المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «دي - سلفيتد» سلفية ....د.أحمد راسم النفيس



بهلول
05-12-2010, 12:34 AM
د.أحمد راسم النفيس


قبل بضعة أسابيع شن الرئيس المصري هجوما على التيار السلفي مطالبا «الدعاة والمفكرين» بمواجهة دعاة السلفية والجمود والانغلاق وفوضى الفضائيات الدينية والدعاة الجدد الذين يتصدون للافتاء دون علم أو سند من صحيح الدين.

لطالما برع نجوم السياسة والإعلام في اختراع صيغ لفظية هلامية تملصا من قراءة التاريخ وتشخيص الواقع كما هو، من بينها: (مصر التي أحبت أهل البيت ولكنها لم تتشيع)!!.
لم يفسر لنا أحد لماذا أحبت مصر أهل البيت ولكنها لم تتشيع؟! وهل يشبه ذلك رغبة البعض في شرب قهوة منزوعة الكافيين (دي كافيناتد كوفي) بدلا من شرب اليانسون وكفى الله الشاربين شر الأرق!.

المراقب للهجوم الحكومي على التيار السلفي يدرك بسهولة أن المطلوب هو إنتاج سلفية جديدة نزعت منها (مادة؟) ترى السلطة أنها تغبش صورته (الوضيئة والمشرقة) وهي على ما يبدو (مادة السلفيت) أما ما عدا ذلك فلا بأس بالسلفية والسلفيين.

الدليل على ذلك هو الهجوم الأخير الذي شنه وزير الأوقاف المصري على السلفية، حيث عاب عليهم الاهتمام بالمظهر وترك الجوهر، قائلاً: إن أصحاب الذقون التي تصل إلى الصدر يعتبرون ذلك دليلاً على العلم في حين كانت لحية أبي جهل أطول من اللحى التي نراها اليوم، داعيًا الملتحين إلى الاهتمام بالمظهر، قائلاً: إن النبي «ص» كان يهذب لحيته فالإسلام يعلمنا الجمال والظهور بمظهر حسن، وأضاف: السلفية المعاصرة لا تعرف عن الإسلام إلا قشوره وعلينا أن نفهم الدين كما فهمه سلفنا الصالح من خلال منابعه الأولى، فالإسلام يعتبر العقل من الموازين التي تقدر كل شيء بما في ذلك الأحكام الشرعية.
وبينما يسعى الوزير – في موقف متناغم مع التيار السلفي- لمنع الاحتفال بموالد أهل البيت ومن بينها مولد السيدة زينب بنت الإمام علي متذرعا بإنفلونزا الخنازير فضلا عن قراره بمنع إقامة حلقات الذكر في مسجد الإمام الحسين نراه يشن حملة على السلفيين الذين يعتقدون أن إقامة هذه الموالد هي كفر ووثنية، هذه المرة بسبب اللحية والنقاب!!.
كيف يمكننا إذا أن نصدق أن ثمة صراعا حقيقيا بين السلفيين والنظام في حين أن نقاط الاتفاق بينهما ما زالت أكثر من نقاط الاختلاف.
السلفية التي جاءت إلى مصر وسمح لها بالانتشار والتمدد بل وحظيت بالدعم والحماية كانت جزءا من الاستراتيجية المناهضة للاتحاد السوفييتي ثم لمحور الممانعة حاليا، حيث بدا هذا واضحا من خلال تسخير الفضائيات ومنابر المساجد للهجوم على المقاومة خاصة منذ حرب تموز 2006 من دون أن نسمع أو نرى ما يشير إلى امتعاض النظام أو استنكاره لهذه الحملة.
فما عدا مما بدا؟
هل يتعلق الأمر بتجاوز هذا التيار للخطوط الحمراء في تعامله مع أقباط مصر ودوره في تأجيج الفتنة الطائفية؟!. ربما!!.
هل يتعلق الأمر بتجاوزهم للكوتا المجتمعية الممنوحة لهم؟! ربما، إلا أن إعادتهم إلى النقطة التي بدأوا منها يبدو أمرا صعبا بعد أن تآكلت قدرة النظام على مواصلة لعبة توزيع الحصص بعد هذه الفترة الطويلة التي أخليت فيها الساحة لهذا التيار المدعوم إقليميا وهو دعم لم يتوقف لحظة واحدة حتى الآن.
المثير للدهشة أن أغلب هذا الدعم جاء في عهد الوزير زقزوق الذي يمكن وصفه بالعصر الذهبي للسلفية في مصر!!.
يبدو أن النزاع يتعلق بطول اللحية الذي جرى التوافق عليه من قبل بما لا يزيد على عشرين سنتيمترا طولا، هذا أو الحرب الضروس!!.
إنها حرب على الشكل لا على المضمون وهي حرب لا تختلف كثيرا عن تلك التي تشنها أوروبا الآن ضد النقاب باعتباره تغييرا لصورة القارة الأوروبية المتحررة.

arasem99@hotmail.com