مارادونا 99
07-27-2010, 04:08 PM
السيد الموسوي: هل التطاول على الشيخ بهجت (رض) خدمةٌ للاستعمار أم حبٌّ للدولار؟!
بعد أدائه لصلاة الظهرين من يوم الخميس 3/6/1430هـ ألقى سماحة العلامة الحجة السيد عبدالله الموسوي في جمع من المؤمنين كلمته الأسبوعية والتي خصص جزءاً منها للحديث عن السيدة الزهراء (ع) الذي يوافق تاريخ استشهادها هذا اليوم على رواية ابن السيد ابن طاووس.
و منتقداً في الجزء الثاني من محاضرته من قال بردّة الشيخ بهجت رضوان الله عليه الفطرية، مستغرباً حصول هذا الأمر من شخص يدعى العلم، مشدداً على أن هذا الأمر من شأنه أن يشق عصا المسلمين الشيعة ويبعث على الفُرقة، مبيناً حقيقة هؤلاء الذي يدعون العلم ويجنّدون القنوات الفضائية والمواقع الكثيرة على الشبكة العنكبوتية لبث السموم وكلها باسم مذهب أهل البيت (ع)، ناعتاً سماحته تلك القنوات الفضائية بالدكاكين التي تسوّق بضاعتها.
ورادّاً على هذا الشخص الذي وصفه بأنه ( يدّعي العلم ويخبتئ خلف العباءة والعمامة)، مضيفاً: (أنا أسأل من بقي من علماء الطائفة طاهراً نزيهاً عالماً عند هؤلاء؟!)، مشدداً على أن هذا الأمر يخدم المستعمر أكثر ما يخدم التشيع، مطالباً سماحته أخوة هذا الشخص بأن يردوا عليه ولو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، موضحاً أن أكاذيب هذا الرجل كثرتْ وفاحت رائحتها، وتساءل سماحته: (وإلا لمثل الشيخ بهجت يُقال بأنه مرتد فطري والعياذ بالله؟!)، ( وهل التطاول على الشيخ بهجتْ خدمة للاستعمار؟ أو حُبٌّ للدولار؟!) مُقدّماً بعض الوثائق التاريخية التي تبين بطلان ادعاء هذا الرجل سواء في قضية الشيخ بهجت أو في غيره، وفي التالي نص تلك الخطبة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
قال تعالى: { ... قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب } [الزمر/9] ).
مظلومية وأي مظلومية:
الزهراء صلوات الله وسلامه عليها عالمة آل محمد حينما يتحدث الإنسان عن هذه الذكرى الأليمة التي عاشتها الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، يجد أن جزءاً من آلام تلك الذكرى هي ما كانت تتمتع به السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها من علم ومع ذلك لم يُسلط الضوء عليه بسبب الظلم، هذا الظلم حينما يقع على الإنسان فلا شك أنه يكون مداناً وغير مقبول فكيف إذا وقع الظلم على عالم، فهذا يكون أشد إيلاماً للنفوس، والسيدة الزهراء سلام الله عليها حينما نقرأ سيرتها وسُنّتها حينما نقرأ تاريخها نجد بأنها تميزت منذ عهد رسول الله (ص) بأنها عالمة، لذا كانت نساء المهاجرين والأنصار يلجأن إليها في حل مشاكلهن ومعضلاتهن.
هذه السيدة الجليلة ابنة رسول الله (ص) لدينا روايات تتحدّث عن أنها كانت مُحدثّة، أي أن الملائكة كانت تُحدثها، وروايات أُخر تقول بأنه بعد وفاة رسول الله (ص) كان جبرائيل (ع) يُحدّثها، وهناك فرق بين أن جبرائيل (ع) يُحدّثها وبين أنه ينزل عليها، والفرق كبير بين الأمرين، فكان جبرائيل (ع) يُحدّثها، وروايات أخرى أنها كانت تكتب ما كان يُحدّثها به جبرائيل (ع)، أيضاً لدينا روايات تتحدث عن مصحف السيدة فاطمة (ع)، ومصحف فاطمة (ع) يتحدّث عما كتبته الزهراء (ع) من لدن أبيها رسول الله (ص) إلى وفاتها، وبعض الروايات عن الإمام الصادق (ع) عندما ينقل بعض الأمور يقول وهذا من صحيفة أو من كتاب جدّتي فاطمة الزهراء (ع)، هذا الكتاب في الروايات لدينا أنه يكون عند إمام الزمان (عج) نقل عنه الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم الشيء الكثير، والأئمة المعصومون (ع) ليسوا بحاجة أن ينقلوا من شيء وهمي، فإذا كان الكتاب غير موجود فشيعة الإمام المعصوم يقبلون منه، مثله مثل غيره من الرواة، فهو بالنسبة للشيعة أعلى مرتبة باعتباره أحد المشرّعين عن النبي (ص) والمبيّنين عن الله عز وجل، وليس بحاجة أن ينقل روايات ويُسندها إلى جدّته الزهراء (ع).
العمامة لا تصنع عالماً..
إذن هذا الكتاب موجود عندهم ينقلون عنه صلوات الله وسلامه عليهم، لأن العلم حقيقة يفتح آفاقاً، والإنسان العالم يستطيع أن ينظر إلى حقائق الأمور، بينما المشكلة في الجاهل، ولدينا رواية عن الإمام أمير المؤمنين (ع) يقول فيها: ( ما حاجّني عالم إلا وغلبتُه، وما حاجّني جاهل إلا وغلبني ) لأن الجاهل يُوجِد حالة من حالات الضوضاء، وهذه مشكلة حقيقة، فكثير في أيامنا هذه جهلة وقد يكون مرتدياً عمامة، والعمامة لا تعطي العلم، رحمة الله على الشيخ محمد جواد مغنية، يقول: كنت خارجاً يوماً من مقبرة السلام في النجف الأشرف المسمّاة بالغري بلّغنا الله وإياكم الوصول إلى تلك الديار، يقول خرجت من المقبرة فلاقتني امرأة فقالت لي: شيخنا أين قبر أبي؟ فقلت: لا أدري، فلستُ دافناً إياه ولستُ مسؤولاً عن أصحاب تلك القبور، فردّت عليه تلك المرأة: إذن مولانا لماذا تضع عمامة على رأسك؟! يقول: أخذت العمامة ووضعتها على رأسها، وقلت لها: أين قبر أبيك الآن؟! فالقضية ليست قضية عمامة، فالعمامة كما قلت لا تعطي علماً، وإنما أحياناً ترفع العمامة شخصاً باعتبار أن الناس يعتقدون أن كل من هو مُعمّم هو عالم، بينما لدينا كثيراً ممن يزوّر هذه الأيام، والناس تلاحظ هذه الأشياء.
