بهلول
05-31-2010, 11:17 AM
د. مضاوي الرشيد- القدس العربي
5/31/2010
http://www.alquds.co.uk/today/30qpt78.jpg
في زيارة رسمية لمملكة النرويج صرح الامير سلمان بن عبد العزيز امير منطقة الرياض ان بلاده لا تبحث عن دور تلعبه في مناطق ملتهبة كأفغانستان بل ان الادوار تلاحقها. ومن منطلق متواضع لا غرور فيه حسب تعليقه على اسئلة الصحافيين يبدو ان السعودية باعتراف اميرها قد قررت فتح صفحة جديدة في ملف علاقاتها بالعالم وتكريس مبدأ الانشغال بالهم الداخلي وبعيدا عن مبدأ الغرور او التواضع ربما جاء هذا الاعتراف كنتيجة حتمية لحالة الفشل التي وصلت اليها الادوار السابقة والمبادرات القديمة في مناطق مختلفة من العالم العربي والاسلامي حيث اصطدمت المبادرات السعودية بمعطيات محلية وعالمية ادت الى تراجع الدور السعودي.
هناك ثلاثة محاور للتراجع السعودي اولها محور فلسطين وثانيها محور العراق وثالثها محور افغانستان. على الجبهة الفلسطينية اثبتت السعودية تراجعها ليس فقط في دفع عملية التسوية وانهاء الصراع القديم المتجدد بل على المستويات كافة وهو مستوى اغاثة غزة وفك الحصار عنها. فمنذ الحرب الاسرائيلية على غزة نجد ان عمليات الاغاثة اصبحت اليوم تدار من قبل اطراف اخرى منها قطر وتركيا ومؤسسات المجتمع المدني العربي والاوروبي والعالمي وتكتفي السعودية بنشر احصاءات المساعدات دون ان يكون لها دور ولو رمزي في اخذ المبادرة او حتى المطالبة الجدية بفك الحصار في المحافل الدولية والعربية والاسلامية.
لقد خرجت السعودية من الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني دون تطبيع رسمي مع اسرائيل تماما كما خرجت منه انظمة عربية معروفة وقعت اتفاقيات سلام مع اسرائيل. بل ان السعودية تجاوزت ذلك حينما حرمت على المجتمع السعودي التظاهرات او الحراك الشعبي لمناصرة المحاصرين في غزة. وزجت بالداعين لوقفة ولو رمزية ضد العدوان الاسرائيلي بالسجون. وان كانت السعودية لا تبحث عن دور فهي بالفعل تلعب دورا مهما في عزل مجتمعها عن قضية تعتبر من اهم القضايا التي شغلت العالم العربي.
وان كان السلام بعيد المنال في ظل الوضع العربي الحالي المتسم بالتشرذم والصمت واللامبالاة الا ان نصرة رمزية او مساندة معنوية او حتى زورق مساعدات قد يحسب تفاعلا ايجابيا مع مسألة الحصار الحالية الضرورية على اكثر من مليون فلسطيني.
الصمت السعودي الحالي ما هو الا عملية استئصالية للضمير السعودي الشعبي والذي كان منذ اكثر من ستين عاما يتحرك باتجاه التفاعل مع قضية سياسية لها ابعاد انسانية حركت ضمائر الكثيرين في العالم حتى الذين لا تربطهم بالمنطقة اي مشتركات تاريخية او دينية او حضارية.
ان السعودية اليوم وان كانت لا تبحث عن دور الا انها تلعب اكبر دور في استمرارية حالة الصمت واللامبالاة المنتشرة في العالمين العربي والاسلامي على مستوى الانظمة. وهي بذلك وبطريقة غير مباشرة تعطي لمنتهكي حدود غزة والمتلاعبين بأمنها الضوء الاخضر للتمادي في انتهاكاتهم خاصة وان اكبر دولة نفطية فضلت التنحي عن دورها بل فرضت هذا التنحي على شعبها عن طريق القمع والتصدي لاي محاولة تضامنية قد يفكر بها المجتمع السعودي.
