المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جزائري: غادرت قريتي بدولار.. لكن بالكفاح أصبحت مليونيرا



قمبيز
06-29-2010, 12:08 AM
صاحب أشهر محل حلويات بالعاصمة تغلب على الأمية


http://www.mbc.net/mbc.net/Arabic/Image/Entertainment/05-06-2010/bas_L.jpg



•عبد الرحيم وسيم - mbc.net


"حلويات سعيد".. هذا الاسم الذي وجد له مكانا بين أشهر محلات الحلويات في الجزائر العاصمة، قد يوحي للكثيرين أن مالكه ينحدر من إحدى العائلات المرموقة، لكن الحقيقة غير ذلك، فهذه الشهرة كانت ثمرة صراع "مرير" خاضه المواطن الجزائري "سعيد جغادر" (52 سنة) مع الفقر حتى صار مليونيرا.


وفي لقاء مع مراسل صفحة الأمل بموقع mbc.net ركز سعيد جغادر -المنحدر من بلدة "لقرارم" التابعة لمدينة "قسنطينة" عاصمة الشرق الجزائري- على قصة كفاحه في مواجهة الفقر قائلاً: "طفولتي لم تكن طفولة عادية نتيجة الفقر المدقع، الذي كانت تعيشه عائلتي المكونة من 11 فردا".


ولعل أكثر الأمور التي أثّرت في سعيد جغادر خلال طفولته هو اضطراره إلى مغادرة مقاعد المدرسة بعد عام واحد فقط من التحاقه بها؛ نتيجة عدم قدرة والده على تحمل أعباء تعليمه.


ورغم أنه لم يتعدَ السادسة من العمر إلا أن هذا الأمر ولّد في نفسه شعورا قويا بضرورة الوقوف إلى جانب الوالد.. فدخل عالم العمل من خلال بيع الحشائش بمبالغ زهيدة في سوق القرية، ومساعدة أحد التجار في بيع الأحذية بالسوق.


واستمر الحال على ذلك إلى أن قرر ذات يوم خوض تجربة جديد تتمثل في بيع بعض الحلويات، التي كان يجبلها من قسنطينة، وكان هذا العمل من أكثر الأعمال التي استهوت نفسه، إلا أنه لم يمارسه سوى في رمضان.


"ورغم عدم استقراري -يتابع سعيد- في عمل معين، إلا أنني كنت مسرورا جدا، لأنني أصبحت سندا لوالدي في معركته مع الحياة، ومع مرور الوقت أصبحت أُقدم على ممارسة أشغال أخرى، لم يكن بإمكاني ممارستها في السابق، فعند بلوغي سن الـ13 عاما شاركت في حملة التشجير بالمزارع النموذجية، كما اشتغلت أيضا بستانيا في حديقة البلدية".

انتفاضة
وظل يتنقل من وظيفة لأخرى؛ فإيجاد عمل مستقر في القرية الصغيرة يعد ضربا من المحال، الأمر الذي جعله يقرر الانتقال للمدينة، خاصة بعد أن شهدت القرية حادثا مأساويا تمثل في مصرع أحد أصدقائه بعد أن سقط من أعلى بناية كانت في طور التشييد.

وهي الحادثة التي يقول بشأنها "إنها كانت جد مؤلمة، وحركت في نفسي شعورا غريبا، بضرورة الانتفاض ضد هذا الواقع المزري، فكان أول الغيث بأن راودتني فكرة التوجه إلى العاصمة.. وبالفعل غادرت القرية وأنا لا أحمل في جيبي سوى 100 دينار جزائري (1.5 دولار)، و لما وصلت إلى العاصمة لم يتبق منها سوى 65 دينار جزائري (0.9 دولار)".

معركة جديدة
الانتقال إلى العاصمة كان بمثابة بداية "معركة جديدة"، فكانت أول وجهة لـ"سعيد" البالغ حينئذ من العمر 18 عاما هي "الميناء"، فهو ملتقى العمال، حيث اشتغل مدة شهرين كاملين هناك، ليدخل بعدها ودون سابق إنذار "عالم الحلويات"، بعد أن توسط له أحد أبناء قريته، للحصول على وظيفة بمحل "لجونوفواز" أحد أقدم محلات الحلويات وسط العاصمة، ليتمكن من الإلمام سريعا بفنيات هذا المجال، ويصبح المسؤول الأول عن صناعة الحلويات بالمحل.


ولما ذاع صيت سعيد انتقل إلى محل "الطاولة الزاهرة"، الواقع هو الآخر بشارع ديدوش مراد، أحد أرقى شوارع العاصمة ليمكث فيه 13 عاما، اكتسب خلالها المزيد من الخبرات وتخرجت على يده أفواج من صناع الحلويات.

القضاء على الأمية
ظل هذا النجاح تلقى عرضا من أحد الأثرياء، بالشراكة في إقامة محل للحلويات، حيث يتولى صاحب العرض تمويل المشروع، بينما توكل إلى

"سعيد" مهمة الصناعة وتسيير شؤون العمال.

وبالفعل تم تدشين محل للحلويات بحي "القبة" جنوبي العاصمة، ليصبح في بضعة أشهر محط إقبال الزبائن، ما جعل "سعيد" وشريكه يحققان أرباحا طائلة، استطاع سعيد من خلالها أن يدشن محلا خاصا له يحمل اسمه بحي "الينابيع".

ورغم حداثة إنشائه إلا أنه لقي قبولا واسعا في العاصمة، وحقق منه مكاسب جعلته مليونيرا، الأمر الذي ألقى بعروض جديدة لسعيد كي يفتتح فروعا جديدة في أوروبا، لكن ما يشغل باله حاليا هو تعليم أبنائه الأربعة لكي يحققوا ما حُرم هو منه.


سعيد الذي تمكن من التغلب على أميته من خلال مساعدة بعض المقربين؛ إذ أصبح بمقدوره قراءة المصحف والجرائد، صار حريصا أيضا على حصول الآخرين على حقهم في التعليم.


فقد سأل أحد الشباب العاملين في محله خلال فترة الصيف عن مستواه الدراسي، فأجابه ذلك الشاب "أنه تحصل على شهادة البكالوريا، إلا أنه لن يدخل الجامعة بسبب وضعه المادي المتدني، فقرر تخصيص راتب شهري له حتى يتخرج من الجامعة.


ورغم تهربه من سؤال حول عمله الخيري، إلا أن سعيد لم يخف أمام الإلحاح ممارسته للعمل الخيري بصفة مستقلة، حيث يعمل دوما على مساعدة المحتاجين والفقراء، مؤكدا أنه واحدا ممن اكتووا بنار الفقر، ويعرف جيدا ماذا يعني الفقر.