yasmeen
05-22-2010, 03:31 PM
د. مبارك عبد الله الذروة - الراي
هل يمكن أن يكون الخيال حقيقة؟
كان هذا سؤال علماء الأمس؛ تبناه العديد من الباحثين، فأطلقوا عنان الفكر والبحث العلمي؛ فأصبحت أحلام الأمس حقائق اليوم، ولربما تصبح أحلام اليوم حقائق في المستقبل.
مع خطط التنمية وتدفقات السيولة النقدية والفوائض المالية، وحركات التداول الضخمة في أسواق الأوراق المالية العالمية... مع كل ذلك ينتشر اللصوص، وتزداد جرائم غسيل الأموال، وتتكرر سرقات الشيك من دون رصيد، وتمتلئ المحاكم ودور النيابة بالقضايا والشكاوى.
جهاز كشف الكذب الذي يعد مؤشرا جيداً لكشف التدليس والتمويه ولي الحقائق والإجابة المفبركة، هذا الجهاز نود جلبه مع أول طائرة تصل إلى الكويت.
نريد هذا الجهاز لنمرر عليه نوابنا الأفاضل كافة من دون استثناء، ليميز الله الخبيث من الطيب، وينجلي الغبار، ويعرف كل أحد ما له وما عليه. وبصراحة منقطعة النظير لا يستطيع أن يمر من هذا الجهاز سوى اقل من عدد أصابع اليد الواحدة!
نقترح أن يمر الجهاز على جميع من تولى نيابة الأمة من عام 62، إذا كان حياً، إلى اليوم، ليكشف لنا الجهاز هل الثروات التي ينعم بها نواب الأمس هي من كسب أيديهم، أم من اختراق القوانين وسرقة المال العام آنذاك يوم أن كانت البلاد في مرحلة النوم العميق والسبات السحيق ولا وجود للرقابة الفعالة بشكل دقيق!
نائب كان يركب تاكسي والآن يسكن قصراً منيفاً.
نائب كان يسافر العمرة كل عام الآن يصيف في زلمسي وجنيف، وأسبوع آخر في كازا. نائب كان معارضاً مشاكساً وفجأة طفت ناره وصار وطنيا. ونائب كان مع الاستجوابات ثم أصبح حكيماً رزيناً وهي صفات الوطنيين الجدد!
أستاذنا الجهاز الكريم مواصفاته يابانية، آلي أشبه ما يكون بابن آدم، نريد منه أن يفسر لنا كيف امتلك نوابنا الأفاضل العمارات، والشركات، والعقارات، والمزارع، والشاليهات، والمصانع، ولماذا تذهب أموالهم خارج الكويت بأسماء زوجاتهم وإخوانهم، وربما أصدقاؤهم، وهل لديهم أملاك وأرصدة قبل دخولهم البرلمان بأشهر؟ ويا ليت، أقول يا ليت، نجلبه ونستخدمه قبل الخصخصة وبعدها!
أنا شخصياً أثق في جهاز كشف الكذابين والحرامية واللصوص أكثر من ثقتي بأي لجنة، أو أي شيء آخر، إذ كيف أثق بعد اليوم في لجنة، وفي مجلس كأنه من المعاقين الأصحاء، ينتظر تطبيق قانون الهيئة الجديد، كيف أثق في لجنة تضع قانوناً اقتصادياً خطيراً وفي الوقت ذاته نجد أحد أعضائها من ذوي الشركات الكبرى، أليس في ذلك تناقضاً واضحاً، وفيه شبهة دستورية؟
عندي قناعة أن هناك شريحة من النواب جيء بهم لتفصيل القوانين على مقاس معازيبهم، وهناك شريحة من النواب تلفلف القوانين على مزاج بعض السياسيين الكبار، وهناك نواب يدعمون استجوابات من حيث المبدأ ويطبخونها عدل، حتى إذا استوت على الجودي، انقلبوا على عقبيهم... لأن خبزتهم جهزت والهوى شرقي!
