المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وزير الدفاع السوري الأسبق يروي تفاصيل محاولة انقلاب رفعت الأسد على شقيقه حافظ عام 1984



فاطمي
08-03-2010, 01:07 AM
(2 من 2) 02/08/2010

مصطفى طلاس لـ"السياسة": التحالف السوري - الإيراني سوف يحرر فلسطين


رفعت طبّق نظرية صديقه عرفات في الاحتماء بالمدنيين
حافظ الأسد أدار الأزمة مع شقيقه بحكمة بالغة
مكتبي تحول الى غرفة عمليات لإحباط انقلاب رفعت الأسد
حافظ الأسد كان يحب الضحك وابن نكتة وصداقتنا دامت حتى اللحظة الأخيرة من حياته
عبدالحليم خدام أراد فترة انتقالية بعد حافظ فقلت له بحسم "السلطة لبشار"
الوحدة مع مصر كانت ضرورية وعبدالناصر كان رمزاً للعروبة
حققنا الانتصار العظيم في أكتوبر عام 1973 بالتخطيط الجيد
عامر كان يدخن الحشيش ويدمن الفرجة على السينما لكنه كان رجلاً شهماً


حوار - سامي كمال الدين:

في الحلقة الثانية من حديث الذكريات لوزير الدفاع السوري الأسبق العماد اول مصطفى طلاس يكشف فيها عن حقيقة الانقلاب الذي قاده العقيد رفعت الأسد ضد شقيقه الرئيس حافظ الأسد, ودور طلاس في احباطه.

كما تحدث عن الدور الذي لعبه المشير عبدالحكيم عامر تجاه الوحدة المصرية - السورية, مستكملا بعض اللمحات الانسانية والعملية التي عاشها على النحو التالي:
ما دورك الحقيقي في احباط عملية الانقلاب التي قادها رفعت الأسد ضد شقيقه الرئيس حافظ الأسد?

بدأت الحكاية عام 1984 عندما كنت ذاهباً كالعادة الى مكتبي في القيادة العامة, وحين اقتربت من حديقة الجاحظ لفتت انتباهي صوراً عدة ملصقة على الجدران لشقيق الرئيس حافظ الأسد, "العميد رفعت الأسد", وكان يرفع يده في الصور دليلاً على القوة, وأدركت أن الرئيس سيتضايق أيضاً من هذه الصور, وقد تضايق بالفعل عندما أبلغته بالأمر, وكان الرئيس الأسد هو الشخص الوحيد الذي يتابع الموضوعات الأمنية داخل الوحدة 569 "سرايا الدفاع" وبعد شد وجذب لمدة ثلاثة اشهر قرر رفعت الأسد المواجهة, وكما ذكرت أن الرئيس الأسد كان الشخص الوحيد الذي يمسك الخيوط الأمنية في سرايا الدفاع, وعندما تأكد أن شقيقه تخطى كل الحواجز وأنه قد رفع الجاهزية القتالية في سرايا الدفاع منذ أسبوع, في الساعة الثانية الا الربع من صباح 25/ 2/ 1984 هاتفني الرئيس الأسد في من¯زلي وأعطاني الأمر بأن ارتدي زيي العسكري وأتوجه مباشرة الى مكتبي في القيادة العامة, وأن استنفر التشكيلات الضاربة والقريبة من دمشق وارفع درجة استعدادها القتالي الى الكامل, وذلك لأن العميد رفعت الأسد قام باستنفار سرايا الدفاع بالكامل وهو الآن يعد عدته لكي يسيطر على دمشق, ومن هنا قررت أن اتخذ جميع الاجراءات لاحباط مخططه.

