جمال
09-26-2004, 11:51 AM
القاهرة ـ من محمد عبد الحكيم:
اتهم وزير أوقاف حكومة كردستان العراق محمد أحمد زندكي، أتباع النظام العراقي السابق بالوقوف وراء عمليات قتل واختطاف الرهائن, وأوضح في حوار مع «الرأي العام» على هامش زيارته للقاهرة، أن هذه الجماعات «تتستر بعباءة الدين الإسلامي للوقوف في وجه تطور وتقدم العراق وتحسين الأوضاع الأمنية فيه», وأكد أن مثل هذه الأعمال «تضر بالإسلام والمسلمين، خصوصا أنهم ينتشرون في كل مكان في العالم», وأوضح أن «ما يحدث يؤثر عليهم في مجتمعاتهم التي يعيشون فيها».
وقال زندكي: «كما أن الإسلام ليس دين قتل الأطفال وقطع رؤوس الرهائن، فما يحدث إساءة للإسلام وغبن له», وفي ما يلي نص الحوار:
ظهر في العراق أخيرا بعض الجماعات الصغيرة التي تدعي انتماءها لتيارات إسلامية، وتقوم بعمليات اختطاف الرهائن وقتلهم، فما موقف الإسلام من مثل هذه الجماعات؟
ـ جميعنا يعلم جيداً، أن منذ مجيء حزب البعث إلى السلطة، عمل على أن يكون العراق وأهله رهينة له، فكان الرئيس البائد صدام حسين يصرح بأن من يتسلم العراق من بعده سيتسلم أرضا محروقة أو أرضا بلا شعب, وهم قرروا أن تكون خيرات البلد وثرواته لمصلحة هذه الفئة، وفرقوا الشعب إلى شيع وجماعات، والقريبون منهم يستحوذون على كل شيء، والبعض الآخر لا يعطونه أيا من حقوقه، والمقابر الجماعية شاهدة على هذا، والإبادة بالسلاح الكيماوي وإضطهاد الشعب الكردي.
كل هذا دليل على أنهم كانوا فئة واحدة من الشعب الذين حول الرئيس البائد ومن يتبعونه وينفذون أوامره، فالعراق لهم والخير لهم وقد كان يعرف دائماً العراق بأنه «عراق صدام»، والآن تغير الوضع تماما، ولم يعد في يد هؤلاء شيء، وهم فئة كبيرة، فكما يعلم الجميع فقد كان يمتلك العراق ثلاث فئات من الجيش، الجيش الاعتيادي وافراده من عامة الناس، والحرس الجمهوري، وعناصره ممن كانوا ينتسبون للحزب، وأخيراً «فدائيي صدام»، وهم أيضا ينتمون للحزب وولاؤهم لشخصه فقط.
أضف إلى هذا عناصر الاستخبارات والمباحث، وهؤلاء كانت خيرات العراق لهم وهم أكثر الناس ثراء, إذن هؤلاء فئة قوية من الناحية المالية والخبرات العسكرية, وكما ذكرت هؤلاء الآن أخرجوا من المعادلة السياسية للعراق الحديث، ولم يعودوا يمتلكون شيئاً من السلطة، وكما هو معلوم فإن سلطات التحالف اتبعت سياسة إبعاد هؤلاء من السلطة، على حسب عقيدتهم هم، لكن حسب عقيدتنا كان يجب على الولايات المتحدة اتباع سياسة مرنة معهم، أو على الأقل منحهم بعض المميزات الضئيلة من باب «المؤلفة قلوبهم» حتى يتم إحتواؤهم.
لكن الاميركيين تعاملوا معهم ببعض الشدة بل وقاموا بقطع رواتبهم، وبالتأكيد هؤلاء لا يقفون مكتوفي الأيدي، ولديهم السلاح والخبرة العسكرية والديبلوماسية وصداقات مع كل الدول، فلا نتوقع منهم الرضوخ والإذعان حيث يرغبون بالمشاركة في الحكم، لكن الاميركيين يرفضون هذا الأمر ولذلك يقومون بكل ما من شأنه عرقلة تقدم العراق.
