المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المليفي: الحكومة أضعفت مشيخة القبيلة بلعبها على متناقضات المجتمع



جمال
04-26-2010, 12:36 AM
قسمت الدوائر إلى 25 ولم تحسب ما يعود عليها من سلبيات

فوزي جاد الكريم - النهار



أكد النائب السابق الكاتب الصحافي أحمد المليفي ان الانسان المريض جسدياً والمنحرف فكريا لا يمكنه بناء وطن، مشددا على ضرورة وجود تنمية بشرية من خلال فكر واستراتيجيات حتى لا تتضارب الافكار وتؤدي الى ظهور انسان مشوش فكريا ما بين مؤسسة الدولة والكيانات الاخرى كالطائفة والقبلية والعائلة.

وقال في حواره مع «النهار» ان الحكومة ومن خلال لعبها بالمتناقضات في المجتمع ساهمت في اضعاف مشيخة القبيلة عن غير قصد وهو ما حولها «القبيلة» من الموالاة الى المعارضة، حيث كان شيوخ القبائل موالين طبيعيين بحكم العلاقات الاجتماعية والاسرية وحينما فشلت القبيلة في تلبية احتياجات ابنائها انخطروا في المعارضة ولم يقيموا وزنا للخطوط الحمر.

وأشار الى ان المعارضة القبلية لا تمثل خطرا على مؤسسة الحكم وان اجندتها غير تغييرية الا انها من اقوى انواع المعارضات بسبب ابعادها العاطفية وارتباطاتها الاجتماعية فلا تقيم وزنا لحسابات المكسب والخسارة الا ان قضاياها قد تمس امن الوطن دون ادراك لخطورتها لان هدفها الالتفاف حول افراد وليست مؤسسات لكونها لا تقوم على فكر سياسي او نظرة استراتيجية وانما لاهداف آنية تخص المحيطين بها.
وشدد على حق ابناء القبائل في ان يكونوا شركاء فاعلين في مجتمعهم وفقا لاليات قانونية وان المواجهة لا تكون الا بالقانون بحيث يحصل المواطن على حقوقه دون اللجوء الى افراد خارج مؤسسة الدولة.. فالقانون يظل حبرا على ورق ما لم تكن هناك قوة تحميه ليطبق على الجميع، مؤكدا ضرورة صياغة الفكر الانساني حتى لا نورث الاجيال القادمة مشكلاتنا فالى التفاصيل:



كيف تفسر تحول القبيلة من الموالاة الى المعارضة؟

الحكومة من خلال تعاملها مع فئات المجتمع تحاول اللعب على التباين والتناقضات الموجودة فيه، وفي البداية كان هناك المد القومي وكانت الحكومة متخوفة منه حيث كان لها ارتباطها الخارجي، فكانت خطبة جمال عبدالناصر تطبع في مصر وحينا يستمع اليها المواطن الكويتي يخرج في مظاهرة، لذا حاولت الحكومة اضعاف هذا المد بتقوية المد الديني، فحلت البرلمان في ذاك الوقت للتضييق على الحريات وافسحت المجال امام المد الديني وخاصة حركة الاخوان المسلمين لانها كانت الاكثر تنظيماً.

