقاء ليفتح الباب فوجد أن عاملا قد جاء بقمصان تشامبرز بعد غسيلها وكيها، وعندما أراد هذا الموظف تعليق القمصان في الخزانة، رآه تشامبرز، فانتفض من فوره واقفا وأخذها منه ليقوم هو بنفسه بتعليقها، وعاد ليقول لي «لا أحب أن يقوم أي من العاملين معي بشيء عني أستطيع أن أفعله بنفسي، لقد اعتدت على هذا منذ أن كنت صغيرا وأريد أن أظل كذلك».
* تحتفل «سيسكو سيستمز» هذا العام بعشرين عاما من النمو والإبداع التقني، ما الذي ساعدكم على تحقيق كل هذا النجاح؟
ـ هناك عدة أسباب لهذا النجاح، من بينها اثنان أساسيان، أولهما، أننا شركة نتحرك حسب رغبة زبائننا مائة بالمائة، فهم الذين يخبروننا ماذا نفعل وكيف كان أداؤنا وما الذي يجب أن نفعله في الخطوة التالية.
وثانيهما، هو أننا كنا في المكان والزمان المناسبين، وبالذات مع ظهور الإنترنت الذي يعد محرك التقنية الحديثة والإنتاجية التي كانت وراء التغيرات التي تمت في الأنظمة التعليمية والاتصالات. ونحن محظوظون لكوننا الرواد في ذلك.
فالمهم أن تكون لديك رؤية وهدف ومهمة تريد تحقيقها، تتميز بأنها فريدة وتكون قادرة على دفعك نحو العمل. ونحن نعتقد في «سيسكو سيستمز» بأننا لدينا الفرصة لتغيير الطريقة التي يعمل بها العالم ويعيش وينمو، ولتحقيق ذلك يجب عليك أن تنشئ فرصا مناسبة لتحقيق هذا الهدف، بحيث تكون قادرا على إرضاء زبائنك وحملة أسهم شركتك وموظفيك وشركائك، مع تحديد خطة زمنية لتحقيقها. ويمكنني أن أضيف أمورا أخرى، من بينها أننا نعي تماما التحديات التي تواجهنا جميعا في أعمالنا بشكل مختلف عن الشركات الأخرى، كما أننا نعمل على الاقتراب من حاجات السوق بشكل منتظم، وذلك على ضوء رؤيتنا وهدفنا واستراتيجيتنا ضمن مجموعتنا.
وهناك أمر مهم آخر وهو العمل على جذب الناس لتحقيق هذه الأهداف أو العناصر، فنحن شركة تشجع الإبداع، نعمل كعائلة كبيرة واحدة ونشارك نجاحنا مع موظفينا بشكل متميز.
* أظن أن هذا يشكل نموذجا للشركات العربية التي تريد أن تحقق النجاح؟
ـ طبعا، لأن هذا ما حصل معنا نحن، فعندما بدأنا كشركة صغيرة نظرنا أولا إلى ما سيحقق لنا النجاح. وأود أن أضيف أمرا هاما آخر للشركات العربية التي تريد أن تحقق النجاح، وهي نصيحتي لهم بأن يكون لهم دور في دعم المجتمع، إذ أنه وللأسف فإن هناك العديد من الشركات التي تنسى أن تعطي المجتمع جزءا من أفضاله عليها.
* في أحد تصريحاتك السابقة حول أي من الشركات هي تلك التي تستطيع الصمود أمام التحديات الاقتصادية الحديثة، قلت «من المهم في هذه الأيام العودة إلى الأساسيات كالتركيز على الأمور التي تستطيع فيها أي شركة أن تؤثر»، وحددت أمورا بالغة الأهمية من بينها زيادة الإنتاجية والربحية والإبداع التقني. ألا ترى أن نفس هذه الوصفة تصلح للدول النامية التي ترغب بالتطور؟
ـ هذا أمر أكيد، ولهذا فبعد محاضرتي التي ألقيتها في منتدى الأردن لتقنية المعلومات والاتصالات، أخبرني الكثيرون من رؤساء الشركات والمسؤولين الحكوميين أنهم قد وجدوها مفيدة، وهو مؤشر على أنهم متعطشون للمعلومات التي قد تفيدهم في تطوير مؤسساتهم. ونحن في «سيسكو سيستمز» نسعى دائما للتشارك في الخبرة والمعلومات والاستماع والتعلم من الآخرين حتى من الشركات الزميلة أو الحكومات وتقييم هذه التجارب. ولا شك أن هذا يصلح كنموذج تتعلم منه الشركات الصغيرة. نحن نعمل حسب قاعدة «أحب لغيرك ما تحب لنفسك»، أو «عامل الناس كما تحب أن يعاملوك»، وهو ما نطبقه حتى مع منافسينا.