وبما أن اسم البعث أصبح «كريهاً» في الوقت الراهن، فهؤلاء يستخدمون عباءة فضفاضة هي عباءة الإسلام، وللأسف الشديد فليس هناك أية سيطرة لعلماء الدين في العراق على هؤلاء، وعلى رأسهم هيئة علماء المسلمين، بدليل أنهم حاولوا بكل جهدهم الإفراج عن الصحافيين الفرنسيين المخطوفين, وكنت سمعت الشيخ حارث الضاري، رئيس هيئة علماء السنة، يطالب الخاطفين بإطلاقهم فورا، لأن فرنسا كانت مع قضيتنا.
والآن ظهرت في العراق جماعات عدة تتدثر بالدين، فمثلاً هناك جماعة تطلق على نفسها اسم «أبو حنيفة»، نسبة إلى أبي حنيفة النعمان، فأين أبو حنيفة النعمان من قتل الأبرياء؟
الشيخ يوسف القرضاوي أصدر أخيرا فتوى تبيح قتل المدنيين الأميركيين في العراق، ما تعليقكم، خصوصا أن هناك العديد من الفتاوى المشابهة التي ظهرت أخيرا والتي تغرر بالشباب المسلم الصغير وتدفعهم إلى الجهاد؟
ـ الدكتور يوسف القرضاوي نفى أخيرا إصداره مثل هذه الفتوى، وأشار إلى أنه لم يناد بقتل الأميركيين بل مقاومتهم, أما بخصوص الفتاوى الأخرى التي تغرر بشبابنا المسلم، فنحن لا بد أن نأخذ ديننا من رسولنا (صلى الله عليه وسلم)، فالرسول حتى في الجهاد لم يكن يرضى أن ينضم إليه الصغار، فإبن عمر في «غزوة بدر» لم يأخذه لأنه صغير.
إذن تجب مراعاة سن البلوغ في كل أمر، فلا يجوز إقحام الأطفال ومن هم دون سن البلوغ في هذه المسائل.
ثانياً، الإسلام ليس دين قتل، فالقتال في الإسلام لهدف، والهدف يكون دائماً تحرير أرض الإسلام، أو يكون توسعة أرض لمصلحة المسلمين، وبالنسبة الى العراق فهذان الشرطان غير متوافرين، فليس صحيحاً ما ينادون به أنهم يحاولون تحرير العراق, فكما نعلم فإن عهد الرئيس السابق صدام حسين كان ايضاً ظالما ولا يستطيع أحد أن يجادل في ذلك، وأن زواله كان مصدر سعادة لكثير من فئات الشعب إلا الطائفة التي كانت تستفيد من وجوده في الحكم، والاميركيون أزالوا حكم صدام، وهم لا ينادون بأنهم سيجعلون من العراق إحدى الولايات الأميركية بل ينادون بأنهم سيبقون في العراق إلى حالة الضرورة.
وفي الوقت الراهن، فإذا خرجت القوات الأميركية ستحدث حرب أهلية بين هؤلاء الذين يصارعون من أجل الوصول إلى الحكم وسيتصارعون في ما بينهم, فإذا نظرنا إلى فئات الشعب التي سرت بزوال حكم صدام، نجدها أكبر عدوا من أولئك الذين كانوا يرغبون في استمرار حكمه، إذاً أكثرية العراقيين راضية، وما دامت الأكثرية راضية فلا يجوز شرعاً للأقلية أن تكون وصية عليهم، وإلا لأصبح الوضع فوضويا, وشرعا ما دام هناك حكومة في العراق ومعترف بها من قبل الأمم المتحدة لا يجوز لأحد أن يدعي بأنها حكومة باطلة.
هل من الممكن أن تنجح محاولات هؤلاء في خلق فتنة طائفية؟
ـ لا أظن ذلك، فالذين ظلموا من صدام كانوا سنة وشيعة وأكرادا، هؤلاء ما زالوا منسجمين ولا يزالون يحافظون على التوازن، وهم الأكثر والأقوى، ولذلك لا أظن أن هؤلاء سينجحون في خلق فتنة طائفية.