اما في العراق فقد اثبت الدور السعودي مدى تذبذبه منذ ان قرعت طبول الاحتلال. وفي ايامها الاولى تأرجحت السعودية في مواقفها فبدت لحظة مؤيدة للاحتلال ولحظة اخرى ممتنعة عن التصريح بموقف واضح وصريح متخفية وراء قرارات الامم المتحدة. ولكنها بالفعل لعبت دورا هاما رغم التذبذب والتأرجح عام 2003 وبعد ذلك بدأت تذرف الدموع على التغيرات التي حصلت في العراق والتي قوت مركزية دولة الجوار الايرانية وخلال المعارك الطائفية التي دارت بعد الاحتلال لم تستطع السعودية لعب اي دور يذكر يقود الى التهدئة بل انها وقفت موقف المراقب لحروب طائفية استطاعت الآلة الاعلامية والدينية السعودية ان تؤججها بدل ان تخمد نيرانها.
ورغم مؤتمرات مكة والرحلات المكوكية الى الرياض فشلت المبادرات السعودية في التعاطي مع الشأن العراقي الا من باب الحفاظ على امنها الداخلي وربما تصدير الفائض البشري المحتقن في الداخل السعودي الى العراق وتوقيع اتفاقيات تعزل الحدود السعودية وتضمن عدم تسرب مشاكل دول الجوار الى الداخل السعودي الا ان التسرب من السعودية الى خارجها ظل مفتوحا رغم كل التعهدات التي قطعها النظام على نفسه وقدمها للولايات المتحدة كضمان للامن العراقي تحت المظلة الامريكية.
اما في افغانستان فليس من الدقة الجزم ان السعودية لم تبحث عن دور فيه اذ انها منذ الثمانينات دخلت بقوتها الاقتصادية والبشرية خلف المشروع الامريكي في المراحل الاخيرة من الحرب الباردة. وسخرت المبالغ الطائلة لدعم الاستراتيجية الامريكية دون التنبه الى تبعاتها ليس فقط عالميا بل على صعيد الداخل السعودي. وبعد الاحتلال الامريكي لافغانستان ظلت السعودية تطلق الشعارات الكبيرة وتحتضن الزيارات والمؤتمرات الهادفة الى تخليص الولايات المتحدة من ورطتها الافغانية المستعصية فتارة تتصدر مشاريع المصالحة مع طالبان واشراكها في العملية السياسية وتارة تستقبل الشخصيات الافغانية في الرياض من اجل الوصول الى حل للازمة. فان كانت السعودية بالفعل لا تبحث عن دور معين بل ان الادوار تأتيها من الخارج وربما تحت ضغوط امريكية لا بد لنا ان نتساءل لماذا تنجرف السعودية خلف هذه الضغوط وتنخرط في مفاوضات هنا وهناك وهي تعلم ان منطقها يختصر في انها لا تبحث عن دور.
وهل السعودية لا تستطيع ان تقاوم اولئك الذين يزجون بها في ادوار لم تكن يوما ما تفكر بها؟
ربما ان التصريح الاخير في النرويج يأتي بمثابة طي صفحة الادوار السابقة المتشعبة وبدء حقبة جديدة تحت عنوان الانعزالية السعودية التي تأتي بعد ان زجت السعودية بنفسها خلف استراتيجيات الولايات المتحدة ولكن تبدو المعطيات على ارض الواقع السعودي غير مؤهلة للاتجاه في هذا السياق الجديد. فطالما ظلت السعودية تتمتع بفائض نفطي ومدخول كبير سيستمر الاعتماد عليها في مخططات مستقبلية ليس فقط في العالم العربي بل الاسلامي اجمع.
وليس بالضرورة ان تؤدي هذه المخططات الى انفراج في القضايا العالقة بل ستستغل هذه الثروة في تمرير مشاريع سلبية تعود نتائجها بخيبة امل في كل من فلسطين والعراق وافغانستان.
وان تبنت السعودية سياسة عدم البحث عن الادوار فستجد لها الادارة الامريكية ادوارا جديدة تستثمر السعودية فيها الفائض النفطي. ولن تكون للسعودية قدرة على التملص من هذه الادوار لانها تفقد القدرة على تثبيت استقلالية قرارها. وهي مرهونة امنيا للولايات المتحدة الضامنة لاستقرارها. وان بحثت السعودية عن دور او لم تبحث فستأتيها الادوار المطلوبة من الخارج وستنفذ هذه الادوار حسب استراتيجية الغير دون ان تكون لها القدرة على التنصل منها.
وبالفعل يعتبر تصريح الامير في اوسلو اقرارا واضحا وصريحا ان الادوار تبحث عن السعودية لكنه لم يحدد من هو الذي يزج بالسعودية في ادوار تبدو بعض الاحيان مشبوهة.
