المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نوادر حكومية



القمر الاول
04-16-2010, 06:42 AM
كتب عبدالرحمن خالد البابطين : القبس

البيروقراطية التي تتخلل دوائرنا الرسمية، ووزاراتنا تصلح أحيانا لوضعها في النوادر أو الطرائف، وأن تتناقلها الأجيال كما نتناقل اليوم كتب التراث الشهيرة بهذا الجانب.

وأبرز هذه النوادر يأتي بسبب تكدس الموظفين الحاصل اليوم في دوائرنا، من دون أن تكون هناك خطة مدروسة لتوزيع العمل المناسب على هؤلاء الموظفين، فتتحول الامور الى عشوائية ينتج عنها مواقف تدعو الى التهكم احيانا، ولكنه تهكم ممزوج بأسى وألم على الهدر للطاقات البشرية، قبل أن يكون الهدر للمال العام.

ولنرصد هذه الامثلة في احدى الدوائر الرسمية، كما وردني من الاصدقاء العاملين في مختلف الجهات، ولا نعنيها بالاسم، لأن ما يعنينا منها هنا كمثال او نموذج لما يحدث في غيرها من الدوائر، التي يتكدس فيها الموظفون من دون طائل، فأحد المراجعين خرج بمعاملة من ورقة واحدة وعليها 13 توقيعا! وعليك أن تحسب كم من الوقت سيمضيه المراجع كي يحصل على هذه التواقيع. وبعد دراسة ورأفة تقرر تقليص التواقيع على مثل تلك المعاملات الى ثلاثة.

ومن ضمن هذه التواقيع يوجد ختم لأحد الموظفين المحسوبين على جماعة «التكدس»، وهذا الموظف غالبا ما يحتاج الى وقت خاص للبحث عنه، فلديه مزاجه الخاص في شرب الشاي، فلا يستمتع به إلا عند صديق له في وزارة اخرى، ولأنه يتمتع بأمانة وحرص كبيرين، فهو يضع الختم الرسمي للدائرة في جيبه حين يتوجه إلى صديقه في الوزارة المجاورة ليشرب الشاي. وهنا المراجع هو وحظه، فإن وجده حظي بالختم الملكي، وإلا فعليه أن يعود في وقت آخر ريثما ينتهي «قلاص» الشاي!

هناك أيضا عقلية، أو عقدة التوقيع الكبير، لدى بعض المديرين، فقد أعاد أحد هؤلاء المديرين المعاملة إلى الموظف لأن توقيع هذا كان أكبر من توقيع المدير، فتخيل كم من الجهد والوقت سيتكبده المراجع بسبب عقدة التوقيع «الإكس لارج».

في نادرة أخرى من النوادر، أن مراجعا حمل إلى احدى الموظفات معاملة عليها توقيع الوزير لتسهيل امر صاحب المعاملة وفق القانون طبعا، ودخل المراجع فاردا قامته، ساندا ظهره، ولكنه سرعان ما أحنى ظهره بإحباط حين فوجئ بالموظفة تركن المعاملة جانبا، وهي تقطب حاجبيها في وجهه قائلة: «أترى كل هذه المعاملات.. إنها تحمل التوقيع نفسه»!

وقريبا من هذا الموضوع، نقترح حلا للجهات المعنية لفض هذا التكدس والاستفادة من هذه الطاقات البشرية المهدورة، وهو ان يتم فتح فروع لهذه الوزارات أو الدوائر الحكومية في المناطق البعيدة، فهي توفر على المواطن وقتا وجهدا وتحقق له مساحة أوسع للانتاج كي لا يتعطل عن عمله، وهي ايضا مجدية في ان يصبح للموظف عمل حقيقي، لأن كثيرا ممن لا عمل لديهم تضطر بعض الدوائر لايجاد عمل لهم، فلا تجد الا ان تقسم التوقيع بين موظفين، كل واحد فيهم «يشخط شخطة» والثاني يكملها.. والعبء على المراجع الذي قد لا يجد الموظف صاحب الشخطة الثانية، فيخرج بعد جهد يوم كامل من «المراكض».. بنصف توقيع!


عبدالرحمن خالد البابطين

albabtain1978@yahoo.com