المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا استفزاز التيار الصدري ..؟



سيد مرحوم
09-21-2004, 04:50 PM
لماذا استفزاز التيار الصدري ..؟

Monday, September 20

كتابات - عبد الستار نورعلي ****

يجري بين الحين والآخر عمليات استفزاز للتيار الصدري مثلما حدث في النجف الأشرف والبصرة والكاظمية أخيراً حيث أعتقل الشيخ حازم الأعرجي ممثله في الكاظمية بدعوى مهاجمته للحكومة والقوات الأمريكية.

يجري ذلك بعد التهدئة في النجف من خلال تدخل آية الله العظمى السيد السيستاني ( دام ظله ) ، والاتفاق على تحويل التيارالى تيار سياسي يعمل ضمن الحياة السياسية في العراق بدلاً من اللجوء الى السلاح والعنف في مقاومة الاحتلال ومناهضة سلطة الحكومة المؤقتة. وقد التزم التيار بهذا التوجه حيث علمنا أنه بصدد دراسة وتهيئة تشكيل تيار سياسي فاعل على الساحة العراقية . لقد التزم الصدر وتياره وقادته بما اتفق عليه وارتكنوا الى التهدئة وتسليم اسلحتهم ، حتى أن السيد مقتدى الصدر وافق على تفتيش مكتب الصدر في النجف بعد الأزمة التي نشأت بعد محاولة الشرطة العراقية دخول المكتب عنوة رغم اعتراض أعضائه ، وذلك في محاولة استفزازية واضحة . لكن الصدر تصرف بشكل واقعي وحكيم بموافقته على التفتيش . والاستفزاز الآخر وقع في الأيام الأخيرة حيث احتلت القوات البريطانية في البصرة مكتب الصدر بدعوى تجريده من السلاح . وكلنا يعرف أن الأوضاع الأمنية المضطربة في العراق تدفع القوى السياسية وخاصة الكبيرة والمستهدفة كتيار الصدر أن يحتفظ بما يمكن أن يدافع به عن نفسه عند التعرض لعدوان ، مع أن ذلك لا يعني التحكم للسلاح في كل صغيرة وكبيرة بحسب مزاج البعض . وآخر هذه الاستفزازات هو ما ذكرنا من اعتقال السيد حازم الأعرجي ، لكننا في الوقت نفسه نرفض بشدة ايضاً عملية اختطاف اعضاء من الحرس الوطني لمقايضتهم علىاطلاق سراح الشيخ ، فما ذنب هؤلاء الذين يضعون حياتهم على أكفهم للحفاظ على أمن بلدهم ، ولا علاقة لهم من قريب أو بعيد بعملية الاعتقال وإن كان منهم من نفذ هذا الأمر !! إ، هناك وسائل أخرى للعمل على اطلاق سراحه . واليوم قرأنا أن السيد مقتدى الصدر أمر باطلاق سراح المختطفين من الحرس الوطني . وهذا أمر يحسب لصالحه ، وهو دليل على نضجه وابتعاده وتياره عن مثل هذه العمليات المدانة والمرفوضة والمسيئة بالكامل لمن يقوم بها ، وهي من النقاط السلبية للقوى التي تقدم عليها ، مثل هذه الأعمال لا تقدم شيئاً في العمل السياسي سوى الإساءة للقائمين بها . إن التزام التيار الصدري بما اتفق عليه في النجف يقتضي أن يقابل بالمثل وبالاحترام والرعاية كي يتحول الى قوة فاعلة ومؤثرة تعمل على استقرار العراق وسير العملية السياسية المخططة والمرجوة سيراً طبيعياً دون عرقلة أو اضطراب واحتراب . فهذا التيار كبير له امتداد واسع في العمق الشعبي الشيعي وخاصة في الأوساط الفقيرة في بغداد ـ مدينة الصدر والشعلة وغيرهما ـ وفي المحافظات الجنوبية بسبب تاريخ العائلة الصدرية الديني والمذهبي والسياسي والتضحيات الجمة التي قدمتها هذه العائلة الشريفة في تاريخ العراق والدماءالغزيرة الطاهرة التي نزفتها على مذبح الشهادة والنضال من أجل الحق ومن أجل المحرومين والمستضعفين ، ولذلك نجد أن رافد التيار الصدري هم فقراء المدن والأرياف الذين عانوا كثيراً من الحرمان والتضحيات وكانوا وقوداً لكل الحروب المجنونة التي مرت على العراق ، ولكل المعارك النضالية سواء السياسية أو المذهبية ، فقدموا أبناءهم شهداء أسراباً أسراباً ، ومنهم من اختفى في المقابر الجماعية أو في غياهب سجون الطغاة المجانين . وعليه فلا يمكن نكران أو التغاضي عن مثل هذا التيار الضخم والمهم والمؤثر في الحياة العراقية الاجتماعية والسياسية والدينية. إن انخراط هذا التيار في هذه الحياة مهمة جليلة وكبيرة ومطلوبة لمستقبل العراق ، ويمكن له أن يلعب دوراً مهماً جداً بل أهم من كثير من القوى الأخرى ، حتى التي لها امتدادات جماهيرية . علينا أن نرعى هذا التيار ونهتم به ونوجهه سياسياً من خلال النصح وإغناء التجربة ، لا بالاستفزاز غير المحسوب ! إننا وإن اختلفنا مع بعض تحركات التيار الصدري السابقة ، لكننا علينا أن لا نصل الى حد العداء والتصادم ، ونحن نعلم جيداً مدى الاختراق الذي حصل وسط هذا التيار والاندساس من قوى عديدة وأشخاص عملوا على استغلاله لإمرار مخططات خطرة ومرفوضة ، إلا أن ذلك لا يدفعنا الى رفضه ومعاداته ومحاربته ، إنه تيار مهم وله تاريخه المشرف المشرق الذي يفرض احترامه وتعظيمه . كما على التيار نفسه الالتفات الى ما نقول ونرى وما نكنُّ له من تقدير واحساس بكبره واهميته التي لا يمكن أبداً التغاضي عنها ، إضافة الى الروح الوطنية العالية التي يتمتع بها ، وهو مالمسناه من رفض للاحتلال والطائفية والتفرقة بين الشعب العراقي ، وحديث قادته الدائم عن وحدة العراق وشعبه ورفضه لكل تقسيم طائفي أو عرقي ، وإن كان البعض ينزعج من ذلك انطلاقاً من تطرف طائفي أو عرقي . كما أننا نلاحظ أن التيار رافض دائم لكل المظاهر الطارئة في العراق من خطف وتفجيرات وسيارات مفخخة وقتل للأبرياء من العراقيين ، فهو لم يستخدم هذه الأساليب في عمله السياسي ، رغم بعض الهنات هنا أو هناك ، وهو ما قد يحدث وسط الفوضى السياسية والأمنية وضبابية الرؤى والتوجه عن غير وعي أو عن دسيسة وتغلغل ، لكن رغم ذلك كان قادة التيار سرعان ما يتداركون هذه الأمور فيرفضونها تماماً ، وهو ما لمسناه في الأمر الأخير الذي أصدره السيد مقتدى الصدر حول المختطفين من الحرس الوطني كما ذكرنا سالفاً. إذا كنا نريد الاستقرار والأمن في العراق علينا أن نقابل التيار الصدري بالاحترام والرعاية والانتباه وإلا سنقع مرة أخرى في دائرة جديدة من العنف والدماء لا يعرف مداها إلا الله ... ونتمنى أن لا يكون هذا ..
..... noorali9@hotmail.com