صدرت أخيرا العديد من الفتاوى التي تطالب بإطلاق الرهائن، كيف يمكن تفعيلها؟
ـ الذين يقومون بمثل هذه العمليات، عسكريون من العهد البائد، ولا علاقة لهم بالدين الإسلامي, فكما ذكرت، يرغبون في الوصول إلى كرسي الحكم, وبالنسبة الى فتاوى العلماء، فإذا لم يجدوا من ورائها مصلحة لهم، فلا يلتزمون بها، أما إذا وجدوها تحقق أهدافهم فيلتزمون بها ولا نستطيع أن نفعل هذه الفتاوى، فعلماء الدين في العراق لا علاقة لهم بهؤلاء الخاطفين، حيث لم يأتوا من أجل الدين وإنما من أجل المنصب.
ما مدى إمكانية حدوث تقارب بين علماء الدين السنة والشيعة للتصدى لمثل هذه الجماعات؟
ـ هناك بالفعل محاولات جدية نحو حدوث حوار سني ـ شيعي وهو في طريقه للنجاح، لكن في ظل حال الفوضى التي تعم العراق لم تظهر نتائج مثل هذا الحوار، حيث يحاول بعض علماء السنة وعلماء الشيعة توحيد الصف ولتكون الفتاوى الدينية التي تصدر عن الطرفين منسجمة ويكون لعلماء الدين قوة يستطيعون من خلالها التصدى لمثل هذه الجماعات، لكن ما زالت الأوضاع في صف أهل الفوضى.
زيارتكم للقاهرة، هل هي زيارة عمل؟
ـ نعم، التقيت شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي ووزير الأوقاف المصري محمود حمدي زقزوق، وتدارست معهما من أجل السماح لطلابنا بتلقي العلم في الجامعات والمعاهد الأزهرية في مصر، إضافة إلى استقدام بعض المعلمين من مصر للتدريس في كردستان العراق.
وكما يعلم الجميع فمنذ سنوات طويلة والطلبة الكرد كانوا يفدون إلى مصر، لتلقي العلم في جامعة الأزهر، حيث كان هناك ما يعرف برواق الطلبة الأكراد، فجئت للتشاور حول هذه الموضوعات، وقد كانت استجابتهم طيبة مثلما توقعت وأكثر، فالباب مفتوح لأن يأتي الطلبة الكرد للدراسة في الأزهر.
هناك اتهامات كثيرة بوجود إسرائيلي في شمال العراق، ما مدى صحة هذه الاتهامات؟
ـ سمعت كثيراً بمثل هذه الاتهامات، وتعجبت منها، فليس لنا أية حدود مباشرة مع إسرائيل حتى يدخلوا إلى شمال العراق، فهل يدخلون من سورية أم تركيا أم إيران أم أنهم يأتون من السماء؟ وإذا كانوا يقصدون بالوجود الإسرائيلي، قسما من الجنود الأميركيين اليهود، فلا لأحد السيطرة ليقول للجندي الأميركي أنت يهودي أو مسيحي أو مسلم، وقد أشار البعض إلى تواجد إسرائيلي في مطار أربيل، فهذا المطار تديره شركة أميركية، فإذا كان بعض موظفي هذه الشركة يهودا، فهذا ليس معناه تواجدا إسرائيليا، وهم أصلا لا يدخلون المدينة إطلاقاً, وأؤكد هنا أنه ليس هناك أي وجود إسرائيلي رسمي في شمال العراق.
البعض يتهم أكراد العراق بأنهم انفصاليون، فكيف ترد على مثل هذه الاتهامات؟
ـ بالنسبة الينا كأكراد، افضل شيء لنا أن يكون العراق ديموقراطيا وموحدا ويكون للكرد حقوقهم وعليهم واجباتهم بالتساوي مع بقية العراقيين، هذا هو الأنفع لنا، وإذا حاول الأكراد إقامة دولة مستقلة لهم سيواجهون بمعارضة شديدة من قبل تركيا وسورية وإيران، باعتبار أن هناك جزءا كبيرا من الأكراد في هذه الدول.
وكما ذكرت الأنفع للكرد أن يكونوا جزءاً من العراق، شرط أن يكونوا متساوين مع الآخرين وليسوا محرومين من كل شيء كما كان في الماضي, وبالنسبة الينا، قضية الفيديرالية أمر مهم.