لا يغرّك المظهر وتبتعد عن الجوهر
يُقال بأن الشيخ البهائي رضوان الله عليه طُلب من قبل الشاه فذهب إلى أصفهان، والشيخ البهائي رضوان الله عليه كان ضعيف البُنية وربما كان قصير القامة، وشكله لا يوحي بأنه من كبار العلماء، لأنه وكما هو في ذهن بعض الناس أن كبار العلماء ينبغي أن يكون الواحد منهم عريض ما بين المنكبين ذو صدر واسع، حتى أنه إذا ضرب على صدره قال: إن هاهنا يوجد لعلماً جمّاً، وهذه الصفات لم تكن في الشيخ البهائي كجسم وشكل، في اليوم الأول وفي اليوم الثاني لم يُسمح له بالدخول على الشاه، في اليوم الرابع بحث في السوق فرأى أحد أصحاب الدكاكين وكان يعمل قَطّاناً، وكان ذا لِحية كبيرة وجميلة وبيضاء، وكان هذا الرجل ضخم الجِثة، فقال له: أريد أن تأتي معي فلديّ عندك شغلاً خاصاً وسوف أعطيك عليه أجراً، فكم تُحصّل في اليوم الواحد من عملك فذكر له مبلغاً معيناً، قال له الشيخ البهائي: أنا سأضاعفه لك، فقط أريد منك أن تذهب معي، فوافق هذا الرجل، فذهب الشيخ واشترى له جُبّة وعُمامة، فبدا وكأنه من كبار العلماء حيث اللحية الكبيرة والبيضاء، وهو بهيّ الطلعة وذو صدر منتفخ، وقال له الشيخ البهائي: إذا سُئلتَ فقل: هناك جوابان لهذه المسألة وتلميذي يُفصّل، وبالفعل بمجرد أن وقف هذا الرجل على الباب سُمح له بالدخول على الشاه باعتباره الشيخ البهائي رضوان الله عليه، وعندما دخل سأله الشاه عدة أسئلة ومن ضمنها: ما قولك في الله فقال هذا الرجل: هُناك جوابان، فاستغرب الشاه،هل يكون في الله جوابان؟! لكن الشيخ البهائي قال: إن هناك من ينفي وهناك من يُثبت فحل المشكلة، الشاهد أن الشاه شك في المسألة، فأخذ يوماً معه هذا الرجل القطّان في بهو القصر فمروا على منطقة واسعة ذات فضاء كبير لا يوجد فيها أشجار، فقال له: بم تقترح أن نعمل هذا المكان الواسع؟ فنحن نريد أن نُشغل هذا المكان الواسع، فرد هذا الرجل: هذا المكان أفضل مكان يصلح للقطانة وأخذ يذكر ترتيب المكان حسب ما يريد لعمل القطان، إذ هذا هو عمله وهذا ما يناسبه، ثم طلب منه الرجوع، بعد ذلك أخذ تلميذه الذي هو الشيخ البهائي رضوان الله عليه إلى تلك المنطقة فقال له: ما الشيء المناسب لهذه المنطقة؟! فقال له: هذا أفضل مكان للمكتبة، فقال له الشاه: أنت الشيخ البهائي وليس ذاك الرجل، فأصدقني القول، قال له: لأن حُراسك لم يقتعوا من كوني صالحاً لأن أكون من كبار العلماء فأتيت بهذه الرجل وهو يعمل قطّاناً، لكونه يصلح بسبب صفاته الجسمانية، والشاهد هنا أن الناس تغرّها المظاهر حقيقة وتغرها العناوين والأسماء.
هو مسلك وليس مجرد قول
وإلا واقعاً من سُخريات القدر أن يأتي شخص فيصف الشيخ بهجت رضوان الله عليه بأنه مرتدّ وكافر، والعياذ بالله! ثم إن الذي يقول عن الشيخ بهجت هذا الكلام ما هي قيمته؟ ما هو مستواه العلمي؟ من هو أصلاً؟ وهذا الكلام لم يُذكر في حياته، ولو كان في حياته لصار الأمر سهلاً، حيث الصراع على مراكز، لكن بعد وفاة الرجل أن يأتي إنسان فيتلفظ بألفاظ غير مناسبة حتى لصغار طلاب العلوم، يعني طالب علم صغير لا يتفوّه بهذا الكلام، وإذا ما جئت لجماعته فإنهم يقولون لك: هذا فلان وهذا كذا وكذا، مع أنه لا يفرّق بين القول بوحدة الوجود وبوحدة الموجود، لا يفرّق بينهما، ويخلط بين العرفان وبين التصوّف، والقضية لا تقف عند هذا الشخص المتفوّه بهذا الكلام، بل نجده مسلكاً عامّاً عند هؤلاء، وهناك مجموعة من القنوات محسوبة على الشيعة والتشيع، ما ذكرت بعض هذه القنوات الشيخ رحمة الله عليه، بل لم تُنَوّه حتى على خبر وفاته، ماذا يُشمّ من هذا الأمر؟ ألا يُشمّ أن المسلك واحد؟!
عميل مجّاني في خدمة المستعمر
السيد القائد حفظه الله تحدّث عن باذلي الفرقة بين المسلمين أي بين السُنة والشيعة، والذي يتحدث عن حديث يفرّق بين المسلمين يقول عنه الإمام هذا عميل، إما عميل مجاني أي يخدم المستعمرين مجاناً، أو أنه واقعاً مُجنّد، ولكن من يقوم بهذين الأمرين معاً فما الذي يُقال عنه؟ الذي يحاول أن ينفث السموم والذي يحاول أن يُوقع بين المسلمين سنة وشيعة، وبين الشيعة أنفسهم ما الذي يُقال عنه بربكم؟ ألا يُقال عنه لا شك أنه مُجند؟ خصوصاً وأنه يعيش في أحضان أولئك؟! المسألة لا تحتاج إلى ذكاء، والغريب كما ذكرت أن هذا مسلك، فلو كان هذا الموقف صدر عن واحدٍ فقط فقد يُقال عنه: بأنه مخبول مثلاً، وأنه لا يعي أمره، إذ ذاك يمكن أن نقبل منه، لكنه مسلك يصل إلى مستوى قنوات ومواقع نت كلها تصب في نفس المصب.
أحدهم يُسئل عن الشيخ في موقعه فيقول: بأنه منحرف، فما هي علامات الانحراف عندكم؟ يا أيها الجهلة المتسمّين بالعلماء؟! وأحدهم يأتي فيشتم رسول الله (ص) لأن من يطعن في زوجه طعناً في شرفها، ألا يعتبر شاتماً لرسول الله (ص)؟ فالشتيمة لرسول الله (ص)، والآخر على رؤوس الأشهاد يطعن في رموز الآخرين، وكأنما يريد أن يقول أنتم الشيعة تقيمون الأدلة على أننا ننقد ونقيم ولا نسب، فرق بين السب وبين أن يقول خذوا الأدلة ونحن نسب وأنا أسب ونحن كلنا شيعة، هل في مثل هؤلاء ذرّة عقل؟! قطعاً لا.
قنوات ومواقع مجنّدة من أجل هذا الأمر
المشكلة أنه قد جُنّدت لهذا الأمر قنوات، أنا أسأل بالله إذا كان أقل ما يُذكر في تلك القنوات، أو رُبع ما يُذكر في تلك القنوات لو ذكرها خطيب في مسجد أو حسينية لتم استدعاؤه ومحاسبته، بينما هذه القنوات ترفع عقيرتها بما لا يُقال عادة، ولم تُحاسب، وهي بين ظهرانينا، فماذا يعني ذلك؟ هل يعني أنها قنوات مستقيمة؟ قطعاً هناك على الأقل علامة استفهام كبرى، لذلك فنحن غريبون أن نجعل هؤلاء أمناء على أبنائنا، كأن نقول بأنهم يأتون دعاء كميل، أو ينقلون قراءة حسينية، فأأتمنهم على أبنائي على زوجتي وبناتي، هؤلاء كارثة، فهذه فكرة سامة كما يقول الشهيد المطهّري: ( اللُقمة السامّة تقتل شخصاً، ولكن الفكرة السّامّة تقتل أمّة )، تقتل مجموعة من الناس، فكيف لي أن أثق في هذه القنوات وأدعها في بيتي وإن كانت تأتي بدعاء كميل، أو بقراءة حسينية، ينبغي أن أحذفها أن أشفّرها، أن لا أدعها تغذي أبنائي بهذا النمط من الفكر المنحرف.
ليس في الشيخ بهجت وحسب
هذا الشخص يستفيد من الاسم ويستفيد من العباءة لِيطعن في محاضرة له على الشيخ بهجت رضوان الله عليه، ومن بقي من علمائنا ومن مراجعنا من لم يتحدث عنه هذا الشخص بسوء؟! أنا أسأل من بقي من علماء الطائفة طاهراً نزيهاً عالماً عند هؤلاء؟! لا يوجد أحد ونحن لسنا ممن يثير المشاكل، وإلا فنحن عاصرنا هذه الحركة ووالله لقد كتبتُ فيها كثيراً مما شاهدته أنا، مما عرفته أنا وليس من الآخرين، ولو أردنا حقيقة والعياذ بالله أن نثير مثل هذه المسائل لطبعنا ما كتبناه، وما كتبناه عن حِسٍّ لا عن حدس، لكن هؤلاء حينما يتحدثون عن السيد الخوئي رضوان الله عليه نجدهم يتحدثون عنه بأقذع الكلمات، وعندما يتحدثون عن غيره أيضاً لا ينزّهونه، فالسيد الخوئي رضوان الله عليه عندهم خلاصته بعثيّ، ويأتي للإمام الخميني رضوان الله عليه، ما الذي يقوله عن الإمام الخميني؟! يقول عنه: كافر ومنحرف، وعندما يأتي لحكيم آل محمد من رفع رأسنا عزةً وكرامةً، وهو السيد حسن نصر الله حفظه الله، فإنه يقول عنه أيضاً بأنه منحرف، كما أنه يأتي على الشيخ الوحيد الخراساني ليقول عنه منحرف، ويأتي لكذا شخص في محاضراته فيصفهم بأوصاف الانحراف، فمن الذي بقي من علمائنا إذن؟!