وهل حدث ذلك بهدف تطويق المد القومي؟

بلا شك، ومن خلال اللعب على المتناقضات، فافسحت المجال امام المد الديني كجمعية الاصلاح في البداية، فسمحت لها بان تعمل تحت مظلة ثم قوى المد الاصلاحي خصوصا حركة الاخوان، وحاولت اضعافه بتقوية المد السلفي وسمحت له بافتتاح جمعية احياء التراث، وبالتالي فان الحكومة تلعب بالمتناقضات وكانت الحكومة في تلك الفترة تواجه معارضة من جهتين: الاولى من قبل الشيعة المنظمين، والثانية ممثلة في المد القومي وفي سبيل ذلك قوت المد الديني بشقيه السلفي والاخواني وكانت القبائل موالية لسلطة الحكم من خلال رموزها التقليدية التي كانت تملك القدرة على السيطرة على القبيلة وافرادها، فبعد ان قسمت الحكومة الدوائر الانتخابية الى خمسة وعشرين دائرة للسيطرة على المؤسسة التشريعية ولم تحسب النتائج السلبية الاخرى التي تعود عليها كالفساد الاداري وتردي العمل الديموقراطي وغيرها من مثالب، فبدأت تظهر قوة صغيرة في القبيلة من الجيل المثقف الذي تمرد على مشيخة القبيلة بسبب فشلها في تلبية احتياجاتها، وبالتالي فان الحكومة ساهمت في اضعاف مشيخة القبيلة لذلك حينما خاض شيوخ القبائل الانتخابات سقطوا وكانوا موالين طبيعيين للحكومة وكانت امامهم خطوط حمراء بحكم العلاقات الاسرية والعلاقات الاجتماعية لا يمكن تجاوزها ولكن بسبب سلوك الحكومة مع هذه المشيخة ادى الى عدم قدرتها على تلبية احتياجات ابناء القبيلة، فبدأوا يبحثون عمن يلبي لهم هذه الاحتياجات كالحصول على الوظيفة او الامتيازات، فبدأت تظهر المعارضة الجديدة من جيل الشباب ومن العوائل التي لم يكن لها قوة داخل القبيلة، وانما استمدت قوتها من قدرتها على انجاز المعاملات ومعارضة الحكومة ولم تعد هذه المعارضة تقيم للخطوط الحمراء وزنا بعكس مشيخة القبيلة وبدأت تتجاوزها، فتحولت القبيلة من الموالاة الى المعارضة.. والمعارضة القبلية في رأيي من اقوى انواع المعارضة، لان النظام القبلي يختلف عن النظام العائلي او الحزبي، فالحزب دائما له اجندة سياسية او برامج يسعى الى انجازها، فالجانب العاطفي القبلي قوي جدا والتفاعل القبلي مع العاطفة يفوق تفاعله مع العقل، فلا يتعامل بمنطق الارباح والخسائر، لذا فان هذه المعارضة اذا لم يتم احتواؤها والتعامل معها بصورة صحيحة ستكون اكثر خطرا على مؤسسة الحكم وعلى السلطة التنفيذية تحديدا، فهذا التحول التاريخي ساهمت فيه الحكومة بطريق انا على يقين مع انها لم تكن تعيها، فكان تحاول السيطرة على المؤسسة التشريعية فاضعفت مشيخة القبائل وبدأت تظهر المعارضة الجديدة.

أجندة غير تغييرية

وهل هناك أسباب محددة تسعى اليها هذه المعارضة؟

الاجندة غير واضحة ولكن من المؤكد انها اجندة غير تغييرية، فلا تسعى الى تغيير نظام الحكم بل ان اجندتها مرتبطة بردة الفعل وبمصالح يومية آنية، لذا فان تحجيمها ووضعها في حجمها الطبيعي يكون من خلال سيادة القانون وتطبيق العدالة على كل افراد المجتمع الكويتي، فهذا التفعيل من شأنه ان يؤدي الى انخفاض درجة حدة الطرح، فهي لا تقوم على فكر سياسي او على نظرة استراتيجية لتحقيق اهداف معينة وانما هي اهداف آنية تخص الافراد المحيطين بهذه المعارضة حتى يظلوا ملتفين حولها، لذلك هي تختار القضايا، والخطورة ان هذه القضايا احيانا ما تمس امن الوطن ولكن لانها تحقق مزيدا من الالتفاف فتتم ممارستها دون ادراك لخطورتها على امن الوطن مثلما حدث من مصادمات بسبب الفرعيات واجتماعات العقيلة والطرح الخاص بازدواج الجنسية، حيث يتم استغلالها من بعض القيادات الناشئة في القبيلة لتحقق المزيد من الالتفاف حولها بهدف الوصول الى قبة البرلمان وبعدها يمكنها تحقيق المزيد من الاهداف الآنية الخاصة بافرادها للالتفاف حول افراد وليس مؤسسات.

بتصريح الشيخ علي الجابر ايهما انقلب على الآخر القبيلة انقلبت على مؤسسة الحكم ام العكس؟