وصلت الى مبنى القيادة العامة في زيي العسكري عند الساعة الثانية وخمس دقائق واستنفرت لواء الصواريخ المحمولة على الدبابات اللواء 65 المضاد للدبابات, وكان يقوده العميد علي هرمز والوحدة 549 "سرايا الصراع ضد الدبابات", وكان يقوده العميد عدنان الأسد - ابن شقيق السيد الرئيس -, واستنفرت قائد الفرقة الأولى اللواء ابراهيم صافي واللواء شفيق فياض قائد الفرقة الثالثة والعميد علي حبيب قائد الفرقة السابعة واللواء عدنان بدر الحسن قائد الفرقة التاسعة, وقد تم هذا الاجراء في خمس دقائق, وبعد ذلك وصل الى مكتبي اللواء علي دوبا واللواء محمد الخولي وقالا لي إن الرئيس الأسد وضعنا تحت تصرفك لكي ننجز المهمة, فطلبت منهما استنفار الوحدات القريبة من دمشق, وتحول مكتبي الى غرفة عمليات, وتم استنفار بقية ألوية الصواريخ والدفاع الجوي وألوية مدفعية الاحتياط للقيادة العامة وسرايا المهام الخاصة في شعبة المخابرات وسرايا الشرطة العسكرية ومفارز مخابرات القوى الجوية, وكان الرئيس الأسد يتابع الوضع معي, وحاولت اقناع الرئيس الأسد بأن يخلد الى الراحة وينام, حيث ظلت اتصالاته معي حتى السابعة صباحاً, وقلت له ضاحكاً " بقي (....) لم نستنفره بعد", فقال ضاحكاً: "لأنه معنا, الله يعطيك العافية".

لقد طلبت اليه أن يستريح لأنه أجرى معي ما يزيد على مئة اتصال هاتفي ولو أنني استخدمت آلة تسجيل لحصلت على وثيقة نادرة تبرهن على مدى قوة واتساع ذاكرة الرئيس الأسد.

ما أهم ما احتوته هذه المكالمات?

كلها مكالمات مهمة, لكنني في احدى هذه المكالمات قلت للرئيس: صحيح أننا غيرنا قائد كتيبة الحراسة لكننا لا نعرف الألغام التي وضعها رفعت في الكتيبة, كما أن حراسة القيادة القطرية "1" القريبة من مبنى القيادة العامة وهي من سرايا الدفاع, ولذلك فان أمننا القريب لا يوحي بالاطمئنان فهل تسمح لي بأن أنقل فوجاً من الوحدات الخاصة ليكون احتياطياً قريباً في يدي, فرد الرئيس: هل تستطيع ذلك دون أن تخبر اللواء علي حيدر, وكان الرئيس الأسد يعلم بأن هناك تنسيقاً كاملاً بين شقيقه رفعت وعلي حيدر, فأجبته بمقدرتي على ذلك, ولما سألني أي فوج مغاوير سوف تحضر من لبنان? أجبته: الفوج "35" الذي يقوده العميد صبحي الطيب ورئيس أركانه العقيد محسن سليمان, فأجاب: أشك في أنك سوف تنجح في هذه المهمة ! قلت له: أنا على يقين من النجاح طالما أنني مغطى بأوامرك, وهنا طلب مني الرئيس أن استخدم صلاحياتي المطلقة في هذا المجال.

في الساعة الخامسة قام بالاتصال بي اللواء على حيدر من مقره في معسكرات القابون وأبلغني بأن المعلومات مؤكدة بأن سرايا الدفاع بدأت تتحرك باتجاه دمشق, وبعد لحظات اتصل بي العميد عدنان الأسد "قائد سرايا الصراع ضد الدبابات" وقال ان سرايا الدفاع تحركت باتجاه دمشق وأنه يراها من معسكر المعظمية بالعين المجردة, وأعلمت كمائن المخابرات العسكرية المنتشرة على محاور الطرق المتجهة الى دمشق بهذا التحرك, وأعلمت الرئيس الأسد بالأمر, وفوجئت بالرئيس الأسد يهاتفني ليخبرني بأن رفعت أخبره بأن هذه المعلومات غير صحيحة, فأكدت على الرئيس الأسد بأني على يقين كامل بأن العميد رفعت قد أمر عناصره بالتحرك, وهو يخبرك بذلك من اجل أن يكسب بعضاً من الوقت, ثم قال لي الرئيس بأنه سوف يتصل بي ليخبرني تطورات الموقف, لكن بعد 5 دقائق اتصل بي العميد عدنان مخلوف قائد الحرس الجمهوري وقال لي ان السيد الرئيس توجه بمفرده الى مقر شقيقه رفعت الأسد في ضواحي المزة وأعطاني أمرا بأنه اذا لم يعد بعد ساعة من الآن أخبرك بأن تنفذ الخطة, وطلب مني ألا أعطي أي أمر لقادة الفرق الا اذا كان صادراً عن العماد مصطفى طلاس.