إذاً صناعة الاستجواب قد تكون بمبادرات، ومشاركات من مجموعة (جهاز كشف الكذب) فيولولون وينذرون... فيأتي من يأتي ليهدئ من روعهم ويمنيهم بالغالي والنفيس... ويتفركش الاستجواب المستحق!
لابد أن نتأكد أن جهاز كشف الكذب ليس له ثمن، ولن يستطيع أحد غوايته، والمشكلة أن يكون الجهاز «تجميع كويتيا عربيا» فهي أجهزة مخترقة أو مضروبة، وسمعت أن هناك أجهزة من دون قطع غيار، وأجهزة تتوقف فجأة!
المهم أن يكون الجهاز محايداً لا يلوي أعناق الحقائق، وينطق بصدق عن لصوص المال العام، والذين خدعوا شعوبهم ونهبوها.
وبيت القصيد هل يمكن أن يكون هناك جهاز يكشف هؤلاء اللصوص الذين يأكلون أموال الناس بالباطل؟ هؤلاء الذين استخدموا ذكاءهم وعلمهم وعلاقاتهم في نهب الضعفاء وكسر القوانين والالتفاف حولها بحثاً عن الثراء السريع، ثم تبييضها وغسلها بعيداً عن الرقابة والضمير.
إنها الأسماء التي تبرز في صعيد التجارة العالمية ثراء وغنى لكن بأموال الفقراء والمساكين، وجرائم الشيكات والمقاولات، وتجارة الرقيق، أو الإقامات، وغسيل الأموال. انها الأسماء التي تفردت بالشجاعة والكرم والجاه، ولكن بطحن جلد العمال، ودهس كرامة البسطاء، وسحق الكادحين الشــــرفاء!
لا أعتقد أن الخيال يصبح حقيقة على الأقل في القريب العاجل، لا يوجد بصيص أمل في الأفق من خلاله نكشف عن سراق المال العام ولصوصه... لذلك لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم... ولا سراة إذا جهالهم سادوا.
د. مبارك عبد الله الذروة
أكاديمي وكاتب كويتي
maltherwa@yahoo.com
هل يمكن أن يكون الخيال حقيقة؟
كان هذا سؤال علماء الأمس؛ تبناه العديد من الباحثين، فأطلقوا عنان الفكر والبحث العلمي؛ فأصبحت أحلام الأمس حقائق اليوم، ولربما تصبح أحلام اليوم حقائق في المستقبل.
مع خطط التنمية وتدفقات السيولة النقدية والفوائض المالية، وحركات التداول الضخمة في أسواق الأوراق المالية العالمية... مع كل ذلك ينتشر اللصوص، وتزداد جرائم غسيل الأموال، وتتكرر سرقات الشيك من دون رصيد، وتمتلئ المحاكم ودور النيابة بالقضايا والشكاوى.
جهاز كشف الكذب الذي يعد مؤشرا جيداً لكشف التدليس والتمويه ولي الحقائق والإجابة المفبركة، هذا الجهاز نود جلبه مع أول طائرة تصل إلى الكويت.
نريد هذا الجهاز لنمرر عليه نوابنا الأفاضل كافة من دون استثناء، ليميز الله الخبيث من الطيب، وينجلي الغبار، ويعرف كل أحد ما له وما عليه. وبصراحة منقطعة النظير لا يستطيع أن يمر من هذا الجهاز سوى اقل من عدد أصابع اليد الواحدة!
نقترح أن يمر الجهاز على جميع من تولى نيابة الأمة من عام 62، إذا كان حياً، إلى اليوم، ليكشف لنا الجهاز هل الثروات التي ينعم بها نواب الأمس هي من كسب أيديهم، أم من اختراق القوانين وسرقة المال العام آنذاك يوم أن كانت البلاد في مرحلة النوم العميق والسبات السحيق ولا وجود للرقابة الفعالة بشكل دقيق!
نائب كان يركب تاكسي والآن يسكن قصراً منيفاً.
