المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مجلس التعاون....أين التعاون(منقول من جريدة الطليعة)



الدكتور عادل رضا
06-08-2010, 01:55 AM
الكويت تعتمد على الدعم الخارجي في الدفاع عن وجودها، لكونها دولة صغيرة محاطة بدول أكبر منها بكثير. وكانت بريطانيا توفر هذا الدعم العسكري عند الحاجة، ولكن بعد عجزها عن قيامها بهذا الدور انسحبت من الخليج عام 1971. عندها فكرت الكويت بحليف آخر، فكان من الطبيعي أن تلجأ الى الدول الأقرب إليها. لذلك يعتقد البعض أن فكرة مجلس التعاون الخليجي هي كويتية، بالدرجة الأولى. فهذه الدول متجانسة بطبيعة أنظمتها، وحتى أن بعضها يرتبط ببعض عائلياً وقبلياً، مما يسهل مهمة التنسيق والتعاون بينها.

بالطبع، كانت الحركة الوطنية الكويتية تخشى أن يؤثر ذلك في طبيعة الحكم الديمقراطي في الكويت. وكان هناك اجتهاد يقول إن هذا التعاون لا بد أن يؤثر سلباً في تجربتها بعض الشيء، إلا أنه أيضاً من الممكن أن تؤدي هذه العلاقة إلى تطور في هذه الأنظمة لمصلحة شعوبها في المشاركة، فتكون تضحيتنا في محلها.

إلا أننا، ومع مر السنين، لم نلمس أي انجازات تذكر، أو أي تطور في هذه العلاقات، لا بل أصبحنا نتخوف من نوايا بعض الأطراف.. إذ كان البعض ينتظر أن تشكّل مظلة دفاعية على الأقل تحمي الجميع، واستبشر خيراً بتشكيل درع الجزيرة الذي اعتقدنا أنه سيوفر حماية لهذه الدول، على الرغم من الصعوبات «السخيفة» التي اعترضت تكوينه.

لكننا فوجئنا بأن هذا الدرع، المتواجد على حدود الكويت في حفر الباطن، بقي في مكانه يتفرج على ما يحدث في الكويت أثناء دخول قوات صدام حسين.

لا بل إن بعضنا استغرب الطريقة التي استقبلت بها قطاعات من الجيش الكويتي عندما نفدت ذخيرتها، ورأينا هذه الدول تسارع في طلب الحماية من القوات الأميركية.

وهكذا اتضح أن هذه الجيوش لم تكن مهمتها الدفاع عن الوطن، بل حماية الأنظمة، وأن ما صرف من مليارات الدولارات هو مجرد «ديكور» فقط، ومجال للتنفيع.

هل غيّر هذا في طبيعة العلاقة بين هذه الدول؟ هل استفادت من هذا الدرس؟ بالطبع لا، بل على العكس، فنحن نرى هذه الأيام توتراً بينها لا مبرر له إطلاقاً، في وقت تُقبل فيه المنطقة على أحداث في منتهى الخطورة.. اشتباكات مسلحة بين قوات إماراتية وسعودية، واشتباكات بين قوات مسلحة بحرينية وقطرية، وانتهاكات حدودية بين كل الأطراف، والإسراع في بناء مدن حدودية كمحاولة لوقف تمدد بعض الدول، وصراع على من يكون الأمين العام لمجلس دول التعاون الخليجي، وخلاف على المكان الذي سيقع فيه المقر المركزي للنقد الخليجي الموحّد.. حتى تنقُّل الأفراد أو البضائع بحرية في المنطقة لم يتحقق بشكل معقول.. واضطرت الكويت للذهاب بعيداً الىروسيا للحصول على الغاز، بعد ان تعذر عليها نقل الغاز القطري المجاور.

والأدهى والأمرّ، أن ليس هناك موقف موحد في التعامل مع الصراع الدائر في المنطقة، الذي قد يدمّر الجميع إذا انفجر..

إذاً، لماذا استمرار هذا المجلس؟

الجواب المحزن عن كل هذه التساؤلات أن طموحات شعوب المنطقة في وادٍ وهموم المسؤولين عنها في وادٍ آخر.

نعم هناك تعاون آخر ما كنا نصدقه على الاطلاق.. تعاون بين هذه الدول على دعم الأنظمة بعضها لبعض، من اجل البقاء في الحكم.. هذا ما كشفته الوثيقة التي أشار إليها بعض الكتاب، المقدمة إلى مجلس التعاون، والتي تنص على أن الأسر الحاكمة تُمنح الحصانة من أي نقد في أي وسيلة من وسائل الاعلام كافة – جميع أفراد الأسرة الحاكمة، رجالاً ونساءً ووزراء أيضاً ـ ولكل دولة الحق بأن تعتقل هي بنفسها، وأجهزة أمنها، من يخل بذلك في أي دولة أخرى، من دون إذن مسبق منها.

يقال إن هذه الوثيقة لم تقرّ بعد، وإن الكويت قدمت اقتراحاً آخر معدلاً لم يُفصح عنه.

إن مجرد طرح أفكار كهذه للمسؤولين في هذه الدول لا يبشر بخير.

لذلك، لن نستغرب بعض التصرفات الشاذة، هنا في الكويت، من توسيع نشاطات أجهزة أمن الدولة وإرهاب الناس والتهديد بمنع التجمعات والمسيرات، واقتحام أماكن رسمية بالقوة، كما حصل في المجال الرياضي، أو تهديد للوزراء، أو إطلاق شعار «السيف والمنسف»، أو «التلسيب» وغيرها من وسائل كنا اعتقدنا بأن الزمن قد تخطاها، وأن الجيران قد تجاوزوها، فإذا بنا نرى من يحاول أن يعيدنا الى عصر الجاهلية.

نأمل أن يأتي عاقلون منهم ليقولوا لنا أنتم مخطئون، ويتخذوا الاجراءات الحاسمة ليبرهنوا على اننا افترأنا عليهم.