المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إحالة 100 متهم زوروا شهاداتهم العلمية إلى المحاكمة



جمال
05-31-2010, 01:00 AM
القضية انتقلت من أروقة الجهات العلمية إلى ساحة النيابة العامة


إعداد مبارك العبدالله

بعد ازدياد قضايا تزوير الشهادات العلمية وبزوغ نجمها المخالف للقانون على سطح النقاش، ووصولها إلى المحاكم الكويتية بعد التحقيق فيها من قبل النيابة العامة، فقد اصبحت هذه القضايا تشكل كارثة وتهدد ثقافة ومستقبل المجتمع وتطوره، لأن المسؤوليات ستسند إلى غير أهلها، إن لم تتم محاسبة المزورين في الشهادات العلمية، والتي أصبح يحصل عليها البعض من المواطنين الشباب من دول آسيوية لم تكن لها سمعة سابقة في التعليم، وإنما لا يتطلب الأمر سوى مزيد من المال، لأن تقف في مصاف المتعلمين، وبالتالي يغيب التشخيص الصحيح لكل المجالات وتعم الفوضى ولا يكون هناك دور لأهل العلم والاختصاص.

مسألة التزوير في الشهادات العلمية يجب أن تُـناقش من وجهة نظر قانونية بعد أن أصبحت موجودة وبكثرة أمام المحاكم.

والجديد في الأمر هو ما أفصحت عنه احصائية في هذه القضايا تؤكد ان النائب العام المستشار حامد العثمان امر بإحالة 37 قضية تزوير في شهادات علمية والمتهم فيها ما يقارب 100 مواطن إلى محكمة الجنايات، لتتم معاقبتهم بالأشد وفقا للقانون، وذلك بعد اتهامهم بالتزوير في محررات رسمية.

تؤكد الإحصائية ان عدد المتهمين في هذه القضايا محصور في العام الحالي الذي لم يبلغ منه سوى 5 أشهر، أما إحصائية العام الماضي، فكان عدد المتهمين في هذه القضايا يقارب 80 متهما، وذلك من خلال تقديم 33 قضية من قبل وزارة التربية بهذه القضايا، اما عام 2008 فلم يبلغ عدد القضايا سوى 21 قضية والتي يقارب عدد المتهمين فيها 40 متهما.

وقالت مصادر مطلعة ان نيابة العاصمة بادارة مديرها مبارك الرفاعي ونائبها رجيب الرجيب تولي هذه القضايا اهتماما بالغا، وذلك حرصا منها على سلامة المجتمع من هذه الآفة الخطرة التي بدأت تهدد امنه وسلامته في الاونة الاخيرة، خصوصا انها تزداد عاما بعد عام.
وطمأنت المصادر انه ما دامت هذه القضايا وصلت الى مكان امن سيأخذ كل ذي حق حقه وسيثبت على كل من زور شهادته العلمية عقابه وفقا للقانون، موضحة في الوقت نفسه ان النيابة حتى الآن لم يذكر انها حفظت قضية مع المتهمين في مثل هذه القضايا.

وقالت المصادر شارحة كيفية حدوث واقعة هذه القضايا ان الواقعة في اغلب القضايا تكون متشابهة، حيث تكون هذه القضايا مقدمة من ادارة معادلة الشهادات التابعة لوزارة التعليم العالي، اذ يتم اكتشاف المزورين بعد تقديم الاوراق الخاصة بشأن معادلة شهاداتهم، وبعد الكشف عنها يتبين انها مزورة.

واضافت المصادر‍: ان اغلب هذه الشهادات المزورة تكون من جامعات دول تقع في الهند والفلبين ودول آسيوية اجنبية اخرى ليس لها علاقة بالتعليم، مشيرة الى ان المتهمين اثناء مواجهتهم بالاتهامات لا يعترفون بها، ويقولون انهم قاموا باجراءات رسمية للحصول على هذه الشهادات، مستدركة: لكن هناك ادلة دامغة تطارد هؤلاء المزورين بشهاداتهم العلمية، ومنها ان وزارة الخارجية تبعث بكتب الى التعليم العالي تؤكد فيها ان معظم هذه الشهادات مزورة، وان الجامعات في تلك الدول لم تقم باستصدارها.