نائب كان يسافر العمرة كل عام الآن يصيف في زلمسي وجنيف، وأسبوع آخر في كازا. نائب كان معارضاً مشاكساً وفجأة طفت ناره وصار وطنيا. ونائب كان مع الاستجوابات ثم أصبح حكيماً رزيناً وهي صفات الوطنيين الجدد!
أستاذنا الجهاز الكريم مواصفاته يابانية، آلي أشبه ما يكون بابن آدم، نريد منه أن يفسر لنا كيف امتلك نوابنا الأفاضل العمارات، والشركات، والعقارات، والمزارع، والشاليهات، والمصانع، ولماذا تذهب أموالهم خارج الكويت بأسماء زوجاتهم وإخوانهم، وربما أصدقاؤهم، وهل لديهم أملاك وأرصدة قبل دخولهم البرلمان بأشهر؟ ويا ليت، أقول يا ليت، نجلبه ونستخدمه قبل الخصخصة وبعدها!
أنا شخصياً أثق في جهاز كشف الكذابين والحرامية واللصوص أكثر من ثقتي بأي لجنة، أو أي شيء آخر، إذ كيف أثق بعد اليوم في لجنة، وفي مجلس كأنه من المعاقين الأصحاء، ينتظر تطبيق قانون الهيئة الجديد، كيف أثق في لجنة تضع قانوناً اقتصادياً خطيراً وفي الوقت ذاته نجد أحد أعضائها من ذوي الشركات الكبرى، أليس في ذلك تناقضاً واضحاً، وفيه شبهة دستورية؟
عندي قناعة أن هناك شريحة من النواب جيء بهم لتفصيل القوانين على مقاس معازيبهم، وهناك شريحة من النواب تلفلف القوانين على مزاج بعض السياسيين الكبار، وهناك نواب يدعمون استجوابات من حيث المبدأ ويطبخونها عدل، حتى إذا استوت على الجودي، انقلبوا على عقبيهم... لأن خبزتهم جهزت والهوى شرقي!
إذاً صناعة الاستجواب قد تكون بمبادرات، ومشاركات من مجموعة (جهاز كشف الكذب) فيولولون وينذرون... فيأتي من يأتي ليهدئ من روعهم ويمنيهم بالغالي والنفيس... ويتفركش الاستجواب المستحق!
لابد أن نتأكد أن جهاز كشف الكذب ليس له ثمن، ولن يستطيع أحد غوايته، والمشكلة أن يكون الجهاز «تجميع كويتيا عربيا» فهي أجهزة مخترقة أو مضروبة، وسمعت أن هناك أجهزة من دون قطع غيار، وأجهزة تتوقف فجأة!
المهم أن يكون الجهاز محايداً لا يلوي أعناق الحقائق، وينطق بصدق عن لصوص المال العام، والذين خدعوا شعوبهم ونهبوها.
وبيت القصيد هل يمكن أن يكون هناك جهاز يكشف هؤلاء اللصوص الذين يأكلون أموال الناس بالباطل؟ هؤلاء الذين استخدموا ذكاءهم وعلمهم وعلاقاتهم في نهب الضعفاء وكسر القوانين والالتفاف حولها بحثاً عن الثراء السريع، ثم تبييضها وغسلها بعيداً عن الرقابة والضمير.
إنها الأسماء التي تبرز في صعيد التجارة العالمية ثراء وغنى لكن بأموال الفقراء والمساكين، وجرائم الشيكات والمقاولات، وتجارة الرقيق، أو الإقامات، وغسيل الأموال. انها الأسماء التي تفردت بالشجاعة والكرم والجاه، ولكن بطحن جلد العمال، ودهس كرامة البسطاء، وسحق الكادحين الشــــرفاء!
لا أعتقد أن الخيال يصبح حقيقة على الأقل في القريب العاجل، لا يوجد بصيص أمل في الأفق من خلاله نكشف عن سراق المال العام ولصوصه... لذلك لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم... ولا سراة إذا جهالهم سادوا.
د. مبارك عبد الله الذروة
أكاديمي وكاتب كويتي
maltherwa@yahoo.com