ولم يستشرف مدى قدرة السعودية على التنصل منها ان كانت لا تصب في مصلحة شعبها فحتى هذه اللحظة وخلال نصف قرن لم تستطع السعودية ان ترفض دورا نسجت سيناريوهاته في مراكز صنع القرار البعيدة ومعظمها اثبت انه لا يصب في مصلحة السعودية القريبة والبعيدة. المدى ناهيك عن مصلحة الشعوب المنتفعة من هذه الادوار.
ورغم مقولات المصالح المشتركة الا انها اثبتت فشلها حتى هذه اللحظة في الحصول على استقلالية تجاه مخططات الغير وامنهم القومي والذي ليس بالضرورة هو امن السعودية واستقرارها كدولة مستقلة تستطيع ان تحدد لنفسها الدور الذي تريد القيام به ودعمه.
ان من حق اي دولة ذات طاقات اقتصادية كبيرة ان تحدد مصالحها القومية وتلعب الادوار التي تدعم هذه المصالح ولا بأس ان تتعاون الدول ذات المصالح المشتركة فيما بينها ولكن هذا يظل مرهونا باستقلالية القرار. ومع الاسف لا تزال السعودية بعيدة عن هذه الحالة الجوهرية لانها تدور في فلك محدود رغم كل المحاولات الجديدة وبناء الجسور مع محاور عالمية بعيدة عن محور الولايات المتحدة وترصد هذه الاخيرة كل خطوة تقارب اقتصادية او تقنية وكل عقد وصفقة تبرمها السعودية مع لاعبين دوليين.
ولكن في نهاية المطاف تعلم الولايات المتحدة ان السعودية غير قادرة على استبدال الحماية الامريكية بأخرى وسيظل هذا الاعتماد مصدر اطمئنان امريكي تستطيع بموجبه ان تفرض الادوار متى شاءت ولا بأس ان تشتري السعودية طائرة من هنا او هناك او صاروخا جديدا او تقنية مبتكرة لكن في نهاية المطاف يظل الامن السعودي او بالتحديد امن النظام ذاته من اهم المصالح المشتركة التي لا يمكن تجاوزها في الوقت الحالي.
وهي المعضلة التي ستستمر في زج السعودية في ادوار مستقبلية ان بحثت عنها او لم تبحث.
' كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية
5/31/2010
http://www.alquds.co.uk/today/30qpt78.jpg
في زيارة رسمية لمملكة النرويج صرح الامير سلمان بن عبد العزيز امير منطقة الرياض ان بلاده لا تبحث عن دور تلعبه في مناطق ملتهبة كأفغانستان بل ان الادوار تلاحقها. ومن منطلق متواضع لا غرور فيه حسب تعليقه على اسئلة الصحافيين يبدو ان السعودية باعتراف اميرها قد قررت فتح صفحة جديدة في ملف علاقاتها بالعالم وتكريس مبدأ الانشغال بالهم الداخلي وبعيدا عن مبدأ الغرور او التواضع ربما جاء هذا الاعتراف كنتيجة حتمية لحالة الفشل التي وصلت اليها الادوار السابقة والمبادرات القديمة في مناطق مختلفة من العالم العربي والاسلامي حيث اصطدمت المبادرات السعودية بمعطيات محلية وعالمية ادت الى تراجع الدور السعودي.
هناك ثلاثة محاور للتراجع السعودي اولها محور فلسطين وثانيها محور العراق وثالثها محور افغانستان. على الجبهة الفلسطينية اثبتت السعودية تراجعها ليس فقط في دفع عملية التسوية وانهاء الصراع القديم المتجدد بل على المستويات كافة وهو مستوى اغاثة غزة وفك الحصار عنها. فمنذ الحرب الاسرائيلية على غزة نجد ان عمليات الاغاثة اصبحت اليوم تدار من قبل اطراف اخرى منها قطر وتركيا ومؤسسات المجتمع المدني العربي والاوروبي والعالمي وتكتفي السعودية بنشر احصاءات المساعدات دون ان يكون لها دور ولو رمزي في اخذ المبادرة او حتى المطالبة الجدية بفك الحصار في المحافل الدولية والعربية والاسلامية.