خدمةً للاستعمار أم حُبّاً للدولار؟!
ـ إخوان هذا الرجل المتطاول على علمائنا لماذا لم يتّخذوا موقفاً منه؟! ولو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!
ـ لماذا التطاول على علمائنا؟! أهو خدمة للاستعمار؟!
ـ لماذا التطاول على عُرفائنا؟ أهو حُبٌّ للدولار؟!
الشيخ بهجت رضوان الله عليه هذا الرجل الذي بذل عمره الشريف من أجل الوصول إلى الله، وهذا سلوك نحو المعبود، وإذا كان هذا الشخص لا يعرف مسألة العرفان، فالعرفان سلوك، وإذا كان هذا الشخص المتطاول يخلط بين العرفان وبين التصوف وهو يدعي العلم، فإن عامّة الناس يفرّقون بين التصوّف وبين العرفان، بل حتى التصوف لا يقول بوحدة الموجود، وإنما يقول بالتجليّات، وهذا بالنسبة لعلمائنا نحن فالعرفان يختلف عن التصوّف ولا يقولون بهذه النظرة وبهذا الضيق، إن هذا الرجل المتطاول قد خلط بين مسألة فلسفية وبين مسألة صوفية، وهو لا يعنونها بهذا العنوان، وهي مسألة فلسفية هي موضع خلاف بين العلماء أنه هل هناك وحدة في الوجود أو أن هناك تفاوت؟ وحدة الوجود غير وحدة الموجود، لأن الشيء مركب من ماهيته ومن وجوده، فهل الوجود هو المخرج أم لا؟ هذه مسألة فلسفية، هذا الأخ هذا المعمم خلط بين الأمرين، وإلا إذا كان يقول بأن كل من يقول بوحدة الوجود فهو يقصد هذا المعنى، فهذه كارثة، لأن أخاهُ أحد من يقول بذلك في كتابه ( شرح المنظومة ) لاحظ هذا الأمر، أخوه في ( شرح المنظومة ) يقول بهذا الرأي، فإذا كان يريد هذا المعنى فهذه كارثة، وهذا يدل على الحد الذي أوصلنا الجهل حقيقة، وذلك بأننا نسمع كل شخص وأي شخص، وباعتبار هذا الرجل المتطاول طلبة ورجل دين، هذه كارثة، أما إذا قصد وحدة الموجود التي لا أحد يذهب إليها وليست بمطروحة وهي خلاف العقل، فهل يوجد شخص مجنون - فلا نريد عاقلاً ولا عالماً - هل يوجد شخص مجنون يقول لك أنت أنا وأنت أنت في نفس الوقت، هل يوجد أحد يقول بذلك؟! لذلك المجنون لا يضرب نفسه بل يضرب غيره، لا أحد يقول بوحدة الموجود لأنه لو قلنا بوحدة الموجود فهذا يعني بأن كل شيء في هذا العالم هو موجود، فيكون كله واحداً، فهل يذهب أحد إلى ذلك الرأي؟ لا أحد يذهب إلى هذا الرأي طبعاً، لا أحد يقول لك: أنت وأنا شخص واحد، فأنا إذا أشرت إلى صدري فإنني في ذات الوقت أشير إلى صدرك، هذا المعنى لا أحد يقول به، لكن ما الذي تقوله عن جهلة هذه الأمة المتلبسين بالعمائم؟!
قنوات فضائية أم دكاكين تسوّق بضاعتها المزجاة
لذا أنا استغربت وبقيت فترة أنتظر رداً من ذويه أو من جماعته أو من خطه عليه، فلم أجد هناك جواباً، وهذا مؤلم، وأكثر إيلاماً هذه القنوات التي هي مجموعة من الدكاكين، التي تسوق بضاعتها عبر التصفيق أو العزاء، يعني كأنما الشيعة والتشيع ليس لديهم فكر، إما فكرهم محصور في واحد جاهل متخلف ينقل خلاف الواقع للأمة، وأهم شيء لدى الواحد منهم أن يتكلّم، أهم شيء أن يملأ فراغاً، هؤلاء هم علماء الطائفة، أو شخص حينئذٍ ليس لديه عمل إلا أنه يصفّق أو أنه يُعزّي، هل هذا هو فكر أهل البيت؟ لقد استخدم العزاء وسيلة وليس غاية، وسيلة للوصول إلى أهداف الإمام الحسين (ع) وليس هو غاية، العزاء شرف وأحد الشعائر لا شك في ذلك، ولكن هل تفلح قناة من أن تبلّغ فكر أهل البيت (ع) فتأتي بأمور تنفّر؟! كأن تأتي بأمور عن التطبير أو هذه المسائل التي تنفّر البقية، فأنت تحاول أن تدخل فيخرج لك شخص فيقول لك: يا أخي أنتم كذا وكذا، القضية ليست مشتهاة أنه إذا اشتهيت فعلت، المسألة مصلحة إسلام ومسلمين، المسألة مسألة فهم ووعي.
لذلك السيدة الزهراء (ع) لم تُصعّد الأمور وإنما سجلت موقفاً وانتهت المشكلة، والإمام أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه سجل موقفاً وانتهت المشكلة بالنسبة له، بمعنى أنه شارك في بناء الدولة والفكر لدى المسلمين نعم بهذا المعنى، وليس بمعنى أنه نُسي بأنه إمام، لا! بل سجل بأنه هو الإمام المنصوب والمنصوص عليه وليعلم العالم وانتهت المسألة، ويبقى أن وظيفته الأخرى وهي حفظ مسار الدين، وهذا ما فعله الإمام أمير المؤمنين (ع) وفعلته السيدة الزهراء (ع) بدلاً من أن يبقى الإنسان يشق عصا المسلمين وليس فقط يشق عصا المسلمين بل في فترة من الفترات يقول لك: هؤلاء لا يحترموننا، وقد يقول لك إنهم يتهموننا بأننا ننال من الصحابة، نعم نحن عندنا أبو طالب بالإضافة إلى أنه صحابي فهو عم لرسول الله (ص) وناصر له، وأبٌ لأمير المؤمنين (ع) وثبت لدينا بالدليل إسلامه، ومع ذلك نجد بأن الآخرين يطعنون فيه، افترض أنك وصلت إلى هذا المستوى ولكن ما هو دليلك وما الذي تعطيه لنفسك تبريراً لوضع الفرقة بين الشيعة أنفسهم؟ حينما ترفع عقيرتك سواء في كتب تُطبع، كتب تطبع الهدف منها هو شق الصف بين الشيعة أنفسهم، وليس فقط بين الشيعة والسنة.
لماذا لا تُسمّوا الأشياء بأسمائها؟!
وهناك كلمات ومحاضرات سواء في المجالس الخاصة أو في المجالس العامة، الهدف منها كسر العنفوان الشيعي، وإلا بمجرد أن تذكر هذه الصحوة في أيامنا هذه فلمن تُنسب؟! تنسب للإمام رضوان الله عليه والعالم كله يشهد للإمام بأنه باعث الصحوة الإسلامية في عصرنا الحاضر، وقصدي بالعالَم هنا أعم من المسيحيين وغيرهم، فيأتيك شخص محاولاً التقليل من هذه الحقيقة فيعطيك عناوين معينة: فلان وفلان هو من كان وراء كذا وهو من كان وراء كذا، أسوأ من ذلك في هذه الأيام هناك ضجة موجودة ومسلك وهو غريب يقول لك: الإمام الخميني رضوان الله عليه حينما كان مُهدداً بالإعدام والقتل في إيران، الذي أنقذه فلان لأنه شهد باجتهاده، وفي القانون الإيراني المجتهد لا يُعدم، لذلك فلان اشتغل ليل نهار لكي يُثبت اجتهاد الإمام الخميني رضوان الله عليه، أقول: هؤلاء يستغلون البعد الزمني بين حركة الإمام الأولى وبين عصرنا الحاضر، هذا هو الأمر الأول، الأمر الثاني: يستغلون جهلنا نحن كعرب فيكتبونها باللغة العربية لكنهم لا يكتبونها باللغة الفارسية، بل تكتب باللغة العربية ونحن العرب لا نعرف هذه الفترة لذلك تكتب لنا.