اعتقد الاثنين، وهذا ليس بتصريح الشيخ علي الجابر وانما من خلال الممارسة، فالحكومة الآن بحسب معادلاتها وممارساتها ومن خلال تنقلها بين القوى السياسية من الناصريين والليبراليين الى الاخوان الى السلف والشيعة الآن موالون للحكومة، فاستطاعت الحكومة كسب موالاة الشيعة وتحديدا المعارضة لان الشيعة التقليديين موالون طوال عمرهم، فالمعارضة الشيعية الان تحت مظلة الحكومة وخاصة بعد قضية التأبين التي استغلتها الحكومة بشكل جيد بالنسبة لها والآن المعارضة القبلية هي المعارضة الحقيقية، لذا فالحكومة تسعى الى تحجيمها.. والمعارضة تريد مواجهة هذا التحجيم، وبالتالي فاذا ما استمر هذا الصراع سيشكل خطورة.. لانه يختلف عن المعارضة التقليدية التي استطاعت الحكومة تحجيمها دون المزيد من الاضرار، والحكومة بالنهاية ستربح وستحجم هذه المعارضة ولكن بالطريقة التي نراها اليوم سيكون هناك اضرار قد تؤدي الى مزيد من الخسائر حتى على الجانب النفسي للمجتمع، لذا لابد وان تحتكم طريقة التعامل الى تطبيق القانون وتطوير البلد، بحيث يشعر الانسان في اي مكان من الكويت انه يستطيع الحصول على حقه بالقانون دون اللجوء الى افراد خارج مؤسسة الدولة.

وهل يتطلب ذلك اشهار الاحزاب السياسية؟

دون شك، فينبغي ان تكون المحطة الاولى هي اشهار الاحزاب لصهر المجتمع في قوالب فكرية، بعيدا عن القوالب العقائدية والقبلية والعرقية، فوجود الاحزاب من الجوانب المهمة في طريقة تعامل الدولة مع مؤسسة وليس افراداً يصعب توقع خطوتهم القادمة بعكس الاحزاب لان برامجها معروفة ويمكن السيطرة على افرادها وبالتالي فلابد من وجود النظام الحزبي لمواجهة النظام القبلي والطائفي والعائلي.

وهل هناك ما يمنع من تسلل القبلية الى الاحزاب؟

حتى وان حدث ذلك فالامر سيختلف، فالحزب له تنظيمه واهدافه وسياسته الخاصة به، فليس هناك ما يمنع من وجود حزب شيعي او قبلي ولكننا بالنهاية سنتحدث عن مؤسسة حزبية لها برنامجها وفقا للقانون والانظمة المتبعة، وبالتالي وجود الاحزاب لا يعني اندثار التيارات الاخرى.

قلت فيما قبل ان المعارضة تقوم على مفهوم انصر اخاك ظالما او مظلوما وان اي استجواب قبلي سيحصل على عشرة اصوات نيابية بسهولة لطرح الثقة في الوزير.. فكيف يمكن للحكومة مواجهة هذا الامر؟

مثلما ذكرت.. ونحن لا نتحدث عن مجرد مواجهة استجواب ولكننا نتحدث عن منظومة اكبر تتعلق بكيفية التعامل مع فئات المجتمع الكويتي فنحن نتحدث عن دولة ولا نريد ان نورث الجيل القادم مشكلات الجيل الحالي، فالحكومة في فترة الثمانينيات خلقت ازمة معينة ونحن الان نجني اشواك تلك الازمة فلا نريد للسلبيات ان تنتقل الى الجيل القادم، فعلينا ان نبدأ من الان في اعادة صياغة الفكر الانساني واعادة صياغة المؤسسات وطريقة التعامل معها من ضمنها الاحزاب وسيادة القانون حتى نصل الى جيل قادم لا يقدم القبيلة او الطائفة او العائلة على مؤسسة الدولة وهذا يحتاج الى عمل وجهد كبيرين جدا اذا اردنا ان نصل الى نتائج اكثر ايجابية.

وهل تقبل الحكومة باشهار الاحزاب؟

اعتقد انه لا يوجد خيار اخر، فاذا ما اردنا الاصلاح الحقيقي وان نخرج من هذه الدائرة المغلقة فلابد من قرار حاسم وجازم للاصلاح ثم بعد ذلك نضع الآليات وقد نختلف على هذه الآليات لكن ينبغي ان يكون الهدف الثاني هو الوصول الى كتلة شعبية او وطنية تحت مفهوم المواطنة تفهم ان هناك خطوطاً حمراء تخص المصلحة الوطنية لا يمكن تجاوزها مهما كانت المصلحة الفردية واعتقد اننا يمكن ان نصل الى هذا وربما نتحدث عن القوانين او الاحزاب السياسية وعلى مناهج التربية والتعليم.. كل هذه الامور ينبغي صياغتها صياغة جديدة لاننا اذا استمررنا على المنوال نفسه فنحن مقبلون على وضع غير سليم وخطير جدا سيعاني منه الجيل القادم.