ولماذا هذا الإصرار الكردي على موضوع الحكم اللامركزي؟
ـ هذا الاصرار نتيجة للخوف مما تعرض له الأكراد في السابق من ضرب الكيماوي و«الانفال» وغيرهما، فإذا كان رئيس الوزراء أياد علاوي رجلا معتدلا، فما أدرانا بألا يأتي شخص آخر بعد الانتخابات يصبح مثل صدام حسين, وإن شاء الله هذا الخوف السابق لا يعود.
وهل تخشون على وحدة العراق؟
ـ لا, حسب تصوري تجزئة العراق أمر بعيد لأسباب كثيرة، فكل جزء يعتمد كليا أو جزئياً على الجزء الآخر، والأكثرية من الشعب العراقي لا ترغب في ذلك ولمصلحة أنفسها تحافظ على الوحدة.
هناك اتهامات لحكومة كردستان بالعمل على إحداث تغيير ديموغرافي في كركوك لمصلحة الأكراد؟
ـ كركوك يسكنها العرب السنة والتركمان والأكراد, وبعد العام 1970، بدأ النظام السابق بتوطين بعض العرب الشيعة في المدينة، هؤلاء مستوطنون وليسوا من أهل المنطقة، فإذا كان البعض يتهم الأكراد بمحاولة إعادة هؤلاء إلى مناطقهم الأصلية، فالعرب السنة والتركمان أيضاً يرغبون في مثل هذا الأمر، وهم أصلا جاءوا باسم تعريب المنطقة، وهذا اسم سياسي كريه، فهؤلاء المفترض أن يعودوا إلى مناطقهم الأصلية، وهذا ليس طردا، فالوضع الديموغرافي كان متغيرا والآن نريد أن نصححه.
هذا بالنسبة الى العرب الشيعة، فماذا في شأن التركمان؟
ـ التركمان لهم حقوق، وليس هناك أحد يريد أن يسلبها منهم، وليس وارداً محاولة إجبار التركمان على الخروج من المدينة، ولن يطرد أحد من أهل كركوك الأصليين, فقط هؤلاء العرب المستوطنون، أما العرب السنة من السكان الأصليين فلا يستطيع أحد إخراجهم من مناطقهم.
اتهم وزير أوقاف حكومة كردستان العراق محمد أحمد زندكي، أتباع النظام العراقي السابق بالوقوف وراء عمليات قتل واختطاف الرهائن, وأوضح في حوار مع «الرأي العام» على هامش زيارته للقاهرة، أن هذه الجماعات «تتستر بعباءة الدين الإسلامي للوقوف في وجه تطور وتقدم العراق وتحسين الأوضاع الأمنية فيه», وأكد أن مثل هذه الأعمال «تضر بالإسلام والمسلمين، خصوصا أنهم ينتشرون في كل مكان في العالم», وأوضح أن «ما يحدث يؤثر عليهم في مجتمعاتهم التي يعيشون فيها».
وقال زندكي: «كما أن الإسلام ليس دين قتل الأطفال وقطع رؤوس الرهائن، فما يحدث إساءة للإسلام وغبن له», وفي ما يلي نص الحوار:
ظهر في العراق أخيرا بعض الجماعات الصغيرة التي تدعي انتماءها لتيارات إسلامية، وتقوم بعمليات اختطاف الرهائن وقتلهم، فما موقف الإسلام من مثل هذه الجماعات؟
ـ جميعنا يعلم جيداً، أن منذ مجيء حزب البعث إلى السلطة، عمل على أن يكون العراق وأهله رهينة له، فكان الرئيس البائد صدام حسين يصرح بأن من يتسلم العراق من بعده سيتسلم أرضا محروقة أو أرضا بلا شعب, وهم قرروا أن تكون خيرات البلد وثرواته لمصلحة هذه الفئة، وفرقوا الشعب إلى شيع وجماعات، والقريبون منهم يستحوذون على كل شيء، والبعض الآخر لا يعطونه أيا من حقوقه، والمقابر الجماعية شاهدة على هذا، والإبادة بالسلاح الكيماوي وإضطهاد الشعب الكردي.
