جمال
08-02-2010, 07:00 AM
يوم الغزو.. ثاني أخطر قرارين
كتب وفيق السامرائي :
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Authors/19bf8a8a-7cca-4cf6-9475-11c1a7fb9623_author.jpg
وفيق السامرائي
عشرون عاما مضت على الغزو العراقي للكويت. وكنت كلما أسميه «اجتياح الكويت» يقابل بشكوك حول المفردة التي أقصد بها تعبيرا وفق اللغة العسكرية. ومهما كانت التسمية، فإن قرار الغزو كان أحد أخطر قرارين في تاريخ الحروب. فعندما قرر هتلر اجتياح الأراضي الروسية كتب على نفسه الهزيمة. لأنه تعدى حدود قدرات بلاده الاستراتيجية، وفتح جبهة واسعة تتطلب قدرات ضخمة.
قبل عشرين عاما كنت في مكتبي المختص بشؤون أخرى، لا صلة لها بالدول العربية، وفجأة دخل المكتب ضابط كبير مناديا: سيدي افتح الراديو. فقلت ماذا حدث؟ قال دخل الجيش الكويت! ولله أشهد أنه لم يكن لي علم بذلك، فاختصاصي كان هو ذاته الذي يشغل العالم اليوم. وكل ما كان متاحا من المعرفة لا يتعدى التصعيد السياسي المعلن، وحشد قوات من الحرس الجنوبي لأغراض تدريبية أو مناورة ضغط.
وفي تلك اللحظات تركت المكتب خشية المراقبة، وأردت أن أنفس عن نفسي حالة احتقان من ذلك القرار، فالتحق بي ضابطان كبيران. فقلت لهما إنها بداية النهاية وسيكون الرد أخطر كثيرا مما يراه السياسيون. فوقع الذي وقع.
وأشهد لله أننا حاولنا ضمن حدود الممكن دفع القيادة السياسية بشكل وآخر وبين فترة وأخرى إلى الانسحاب، وكثير من الضباط اعتبروا موقفي مجازفة شخصية. وأستطيع القول إن قادة الجيش كانوا براء مما وقع ولحق، عدا ما يعد استثناء لا اعرفه.
لقد شاركت أنظمة عراقية في تعميق مشاعر العراقيين بعائدية الكويت إلى العراق. ولا تزال بقايا مثل هذه المشاعر موجودة حتى الآن. لذا، فإن الأنظمة والأحزاب والمنظمات المعنية تتحمل مسؤولية نسبية في ما حدث يوم الغزو وما تبعه. بيد أن المسؤولية الكبرى تتحملها قيادة النظام الذي كان قائما.
كل ما قيل عن الأسباب والمسوغات لا تستحق أن يستمع إليها. فالكارثة التي حلت كافية لفهم خلفية اتخاذ القرار والحماقة الكبرى التي تسببت في تغيير المعادلات الاستراتيجية في المنطقة. كان على العراقيين أن يتذكروا الموقف المشرف للكويت، حكومة وشعبا، خلال حرب السنوات الثماني، والعمل على رد جميلها وليس العكس. وكان على السياسيين ادارك الرد العربي والدولي، على فعل شنيع. فأهمية الكويت تتعدى كثيرا عدد نفوسها ومساحتها الصغيرة. فالنفط والأمن الخليجي عنصران حاسمان في تقييم أهمية الكويت. وما حدث يجب أن يكون عبرة للآخرين أيضا.
وبعد أكثر من سبع سنوات مرت على التغيير في العراق، لم يتفق الطرفان على حسم ملفات مهمة. فالحكومة العراقية تفكر في إلغاء الديون ووقف التعويضات، كأن المال مشكلة كبرى في المرحلة الحالية. والحساسية الكويتية لا يزال هامشها كبيرا. وهذا يتطلب أولا أن يثبت النظام الجديد في العراق هوية تعزز الثقة لدى الكويتيين، وهو مطلب عقلاني لا يمكن التقليل من أهميته، والالتزام التام بالقرارات الدولية كما وردت في ما يتعلق بالحقوق السيادية .
يوم الغزو.. يوم الشؤم.. يوم الاجتياح.. فليسمي من يريد أن يسمي. فما وقع كان عملا عدائيا سافرا أصبح عبرة تاريخية.