هل اثبتت الاحزاب السياسية فاعليتها في الوطن العربي لكي تطالب بها في الكويت؟

ينبغي لنا الا نقارن انفسنا بالوطن العربي لاننا سنقول ان الديموقراطية ايضا غير ناجحة ولكن والحمد لله تجربتنا رائدة، واذا اردنا المقارنة فلتكن مع تجارب ناجحة، فيمكننا ان ننشئ تجربة خاصة بنا مثلما انشأنا ديمواقراطية خاصة بالكويت وهي متميزة وناجحة حتى الان.

شركاء فاعلون

هل كانت الحكومة فيما قبل تسعى الى اقامة علاقات متميزة مع القبائل؟

حدثني احد الاخوة الاعضاء ممن كانوا في المجلس التأسيسي في اول جلسة لاجتماع المجلس عندما جلس الشيوخ في الصف الاول ودخل اعضاء مجلس الامة فتوجه احد نواب القبائل الى الشيوخ وباس خشومهم وهو امر طبيعي لنواب الخارج فلما قال له الاعضاء المعارضون ان هذا لا يجوز ويمكنك فعل ذلك خارج المجلس لانكم هنا تراقبونهم فقال لهم ابدا هذا الشيخ شيخي في الداخل والخارج، وهذا كان وضعا اجتماعيا طبيعيا في ذاك الفترة، فالقبائل طوال عمرها في ارتباط مع مؤسسة الحكم وهو ارتباط عائلي واجتماعي ومصلحي قديم وهذا الارتباط بدأ يهتز الان لاسباب خطيرة جداً ولكن يمكن تجنبها وتجاوزها، وانا اعتقد ان ابناء القبائل اليوم من حقهم لن يكونوا شركاء فاعلين في المجتمع فمنهم المتعلمون واصحاب المال التجار والحق الطبيعي ان يحصل الانسان على دوره في صناعة القرار في مجتمعه وفقاً للآليات القانونية والاهلية وليس وفقاً للجانب العائلي او القبلي فعندما يشعر الانسان بانه يمكن ان يصل الى مكانه وفقاً لمؤهلاته او يمنع بسبب مؤهلاته فعندها لن تكون هناك مشكلة.

وهل فشلت المدنية في تحقيق اهدافها ما دفع الكثيرين الى العودة لانتماءاتهم الضيقة كالطائفية والقبيلة؟

نحن نحمل الديموقراطية اكثر مما تحتمل، اعتقد اننا نعاني من مشكلة في مؤسسة الحكم فهناك شريحة مازالت غير مؤمنة بالديموقراطية وبالتالي فان المعركة مع هذه الشريحة ليست معركة تنمية او بناء وطن وانما تكسير هذه الديموقراطية وتشويهها لذلك حينما تأتي بتقسيم الدوائر او نشر الفساد والبيرقراطية التي تجعل المواطن مضطراً الى عضو من قبيلته او من طائفته للحصول على ابسط حقوقه فهنا الديموقراطية ليست سبباً وانما السيستم أو النظام هو السبب لانه جعل الناس يعيشون في ردة سياسة وبدلاً من ان يطوروا المؤسسة المدنية اصبحوا يتقوقعون حول المؤسسة العائلية او القبيلة او الطائفية وبالتالي فالخلل ليس في النظام الديموقراطي وانما من يمارس هذا النظام ومن يملك الصلاحية في تطويعه.

ولكن الظاهرة ليست قاصرة على الكويت بل في مختلف البلدان العربية حيث بدأ الافراد يعودون الى الانتماءات الطبقية؟

مجتمعاتنا العربية بدأت تتحول الآن الى الديموقراطية الملكية واصبح الرؤساء يرتبون لاختيار ابنائهم وبالتالي هناك مشكلة في النظام العربي ككل واعتقد ان هذا النظام لن يعمد مستقبلاً، ونحن نتحدث عن الانظمة الديموقراطية الحقيقية التي ينبغي ان نقتدي بها وهي تسير في اطار ترسيخ المزيد من الديموقراطية وهذا لا يمنع ان يكون المجتمع مكونا من اطياف واختلافات لانها مصدر قوة لاي مجتمع وليست مصدر ضعف والخلاف في كيفية التعاطي مع هذه الاختلافات في الجانب الايجابي ام الجانب السلبي فمثلما نتعاطى مع الهيدروجين والاكسجين لنحصل على الماء ولكن حينما ينفصلا يعطونا غازاً مميتا.. والشيء نفسه بالنسبة للمعادلة الانسانية.