كل هذا دليل على أنهم كانوا فئة واحدة من الشعب الذين حول الرئيس البائد ومن يتبعونه وينفذون أوامره، فالعراق لهم والخير لهم وقد كان يعرف دائماً العراق بأنه «عراق صدام»، والآن تغير الوضع تماما، ولم يعد في يد هؤلاء شيء، وهم فئة كبيرة، فكما يعلم الجميع فقد كان يمتلك العراق ثلاث فئات من الجيش، الجيش الاعتيادي وافراده من عامة الناس، والحرس الجمهوري، وعناصره ممن كانوا ينتسبون للحزب، وأخيراً «فدائيي صدام»، وهم أيضا ينتمون للحزب وولاؤهم لشخصه فقط.
أضف إلى هذا عناصر الاستخبارات والمباحث، وهؤلاء كانت خيرات العراق لهم وهم أكثر الناس ثراء, إذن هؤلاء فئة قوية من الناحية المالية والخبرات العسكرية, وكما ذكرت هؤلاء الآن أخرجوا من المعادلة السياسية للعراق الحديث، ولم يعودوا يمتلكون شيئاً من السلطة، وكما هو معلوم فإن سلطات التحالف اتبعت سياسة إبعاد هؤلاء من السلطة، على حسب عقيدتهم هم، لكن حسب عقيدتنا كان يجب على الولايات المتحدة اتباع سياسة مرنة معهم، أو على الأقل منحهم بعض المميزات الضئيلة من باب «المؤلفة قلوبهم» حتى يتم إحتواؤهم.
لكن الاميركيين تعاملوا معهم ببعض الشدة بل وقاموا بقطع رواتبهم، وبالتأكيد هؤلاء لا يقفون مكتوفي الأيدي، ولديهم السلاح والخبرة العسكرية والديبلوماسية وصداقات مع كل الدول، فلا نتوقع منهم الرضوخ والإذعان حيث يرغبون بالمشاركة في الحكم، لكن الاميركيين يرفضون هذا الأمر ولذلك يقومون بكل ما من شأنه عرقلة تقدم العراق.
وبما أن اسم البعث أصبح «كريهاً» في الوقت الراهن، فهؤلاء يستخدمون عباءة فضفاضة هي عباءة الإسلام، وللأسف الشديد فليس هناك أية سيطرة لعلماء الدين في العراق على هؤلاء، وعلى رأسهم هيئة علماء المسلمين، بدليل أنهم حاولوا بكل جهدهم الإفراج عن الصحافيين الفرنسيين المخطوفين, وكنت سمعت الشيخ حارث الضاري، رئيس هيئة علماء السنة، يطالب الخاطفين بإطلاقهم فورا، لأن فرنسا كانت مع قضيتنا.
والآن ظهرت في العراق جماعات عدة تتدثر بالدين، فمثلاً هناك جماعة تطلق على نفسها اسم «أبو حنيفة»، نسبة إلى أبي حنيفة النعمان، فأين أبو حنيفة النعمان من قتل الأبرياء؟
الشيخ يوسف القرضاوي أصدر أخيرا فتوى تبيح قتل المدنيين الأميركيين في العراق، ما تعليقكم، خصوصا أن هناك العديد من الفتاوى المشابهة التي ظهرت أخيرا والتي تغرر بالشباب المسلم الصغير وتدفعهم إلى الجهاد؟
ـ الدكتور يوسف القرضاوي نفى أخيرا إصداره مثل هذه الفتوى، وأشار إلى أنه لم يناد بقتل الأميركيين بل مقاومتهم, أما بخصوص الفتاوى الأخرى التي تغرر بشبابنا المسلم، فنحن لا بد أن نأخذ ديننا من رسولنا (صلى الله عليه وسلم)، فالرسول حتى في الجهاد لم يكن يرضى أن ينضم إليه الصغار، فإبن عمر في «غزوة بدر» لم يأخذه لأنه صغير.
إذن تجب مراعاة سن البلوغ في كل أمر، فلا يجوز إقحام الأطفال ومن هم دون سن البلوغ في هذه المسائل.