لقد خرجت السعودية من الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني دون تطبيع رسمي مع اسرائيل تماما كما خرجت منه انظمة عربية معروفة وقعت اتفاقيات سلام مع اسرائيل. بل ان السعودية تجاوزت ذلك حينما حرمت على المجتمع السعودي التظاهرات او الحراك الشعبي لمناصرة المحاصرين في غزة. وزجت بالداعين لوقفة ولو رمزية ضد العدوان الاسرائيلي بالسجون. وان كانت السعودية لا تبحث عن دور فهي بالفعل تلعب دورا مهما في عزل مجتمعها عن قضية تعتبر من اهم القضايا التي شغلت العالم العربي.
وان كان السلام بعيد المنال في ظل الوضع العربي الحالي المتسم بالتشرذم والصمت واللامبالاة الا ان نصرة رمزية او مساندة معنوية او حتى زورق مساعدات قد يحسب تفاعلا ايجابيا مع مسألة الحصار الحالية الضرورية على اكثر من مليون فلسطيني.
الصمت السعودي الحالي ما هو الا عملية استئصالية للضمير السعودي الشعبي والذي كان منذ اكثر من ستين عاما يتحرك باتجاه التفاعل مع قضية سياسية لها ابعاد انسانية حركت ضمائر الكثيرين في العالم حتى الذين لا تربطهم بالمنطقة اي مشتركات تاريخية او دينية او حضارية.
ان السعودية اليوم وان كانت لا تبحث عن دور الا انها تلعب اكبر دور في استمرارية حالة الصمت واللامبالاة المنتشرة في العالمين العربي والاسلامي على مستوى الانظمة. وهي بذلك وبطريقة غير مباشرة تعطي لمنتهكي حدود غزة والمتلاعبين بأمنها الضوء الاخضر للتمادي في انتهاكاتهم خاصة وان اكبر دولة نفطية فضلت التنحي عن دورها بل فرضت هذا التنحي على شعبها عن طريق القمع والتصدي لاي محاولة تضامنية قد يفكر بها المجتمع السعودي.
اما في العراق فقد اثبت الدور السعودي مدى تذبذبه منذ ان قرعت طبول الاحتلال. وفي ايامها الاولى تأرجحت السعودية في مواقفها فبدت لحظة مؤيدة للاحتلال ولحظة اخرى ممتنعة عن التصريح بموقف واضح وصريح متخفية وراء قرارات الامم المتحدة. ولكنها بالفعل لعبت دورا هاما رغم التذبذب والتأرجح عام 2003 وبعد ذلك بدأت تذرف الدموع على التغيرات التي حصلت في العراق والتي قوت مركزية دولة الجوار الايرانية وخلال المعارك الطائفية التي دارت بعد الاحتلال لم تستطع السعودية لعب اي دور يذكر يقود الى التهدئة بل انها وقفت موقف المراقب لحروب طائفية استطاعت الآلة الاعلامية والدينية السعودية ان تؤججها بدل ان تخمد نيرانها.
ورغم مؤتمرات مكة والرحلات المكوكية الى الرياض فشلت المبادرات السعودية في التعاطي مع الشأن العراقي الا من باب الحفاظ على امنها الداخلي وربما تصدير الفائض البشري المحتقن في الداخل السعودي الى العراق وتوقيع اتفاقيات تعزل الحدود السعودية وتضمن عدم تسرب مشاكل دول الجوار الى الداخل السعودي الا ان التسرب من السعودية الى خارجها ظل مفتوحا رغم كل التعهدات التي قطعها النظام على نفسه وقدمها للولايات المتحدة كضمان للامن العراقي تحت المظلة الامريكية.
اما في افغانستان فليس من الدقة الجزم ان السعودية لم تبحث عن دور فيه اذ انها منذ الثمانينات دخلت بقوتها الاقتصادية والبشرية خلف المشروع الامريكي في المراحل الاخيرة من الحرب الباردة. وسخرت المبالغ الطائلة لدعم الاستراتيجية الامريكية دون التنبه الى تبعاتها ليس فقط عالميا بل على صعيد الداخل السعودي. وبعد الاحتلال الامريكي لافغانستان ظلت السعودية تطلق الشعارات الكبيرة وتحتضن الزيارات والمؤتمرات الهادفة الى تخليص الولايات المتحدة من ورطتها الافغانية المستعصية فتارة تتصدر مشاريع المصالحة مع طالبان واشراكها في العملية السياسية وتارة تستقبل الشخصيات الافغانية في الرياض من اجل الوصول الى حل للازمة. فان كانت السعودية بالفعل لا تبحث عن دور معين بل ان الادوار تأتيها من الخارج وربما تحت ضغوط امريكية لا بد لنا ان نتساءل لماذا تنجرف السعودية خلف هذه الضغوط وتنخرط في مفاوضات هنا وهناك وهي تعلم ان منطقها يختصر في انها لا تبحث عن دور.
