المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوساوس القهرية ... أفكار وخيالات لا يستطيع المرضى إيقافها وغالباً ما تكون ذات طابع ديني !



2005ليلى
08-07-2010, 12:34 AM
قد تأتي على صورة أفعال مُكرّرة دون إرادة وأكثر ما تحدث في مواضيع تخص النظافة



http://www.alriyadh.com/2010/08/06/img/318886780032.jpg
اضطراب الوسواس القهري أكثر بكثير مما كان يتوقع الأطباء النفسيون


د.ابراهيم بن حسن الخضير


سنتكلم اليوم عن اضطراب نفسي معروف وينتشر بكثرة في مجتمعاتنا ، وتُشير الدراسات إلى أن اضطراب الوسواس القهري ، برغم أنه كان يُقال في السابق بأنه نادر إلا أنه مع مرور الوقت تبين بأن هذا الاضطراب أكثر بكثير مما كان يتوقع الأطباء النفسيون ، فقد قالت دراسات في الثمانينيات من القرن الماضي بأن نسبة الإصابة به تصل إلى 2% ولكن مع مرور الوقت وفي بداية القرن الحادي والعشرين ، أشارت الدراسات إلى أن نسبة الاصابة باضطراب الوسواس القهري قد تصل في بعض المجتمعات إلى 5% ، وهذه نسبة عالية بكل المقاييس العالمية.


لكن ماهو هذا الاضطراب الذي يخلط الكثير في معرفته وفهم أعراضه؟

اضطراب الوسواس القهري ، اضطراب عُصابي ( أي ليس ذُهانياً ) إلا أنه برغم ذلك وضعته منظمة الصحة العالمية بأنه أحد الاضطرابات النفسية والعقلية الخمسة التي تُسبب الإعاقة بين الشباب من عمر 18 إلى 45 عاماً.

يبدأ اضطراب الوسواس القهري في فترة المراهقة أو بداية سن العشرين ( هناك نسبة لابأس بها بين الأطفال ، ولكن هذا ليس موضوعنا اليوم) ، ولكنْ يتأخر المصابون بهذا الاضطراب في الذهاب إلى الجهات النفسية وطلب العلاج. ووجدت دراسة في بريطانيا بأن المرضى باضطراب الوسواس القهري يتأخرون بمُعدل 12 عاماً من بدء الاضطراب حتى الوصول إلى الجهات النفسية المختصة بعلاج مثل هذه الاضطرابات.







http://www.alriyadh.com/2010/08/06/img/616882702891.jpg


قد يتعلق بأمور النظافة







اضطراب الوسواس القهري ، كثير من عامة الناس يخلطون بين الوسواس القهري و الهلاوس ؛ خاصةً الهلاوس السمعية. وكثيراً ما نسمع من بعض العامة بأنه مريض يُهلوس ، يقول أهله أو أقاربه أو حتى أصدقاؤه بأنه يُعاني من وسواس ، ويعنون بذلك بأن المريض يُعاني من هلاوس ، وهناك فرقٌ كبير بين الوسواس القهري وبين الهلاوس السمعية ، إذ أن الهلاوس هي أعراض لاضطرابات ذهانية عقلية ، من أشهرها مرض الفُصام الذي تحدثنا عنه في العدد السابق.


ماهي أعراض الوسواس القهري:


الوسواس القهري ينقسم إلى قسمين رئيسيين هما ؛ الوساوس ، والأفعال القهرية.
أولاً : الوساوس ، ولهذه الوساوس عدة أوجه ، فيأتي عبارة عن أفكار ، تأتي للمريض رغماً عنه ، وتكون أفكارا سخيفة ، كما يصفها المريض ولايستطيع إيقافها ، ويعترف بأنها أفكاره هو وليس أفكار مُدخلة إلى دماغه من قِبل جهات أو أشخاص آخرين. غالباً ما يكون طابع هذه الأفكار ، دينية ؛ مثل أن يشك المريض بثوابت دينية لا نقاش حولها ، مثل أفكار عن الذات الالهية ، ويشعر المريض إزاء هذه الأفكار بتأنيب الضمير ومن جراء ذلك يُصاب مثل هؤلاء المرضى بالاكتئاب ، ويُصبح في حالةٍ مُزرية.