ثانياً، الإسلام ليس دين قتل، فالقتال في الإسلام لهدف، والهدف يكون دائماً تحرير أرض الإسلام، أو يكون توسعة أرض لمصلحة المسلمين، وبالنسبة الى العراق فهذان الشرطان غير متوافرين، فليس صحيحاً ما ينادون به أنهم يحاولون تحرير العراق, فكما نعلم فإن عهد الرئيس السابق صدام حسين كان ايضاً ظالما ولا يستطيع أحد أن يجادل في ذلك، وأن زواله كان مصدر سعادة لكثير من فئات الشعب إلا الطائفة التي كانت تستفيد من وجوده في الحكم، والاميركيون أزالوا حكم صدام، وهم لا ينادون بأنهم سيجعلون من العراق إحدى الولايات الأميركية بل ينادون بأنهم سيبقون في العراق إلى حالة الضرورة.
وفي الوقت الراهن، فإذا خرجت القوات الأميركية ستحدث حرب أهلية بين هؤلاء الذين يصارعون من أجل الوصول إلى الحكم وسيتصارعون في ما بينهم, فإذا نظرنا إلى فئات الشعب التي سرت بزوال حكم صدام، نجدها أكبر عدوا من أولئك الذين كانوا يرغبون في استمرار حكمه، إذاً أكثرية العراقيين راضية، وما دامت الأكثرية راضية فلا يجوز شرعاً للأقلية أن تكون وصية عليهم، وإلا لأصبح الوضع فوضويا, وشرعا ما دام هناك حكومة في العراق ومعترف بها من قبل الأمم المتحدة لا يجوز لأحد أن يدعي بأنها حكومة باطلة.
هل من الممكن أن تنجح محاولات هؤلاء في خلق فتنة طائفية؟
ـ لا أظن ذلك، فالذين ظلموا من صدام كانوا سنة وشيعة وأكرادا، هؤلاء ما زالوا منسجمين ولا يزالون يحافظون على التوازن، وهم الأكثر والأقوى، ولذلك لا أظن أن هؤلاء سينجحون في خلق فتنة طائفية.
صدرت أخيرا العديد من الفتاوى التي تطالب بإطلاق الرهائن، كيف يمكن تفعيلها؟
ـ الذين يقومون بمثل هذه العمليات، عسكريون من العهد البائد، ولا علاقة لهم بالدين الإسلامي, فكما ذكرت، يرغبون في الوصول إلى كرسي الحكم, وبالنسبة الى فتاوى العلماء، فإذا لم يجدوا من ورائها مصلحة لهم، فلا يلتزمون بها، أما إذا وجدوها تحقق أهدافهم فيلتزمون بها ولا نستطيع أن نفعل هذه الفتاوى، فعلماء الدين في العراق لا علاقة لهم بهؤلاء الخاطفين، حيث لم يأتوا من أجل الدين وإنما من أجل المنصب.
ما مدى إمكانية حدوث تقارب بين علماء الدين السنة والشيعة للتصدى لمثل هذه الجماعات؟
ـ هناك بالفعل محاولات جدية نحو حدوث حوار سني ـ شيعي وهو في طريقه للنجاح، لكن في ظل حال الفوضى التي تعم العراق لم تظهر نتائج مثل هذا الحوار، حيث يحاول بعض علماء السنة وعلماء الشيعة توحيد الصف ولتكون الفتاوى الدينية التي تصدر عن الطرفين منسجمة ويكون لعلماء الدين قوة يستطيعون من خلالها التصدى لمثل هذه الجماعات، لكن ما زالت الأوضاع في صف أهل الفوضى.
زيارتكم للقاهرة، هل هي زيارة عمل؟
ـ نعم، التقيت شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي ووزير الأوقاف المصري محمود حمدي زقزوق، وتدارست معهما من أجل السماح لطلابنا بتلقي العلم في الجامعات والمعاهد الأزهرية في مصر، إضافة إلى استقدام بعض المعلمين من مصر للتدريس في كردستان العراق.
وكما يعلم الجميع فمنذ سنوات طويلة والطلبة الكرد كانوا يفدون إلى مصر، لتلقي العلم في جامعة الأزهر، حيث كان هناك ما يعرف برواق الطلبة الأكراد، فجئت للتشاور حول هذه الموضوعات، وقد كانت استجابتهم طيبة مثلما توقعت وأكثر، فالباب مفتوح لأن يأتي الطلبة الكرد للدراسة في الأزهر.