وهل السعودية لا تستطيع ان تقاوم اولئك الذين يزجون بها في ادوار لم تكن يوما ما تفكر بها؟
ربما ان التصريح الاخير في النرويج يأتي بمثابة طي صفحة الادوار السابقة المتشعبة وبدء حقبة جديدة تحت عنوان الانعزالية السعودية التي تأتي بعد ان زجت السعودية بنفسها خلف استراتيجيات الولايات المتحدة ولكن تبدو المعطيات على ارض الواقع السعودي غير مؤهلة للاتجاه في هذا السياق الجديد. فطالما ظلت السعودية تتمتع بفائض نفطي ومدخول كبير سيستمر الاعتماد عليها في مخططات مستقبلية ليس فقط في العالم العربي بل الاسلامي اجمع.
وليس بالضرورة ان تؤدي هذه المخططات الى انفراج في القضايا العالقة بل ستستغل هذه الثروة في تمرير مشاريع سلبية تعود نتائجها بخيبة امل في كل من فلسطين والعراق وافغانستان.
وان تبنت السعودية سياسة عدم البحث عن الادوار فستجد لها الادارة الامريكية ادوارا جديدة تستثمر السعودية فيها الفائض النفطي. ولن تكون للسعودية قدرة على التملص من هذه الادوار لانها تفقد القدرة على تثبيت استقلالية قرارها. وهي مرهونة امنيا للولايات المتحدة الضامنة لاستقرارها. وان بحثت السعودية عن دور او لم تبحث فستأتيها الادوار المطلوبة من الخارج وستنفذ هذه الادوار حسب استراتيجية الغير دون ان تكون لها القدرة على التنصل منها.
وبالفعل يعتبر تصريح الامير في اوسلو اقرارا واضحا وصريحا ان الادوار تبحث عن السعودية لكنه لم يحدد من هو الذي يزج بالسعودية في ادوار تبدو بعض الاحيان مشبوهة.
ولم يستشرف مدى قدرة السعودية على التنصل منها ان كانت لا تصب في مصلحة شعبها فحتى هذه اللحظة وخلال نصف قرن لم تستطع السعودية ان ترفض دورا نسجت سيناريوهاته في مراكز صنع القرار البعيدة ومعظمها اثبت انه لا يصب في مصلحة السعودية القريبة والبعيدة. المدى ناهيك عن مصلحة الشعوب المنتفعة من هذه الادوار.
ورغم مقولات المصالح المشتركة الا انها اثبتت فشلها حتى هذه اللحظة في الحصول على استقلالية تجاه مخططات الغير وامنهم القومي والذي ليس بالضرورة هو امن السعودية واستقرارها كدولة مستقلة تستطيع ان تحدد لنفسها الدور الذي تريد القيام به ودعمه.
ان من حق اي دولة ذات طاقات اقتصادية كبيرة ان تحدد مصالحها القومية وتلعب الادوار التي تدعم هذه المصالح ولا بأس ان تتعاون الدول ذات المصالح المشتركة فيما بينها ولكن هذا يظل مرهونا باستقلالية القرار. ومع الاسف لا تزال السعودية بعيدة عن هذه الحالة الجوهرية لانها تدور في فلك محدود رغم كل المحاولات الجديدة وبناء الجسور مع محاور عالمية بعيدة عن محور الولايات المتحدة وترصد هذه الاخيرة كل خطوة تقارب اقتصادية او تقنية وكل عقد وصفقة تبرمها السعودية مع لاعبين دوليين.
ولكن في نهاية المطاف تعلم الولايات المتحدة ان السعودية غير قادرة على استبدال الحماية الامريكية بأخرى وسيظل هذا الاعتماد مصدر اطمئنان امريكي تستطيع بموجبه ان تفرض الادوار متى شاءت ولا بأس ان تشتري السعودية طائرة من هنا او هناك او صاروخا جديدا او تقنية مبتكرة لكن في نهاية المطاف يظل الامن السعودي او بالتحديد امن النظام ذاته من اهم المصالح المشتركة التي لا يمكن تجاوزها في الوقت الحالي.
وهي المعضلة التي ستستمر في زج السعودية في ادوار مستقبلية ان بحثت عنها او لم تبحث.
' كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية