المهدى
09-24-2004, 03:03 PM
http://www.asharqalawsat.com/2004/09/24/images/news.256922.jpg
أطفال عراقيون يروون بأسى لـ«الشرق الأوسط» ما لمسوه من رعاية وحب وحنان من الرهينتين
بغداد : هدى جاسم
كان من المفترض ان يتسلم 94 طفلا دواءهم في الاسبوع الاول من الشهر المقبل .. هكذا انتظرت ابتهال وعلي وطاهر ورعد، كما انتظر سفيان وحسين ورؤوف .. اطفال بعمر الورد كانت سيمونا توريتا تزورهم في بيوتهم .. تضحك معهم وتقدم لهم دواء لامراضهم المزمنة التي رافقت رحلة حياتهم .. ذلك الدواء المفقود في العراق.
مروة عمر، تعاني من مرض الصرع، ابتسمت عندما عرفت ان خبرا سينقل اليها قريبا بمعاودة رحلة علاجها بعد توقف ابتدأ لحظة اختطاف السيمونتين لكن دموعها سقطت فجأة وهي تسمع عبر الفضائيات نبأ احتمال قتلهما .. فهل يعقل ان تموت مروة ومهند وسيف عبد الصاحب الذي يحتاج الى عملية سريعة .. كان من المفترض ان تبعث سيمونا تفاصيل حالته المرضية الى ايطاليا .
حسن دحام فارس، يعاني من تلف في خلايا الدماغ، وكان امله كبيرا في ان تعود اليه صحته مع عودة سيمونا اليه وهي تحمل اليه الدواء من جديد، ولكن امله توقف فجأة وضاعت احلامه هباء منثورا .. فقد تكسرت زجاجات الدواء عند مدخل الكابوس الذي اختطف اثنتين من منظمة انسانية تعنى بشؤون الاطفال وتمتد كجسر للمحبة بين بغداد وروما . «الشرق الاوسط» كانت بينهم وحلت في بيوتهم في محاولة لسماع بعض حكايا الالم وخيط الامل الذي انقطع فجأة بدون سابق انذار. رقية كاظم تعاني من داء الفقاع الولادي ومن اعراض هذا المرض عدم تكون الجلد على جسدها لكن عائلتها كانوا يحملون من الامل الكبير ما جعلنا ان نتوقف عند سؤالهم عن اسباب قتل الامل في نفوس هؤلاء الاطفال.
في مكان اخر وعند قلب صغير لم يعرف الفرق بين جنسية واخرى لكنه يعرف الفرق بين من يمسد على رأسه ويمنحه الامل وبين عملية اختطاف لهذا الامل الاخير في الحياة .. قال صاحب هذا القلب الصغير مهند، وهو يحاول ان يداري وجهه الممتلئ بحبات الدمع وكأنها لآلئ متناثرة على وجه ذلك الطفل البريء ، قال «جميعكم لا يعرف ماذا قالت لي سيمونا توريتا ذات يوم ..
قالت ان الحياة امامي ستكون جميلة .. ساواصل الدرس وعدا منها بعد ان اشرب الدواء لكن سيمونا ضاعت وضاع معها الدواء». مجموعة اخرى تعاني من مرض السكري لم يتسن لنا لقاؤهم، لكن زينة طه العزاوي، مسؤولة برنامج المعالجة بالمراسلة بين «منظمة جسر الى بغداد» ومنظمة «الامل»، قالت ان جميع هؤلاء قد توقف برنامجهم ابتداء من اختطاف الرهينتين الايطاليتين ولحد الان.
واكدت العزاوي انها تعرف توريتا منذ سنوات حيث كانت مثالا للانسانة المحبة لاطفال العراق وحتى في فترة الحرب لم تكن سيمونا توريتا قد تركت العراق وبدأت بتقديم المساعدات عن طريق جمعية الهلال الاحمر، اما سيمونا باري فقد جاءت بعد انتهاء الحرب على العراق وهي لا تقل انسانية عن الاولى، وبمساعدتهما سافر العديد من اطفال العراق الى الخارج للعلاج .
وكانت توريتا تحب الاطفال حبا جنونيا حيث كانت تشتري لهم اللعب من حسابها الخاص، اما الاطفال المرضى الذين لا يستطيعون المجيء الى مقر المنظمة لتسلم حصصهم من الادوية فقد كانت توريتا تذهب بنفسها لتقدم لهم الدواء واللعب. هنا سقطت دمعات غزيرة من عيني زينة الواسعتين، لكن مكالمة هاتفية جاءتها من صحافية ايطالية تسألها عن مشاعرها بعد التقارير عن مقتل السيمونتين ..
قالت عبر الهاتف «لا يمكن لانسان على هذه الارض ان يمسك بسلاح ويقتل احدى هاتين الانسانتين، فهما مثال وصورة واضحة للانسانية الحقة في هذا العالم وان كل ما اتمناه ان يكون الخبر محظ خبر كاذب وان اليوم القادم سيحمل الينا خطوات جميلة جديدة لهاتين الانسانتين اللتين عرفتهما عن كثب وادركت ان العالم فيه من الخير الكثير».