تزوير محررات رسمية

واوضحت المصادر ان النيابة تقوم بالتحقيق مع هؤلاء المتهمين وتسند اليهم تهمة ارتكاب تزوير في محررات رسمية وهي عبارة عن الشهادات الدراسية من اجل الحصول على شهادات «ماجستير» او «بكالوريوس»، كما تسند اليهم انهم قاموا بتذييل هذه الشهادات وتوقيعها ونسبها زورا للمختصين، اضافة الى استغلال حسن نية الموظفين في قسم التصديقات في وزارة الخارجية، واملاء بيانات كذبا بانهم حصلوا على شهادات عليا، موهمين اياهم بصحة البيانات فقاموا بتصديقها وهو ما يخالف القانون.

واكملت النيابة: الطامة الكبرى ان بعض المتهمين اعترف امام النيابة بانه كان يذهب الى تلك الدول لمدة اسبوع من كل سنة، مما يعني ذلك انه اعتراف تفصيلي بانه لم يقم بالدراسة هناك، وحصل على الشهادة بمبلغ مالي، اضافة الى انها لم تكن شهادة رسمية، كما ان اعترافات المتهمين عادة ما توصل الى اصحاب مكاتب يضعون اعلانات باستخراج هذه الشهادات، ويكون ذهاب المتهمين الى تلك الدول عن طريق هذه المكاتب.

وبينت المصادر ان هذه المكاتب المخالفة للقانون ايضا، انخفضت بشكل كبير، وذلك بعد ان اصبحت محاسبتهم امام المحكمة واكتشف امرهم، لكن هذا الامر لا يعني حلا جذريا، لانه يجب ان تمنع هذه المكاتب المخالفة من اداء اعمالها بشكل نهائي.

الحبس بقانون الجزاء

استاذ القانون بجامعة الكويت د. فايز الظفيري علق على موضوع تزوير الشهادات العلمية من ناحية العقوبة التي يوقعها القانون على مثل تلك القضايا والوقائع قائلا: ان العقوبات تصل الى الحبس 7 سنوات، وذلك من خلال ما تنص عليه المادة 259 من قانون الجزاء.

وأضاف: تعتبر هذه العقوبة كافية، لكن يجب ان تعلن هذه العقوبات عبر الاعلام حتى تصل الرسالة، موضحا ان هناك الكثير من الطلبة أو المتهمين في هذه القضايا يعتقدون ان المسألة سهلة بالنسبة لهم، لكن بوصول العقوبات فانه لا بد انها ستشكل رادعا لهم.

وأكمل: الاشكالية هي ان الطلبة يعتقدون ان هذا الأمر من السهل جدا، وهم يقدرون ذلك الاجرام بعد اكتشاف امرهم، خصوصا ان اغلبهم يثق بشخص بان باستطاعته تسجيله في السجلات الرسمية بالدولة، وبذلك تصبح الشهادة المزورة رسمية وموثقة.

ضخامة الخطورة

وقال ان سهولة الانكشاف هي التي رتبت ازدياد العدد من المتهمين في هذه القضايا بشكل مهول، اضافة الى عدم وجود خبرة لهؤلاء الطلبة، مشيرا في الوقت نفسه الى ان الخطورة في هذه القضايا ضخمة جدا، فكيف المهندس يصبح مهندسا من دون شهادة؟ وكيف الصيدلي يصرف دواء لا يعرف خطورته وآثاره السلبية؟ وكيف الطبيب يمارس مهنته بلا علم وخبرة؟ انهم يتعاملون مع مصير افراد، ويجب التشدد من قبل جهات الدولة للتحقق من حصول هؤلاء الأشخاص على شهادات أصلية.

وبدوره، قال المحامي عادل العبدالهادي ان استخدام شهادات علمية مزورة مع العلم بالتزوير وتقديمها لجهة أو لموظف عام يعاقب عليها بموجب قانون الجزاء، وهي عقوبة «التزوير» لأن القانون عاقب مستخدم المحرر المزور بعقوبة القائم بالتزوير، والعقوبة المقررة هي الحبس بما لا يجاوز 3 سنوات، وغرامة لا تجاوز 3 آلاف روبية وهذا في التزوير العادي، أما التزوير في محرر رسمي فان المتهم يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز 7 سنوات، ويجوز ان تضاف اليها غرامة لا تجاوز 7 آلاف روبية.