كيف تفسر طرح قضية مزدوجي الجنسية في هذا الوقت تحديداً؟

لم يكن الموضوع مطروحاً بصورة قوية بل كان بهدف حل قضية البدون، الحكومة زجت بهذا الموضوع كورقة ضغط سياسية للتعامل السياسي، واعتقد ان الحكومة غير جادة في التعامل مع مزدوجي الجنسية وان كان يجب التعامل مع هذا الملف طالما طغى على السطح، ولكن بداية الموضوع كانت جزءاً من اللعبة السياسية التي تمارسها الحكومة في ضرب الاضداد وهذا هو الخطر، فالحكومة مازالت تمارس اللعبة السياسية على حساب المصلحة الوطنية، وانا اعتقد ان اللعبة السياسية قد تكون مقبولة في مساحة معينة ولكنها محرمة في قضايا معينة، وخصوصا الجوانب المتعلقة بالامن الوطني والوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي فلا ينبغي العبث بها وزجها في اللعبة السياسية.

اذن أنت تؤكد وجود مناطق مُحرمة في مزاولة اللعبة السياسية؟

نعم ومن بينها ما اشرنا اليه سواء على مستوى الحكومة او حتى مجلس الأمة، لان هناك بعض النواب يمارسون هذه اللعبة مثل اثارة هذه النعرات ونحن نذكر ان اول من اثارها هو المرشح خالد العدوة، حينما قال يا ابناء المناطق الخارجية توحدوا، فبعض النواب يحاولون تحقيق مكاسب شعبية على حساب مصلحة الوطن.

ولماذا فشلت التيارات السياسية في هضم ابناء القبائل؟

التيار الديني استطاع في فترة من الفترات استقطاب ابناء القبائل، فكانوا يمثلون قوة في المجتمع المدني او حتى في النظام الديموقراطي، وكانو اقرب الى التيار الديني بحكم العادات والتقاليد بينما الآن تمردوا على التيار الديني، فقيادات التيار في المناطق الداخلية تختلف عن الخارجية وقد ينقسم التيار الواحد حول بعض القضايا بل ويحارب بعضه بعضا، لذان فان التيار القبلي له استقلاليته سواء كان تياراً دينياً او فكرياً.

وهل هناك اسباب لفشل التيارات الفكرية في استقطابهم؟

لان طرح هذه التيارات كالليبرالية والقومية كان متحرراً ونحن نتحدث عن حقبة الستينيات والسبعينيات فكان من الصعوبة استقطابهم، فلم تستطع هذه التيارات التوغل في المجتمع القبلي وكانت العادات والتقاليد هي الحاجز الرئيس لتغلغلها داخل هذا المجتمع.

حبر على ورق

وكيف يمكن تهيئة المجتمع لحماية القانون واحترامه؟

بالحزم في تطبيق القانون، فهو حبر على ورق ان لم تكن هناك قوة تحميه، فهذه القوة والعدالة في التطبيق هما الأساس، بالاضافة الى عناصر أخرى كالتربية والتعليم، فبدون القوة لا يمكن للقانون ان يصمد أمام الاختراقات.

د. عبداللطيف الدعيج قال ان المعارضة الجديدة ترتكز على تخوين أصحاب «الدماء الزرقاء».. فهل تؤيده في ذلك؟

لا أتفق معه على كلمة «دماء زرقاء»، فهذا كلام عام والمعارضة القبلية لا تعد معارضة حقيقية وانما مجرد ردود أفعال وطلبات شخصية لا تقوم على فكر وانما لطلبات أفرادها، وبالتالي قد تكون عبارة عن ردة فعل لتصريح شخص مثلما حدثت بالنسبة لموضوع الجويهل وغيره، وأيضاً مثلما حدث بالنسبة لمقال الشيخ علي الجابر، وبالتالي فهذه المعارضة تتجمع لأهداف محددة، فلم تعد القبيلة تعتمد على الراتب أو العطايا بل باتت تعتمد على نفسها وأصبح لديها تجار وأطباء ومهندسون، وبالتالي يحق لهم ان يشاركوا في صناعة القرار في المجتمع، ولم يعد لدينا قبائل بالمفهوم القبلي، فالبداوة ليست قبلية فلم يعد هناك بدو رحل بل هناك قصور فخمة، ولو أنك دخلت منطقة كيفان مثلاً فستجد أماكن تعد هي الأفقر بعكس صباح الناصر أو الجهراء الجديدة ستشعر انها أماكن برجوازية، وبالتالي فهذا الكلام غير دقيق ويستخدم سياسياً للاثارة.

وهل ساهمت الدولة في تنمية الاحساس بالحقوق دون الواجبات؟

نحن من بعد التحرير وبسبب السياسات الحكومية أصبح لدينا مواطن يحمل مفهوم الكلمة الواحدة وهي «حقي» دون ان يسأل عن واجبه، وهذه السياسة لها أهداف فلم تأت صدفة، خصوصاً حينما التف الشعب حول قيادته أثناء الغزو وقدم تضحيات داخل الكويت وخارجها، فكان هناك قلق من الشعب بأن تكون له مشاركة أكبر في صناعة القرار، فكان هناك توجه لتدمير هذه النفسية التي كانت تشعر انها صاحبة دور كبير في مقاومة الاحتلال واستعادة الكويت، وبدأ يتحقق هذا الهدف، والآن بات يمثل عبئاً على كل مؤسسات الحكم وهذه أخطاء السياسات، فهناك من يعتقد ان المعارضة في الكويت تغييرية، بل هناك اتفاق شامل على نظام الحكم، ولا نستطيع ان نقارن الكويت بدول أخرى حتى نأتي بمستشارين ينصحون باشغال الشعب بقوته ورزقه وخلافات جانبية هذا يحدث لدى الشعوب الأخرى، لأنها قد تغير الأنظمة، أما نحن في الكويت فلدينا اجماع تام على أسرة الصباح ولا يستطيع أي فرد مهما كان ان يصرح بتغيير الحكم إلا إذا كان مطروداً خارج البلاد وملفوظاً من المجتمع، وكل ما يحتاجه المجتمع هو ان يكون شريكاً فاعلاً في بناء وطنه، وفي صناعة القرار، ولن يحدث ذلك طالما هناك معاول تحاول هدم هذه الروح باشغاله بقوته اليومي وقضاياه الجانبية، اليوم الحديث منصب حول الكوادر ولم يتحدث أحد عن التوصيف الوظيفي وتطويره وهذه أزمة حقيقية تعيشها مؤسسة الدولة في طريقة تفكيرها ونظرتها للشعب الكويتي.

وبالنهاية الخاسر هو الوطن، فلا ينبغي ان نتصارع لكسب ود الشعب، فالحكومة لا تحتاج الى شعبوية، لذا لابد ان تكون قدوة في بناء هذا الوطن، وان ينظر المواطن الى الواجبات بحيث لا ننظر الى معركة اليوم وننسى معركة الغد.

تصريح الشيخ علي الجابر لاقى ردود أفعال نيابية غاضبة.. فهل يصل الأمر الى استجواب رئيس الحكومة؟

لا، أبداً وردود الأفعال هذه تبحث عن معركة وهمية، فكلام الشيخ علي ليس فيه مساس بالكويتيين، فهو يتحدث عن شريحة محددة من مزدوجي الجنسية أو البدون، فلم يتحدث عمن يحمل جنسية واحدة، ومزدوجو الجنسية منهم من أبناء القبائل ومن غيرهم، وهناك من ينسب الكلام للقبائل ليتحدث باسمها وهناك من يسعى الى شعبية باختلاق قضايا، فما حدث مبالغ فيه ومعارك وهمية لصناعة بطولات وهمية.

كيف يمكن معالجة أوجه الخلل على مستوى السلطتين؟

أعتقد ان هناك طريقين أحدهما سريع والآخر طويل، السريع هو اتخاذ قرار حاسم بتطبيق القانون ووقف الواسطات والتجاوزات، أما الطويل فيأتي بخلق الإنسان والتركيز عليه من خلال التنمية البشرية، فماليزيا حينما وضعت خطتها قبل عشرين سنة خصصت 25 في المئة من ميزانيتها لبناء الإنسان، فتنمية الإنسان موجهة نحو تحقيق خطة وبعدها صاروا من نمور آسيا وهذا مطلوب، أما بناء الشوارع والجسور فهذا أمر سهل، فالسؤال هو كيف نبني الإنسان، فهذا ما يحتاج الى فكر واستراتيجية حتى لا تتضارب الأفكار والأيدلوجيات ويخرج انسان مشوش فكرياً بين مؤسسة الدولة والمؤسسات الأخرى كالطائفة والعائلة والقبيلة، فالإنسان المريض جسدياً والمنحرف فكرياً لا يستطيع بناء وطن، فالتعليم والصحة ركنان أساسيان في بناء الإنسان.