كانت لديّ مريضة تتأتاها أفكار عن الذات الالهية ، وكانت تشعر بتأنيب ضمير كبير لدرجة أنها أُصيبت باكتئاب شديد ، وفقدان الشهية للطعام ، مما استدعى إدخالها إلى مستشفى لإعطائها تغذية. هذه المريضة التي أُصيبت باكتئاب شديد وتأنيب ضمير ، لأنها تُفكّر بطريقة غير جيدة عن الذات الالهية ، وتعويضاً عن هذا التفكير المرضي ، الذي يأتيها رغماً عنها ، وهو مرض لا دور لها فيه ، فإنها تقوم بالصلاة طوال الوقت قبل أن تُصبح غير قادرة على القيام بأي عمل نتيجة الإجهاد الذي حدث لها نتيجة عدم تناولها للطعام وأعراض الاكتئاب الآخرى واضطرارها للدخول للمستشفى لتلقي العلاج.

شخص آخر كان يُعاني من أفكار عن المعتقدات الدينية وهل المسلمون على حق أم بعض الديانات الاخرى؟ وبعد ذلك أصبحت تأتيه الأفكار عن هل أهل السنة على حق أم بعض الطوائف والمذاهب الآخرى على حق؟ وأثّر عليه هذا الأمر ، وجعله يترك دراسته الجامعية وينعزل عن مخالطة الناس ، وأصبح مُكتئباً لا يذهب للصلاة ولا يقوم بأي عمل نتيجة هذه الأفكار المُزعجة التي يُعاني منها كثير من الناس ، وهي أفكار وسواسية قهرية.







http://www.alriyadh.com/2010/08/06/img/268179752047.jpg


لا يستطيع إيقافها







للأسف فإن علاج الأفكار الوسواسية القهرية ، من الأمور الصعبة ، وتحتاج إلى تزاوج العلاج الدوائي مع العلاج النفسي الذي يلعب دوراً مهماً في علاج مرض الوسواس القهري ، خاصةً العلاج السلوكي- المعرفي.

بالإضافة إلى الأفكار الدينية التي يُعاني منها مرضى الوساوس القهرية ، فإن هناك أفكارا آخرى مثل الأفكار الخاصة بالعنف.

تأتي أفكار بالعنف للمرضى الذين يُعانون من أفكار وسواسية قهرية ، مثلا يتخيل الشخص أن أحد أقاربه المُقربين يتعرض للضرب المُبرح أو التعّرض لأذى بدني كبير.

كانت سيدة تأتيها أفكار بأن ابنها الأوسط ، والذي في مرحلة المراهقة يتعرّض دائماً للضرب من قِبل زملائه في المدرسة ، وعندما سألتها لماذا هذا الابن بالذات؟

أجابت بأنه شاب ضعيف الشخصية ، وكذلك لا يستطيع الدفاع عن نفسه ، لذلك دائماً تفكّر به وهو وسط مجموعة من الشباب يضربونه بشدة. وعندما قالت ذلك إنهارت باكية ، حيث عادت إليها أفكار عن ابنها ، وقالت بأن هذه الأفكار تؤلمها كثيراً.

بالإضافة إلى الأفكار الدينية والخاصة بالعنف هناك أيضاً أفكار جنسية بغيضة تأتي لأشخاص وتُزعجهم وتُسبب لهم مشاكل ، وهي أفكار تجعل هؤلاء الأشخاص يشعرون بتأنيب الضمير ، والذنب من هذه الأفكار الجنسية التي تأتي رغما عنهم ، وهي جزء من هذا الاضطراب ، ولا يجب على الشخص الذي يُعاني من مثل هذه الأفكار أن يشعر بالذنب أو بأنه ارتكب خطيئة فهذه جزء من مرض وليس عليه وزر في مثل هذه الأفكار حتى وإن كانت بشعة ومُقززة وتُسبب له الكثير من الإحراج والإزعاج.







http://www.alriyadh.com/2010/08/06/img/074313262795.jpg

أفكار تأتي للمريض رغماً عنه






الخيالات تختلف عن الأفكار


ثانياً: الخيالات ، وتختلف الخيالات عن الأفكار بأن الخيالات صور يراها الشخص داخل رأسه ، وليست فقط أفكارا لوحدها. وتتكرر كثير من الأفكار عن طريق الخيالات. فكثير من الخيالات تأتي للشخص الذي يُعاني من اضطراب الوسواس القهري ، حيثُ يُعاني الشخص من صور مُزعجة تقتحم مُخيلته ، وغالباً ما تكون نفس الأفكار تأتي على طريق خيالات ؛ أي أن الخيالات هي خيالات دينية وعنف وخيالات جنسية. لكن كما شرحنا فإنها هنا تأتي هذه على شكل صور خيالية.