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=626194&date=02082010
كتب وفيق السامرائي :
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Authors/19bf8a8a-7cca-4cf6-9475-11c1a7fb9623_author.jpg
وفيق السامرائي
عشرون عاما مضت على الغزو العراقي للكويت. وكنت كلما أسميه «اجتياح الكويت» يقابل بشكوك حول المفردة التي أقصد بها تعبيرا وفق اللغة العسكرية. ومهما كانت التسمية، فإن قرار الغزو كان أحد أخطر قرارين في تاريخ الحروب. فعندما قرر هتلر اجتياح الأراضي الروسية كتب على نفسه الهزيمة. لأنه تعدى حدود قدرات بلاده الاستراتيجية، وفتح جبهة واسعة تتطلب قدرات ضخمة.
قبل عشرين عاما كنت في مكتبي المختص بشؤون أخرى، لا صلة لها بالدول العربية، وفجأة دخل المكتب ضابط كبير مناديا: سيدي افتح الراديو. فقلت ماذا حدث؟ قال دخل الجيش الكويت! ولله أشهد أنه لم يكن لي علم بذلك، فاختصاصي كان هو ذاته الذي يشغل العالم اليوم. وكل ما كان متاحا من المعرفة لا يتعدى التصعيد السياسي المعلن، وحشد قوات من الحرس الجنوبي لأغراض تدريبية أو مناورة ضغط.
وفي تلك اللحظات تركت المكتب خشية المراقبة، وأردت أن أنفس عن نفسي حالة احتقان من ذلك القرار، فالتحق بي ضابطان كبيران. فقلت لهما إنها بداية النهاية وسيكون الرد أخطر كثيرا مما يراه السياسيون. فوقع الذي وقع.
وأشهد لله أننا حاولنا ضمن حدود الممكن دفع القيادة السياسية بشكل وآخر وبين فترة وأخرى إلى الانسحاب، وكثير من الضباط اعتبروا موقفي مجازفة شخصية. وأستطيع القول إن قادة الجيش كانوا براء مما وقع ولحق، عدا ما يعد استثناء لا اعرفه.
لقد شاركت أنظمة عراقية في تعميق مشاعر العراقيين بعائدية الكويت إلى العراق. ولا تزال بقايا مثل هذه المشاعر موجودة حتى الآن. لذا، فإن الأنظمة والأحزاب والمنظمات المعنية تتحمل مسؤولية نسبية في ما حدث يوم الغزو وما تبعه. بيد أن المسؤولية الكبرى تتحملها قيادة النظام الذي كان قائما.
كل ما قيل عن الأسباب والمسوغات لا تستحق أن يستمع إليها. فالكارثة التي حلت كافية لفهم خلفية اتخاذ القرار والحماقة الكبرى التي تسببت في تغيير المعادلات الاستراتيجية في المنطقة. كان على العراقيين أن يتذكروا الموقف المشرف للكويت، حكومة وشعبا، خلال حرب السنوات الثماني، والعمل على رد جميلها وليس العكس. وكان على السياسيين ادارك الرد العربي والدولي، على فعل شنيع. فأهمية الكويت تتعدى كثيرا عدد نفوسها ومساحتها الصغيرة. فالنفط والأمن الخليجي عنصران حاسمان في تقييم أهمية الكويت. وما حدث يجب أن يكون عبرة للآخرين أيضا.
وبعد أكثر من سبع سنوات مرت على التغيير في العراق، لم يتفق الطرفان على حسم ملفات مهمة. فالحكومة العراقية تفكر في إلغاء الديون ووقف التعويضات، كأن المال مشكلة كبرى في المرحلة الحالية. والحساسية الكويتية لا يزال هامشها كبيرا. وهذا يتطلب أولا أن يثبت النظام الجديد في العراق هوية تعزز الثقة لدى الكويتيين، وهو مطلب عقلاني لا يمكن التقليل من أهميته، والالتزام التام بالقرارات الدولية كما وردت في ما يتعلق بالحقوق السيادية .
يوم الغزو.. يوم الشؤم.. يوم الاجتياح.. فليسمي من يريد أن يسمي. فما وقع كان عملا عدائيا سافرا أصبح عبرة تاريخية.
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=626194&date=02082010