المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ازدواجية ما يسمى بالمقاومة



جمال
09-18-2004, 11:15 AM
كتابات - مالوم ابو رغيف

قبل انتقال السيادة الى الحكومة العراقية ،اي في زمن الاحتلال ،كان البعض يعتقد ان معدلات الارهاب والجريمة ستقل وستهبط الى ادنى مستوياتها اذا ما تسلم العراقيون السلطة ،منطلقيين من تحليل ساذج بان ما يدفع مجاميع الاجرام على القتال هو دافع وطني واسلامي ،وان انتقال السيادة الى العراقيين يجعلهم يثوبون الى رشدهم ويحتكمون الى عقلهم وفكرهم ومبادئ دينهم وسيجنحون الى السلام والحوار السياسي الوطني .هذه التوقعات قال بها ليس المحللين العرب وحدهم بل قد شاركهم بعض اعضاء مجلس الحكم السابق وبعض المثقفين العراقيين ،ربما كان كانت حسن النوايا التي تدل على عدم الخبرة السياسية الكافية او نقص في فهم وادراك طبيعية وقوام من يرفع السلاح بوجهة العراق الجديد هو الاساس الذي استندوا عليه في تحاليلهم او توقعاتهم .

لكن الامور قد أتخذت مسارا عكسيا ،فلقد زادت وتيرة الارهاب وجرائم الخطف والذبح والتخريب والتحقت قوى جديدة في موكب الارهاب والتدمير الشائن، قوى كانت تحسب الى يومنا هذا على جهة من عانى الاضطهاد والتنكيل البعثي،التيار الصدري مثلا،هو الاخر رفع السلاح في وجهة الحكومة الوليدة لافشال مهمة القضاء على الارهاب وبناء الديمقراطية واعمار العراق واخذت نيران الارهاب المشتعلة تحرق في كل يوم جمهرة الفقراء الباحثيين عن عمل اكان في الحرس الوطني او في اجهزة الشرطة. لقد اثبتت الاحداث التي اعقبت استعادة السيادة ان ما يسمى بالمقاومة كانت مقاومة ضد القوى الديمقراطية وليس ضد القوات الاجنبية .

فما يسمى المقاومة على استعداد كامل لبيع كل مبادئها التي تتشدق بها لقاء النصيب الاكبر من كعكعة كانت ومنذ ان وجدت في افواههم ،لعقد اي اتفاق من شأنه ابعاد القوى الوطنية ،التي ناظلت وكافحت وحاربت النظام السابق ،عن الحكم .عندما دخلت القوات الامريكية الى العراق سارع الجنرالات البعثيون الذين الان يشكلون عصب ما يسمى بالمقاومة، الى عقد اتفاقات سرية معها واستسلموا استسلاما كاملا دون طلقة واحدة حتى لو على سبيل الخطأ وفتحوا للقوات الاجنبية المدن والقرى والمناطق التي كانت تحت سيطرتهم.وبعد ذلك تم تشكيل جيش الفلوجة بمباركة من هيئة علماء المسلميين ورجال دين الفلوجة والموافقة على العمل تحت امرة القيادة الامريكية مباشرة وقد قام اهالي الفلوجة ورجال دينهم باستقبال الجيش البعثي بالزغاريد والاناشيد دون ان يعيروا اي اهمية لادارته من قبل القوات المحتلة .

هيئة علماء المسلميين نفسها لم تكن تطالب بخروج قوات التحالف من العراق ،فلقد جاء على لسان مؤسسها احمد الكبيسي في اول خطبة له بعد سقوط النظام الهمجي في جامع الامام الاعظم ابو حنيفة بان قوات الاحتلال يجب ان تبقى حتى تؤسس لنا جيشا وجهازا للشرطة وتعيد بناء الدولة وتعمر العراق ثم بعد ذلك تخرج.

لقد كانت الدوائر البعثية والطائفية الحاقدة تراهن على نجاح مساعيها في الاخلال بموازين القوى والحصول على حصة الاسد عند القيام بتشكيل الحكومة القادمة او محاصصة يكون لها فيها النصيب الاكبر من الاسهم التي تضمن لها السيطرة والتحكم .

ولقد برز هذا واضحا في الموقف المعادي من مجلس الحكم السابق وفي المحاولات المستميتة التي بذلتها هذه الدوائر الحاقدة لعرقلةاعمالة ووضع العراقيل والعثرات امامه واغتيال اعضاءه ،او في المساعي المسعورة التي تهدف الى التشهير باعضائه ومنع اي اعتراف به سواء من الدول العربية او الاجنبية .ولقد فتحت الدول العربية وجامعتها اذرعها لاحتضان كل المعاديين للتوجه الديمقراطي الجديد من بعثيين وقوميين عنصريين وطائفيين اسلاميين وجندت دوائرها واجهزتها الاعلامية للمشاركة في هذه الحملة المسعورة ضد قوى الشعب ووضعت فضائياتها تحت خدمة وتصرف جميع الناقميين على القوى الديمقراطية وعلى الشعب بجميع مكوناته .

لقد حاولت الادارة الامريكية التعامل مع البعث بعد ابعاد بعض العناصر الصدامية الخطرة تحت ذريعة الاستعانه بما يسمى الخبراء البعثثيين لتسيير شؤون الدولة ،لكن الشعب العراقي الذي ذاق الاميرين من همج البعث وقف موقفا مشرفا ضد اعادة لصوص البعث وخبراء تسيير الدولة بحد السيف .