يتخيّل بعض الأشخاص الذين يُعانون من اضطراب الوسواس القهري أموراً دينية بصورة خيالات تُثير الانزعاج لدى هؤلاء الأشخاص وتُشعرهم بالذنب وتأنيب الضمير لأن هذه الخيالات الدينية غالباً ما تكون غير جيدة. وبالإضافة إلى الخيالات الدينية فإن هناك تأتي خيالات عنف وخيالات جنس تُير القلق واكتئابا عند الأشخاص الذين يُعانون من هذه الخيالات المرضية الخاصة بمرضى الوسواس القهري.

ثالثاً : الأفعال القهرية

هي أفعال مُكررة يقوم بها الشخص دون إرادة بشكلٍ قهري. وأكثر ما تحدث هذه الأمور في مواضيع تخص النظافة. كثيرا ما يشعر الأشخاص الذين يُعانون من اضطراب الوسواس القهري ، بعدم النظافة ويُكررون الغسيل عدة مرات قد تصل إلى أكثر من خمسين مرةٍ وفي بعض الأحيان أكثر من ذلك وأحياناً آخرى أقل من ذلك. وأكثر مايكون ذلك في الأمور الدينية ، مثل الوضوء.
كانت لديّ مريضة تبدأ للوضوء لصلاة الظهر ، وكلما انتهت من الوضوء اعادته حتى يدخل وقت صلاة العصر وهي لم تنته من وضوئها لصلاة الظهر. هذه السيدة عندها هاجس النظافة ، خاصةً في ما يتعلق بالأمور الدينية. فمثلاً لديها ملابس خاصة للصلاة ، لأنها تعتقد بأن الملابس التي ترتديها ليست طاهرة بما فيه الكفاية فهي لا تُصلي بها. كذلك خصصت غرفة خاصة وضعت فيها السجادة لتُصلي عليها وكذلك ملابسها التي تُصلي بها. هذا الأمر قاد أبناءها إلى أن يقلدونها في سلوكياتها هذه والتي حاولت ألا تنقلها لهم ، لكن نظرية التعّلم أخذت طريقها ، وأصبح الأبناء يُعانون من نفس الاضطراب.

شاب آخر كان يُعاني من الشعور دائماً بأن ملابسه الداخلية غير نظيفة ، لذلك يضطر لتغيير ملابسه الداخلية عند كل صلاة ، وكذلك كان وضعه عند الاغتسال ، فهو لا يكتفي بالصورة العادية للاغتسال ولكن يعاود الاغتسال عدة مرات ، ويخرج وهو غير مُقتنع بأنه أصبح طاهراً ، ولذلك يتردد في الصلاة بعد كل اغتسال.







http://www.alriyadh.com/2010/08/06/img/678801188312.jpg


المرض يجعل الإنسان في دوامة هل نظف يده أم بقي فيها الوسخ







الذين يُعانون من الوسواس القهري يقومون بتكرار الغسيل لمناطق الجسد التي يعتقدون لدرجة قد تضر بالاجزاء التي يغسلونها بكثرة ، مثلاً تجد ايادي مثل هؤلاء الأشخاص جافة ومتقرحة من كثرة الغسيل ، وكذلك قد تكون بقية أجزاء الجسم تُعاني من نفس التقّرح والجفاف.

بالإضافة إلى النظافة ، هناك وجود عدم التأكد من فعل الأشياء ، مثل أن يشعر الشخص دوماً بأنه لم يُغلق الباب أو يُطفئ الأنوار أو فصل الكهرباء عن جهاز الكي أو إطفاء النار في المطبخ ، لذلك يتردد كثيراً من يُعاني من هذا الاضطراب على الباب الخارجي للمنزل أو العمل وبعضهم لا يستطيع الخروج إلا إذا كان هناك شخص آخر بعده يُغلق باب المنزل.