* أعلنت «سيسكو سيستمز» أنها قد شحنت ملايين من الهواتف التي تعمل بتقنية بروتوكول الإنترنت، وكان الملاحظ أن أكبر كمية من الأجهزة التي نشرت في مناطق الشرق الأوسط وأوروبا وافريقيا كانت في بلدين عربيين هما الإمارات ومصر. فما تعليقك على ذلك؟
ـ قمنا في الواقع بشحن ثلاثة ملايين هاتف تعمل بتقنية بروتوكول الإنترنت IP telephone، فقد شحنا في الربع الأخير فقط أكثر من 474 ألف هاتف، مما يثبت أن الاهتمام بهذه الهواتف يتسارع.
وقد لاحظنا الفرصة الموجودة في العالم العربي، حيث بدأنا نرى إقليما كاملا يهتم بالانتقال السريع إلى الجيل الثاني من المنتجات من دون أن ينظر إلى الماضي ليرى ماذا فعل الآخرون. وعندما ننظر إلى التطورات التي تحصل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وما حصل معنا في الماضي، فإننا نجد أننا كنا محظوظين لنكون في المكان والزمان الصحيحين مرة أخرى.
ولكن ما قد يهم قراؤك معرفته هو ان مجرد الاهتمام بالحصول على تقنية الهواتف التي تدعم بروتوكول الإنترنت لن يكون كافيا وحده لأخذ أي دولة نحو التقدم.
فإذا هي لم تغير من الأسلوب الذي تقوم فيه بتنفيذ أعمالها، سواء في القطاع الخاص أو الحكومي، فسيخيب ظنها في هذه التقنية، إذ عليها أن تقوم بالتغيير على مستوى الطريقة التي تعالج فيها الأمور، وعلى مستوى هيكلية المؤسسات قبل أن يكون التغيير على مستوى التقنية.
* أقامت «سيسكو سيستمز» مع الأردن شراكة لإقامة مجوعة من المشاريع في مجالات مختلفة مثل مبادرة الأردن للتعليم وإقامة مركز «سيسكو» للدعم التقني، ولكن لماذا الأردن؟ وهل شعرتم في أي وقت من الأوقات أن هناك خطر عدم تحقيق أهدافكم بسبب التعامل مع دولة من العالم الثالث؟
ـ لماذا الأردن؟ الطريقة التي ندخل فيها في قطاع أو في موقع جغرافي ما، هي أن نحدد أولا الطاقة الكامنة فيه وفي قيادته، لأننا إذا عملنا معهم بنجاح فإن الآخرين سيتبعوننا. وقد لاحظنا كيف أن ملك الأردن قد حدد استراتيجية واضحة المعالم لبلده قابلة للتطبيق، فعقدنا مع حكومته شراكات في مجالات عديدة تتراوح ما بين الاستثمار في أكاديميات الشبكات، والتصنيع.
أضف إلى ذلك أنهم رفعوا من مستوى النظام التعليمي لديهم، كما شكلوا شراكات ناجحة بين القطاعين العام والخاص، وهي أمور ناسبتنا كثيرا. وقد شاهدنا نفس ما رأيناه في الأردن في حكومات أخرى حول العالم تميزت بالقدرة الكبيرة على فهم الرؤية الصحيحة والحرص على اختيارات القيادات التي تتمتع بالمواهب المناسبة، وإنشاء بيئة مناسبة للاتصالات، وموازنة ما ترغب في تحقيقه خلال خطة زمنية محددة سواء لربع عام أو ماذا تريد أن تحققه خلال العشر سنوات المقبلة، ثم العشرين سنة.
ثم النظر إلى جميع أجزاء العملية لمعالجاتها جميعا معا بشكل متواز وفي الوقت نفسه، بدلا من التعامل مع جزء واحد ثم التساؤل بعد ذلك عما هي الخطوة التالية. وقد نظرنا في البداية نظرة شاملة على الاحتمالات الممكنة وبدأنا العمل على عناصر فردية، ولكنك لو نظرت إلى ما تدخلنا به فستجد لنا وجودا في جميع هذه المجالات، سواء في مراحل التدريس الأولى، أو في الجامعات، أو في بناء البنية التحتية.
هذا عدا عن الريادة في فكرة الحكومة الإلكترونية، وفي وضع الإجراءات القانونية اللازمة، وإنشاء البنية التحتية المفتوحة للاتصالات، والتنسيق مع الأطراف المختلفة التي نشترك معها في الأهداف. لقد كان الأردن ملتزما بشكل فريد بالهدف والرؤية والأهداف ذات المدى الطويل، وهو ما جعلنا نختار أن نعمل معه ونحن مطمئنون.
* ما هي رسالتك التي ترغب في توجيهها إلى الحكومات العربية حتى تكون قادرة على اللحاق بالدول المتقدمة تقنيا، وتشجيع شعوبها على الإبداع؟
ـ رسالتي لها هي أنه إن كانت هناك دولة أو منطقة جغرافية قد قادت الثورة في قطاع من القطاعات، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنها ستقود كذلك الثورة التقنية المقبلة. وإذا كانت هناك دولة ترغب في أن تشارك في هذه الثورة فإن عليها أن تقوم بمجموعة من الأمور. أولا، عليها أن تضع نظاما تعليميا صحيحا، وأن تتيحه لجميع فئات الشعب.