اما الدول العربية ولاسلامية فقد كانت تراقب المشهد عن كثب وتنظر الى الحوادث والتطورات السياسية نظرة المترقب ،وكان املها نشوب حرب اهلية تهيئ لها الارضية للتدخل وحسم الامور لصالحها،ولما اسقط بيدها وخابت امالها ارسلت كلابها المسعورة وسيارتها المفخخة وأجاعت شعوبها باقتطاع مبالغ ضخمة من ميزانياتها التي في غالبها تعتمد على المساعدات من الدول الكافرة حسب تسميتهم الدينية لها ،وفرضت اجندتها على رعاع البعث واجهزته القمعية او القادم من الدول المجاورة ،سوريا ولاردن ،وعلى الدين المعممين الذي زادوا من صراخهم وتهيجهم ونفاقهم في جو سمح فيه للجميع بممارسة شتى انواع الفوضى ولانفلات بديمقارطية غابت عنها الكثير من الضوابط الاجتماعية والنوازع الاخلاقية الموانع القانونية .

لقد كانت الاجندة الاسلامية والعربية تهدف الى خلق مستنقع يغرق في اوحاله الجميع ،قوات التحالف ،القوى والاحزاب الوطنية ،المرجعيات الدينية ،منظمات المجتمع المدني ومكونات الشعب العراقي باجمعها ،خلق اتون من الجحيم خططت له دوائرهم المخابراتية وحذر منه عمر موسى بعلم مسبق وليس نبؤة نبي ،كان بهدف من وراء تحذيره منع اسقاط النظام الهمجي واستمرار الفاجعة في العراق.ايران جندت مئات من رجال الدين المهيئين لهذه المهمة وساوتها في هذه التعبئة الاردن و السعودية ودول الخليج الاخرى بما فيهم رجال دين الكويت الوهابيون والسلفيون امثال حامد العلي .

اجندة ما يسمى المقاومة العراقية اصبحت مزدوجة ،ولكنها غير متناقضة على الاقل في الوقت الحاضر لانها لم تستطع ان تنجز مراميها الاجرامية او تحقق اهدافها الخسيسة ،فبينما يسعى البعث ورجال الدين الطائفيون ودوائرهم المشبوهة من الاحزاب القومية الكارتونية للتسيد على الحكومة ومسك كفة القيادة وابعاد واقصاء او تصفية اغلب الاطراف التي عملت طويلا من اجل تحرير العراق .

ولا مانع عند هذه المجاميع من بقاء القوات الاجنبية في العراق ولكن بعيدا عن المدن حفضا لماء الوجه الذي خلى من اي قطرة حياء ،وتقف مع هذه المجاميع بلدان الخليج مثل السعودية والامارات وقطر والاردن ومصر،وفي مسعاها هذا تحاول تحويل معيشة الشعب الى جحيم ودمار ،تقتل كل من يتعاون شرطي او جندي او موظف حكومي ،تدمر انابيب النفط ومحطات المهراباء وتقصف الاسواق والمدارس والبيوت لايقاع اكبر عدد من الاصابات لاخراج صورة الى المجتمع ان الحكومة غير قادرة على ضبط الاوضاع وانها الجديرة بهذه المهمة مثل ما قال مشعان الجبوري في مقال له ،اعطوا السلطة للذي يستطيع وقف المقاومة .

من ناحية اخرى تسعى قوى الارهاب القادم من اوكار الرذيلة الدينية ومن يدعمها من الدول /مثل ايران سوريا لبنان السودان ورجال القاعدة والجهاد الاسلامي وحزب الله ،على استبعاد اي اتفاق بين قوى الارهاب الطائفي البعثي وقوات التحالف ،وتجميع الهمم والارهاب لايقاع اكبر عدد من الضحايا بين صفوف القوات المتعددة الجنسية ،فهم يعتقدون كل ما زادت التوابيت ،قرب موعد خروج القوات من العراق لان بقاء القوات الامريكية خطر على انظمتهم العفنة .و ويهدفون الى السيطرة على المدن والمناطق تدريجيا بارعاب اهلها وتخويفهم عن طريق اجراء عمليات العقاب والذبح امام اعينهم مثل ما يحدث في الفلوجة او في النجف ايام محكمة الاخرق مقتدى الصدر ومحكمته الشرعية فهم.

وهذا ما يفسر فشل الحكومة العراقية ممثلة برئيس الوزراء اياد علاوي على اقناع العبثيين بالقاء سلاحهم والالتحاق بالعملية السياسية ،لان هناك من يسعى الى اعاقة هذا الاتفاق ،الذي يعني الموافقة على بقاء القوات الاجنبية في العراق وهو ماترفضه سوريا وايران وسفاحي القاعدة وانتحاريها.وهو سبب زيادة حدة العمليات الانتحارية والهجمات على مراكز الشرطة ومقرات الحرس الوطني .

وكلا الطرفين قتلة مأجورون لا يهدفون الا الى قتل البشر من اجل مصالح انانية مخزية ولحساب دول اجنبية هفها تحويل العراق الى جحيم والى نار لا تبقي ولا تذر .ولكنهم سيخيبون وتخيب كافة مساعيهم القذرة.