أولاً: يراد بأن يُرفع فلان على كتف الإمام الخميني رضوان الله عليه، فلان الذي يوجد تشكيك في كثير من قضاياه لست في صدد الحديث والرد وأن آتي بالوثائق سواء من السيد الخوئي أو غيره، يقول لك نحن متساوون وهناك من يقول كذا وهناك من يقول كذا، هذا هو الهدف حقيقة بينما الإمام فهو كذا، هذا الكلام الذي يورده هؤلاء عنه هو غير صحيح، انظر إلى كتاب ( آثار الحجة ) الذي طُبع قبل حركة الإمام رضوان الله، وقبل ثورة الإمام رضوان الله عليه، وقبل تدخل الإمام رضوان الله عليه في الشؤون الداخلية، بقرابة أربع سنوات تقريباً أو أكثر، وهذا الشخص معاصر وهو من العلماء ينص فيها على أن الإمام رضوان الله عليه والسيد المرعشي النجفي ويذكر الإمام أولاً والسيد القلبيقاني هم بعد السيد البرجردي رضوان الله عليه، ويذكره بعبارات غريبة عجيبة بأنه صدر متألهي زمانه، ويذكر عن الإمام ليس الاجتهاد وإنما أعلى من هذه المرتبة بمراتب، يأتيك ليتحدث إنسان بهذه اللغة ألا يدل على حالة من الجهل؟ نعم يدل على حالة من الجهل.
ثانياً: العلماء إلى هذا الحد لديهم بساطة بحيث يشهدون لشخص ليس مجتهداً بأنه مجتهد لأن فلان قال لهم اشهدوا له؟! هذا غير صحيح، كم من الأشخاص اعتقلوا وهم من العلماء ومن المعممين ومن المجتهدين وبعضهم أُعدِمَ مثل: آية الله الغفّاري (رض)، ومع ذلك أُعدِمَ فلماذا لم يشهد له العلماء ويخرجونه من الإعدام؟!
ثالثاً: المجتهد في القانون الإيراني ليس له حصانة، الذي له حصانة هو المرجع، وليس كل مرجع كان موقف العلماء فيه كموقفهم من الإمام رضوان الله عليه، والدليل على ذلك أنه اعتقل مع الإمام الخميني (رض) الشيخ بهاء الدين المحلاتي الشيرازي، وكان مرجعاً وكان مقلداً فلماذا لم توجد ضجة له كما وجدت ضجّة للإمام؟! انظر إلى كل ـ وأنا أقول ( كل ) ـ نعم كل البيانات والرسائل التي أخرجها العلماء والمراجع قاطبة بلا استثناء أعني كلاً من السيد الحكيم، السيد الخوئي، السيد الشاهرودي، السيد الميلاني، السيد المرعشي رضوان الله عليهم، بل كل علماء الطائفة حينما يكتبون بياناً عن السجناء فإن أول شخص يذكرونه هو آية الله السيد روح الله الموسوي الخميني، أول شخص يذكر، فلماذا لا يذكرون هذا المرجع أو ذاك؟!
ومن هو الخميني الذي ليس مجتهداً كما يُدعّى؟
هل هو إنسان عادي؟ إذن لماذا نجد العلماء يُصّرون على أنه يخرج وهناك كثير من المجتهدين في السجون ولم تصدّر في صالحهم هذه البيانات؟! كفانا كذباً وكفانا قبولاً لهذه الترهات حقيقة، هذه أكاذيب، إذا الإنسان يقرأ من الناحية التاريخية كما ذكرت، فكتاب ( آثار الحجة ) طُبع قبل حركة الإمام في عام 1332 هجري شمسي، وهذا يعني أن هذا الكلام كان قبل 55 سنة تقريباً، ونحن الآن في 1385 هجري شمسي، بيانات المراجع كلهم أجمعون، وهناك أربع شهادات في بداية حركة الإمام كان جهاز السافاك يحاول أن يثير قضية معينة، ولم يثر قضية عدم اجتهاد الإمام لأنه يعرف أن الإمام إذا وصل إلى سدة الحكم العليا للطائفة ما الذي سيحصل للشاه بعده، وكان يعرف نعم يعرف، لذلك أشاع في الأوساط بأن مستواه العلمي أقل من غيره، وغيره أعلى منه، فقط أثار هذه المسألة والتي أوجبت على أربعة من كبار علماء الطائفة آنذاك أن يُصدّروا بيانات تشهد بمستوى الإمام العلمي، وأنه أحد أساطين الطائفة، ومن هم هؤلاء؟! ليسوا أناساً عاديين، اترك بعض العلماء من تلامذة الإمام بل هناك مجموعة تقول بأعلمية الإمام من بعد وفاة السيد البروجردي كان هناك حديث على أن الأعلم في عصرنا الحاضر كان يدور بين السيد هادي الشيرازي وبين السيد الإمام رحمة الله عليه، لكن أربعة من علماء الطائفة وهذا رأي الشيخ الإمامي الكاشاني وكان يقول بأن الأعلمية كانت محصورة بين هذين الشخصين، بعد السيد البروجردي، لكن الكلام أنا أتحدث عن أربعة من كبار علماء الطائفة الذين تحدّثوا بهذه اللغة، أحدهم آية الله العظمى السيد محمد هادي الميلاني قبل أن يُسجن الإمام الراحل، والإمام يكتب له فيقال بأنه هو الذي أقنع علماء النجف بأن يشهدوا للإمام الخميني رضوان الله عليه فهذا غير صحيح، لأن آية الله السيد مدني عمل اجتماعاً في مسجد الهندي وكان في هذا الاجتماع السيد الخوئي والسيد الشاهرودي رضوان الله عليهما وتحدث معهما عن السيد الإمام وما يجب علينا لإنقاذ الإمام لأنه ذخيرة الله عز وجل في هذه الأمة، أيضاً آية الله السيد الميلاني مدح الإمام بهذا المعنى وأنه أحد مراجع العصر، كذلك آية الله السيد المرعشي النجفي، وآية الله الشيخ محمد تقي الآملي تلميذ الشيخ النائيني رضوان الله عليه صاحب ( الدرر في شرح المنظومة للسبزواري) صاحب شرح العروة الوثقى، وآية الله العظمى السيد كاظم شريعة مداري.
لماذا هذه الأكاذيب وذلك التضليل؟
ويوجد لديّ بخط يده قبل حركة الإمام يقول بأن الإمام الخميني أحد مراجع الطائفة وأحد أساطين علماء الطائفة، فلماذا هذه الأكاذيب؟! بعض الأشخاص يكذب في أمور لم تحصل ولا يوجد لديه وثائق، أما هؤلاء فقد تعوّدوا الكذب، وتعوّدوا النيل من قمم هذه الطائفة، وآخر هذه القمم هو الشيخ بهجت رضوان الله عليه، وإلا لمثل الشيخ بهجت يُقال عنه بأنه مرتد فطرياً والعياذ بالله؟!
والخاتمة توضيح واستغراب ودعاء
والارتداد نوعان: مرتد عن ملة ومرتد عن فطرة، المرتد عن الملة كأن يوجد شخص كان مسيحياً ثم أسلم ثم ارتد، هذا لا يُقتل وإنما نستتيبه، فالمرتد عن ملة يُستتاب، أما المرتد عن فطرة فإنه لا يُستتاب ولا تُقبل توبته بل يُقتل، نعم حكمه القتل وهو مهدور الدم، هؤلاء جهلة لا يعرفون لا يفقهون لا يقرؤون، نعم هم علماء بعناوينهم، ألا ترى بعض أصحاب البيوتات لأنه من بيت علمائي وبيت مرجعية فإن المرجعية تلتصق به التصاقاً، فهو وإن لم يكن مرجعاً إلا انه مرجع بالالتصاق كما نقول نحن الأحسائيون ( بالطمغة ) فهو يصير مرجعاً بالتوارث، ألسنا ننتقد أشخاصاً يقولون لك هذا المرجع بمجرد أن يموت يأتي ابنه مكانه، هذه هي نفس الحالة، فقد مات الأب ثم جاء الولد ثم جاء الأخ وهي ذات الحالة فما الفرق بين هؤلاء وهؤلاء.
نسأل من الله عز وجل أن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يحفظ ويعز ولي أمر المسلمين، كما نسأل منه سبحانه وتعالى أن ينصر حكيم آل محمد وأن يحفظ الشيعة والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
بعد أدائه لصلاة الظهرين من يوم الخميس 3/6/1430هـ ألقى سماحة العلامة الحجة السيد عبدالله الموسوي في جمع من المؤمنين كلمته الأسبوعية والتي خصص جزءاً منها للحديث عن السيدة الزهراء (ع) الذي يوافق تاريخ استشهادها هذا اليوم على رواية ابن السيد ابن طاووس.
و منتقداً في الجزء الثاني من محاضرته من قال بردّة الشيخ بهجت رضوان الله عليه الفطرية، مستغرباً حصول هذا الأمر من شخص يدعى العلم، مشدداً على أن هذا الأمر من شأنه أن يشق عصا المسلمين الشيعة ويبعث على الفُرقة، مبيناً حقيقة هؤلاء الذي يدعون العلم ويجنّدون القنوات الفضائية والمواقع الكثيرة على الشبكة العنكبوتية لبث السموم وكلها باسم مذهب أهل البيت (ع)، ناعتاً سماحته تلك القنوات الفضائية بالدكاكين التي تسوّق بضاعتها.
ورادّاً على هذا الشخص الذي وصفه بأنه ( يدّعي العلم ويخبتئ خلف العباءة والعمامة)، مضيفاً: (أنا أسأل من بقي من علماء الطائفة طاهراً نزيهاً عالماً عند هؤلاء؟!)، مشدداً على أن هذا الأمر يخدم المستعمر أكثر ما يخدم التشيع، مطالباً سماحته أخوة هذا الشخص بأن يردوا عليه ولو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، موضحاً أن أكاذيب هذا الرجل كثرتْ وفاحت رائحتها، وتساءل سماحته: (وإلا لمثل الشيخ بهجت يُقال بأنه مرتد فطري والعياذ بالله؟!)، ( وهل التطاول على الشيخ بهجتْ خدمة للاستعمار؟ أو حُبٌّ للدولار؟!) مُقدّماً بعض الوثائق التاريخية التي تبين بطلان ادعاء هذا الرجل سواء في قضية الشيخ بهجت أو في غيره، وفي التالي نص تلك الخطبة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
قال تعالى: { ... قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب } [الزمر/9] ).
مظلومية وأي مظلومية:
الزهراء صلوات الله وسلامه عليها عالمة آل محمد حينما يتحدث الإنسان عن هذه الذكرى الأليمة التي عاشتها الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، يجد أن جزءاً من آلام تلك الذكرى هي ما كانت تتمتع به السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها من علم ومع ذلك لم يُسلط الضوء عليه بسبب الظلم، هذا الظلم حينما يقع على الإنسان فلا شك أنه يكون مداناً وغير مقبول فكيف إذا وقع الظلم على عالم، فهذا يكون أشد إيلاماً للنفوس، والسيدة الزهراء سلام الله عليها حينما نقرأ سيرتها وسُنّتها حينما نقرأ تاريخها نجد بأنها تميزت منذ عهد رسول الله (ص) بأنها عالمة، لذا كانت نساء المهاجرين والأنصار يلجأن إليها في حل مشاكلهن ومعضلاتهن.
هذه السيدة الجليلة ابنة رسول الله (ص) لدينا روايات تتحدّث عن أنها كانت مُحدثّة، أي أن الملائكة كانت تُحدثها، وروايات أُخر تقول بأنه بعد وفاة رسول الله (ص) كان جبرائيل (ع) يُحدّثها، وهناك فرق بين أن جبرائيل (ع) يُحدّثها وبين أنه ينزل عليها، والفرق كبير بين الأمرين، فكان جبرائيل (ع) يُحدّثها، وروايات أخرى أنها كانت تكتب ما كان يُحدّثها به جبرائيل (ع)، أيضاً لدينا روايات تتحدث عن مصحف السيدة فاطمة (ع)، ومصحف فاطمة (ع) يتحدّث عما كتبته الزهراء (ع) من لدن أبيها رسول الله (ص) إلى وفاتها، وبعض الروايات عن الإمام الصادق (ع) عندما ينقل بعض الأمور يقول وهذا من صحيفة أو من كتاب جدّتي فاطمة الزهراء (ع)، هذا الكتاب في الروايات لدينا أنه يكون عند إمام الزمان (عج) نقل عنه الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم الشيء الكثير، والأئمة المعصومون (ع) ليسوا بحاجة أن ينقلوا من شيء وهمي، فإذا كان الكتاب غير موجود فشيعة الإمام المعصوم يقبلون منه، مثله مثل غيره من الرواة، فهو بالنسبة للشيعة أعلى مرتبة باعتباره أحد المشرّعين عن النبي (ص) والمبيّنين عن الله عز وجل، وليس بحاجة أن ينقل روايات ويُسندها إلى جدّته الزهراء (ع).
العمامة لا تصنع عالماً..
إذن هذا الكتاب موجود عندهم ينقلون عنه صلوات الله وسلامه عليهم، لأن العلم حقيقة يفتح آفاقاً، والإنسان العالم يستطيع أن ينظر إلى حقائق الأمور، بينما المشكلة في الجاهل، ولدينا رواية عن الإمام أمير المؤمنين (ع) يقول فيها: ( ما حاجّني عالم إلا وغلبتُه، وما حاجّني جاهل إلا وغلبني ) لأن الجاهل يُوجِد حالة من حالات الضوضاء، وهذه مشكلة حقيقة، فكثير في أيامنا هذه جهلة وقد يكون مرتدياً عمامة، والعمامة لا تعطي العلم، رحمة الله على الشيخ محمد جواد مغنية، يقول: كنت خارجاً يوماً من مقبرة السلام في النجف الأشرف المسمّاة بالغري بلّغنا الله وإياكم الوصول إلى تلك الديار، يقول خرجت من المقبرة فلاقتني امرأة فقالت لي: شيخنا أين قبر أبي؟ فقلت: لا أدري، فلستُ دافناً إياه ولستُ مسؤولاً عن أصحاب تلك القبور، فردّت عليه تلك المرأة: إذن مولانا لماذا تضع عمامة على رأسك؟! يقول: أخذت العمامة ووضعتها على رأسها، وقلت لها: أين قبر أبيك الآن؟! فالقضية ليست قضية عمامة، فالعمامة كما قلت لا تعطي علماً، وإنما أحياناً ترفع العمامة شخصاً باعتبار أن الناس يعتقدون أن كل من هو مُعمّم هو عالم، بينما لدينا كثيراً ممن يزوّر هذه الأيام، والناس تلاحظ هذه الأشياء.
لا يغرّك المظهر وتبتعد عن الجوهر
يُقال بأن الشيخ البهائي رضوان الله عليه طُلب من قبل الشاه فذهب إلى أصفهان، والشيخ البهائي رضوان الله عليه كان ضعيف البُنية وربما كان قصير القامة، وشكله لا يوحي بأنه من كبار العلماء، لأنه وكما هو في ذهن بعض الناس أن كبار العلماء ينبغي أن يكون الواحد منهم عريض ما بين المنكبين ذو صدر واسع، حتى أنه إذا ضرب على صدره قال: إن هاهنا يوجد لعلماً جمّاً، وهذه الصفات لم تكن في الشيخ البهائي كجسم وشكل، في اليوم الأول وفي اليوم الثاني لم يُسمح له بالدخول على الشاه، في اليوم الرابع بحث في السوق فرأى أحد أصحاب الدكاكين وكان يعمل قَطّاناً، وكان ذا لِحية كبيرة وجميلة وبيضاء، وكان هذا الرجل ضخم الجِثة، فقال له: أريد أن تأتي معي فلديّ عندك شغلاً خاصاً وسوف أعطيك عليه أجراً، فكم تُحصّل في اليوم الواحد من عملك فذكر له مبلغاً معيناً، قال له الشيخ البهائي: أنا سأضاعفه لك، فقط أريد منك أن تذهب معي، فوافق هذا الرجل، فذهب الشيخ واشترى له جُبّة وعُمامة، فبدا وكأنه من كبار العلماء حيث اللحية الكبيرة والبيضاء، وهو بهيّ الطلعة وذو صدر منتفخ، وقال له الشيخ البهائي: إذا سُئلتَ فقل: هناك جوابان لهذه المسألة وتلميذي يُفصّل، وبالفعل بمجرد أن وقف هذا الرجل على الباب سُمح له بالدخول على الشاه باعتباره الشيخ البهائي رضوان الله عليه، وعندما دخل سأله الشاه عدة أسئلة ومن ضمنها: ما قولك في الله فقال هذا الرجل: هُناك جوابان، فاستغرب الشاه،هل يكون في الله جوابان؟! لكن الشيخ البهائي قال: إن هناك من ينفي وهناك من يُثبت فحل المشكلة، الشاهد أن الشاه شك في المسألة، فأخذ يوماً معه هذا الرجل القطّان في بهو القصر فمروا على منطقة واسعة ذات فضاء كبير لا يوجد فيها أشجار، فقال له: بم تقترح أن نعمل هذا المكان الواسع؟ فنحن نريد أن نُشغل هذا المكان الواسع، فرد هذا الرجل: هذا المكان أفضل مكان يصلح للقطانة وأخذ يذكر ترتيب المكان حسب ما يريد لعمل القطان، إذ هذا هو عمله وهذا ما يناسبه، ثم طلب منه الرجوع، بعد ذلك أخذ تلميذه الذي هو الشيخ البهائي رضوان الله عليه إلى تلك المنطقة فقال له: ما الشيء المناسب لهذه المنطقة؟! فقال له: هذا أفضل مكان للمكتبة، فقال له الشاه: أنت الشيخ البهائي وليس ذاك الرجل، فأصدقني القول، قال له: لأن حُراسك لم يقتعوا من كوني صالحاً لأن أكون من كبار العلماء فأتيت بهذه الرجل وهو يعمل قطّاناً، لكونه يصلح بسبب صفاته الجسمانية، والشاهد هنا أن الناس تغرّها المظاهر حقيقة وتغرها العناوين والأسماء.
هو مسلك وليس مجرد قول
وإلا واقعاً من سُخريات القدر أن يأتي شخص فيصف الشيخ بهجت رضوان الله عليه بأنه مرتدّ وكافر، والعياذ بالله! ثم إن الذي يقول عن الشيخ بهجت هذا الكلام ما هي قيمته؟ ما هو مستواه العلمي؟ من هو أصلاً؟ وهذا الكلام لم يُذكر في حياته، ولو كان في حياته لصار الأمر سهلاً، حيث الصراع على مراكز، لكن بعد وفاة الرجل أن يأتي إنسان فيتلفظ بألفاظ غير مناسبة حتى لصغار طلاب العلوم، يعني طالب علم صغير لا يتفوّه بهذا الكلام، وإذا ما جئت لجماعته فإنهم يقولون لك: هذا فلان وهذا كذا وكذا، مع أنه لا يفرّق بين القول بوحدة الوجود وبوحدة الموجود، لا يفرّق بينهما، ويخلط بين العرفان وبين التصوّف، والقضية لا تقف عند هذا الشخص المتفوّه بهذا الكلام، بل نجده مسلكاً عامّاً عند هؤلاء، وهناك مجموعة من القنوات محسوبة على الشيعة والتشيع، ما ذكرت بعض هذه القنوات الشيخ رحمة الله عليه، بل لم تُنَوّه حتى على خبر وفاته، ماذا يُشمّ من هذا الأمر؟ ألا يُشمّ أن المسلك واحد؟!
عميل مجّاني في خدمة المستعمر
السيد القائد حفظه الله تحدّث عن باذلي الفرقة بين المسلمين أي بين السُنة والشيعة، والذي يتحدث عن حديث يفرّق بين المسلمين يقول عنه الإمام هذا عميل، إما عميل مجاني أي يخدم المستعمرين مجاناً، أو أنه واقعاً مُجنّد، ولكن من يقوم بهذين الأمرين معاً فما الذي يُقال عنه؟ الذي يحاول أن ينفث السموم والذي يحاول أن يُوقع بين المسلمين سنة وشيعة، وبين الشيعة أنفسهم ما الذي يُقال عنه بربكم؟ ألا يُقال عنه لا شك أنه مُجند؟ خصوصاً وأنه يعيش في أحضان أولئك؟! المسألة لا تحتاج إلى ذكاء، والغريب كما ذكرت أن هذا مسلك، فلو كان هذا الموقف صدر عن واحدٍ فقط فقد يُقال عنه: بأنه مخبول مثلاً، وأنه لا يعي أمره، إذ ذاك يمكن أن نقبل منه، لكنه مسلك يصل إلى مستوى قنوات ومواقع نت كلها تصب في نفس المصب.
أحدهم يُسئل عن الشيخ في موقعه فيقول: بأنه منحرف، فما هي علامات الانحراف عندكم؟ يا أيها الجهلة المتسمّين بالعلماء؟! وأحدهم يأتي فيشتم رسول الله (ص) لأن من يطعن في زوجه طعناً في شرفها، ألا يعتبر شاتماً لرسول الله (ص)؟ فالشتيمة لرسول الله (ص)، والآخر على رؤوس الأشهاد يطعن في رموز الآخرين، وكأنما يريد أن يقول أنتم الشيعة تقيمون الأدلة على أننا ننقد ونقيم ولا نسب، فرق بين السب وبين أن يقول خذوا الأدلة ونحن نسب وأنا أسب ونحن كلنا شيعة، هل في مثل هؤلاء ذرّة عقل؟! قطعاً لا.
قنوات ومواقع مجنّدة من أجل هذا الأمر
المشكلة أنه قد جُنّدت لهذا الأمر قنوات، أنا أسأل بالله إذا كان أقل ما يُذكر في تلك القنوات، أو رُبع ما يُذكر في تلك القنوات لو ذكرها خطيب في مسجد أو حسينية لتم استدعاؤه ومحاسبته، بينما هذه القنوات ترفع عقيرتها بما لا يُقال عادة، ولم تُحاسب، وهي بين ظهرانينا، فماذا يعني ذلك؟ هل يعني أنها قنوات مستقيمة؟ قطعاً هناك على الأقل علامة استفهام كبرى، لذلك فنحن غريبون أن نجعل هؤلاء أمناء على أبنائنا، كأن نقول بأنهم يأتون دعاء كميل، أو ينقلون قراءة حسينية، فأأتمنهم على أبنائي على زوجتي وبناتي، هؤلاء كارثة، فهذه فكرة سامة كما يقول الشهيد المطهّري: ( اللُقمة السامّة تقتل شخصاً، ولكن الفكرة السّامّة تقتل أمّة )، تقتل مجموعة من الناس، فكيف لي أن أثق في هذه القنوات وأدعها في بيتي وإن كانت تأتي بدعاء كميل، أو بقراءة حسينية، ينبغي أن أحذفها أن أشفّرها، أن لا أدعها تغذي أبنائي بهذا النمط من الفكر المنحرف.
ليس في الشيخ بهجت وحسب
هذا الشخص يستفيد من الاسم ويستفيد من العباءة لِيطعن في محاضرة له على الشيخ بهجت رضوان الله عليه، ومن بقي من علمائنا ومن مراجعنا من لم يتحدث عنه هذا الشخص بسوء؟! أنا أسأل من بقي من علماء الطائفة طاهراً نزيهاً عالماً عند هؤلاء؟! لا يوجد أحد ونحن لسنا ممن يثير المشاكل، وإلا فنحن عاصرنا هذه الحركة ووالله لقد كتبتُ فيها كثيراً مما شاهدته أنا، مما عرفته أنا وليس من الآخرين، ولو أردنا حقيقة والعياذ بالله أن نثير مثل هذه المسائل لطبعنا ما كتبناه، وما كتبناه عن حِسٍّ لا عن حدس، لكن هؤلاء حينما يتحدثون عن السيد الخوئي رضوان الله عليه نجدهم يتحدثون عنه بأقذع الكلمات، وعندما يتحدثون عن غيره أيضاً لا ينزّهونه، فالسيد الخوئي رضوان الله عليه عندهم خلاصته بعثيّ، ويأتي للإمام الخميني رضوان الله عليه، ما الذي يقوله عن الإمام الخميني؟! يقول عنه: كافر ومنحرف، وعندما يأتي لحكيم آل محمد من رفع رأسنا عزةً وكرامةً، وهو السيد حسن نصر الله حفظه الله، فإنه يقول عنه أيضاً بأنه منحرف، كما أنه يأتي على الشيخ الوحيد الخراساني ليقول عنه منحرف، ويأتي لكذا شخص في محاضراته فيصفهم بأوصاف الانحراف، فمن الذي بقي من علمائنا إذن؟!