كانت هذه الساعة تساوي دهراً بالنسبة لنا, عشنا فيها على أعصابنا, كان العميد رفعت الأسد يطبق تكتيكات صديقه ياسر عرفات, اذ من عادة عرفات أن يخبيء نفسه بين المدنيين حتى لا تطاله الضربة مباشرة.

قبل خمس دقائق من مرور الساعة تمكن الأسد بحكمته من أن يحل الأزمة, وتم سحب الدبابات من المواقع التي وصلت اليها في جنوب وشمال دمشق.

فقد اتفق الرئيس الأسد مع شقيقه رفعت بأن ينتظره في نهاية طريق أوتستراد المزة, ومن هذه النقطة توجها الى الطريق المحلق الذي يؤدي الى المطار والى دوار كفر سوسة, وفي دوار كفر سوسة ترجل الرئيس وشقيقه وقال له: أنظر بعينيك الى الدبابات التي كنت تزعم أنها لم تتحرك, وطلب الرئيس الأسد الى قائد السرية الملازم أول معين بدران أن يعيد الدبابات الى مكان تمركزها, لكن قائد السرية لم ينفذ الأمر, وسعد رفعت بهذا الموقف لكي يوحي لشقيقه بأن الأمور خرجت من يده, وهنا خرج الرئيس الأسد عن هدوئه المعتاد وقال لقائد السرية بصوت مرتفع ومرعب:

قلت لك أرجع الدبابات يعني أرجع الدبابات الى أماكنها فوراً, وهنا صعد العميد رفعت بحركة مسرحية على ظهر الدبابة وصفع الملازم معين على وجهه قائلاً له: نفذ أوامر سيادة الرئيس, هل أنت أطرش لا تسمع وبعدها أرسل العميد رفعت بعد ذلك عشرين ألف ليرة "نحو خمسة آلاف دولار وقتها" للملازم معين اعتذاراً عن الصفعة التي صفعها له, وحين مات هذا الضابط بعد سبع سنوات رثاه العميد رفعت بكتاب يدل على عمق ارتباطه به.

ثم عاد الرئيس الأسد الى بيته وعاد العميد رفعت الى مقر القيادة وانتهت الأزمة بحكمة الرئيس الأسد.

الوحدة المصرية السورية

هل كانت الوحدة المصرية - السورية أمراً ضرورياً?

نعم كانت ضرورية ومهمة, لقد واجهت سورية ضغوط عدة من جوانب عدة لافساد هذه الوحدة والتنازل عنها أو عدم اتمامها منذ البداية. ثم أننا كنا نرى في جمال عبد الناصر أسطورة ورمزاً عروبياً نادراً فرحنا كثيراً بتحقيقه فيه ووجوده بيننا, لقد ذكر جمال عبد الناصر 17 مرة كلمة " القومية العربية " في خطابه الخاص بتأميم قناة السويس.

اذن كيف ترى هذا الفشل الذريع الذي منيت به العلاقات مع سورية?

لقد كان المشير عبد الحكيم عامر أحد الأسباب لفشل الوحدة المصرية - السورية, فقد كان يعيش حالة دائمة من الحذر, وكان يدخن الحشيش ويجلس أمام شاشة أفلام سينمائية خاصة به لأربع ساعات كل يوم, ولم يكن عبد الحكيم عامر الرجل المناسب في المكان المناسب, مع أنه كان رجلاً شهماً يحل كل المشكلات الخاصة بالناس ويساعدهم.

كنت نائباً لرئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش والقوات المصرية السورية في 20/ 8/ 1973 ولهذا المجلس قرارات مهمة أدت الى الانتصار في حرب 1973.. كيف ترى حال هذا المجلس?
خصصنا هذا المجلس لتحقيق الانتصار العربي, لذا كنا نلتقي كل ثلاثة أشهر مرة مع رفاقنا وكنا نجتمع في بعض الأحيان في مصر وفي أحيان أخرى في سورية, وكان تخطيطنا ناجحاً لأننا اتحدنا بجد وبصدق واتفقنا على النجاح والولاء للوطن العربي فقط وهو ما وحدنا وجعلنا نوجه ضربات متتالية الى اسرائيل ونحقق مثل هذا الانتصار العظيم في أكتوبر عام .1973

الرئيس حافظ الأسد

بعيداً عن انقلاب رفعت الأسد على شقيقه حافظ ما ذكرياتك مع الرئيس الراحل حافظ الأسد?
عرفت في الرئيس الراحل حافظ الأسد " الانسان " الذي كان ابن نكتة وكان يضحك من كل قلبه, وكنت أروي له الكثير من النكات التي كانت تضحكه, وكنت معه في دورة واحدة في سلاح الطيران في بداية حياتنا, وانتقلنا معاً الى المدرعات, وكنت رئيساً للأركان وكان الرئيس الأسد وزيراً للدفاع, لذا دامت بيننا الصداقة والحب حتى آخر لحظة في حياته.