الحبس الإجباري

وأشار الى ان العقوبة تحتاج الى التشديد وذلك بجعل الحبس اجباريا، ويجب ان تكون بنص خاص عن تزوير الشهادات العلمية، خصوصا انها اصبحت ظاهرة في مجتمعنا، كما ان تزوير الشهادات العلمية واكتشاف جهل حاملها. يجعلان المجتمع يفقد الثقة في الحاصلين على الشهادات العلمية، ويمكنان مدعي العلم من سرقة المناصب من المجتهدين الحقيقيين والحاصلين على الشهادات، وهي ظاهرة تحتاج الى وقفة من جميع اطياف المجتمع.

تطبيق القانون

اما المحامي محسن العبدالله، فقد اوضح ان جريمة التزوير في الشهادات العلمية هي من اخطر الجرائم التي تمر على مجتمعنا في السنوات الاخيرة، مؤكدا انها آفة خطيرة تهدد أمن وسلامة المجتمع، وتضعنا في ايد غير أمينة، وبالتالي تنعدم الثقة وتسود الفوضى في التخصصات العلمية، وهذا ما يجبرنا على المطالبة بتشديد التعامل مع المزورين في الشهادات العلمية التي تعتبر وفقا للقانون محررات رسمية.

واضاف: نحن لا نطالب بتشديد العقوبات، لان عقوبة الحبس التي تصل الى 7 سنوات تعتبر كافية، فالتشديد او التخفيف ليس له اهمية نقاش في الوقت الحالي، بقدر ما اننا يجب ان نناقش ونشدد على تطبيق العقوبة الحالية، والاستعجال في التحقيق مع جميع المزورين في هذه القضايا واحالتهم الى النيابة ومن ثم الى المحاكم ليتم تطبيق العقوبات الأشد بحقهم.

واكمل: نلاحظ في الفترات الاخيرة ان هناك اخبارا عن اطباء يمارسون المهن منذ عدة سنوات لكنهم اكتشفوا انهم دخلاء على المهنة، وبعد التحقيق معهم في الجهات القضائية هربوا الى بلادهم، لكننا نتساءل: كيف تم السماح لهم بالعمل في هذه القطاعات المهمة دون محاسبتهم أو اكتشافهم في البداية؟ موضحا ان ذلك يعني اننا لم نصبح امنين لانه لابد ان يكون هناك اشخاص آخرون يعملون في مهن متخصصة لكنهم لا يفقهون فيها شيئا، وهنا يجب تطبيق القانون بحذافيره حتى نأمن على انفسنا.

اختبار الجميع

أشار استاذ القانون بجامعة الكويت د.فايز الظفيري الى انه في بعض الأحيان يكون الحاصل على شهادة ليس لديه خبرة، فما بالنا بمن يحصل على شهادة بالتزوير، مشددا على ضرورة اختبار جميع الطلبة الحاصلين على شهادات من الخارج، لاننا اليوم اصبحنا نعرف خريجي هذه الدول المشبوهة، ولدينا شهادات ليس لها أساس لا قانوني ولا علمي، ويجب ان نكون حريصين على سمعتنا ولا تترك الأمور بهذه الفوضى، فكل من لديه القدرة العلمية ومن حصل على الشهادة العلمية فأهلا وسهلا به، لكن كيف نتحقق من ان الشهادة حقيقية ويكون صاحبها لديه قدرة علمية.

موقع التزوير لا يعفي من العقوبة

أكد القانونيون ان المحاكم الكويتية ووفقا للقانون المعمول به فإنه يعامل المستند الرسمي الصادر من دولة اجنبية بقوة المستند الرسمي الصادر داخل الكويت، مشيرين الى ان وقوع تزوير خارج الكويت يعتبر تزويرا داخل الكويت، مما يعني انه في حال ثبوت الواقعة فإن العقوبة بالحبس 7 سنوات ستكون حاضرة.