خدمةً للاستعمار أم حُبّاً للدولار؟!
ـ إخوان هذا الرجل المتطاول على علمائنا لماذا لم يتّخذوا موقفاً منه؟! ولو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!
ـ لماذا التطاول على علمائنا؟! أهو خدمة للاستعمار؟!
ـ لماذا التطاول على عُرفائنا؟ أهو حُبٌّ للدولار؟!
الشيخ بهجت رضوان الله عليه هذا الرجل الذي بذل عمره الشريف من أجل الوصول إلى الله، وهذا سلوك نحو المعبود، وإذا كان هذا الشخص لا يعرف مسألة العرفان، فالعرفان سلوك، وإذا كان هذا الشخص المتطاول يخلط بين العرفان وبين التصوف وهو يدعي العلم، فإن عامّة الناس يفرّقون بين التصوّف وبين العرفان، بل حتى التصوف لا يقول بوحدة الموجود، وإنما يقول بالتجليّات، وهذا بالنسبة لعلمائنا نحن فالعرفان يختلف عن التصوّف ولا يقولون بهذه النظرة وبهذا الضيق، إن هذا الرجل المتطاول قد خلط بين مسألة فلسفية وبين مسألة صوفية، وهو لا يعنونها بهذا العنوان، وهي مسألة فلسفية هي موضع خلاف بين العلماء أنه هل هناك وحدة في الوجود أو أن هناك تفاوت؟ وحدة الوجود غير وحدة الموجود، لأن الشيء مركب من ماهيته ومن وجوده، فهل الوجود هو المخرج أم لا؟ هذه مسألة فلسفية، هذا الأخ هذا المعمم خلط بين الأمرين، وإلا إذا كان يقول بأن كل من يقول بوحدة الوجود فهو يقصد هذا المعنى، فهذه كارثة، لأن أخاهُ أحد من يقول بذلك في كتابه ( شرح المنظومة ) لاحظ هذا الأمر، أخوه في ( شرح المنظومة ) يقول بهذا الرأي، فإذا كان يريد هذا المعنى فهذه كارثة، وهذا يدل على الحد الذي أوصلنا الجهل حقيقة، وذلك بأننا نسمع كل شخص وأي شخص، وباعتبار هذا الرجل المتطاول طلبة ورجل دين، هذه كارثة، أما إذا قصد وحدة الموجود التي لا أحد يذهب إليها وليست بمطروحة وهي خلاف العقل، فهل يوجد شخص مجنون - فلا نريد عاقلاً ولا عالماً - هل يوجد شخص مجنون يقول لك أنت أنا وأنت أنت في نفس الوقت، هل يوجد أحد يقول بذلك؟! لذلك المجنون لا يضرب نفسه بل يضرب غيره، لا أحد يقول بوحدة الموجود لأنه لو قلنا بوحدة الموجود فهذا يعني بأن كل شيء في هذا العالم هو موجود، فيكون كله واحداً، فهل يذهب أحد إلى ذلك الرأي؟ لا أحد يذهب إلى هذا الرأي طبعاً، لا أحد يقول لك: أنت وأنا شخص واحد، فأنا إذا أشرت إلى صدري فإنني في ذات الوقت أشير إلى صدرك، هذا المعنى لا أحد يقول به، لكن ما الذي تقوله عن جهلة هذه الأمة المتلبسين بالعمائم؟!
قنوات فضائية أم دكاكين تسوّق بضاعتها المزجاة
لذا أنا استغربت وبقيت فترة أنتظر رداً من ذويه أو من جماعته أو من خطه عليه، فلم أجد هناك جواباً، وهذا مؤلم، وأكثر إيلاماً هذه القنوات التي هي مجموعة من الدكاكين، التي تسوق بضاعتها عبر التصفيق أو العزاء، يعني كأنما الشيعة والتشيع ليس لديهم فكر، إما فكرهم محصور في واحد جاهل متخلف ينقل خلاف الواقع للأمة، وأهم شيء لدى الواحد منهم أن يتكلّم، أهم شيء أن يملأ فراغاً، هؤلاء هم علماء الطائفة، أو شخص حينئذٍ ليس لديه عمل إلا أنه يصفّق أو أنه يُعزّي، هل هذا هو فكر أهل البيت؟ لقد استخدم العزاء وسيلة وليس غاية، وسيلة للوصول إلى أهداف الإمام الحسين (ع) وليس هو غاية، العزاء شرف وأحد الشعائر لا شك في ذلك، ولكن هل تفلح قناة من أن تبلّغ فكر أهل البيت (ع) فتأتي بأمور تنفّر؟! كأن تأتي بأمور عن التطبير أو هذه المسائل التي تنفّر البقية، فأنت تحاول أن تدخل فيخرج لك شخص فيقول لك: يا أخي أنتم كذا وكذا، القضية ليست مشتهاة أنه إذا اشتهيت فعلت، المسألة مصلحة إسلام ومسلمين، المسألة مسألة فهم ووعي.
لذلك السيدة الزهراء (ع) لم تُصعّد الأمور وإنما سجلت موقفاً وانتهت المشكلة، والإمام أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه سجل موقفاً وانتهت المشكلة بالنسبة له، بمعنى أنه شارك في بناء الدولة والفكر لدى المسلمين نعم بهذا المعنى، وليس بمعنى أنه نُسي بأنه إمام، لا! بل سجل بأنه هو الإمام المنصوب والمنصوص عليه وليعلم العالم وانتهت المسألة، ويبقى أن وظيفته الأخرى وهي حفظ مسار الدين، وهذا ما فعله الإمام أمير المؤمنين (ع) وفعلته السيدة الزهراء (ع) بدلاً من أن يبقى الإنسان يشق عصا المسلمين وليس فقط يشق عصا المسلمين بل في فترة من الفترات يقول لك: هؤلاء لا يحترموننا، وقد يقول لك إنهم يتهموننا بأننا ننال من الصحابة، نعم نحن عندنا أبو طالب بالإضافة إلى أنه صحابي فهو عم لرسول الله (ص) وناصر له، وأبٌ لأمير المؤمنين (ع) وثبت لدينا بالدليل إسلامه، ومع ذلك نجد بأن الآخرين يطعنون فيه، افترض أنك وصلت إلى هذا المستوى ولكن ما هو دليلك وما الذي تعطيه لنفسك تبريراً لوضع الفرقة بين الشيعة أنفسهم؟ حينما ترفع عقيرتك سواء في كتب تُطبع، كتب تطبع الهدف منها هو شق الصف بين الشيعة أنفسهم، وليس فقط بين الشيعة والسنة.
لماذا لا تُسمّوا الأشياء بأسمائها؟!
وهناك كلمات ومحاضرات سواء في المجالس الخاصة أو في المجالس العامة، الهدف منها كسر العنفوان الشيعي، وإلا بمجرد أن تذكر هذه الصحوة في أيامنا هذه فلمن تُنسب؟! تنسب للإمام رضوان الله عليه والعالم كله يشهد للإمام بأنه باعث الصحوة الإسلامية في عصرنا الحاضر، وقصدي بالعالَم هنا أعم من المسيحيين وغيرهم، فيأتيك شخص محاولاً التقليل من هذه الحقيقة فيعطيك عناوين معينة: فلان وفلان هو من كان وراء كذا وهو من كان وراء كذا، أسوأ من ذلك في هذه الأيام هناك ضجة موجودة ومسلك وهو غريب يقول لك: الإمام الخميني رضوان الله عليه حينما كان مُهدداً بالإعدام والقتل في إيران، الذي أنقذه فلان لأنه شهد باجتهاده، وفي القانون الإيراني المجتهد لا يُعدم، لذلك فلان اشتغل ليل نهار لكي يُثبت اجتهاد الإمام الخميني رضوان الله عليه، أقول: هؤلاء يستغلون البعد الزمني بين حركة الإمام الأولى وبين عصرنا الحاضر، هذا هو الأمر الأول، الأمر الثاني: يستغلون جهلنا نحن كعرب فيكتبونها باللغة العربية لكنهم لا يكتبونها باللغة الفارسية، بل تكتب باللغة العربية ونحن العرب لا نعرف هذه الفترة لذلك تكتب لنا.