ومازلت أذكر مقولته ذات يوم " اذا كان أحدكم يعتقد أنه اذا تسلم منصباً وزارياً أو حزبياً يكون أقرب لي من مصطفى طلاس, فهو مخطئ, ذلك أن مصطفى طلاس أحد أعمدة النظام, بل حارس هذا النظام ".

وماذا عن موسوعتك عن حافظ الأسد التي صرحت اكثر من مرة بأنك تقوم بتأليفها?
الموسوعة جاهزة للطبع, حيث نقوم بطبعها في بيروت والموسوعة تشمل مراحل حياة السيد الرئيس حافظ الأسد ونضاله وتاريخه العظيم بداية من طفولته وحتى رحيله, وفيها معلومات جديدة وجيدة عن حياة السيد الرئيس, حيث تصدر في ثلاثة مجلدات.

سمعت أن الموسوعة تحتوي جزءا عن عبد الحليم خدام?

نعم فيها ذلك, فهذا الرجل الذي لم يستقبل أخيه " أبو فواز " لمدة سبعة عشر عاماً, وكان أخوه " أبو فواز " يأتي اليَ ويقضي أعماله عندي, فكيف يمكن أن نحترم أو نصدق شخصاً بهذا الشكل?!

وبعد رحيل السيد الرئيس حاول عبد الحليم خدام أن تكون هناك فترة انتقالية, فقلت له لن يحدث مثل هذا الأمر, وأنا المكلف بهذه المسألة, وقلت له السلطة لبشار الأسد, لكنني لن أتطرق كثيراً لعبد الحليم خدام في هذه الموسوعة.

انني أحاول من خلال هذه الموسوعة استعادة حضور حافظ الأسد, ودائماً ما يأتيني في أحلامي, وكثيراً ما أرى السيد الرئيس و " أم فراس " يتحاوران ويتناقشان, فقد كان يحترمها كثيراً رحمها الله.

أين كنت وقت رحيل حافظ الأسد?

في الساعة الثانية والربع بعد الظهر اتصل العقيد ماهر الأسد بابني مناف وقال له: الآن عرفت لماذا كان أبي يحب أبيك, فسأله مناف: لماذا? فقال له: أبوك يخطط ويملي ولم يعترض أحد, كلهم موافقون على ما يمليه أبوك, فحين عرفت برحيله عقدت اجتماعاً فورياً مع أركان الدولة كلها, من الساعة الحادية عشرة وحتى الثانية ظهراً وأتممت كل الاجراءات.

سورية وايران

كيف ترى تطور العلاقات السورية - الايرانية?

ايران دولة صديقة, لمحمود احمدي نجاد موقف مشرف من القضية العربية وفلسطين, كما أن الامام الخميني كان مع القضية الفلسطينية, لذلك نسعد بهذا التحالف السوري - الايراني الذي سيجعل اسرائيل تعيد حساباتها, وأعتقد أن هذا التحالف سوف يحرر فلسطين.

كيف ترى دور السيد حسن نصر الله?

السيد حسن نصر الله صاحب رؤية ستراتيجية بعيدة المدى, هو ليس رجل دين فقط ولكنه مخطط عسكري عظيم, وله تكتيكات رائعة يشهد بها ما حققه في حرب تموز (يوليو) عام 2006 حيث أكدت هذه الحرب أن ل¯"حزب الله" مصداقية كبيرة, وتربطني علاقة وثيقة بالسيد حسن نصر الله, حيث أقوم بزيارته أنا وأولادي في بيروت ونتناول الغداء معه, وكان يزور بيتنا و قد أهدته " أم فراس " كل مالديها من ذهب وقالت له: أنت تستحق مادمت أنت الذي تقاتل, وعليك التزامات.. ونحن نحب حسن نصر الله بصدق كما يدافع هو عن فلسطين والعروبة بصدق.