هناك اتهامات كثيرة بوجود إسرائيلي في شمال العراق، ما مدى صحة هذه الاتهامات؟
ـ سمعت كثيراً بمثل هذه الاتهامات، وتعجبت منها، فليس لنا أية حدود مباشرة مع إسرائيل حتى يدخلوا إلى شمال العراق، فهل يدخلون من سورية أم تركيا أم إيران أم أنهم يأتون من السماء؟ وإذا كانوا يقصدون بالوجود الإسرائيلي، قسما من الجنود الأميركيين اليهود، فلا لأحد السيطرة ليقول للجندي الأميركي أنت يهودي أو مسيحي أو مسلم، وقد أشار البعض إلى تواجد إسرائيلي في مطار أربيل، فهذا المطار تديره شركة أميركية، فإذا كان بعض موظفي هذه الشركة يهودا، فهذا ليس معناه تواجدا إسرائيليا، وهم أصلا لا يدخلون المدينة إطلاقاً, وأؤكد هنا أنه ليس هناك أي وجود إسرائيلي رسمي في شمال العراق.
البعض يتهم أكراد العراق بأنهم انفصاليون، فكيف ترد على مثل هذه الاتهامات؟
ـ بالنسبة الينا كأكراد، افضل شيء لنا أن يكون العراق ديموقراطيا وموحدا ويكون للكرد حقوقهم وعليهم واجباتهم بالتساوي مع بقية العراقيين، هذا هو الأنفع لنا، وإذا حاول الأكراد إقامة دولة مستقلة لهم سيواجهون بمعارضة شديدة من قبل تركيا وسورية وإيران، باعتبار أن هناك جزءا كبيرا من الأكراد في هذه الدول.
وكما ذكرت الأنفع للكرد أن يكونوا جزءاً من العراق، شرط أن يكونوا متساوين مع الآخرين وليسوا محرومين من كل شيء كما كان في الماضي, وبالنسبة الينا، قضية الفيديرالية أمر مهم.
ولماذا هذا الإصرار الكردي على موضوع الحكم اللامركزي؟
ـ هذا الاصرار نتيجة للخوف مما تعرض له الأكراد في السابق من ضرب الكيماوي و«الانفال» وغيرهما، فإذا كان رئيس الوزراء أياد علاوي رجلا معتدلا، فما أدرانا بألا يأتي شخص آخر بعد الانتخابات يصبح مثل صدام حسين, وإن شاء الله هذا الخوف السابق لا يعود.
وهل تخشون على وحدة العراق؟
ـ لا, حسب تصوري تجزئة العراق أمر بعيد لأسباب كثيرة، فكل جزء يعتمد كليا أو جزئياً على الجزء الآخر، والأكثرية من الشعب العراقي لا ترغب في ذلك ولمصلحة أنفسها تحافظ على الوحدة.
هناك اتهامات لحكومة كردستان بالعمل على إحداث تغيير ديموغرافي في كركوك لمصلحة الأكراد؟
ـ كركوك يسكنها العرب السنة والتركمان والأكراد, وبعد العام 1970، بدأ النظام السابق بتوطين بعض العرب الشيعة في المدينة، هؤلاء مستوطنون وليسوا من أهل المنطقة، فإذا كان البعض يتهم الأكراد بمحاولة إعادة هؤلاء إلى مناطقهم الأصلية، فالعرب السنة والتركمان أيضاً يرغبون في مثل هذا الأمر، وهم أصلا جاءوا باسم تعريب المنطقة، وهذا اسم سياسي كريه، فهؤلاء المفترض أن يعودوا إلى مناطقهم الأصلية، وهذا ليس طردا، فالوضع الديموغرافي كان متغيرا والآن نريد أن نصححه.
هذا بالنسبة الى العرب الشيعة، فماذا في شأن التركمان؟
ـ التركمان لهم حقوق، وليس هناك أحد يريد أن يسلبها منهم، وليس وارداً محاولة إجبار التركمان على الخروج من المدينة، ولن يطرد أحد من أهل كركوك الأصليين, فقط هؤلاء العرب المستوطنون، أما العرب السنة من السكان الأصليين فلا يستطيع أحد إخراجهم من مناطقهم.