الأمر الثاني، هو بناء بنية تحتية مناسبة تساعدها على تحقيق أهدافها في المجالات المختلفة، تماما كما كانت تهتم في البنية التحتية للطرق السريعة والمطارات والموانئ. والثالث، هو خلق بيئة للإبداع في جميع القطاعات.
والرابع، أن تعمل الحكومة على تطبيق ذلك كله. ونحن ملتزمون بالمنطقة ككل وليس بدولة بعينها، لكننا نعمل دائما مع من لديه الاستعداد لأخذ المبادرة والمخاطرة، وهو ما نفعله دائما وبنفس الأسلوب في أي مكان نعمل فيه في العالم. وبالنسبة للعالم العربي فإن نقل تجربتنا في الأردن لدول أخرى سيكون أكثر سهولة بسبب وجود عوامل مشتركة، ولكن على القادة ان يتخذوا قراراتهم في هذا المجال أولا. ونحن ننظر إلى العالم العربي كفرصة جيدة جدا للقيام بالأعمال، كما ننظر إلى حقيقة مهمة، وهي أن 60 في المائة تقريبا من عدد سكانه هم من أعمار أقل من 18 عاما، وهو الأمر الذي يؤثر على المجال الاقتصادي بشكل كبير.
* على الرغم من أنكم تقولون انكم شركة تفكر على مستوى العالم والمنطقة، لم نر حتى الآن أي تعريب لمناهج أكاديمية الشبكة التابع لـ «سيسكو»، هل لديكم خطط في هذا المجال؟
ـ طبعا، بلا شك، ولو لاحظت فنحن لا نخطط لتعريب مناهج الأكاديمية فحسب، بل حتى مناهج مبادرة التعليم الأردنية، حيث بدأ تعريب منهج الرياضيات فيها بالتعاون مع شركاء محليين كشركة «روبيكون» الأردنية، إذا فنحن مهتمون كثيرا في التعريب وملتزمون به.
* على المستوى الشخصي، كيف تستخدم التقنية أنت وأسرتك؟
ـ أولا تحركنا لوصل منزلنا بالإنترنت السريعة عندما توفر لنا ذلك، وأصبحنا نستخدمها ليس لأداء الأعمال والتعليم فحسب بل وللتسلية كذلك. ولدي في منزلي الأول والثاني هواتف بتقنية «بروتوكول الإنترنت» IP telephone منذ مدة، بالإضافة إلى آلات تصوير تتمتع بنفس القدرات، مما يسمح لي بالاتصال بالموظفين عن بعد، كما لدي القدرة على إدارة مكتبي من المنزل، أو من الطائرة، أو أي مكان في العالم.
وكما هو الحال مع معظم الآباء، فإن أطفالي يستطيعون التعامل مع الإنترنت بشكل أفضل مني بكثير. وهو أمر طبيعي إذ يشعرون بالراحة الكاملة عند التعامل معها. ومهما حاولت أن ارفع من مستواي أجدهم يسبقونني في ذلك. وجميعنا نستخدم الإنترنت بشكل مستمر، فزوجتي تتصل مع صديقاتها من خلال الإنترنت، كما أنها تتسوق من خلالها. فقد ساعدتني على إقامة توازن في حياتي بين العمل والالتزامات الأسرية.
* ما هي «سيسكو سيستمز»؟
ـ شركة رائدة عالميا متخصصة في حلول الشبكات الخاصة بالإنترنت وابتكار الشبكات الذكية وتقديم الخدمات الاستشارية.
ـ تأسست عام 1984 في جامعة ستانفورد الأميركية على أيدي مجموعة من المتخصصين في تقنية المعلومات.
ـ برز مهندسوها كرواد في مجال تقنيات شبكات الإنترنت المبنية على بروتوكول .IP ـ يزيد عدد موظفيها حاليا على 34 ألفا موزعين على مختلف دول العالم تمتلك في مركزين للإدارة في دبي وفي القاهرة يشرفان على أعمالها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالإضافة إلى مكاتب أصغر في بعض العواصم العربية وباكستان.
ـ تشارك في العديد من مجالات رعاية الأعمال الإنسانية والاجتماعية والتعليم.
ـ تشتهر بأكاديمية سيسكو للشبكات التي تزود الطلبة في 152 بلدا بالمعلومات والموارد التى يحتاجونها من أجل تصميم شبكات الكومبيوتر وإنشائها وصيانتها.
* من هو جون تشامبرز؟
ـ الرئيس والمدير التنفيذي الأعلى لشركة «سيسكو سيستمز» منذ عام 1995.
ـ انضم إلى الشركة عام 1991 كنائب لرئيس قسم المبيعات العالمية.
ـ أمضى قبل «سيسكو» سبع سنوات في مختبرات شركة «وانغ» وست في «آي بي أم».
ـ حاصل على إجازة في القانون وإدارة الأعمال من جامعة ويست فيرجينيا.
ـ حاز لاحقا شهادة الماجستير في إدارة الأعمال والأموال من جامعة إنديانا.
ـ حصل على عشرات الجوائز الرفيعة التي نالها لتأثيره الكبير فيه قطاع الاتصالات والشبكات.