هنا توقفت «الشرق الاوسط» وكانت دفاترنا تحمل من ذاكرة دموع الاطفال الكثير وما زلنا نحمل في جعبتنا الكثير من الاسئلة التي اوقفتها دمعة اخيرة من مروة وهي في طريقها لحالة صرع ستنتابها بعد لحظات، فالدواء مفقود.. وسيمونا غابت.
http://www.asharqalawsat.com/view/news/2004,09,24,256922.html
أطفال عراقيون يروون بأسى لـ«الشرق الأوسط» ما لمسوه من رعاية وحب وحنان من الرهينتين
بغداد : هدى جاسم
كان من المفترض ان يتسلم 94 طفلا دواءهم في الاسبوع الاول من الشهر المقبل .. هكذا انتظرت ابتهال وعلي وطاهر ورعد، كما انتظر سفيان وحسين ورؤوف .. اطفال بعمر الورد كانت سيمونا توريتا تزورهم في بيوتهم .. تضحك معهم وتقدم لهم دواء لامراضهم المزمنة التي رافقت رحلة حياتهم .. ذلك الدواء المفقود في العراق.
مروة عمر، تعاني من مرض الصرع، ابتسمت عندما عرفت ان خبرا سينقل اليها قريبا بمعاودة رحلة علاجها بعد توقف ابتدأ لحظة اختطاف السيمونتين لكن دموعها سقطت فجأة وهي تسمع عبر الفضائيات نبأ احتمال قتلهما .. فهل يعقل ان تموت مروة ومهند وسيف عبد الصاحب الذي يحتاج الى عملية سريعة .. كان من المفترض ان تبعث سيمونا تفاصيل حالته المرضية الى ايطاليا .
حسن دحام فارس، يعاني من تلف في خلايا الدماغ، وكان امله كبيرا في ان تعود اليه صحته مع عودة سيمونا اليه وهي تحمل اليه الدواء من جديد، ولكن امله توقف فجأة وضاعت احلامه هباء منثورا .. فقد تكسرت زجاجات الدواء عند مدخل الكابوس الذي اختطف اثنتين من منظمة انسانية تعنى بشؤون الاطفال وتمتد كجسر للمحبة بين بغداد وروما . «الشرق الاوسط» كانت بينهم وحلت في بيوتهم في محاولة لسماع بعض حكايا الالم وخيط الامل الذي انقطع فجأة بدون سابق انذار. رقية كاظم تعاني من داء الفقاع الولادي ومن اعراض هذا المرض عدم تكون الجلد على جسدها لكن عائلتها كانوا يحملون من الامل الكبير ما جعلنا ان نتوقف عند سؤالهم عن اسباب قتل الامل في نفوس هؤلاء الاطفال.
في مكان اخر وعند قلب صغير لم يعرف الفرق بين جنسية واخرى لكنه يعرف الفرق بين من يمسد على رأسه ويمنحه الامل وبين عملية اختطاف لهذا الامل الاخير في الحياة .. قال صاحب هذا القلب الصغير مهند، وهو يحاول ان يداري وجهه الممتلئ بحبات الدمع وكأنها لآلئ متناثرة على وجه ذلك الطفل البريء ، قال «جميعكم لا يعرف ماذا قالت لي سيمونا توريتا ذات يوم ..
قالت ان الحياة امامي ستكون جميلة .. ساواصل الدرس وعدا منها بعد ان اشرب الدواء لكن سيمونا ضاعت وضاع معها الدواء». مجموعة اخرى تعاني من مرض السكري لم يتسن لنا لقاؤهم، لكن زينة طه العزاوي، مسؤولة برنامج المعالجة بالمراسلة بين «منظمة جسر الى بغداد» ومنظمة «الامل»، قالت ان جميع هؤلاء قد توقف برنامجهم ابتداء من اختطاف الرهينتين الايطاليتين ولحد الان.
واكدت العزاوي انها تعرف توريتا منذ سنوات حيث كانت مثالا للانسانة المحبة لاطفال العراق وحتى في فترة الحرب لم تكن سيمونا توريتا قد تركت العراق وبدأت بتقديم المساعدات عن طريق جمعية الهلال الاحمر، اما سيمونا باري فقد جاءت بعد انتهاء الحرب على العراق وهي لا تقل انسانية عن الاولى، وبمساعدتهما سافر العديد من اطفال العراق الى الخارج للعلاج .
وكانت توريتا تحب الاطفال حبا جنونيا حيث كانت تشتري لهم اللعب من حسابها الخاص، اما الاطفال المرضى الذين لا يستطيعون المجيء الى مقر المنظمة لتسلم حصصهم من الادوية فقد كانت توريتا تذهب بنفسها لتقدم لهم الدواء واللعب. هنا سقطت دمعات غزيرة من عيني زينة الواسعتين، لكن مكالمة هاتفية جاءتها من صحافية ايطالية تسألها عن مشاعرها بعد التقارير عن مقتل السيمونتين ..
قالت عبر الهاتف «لا يمكن لانسان على هذه الارض ان يمسك بسلاح ويقتل احدى هاتين الانسانتين، فهما مثال وصورة واضحة للانسانية الحقة في هذا العالم وان كل ما اتمناه ان يكون الخبر محظ خبر كاذب وان اليوم القادم سيحمل الينا خطوات جميلة جديدة لهاتين الانسانتين اللتين عرفتهما عن كثب وادركت ان العالم فيه من الخير الكثير».
هنا توقفت «الشرق الاوسط» وكانت دفاترنا تحمل من ذاكرة دموع الاطفال الكثير وما زلنا نحمل في جعبتنا الكثير من الاسئلة التي اوقفتها دمعة اخيرة من مروة وهي في طريقها لحالة صرع ستنتابها بعد لحظات، فالدواء مفقود.. وسيمونا غابت.
http://www.asharqalawsat.com/view/news/2004,09,24,256922.html