أولاً: يراد بأن يُرفع فلان على كتف الإمام الخميني رضوان الله عليه، فلان الذي يوجد تشكيك في كثير من قضاياه لست في صدد الحديث والرد وأن آتي بالوثائق سواء من السيد الخوئي أو غيره، يقول لك نحن متساوون وهناك من يقول كذا وهناك من يقول كذا، هذا هو الهدف حقيقة بينما الإمام فهو كذا، هذا الكلام الذي يورده هؤلاء عنه هو غير صحيح، انظر إلى كتاب ( آثار الحجة ) الذي طُبع قبل حركة الإمام رضوان الله، وقبل ثورة الإمام رضوان الله عليه، وقبل تدخل الإمام رضوان الله عليه في الشؤون الداخلية، بقرابة أربع سنوات تقريباً أو أكثر، وهذا الشخص معاصر وهو من العلماء ينص فيها على أن الإمام رضوان الله عليه والسيد المرعشي النجفي ويذكر الإمام أولاً والسيد القلبيقاني هم بعد السيد البرجردي رضوان الله عليه، ويذكره بعبارات غريبة عجيبة بأنه صدر متألهي زمانه، ويذكر عن الإمام ليس الاجتهاد وإنما أعلى من هذه المرتبة بمراتب، يأتيك ليتحدث إنسان بهذه اللغة ألا يدل على حالة من الجهل؟ نعم يدل على حالة من الجهل.
ثانياً: العلماء إلى هذا الحد لديهم بساطة بحيث يشهدون لشخص ليس مجتهداً بأنه مجتهد لأن فلان قال لهم اشهدوا له؟! هذا غير صحيح، كم من الأشخاص اعتقلوا وهم من العلماء ومن المعممين ومن المجتهدين وبعضهم أُعدِمَ مثل: آية الله الغفّاري (رض)، ومع ذلك أُعدِمَ فلماذا لم يشهد له العلماء ويخرجونه من الإعدام؟!
ثالثاً: المجتهد في القانون الإيراني ليس له حصانة، الذي له حصانة هو المرجع، وليس كل مرجع كان موقف العلماء فيه كموقفهم من الإمام رضوان الله عليه، والدليل على ذلك أنه اعتقل مع الإمام الخميني (رض) الشيخ بهاء الدين المحلاتي الشيرازي، وكان مرجعاً وكان مقلداً فلماذا لم توجد ضجة له كما وجدت ضجّة للإمام؟! انظر إلى كل ـ وأنا أقول ( كل ) ـ نعم كل البيانات والرسائل التي أخرجها العلماء والمراجع قاطبة بلا استثناء أعني كلاً من السيد الحكيم، السيد الخوئي، السيد الشاهرودي، السيد الميلاني، السيد المرعشي رضوان الله عليهم، بل كل علماء الطائفة حينما يكتبون بياناً عن السجناء فإن أول شخص يذكرونه هو آية الله السيد روح الله الموسوي الخميني، أول شخص يذكر، فلماذا لا يذكرون هذا المرجع أو ذاك؟!
ومن هو الخميني الذي ليس مجتهداً كما يُدعّى؟
هل هو إنسان عادي؟ إذن لماذا نجد العلماء يُصّرون على أنه يخرج وهناك كثير من المجتهدين في السجون ولم تصدّر في صالحهم هذه البيانات؟! كفانا كذباً وكفانا قبولاً لهذه الترهات حقيقة، هذه أكاذيب، إذا الإنسان يقرأ من الناحية التاريخية كما ذكرت، فكتاب ( آثار الحجة ) طُبع قبل حركة الإمام في عام 1332 هجري شمسي، وهذا يعني أن هذا الكلام كان قبل 55 سنة تقريباً، ونحن الآن في 1385 هجري شمسي، بيانات المراجع كلهم أجمعون، وهناك أربع شهادات في بداية حركة الإمام كان جهاز السافاك يحاول أن يثير قضية معينة، ولم يثر قضية عدم اجتهاد الإمام لأنه يعرف أن الإمام إذا وصل إلى سدة الحكم العليا للطائفة ما الذي سيحصل للشاه بعده، وكان يعرف نعم يعرف، لذلك أشاع في الأوساط بأن مستواه العلمي أقل من غيره، وغيره أعلى منه، فقط أثار هذه المسألة والتي أوجبت على أربعة من كبار علماء الطائفة آنذاك أن يُصدّروا بيانات تشهد بمستوى الإمام العلمي، وأنه أحد أساطين الطائفة، ومن هم هؤلاء؟! ليسوا أناساً عاديين، اترك بعض العلماء من تلامذة الإمام بل هناك مجموعة تقول بأعلمية الإمام من بعد وفاة السيد البروجردي كان هناك حديث على أن الأعلم في عصرنا الحاضر كان يدور بين السيد هادي الشيرازي وبين السيد الإمام رحمة الله عليه، لكن أربعة من علماء الطائفة وهذا رأي الشيخ الإمامي الكاشاني وكان يقول بأن الأعلمية كانت محصورة بين هذين الشخصين، بعد السيد البروجردي، لكن الكلام أنا أتحدث عن أربعة من كبار علماء الطائفة الذين تحدّثوا بهذه اللغة، أحدهم آية الله العظمى السيد محمد هادي الميلاني قبل أن يُسجن الإمام الراحل، والإمام يكتب له فيقال بأنه هو الذي أقنع علماء النجف بأن يشهدوا للإمام الخميني رضوان الله عليه فهذا غير صحيح، لأن آية الله السيد مدني عمل اجتماعاً في مسجد الهندي وكان في هذا الاجتماع السيد الخوئي والسيد الشاهرودي رضوان الله عليهما وتحدث معهما عن السيد الإمام وما يجب علينا لإنقاذ الإمام لأنه ذخيرة الله عز وجل في هذه الأمة، أيضاً آية الله السيد الميلاني مدح الإمام بهذا المعنى وأنه أحد مراجع العصر، كذلك آية الله السيد المرعشي النجفي، وآية الله الشيخ محمد تقي الآملي تلميذ الشيخ النائيني رضوان الله عليه صاحب ( الدرر في شرح المنظومة للسبزواري) صاحب شرح العروة الوثقى، وآية الله العظمى السيد كاظم شريعة مداري.
لماذا هذه الأكاذيب وذلك التضليل؟
ويوجد لديّ بخط يده قبل حركة الإمام يقول بأن الإمام الخميني أحد مراجع الطائفة وأحد أساطين علماء الطائفة، فلماذا هذه الأكاذيب؟! بعض الأشخاص يكذب في أمور لم تحصل ولا يوجد لديه وثائق، أما هؤلاء فقد تعوّدوا الكذب، وتعوّدوا النيل من قمم هذه الطائفة، وآخر هذه القمم هو الشيخ بهجت رضوان الله عليه، وإلا لمثل الشيخ بهجت يُقال عنه بأنه مرتد فطرياً والعياذ بالله؟!
والخاتمة توضيح واستغراب ودعاء
والارتداد نوعان: مرتد عن ملة ومرتد عن فطرة، المرتد عن الملة كأن يوجد شخص كان مسيحياً ثم أسلم ثم ارتد، هذا لا يُقتل وإنما نستتيبه، فالمرتد عن ملة يُستتاب، أما المرتد عن فطرة فإنه لا يُستتاب ولا تُقبل توبته بل يُقتل، نعم حكمه القتل وهو مهدور الدم، هؤلاء جهلة لا يعرفون لا يفقهون لا يقرؤون، نعم هم علماء بعناوينهم، ألا ترى بعض أصحاب البيوتات لأنه من بيت علمائي وبيت مرجعية فإن المرجعية تلتصق به التصاقاً، فهو وإن لم يكن مرجعاً إلا انه مرجع بالالتصاق كما نقول نحن الأحسائيون ( بالطمغة ) فهو يصير مرجعاً بالتوارث، ألسنا ننتقد أشخاصاً يقولون لك هذا المرجع بمجرد أن يموت يأتي ابنه مكانه، هذه هي نفس الحالة، فقد مات الأب ثم جاء الولد ثم جاء الأخ وهي ذات الحالة فما الفرق بين هؤلاء وهؤلاء.
نسأل من الله عز وجل أن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يحفظ ويعز ولي أمر المسلمين، كما نسأل منه سبحانه وتعالى أن ينصر حكيم آل محمد وأن يحفظ الشيعة والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين